
مدينة أشباح.. شكوك بشأن إعادة الحياة إلى الخرطوم "المدمرة"
ويضاف إلى ذلك التردي المستمر في الأوضاع الأمنية، ما يعيق عودة الأنشطة الاقتصادية التي تشكل الضرائب والرسوم المفروضة عليها أكثر من 80 في المئة من عائدات الخزينة العامة.
ويتوقع الخبراء أن تؤدي العقوبات الأميركية الأخيرة إلى تفاقم العزلة الدولية التي يعيشها السودان منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، مما يزيد من حالة الشلل المالي.
وإلى جانب شبكات المياه والكهرباء والمرافق الصحية والتعليمية، طال الدمار أكثر من 4 جسور، و200 مبنى عام وتاريخي، ومئات الآلاف من المنازل، نتيجة القصف الجوي الكثيف.
ويقدّر الخبراء التمويلات اللازمة لإعادة بناء ما دمرته الحرب في مختلف أنحاء البلاد بتريليون دولار، وفقًا لوكالة رويترز، منها 300 مليار دولار لتغطية تكاليف إعادة إعمار الخرطوم ، التي تحوّلت معظم مناطقها المدمّرة إلى مدن أشباح غير صالحة للحياة.
كما يشير الخبراء إلى أن التدهور المستمر في الأوضاع الأمنية يكبح رغبة السكان في العودة إلى الأنشطة الاقتصادية المعتادة، والتي كانت الرسوم والضرائب المفروضة عليها تشكّل الجزء الأكبر من عائدات الخزينة العامة، الضرورية لتمويل عمليات البناء.
وبسبب اتهامها للجيش باستخدام أسلحة كيميائية، اتخذت الولايات المتحدة إجراءات من المقرر أن تدخل حيّز التنفيذ في السادس من يونيو، تشمل قيودًا على خطوط الائتمان الأميركية.
تعرّض أكثر من 60 في المئة من المناطق السكنية ومنشآت البنية التحتية والمباني الرئيسية في الخرطوم لدمار كلي أو جزئي. ورسم تقرير لوكالة رويترز صورة مأساوية لحجم الدمار الذي لحق بالعاصمة التي كان يقطنها نحو 8 ملايين نسمة قبل الحرب، لم يتبقَّ منهم سوى أقل من 25 في المئة حاليًا.
وقال التقرير: "تشهد الجسور المدمرة، وانقطاعات الكهرباء، ومحطات المياه الفارغة، والمستشفيات المنهوبة على الأثر المدمّر لعامين من الحرب على البنية التحتية".
وفي ظل هذه الأوضاع، يضطر سكان العاصمة إلى تحمّل انقطاع التيار الكهربائي لأسابيع، وشرب مياه غير نظيفة. وقد دُمّرت معظم الفنادق، ومقار الوزارات، والبنوك، والمستشفيات، والمطار الدولي.
وتفحّمت معظم المباني الرئيسية في وسط الخرطوم، وتحولت الأحياء التي كانت راقية إلى مدن أشباح، في حين تنتشر السيارات المحطّمة والقذائف غير المنفجرة في شوارعها.
وبحسب مهندس متخصص في التخطيط الحضري، فإن نحو 90 بالمئة من شبكات ومنشآت الكهرباء الأساسية تعرّضت لنوع من التدمير، كما طال الدمار أيضًا شبكات الإمداد المائي والكهربائي، خاصة في العاصمة الخرطوم ومناطق واسعة من البلاد.
وفقًا لخبراء الاقتصاد، فإن عودة الحياة إلى الخرطوم ستستغرق وقتًا طويلًا في ظل التداعيات الكبيرة التي نجمت عن الحرب، بما في ذلك الشلل الاقتصادي والعقوبات الجديدة، وذلك بعد أقل من 5 أعوام على نجاح الحكومة المدنية بقيادة عبد الله حمدوك في فك عزلة دولية استمرت 27 عامًا، بسبب ممارسات نظام الإخوان الذي حكم البلاد لمدة 30 عامًا، قبل أن تطيح به ثورة شعبية في أبريل 2019. لكن انقلاب أكتوبر 2021 أعاد السودان إلى مربع العزلة من جديد.
ويقول الخبير المالي عمر سيد أحمد لموقع "سكاي نيوز عربية" إن عملية إعادة البناء ستحتاج إلى أموال طائلة يصعب تأمينها، بسبب تآكل عائدات الدولة بعد أن أوقفت الحرب معظم المنشآت الإنتاجية.
ويضيف: "يزداد الأمر صعوبة في ظل العزلة الدولية المرشّحة للتفاقم، حيث يمكن أن تشل العقوبات الأميركية المتعلقة بخطوط الائتمان القليل المتبقي من تعاملات السودان المالية مع العالم".
ويشير سيد أحمد إلى أن عمليات بناء ما تدمّره الحروب تُعد من أكثر العمليات الاقتصادية تكلفةً وتعقيدًا، وهو ما سيكون أكثر وضوحًا في حالة السودان ، الذي يواجه خطر الدخول في عزلة أعمق عن النظام المالي العالمي، الذي يرتكز بشكل كبير على الدولار الأميركي، إذ تتم معظم المعاملات الدولية عبر شبكة البنوك المراسلة التي تمر عبر النظام المصرفي الأميركي أو تعتمد عليه.
ويوضح سيد أحمد: "عدم قدرة السودان على الوصول إلى خطوط الائتمان الأميركية يعني صعوبة فتح اعتمادات مستندية لشراء المعدات والمواد المستخدمة في إعادة البناء، إضافة إلى السلع الاستراتيجية.
كما ستؤدي هذه العقوبات إلى حرمان البنوك السودانية من التسهيلات الدولية وإعاقة تحويلات المغتربين البنكية، مما يفاقم أزمة السيولة بالنقد الأجنبي، ويؤدي إلى تجفيف التمويل التجاري والقصير الأجل".
ومن جانبه، يبدي الخبير الاقتصادي وائل فهمي تخوفه من أن تؤثر العزلة المالية الدولية بشكل مباشر على مجمل عملية إعادة البناء الاقتصادي في السودان.
ويقول فهمي لموقع "سكاي نيوز عربية": "العزلة المالية ستقلّص العائدات التي تحتاجها عمليات إعادة الإعمار، إذ تحدّ من القدرات الإنتاجية، وتحرم الاقتصاد من النقد الأجنبي ومن التكنولوجيا الحديثة، وقد تؤدي إلى العودة للاقتراض بأسعار فائدة مرتفعة من خارج القنوات الرسمية".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 13 دقائق
- البيان
ويتكوف: رد حماس على اقتراح وقف إطلاق النار "غير مقبول على الإطلاق"
انتقد موفد الولايات المتحدة الى الشرق الأوسط السبت رد حركة حماس على الاقتراح الأميركي في شأن وقف إطلاق النار في غزة والذي أعلنت فيه أنها ستفرج عن عشرة رهائن أحياء. وكتب ستيف ويتكوف على منصة اكس "إنه غير مقبول على الاطلاق ويعيدنا الى الوراء. على حماس أن تقبل بالاقتراح الذي قدمناه كأساس لإجراء مفاوضات يمكن ان نبدأها اعتبارا من الأسبوع المقبل".


سكاي نيوز عربية
منذ 25 دقائق
- سكاي نيوز عربية
من "ياسين" إلى "الدجوي".. هل يؤثر الترند في مسار القضايا؟
وقد برزت هذه الظاهرة بوضوح في عدد من القضايا التي أثارت الجدل على مواقع التواصل، مثل قضية الطفل ياسين ، التي سرعان ما تحولت إلى قضية رأي عام، وكذلك قضية الدكتورة نوال الدجوي، التي شهدت موجات من التفاعل الجماهيري بين مؤيد ومعارض، بالإضافة إلى قضية "سفاح التجمع"، وقضية "متحرش المعادي"، وغيرها. تأثير مواقع التواصل الاجتماعي يثير التساؤلات عن قدرتها على توجيه مسار بعض القضايا العامة، وما إذا كان قادرا على الامتداد لمضمون الأحكام القضائية أم لا؟. في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، أكد أحمد مهران، المحامي بالنقض ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية ، أن وسائل التواصل الاجتماعي والترندات باتت تمثل إحدى أدوات الضغط المؤثرة في الرأي العام، بل أصبحت تُعد انعكاسا لصورة من صور السياسات العامة في المجتمع. وأوضح مهران أن "السوشيال ميديا والترندات لم تعد مجرد منصات للتعبير، بل أصبحت تحمل بعدا سياسيا له تأثير فعال، قد لا يكون مباشرا في مضمون الأحكام القضائية، لكنه يسهم في تسريع وتيرة الإجراءات القانونية". واعتبر أنه: "لا يمكننا إنكار أن الاعتبارات السياسية، التي تتشكل في كثير من الأحيان عبر السوشيال ميديا، قد تلعب دورا في توجيه مسار بعض الأحكام، خاصة في القضايا ذات الحساسية المجتمعية". وشدد مهران على أن "الاعتبارات السياسية في مثل هذه القضايا لا تأتي من فراغ، بل تفرض أحيانا بحكم الضغط الشعبي والترندات الإلكترونية، التي قد تحدث حالة من التوتر العام، ما يستدعي تدخلا سريعا لضبط الإيقاع المجتمعي". واختتم مهران تصريحه بالتأكيد على أن " وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت، بشكل أو بآخر، جزءا لا يتجزأ من المشهد السياسي والاجتماعي، ولا يمكن فصلها عن التأثيرات التي تُحدثها على أرض الواقع، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا تمس الأمن المجتمعي والسلم الأهلي". قضية نوال الدجوي ومن القضايا المثارة حاليا، قضية نوال الدجوي، رئيس مجلس أمناء جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب ، بعد تعرض منزلها بمدينة 6 أكتوبر للسرقة. وقد وصفت الواقعة بـ"مغارة علي بابا"، حيث قيل إن المسروقات بلغت نحو 50 مليون جنيه مصري، و3 ملايين دولار، و350 ألف جنيه إسترليني، بالإضافة إلى كميات من المشغولات الذهبية تزن نحو 15 كيلوجراما. وتطور الأمر لاحقا إلى مقتل حفيدها أحمد الدجوي، ولا تزال خفايا القضية تتكشف يوما بعد يوم. طارق خضر: المحكمة لا تخضع لمواقع التواصل من جانبه، قال طارق خضر، أستاذ القانون الدستوري بأكاديمية الشرطة، إن التأثير المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام، خصوصا فيما يتعلق بالقضايا التي تحظى باهتمام جماهيري واسع، لا يجب أن يفهم على أنه يمتد إلى ساحات القضاء. وأوضح خضر، في تصريح خاص لـ"سكاي نيوز عربية"، أن المحكمة لا تتعامل مع أية قضية بناء على ما يثار إعلاميا أو عبر مواقع التواصل، بل تستند فقط إلى ما يقدم أمامها من مستندات وشهادات وأدلة. وأضاف: "القاضي يملك حرية تكوين قناعته بناء على الوقائع والبينات المعروضة عليه، دون أن يتأثر بما يتم تداوله خارج إطار المحكمة". وشدد على أهمية التمييز بين "الرأي العام"، الذي قد يتشكل أحيانا بناء على معلومات غير مكتملة أو انطباعات عامة، وبين "الحقيقة القضائية" التي تبنى على أسس موضوعية، مؤكدا أن الأحكام القضائية تُصدر وفقا لقواعد العدالة والنزاهة، وليس تحت ضغط الموجات الإعلامية أو التفاعلات الجماهيرية. من جهته، اعتبر جمال جبريل، أستاذ القانون الدستوري، أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تحل محل وسائل الإعلام التقليدية إلى حد كبير، وأصبحت اليوم أحد أبرز المؤثرين في تشكيل الرأي العام، لا سيما في القضايا التي تتحول إلى قضايا رأي عام. وأوضح جبريل، في تصريح خاص لـ"سكاي نيوز عربية"، أن التأثير الكبير للسوشيال ميديا لا يمكن إنكاره، خاصة حين يتعلق الأمر بقضية تهم قطاعات واسعة من المجتمع. إلا أن ذلك، بحسبه، لا يعني بأي حال من الأحوال الخروج على أحكام القانون أو تجاهل حقيقة الوقائع. ولفت إلى أن العدالة تستند إلى معايير موضوعية، وليست خاضعة لتقلبات الرأي العام أو الضغوط الإعلامية، مشددا على ضرورة الفصل بين ما يُتداول عبر المنصات الإلكترونية، وبين ما يُحكم به في ساحات القضاء، حيث تبقى الحقيقة القانونية مرهونة بالأدلة والوقائع، لا بالانطباعات العامة.


صحيفة الخليج
منذ 27 دقائق
- صحيفة الخليج
قطاع الصناعة الصيني ينكمش في مايو رغم تعليق الحرب التجارية
أظهرت بيانات رسمية، السبت، انكماش النشاط الصناعي في الصين في مايو للشهر الثاني على التوالي، على الرغم من توصل بكين إلى هدنة مؤقتة في حربها التجارية الشرسة مع الولايات المتحدة. اتفق أكبر اقتصادين في العالم خلال مايو على تعليق العمل بالزيادات الكبيرة في الرسوم الجمركية بينهما. لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتهمها الجمعة (الصين) بانتهاك الاتفاق. وسجلت الصين انكماشا في إنتاج المصانع خلال الشهر. وبلغ مؤشر مديري المشتريات - وهو مقياس رئيسي للإنتاج الصناعي - 49,5 نقطة. ( أ ف ب)