
مشكلة صحية خطرة تغذيها أزمة السكن في بريطانيا
تعيش كيرا، البالغة من العمر 46 سنة، داخل شقة في مدينة توتنهام مع ابنتها التي تبلغ من العمر 16 سنة. منذ أشهر، حاولت إقناع مالك شقتها بإصلاح مشكلة العفن المتفشي داخل المنزل، لكن دون جدوى. وبينما يزداد قلقها من تأثير هذه الظروف السكنية في صحتها وصحة ابنتها، ترى أن الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
وتقول كيرا "أنا مريضة طوال الوقت، وكأن وجودي داخل هذا البيت يجعلني أسوأ حالاً. عانيت ارتفاع ضغط الدم والقلق الزائد، وراجعت الطبيب معتقدة أن العفن هو المشكلة، بسبب السعال المستمر الذي لا يهدأ"، مضيفة "أمضيت وقتاً طويلاً في عيادات الأطباء، وأصبح منزلي مليئاً بالأدوية كما لو أننا نعيش في صيدلية".
وعلى رغم أن مفتشي الصحة في المجلس يزورون الشقة بانتظام، ويحاولون الضغط على المالك لإصلاح المشكلة، إلا أن كيرا أكدت أن أحد المفتشين أخبرها أخيراً بأن المجلس لا يستطيع إلزام المالك باتخاذ أي إجراء. وفي هذا السياق، أشار المجلس إلى أن المالك أجرى "تحسينات مهمة" بعد تدخلهم.
بعد فترة وجيزة، تلقت كيرا إخطاراً بالإخلاء بموجب المادة 21 المعروف باسم "الإخلاء من دون خطأ"، يطلب منها فيه مغادرة الشقة التي عاشت فيها لمدة أربعة أعوام. وهي الآن تبحث عن مكان جديد يمكن أن تسميه "منزلاً"، بينما تحاول ابنتها الاستعداد لاختبارات الشهادة العامة للتعليم الثانوي (GCSE) المقبلة.
تقول كيرا "لا أريد أن يؤثر هذا فيها، لأنها كانت تعمل بجد وتدرس وتأخذ دروساً إضافية. أنا قلقة جداً عليها".
قالت كيرا إن أحد المفتشين أخبرها بأن المجلس البلدي لا يستطيع إلزام مالك المنزل باتخاذ أي إجراء (مزود لاندبندنت)
ما تعيشه كيرا يمثل حال شريحة واسعة من المستأجرين الذين يواجهون ظروفاً سكنية صعبة في بريطانيا. ففقد كشف مسح جديد، هو الأول من نوعه، شمل آلاف العاملين في القطاع الصحي، أن معظمهم يعتقدون أن مشكلات السكن تسهم في تفاقم الأوضاع الصحية في المملكة المتحدة. أُجري الاستطلاع من قبل مؤسسة "ميدآكت" Medact الخيرية المعنية بالعدالة الصحية، وشمل أكثر من ألفي عامل في القطاع الصحي، من بينهم ممرضون وأطباء، ووجد أن ثلثي المشاركين يعتقدون أن جعل الإيجارات أكثر قدرة على التحمل من شأنه أن يخفف الضغط على "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" (أن أتش أس).
وفي السياق نفسه، أفاد عدد مماثل من العاملين في القطاع الصحي أنهم يشهدون حالات عديدة من الأطفال الذين يعانون مشكلات صحية نتيجة الظروف السكنية غير المستقرة. وأشار سبعة من كل 10 من العاملين في هذا القطاع إلى أن هذه الظروف تؤدي إلى تدهور الصحة النفسية لعدد من المرضى.
هذه المعطيات الصادمة جزء من تقرير "البيت المريض" الذي أعدته منظمة "ميدآكت". التقرير يعرض توصيات لمعالجة آثار أزمة السكن على الصحة العامة، والتي تشمل بناء مزيد من المساكن الاجتماعية عالية الجودة، وتوفير رقابة فعالة على الإيجارات.
الدكتور أماران أوثاياكومار كوماراسامي عضو في "ميدآكت" وطبيب أطفال، يعالج مشكلات صحية يومياً للأطفال الذين يعانون بسبب الظروف السكنية السيئة. وفي حديثه مع "اندبندنت" أشار إلى أن "عدداً من الحالات التي أراها أصبحت مرتبطة بصورة متزايدة بالظروف السكنية التي يعيش فيها الأطفال".
وأشار طبيب الأطفال إلى وفاة الطفل أواب إسحاق البالغ من العمر عامين خلال عام 2020، والتي نجمت عن حالة تنفسية سببتها ظروف العفن الرطبة داخل الشقة التي كان يعيش فيها.
أثارت وفاة الطفل مراجعة للإرشادات الخاصة بالمؤجرين، وأدت في نهاية المطاف إلى إقرار "قانون أواب" خلال عام 2023، الذي سيلزم الملاك في قطاع الإسكان الاجتماعي اعتباراً من أكتوبر (تشرين الأول) هذا العام بإصلاح مشكلات الرطوبة والعفن الخطرة ضمن إطار زمني محدد. وخلال فبراير (شباط)، تعهد حزب العمال الحاكم بتوسيع نطاق هذا القانون ضمن مشروع قانون حقوق المستأجرين، ليشمل الملاك في القطاع الخاص.
لكن، كما يشير الدكتور أماران "مشكلة العفن والرطوبة ليست سوى البداية. فالأزمة الأكبر تتمثل في كيف أصبح السكن غير ميسر لعدد من الأشخاص، إذ إن نسبة كبيرة من الدخل الشهري تذهب للإيجار، مما يترك الأسر دون المال الكافي لتلبية حاجاتها الأساس مثل فواتير الطاقة أو مستلزمات المدرسة".
ويقول "هذا يعني أن الأسر تجد نفسها عاجزة عن تغطية نفقات أساس مثل زي المدرسة، أو معدات الرياضة أو حتى المشاركة في الأندية الاجتماعية والرياضية التي تسهم في صحة الأطفال".
ومن جانبها، قالت الدكتورة آبي أوكونور الباحثة في "مؤسسة الاقتصاد الجديد "New Economics Foundation (منظمة فكرية بريطانية تعنى بتعزيز العدالة الاجتماعية)، إن "الأزمة السكنية التي تشهدها البلاد تتفاقم بسبب السماح للملاك من القطاع الخاص برفع الإيجارات إلى مستويات غير معقولة"، مضيفة أن "هذا الوضع يسهم في تدهور صحة الناس واقتصاد البلاد بصورة عامة".
وأكدت أنه "إذا كانت الحكومة ترغب في تحسين الأوضاع الاقتصادية لمصلحة المواطنين العاديين، فإن الحل يكمن في معالجة أزمة الإيجارات المرتفعة".
وفي ما يخص الحلول المستقبلية، دعت أوكونور إلى فرض ضوابط على الإيجارات في المدى القصير لضمان استقرار الأسر. وشددت على أهمية بناء مزيد من المساكن الاجتماعية خلال المدى الطويل لتوفير بيئات سكنية آمنة وميسورة لجميع المواطنين.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي رد على الوضع السكني لكيرا، قالت نائبة رئيس مجلس بلدية هارينغاي وعضو المجلس المسؤول عن الإسكان والتخطيط سارة ويليامز "أولويتنا هي تحسين معايير المنازل المستأجرة في القطاع الخاص لضمان أن يعيش المستأجرون داخل بيئات صحية وآمنة ومدارة بصورة جيدة"، مضيفة أنه "بعد تقرير حول تدني معايير الشقق المستأجرة، قام المالك بإجراء تحسينات على العقار، بما في ذلك تركيب عزل حراري في الجدران الداخلية، وإضافة فتحات تهوية للمساعدة في معالجة مشكلات الرطوبة والعفن".
واستطردت "فريقنا المتخصص مستعد لتقديم مزيد من الدعم للمستأجرين الذين يواجهون مشكلات مماثلة".
من جانب آخر، قال متحدث باسم وزارة الإسكان والمجتمعات والحكومة المحلية إن "الحكومة الحالية ورثت أزمة سكنية كبيرة، جعلت حلم امتلاك منزل يبدو بعيداً من متناول جيل كامل من الشباب".
وأضاف "بموجب خطة التغيير الحكومية، سيتم توفير 1.5 مليون منزل جديد، إضافة إلى تطبيق قانون حقوق المستأجرين الذي يهدف إلى تحقيق توازن بين حقوق الملاك والمستأجرين في القطاع الخاص.
ختاماً، أكدت الوزارة أنها بصدد تطبيق معيار "المنازل اللائقة" للمرة الأولى على المنازل المستأجرة في القطاع الخاص، لضمان أن تكون المنازل آمنة ومستقرة وخالية من الأخطار، إضافة إلى التصدي لمشكلة تدني جودة السكن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- Independent عربية
مشكلة صحية خطرة تغذيها أزمة السكن في بريطانيا
تعيش كيرا، البالغة من العمر 46 سنة، داخل شقة في مدينة توتنهام مع ابنتها التي تبلغ من العمر 16 سنة. منذ أشهر، حاولت إقناع مالك شقتها بإصلاح مشكلة العفن المتفشي داخل المنزل، لكن دون جدوى. وبينما يزداد قلقها من تأثير هذه الظروف السكنية في صحتها وصحة ابنتها، ترى أن الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. وتقول كيرا "أنا مريضة طوال الوقت، وكأن وجودي داخل هذا البيت يجعلني أسوأ حالاً. عانيت ارتفاع ضغط الدم والقلق الزائد، وراجعت الطبيب معتقدة أن العفن هو المشكلة، بسبب السعال المستمر الذي لا يهدأ"، مضيفة "أمضيت وقتاً طويلاً في عيادات الأطباء، وأصبح منزلي مليئاً بالأدوية كما لو أننا نعيش في صيدلية". وعلى رغم أن مفتشي الصحة في المجلس يزورون الشقة بانتظام، ويحاولون الضغط على المالك لإصلاح المشكلة، إلا أن كيرا أكدت أن أحد المفتشين أخبرها أخيراً بأن المجلس لا يستطيع إلزام المالك باتخاذ أي إجراء. وفي هذا السياق، أشار المجلس إلى أن المالك أجرى "تحسينات مهمة" بعد تدخلهم. بعد فترة وجيزة، تلقت كيرا إخطاراً بالإخلاء بموجب المادة 21 المعروف باسم "الإخلاء من دون خطأ"، يطلب منها فيه مغادرة الشقة التي عاشت فيها لمدة أربعة أعوام. وهي الآن تبحث عن مكان جديد يمكن أن تسميه "منزلاً"، بينما تحاول ابنتها الاستعداد لاختبارات الشهادة العامة للتعليم الثانوي (GCSE) المقبلة. تقول كيرا "لا أريد أن يؤثر هذا فيها، لأنها كانت تعمل بجد وتدرس وتأخذ دروساً إضافية. أنا قلقة جداً عليها". قالت كيرا إن أحد المفتشين أخبرها بأن المجلس البلدي لا يستطيع إلزام مالك المنزل باتخاذ أي إجراء (مزود لاندبندنت) ما تعيشه كيرا يمثل حال شريحة واسعة من المستأجرين الذين يواجهون ظروفاً سكنية صعبة في بريطانيا. ففقد كشف مسح جديد، هو الأول من نوعه، شمل آلاف العاملين في القطاع الصحي، أن معظمهم يعتقدون أن مشكلات السكن تسهم في تفاقم الأوضاع الصحية في المملكة المتحدة. أُجري الاستطلاع من قبل مؤسسة "ميدآكت" Medact الخيرية المعنية بالعدالة الصحية، وشمل أكثر من ألفي عامل في القطاع الصحي، من بينهم ممرضون وأطباء، ووجد أن ثلثي المشاركين يعتقدون أن جعل الإيجارات أكثر قدرة على التحمل من شأنه أن يخفف الضغط على "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" (أن أتش أس). وفي السياق نفسه، أفاد عدد مماثل من العاملين في القطاع الصحي أنهم يشهدون حالات عديدة من الأطفال الذين يعانون مشكلات صحية نتيجة الظروف السكنية غير المستقرة. وأشار سبعة من كل 10 من العاملين في هذا القطاع إلى أن هذه الظروف تؤدي إلى تدهور الصحة النفسية لعدد من المرضى. هذه المعطيات الصادمة جزء من تقرير "البيت المريض" الذي أعدته منظمة "ميدآكت". التقرير يعرض توصيات لمعالجة آثار أزمة السكن على الصحة العامة، والتي تشمل بناء مزيد من المساكن الاجتماعية عالية الجودة، وتوفير رقابة فعالة على الإيجارات. الدكتور أماران أوثاياكومار كوماراسامي عضو في "ميدآكت" وطبيب أطفال، يعالج مشكلات صحية يومياً للأطفال الذين يعانون بسبب الظروف السكنية السيئة. وفي حديثه مع "اندبندنت" أشار إلى أن "عدداً من الحالات التي أراها أصبحت مرتبطة بصورة متزايدة بالظروف السكنية التي يعيش فيها الأطفال". وأشار طبيب الأطفال إلى وفاة الطفل أواب إسحاق البالغ من العمر عامين خلال عام 2020، والتي نجمت عن حالة تنفسية سببتها ظروف العفن الرطبة داخل الشقة التي كان يعيش فيها. أثارت وفاة الطفل مراجعة للإرشادات الخاصة بالمؤجرين، وأدت في نهاية المطاف إلى إقرار "قانون أواب" خلال عام 2023، الذي سيلزم الملاك في قطاع الإسكان الاجتماعي اعتباراً من أكتوبر (تشرين الأول) هذا العام بإصلاح مشكلات الرطوبة والعفن الخطرة ضمن إطار زمني محدد. وخلال فبراير (شباط)، تعهد حزب العمال الحاكم بتوسيع نطاق هذا القانون ضمن مشروع قانون حقوق المستأجرين، ليشمل الملاك في القطاع الخاص. لكن، كما يشير الدكتور أماران "مشكلة العفن والرطوبة ليست سوى البداية. فالأزمة الأكبر تتمثل في كيف أصبح السكن غير ميسر لعدد من الأشخاص، إذ إن نسبة كبيرة من الدخل الشهري تذهب للإيجار، مما يترك الأسر دون المال الكافي لتلبية حاجاتها الأساس مثل فواتير الطاقة أو مستلزمات المدرسة". ويقول "هذا يعني أن الأسر تجد نفسها عاجزة عن تغطية نفقات أساس مثل زي المدرسة، أو معدات الرياضة أو حتى المشاركة في الأندية الاجتماعية والرياضية التي تسهم في صحة الأطفال". ومن جانبها، قالت الدكتورة آبي أوكونور الباحثة في "مؤسسة الاقتصاد الجديد "New Economics Foundation (منظمة فكرية بريطانية تعنى بتعزيز العدالة الاجتماعية)، إن "الأزمة السكنية التي تشهدها البلاد تتفاقم بسبب السماح للملاك من القطاع الخاص برفع الإيجارات إلى مستويات غير معقولة"، مضيفة أن "هذا الوضع يسهم في تدهور صحة الناس واقتصاد البلاد بصورة عامة". وأكدت أنه "إذا كانت الحكومة ترغب في تحسين الأوضاع الاقتصادية لمصلحة المواطنين العاديين، فإن الحل يكمن في معالجة أزمة الإيجارات المرتفعة". وفي ما يخص الحلول المستقبلية، دعت أوكونور إلى فرض ضوابط على الإيجارات في المدى القصير لضمان استقرار الأسر. وشددت على أهمية بناء مزيد من المساكن الاجتماعية خلال المدى الطويل لتوفير بيئات سكنية آمنة وميسورة لجميع المواطنين. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وفي رد على الوضع السكني لكيرا، قالت نائبة رئيس مجلس بلدية هارينغاي وعضو المجلس المسؤول عن الإسكان والتخطيط سارة ويليامز "أولويتنا هي تحسين معايير المنازل المستأجرة في القطاع الخاص لضمان أن يعيش المستأجرون داخل بيئات صحية وآمنة ومدارة بصورة جيدة"، مضيفة أنه "بعد تقرير حول تدني معايير الشقق المستأجرة، قام المالك بإجراء تحسينات على العقار، بما في ذلك تركيب عزل حراري في الجدران الداخلية، وإضافة فتحات تهوية للمساعدة في معالجة مشكلات الرطوبة والعفن". واستطردت "فريقنا المتخصص مستعد لتقديم مزيد من الدعم للمستأجرين الذين يواجهون مشكلات مماثلة". من جانب آخر، قال متحدث باسم وزارة الإسكان والمجتمعات والحكومة المحلية إن "الحكومة الحالية ورثت أزمة سكنية كبيرة، جعلت حلم امتلاك منزل يبدو بعيداً من متناول جيل كامل من الشباب". وأضاف "بموجب خطة التغيير الحكومية، سيتم توفير 1.5 مليون منزل جديد، إضافة إلى تطبيق قانون حقوق المستأجرين الذي يهدف إلى تحقيق توازن بين حقوق الملاك والمستأجرين في القطاع الخاص. ختاماً، أكدت الوزارة أنها بصدد تطبيق معيار "المنازل اللائقة" للمرة الأولى على المنازل المستأجرة في القطاع الخاص، لضمان أن تكون المنازل آمنة ومستقرة وخالية من الأخطار، إضافة إلى التصدي لمشكلة تدني جودة السكن.


Independent عربية
١٣-٠٣-٢٠٢٥
- Independent عربية
ستارمر سيلغي إدارة الخدمة الصحية الوطنية في إنجلترا
أعلن رئيس الوزراء البريطاني كيير ستارمر أن حكومته ستلغي الخدمة الصحية الوطنية (أن أتش أس) في إنجلترا وتعيد الخدمة الصحية لوزارة الصحة، فيما وصفه بأنه "عودة للسيطرة الديمقراطية". وقال ستارمر اليوم الخميس إن إلغاء هذه الهيئة، وهي أكبر إدارة حكومية مستقلة في العالم وتوظف أكثر من 15 ألف شخص، "سيعيد خدمة الصحة الوطنية للحكومة ويحررها من القيود البيروقراطية لتركز على المرضى". وكانت حكومة ديفيد كاميرون الائتلافية من "حزب المحافظين" و"حزب الليبراليين الديمقراطيين" قررت عام 2012 إنشاء خدمة الصحة الوطنية في إنجلترا لتكون مستقلة عن الحكومة، وقلصت آنذاك سلطة وزارة الصحة التي كان يتولاها أندرو لانسلي على الخدمة الصحية الوطنية والتي أصبحت تعمل بالتنسيق مع السلطات المحلية لتوفير الخدمات الصحية بحسب حاجات المناطق. وتأمل حكومة ستارمر العمالية في أنه بإلغاء الهيئة المستقلة يمكنها توفير ما يصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني (129 مليون دولار) من موازنة الخدمة الصحية الوطنية التي تقترب من 200 مليار جنيه إسترليني (258 مليار دولار). وانتقد ستارمر في كلمته اليوم أداء حكومات المحافظين السابقة واتهمها بأنها منحت الاستقلال للخدمة الصحية لأنها لم تكن حكومة تعمل بكفاءة، متعهداً بالقضاء على ازدواجية الوظائف بين الهيئة والوزارة في سياق جهود الحكومة لتقليص ما وصفه بالهدر البيروقراطي، ومشيراً إلى أن تطبيق الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يمكن أن يوفر مليارات الجنيهات للموازنة. مركزية الخدمة لدى الحكومة وجاء الإعلان المفاجئ من رئيس الحكومة متزامناً مع كلمة وزير الصحة ويس ستريتنغ أمام البرلمان اليوم والتي عدد فيها فوائد إلغاء إدارة الخدمة الصحية المستقلة وسيطرة وزارته عليها، ولم يسبق أن أشار ستارمر أو ستريتنغ من قبل لاحتمال إلغاء إدارة الخدمة الصحية الوطنية في إنجلترا، لكن ستريتنغ أعلن الشهر الماضي إجراءات عدة تزيد من نفوذ وزارته في الهيئة المستقلة، مما جعل الرئيسة التنفيذية للهيئة أماندا بريتشارد تستقيل معلنة أنها ستترك منصبها نهاية هذا الشهر. وبعد إعلان ستارمر أصدرت قيادات الصحة في إنجلترا بياناً وصفت فيه الخطوة بأنها أضخم إعادة هيكلة للنظام الصحي، وحذرت من أنها ستؤدي إلى الاضطراب في الخدمة الصحية الوطنية، كما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وفي بيان مشترك قال الرئيس التنفيذي لـ "رابطة خدمة الصحة الوطنية" ماتيو تايلور والرئيس التنفيذي المقبل لموردي خدمة الصحة الوطنية دانيل الكيليس، إن "العاملين سيتفهمون المقصود من هذه الإجراءات، لكنها تأتي في أكثر الأوقات تحدياً مع زيادة الطلب على الرعاية ومحدودية التمويل والحاجة إلى إعادة تشكيل الخدمات التي نقدمها، وبحسب الخبرة التاريخية فإن هذا سيسبب اضطراباً خلال الفترة الانتقالية". أما مدير السياسات في "مؤسسة الصحة" هيو ألدرويك فحذر من تلك الخطوة وأنها "ستضيع وقت وطاقة القادة التنفيذيين في وقت يتعين أن يتركز الاهتمام على تحسين الرعاية المقدمة للمرضى، وتخبرنا التجربة أن إعادة هيكلة مؤسسات الخدمة الصحية الوطنية هي عملية إلهاء ونادراً ما تنتج منها الفوائد التي يتوقعها السياسيون". وأبلغ وزير الصحة النواب في "مجلس العموم" أن العمل على دمج الخدمة الصحية الوطنية في وزارته "سيبدأ على الفور، وأن الاندماج الكامل للهيئة في الوزارة سيجري في غضون عامين". وكان عدد آخر من كبار العاملين في إدارة خدمة الصحة الوطنية في إنجلترا أعلنوا استقالاتهم بالفعل هذا الأسبوع، وأبلغ العاملون في الهيئة أن عملية إلغاء الوظائف قد تشمل 50 في المئة من العاملين في الإدارة. تقليص الحكومة وتقول الحكومة العمالية إن هذه الخطوة تأتي ضمن إصلاح الجهاز الحكومي كله، وافترض ستارمر أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يمكن أن "تلعب دوراً رائعاً" في تحسين وضع الخدمة الصحية الوطنية في إنجلترا، كما أن التحول الرقمي في القطاع العام يمكن أن يوفر للخزانة العامة نحو 45 مليار جنيه إسترليني (58 مليار دولار). وفي السياق أعلن "حزب المحافظين" المعارض دعمه خطوة حكومة العمال إلغاء إدارة خدمة الصحة الوطنية، لكنه حذر من أن وزراء الحكومة يجب أن يخضعوا للمساءلة في شأن أداء الخدمة الصحية، وقال وزير شؤون مجلس الوزراء في حكومة الظل أليكس بورغارت "إننا ندعم إجراءات إعادة هيكلة إدارة 'خدمة الصحة الوطنية' ومسألة نقل المسؤولية المباشرة، وهكذا لن يكون أمام وزراء حكومة العمال الآن عذر في شأن أداء 'خدمة الصحة الوطنية' ولن يمكنهم لوم الآخرين بعد ذلك". وفيما كرر ستارمر تبرير الخطوة بأن غرضها التوفير وتقليل العبء البيروقراطي بما يمكن أن يجعل الخدمة أفضل للأطباء والممرضين والمرضى، لكن العاملين في الهيئة لا يعرفون ما هو مصيرهم، وإن كانت صحيفة "غارديان" ذكرت أن بعضهم سينضم إلى العمل في وزارة الصحة وبعضهم ستلغى وظائفهم ويجري تسريحهم، وإذا كانت الهيئة توظف أكثر من 13 ألف شخص فإن "خدمة الصحة الوطنية" لإنجلترا ككل توظف 1.5 مليون شخص، معظمهم من المهنيين مثل الأطباء والممرضين، ويعمل هؤلاء ضمن 220 مؤسسة صحية. وبحسب "غارديان" فإن بعض مسؤولي الصحة وصفوا الخطوة بأنها مجرد "دعاية إعلامية" لأن الحكومة لها بالفعل سلطة على خدمة الصحة الوطنية حتى في وجود الهيئة، كما نقلت الصحيفة عن وزير صحة سابق قوله إن "المهم هو الجوهر وليس شغل عناوين الأخبار".


Independent عربية
٢٧-٠١-٢٠٢٥
- Independent عربية
اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه قد يقلص عمر الإنسان
أظهرت دراسة جديدة أن البالغين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD قد توافيهم المنية قبل ما يصل إلى 11 عاماً مقارنة بغير المصابين، في وقت يطالب الخبراء بزيادة الاستثمار في العلاجات. يقول هنري شيلفورد، الرئيس التنفيذي لـ"مؤسسة فرط الحركة البريطانية الخيرية" (أي دي أتش دي يو كي) ADHD UK الذي شُخص باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في سن البلوغ، إن التقرير يجب أن يعتبر دعوة عاجلة إلى التحرك من قبل خدمات الصحة الوطنية (أن أتش أس) NHS والحكومة، مضيفاً "التغيير ضروري، ومن دونه تدمر حيوات الناس". ووجدت الدراسة الجديدة أن المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه قد يعيشون أقل من 4.5 إلى 9 سنوات بالنسبة للرجال، ومن 6.5 إلى 11 سنة بالنسبة للنساء، كما لاحظت "وجود نقص كبير في الخدمات المتخصصة لدعم البالغين المصابين في المملكة المتحدة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال جاش سكوت، أستاذ علم النفس في جامعة "كولدج لندن" (UCL) وكبير مؤلفي الدراسة، إن الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب يمكنهم الحياة بهناء إذا تلقوا الدعم والعلاج المناسبين، لكن هذا الدعم غالباً ما يكون غير متوافر، مضيفاً "من المقلق أن يعيش بعض البالغين المصابين باضطراب فرط الحركة حياة أقصر من المفترض." ويقدر "المعهد الوطني للتميز في الصحة والرعاية" National Institute for Health and Care Excellence بأن نحو ثلاثة إلى أربعة في المئة من البالغين في المملكة المتحدة، أي ما يعادل نحو 2.6 مليون شخص، يعانون اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. وعلى رغم أن المصابين بالاضطراب يمكنهم التركيز بصورة كبيرة على الأشياء التي تثير اهتمامهم، فإنهم يجدون صعوبة في التركيز على المهمات الروتينية. كما أن الاضطراب قد يؤدي إلى زيادة الاندفاع والقلق وصعوبة في إدارة الوقت، مما يجعل العمل والتعلم المدرسي أمراً صعباً. وقامت الدراسة التي نشرت في "المجلة البريطانية للطب النفسي" The British Journal of Psychiatry، بفحص بيانات طبية مجهّلة لـ30029 بالغاً في المملكة المتحدة شُخصوا باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وقارنتها مع بيانات 300390 بالغاً غير مصابين. وأفاد الخبراء بأن هذا الاضطراب يعالج بصورة أقل بين البالغين في المملكة المتحدة مقارنة بالدول ذات الدخل المرتفع، وأكدت الدراسة أن أقل من واحد من كل تسعة بالغين مصابين بالاضطراب تم تشخيصهم. وأكد السيد شيلفورد أنه انتظر ثلاثة أعوام للحصول على موعد في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وكانت أوقات الانتظار في جميع أنحاء البلاد مروعة. وفي العام الماضي، أُبلغ بعض المرضى بأن فترة الانتظار تصل إلى 10 سنوات قبل التشخيص. وأضاف "كانت تجربتي مع الاضطراب صعبة جداً، ويُظهر هذا البحث كيف أننا نتحمل بصورة مباشرة كلفة هذا الإهمال". ومن جانبها، أشارت الدكتورة ليز أونيونز، المؤلفة الرئيسة للتقرير من جامعة "كولدج لندن" قسم علم النفس وعلوم اللغة ومعهد برادفورد لأبحاث الصحة، إلى أن نسبة صغيرة فقط من البالغين المصابين بالاضطراب شُخصوا، مما قد يؤدي إلى مبالغة الدراسة في تقدير الفجوة بالعمر المتوقع للأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. وأوضحت "على رغم أن كثيراً من الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يعيشون حياة طويلة وصحية، فإن اكتشافنا بأنهم يعيشون بصورة عامة حياة أقصر مما ينبغي يشير إلى عدم تلبية حاجات الدعم". وأكدت "من الضروري أن نفهم أسباب الوفيات المبكرة لكي نتمكن من وضع استراتيجيات لمنعها في المستقبل". وبدوره أوضح أوليفر هاوز، أستاذ الطب النفسي الجزيئي في معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في "كينغز كوليج لندن" King's College London، أن "الدراسة تسهم في دعم كثير من الأدلة الأخرى التي تشير إلى أن الأشخاص المصابين بأمراض نفسية يعيشون حياة أقصر من غير المصابين"، مضيفاً "تظهر هذه النتائج الحاجة الماسة لزيادة الاستثمار في خدمات الصحة النفسية، ليتمكن المصابون من الحصول على الدعم اللازم". فيما شرح زميله فيليب آشيرسون، أستاذ الطب النفسي الجزيئي في معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في "كينغز كوليج لندن"، أنه "على رغم أن الدراسة لم تحدد أسباب الوفيات المبكرة بصورة قاطعة، فإن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يرتبط بمعدلات أعلى من التدخين والسمنة وأمراض القلب والسرطان، إلى جانب مشكلات صحية أخرى". وقال متحدث باسم وزارة الصحة البريطانية "أوضح تقرير اللورد دارزي مدى تفاقم التراكمات في نظام خدمات الصحة الوطنية بالنسبة إلى الأشخاص الذين ينتظرون التشخيص. ومن خلال خطة التغيير، ستعمل الحكومة على إعادة بناء النظام الصحي وتقليص قوائم الانتظار". وأضاف "يعمل فريق اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في خدمات الصحة الوطنية على جمع الخبرات من مجالات الصحة والتعليم والنظام القضائي لفهم التحديات التي يواجهها المصابون بالاضطراب، بما في ذلك تحسين الوصول السريع إلى الخدمات والدعم".