
الخسائر الاقتصادية لإيران بعد الهجوم الإسرائيلي: نظرة تحليلية سياسية واقتصادية
الباحثة شذا خليل*
أحدثت المواجهة العسكرية الأخيرة بين إسرائيل وإيران صدمة في الأسواق المالية العالمية، حيث قفزت أسعار النفط بنسبة 7٪ فورًا، مما أعاد المخاوف من موجة تضخمية جديدة بسبب الطاقة، على غرار ما حدث بعد غزو روسيا لأوكرانيا. وبينما لا تزال الأضرار المادية داخل إيران غير معلنة بالكامل، بدأت الخسائر الاقتصادية والجيوسياسية تظهر بوضوح.
الخسائر الاقتصادية قصيرة الأجل
استهدفت الضربات الإسرائيلية بشكل مباشر البنية التحتية العسكرية والاستراتيجية لإيران، لكن التأثيرات الاقتصادية غير المباشرة قد تكون أكثر خطورة:
اضطراب في سوق النفط: رغم العقوبات، لا تزال إيران تصدّر النفط، لا سيما إلى آسيا، عبر قنوات غير رسمية. لكن حالة عدم الاستقرار تثير مخاوف من تهديد مضيق هرمز، وهو ممر حيوي لنقل النفط عالميًا، مما يضر بصادرات إيران ويزيد تكاليف الشحن.
تقلب العملة: تعاني العملة الإيرانية (الريال) من تدهور مستمر. أي تصعيد في التوترات الجيوسياسية يضعف ثقة المستثمرين ويدفع التضخم إلى الارتفاع، مما يؤثر على القوة الشرائية للسكان.
تراجع ثقة المستثمرين: رغم العقوبات، حاولت إيران جذب استثمارات من الصين وروسيا. لكن استمرار التوترات قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال وإلغاء المشاريع.
الخسائر المقدّرة
رغم صعوبة تحديد الأرقام بدقة، فإن الخسائر الاقتصادية غير المباشرة لإيران تشمل:
فقدان عائدات نفطية بسبب اضطرابات في التهريب وارتفاع تكاليف الشحن.
تراجع الإنتاجية المحلية نتيجة تحويل الموارد الحكومية نحو الأمن والدفاع.
ضغط إضافي على الميزانية العامة، التي تعاني أصلًا من العقوبات، والدعم الحكومي، والتضخم.
إذا تجاوزت أسعار النفط 100 دولار للبرميل، فقد يرتفع التضخم في الدول المتقدمة بنسبة 1٪، بحسب تقديرات Capital Economics. ورغم أن هذا قد يعود على إيران بفوائد مؤقتة، فإنها لن تستطيع الاستفادة بالكامل بسبب القيود على التصدير وصعوبة تحصيل العوائد المالية.
التوقعات السياسية والاستراتيجية
تواجه إيران مشهدًا معقدًا بعد الهجوم:
عزلة دبلوماسية أم تعاطف دولي؟
قد تحاول إيران استثمار الحدث لكسب تعاطف دولي، خاصة من دول الجنوب العالمي. لكن من المرجح أن تزيد القوى الغربية من الضغط السياسي والاقتصادي عليها.
خطر تصعيد الصراع
في حال توسعت المواجهة وشاركت فيها الميليشيات التابعة لإيران في لبنان وسوريا والعراق، فإن ذلك سيؤدي إلى مزيد من زعزعة الاقتصاد وربما فرض عقوبات جديدة.
تحول في الاستراتيجية الاقتصادية
من المتوقع أن تسرّع إيران خطواتها لتعزيز العلاقات مع شركاء تجاريين خارج الغرب (مثل دول البريكس)، وتطوير أنظمة تبادل بديلة تتجاوز العقوبات، وزيادة الإنتاج المحلي.
الخلاصة
رغم أن الأضرار المباشرة للهجوم الإسرائيلي لم تُعلن بالكامل، فإن الآثار الاقتصادية على إيران بدأت تظهر من خلال اضطراب أسواق النفط، وتذبذب الأسواق، وزيادة المخاطر السياسية والمالية. وفي وقت تسعى فيه إيران لتحقيق استقرار اقتصادي تحت ضغط العقوبات، تواجه الآن تحديات جديدة قد تقوّض ما بنته من صمود اقتصادي. المستقبل يعتمد على ما إذا كانت المنطقة ستشهد تهدئة دبلوماسية أو تصعيدًا أوسع، وهو ما سيحدد مصير الاقتصاد الإيراني، وأسواق الطاقة، والأمن الإقليمي.
وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 30 دقائق
- Independent عربية
النوايا الغربية في تغيير نظام إيران
يبدو أن الملياردير الأميركي إيلون ماسك يؤيد تغيير النظام الإيراني، وفي سبيل هذا فعَّل خدمة الإنترنت الفضائي "ستارلينك" أمام الإيرانيين لعله يجد بينهم من يستجيب لدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالثورة على قادته. الكاتب والمحلل الأميركي مارك ليفين غرد عبر حسابه على منصة "إكس" بدعوة ماسك إلى "دق المسمار الأخير في نعش النظام الإيراني"، عبر تفعيل "ستارلينك" لأبناء البلد الآسيوي، فرد صاحب المنصة بعبارة مختصرة جداً "إنها فعالة". نشرت جمعية التجارة الإلكترونية الإيرانية خلال فبراير (شباط) الماضي تقريراً يقول إن عدد مستخدمي الإنترنت الفضائي داخل إيران تجاوز 30 ألفاً، وهذا يشير إلى زيادة تفوق الثلث مقارنة بتقديرات "فوربس" خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024. والإقبال على خدمات "ستارلينك" يزيد على رغم ارتفاع كلفة معداتها، فالعقوبات المفروضة ترفع قيمة الأجهزة من نحو 250 دولاراً عموماً إلى ما يقارب ألفي دولار أحياناً، نتيجة الحاجة إلى شراء التقنيات بصورة غير قانونية وعبر مراحل عدة. بعيداً من الجوانب التقنية، تشير استجابة ماسك السريعة إلى وجود تيار داخل الولايات المتحدة يميل نحو هذا الخيار كحل "مضمون" لإنهاء التهديدات الإيرانية في المنطقة، هكذا تبدو الحال وفق مقال الكاتب جيفري لويس ضمن "فورين بوليسي". يقول لويس إن فئة في أميركا وكذلك داخل إسرائيل، تعتقد أن المشكلة تكمن في النظام الإيراني وليس في البرنامج النووي لطهران، وأي "سلام زائف لا يعزز إلا قوة نظام لا يمكنه إصلاح نفسه"، ولا شك اليوم في أن نتنياهو ينتمي إلى هذه الفئة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ونقلت وكالة "رويترز" عن مايكل سينغ من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمسؤول الكبير السابق في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، "أن أحد الأسباب التي دفعت إسرائيل إلى القيام بالهجوم هو أملها برؤية تغيير في نظام طهران". برأي محرر الشؤون الإيرانية في هيئة الإذاعة البريطانية أمير عظيمي فإن رهان نتنياهو على انتفاضة شعبية تقلب النظام في طهران، مستفيدة من هجوم "الأسد الصاعد"، تعد مخاطرة غير مضمونة النتائج وربما تشعل حرباً داخل المنطقة. ويقول عظيمي إن "إن أصحاب النفوذ في إيران يسيطرون على الاقتصاد والقوات المسلحة، بالتالي هم لا يحتاجون إلى القيام بانقلاب لأنهم في السلطة أصلاً، بل على العكس يمكن أن يأخذوا إيران نحو مواجهة أكثر شراسة"، وفق تعبيره. سقوط النظام وغرق دولة مكونة من نحو 90 مليون نسمة في الفوضى هو بذاته احتمال مخيف من وجهة نظر عظيمي، أما انهيار النظام وإمساك قوة صديقة بالسلطة في طهران يعد الخيار الأفضل بالنسبة إلى إسرائيل، وفق المحرر المتخصص. تجربة الانسحاب من أفغانستان لمصلحة "طالبان" واستبدال "هيئة تحرير الشام" التي كانت تتبع للقاعدة في سوريا بنظام الأسد، يوحي بأن الفوضى والفراغ لم يعودا مقلقين كثيراً لأميركا وإسرائيل، والحلول تجترح عندما تستدعي الحاجة لها. وعلى رغم ذلك يبقى الحديث عن بديل لنظام طهران أمراً مشروعاً ما دامت إسرائيل تهدف لإسقاطه عبر "الأسد الصاعد"، والمعارضة الإيرانية في الداخل أو الخارج ليست على قلب رجل واحد، وأصحاب النفوذ في السلطة، كما يقول عظيمي. مدير مبادرة "سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط" جوناثان بانيكوف يعتقد أن بدائل الإيراني الحالي قد تكون أسوأ، ويحذر في مقالة على موقع "مجلس أتلانتيك" للدراسات من أن تجد إسرائيل نفسها في حرب طويلة الأمد في حال وصول أشخاص أكثر تشدداً من الذين يجلسون على كراسي الحكم داخل طهران اليوم. المفارقة أن موقع "ريل كلير ديفانس" المقرب من البنتاغون نشر خلال التاسع من مايو (أيار) الماضي تقريراً تحت عنوان "لماذا بات تغير النظام في إيران لا مفر منه"، مستعرضاً عوامل داخلية وخارجية يستند إليها من أجل القيام بهذه الخطوة الآن. فحوى التقرير يقول إن إيران تواجه ضغوطاً غير مسبوقة من داخل حدودها وخارجها، حيث "أضعف الانهيار الاقتصادي وخيبة الأمل السياسية والرفض الواسع للاستبداد الديني شرعية النظام بصورة كبيرة، أما خارجياً فيتضاءل نفوذها الإقليمي مع تعرض وكلائها لهزائم عسكرية وعزلة دبلوماسية، وعلى رغم أن التوقيت الدقيق غير مؤكد فإن تضافر الضغوط يزيد من احتمالية تغيير نظام طهران، وبالنسبة إلى صانعي السياسة الغربيين، ليس هذا هو وقت إدارة الأزمة على المدى القصير بل هو وقت التحضير لانتقال ديمقراطي". الزميل البارز في معهد "أميركان إنتربرايز" والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط مايكل روبين كتب في موقع المعهد، بعد ساعات من بدء هجوم "الأسد الصاعد" الإسرائيلي، مقالة بعنوان "بعد تغيير النظام: يجب محاكمة القادة الإيرانيين". قال روبين في مقالته "إن إيران فقدت شرعيتها الشعبية منذ زمن بعيد، وبينما يفترض عدد من المحللين الخارجيين أن الإيرانيين سيترددون عند توجيه ضربة عسكرية إلى بلادهم، فإن تمكن إسرائيل من استهداف قادة النظام بدقة ودون التسبب في خسائر مدنية، قد يدفع الشعب إلى البقاء على الحياد أو حتى يتشجع على تغيير النظام". بصورة أو بأخرى يستشعر قادة طهران هذه النيات الإسرائيلية في الهجوم، مما دفع بخامنئي أمس إلى القول في خطابه "إن الشعب الإيراني يقف خلف الجيش في معركته، والتيارات السياسية كافة موحدة في التصدي لهجوم إسرائيل بكل قوة". ويبقى السؤال الأساس في هذا هو حول الموقف الأميركي من تغيير النظام الإيراني، فالرئيس دونالد ترمب يقول إنه ما زال متمسكاً بالتفاوض مع قادة طهران، لكن من يدري إن كان ذلك حقيقياً أم خدعة تورطهم تماماً، كما حصل بعد تطميناته لهم قبل يومين بأن هجوم إسرائيل لن يكون وشيكاً، ثم استيقظوا على زئير "الأسد الصاعد".


الوئام
منذ 44 دقائق
- الوئام
تقرير بريطاني: الشباب يتجهون إلى السعودية بحثًا عن الشهرة وفرص العمل
قالت صحيفة 'ديلي إكسبرس' البريطانية إن السعودية تحظى بشعبية كبيرة بين المغتربين، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن حوالي 30 ألف مواطن بريطاني يعملون هناك في مجموعة متنوعة من الوظائف. وأضافت: 'لطالما عُرفت السعودية بدورها المحوري في صناعة النفط، حيث تضخ ما معدله نحو 11 مليون برميل يوميًا، وقد استقطبت هذه الصناعة عمالًا من الخارج، بمن فيهم العديد من المملكة المتحدة'. وأكدت أن السعودية تحظى باهتمام كبير من المغتربين، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن حوالي 30 ألف مواطن بريطاني يعملون داخل المملكة في وظائف متنوعة. وأوضحت الجيل الجديد من العمال البريطانيين يتجهون إلى السعودية بحثًا عن الشهرة والثروة، متابعة: 'وجدت مجموعة من المؤثرين البريطانيين موطنًا جديدًا لهم في مدينة نيوم السعودية الطموحة والمستقبلية'. وأضافت: 'يجري إنشاء المنطقة الحضرية في منطقة تبوك، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفتها نحو 500 مليار دولار أمريكي، أو حوالي 369 مليار جنيه إسترليني'. وأشارت إلى أن نيوم تعد بمثابة محور رؤية السعودية 2030 الطموحة، وتعتبر بمثابة 'مدينة بيئية' تعتمد على التكنولوجيا وتحقيق الاستدامة.


مجلة رواد الأعمال
منذ 3 ساعات
- مجلة رواد الأعمال
اقتصاد المهام خلال 2025.. ملامح التوسع والتحديات بعصر العمل الرقمي
يبرز مصطلح 'اقتصاد المهام ' (Gig Economy) بين جنبات الثورة الرقمية وتسارع وتيرة الحياة كقوة دافعة تعيد تعريف مفهوم العمل ذاته، وتُشكل ملامح مستقبل سوق العمل العالمية. ففي عام 2025، لم يعد العمل التقليدي النمط السائد، بل أصبح الاعتماد على المهام المؤقتة والعمل الحر ظاهرة عالمية تتسع رقعتها يومًا بعد يوم. هذا التحول الواضح، المدعوم بالتقدم التكنولوجي غير المسبوق، وتغير الثقافة المهنية التي تتبنى المرونة والاستقلالية. بالإضافة إلى الطلب المتزايد على الخدمات الفورية، يدفع باقتصاد المهام إلى مستويات نمو غير مسبوقة. ما يجعله محور اهتمام العديد من الدراسات والتقارير الاقتصادية والاجتماعية. اقتصاد المهام يؤكد تقرير 'ماكينزي' لعام 2025 أن 42% من القوى العاملة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا باتت تعمل ضمن إطار اقتصاد المهام. وهي نسبة تعكس مدى تغلغل هذا النموذج في الاقتصادات المتقدمة. ولا يقتصر هذا النمو على الغرب فقط، بل يمتد ليشمل أيضًا منطقة الشرق الأوسط؛ حيث سجلت المنطقة نموًا ملحوظًا بنسبة 35% في هذا القطاع الحيوي. هذه الأرقام تشير بوضوح إلى أننا أمام ظاهرة عالمية تستوجب الفهم العميق. وتحليل الاتجاهات والبيانات الرئيسية التي ترسم مسارها، لكي نتمكن من استيعاب أبعادها وتأثيراتها المتشعبة. حجم سوق اقتصاد المهام شهد سوق اقتصاد المهام نموًا متسارعًا فاق حجمه التوقعات لعام 2025، ليسجل أرقامًا ضخمة تؤكد على ديناميكيته المتزايدة. فوفقًا لبيانات 'Statista'، بلغت القيمة الإجمالية لاقتصاد المهام العالمي 1.5 تريليون دولار في عام 2025. وهو ما يعادل زيادة هائلة بنسبة 25% مقارنة بعام 2024. هذا النمو يعكس الثقة المتزايدة في هذا النموذج الاقتصادي، وقدرته على خلق قيمة اقتصادية ضخمة. ولا تتوقف الأرقام عند الجانب المالي وحسب، بل تتجاوزه إلى القوى البشرية العاملة في هذا القطاع؛ حيث تشير منظمة العمل الدولية (ILO) إلى أن عدد العاملين في اقتصاد المهام قد تجاوز 200 مليون شخص حول العالم. وهو ما يؤكد اتساع القاعدة البشرية التي تعتمد على هذا النوع من العمل كمصدر للدخل. الشرق الأوسط يسجل طفرة لم يكن الشرق الأوسط بمنأى عن هذه الثورة الاقتصادية، بل شهد طفرة ملحوظة في مجال المنصات المحلية التي تقدم خدمات اقتصاد المهام. وفي هذا الشأن، يفيد تقرير 'Wamda' لعام 2025 بزيادة قدرها 40% في استخدام منصات إقليمية مثل: 'مستقل' و'حريتي' في أسواق رئيسية مثل: المملكة ومصر. وهو ما يشير إلى تبني متزايد للعمل الحر عبر المنصات المحلية. هذا التوجه يعزز من دور رواد الأعمال المحليين، ويسهم في تنمية الاقتصادات الإقليمية. كما تتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة المشهد الإقليمي في تبني هذا النموذج؛ حيث فاق عدد العاملين المستقلين المسجلين في منصات العمل المؤقت 500 ألف شخص. هذا الرقم يبرز البيئة المواتية التي تقدمها الإمارات للعمل الحر، والتسهيلات التي توفرها لجذب الكفاءات. المهن الأكثر طلبًا شهد عام 2025 تحولًا نوعيًا في طبيعة المهن الأكثر طلبًا ضمن اقتصاد المهام؛ حيث باتت المهارات الرقمية تحتل صدارة القائمة بلا منازع. ما يبرز الحاجة الملحة للتأهيل والتدريب في المجالات التكنولوجية الحديثة. المهارات الرقمية تتصدر المشهد تشير بيانات 'لينكد إن' لعام 2025 إلى أن تطوير الذكاء الاصطناعي يتصدر قائمة المهارات الأكثر طلبًا، مع زيادة في الطلب تجاوزت 50%. يأتي بعده تحليل البيانات، الذي شهد ارتفاعًا في الطلب بنسبة 45% وفقًا لشركة 'أبوورك'. وأما التسويق الرقمي، فقد سجل زيادة بنسبة 40% في الطلب، بحسب 'Fiverr'. ما يؤكد أهمية الوجود الرقمي للشركات والأفراد. كما لا يمكن إغفال التصميم الجرافيكي، الذي شهد زيادة في الطلب بنسبة 35%، طبقًا لـ 'فريلانسرز يونيون'. ما يبرز الحاجة المتزايدة للمحتوى البصري الجذاب في العصر الرقمي. هذه الأرقام تقدم خريطة طريق واضحة للراغبين في دخول هذا السوق. وتشير إلى المجالات الواعدة التي تستحق الاستثمار في تطوير المهارات فيها. تحول الوظائف التقليدية إلى مهام مؤقتة من ناحية أخرى، لم يقتصر تأثير اقتصاد المهام على المهن الرقمية فحسب، بل امتد ليشمل الوظائف التقليدية، التي بدأت تتحول بشكل متزايد إلى مهام مؤقتة. وهو ما يتيح مرونة أكبر للعاملين، ويقدم حلولًا مبتكرة للشركات. ففي قطاع النقل، بات 30% من سائقي التوصيل يعملون عبر منصات متعددة، مثل: 'أوبر' و'كريم'، لزيادة مصادر دخلهم وتحقيق أقصى استفادة من أوقات عملهم. وفي قطاع التعليم مثلًا، بات 20% من المعلمين يقدمون دروسًا عبر الإنترنت بشكل مستقل، وفقًا لمنظمة اليونسكو. هذا التحول يتيح للمعلمين الوصول إلى قاعدة أوسع من الطلاب، ويقدم للطلاب خيارات تعليمية متنوعة تتناسب مع احتياجاتهم. هذه الأمثلة تبرز كيف يعيد هذا النموذج الاقتصادي تشكيل طبيعة العمل في مختلف القطاعات، ويقدم فرصًا جديدة للجميع. تحديات جديدة تواجه العاملين على الرغم من الفرص الواعدة التي يقدمها هذا النموذج الاقتصادي، فإنه لا يخلو من التحديات الجوهرية التي تواجه العاملين فيه. وتتطلب حلولًا مبتكرة لضمان استدامة هذا النموذج. عدم الاستقرار المالي يشكل عدم الاستقرار المالي أحد أبرز هذه التحديات؛ حيث يعاني 60% من العاملين في اقتصاد المهام من عدم الحصول على دخل ثابت، وفقًا لتقرير البنك الدولي لعام 2025. هذا النقص في الاستقرار يؤثر سلبًا على قدرة العاملين على التخطيط المالي، ويعرضهم للمخاطر الاقتصادية. ولا تقتصر المشكلة على الدخل فحسب، بل تتعداها إلى غياب شبكات الأمان الاجتماعي، فـ 25% فقط من العاملين في هذا القطاع لديهم تأمين صحي أو معاش تقاعدي. ما يعرضهم لعدم اليقين في أوقات الأزمات الصحية أو عند التقدم في العمر. المنافسة الشرسة مع الذكاء الاصطناعي علاوة على ذلك، المنافسة الشرسة مع تقنيات الذكاء الاصطناعي التي بدأت تعيد تشكيل بعض المهن بشكلٍ جذري. وفي هذا السياق، تشير بيانات 'Gartner' لعام 2025 إلى أن 40% من المهام الكتابية والترجمة قد تأثرت بشكلٍ مباشر بمنصات الذكاء الاصطناعي مثل 'ChatGPT'. هذا التطور يلزم العاملين في هذه المجالات على تطوير مهاراتهم باستمرار، وتعلم أدوات جديدة، والتكيف مع التغييرات التكنولوجية لكي يتمكنوا من الحفاظ على قدراتهم التنافسية في سوق العمل المتطور. كيف تستعد لدخول اقتصاد المهام؟ مع التطور المتسارع لاقتصاد المهام، أصبح من الضروري أن يستعد الأفراد لدخول هذه السوق المتنامية من خلال تطوير مهاراتهم. واستخدام المنصات المتعددة، وفهم الجوانب القانونية والمالية. طور مهاراتك في المجالات الأكثر طلبًا: يكمن مفتاح النجاح في هذا النموذج الاقتصادي في تطوير المهارات التي تناسب احتياجات السوق المتغيرة. وهنا، ينصح بتعلم البرمجة، أو تحليل البيانات، أو التسويق الإلكتروني. فهذه المجالات تعد من الأكثر طلبًا في الوقت الراهن، وتقدم فرصًا واعدة للدخول إلى سوق العمل الحر. كما يمكن الاستفادة من المنصات التعليمية العالمية مثل 'كورسيرا' و'يوديمي'. والتي تقدم شهادات معتمدة تعزز من فرص الحصول على فرص عمل أفضل، وتثقل الخبرات الفردية. استخدم منصات متعددة لزيادة دخلك: لتعظيم فرص الحصول على الدخل، من الضروري عدم الاعتماد على منصة واحدة فقط. وينصح بنشر الخدمات على 3 إلى 5 منصات مختلفة. ما يزيد من فرص الوصول إلى عملاء متنوعين، ويقلل من مخاطر الاعتماد على مصدر دخل واحد. هذه الإستراتيجية تعزز من الاستقرار المالي للعاملين في اقتصاد المهام، وتمكنهم من استكشاف فرص جديدة. استعد للضريبة والتأمينات: كذلك، من الضروري الاستعداد للجوانب القانونية والمالية المرتبطة بالعمل الحر، وخاصة ما يتعلق بالضرائب والتأمينات. فبعض الدول بدأت فعليًا في تطبيق ضرائب على دخل العمل الحر، مثل المملكة العربية السعودية التي تطبق ضريبة بنسبة 15%. كما تقدم بعض المنصات خيارات تأمينية اختيارية للمستقلين. وهو ما يوفر لهم شبكة أمان تشابه تلك التي يتمتع بها العاملون في الوظائف التقليدية. وبالطبع، فإن فهم هذه الجوانب والتخطيط لها مسبقًا يمكن أن يقلل من التحديات التي قد تواجه العاملين في اقتصاد المهام، ويسهم في بناء مستقبل مهني مستقر ومزدهر. قوة دافعة تعيد تشكيل مفاهيم العمل في النهاية، يتجلى اقتصاد المهام كظاهرة عالمية لا يمكن تجاهلها، بل هي قوة دافعة تعيد تشكيل مفاهيم العمل والتوظيف على مستوى العالم. هذا النموذج تجاوز مجرد كونه اتجاهًا عابرًا ليصبح هيكلًا اقتصاديًا راسخًا. مدعومًا بالتقدم التكنولوجي الذي لا يتوقف، وبوعي متزايد بقيمة المرونة والاستقلالية المهنية. الأرقام والإحصائيات التي تناولناها في هذا التقرير، من حجم السوق الذي تجاوز 1.5 تريليون دولار إلى تزايد أعداد العاملين في هذا القطاع ليصل إلى أكثر من 200 مليون شخص عالميًا. تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك على اتساع نطاق هذا التحول وأهميته.