logo
سوريا "نوَّرت"... ولبنان المظلم على لائحة الانتظار

سوريا "نوَّرت"... ولبنان المظلم على لائحة الانتظار

MTVمنذ 3 أيام

طوال السنوات الماضية، بدا ملف الطاقة في سوريا، كما في لبنان، كواحد من أصعب الملفات وأكثرها استعصاء على المعالجة، بفعل تعقيدات الحرب والعقوبات والانهيار الهيكلي الذي أصاب البنية التحتية منذ عام 2011. لكن الاتفاق الذي تمّ توقيعه في دمشق قبل أيام، وتحديداً في 29 من أيار الفائت، يُعتبر بمثابة التطور الأكثر جرأة في هذا القطاع منذ أكثر من عقد، سواء لجهة حجم الاستثمار أو تنوّع الأطراف المنخرطة فيه، أو حتى دلالاته السياسية على المستوى الإقليمي والدولي، والتي يبدو أن لبنان لا يزال بعيداً عنها حتى اللحظة.
بلغت قيمة الاتفاق 7 مليارات دولار، وقد جرى توقيعه بين الحكومة السورية و"ائتلاف دولي". ويشمل إنشاء أربع محطات كهرباء تعمل بتوربينات غازية بالدورة المركبة (CCGT) بقدرة إجمالية تصل إلى 4000 ميغاواط، موزعة بين دير الزور (شرق سوريا)، ومحردة وزيزون (ريف حماة) وتريفاوي (بريف حمص)، بالإضافة إلى محطة طاقة شمسية بقدرة 1000 ميغاواط ستقام في منطقة وديان الربيع جنوب البلاد.
وبحسب الاتفاق، من المفترض إنجاز المحطات الغازية خلال 3 سنوات، في حين يُتوقع أن تُنجز محطة الطاقة الشمسية في أقل من سنتين، بعد استكمال التفاصيل الفنية وإغلاق التمويل.
الشركات المستثمرة
يقود الائتلاف شركة UCC Concession Investments القطرية، وهي الذراع الاستثمارية لشركة "أورباكون" القابضة التي يرأسها رجل الأعمال السوري - القطري معتز الخياط. فيما تمثل شركة Power International USA الطرف الأميركي في المشروع، وهي شركة طاقة مسجّلة في الولايات المتحدة يُعتقد أنّها ستتولى توريد التكنولوجيا والأنظمة التقنية الحديثة. أما الطرف التركي، فيمثله كل من شركة Kalyon GES Enerji Yatirimlari وشركة Cengiz Enerji، اللتين تشتركان في تطوير وتشغيل مشاريع الطاقة في دول عدّة.
ما يعطي هذا الاتفاق وزناً سياسياً استثنائياً، أنّه يأتي في أعقاب تحوّلات كبرى في المشهد السوري منذ نهاية العام الماضي، حين تسلّم الرئيس أحمد الشرع السلطة عقب الإطاحة ببشار الأسد. ومع الانفتاح الجزئي الذي تشهده دمشق، وتراجع وتيرة العنف، بدأ الحديث يدور بصوت عالٍ عن عودة رؤوس الأموال الخارجية، لا سيما من دول الخليج وتركيا، إلى قطاعات البنية التحتية، وفي مقدّمها اليوم قطاع الطاقة.
الجانب الأميركي: "داعم صامت"
التوقيع تمّ في قصر الشعب بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك، الذي كان حاضراً خلال التوقيع، وكذلك حضر جزءاً من اللقاء الذي جمع الشرع بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة قبل أيام أيضاً، بحسب معلومات "نداء الوطن".
هذا الحضور يعكس وجود "ضوء أخضر" أميركي، ولو صامت، للمضي في العديد من مشاريع إعادة الإعمار ولو ضمن شروط محددة، من بينها ضمانات تتعلق بالشفافية، وشراكة القطاع الخاص، واستخدام معدات وتقنيات مصدرها دول غير خاضعة لعقوبات ثانوية.
بحسب تقديرات الخبراء، فإنّ الاتفاق يُعدّ بمثابة اختبار أولي لقدرة الحكومة الجديدة على استقطاب التمويل وتنفيذ مشاريع استراتيجية ضمن بيئة لا تزال تعاني من هشاشة أمنية وإدارية. كما أنّ نجاح هذه المشاريع قد يمنح دفعة قوية للمناطق الداخلية التي تعاني من انقطاعات كهرباء شبه دائمة، وسيخلق بيئة ملائمة لاستئناف النشاط الصناعي والزراعي، ورفع مستويات الإنتاج المحلي.
وكان قطاع الكهرباء في سوريا، قد انهار بشكل شبه كامل على مدار سنوات الحرب، إذ انخفضت القدرة الإنتاجية من نحو 9500 ميغاواط في 2010 إلى أقل من 1600 ميغاواط في 2025، وذلك بحسب أرقام صادرة عن وزارة الطاقة السورية.
وحتى الآن، ما زالت أغلب المناطق في الجارة سوريا، تعتمد على ساعات تغذية لا تتجاوز 3 إلى 4 ساعات يومياً، ما انعكس سلباً على الحياة اليومية والخدمات الصحية والتعليمية، فضلاً عن توقف أغلب المصانع والمعامل الخاصة.
الرسالة الأبرز التي يحملها هذا الاتفاق، أنّ سوريا بدأت فعلياً تدخل، ولو ببطء، مرحلة "التعافي الاقتصادي" المفقود في لبنان، انطلاقاً من قطاع الطاقة، وبتوقيع مع شركات من دول كانت متنافسة سياسياً حتى الأمس القريب. لكن تبقى التحديات قائمة، سواء لناحية التمويل المستدام، أو الضمانات السياسية، أو البيئة التشريعية والإدارية التي يتطلبها إنجاح مشروع بهذا الحجم والتعقيد.
لبنان المظلم... ينتظر
لكنّ المفارقة الأشد وقعاً، لا تكمن فقط في حجم الاتفاق. بل في موقع سوريا اليوم مقارنة بلبنان، الذي يرزح بدوره تحت عبء انهيار كهربائي مزمن من دون أي بوادر جدية لحلول استراتيجية. فعلى الرغم من الفارق الكبير في مستوى التدمير والبنى التحتية بين البلدين، استطاعت دمشق توقيع واحدة من أضخم صفقات الطاقة في المنطقة، بينما لا يزال لبنان عاجزاً حتى عن تثبيت تعرفة عادلة أو تطبيق خطة إصلاح متكاملة، بعد أكثر من 5 سنوات على الأزمة. مع العلم أنّ حاجة لبنان هي أقل من 4000 ميغاواط، واستطاع تأمين قرابة 1000 ميغاواط منها بشكل فردي عبر الطاقة الشمسية (مبادرات خاصة من المواطنين).
في لبنان، السجال يتواصل منذ سنوات بين الحصول على الدعم الغازي من مصر، واستيراد الكهرباء من الأردن، وإنشاء معامل عبر القطاع الخاص أو عبر الدولة، من دون أن يُترجم ذلك بخطوة تنفيذية واحدة، فيما تغيب الإرادة السياسية، وتتراكم الشبهات، وتُستنزف البلاد في "بازار" داخلي لا ينتهي.
حلول قاصرة
هذا التقصير يدفع ثمنه المواطنون اللبنانيون اليوم، خصوصاً بعد زيادة رواتب العسكريين العاملين والمتقاعدين عبر تثبيت سعر المحروقات، والذي سيؤدي اعتباراً من بداية هذا الشهر إلى رفع فواتير الاشتراكات نتيجة ارتفاع سعر المازوت بمقدار 170 ألف ليرة تقريباً.
تراجع لبنان يقابله تقدّم في سوريا بهذا المجال، برغم الحصار والماضي القريب المثقل بالحرب. وهذا لا يعكس فقط تبدّل الظروف الجيوسياسية لصالحها على حساب لبنان، بل يطرح علامات استفهام موجعة عن سبب عجز الدولة اللبنانية، بأجهزتها ومؤسساتها، عن التقاط لحظة استثمار مماثلة، ولو بالحد الأدنى.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مجموعات متطرفة مجهولة الهوية تثير الشكوك في سوريا ولبنان؟!
مجموعات متطرفة مجهولة الهوية تثير الشكوك في سوريا ولبنان؟!

النشرة

timeمنذ 44 دقائق

  • النشرة

مجموعات متطرفة مجهولة الهوية تثير الشكوك في سوريا ولبنان؟!

شكل سقوط النظام السوري السابق، برئاسة ​ بشار الأسد ​، مباشرة بعد توقيع إتفاق وقف إطلاق النار في ​ لبنان ​، على وقع إستمرار العدوان ال​ إسرائيل ​ي على قطاع غزة، نقطة تحول كبرى على مستوى المنطقة، تمثلت في تقدم نفوذ بعض القوى الإقليمية، أبرزها ​ تركيا ​ وإسرائيل، مقابل تراجع أخرى، أهمها ​ إيران ​، من دون أن يتضح المسار الذي سترسو عليه الصورة النهائية في المنطقة، التي تشهد، منذ ذلك الوقت، مفاجآت شبه يومية. التطور الأبرز، في هذا المجال، هو الصورة التي ظهر فيها الرئيس السوري الإنتقالي ​ أحمد الشرع ​، منذ لحظة وصوله إلى دمشق، حيث قرر التخلي عن الأفكار السلفية الجهادية التي كان يحملها، ساعياً إلى تقديم نفسه كرجل براغماتي، قادراً على نسج التفاهمات والتحالفات مع الغرب، الذي كان يدعو إلى محاربته، وصولاً إلى لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السعودية، بالتزامن مع تقديمه خطاباً متصالحاً مع إسرائيل، رغم إستمرار الإعتداءات التي تقوم بها تل أبيب داخل الأراضي السورية. بعيداً عن الصورة التي كان الشرع يسعى إلى الظهور فيها، كانت الكثير من الأسئلة تُطرح حول العديد من ​ المجموعات المتطرفة ​ التي كانت متحالفة معه، أبرزها من المقاتلين الأجانب، بالإضافة إلى مصير تنظيم "​ داعش ​" الإرهابي في المستقبل، حيث كان من الواضح أن الشرع، بسبب دقة الملف الأول، سعى إلى التعامل معه بهدوء تام، بشكل لا يهدد سلطته أو يدفع هؤلاء إلى الإنقلاب عليه، في حين أن "داعش" لم يتأخر في إعلان الحرب عليه، داعياً من كانوا على تحالف معه إلى الإنضمام إلى التنظيم. وسط كل ذلك، لا يمكن تجاهل نشاط أجهزة الإستخبارات الإقليمية والعالمية، التي ليست بعيدة عن عمل التنظيمات المتطرفة، التي هي عبارة عن شركات مساهمة، تنشط فيها تلك الأجهزة لتحقيق مصالح بلادها، ولذلك كان من الطبيعي البحث عن تطور نشاطها، في المرحلة الراهنة لفهم ما يحصل، لا سيما أن المنطقة لا تزال مسرحاً لتنافس مشاريع متناقضة، إنطلاقاً من الرهانات حول مستقبل الأوضاع في ​ سوريا ​، الأمر الذي لا ينفصل، بحسب المؤشرات، عن الساحة اللبنانية، التي تشهد أيضاً تحولات كبرى. في ظل الإنفتاح الدولي والإقليمي على دمشق، الّذي يسعى البعض إلى تقديمه نموذجاً لما يراد أن تكون عليه الأنظمة في المنطقة، لا يمكن تجاهل المواقف التي كانت قد صدرت عن الموفد الأميركي إلى سوريا توم باراك، التي أشار فيها إلى أن "​ اتفاقية سايكس ​-بيكو قسمت سوريا والمنطقة الأوسع لتحقيق مصالح إمبريالية"، معتبراً أن "هذا الخطأ كلّف أجيالاً كاملة، ولن نسمح بتكراره مرة أخرى"، مضيفاً: "المستقبل يعود للحلول الإقليمية، المبنيّة على الشراكات والدبلوماسيّة القائمة على الاحترام". هذا الموقف، في هذه المرحلة من تاريخ المنطقة، لا ينبغي أن يمر مرور الكرام، بل من المفترض أن يربط، قبل أي أمر آخر، بنشاط المجموعات المتطرفة، حيث من الممكن الإشارة، في هذا المجال، إلى كل من سرايا "أنصار السنة"، التي أعلنت عن نفسها في سوريا لكن تحدثت في أحد بياناتها عن لبنان، "لواء أحمد الأسير" الذي أعلنت عنه مجموعة من 3 أشخاص، بالإضافة إلى المعلومات التي كانت قد تحدّثت عن عودة "داعش" إلى التحرك في البلدين، لكن الأهمّ ما تم التداول به عن تعيينه والياً في لبنان. من حيث المبدأ، المشترك بين جميع هذه المجموعات أنها لا تزال مجهولة النسب، لكن يبقى الأخطر "داعش"، إلا أنّ اللافت، في ظلّ تصاعد الخطاب الطائفي على مستوى المنطقة، هو أنها تعتمد، في جميع إصداراتها على تعزيز هذا الخطاب، الأمر الذي يصب في إطار تسعير الانقسامات والمخاوف بين مختلف المكونات الطائفية والعرقية، وهو ما كان قد ساهم فيه وصول الشرع إلى السلطة في دمشق، ما دفعها إلى تبني الدعوات إلى الحماية الدولية، بالتزامن مع مطالبتها بأن يكون النظام الجديد في البلاد فيدرالي أو يؤمن لها الحكم الذاتي. هنا من الممكن الحديث عن تطورين بارزين: الأول هو أن التركيز على نشاط المجموعات المرتبطة بالواقع اللبناني، يأتي في ظل فتح ملف السلاح في المخيمات الفلسطينية، ربطاً بالواقع الأمني المعروف الذي يثير المخاوف مع عين الحلوة، بالتزامن مع إستمرار الإعتداءات الإسرائيلية والسجالات السياسية حول سلاح "​ حزب الله ​"، أما الثاني فهو إطلاق الصواريخ نحو الجولان من داخل الأراضي السوريّة، الذي تبنته مجموعة مجهولة تحمل إسم "كتائب محمد الضيف"، القيادي في حركة "حماس"، في حين تُثار الكثير من الشكوك حول إمكانية أن تكون تل أبيب وراء ذلك، في إطار ما تخطط إليه على الساحة السورية. في مطلق الأحوال، ما يمكن التأكيد عليه، بحسب هذه المؤشرات، أن هناك من يسعى إلى أن تكون المجموعات المتطرفة، بغض النظر عن حجم نشاطها وقدراتها، جزء من مسار رسم صورة المنطقة في المستقبل، بعد أن كانت من أبرز اللاعبين في التحولات التي شهدتها في السنوات الماضية.

500 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية.. مصادر تكشف نية واشنطن
500 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية.. مصادر تكشف نية واشنطن

ليبانون 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون 24

500 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية.. مصادر تكشف نية واشنطن

تدرس وزارة الخارجية الأميركية منح 500 مليون دولار للمؤسسة الجديدة التي تقدم المساعدات لقطاع غزة، في خطوة من شأنها أن تزيد انخراط الولايات المتحدة بشكل أعمق في جهود المساعدات المثيرة للجدل التي شابها العنف والفوضى. وقال مصدران مطلعان ومسؤولان أميركيان سابقان لـ" رويترز"، طلبوا جميعا عدم الكشف عن هويتهم، إن الأموال المخصصة لمؤسسة غزة الإنسانية ستأتي من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تدمج حاليا في وزارة الخارجية الأميركية. وأضاف مصدران أن الخطة قوبلت بمعارضة من بعض المسؤولين الأميركيين ، بعد حوادث إطلاق النار على الفلسطينيين قرب مواقع توزيع المساعدات التي شككت في كفاءة مؤسسة غزة الإنسانية. ولم ترد وزارة الخارجية ولا مؤسسة غزة الإنسانية على طلبات التعليق فورا. ويقول مصدر مطلع على الأمر ومسؤول كبير سابق، إن اقتراح منح 500 مليون دولار للمؤسسة أيده نائب مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بالإنابة كين جاكسون ، الذي ساعد في الإشراف على تفكيك الوكالة. ويضيف المصدر أن إسرائيل طلبت الأموال لتغطية عمليات المؤسسة لمدة 180 يوما، بينما لم ترد الحكومة الإسرائيلية فورا على طلب التعليق. ويؤكد مصدران أن بعض المسؤولين الأميركيين لديهم مخاوف بشأن الخطة، بسبب الاكتظاظ الذي أثر على مراكز توزيع المساعدات التي يديرها المتعاقد مع مؤسسة غزة الإنسانية، وأعمال العنف القريبة منها التي قتل خلالها عشرات الفلسطينيين. كما يريد هؤلاء المسؤولون إشراك منظمات غير حكومية ذات خبرة في إدارة عمليات الإغاثة في غزة وأماكن أخرى في العملية، إذا وافقت وزارة الخارجية على الأموال المخصصة للمؤسسة، وهو موقف من المرجح أن تعارضه إسرائيل، وفقا للمصدرين.

ما الذي يربط ترامب وماسك رغم الخلاف؟ #عاجل
ما الذي يربط ترامب وماسك رغم الخلاف؟ #عاجل

سيدر نيوز

timeمنذ 2 ساعات

  • سيدر نيوز

ما الذي يربط ترامب وماسك رغم الخلاف؟ #عاجل

BBC لا يبدو أن الخلاف بين اثنين من أقوى مليارديرات العالم سينتهي قريباً، خصوصاً بعد أن زعم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الجمعة، أن إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، 'فقد عقله'. وعلى الرغم من أن المراقبين توقعوا منذ فترة طويلة أن ترامب وماسك سيختلفان في نهاية المطاف، إلا أن قلة توقعوا سرعة وضراوة الخلاف بينهما على وسائل التواصل الاجتماعي. يشار إلى أن المكالمة الهاتفية التي كان من المقرر إجراؤها بينهما الجمعة لم تتم، ويقال إن ترامب يفكر في بيع سيارة تسلا الحمراء التي اشتراها من شركة ماسك في مارس/ آذار. وقد يكون لخلافهما بشأن الإنفاق الحكومي الأمريكي آثار بعيدة المدى على الصناعة الأمريكية. ومنذ أن أعلن ماسك دعمه الكامل للرئيس ترامب عقب محاولة اغتياله في بنسلفانيا قبل أقل من عام، ازداد تشابك المصالح السياسية والتجارية بين الرجلين. وأصبح الرجلان يعتمدان على بعضهما البعض، في عدة مجالات رئيسية – بما في ذلك التمويل السياسي، والعقود الحكومية، وعلاقاتهما الشخصية – ما يعني أن إنهاء التحالف بينهما من المرجح أن يكون فوضوياً. وهذا يُعقّد تداعيات خلافهما، ويضمن أنه أينما اتجه الخلاف، سيظلان مرتبطين – ولديهما القدرة على الإضرار ببعضهما البعض بطرق متعددة. تمويل الحملات الانتخابية على مدار العام الماضي، كانت تبرعات ماسك لترامب والجمهوريين الآخرين هائلة – إذ بلغ مجموع التبرعات 290 مليون دولار وفقاً لموقع (أوبن سيكريتس) لتتبع تمويل الحملات الانتخابية. وزعم ماسك، الخميس، أن الرئيس فاز في الانتخابات بفضله، واشتكى من 'نكران الجميل'. وهناك مثال مضاد واضح. ففي وقت سابق من هذا العام، أنفق ماسك 20 مليون دولار في سباق قضائي رئيسي في ولاية ويسكونسن، ومع ذلك، خسر مرشحه الجمهوري المختار بفارق 10 نقاط مئوية في ولاية فاز بها ترامب في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. ومع ذلك، تُعدّ تبرعات ماسك مبلغاً ضخماً من المال سيُفوّت على الجمهوريين في سعيهم للحفاظ على تفوقهم في الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2026. وربما كانت هذه مشكلة يواجهوها على أي حال. إذ أن ماسك كان قد صرّح في وقت سابق بأنه سيُساهم 'بشكل أقل بكثير' في الحملات الانتخابية في المستقبل. ولكن هل يُمكن أن يدفع خلاف ماسك مع البيت الأبيض ليس فقط إلى الانسحاب، بل إلى إنفاق أمواله لدعم معارضة ترامب؟ وألمح [ماسك] بذلك، يوم الخميس عندما نشر استطلاع رأي على منصة إكس X، عبر التساؤل 'هل حان الوقت لإنشاء حزب سياسي جديد في أمريكا يُمثّل فعلياً نسبة 80 في المئة من الطبقة المتوسطة؟' العقود الحكومية والتحقيقات BBC دخلت شركات ماسك، بما في ذلك سبيس إكس وشركتها الفرعية ستارلينك وتسلا، معاملاتٍ تجاريةً ضخمةً مع الحكومة الأمريكية. وحصلت شركة سبيس إكس وحدها على عقودٍ حكومية أمريكية بقيمة 20.9 مليار دولار منذ عام 2008، وفقاً لتحليل أجرته بي بي سي لتقصي الحقائق. وأدرك ترامب أن هذا الأمر يمنحه نفوذاً على أغنى رجل في العالم. ونشر على موقع 'تروث سوشيال' التابع لترامب، يوم الخميس 'أسهل طريقة لتوفير المال في ميزانيتنا، مليارات الدولارات، هي إنهاء الدعم الحكومي وعقود إيلون ماسك. ولطالما فوجئت بأن بايدن لم يفعل ذلك!' في المقابل، هدد ماسك بالرد بإيقاف تشغيل مركبة سبيس إكس دراغون، التي تنقل رواد الفضاء والإمدادات إلى محطة الفضاء الدولية. لكنه تراجع لاحقاً عن هذا التهديد. عملياً، يُعد إلغاء العقود الحكومية أو الانسحاب منها عملية قانونية معقدة وطويلة، ومن المرجح أن تواصل الحكومة الأمريكية، في الوقت الحالي وفي المستقبل، التعامل التجاري مع شركات ماسك بشكل كبير. إذ لا يمكن لأي شركة أخرى غير سبيس إكس تصنيع صواريخ دراغون وفالكون 9، والتزمت ناسا بعدد من رحلات محطة الفضاء والقمر باستخدام مركبات سبيس إكس. وعلى الرغم من هذه الشراكات التجارية، يواجه ماسك وشركاته أيضاً تحقيقات من عدد من الوكالات الحكومية – أكثر من 30 وكالة، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز في فبراير/ شباط – وقضايا تنظيمية مثل الموافقة على سيارات الأجرة ذاتية القيادة التي اقترحتها تسلا. شخصيات داخل الحكومة ووادي السيليكون عندما كُلّف ماسك بإنشاء إدارة كفاءة الحكومة لخفض التكاليف (دوج) Doge، كأحد محركات التغيير الرئيسية التي وضعها ترامب داخل الحكومة الفيدرالية الأمريكية، مُنح صلاحيات واسعة لاختيار موظفيه. ووفقاً لقوائم مسربة لموظفي إدارة كفاءة الحكومة، عمل العديد منهم سابقاً في شركات ماسك. وعلى الرغم من مغادرة ماسك (دوج) قبل أسبوع، لا يزال العديد من الموظفين في وظائفهم الحكومية. كما يرتبط بعض موظفي (دوج) بعلاقات وثيقة مع معسكر ترامب. فقد كانت كاتي ميلر – التي عملت في إدارة ترامب الأولى ومتزوجة من نائب رئيس موظفي البيت الأبيض الحالي ستيفن ميلر – المتحدثة باسم إدارة كفاءة الحكومة. ومع ذلك، أفادت شبكة سي إن إن CNN أن السيدة ميلر تركت الحكومة أيضاً الأسبوع الماضي، وتعمل الآن بدوام كامل مع ماسك. وهناك آخرون في إدارة ترامب قد تُختبر ولاءاتهم بسبب هذا الخلاف. كديفيد ساكس، الذي عيّنه ترامب مستشاره الأول في مجال الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، المُقرّب من ماسك، والذي عمل معه قبل عقود في شركة باي بال. وفي شركة إكس (تويتر سابقا)، كان العديد من المديرين التنفيذيين في وادي السيليكون، إلى جانب مؤثري عالم ماغا، يختارون أحد الجانبين، ويُحللون الرسائل المتبادلة بين الرئيس وأغنى رجل في العالم. كما أجرت شركة يوغوف لاستطلاعات الرأي استطلاعاً سريعاً يوم الخميس، سألت فيه المشاركين 'ستصطفون إلى جانب من؟'. وأشارت النتائج إلى أن 70 في المئة من الجمهوريين المشاركين في الاستطلاع اختاروا ترامب، مُقارنةً بأقل من واحد من كل عشرة اختار ماسك.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store