logo
أوكرانيا تهاجم منشآت الطاقة في زاباروجيا وخيرسون وتوقعات برد روسي انتقامي لهجوم سيبيريا

أوكرانيا تهاجم منشآت الطاقة في زاباروجيا وخيرسون وتوقعات برد روسي انتقامي لهجوم سيبيريا

الجزيرةمنذ 3 أيام

شنت أوكرانيا هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة في وقت مبكر اليوم الثلاثاء على منطقتي زاباروجيا وخيرسون بجنوب أوكرانيا الخاضعتين للسيطرة الروسية، مما أدى لانقطاع الكهرباء عن مساحات واسعة وفق مسؤولين، وسط توقعات غربية برد روسي انتقامي كبير على الهجمات الأوكرانية على قاعدة عسكرية روسية في سيبيريا.
وذكر مسؤولون موالون لروسيا في المناطق التي تعرضت للقصف أن الهجوم لم يؤثر على العمليات في محطة زاباروجيا للطاقة النووية، وهي أكبر منشأة نووية في أوروبا وسيطرت عليها روسيا في الأسابيع التي أعقبت حربها على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
وقال مسؤولون روس يديرون المحطة إن مستويات الإشعاع طبيعية في المنشأة التي لا تولد أي طاقة في الوقت الحالي.
وقال حاكمان عينتهما روسيا في المنطقتين إن الهجمات الأوكرانية دفعت السلطات إلى فرض تدابير طارئة والتحول إلى استخدام مصادر الطاقة الاحتياطية في مواقع رئيسية.
وذكر يفغيني باليتسكي حاكم زاباروجيا الذي عينته موسكو أن التيار الكهربائي انقطع عن جميع الأجزاء التي تسيطر عليها روسيا في المنطقة.
وكتب باليتسكي في تدوينة على تليغرام "نتيجة لقصف شنته القوات المسلحة الأوكرانية، تضررت معدات الجهد العالي في الجزء الشمالي الغربي من منطقة زاباروجيا. لا توجد كهرباء في جميع أنحاء المنطقة".
وأضاف "كُلفت وزارة الطاقة في زاباروجيا بإعداد مصادر طاقة احتياطية. وتم تحويل مرافق الرعاية الصحية إلى مصادر الطاقة الاحتياطية".
وفي منطقة خيرسون المجاورة، قال فلاديمير سالدو، الحاكم المعين من موسكو، إن حطام الطائرات المسيرة المتساقط ألحق أضرارا بمحطتين فرعيتين، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن أكثر من 100 ألف من السكان في 150 بلدة وقرية في المناطق التي تسيطر عليها روسيا. وأضاف أن فرق الطوارئ تعمل على استعادة الكهرباء بسرعة.
ترقب
في غضون ذلك، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قوله إن "الهجوم الأوكراني الأخير أظهر قدرة كييف على ضرب أي مكان تقريبا في روسيا".
كما نقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين توقعهم أن تشن روسيا ردا انتقاميا كبيرا على أوكرانيا، بعد الهجوم الأوكراني أول أمس الأحد، حيث أعلنت كييف أنها استهدفت 40 طائرة إستراتيجية روسية في هجوم شنته على قاعدة عسكرية روسية في سيبيريا، في حين توعدت موسكو بالرد، وقالت إن الهجمات استهدفت مطارات في 5 مقاطعات، وأكدت تصديها لبعضها واعتقال عدد من المشاركين.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمنيين أميركيين وأوروبيين القول إن نحو 20 طائرة استراتيجية روسية ربما دمرت أو تضررت بشدة في هذا الهجوم.
ويقدر المسؤولون الأميركيون أن خسائر روسيا تضمنت 6 قاذفات إستراتيجية بعيدة المدى و4 قاذفات من طراز "تي إم 22".
ووفق نيويورك تايمز، فإن مسؤولين أميركيين أكدوا أن كييف لم تبلغ واشنطن مسبقا بأن قوات تابعة لجهاز الأمن الأوكراني تخطط للهجوم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل غير الأوكرانيون قواعد الحرب الجوية بعد حرق الطائرات الروسية؟
هل غير الأوكرانيون قواعد الحرب الجوية بعد حرق الطائرات الروسية؟

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

هل غير الأوكرانيون قواعد الحرب الجوية بعد حرق الطائرات الروسية؟

"لا تُعد الطائرات الحربية في مأمن لمجرد أن قواعدها الجوية بعيدة عن جبهة القتال. فالطائرات المسيرة المهاجمة قد تُطلق من شاحنة قرب سور القاعدة"، مركز راند، 2021. وفي ساحات المعارك القديمة، كانت الجيوش تبني القلاع وتعتمد على ارتفاع الأسوار وسماكة الجدران. لكن مع تطور الأسلحة وتكتيكات الهجوم، كثيرا ما تحولت القلاع نفسها إلى مقابر لمن فيها. ومطلع يونيو/حزيران 2025، أعادت الطائرات المسيرة الأوكرانية في الأجواء الروسية سرد هذه القصة بلغة جديدة، لكن بمعنى قديم: ليس كل ما يبدو محصّنًا فهو آمن، ولا كل ما هو جاثم في قواعد جوية يقدر على النجاة من طنينٍ واهن. وفي ذلك اليوم، لم يكن هناك صوت للطائرات القاذفة، ولا وميض للصواريخ بعيدة المدى، فقط صمت ثقيل خرقه أزيز منخفض سرعان ما تحول إلى كرات لهب تضرب 4 قواعد جوية روسية على الأقل تمتد على مساحات جغرافية شاسعة، من قاعدة أولينيا الجوية على بعد 150 كيلو مترا من الحدود الروسية الفنلندية، إلى مطار بيلايا في سيبيريا على بعد 4500 كيلو متر من الحدود الروسية الأوكرانية، فضلا عن قاعدتين جويتين بالقرب من العاصمة موسكو. وخلال ساعات انتشرت صور مفاجئة، قاذفات محترقة، مدارج مدمّرة، ولم يكن الهجوم صاروخيًا، ولا منسوبًا إلى قوى عظمى، بل نُفِّذ بطائرات مسيرة صغيرة. وأعلن الرئيس الأوكراني بنفسه أن بلاده نفذت عملية تُدعى "شبكة العنكبوت" بنحو 117 طائرة مسيرة نُقلت إلى الأراضي الروسية بواسطة شاحنات، بعد تخطيط استمر عاما ونصف العام، وافتخر بأن الهجوم أسفر عن تدمير وإعطاب نحو 34% من الطائرات الإستراتيجية الروسية التي تحمل صواريخ كروز. ولقد حافظت روسيا منذ وراثتها للاتحاد السوفياتي على بنية عسكرية تقليدية ترى في القواعد الجوية حجر الزاوية لهيبتها الإستراتيجية. فبفضل قاذفاتها بعيدة المدى من طراز "تي يو-95″ (Tu-95) و"تي بيو-160" (Tu-160) والطائرات الإستراتيجية المزودة بصواريخ كروز، ظلت موسكو تبني جزءا كبيرا من ردعها النووي والتقليدي على قدراتها الجوية المنطلقة من عمق جغرافي محصّن. وافترضت عقيدة الدفاع الجوي الروسية أن العمق الإستراتيجي الواسع والتكامل بين الدفاعات الجوية كفيلان بتحصين هذه القواعد من أي تهديد جوي مباشر. ولم تكن الضربة مفاجئة في مداها وجرأتها فحسب، بل في طبيعتها النوعية التي كشفت عن تحوّل عميق في منطق الحرب الجوية. فقد استخدمت أوكرانيا وسائل تكنولوجية زهيدة الكلفة لتدمير أهداف عالية الرمزية والمكانة، وأثبتت أن الدفاع الجوي الروسي، رغم سمعته البراقة وتسليحه المعقّد، لم يتطوّر لمواجهة التهديدات الجديدة. ولم يكن ما جرى مجرد خرق أمني، بل هو انهيار مدو لنموذج الردع الجوي التقليدي، فقد تعرّض أمن القواعد الجوية الروسية لصفعة مدوية، لا لقلة تجهيزاتها، بل لأنها عجزت عن حماية نفسها من نمط حرب تجاوز المألوف، وكشف هشاشة الردع حين لا يُواكب التهديد. وهنا تبدأ القصة الأعمق: لماذا بدت روسيا عاجزة عن حماية قواعدها؟ وهل ما جرى يُنذر بنهاية عصر "القاعدة الجوية المحصنة" في الحرب الحديثة؟ مركز راند والاستشراف المبكر على امتداد القرن العشرين، مثّلت القواعد الجوية مراكز ثقل في العقائد العسكرية للقوى العظمى. فمن مطارات بيرل هاربر الأميركية -التي فجّرت الحرب في المحيط الهادي ودفعت واشنطن لخوض الحرب العالمية الثانية، إلى قواعد الناتو المحصّنة في أوروبا الغربية- كانت القواعد الجوية دوماً محاور ارتكاز تعزز القدرة على المبادرة، ونقل الحرب إلى أراضي الخصوم، وردعهم قبل أن يقتربوا من أراضي الدولة المدافعة. وقد أسهمت الثورة في الشؤون العسكرية منذ تسعينيات القرن الماضي، بما فيها الدقة العالية والتفوق الجوي للقوى الكبرى، في جعل القواعد الجوية من الأصول التي تُبنى حولها الإستراتيجية وليس مجرد كونها أدوات لوجستية لخدمة العمليات. ولكن مع دخول الحروب المعاصرة في طور اللامركزية واللا تناظر، أصبحت القواعد الجوية أهدافًا مكشوفة على مدار الساعة، تحت تهديد مستمر من مسيّرات صغيرة ورخيصة قادرة على إحراج إمبراطوريات دفاعية تتكلف مليارات الدولارات. ودفع هذا التحول مراكز التفكير العسكري، وعلى رأسها مركز راند التابع للقوات الجوية الأميركية، إلى دراسة احتماليات انهيار الدفاعات الجوية التقليدية، والتحديات الكامنة في الدفاع عن القواعد الجوية عبر دراسة نقاط ضعفها، وإعادة التفكير في تموضعها وهيكليتها وتوزيعها. وتبرز خلاصة مكثفة تُجمع عليها دراسات راند العديدة التي تناولت الموضوع، وهي أن الاعتماد على قواعد جوية مركزية وكبيرة وثابتة يمثل مخاطرة إستراتيجية. فهذه القواعد، رغم قدرتها على تشغيل عدد كبير من الطائرات وتوفير لوجستيات عالية الكفاءة، تتحول إلى أهداف مثالية لهجوم من الأعداء يستخدم وسائل دقيقة أو يصعب رصدها، مثل المسيّرات الصغيرة أو الصواريخ منخفضة التوقيع الراداري. وإحدى أكثر الطروحات إثارة في دراسات راند تتمثل في التحذير من التهديدات "من الداخل" سواء أكانت عبر نشر طائرات مسيرة في مناطق قريبة من القواعد الجوية، أو من خلال استخدام مدنيين أو مقاتلين غير نظاميين لإطلاق هجمات مباغتة. ففي تقرير بعنوان "الدفاع عن القواعد الجوية في عصر الطائرات المسيّرة الصغيرة" صدر عام 2021، حذر الخبراء من أن صغر حجم الطائرات المسيرة وانخفاض تكلفتها يجعلها أداة مثالية للهجوم داخل العمق، لا سيما إذا جرى إطلاقها من مسافات قريبة يصعب على الدفاعات التقليدية التعامل معها. وفي تقرير آخر صدر عام 2020 بعنوان "الدفاع عن القواعد الجوية: إعادة التفكير في بيئة التهديدات" يحذّر مركز راند من أن منطق "الكتلة الفعّالة" الذي لطالما حكم تشغيل القواعد الجوية الكبرى لم يعد ملائمًا في بيئة قتالية باتت مشبعة بأنظمة الاستشعار الدقيقة والقدرات الهجومية بعيدة المدى. ففي زمن يمكن فيه لصاروخ واحد أن يشلّ مدرجًا أو يدمّر حظيرة طائرات رئيسية داخل قاعدة مترامية، تتحول وفرة الإمكانات إلى مكمن هشاشة، ويغدو الاعتماد على قاعدة واحدة ضخمة نقطة ضعف إستراتيجية فادحة، لا مصدرًا للقوة. إعلان وبالتالي دعا التقرير إلى المزج بين الدفاع النشط بواسطة أنظمة الدفاع الجوي، والدفاع السلبي بواسطة إخفاء الطائرات، وتوزيعها، واستخدام منشآت مموهة، وهو ما لم تفعله روسيا حسب المقاطع المصورة التي تظهر الهجوم الأوكراني، حيث تظهر الطائرات الروسية جاثمة على مدارج الطيران دون حماية أو تمويه. وكل ما قيل في أدبيات راند بدا وكأنه توقع نظري بعيد، حتى جاء الهجوم الأوكراني الأخير ليثبت -على نحو صادم- أن أكثر التهديدات احتمالا لم يعد افتراضًا أكاديميًا، بل أصبح واقعًا ميدانيًا يعيد تشكيل خرائط القوة في الحرب المعاصرة. رسائل الهجوم الأوكراني على القواعد الجوية الروسية لم يكن الهجوم الأوكراني في يونيو/حزيران 2025 على 5 قواعد جوية تعتبر أعمدة أساسية في منظومة الردع والقدرة الجوية الروسية، مجرد تصعيد تكتيكي، بل يمكن اعتباره تحولا نوعيا في نمط الحرب التي تخوضها أوكرانيا ضد روسيا منذ عام 2022. إذ شكّل هذا الهجوم أول محاولة متكاملة لتقويض الردع الجوي الروسي داخل العمق الإستراتيجي، باستخدام وسائل غير تقليدية، في استعراض بالغ الجرأة والتخطيط المحكم. واعتمد الهجوم الأوكراني على مزيج متقن من الطائرات المسيّرة صغيرة الحجم التي تم تهريبها إلى داخل روسيا، وإطلاقها بواسطة شاحنات مموهة من مسافات قريبة للغاية من محيط القواعد المستهدفة، وضمن موجات هجوم متزامنة لإرباك الدفاعات الجوية الروسية. ورغم الجدل حول حجم الإصابات: هل هي 41 طائرة روسية كما تقول الاستخبارات العسكرية أوكرانية؟ أم الأمر يقتصر على 13 طائرة وفق ما أوردته واشنطن بوست نقلا عن صور أقمار صناعية ومقاطع فيديو؟ فقد أرسلت أوكرانيا عدة رسائل بواسطة الهجوم المذكور، من أبرزها أن المعركة لم تعد حدودية، بل دخلت عمق روسيا، حيث يُفترض أن تكون المناطق الأكثر تحصينًا، كما أثبتت أنه في الحرب يمكن موازنة تفوق الخصم عبر تكتيكات مرنة تُبطل معادلات التوازن القديمة. وربما كانت الخسارة الأهم هي النفسية والسياسية، فقد اهتزت صورة السماء المحمية التي روّجت لها موسكو، لا أمام أوكرانيا فقط، بل أمام حلف الناتو وكذلك الدول الصديقة التي تراقب قدرة روسيا على الدفاع عن نفسها. وتلك المعاني أكدت عليها دراسة نشرها مركز راند عام 2022 بعنوان "القوة الجوية تحت الحصار" حيث ركزت على أن ضرب القواعد الجوية لا يُقصد به فقط تدمير الطائرات، بل أيضًا هزّ معنويات الخصم، وتفكيك ثقته في سيطرته الجوية، وتقويض ثقة الجنود والقادة في قدرة الدولة على حمايتهم، وهو ما فعلته أوكرانيا بمهارة. فقد تداولت وسائل الإعلام مشاهد الحريق داخل الأراضي الروسية، وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بمقاطع الانفجارات، مما حول العملية من إنجاز عسكري إلى صفعة مدوية لهيبة الردع الروسي. ولقد أثبت الهجوم الأوكراني أن الحماية لا تكمن فقط في العمق الجغرافي أو في كثافة الدفاعات، بل في المرونة والتفكير غير النمطي. ولعلّ هذا ما يجعل الهجوم يُقرأ، لا كعملية عسكرية وأمنية ناجحة فحسب، بل كإعادة تشكيل عميقة لعقيدة الردع في زمن الحرب اللامتناظرة. كيف تفسر دراسات راند ما حدث؟ لو تحدث خبراء مركز راند عن الهجوم الأوكراني على القواعد الجوية الروسية، فسيقولون "لقد تحقق السيناريو الذي حذرنا منه، لكن في روسيا هذه المرة، لا في المحيط الهادي أو الخليج." فقد قدّمت العملية الأوكرانية تطبيقًا شبه مثالي لما أشارت إليه دراساتهم حول هشاشة القواعد الجوية الكبرى في بيئة القتال الحديثة. ففي دراسة "الدفاع عن القواعد الجوية في عصر الطائرات المسيّرة الصغيرة" ورد تحذير واضح يقول "التكلفة الهجومية للمسيّرات تنخفض باطراد، بينما تظل تكلفة الدفاع قائمة على أنظمة باهظة. العدو الذكي سيهاجمك بأدوات رخيصة تُنهك دفاعاتك المكلفة". وأضافت دراسة أخرى أن "القاعدة الكبيرة هدف يمكن رصده ومراقبته بالأقمار الصناعية، وتعطيله بصاروخ، وتحييده بأداة غير مكلفة. وكلما كبُرت، ازدادت هشاشتها أمام عدو غير متماثل". وهذا ما جسّده الهجوم الأوكراني حرفيًا. كما أكد مركز راند مرارًا أن الدفاع النشط كالمدفعية المضادة للطائرات أو أنظمة الدفاع الجوي لا يمكنها وحدها ردع هجمات غير متماثلة تأتي من عدة محاور باستخدام أدوات هجومية بسيطة. فأين كانت أنظمة "إس-400" أو بانتسير الروسية عندما تسللت المسيّرات؟ بعضها رُصد بعد الهجوم فقط، والبعض الآخر لم يُفعّل لعدم وجود إنذار كافٍ، فأوكرانيا لم تطلق المسيّرات من كييف، بل من مسافات قريبة جدًا من القواعد الجوية الروسية، وفي بعض الأحيان من مناطق لا تخضع لمراقبة عسكرية فعالة. ولقد اختارت روسيا لأسباب -تتعلق بالعقيدة والتقاليد والهياكل البيروقراطية – أن تبقي قواعدها الجوية أشبه ما تكون بقلاع إسمنتية مكشوفة للعين. وهنا، يظهر الخلل في فهم "الردع" فحين يُبنى على الاستعراض، لا على حسابات التطور التقني، يصبح هشًا أمام خصم يمتلك الإرادة والمبادرة، حتى ولو لم يمتلك الميزانية ولا القوة الكاملة. هجوم لا يحسم الصراع يثبت الهجوم الأوكراني أن منطق الحرب تغيّر. فلم يعد التفوق في عدد الطائرات أو حجم القواعد أو تطور الرادارات كافيًا. بل المهم هو التفكير الابتكاري المصمم على تقويض قواعد اللعبة. وأوضح أن الردع الجوي كما عرفناه خلال قرن كامل ينهار أمام الجميع، ويُستبدل بمنطق جديد يخلط التكنولوجيا المنخفضة بالضربات الدقيقة. إن الهجوم على القواعد الجوية الإستراتيجية في عمق البلاد رغم خطورته، لكنه لا يغيّر موازين القوى العسكرية بين ليلة وضحاها، فهو يحدث تآكلًا بطيئًا في ثقة روسيا بمفاهيم الردع والعمق الإستراتيجي، وقد يساهم في إعادة رسم العقيدة العسكرية الروسية نفسها في مرحلة ما بعد الحرب. وفي المقابل لدى موسكو خيارات عديدة للرد، من قبيل تكثيف الضربات الصاروخية على المدن والمطارات والقواعد العسكرية الأوكرانية والبنية التحتية، كرد انتقامي يهدف إلى إظهار أن كلفة استهداف العمق الروسي موجعة، أو حتى تنفيذ هجمات نوعية في العمق الأوكراني تستهدف مراكز قيادة أو مستشارين عسكريين أجانب. وما بعد هذا الهجوم، لا يخص روسيا فقط، بل يشمل كل دولة تعتمد بشكل كبير على قوتها الجوية وقواعدها الثابتة. فإذا كانت القاذفات الإستراتيجية الروسية قد ضُربت في عمق العمق، فما الذي يمنع تكرار السيناريو أو محاكاته في مواقع أخرى؟ وفي الختام، لم تعد السيطرة على السماء تعني فقط التحليق عاليًا بطائرات أسرع من الصوت، أو نشر بطاريات الدفاع الجوي على امتداد الجبهات. لقد أصبحت السماء نفسها ميدانًا متغيرًا، تتحكم فيه رقائق إلكترونية وطائرات مسيرة. وفي هذا الميدان الجديد لم يعد السؤال: من يسيطر على السماء؟ بل من يُدرك أن السماء تغيّرت؟

هجوم روسي واسع على أوكرانيا بالصواريخ والمُسيرات
هجوم روسي واسع على أوكرانيا بالصواريخ والمُسيرات

الجزيرة

timeمنذ 9 ساعات

  • الجزيرة

هجوم روسي واسع على أوكرانيا بالصواريخ والمُسيرات

أفادت وسائل إعلام روسية -اليوم الجمعة- أن القوات الروسية شنت هجوما واسعا على أوكرانيا بالصواريخ والمُسيرات، وأوضحت أن الهجوم استهدف مواقع عسكرية وبنى تحتية في كييف و9 مقاطعات أوكرانية أخرى. في المقابل، أعلن عمدة موسكو إسقاط 6 مسيرات أوكرانية كانت متجهة إلى العاصمة الروسية، فيما أفادت هيئة الطيران الفيدرالية الروسية بتعليق حركة الملاحة الجوية في مطارات موسكو ومدينة كالوغا. وأفادت وسائل إعلام روسية باندلاع حريق بمبنى سكني في مدينة إنغلز إثر استهدافه بمسيرة أوكرانية، وقالت إن هجمات بمسيرات أوكرانية استهدفت المدينة التي تقع بمقاطعة ساراتوف الروسية. وأمس الخميس أفادت الإدارة العسكرية في سومي بشمال شرقي أوكرانيا بتعرض 35 حيا في 17 بلدة لـ100 هجوم روسي مدفعي وصاروخي وبالمسيرات، بينما قُتل 5 أشخاص على الأقل، أحدهم طفل في عامه الأول، في هجوم روسي بطائرات مسيّرة استهدف مدينة بريلوكي في شمال البلاد. وقال مسؤول أوكراني محلي على تليغرام إن الهجوم "ألحق أضرارا بمبان في منطقة سكنية" وأوقع فضلا عن القتلى 6 جرحى نُقلوا إلى المستشفى. ومنذ 24 فبراير/شباط 2022 تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا، وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام إلى كيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف تدخلا في شؤونها. وأسفرت الحرب عن مقتل أكثر من 12 ألف مدني أوكراني، وفقًا للأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الجنود من كلا الجانبين على طول خط المواجهة الذي يبلغ طوله حوالي ألف كيلومتر. وتستمر حرب الاستنزاف بين الجانبين رغم الجهود التي تقودها الولايات المتحدة للتوسط في اتفاق سلام.

هل تريد أوكرانيا وروسيا فعلاً إنهاء الحرب؟
هل تريد أوكرانيا وروسيا فعلاً إنهاء الحرب؟

الجزيرة

timeمنذ 13 ساعات

  • الجزيرة

هل تريد أوكرانيا وروسيا فعلاً إنهاء الحرب؟

في الآونة الأخيرة، كثرت المقارنات بين الحرب الدائرة في أوكرانيا، والحرب الكورية التي اندلعت في أوائل خمسينيات القرن الماضي. فالحرب الكورية انتهت دون منتصر واضح، حيث توقفت الأعمال العدائية بتوقيع هدنة في عام 1953، دون أن يتبعها معاهدة سلام رسمية، مما أبقى شبه الجزيرة الكورية في حالة حرب تقنية، معلّقة في هدنة غير مستقرة، ومقسّمة على طول خط العرض 38. فهل يمكن أن تسير أوكرانيا نحو نتيجة مماثلة؟ في العديد من الجوانب، يعكس الجمود الحالي ديناميكيات الحرب الكورية. فكوريا الشمالية اعتمدت على دعم الصين والاتحاد السوفياتي، بينما دعمت الولايات المتحدة كوريا الجنوبية. وبعد سلسلة من الهجمات والهجمات المضادة، تباطأت وتيرة الصراع إلى حرب استنزاف، مما أدّى إلى مفاوضات هدنة استمرّت عامَين. اليوم، تقاتل روسيا، مدعومة من الصين، في أوكرانيا، التي يدعم جيشَها حلفاؤها الغربيون. في العام الماضي، تباطأت وتيرة الصراع، ولم تعد خريطة الخطوط الأمامية تشهد تغييرات دراماتيكية. لكن، وعلى عكس الحرب الكورية، تبدو احتمالات التوصل إلى هدنة هنا ضئيلة بعد ثلاث سنوات من القتال. فالهجوم الدبلوماسي والسياسي الذي شنّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإجبار الطرفين على وضع أسلحتهم، لم يؤتِ ثماره. كلا الجانبين يتحدثان عن هدنة، لكنهما يتصرّفان كما لو أنهما يريدان استمرار الحرب. في يوم الأحد، صُبّت جرعة جديدة من الوقود على النار. أطلقت أوكرانيا سلسلة من الضربات الدقيقة والمدمرة والمؤلمة إستراتيجيًا ضد المطارات العسكرية الروسية. ويُقال إن الأضرار التي لحقت بها تصل إلى 7 مليارات دولار. تم استهداف 41 طائرة- حوالي ثلث أسطول القاذفات الإستراتيجية الروسية. بالتوازي، انهار جسران في منطقتين روسيتين متاخمتين لأوكرانيا، مما أدى إلى خروج القطارات عن مسارها؛ وقالت السلطات المحلية إنها تشتبه في حدوث تخريب. قبل أسبوع من ذلك، أرسلت روسيا سربًا من أكثر من 900 طائرة بدون طيار وعشرات الصواريخ، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 16 مدنيًا، بينهم ثلاثة أطفال، في أوكرانيا. وفي يوم الاثنين، أطلق الجيش الروسي وابلًا من الصواريخ إلى عمق الأراضي الأوكرانية، مستهدفًا معسكر تدريب للجنود فقُتل 12 شخصًا. يبدو أن توقيت هذه الهجمات قد تم اختياره عمدًا. فقد جاءت قبل المرحلة الأخيرة من محادثات السلام، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت مثل هذه الإيماءات تهدف إلى تعزيز موقف كل جانب في المفاوضات، أو تقويض العملية برمتها. ليست هذه هي المرة الأولى التي يكثف فيها الجانبان الهجمات عند اقتراب المحادثات. في العام الماضي، وقبل أن تبدأ موسكو وكييف التفاوض على هدنة جزئية، شنت أوكرانيا توغلًا في كورسك. فشلت الجهود المبذولة لجلب الجانبين إلى طاولة المفاوضات. هذه المرّة، اختارت روسيا التقليل من شأن الانفجارات التي وقعت يوم الأحد 1يونيو/ حزيران الجاري في عمق أراضيها. اعترفت وزارة الدفاع الروسية على مضض بأن "عدة وحدات من الطائرات اشتعلت فيها النيران"، لكنها لم تصدر تهديدًا صريحًا بالانتقام. بدلًا من تقديم احتجاج رسمي، توجه أعضاء الوفد الروسي إلى إسطنبول لإجراء مفاوضات مع نظرائهم الأوكرانيين. في يوم الاثنين، التقى الجانبان وتمكّنا من التوصل إلى اتفاق بشأن مسألتين: تبادل الأسرى بما لا يقل عن 1000 جندي من كل جانب، والعودة المحتملة لـ 10 أطفال أوكرانيين تم اختطافهم من قبل السلطات الروسية. لم يكن هناك تقدم بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار. كان من الواضح أن موسكو وكييف غير مستعدتين لمحادثات جادة. لدى القيادة في العاصمتين أسبابهما لتجنب إصدار أمر بوقف إطلاق النار. لقد أظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مرارًا وتكرارًا، أنه لن يسمح للآخرين بفرض شروط عليه؛ فهو يفضل تحديدها بنفسه. بصفته المهندس الرئيسي لهذه الحرب، يحصل على كل ما يريد: توسيع النفوذ السياسي، مكاسب إقليمية، وصراع طويل الأمد يعزز صورته في الداخل. يبدو أنه مستعد لتعذيب أوكرانيا ما دامت أنها بقيت هي – أو هو – على قيد الحياة. من جانبه، ليس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من النوع الذي يستسلم أو يتراجع. وبغض النظر عن شجاعته وعناده، من الواضح أن الحرب أعطته ما لم يستطع السلام أن يقدمه: الشعبية الدائمة، التدفق المستمر للمساعدات الدولية، والسيطرة القوية على السلطة. إذا رأى الأوكرانيون أن الهدنة المبرمة مع روسيا شكل من أشكال الاستسلام، فقد لا تستمر رئاسة زيلينسكي لأشهر، وربما حتى لأسابيع. هذا الخطر يثقل كاهله. في غضون ذلك، يبدو أن الغرب مستعد لتوفير الموارد لمواصلة الجهد الحربي، مما يمنح كييف مزيدًا من الثقة. في 3 يونيو/ حزيران، ضرب الجيش الأوكراني جسر كيرتش في شبه جزيرة القرم، وهو هيكل شيدته روسيا بعد ضمها غير القانوني لشبه الجزيرة الأوكرانية. يعد الجسر رمزًا لطموح بوتين الإمبراطوري وشريانًا إستراتيجيًا يربط روسيا بالقرم المحتلة. من المؤكد أن الهجوم عليه سيستدعي ردًا. ما هو شكل هذا الرد؟.. سنعرفه على الأرجح قريبًا. لقد رفعت أوكرانيا من رهاناتها على الدعم الغربي. قد تدخل الحرب مرحلة جديدة وأكثر خطورة: مرحلة لا تحددها الخطوط الأمامية، بل الهجمات الرمزية والانتقام الساحق. إعلان بالنسبة للعديد من الأوكرانيين العاديين، تحوّل الأمل الهش في إمكانية توقف القتال إلى شعور قاتم بأن الحرب ستستمر لأشهر، إن لم يكن لسنوات. من بيننا متفائلون يعتقدون بقوة أن أوكرانيا ستنتصر في النهاية. وعلى الجانب الآخر، هناك متشائمون يجادلون بأن هزيمة عدو يفوقنا حجمًا وقوة عسكرية وإيرادات ضخمة من مبيعات الهيدروكربونات، هو أمر مستحيل. السياسة والحرب ليستا عن العدالة أو الأخلاق. الحرب تتغذى على الأرواح البشرية. تستمر ما دام القادة يغضون الطرف عن معاناة شعوبهم. في الوقت الحالي، لا توجد علامة على أن القيادات الأوكرانية والروسية مستعدة للتوصل إلى حلّ وسط. وهذا لا يبشّر بالخير للأوكرانيين العاديين الذين يتحمّلون وطأة هذه الحرب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store