
"نظام تل أبيب" الإقليمي الجديد
القصف الإسرائيلي، الذي استهدف مبنى هيئة الأركان وقصر الشعب في دمشق كان رسالة واضحة أنّ إسرائيل لم تعد تكتفي بلعب دور "المراقب القلق" أو الضارب الانتقائي، بل دخلت مرحلة جديدة: الهيمنة العسكرية والسياسية شبه المطلقة على المجال السوري، وربما في المنطقة. تتجاوز تصريحات بنيامين نتنياهو عن "منطقة خالية من السلاح" في جنوب سورية البعد العسكري التكتيكي، لتصل إلى جوهر المشروع الإسرائيلي الجديد: فرض قواعد اشتباك إقليمية جديدة، تُديرها تل أبيب.
الدلالة الأخرى في مشهد السويداء ليست غياب الدولة السورية فحسب، ولا حتى تفكّك السلطة المركزية أو عجزها عن ضبط الأمن، بل أيضاً الحضور الإسرائيلي الفجّ؛ العسكري والسياسي، والقبول الضمني من القوى الدولية به. لا البيت الأبيض أصدر بيانَ إدانةٍ، ولا الأمم المتحدة رفعت صوتها، ولا حتّى أوروبا أبدت قلقاً دبلوماسياً خجولاً. الصمت الدولي حيال القصف الإسرائيلي العنيف لقلب دمشق، وتحديداً لمواقع سيادية، لا يمكن تفسيره إلّا بوصفه رضى ضمنياً، إن لم يكن موافقة صريحة، على النموذج الإسرائيلي الجديد.
يقوم ذلك النموذج، كما تشير أحداث السويداء، على معادلتَين مترابطتَين: أن إسرائيل صاحبة القرار النهائي في ملفات الإقليم الأمنية، من غزّة إلى جنوب لبنان، ومن السويداء إلى أربيل، وهي التي تمنح أو تحجب الموافقة على أي حل سياسي أو ميداني. وأنّ على الجوار العربي أن يتحوّل إلى فسيفساء من الكيانات الضعيفة، المتنازعة، والمجزّأة طائفياً وعرقياً، في مقابل "الدولة اليهودية النقية" التي تطمح إليها حكومة اليمين الإسرائيلي.
ليست السويداء، في هذا الإطار، سوى "المختبر الأولي" لهذه الاستراتيجية، يريد نتنياهو تحويل الدروز إلى ورقة، على غرار ما يُراد للأكراد في الشمال والعلويين في الساحل. تفتيت الدولة السورية، كما كان الحال في العراق ولبنان، ليس مجرد نتيجة للضعف والفوضى، بل هدف إسرائيلي في حدّ ذاته، يوفر أرضية أخلاقية وسياسية لإسرائيل لتكريس نموذجها القومي - الديني، وربما تمهيداً لتهجير الفلسطينيين في أراضي 48 والضفة الغربية، تحت شعار "لكل جماعة دولتها".
في ورشة مغلقة نظمها معهد السياسة والمجتمع قبل أيام، خلص خبراء أمنيون وسياسيون أردنيون إلى أن ما جرى في السويداء لا يمكن عزله عن سياق أوسع يشمل الحرب على غزّة، ومعركة الضفة الغربية، واستهداف حزب الله في لبنان، وضربات متفرّقة في العراق. ويؤشر ذلك كله إلى محاولة إعادة تشكيل خريطة النفوذ في المشرق العربي، وفقاً لرؤية إسرائيلية تقوم على مبدأ "إضعاف الجميع، وتسيّد واحد".
في السياق الاستراتيجي، أيضاً، العرب خارج هذا المشهد، في السويداء وفي غزّة وفي لبنان، وكما كانت عليه الحال في الحرب الإيرانية الإسرائيلية. لم يعودوا طرفاً في موازين القوى، بل موضوعاً لها، وما أشبه ذلك بحالهم غداة الحرب العالمية الأولى. حتّى تركيا، تراجعت وتحجّم طموحها، وربما يكون مشروع اليمين الإسرائيلي في المدى المتوسط "تحييد تركيا" أو إضعافها أيضاً، إن لم يكن عبر مواجهة مباشرة، فبوسائل ناعمة ومن الداخل.
على جهةٍ أخرى، مهما قيل عن الخلافات التكتيكية بين نتنياهو وإدارات بايدن أو ترامب، لم تتغيّر الاستراتيجية. هنالك قبول أميركي عميق بتكريس إسرائيل قوةً إقليميةً ضابطة، ولا فيتو بعد على المشروع الإسرائيلي الجديد. الأحداث في السويداء، على الرغم من قسوتها، لم تغيّر شيئاً من هذا التواطؤ الصامت.
نعم، ربما تنتهي الأزمة في السويداء بوساطة أميركية – تركية – أردنية، كما قال المبعوث الأميركي توماس برّاك، لكن النموذج الجديد الذي بدأ يتكرّس: إسرائيل بوصفها شرطياً (أو بلطجياً) في المنطقة لا أحد يقف في وجهها، وعدم السماح بأيّ قوى إقليمية جديدة، وإذا أردت أن تحل مشكلة أو مسألة داخلية في لبنان أو سورية أو ربما أماكن أخرى فإنّ "تل أبيب" الجديدة على الطاولة وهي طرف وربما الطرف الأهم في تقرير مصير ليس الفلسطينيين فحسب بل الجوار بأكمله!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 2 ساعات
- القدس العربي
'دمار بحجوم توراتية'.. إسرائيليون لقادتهم: أبناؤنا يُقتلون وينتحرون.. وحماس لن تستسلم
أصبح قطاع غزة موقع أنقاض عقارية من الأكبر في العالم، والجيش الإسرائيلي مقاول التنفيذ. في كل صورة تأتي من القطاع، وفي كل تقرير تلفزيوني، تنكشف حجوم هذا الحدث: دمار أخروي، بحجوم توراتية حقاً، في كل مرة يشرح لنا بشكل مختلف؛ تارة يكون الهدف 'هزيمة لواء خان يونس'، وتارة الحاجة إلى الدفاع عن 'محور فاصل'، وتارة علة للدفاع عن قوات الجيش، غير أن جنود الجيش يصابون الآن، وكذا مقاولو التنفيذ (مشغلو الآليات الهندسية الكبيرة) أثناء تنفيذ الهدم. في الأسبوع الماضي مثلاً، علم من جملة مواقع إخبارية في إسرائيل عن تطور 'دراماتيكي' أخير في الحرب بقطاع غزة. الجيش الإسرائيلي شق محوراً جديداً يشطر خان يونس إلى شطرين، ويسمى محور 'درع بأس' (ماغين عوز). وحسب التقارير، هذا المحور الجديد الذي يصل إلى محور موراغ الجديد – القديم، يفترض أن يؤدي إلى هزيمة لواء حماس في خان يونس، اللواء الذي سبق أن هزم وصفي معظم قادته. أمس، علم بأن القوات تهدم مباني على طول المحور للدفاع عنه، ويدور الحديث عن مئات المباني. وهذه في واقع الأمر هي خلاصة القتال كما نراه في الميدان هذه الأيام. صحيح أنه يؤدي إلى كشف المزيد من الأنفاق ويقتل المزيد من المخربين، لكن لا هدف حقيقياً لهذه الحرب. القتال في الميدان يجري في الغالب بدون عدو في بؤرة الاستهداف، ولا حتى سكان في المحيط. ببساطة، الهدم المكثف للمباني قد لا يجدي للتخلص من حماس، لكن تنم عنه رائحة كالثأر. أصبح الهدم هدفاً بحد ذاته وغايته غير واضحة، إلا إذا سعى أحد ما لمنع أي عودة للفلسطينيين للسكن في القطاع. غير أن الأعمال الهندسية المكثفة هذه لن تسرع تحرير المخطوفين، ولن تدفع قدماً بحل في غزة على نمط 'تقويض حماس'. أحد ما تشوش بين هدم المباني والأحياء والبلدات، وبين تقويض المنظمة. مؤيدو نتنياهو يواصلون بيع قصص واختلاقات على أننا على مسافة نحو خطوة من 'النصر المطلق'. حي غزي آخر في الخرائب، ومدينة مدمرة أخرى، وتفجير آخر، وتقارير عن المس بكبار رجالات حماس، وبكبار رجالات 'الجهاد'، أسماء لا أحد في إسرائيل يعرفها سوى قلة. حتى قيادة حماس في الخارج القليل منها تعرف عمن يدور الحديث. في هذه الأثناء، مزيد من جنود الجيش الإسرائيلي يقتلون، ومزيد من الجنود الذين يضعون حداً لحياتهم بسبب الفظائع التي رأوها، وبسبب التجارب التي مروا بها. معظم مواطني هذه الدولة ينظرون إلى ما يجري في غزة ويسألون أنفسهم – من أجل ماذا؟ لماذا ترفض هذه الحكومة ورئيسها صفقة مخطوفين شاملة؟ مزيد ومزيد من الأمهات والآباء الذين يخدم أبناؤهم في غزة يصعب عليهم تصديق دخول الابن أو الابنة مرة أخرى إلى القطاع، إلى جولة أخرى بلا غاية باستثناء هدم البيوت والأحياء. فهل يعتقد أحد ما بأن مسؤولي حماس القلائل المتبقين على قيد الحياة سيرفعون أعلاماً بيضاء ويخرجون من الأنفاق بأياد مرفوعة؟ حماس لا ترفع علماً أبيض، ولن تفعل. من جهتها، فلتدمر أحياء أخرى في غزة، ولتقم مدينة إنسانية أخرى في رفح. هكذا ستزداد الضائقة في القطاع، مزيد من الأطفال والنساء الغزيين يعانون ويموتون، هذا يفعل خيراً في ترويج دعايتها في العالم، ويزيد الكراهية لإسرائيل في كل زاوية من المعمورة. وبالنسبة لحماس، إذا انتقلت إسرائيل إلى هدم ممنهج لأحياء في مدينة غزة أيضاً (الذي امتنعت عن فعله حتى الآن) فهذا يفعل خيراً أكبر للمنظمة في المدى الزمني البعيد. مزيد من الأطفال الغزيين سيتجندون لحماس وسيرغبون في القتال ضد الإسرائيليين، يأس آخر في القطاع ينمي الأمل لحماس. الآن، يبنون على خرائب غزة مستقبل المنظمة لعشرات السنين القادمة. إذن ما العمل؟ عندما حاولت حكومة نتنياهو جعل حماس ذخراً، وعندما سمحت للمنظمة بالنمو، وببناء نفسها، استعدوا لمذبحة 7 أكتوبر. والآن ماذا؟ إذا أوقفنا الحرب ضد حماس فسيبدأون بإعداد '7 أكتوبر التالي'. غير أن هذه الحكومة كان يفترض بها أن تعد خطة لـ 'اليوم التالي'. فور بدء الحرب في غزة، كل من له عينان في رأسه استجدى الحكومة ورئيسها لإعداد بديل لحكم حماس والاستعداد 'لليوم التالي'. لكن هذا الائتلاف كان منشغلاً في تمرير قوانين الانقلاب النظامي، وقوانين التملص من الخدمة. في الوقت الذي يقاتل فيه أفضل أبنائنا ويصابون، ويقتلون، ويضحون بحياتهم، تنشغل هذه الحكومة بمناورات تمنع انتخابات مبكرة وبالبقاء على كرسي الحكم إلى أبد الآبدين. إذا رغبت إسرائيل ذات يوم في إنهاء هذه الحرب، فعليها السعي إلى تسوية مع دول عربية ومع السلطة الفلسطينية، تؤدي إلى طرد حماس من الحكم في غزة ونزع سلاحه. تسوية كهذه قد تكون على جدول الأعمال إذا اضطرت إسرائيل لعمل ذلك، لكن هذه الحكومة لا ترغب في ذلك؛ بل تتهم الجيش، والإعلام، والمعارضة، فالكل عندها مذنبون في الغرق في الوحل الغزي باستثناء سياسية هذه الحكومة الفاشلة. في نهاية الأمر، حتى حكومة نتنياهو ستكون ملزمة بعد ذلك، لأن الجمهور الذي يخدم في الجيش، ويدفع الضرائب، ويخلص للدولة وليس لرئيسها، لن يصمد في هذا لزمن طويل آخر، ولن يوافق على مواصلة الحرب إلى الأبد. آفي يسسخروف يديعوت أحرونوت 21/7/2025


القدس العربي
منذ 2 ساعات
- القدس العربي
'الأزعر الإقليمي': مرة لسموتريتش وأخرى لترامب.. سفك دماء وتهجير 'وفق الخطة'
'تدير شؤون دولة إسرائيل اليوم حكومة غير سوية'، كتب رون بن يشاي في 'يديعوت أحرونوت'. كتب بدم قلبه: 'هذا استنتاج لم أتوصل إليه في حياتي كلها'، كشف في مستهل مقاله. في نظري، بن يشاي محلل عسكري متفوق، ذو شجاعة استثنائية، مهنيته لا تعرف الهوادة، ومعرفته وتجربته لا تقدران بالذهب. في منظور الآراء الإسرائيلي، هو يعبر عن وسط سياسي آخذ في الاختفاء، ما سمي ذات مرة بالرسمي. إذا كان يدعو إلى إسقاط حكومة منتخبة قانونياً، فقد حدث. لا غرو أن صرخته عصفت بالشبكة. 'كل الاحترام'، كتبت له. واكشف هنا أننا أصدقاء. لكن عندها ثار لدي تفكير مقلق: ماذا لو كان رون مخطئاً؟ ماذا لو كانت القرارات التي يشير إليها ليست ثمرة روح حكم جن جنونه، بل نتاج مسيرة مخطط لها، ممنهجة، مرتبة تؤدي بنا إلى مكان نرفض استيعاب طبيعته؟ ماذا لو تغيرت قواعد اللعب: ما كان يعتبر في المكان مجنوناً أصبح طبيعياً، والعكس صحيح. نتنياهو، المتكيف المطلق، عرف كيف يتعامل مع القواعد الجديدة ويستخدمها لخدمته. الآخرون: غالي بهرب ميارا، وإسحق عميت، وجادي آيزنكوت، والمخطوفون وعائلاتهم، وكثيرون آخرون – مثل ديناصورات، لن ينجوا. أمس، قررت اللجنة الوزارية بالإجماع تنحية المستشارة القانونية للحكومة. ظاهراً، قرار غير سوي. ما معنى القرار، إذا كان معروفاً مسبقاً بأن محكمة العدل العليا سترفضه، وأن نصف الجمهور على الأقل لا يريده في ذروة حرب. لكن للقرار منطق خاص به: هو يسوغ مسيرة تعطيل مؤسسة المستشار القانوني للحكومة. إن تجاهل وزراء الحكومة فتوى المستشارة يصبح نمطاً سائداً. ستكون هناك التماسات إلى محكمة العدل العليا، لكن قضاة العليا ملزمون باختيار معاركهم. المستشارة تبقى، ومؤسسة المستشار القانوني تنتهي؛ وعندها تولد من جديد، تحت واحد من جماعتهم، وأنماطهم، وقواعدهم. بداية يعطلون الجهاز، وقوته، وعزته. وعندما يكون مستلقياً على الظهر ينزعون الرأس. هذا ما حصل في الشرطة، ووزارة التعليم، ووزارة الاتصالات، ووزارة المواصلات وغيرها؛ وهذا ما سيحصل في 'الشاباك'، ولاحقاً في المحكمة العليا وإذا كان بوسعهم، في الجيش الإسرائيلي أيضاً. هذا الجنون سوي تماماً. نتنياهو مصر على استمرار الحرب، وبالتوازي يضغط لإقرار قانون يسوغ تملص الجماعة الحريدية من الخدمة. هذا ليس منطقياً، يقول مقاتلون قضوا 400 و500 يوم خدمة احتياط منذ أكتوبر 2023. هم مخطئون: استمرار الحرب يستهدف إعفاء نتنياهو من ضغط سموتريتش وبن غفير؛ استمرار التملص من الخدمة يستهدف إعفاءه من ضغط الحاخامين. الهدف واحد: ضمان استمرار ولايته كرئيس وزراء. لم يتولَ في إسرائيل رئيس وزراء تمسك بكرسيه كرئيس الوزراء الحالي. لم يتولَ رئيس وزراء كان منشغلاً بهذا القدر بنفسه، وبمصالحه، وبخيره الشخصي. إلى أن يصل هذا إلى سياسي آخر متهم بالخطأ وبانعدام السواء: ترامب. بيبي خاصتنا يخاف من ترامب. 'المدينة الإنسانية' بين موراغ وفيلادلفيا ألقيت في الهواء لتهدئة السموتريتشيين. بداية، يقام المعسكر؛ ثم يهاجر الجميع إلى إثيوبيا، وتأتي دانييلا فايس بدلاً منهم. MPS و MPZ، حاكما السعودية والإمارات، قالا لترامب لا، فاختفت المدينة؛ بعد ذلك، كانت ضربة لكنيسة في غزة. نتنياهو هاتف ترامب معتذراً، وهاتف البابا أيضاً. إسرائيل لا تضرب مواقع دينية، هذا ما وعد الذي جيشه يدمر كل مسجد في غزة. السفير الأمريكي هاكابي، ذاك من محاكمة نتنياهو، سافر حتى الطيبة، قرية مسيحية في سفوح من عوفرا إلى أريحا؛ حتى يوضح مكانة الكنيسة في غزة وقربها من قلب رئيسه. السفير المحترم لم يعرف إلى أين يسافر: الشهير من أبناء الطيبة، فخر الطيبة هو سرحان سرحان، الفلسطيني الذي قتل روبرت كندي في 1968، مسيحي صالح. أجريت مع أبيه مقابلة صحافية في القرية، غداة الاغتيال. بعد الحملة الناجحة في إيران، كان نتنياهو مقتنعاً أنه تلقى موافقة لمكانة أزعر إقليمي. هو سيضرب سوريا، وسيضرب لبنان، وسيضرب إيران. كان الاختبار الأول في سوريا. 'جنوب سوريا سيجرد'، أعلن. 'لن نسمح لأي قوة بالنزول جنوباً'. سلاح الجو أرسل لقصف رمزي. لكن ترامب لم يكن راضياً. الشرع، رئيس سوريا المؤقت، هو مرعيه؛ وأردوغان أيضاً. اضطر نتنياهو للتسليم بنزول قوات الشرع جنوباً. أما في إيران فأيدي إسرائيل مكبلة. ترامب يصر على أن عمله (عملياً، عمل الجيش الإسرائيلي بمساعدة أمريكية) صفى المشروع النووي الإيراني. ويقول: 'لم تكن عملية كهذه في الـخمسين سنة الأخيرة'. لا يسمح لنتنياهو بقول إن إيران غير مصفية؛ ولا يسمح له بقول إننا قد نضطر للعمل في إيران مرة أخرى. الرواية أهم من الحقائق، وأهم من إسرائيل. سيحصل نتنياهو على باغز باني كتعويض. مع رؤساء سابقين، عرف نتنياهو كيف يتخاصم، ويجر الأرجل، ويرفض. لكنه أمام ترامب يتملق ويطيع. ناحوم برنياع يديعوت أحرونوت 21/7/2025


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
جوناثان ويتال... مسؤول أممي بارز في مرمى نيران إسرائيل
مع استمرار حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة للشهر الواحد والعشرين، تتواصل الإجراءات الإسرائيلية الساعية لمنع عمل المسؤولين الأمميين في فلسطين، كان آخرها عدم تجديد الحكومة الإسرائيلية تأشيرة جوناثان ويتال، القائم بأعمال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في الأرض الفلسطينية المحتلة، متهمة إياه بـ"التحيّز" و"تشويه الحقائق"، بعد أن وصف ممارسات إسرائيل في غزة أنّها "مذبحة ممنهجة". تصدّر اسم جوناثان ويتال المشهد الأممي باعتباره واحداً من الأصوات البارزة المنتقدة لانتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويُعرف على نطاق واسع بخبرته الميدانية العميقة في العمل الإنساني حول العالم، وصراحته المباشرة خلال تصريحاته تجاه الأزمات الكبرى، لا سيّما ما يجري في قطاع غزة. مسيرة في العمل الإنساني تمتد لعقدَين بدأ ويتال مسيرته المهنية بعد كارثة تسونامي عام 2005، حين قرّر الانتقال من التحليل الأكاديمي إلى العمل الميداني المباشر. عمل مع منظمات دولية مثل "ميرلين" و"غول" في مناطق النزاع المعقدة مثل دارفور وشمال أوغندا، مركّزاً على النازحين داخلياً وبناء استجابات إنسانية من الصفر، إلّا أن مسيرته المهنية الأبرز كانت مع منظمة أطباء بلا حدود، إذ أمضى غالبية حياته المهنية، بدءاً من جنوب أفريقيا، حيث عمل مع مجتمعات اللاجئين، إلى منسق طوارئ في ليبيا والبحرين وسورية. تقلّد لاحقاً منصب مدير التحليل الإنساني في المنظمة، وقاد وحدة بحثية استراتيجية عالجت قضايا الصحة والنزاعات والهجرة. وخلال تلك الفترة، ساهم مباشرةً في التفاوض من أجل دخول المساعدات الإنسانية إلى مناطق مشتعلة مثل العراق، وأفغانستان، ولبنان، وسورية، وأوكرانيا، وجنوب السودان. درس في كلية ليفربول للطب الاستوائي وحصل منها على ثلاث مؤهلات: دبلوم في المساعدات الإنسانية (2005)، وماجستير في الدراسات الإنسانية (2006)، ودكتوراه عام 2015. تناول في أطروحته للدكتوراه التحديات التي تواجه الفاعلين الإنسانيين في ظل التحولات الجيوسياسية، وهي مواضيع تنعكس على أرض الواقع بعمله في فلسطين اليوم. من التنسيق الإنساني في غزة إلى المواجهة الدبلوماسية مع تعيينه قائماً بأعمال مكتب "أوتشا" في الأرض الفلسطينية المحتلة، خاض ويتال تجربة العمل الإنساني في واحدة من أعقد وأخطر المناطق عالمياً، في ظل التقارير الأممية حول الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الحاصل في فلسطين، وانحياز العديد من الدول الغربية إلى جانب دعم إسرائيل، إذ كان له عدد من التصريحات التي وصف فيها الواقع دون تجميل، منها ما يجري في غزة بأنه "مذبحة ممنهجة"، مشيراً إلى استخدام الجوع سلاحاً، ووصف الإجراءات الإسرائيلية بأنها "مصمّمة للقتل". اتهم ويتال إسرائيل بعدم الوفاء بالتزاماتها القانونية بموجب اتفاقيات جنيف، بما في ذلك توفير الحماية للمدنيين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، كما أشار إلى استهداف مباشر لعمال الإغاثة، قائلاً: "إننا نرى استخداماً مجنوناً للجوع أداةَ قتل، ونواجه عراقيل ممنهجة لمنعنا من إيصال الغذاء والدواء. ما نشهده هو تهجير قسري بحكم الأمر الواقع". وعن نظام توزيع المساعدات الأميركي الذي استبدل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، قال: "مئات يُقتلون يومياً وهم في طريقهم للحصول على الطعام... نظام توزيع جرى إعداده في مناطق عسكرية، والجوع بات مصمّماً للقتل". أخبار التحديثات الحية إسرائيل لن تمدّد تأشيرة رئيس "أوتشا" بعد تنديده بقتل مجوعي غزة ونفى ويتال في إحاطة قدّمها في مايو/ أيار الماضي، المزاعم الإسرائيلية عن أن حركة حماس تحوّل مسار المعونات التي تقدمها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، قائلاً إن هذا الادعاء لا يصمد في مواجهة التدقيق والتمحيص، بينما السرقة الحقيقية التي طاولت المعونات منذ بداية الحرب تنفَّذ بحسب قوله "على يد العصابات الإجرامية على مرأى ومسمع القوات الإسرائيلية، وقد سُمح لها بالعمل على مقربة من معبر كرم أبو سالم الذي يؤدي إلى غزة". ونشر ويتال عدداً من الفيديوهات الذي تحدث فيها مباشرةً بكلمات مصوّرة من غزة عن الفظائع اليومية التي يعيشها الناس بسبب التهجير والنزوح، وعدم إدخال الحاجيات الأساسية للفلسطينيين. #Israel has refused to extend the visa of Jonathan Whittall, the top #UN humanitarian official for the occupied Palestinian Territories 🇵🇸 "Last week, it was indicated to us that our current Head of Office, #JonathanWhittall , won't have his visa extended by Israeli authorities… — Brunella C. (@BrunellaCapitan) July 19, 2025 ترحيل قسري من فلسطين قرّرت الحكومة الإسرائيلية مطلع هذا الأسبوع ترحيل جوناثان ويتال من فلسطين من خلال عدم تجديد تأشيرته التي تنتهي في أغسطس/ آب المقبل، بعد تصريحات أخيرة له ندّد فيها بقتل إسرائيل للمُجوّعين في غزة. وجاء في بيان صدر عن مكتب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر: "في أعقاب سلوك منحاز وعدائي ضدّ إسرائيل، حرّف الواقع، وقدم تقارير كاذبة، وشهّر بإسرائيل، بل وانتهك قواعد الأمم المتحدة نفسها المتعلقة بالحياد، وبناءً على التوصية المهنية المقدّمة، أصدرت تعليماتي بعدم تمديد تصريح الإقامة لرئيس مكتب أوتشا في إسرائيل، جوناثان ويتال"، وهو بيان يزيد من رصيد إسرائيل في منع عمل مؤسّسات أممية وممثلين عنها.