
محمد عادل الهنتاتي: مصب برج شاكير كارثة بيئية... والحل في تثمين النفايات وتطوير المعالجة الثلاثية
مصب برج شاكير: "كارثة بكل المقاييس"
أكّد الهنتاتي أن المصب قد تجاوز عمره الافتراضي منذ مدة ، محذرًا من "خطر اندلاع حرائق وانبعاث غازات سامة تهدد السكان المجاورين"، في إشارة إلى تأثيراته الخطيرة على أهالي المنطقة و"البرباشة" الذين يعتمدون على فرز النفايات كمورد رزق.
وشدد على أن الفرز الانتقائي للنفايات من قبل هذه الفئة يمكن أن يشكّل جزءًا من الحل، مقترحًا تأسيس شركات أهلية مهيكلة لهم وتقديم ضمانات اجتماعية لتحفيزهم.
خطر النفايات الطبية المدفونة
أبرز الهنتاتي أن "الردم الحالي للنفايات المنزلية يضم نحو 45% من نفايات طبية خطيرة ، ما يشكّل تهديدًا مباشرًا للمائدة المائية والتربة". وأكد أن الردم ليس حلًا بيئيًا مستدامًا ، داعيًا إلى فرز النفايات ومعالجتها بدل طمرها عشوائيًا.
التلوّث البحري و"الحُرّيقة"
تطرّق الحوار إلى ظاهرة تكاثر "الحُرّيقة" البحرية ، التي أرّقت المصطافين هذا الصيف. وأوضح الهنتاتي أن أربع إلى خمس أنواع من الحريقة تنشط في البحر المتوسط ، مضيفًا أن "الأنواع الكبيرة والزرقاء ليست خطيرة، لكن الصغيرة قد تسبب لسعات مؤلمة".
وأشار إلى أن ارتفاع درجات حرارة البحر – والذي فاق المعدلات الطبيعية بخمس أو ست درجات – ساهم في ظهور هذه الكائنات بكثافة غير مسبوقة. وأضاف أن التغيرات المناخية والتلوّث الصناعي لعبا دورًا أساسيًا في اضطراب التوازن البيئي البحري، مستنكرًا الكمية الكبيرة من الملوثات الصناعية التي تُلقى يوميًا في البحر عبر الأودية دون معالجة كافية.
انعدام التنسيق... وإرث التخطيط العمراني الخاطئ
الهنتاتي كشف أن نحو 30% من البناءات في تونس الكبرى تتم خارج أمثلة التهيئة العمرانية ، وهو ما يخلق فجوة في التخطيط البيئي والتطهير. وأشار إلى أن العديد من محطات التطهير تتجاوز طاقتها الاستيعابية، ما يؤدي إلى ضخ المياه الملوثة مباشرة نحو البحر.
دعوة إلى تثمين النفايات وإحياء التجارب الناجحة
تساءل الهنتاتي: "لماذا نواصل الردم رغم أننا بدأنا منذ التسعينات في تجارب التثمين والفرز؟"، مشيدًا بتجارب ناجحة في مناطق مثل حي الخضراء، حيث تعلّم المواطنون الفرز المنزلي. لكنه ندد بأن "كميات النفايات المفرَزة تُعاد خلطها في الشاحنات قبل الوصول إلى المصب"، وهو ما يجعل المجهود الفردي بلا جدوى.
ودعا إلى تحفيز الجمعيات والمبادرات المحلية على إنشاء محطات للفرز، مع تشجيع التخمير واستخراج الطاقة من النفايات العضوية، كما هو معمول به في عدة دول متقدمة.
الرقابة غائبة والإرادة السياسية محدودة
انتقد الخبير ضعف الرقابة البيئية قائلًا: "لدينا القوانين والوكالات والمعدات، لكن لا أحد يراقب بشكل فعلي". وأضاف أن بعض المصانع تواصل تصريف المياه الصناعية دون معالجة ، مشيرًا إلى أن وكالة حماية المحيط تملك سجلات دقيقة بعدد المؤسسات، لكنها لا تتحرك بالشكل المطلوب.
السمك المحلي... آمن؟
طمأن الهنتاتي المواطنين بخصوص سلامة الأسماك المطروحة في الأسواق ، مؤكدًا أن وزارة الصحة والهيئة العليا لسلامة الأغذية تراقبان الأسواق بصرامة. لكنه حذر من بعض الصيادين غير النظاميين الذين يصطادون في مناطق ملوثة أو موانئ مليئة ببقايا المحروقات.
ختامًا: تونس ضحية المناخ... لكنها أيضًا مسؤولة
اختتم الهنتاتي الحوار بالتأكيد على أن تونس تدفع ثمن تغيّرات مناخية لم تتسبّب بها ، لكنها مطالبة في الآن ذاته بتطوير سياسات بيئية واقعية والانتقال من الردم إلى التثمين والمعالجة الثلاثية ، داعيًا إلى تفعيل أدوات المراقبة واستثمار الموارد الوطنية بحوكمة رشيدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Babnet
منذ 17 ساعات
- Babnet
محمد عادل الهنتاتي: مصب برج شاكير كارثة بيئية... والحل في تثمين النفايات وتطوير المعالجة الثلاثية
في حوار ضمن فقرة "الدنيا وما فيها" من برنامج "صباح الورد" على إذاعة الجوهرة أف أم، قدّم الخبير الدولي في البيئة والتنمية المستدامة محمد عادل الهنتاتي قراءة معمّقة لواقع التلوّث البيئي في تونس، وركّز بالأساس على مصب النفايات برج شاكير ، معرّجًا على إشكاليات تلوث البحار ، وتداعيات التغيرات المناخية ، وغياب الحوكمة في مجال التصرف في النفايات. مصب برج شاكير: "كارثة بكل المقاييس" أكّد الهنتاتي أن المصب قد تجاوز عمره الافتراضي منذ مدة ، محذرًا من "خطر اندلاع حرائق وانبعاث غازات سامة تهدد السكان المجاورين"، في إشارة إلى تأثيراته الخطيرة على أهالي المنطقة و"البرباشة" الذين يعتمدون على فرز النفايات كمورد رزق. وشدد على أن الفرز الانتقائي للنفايات من قبل هذه الفئة يمكن أن يشكّل جزءًا من الحل، مقترحًا تأسيس شركات أهلية مهيكلة لهم وتقديم ضمانات اجتماعية لتحفيزهم. خطر النفايات الطبية المدفونة أبرز الهنتاتي أن "الردم الحالي للنفايات المنزلية يضم نحو 45% من نفايات طبية خطيرة ، ما يشكّل تهديدًا مباشرًا للمائدة المائية والتربة". وأكد أن الردم ليس حلًا بيئيًا مستدامًا ، داعيًا إلى فرز النفايات ومعالجتها بدل طمرها عشوائيًا. التلوّث البحري و"الحُرّيقة" تطرّق الحوار إلى ظاهرة تكاثر "الحُرّيقة" البحرية ، التي أرّقت المصطافين هذا الصيف. وأوضح الهنتاتي أن أربع إلى خمس أنواع من الحريقة تنشط في البحر المتوسط ، مضيفًا أن "الأنواع الكبيرة والزرقاء ليست خطيرة، لكن الصغيرة قد تسبب لسعات مؤلمة". وأشار إلى أن ارتفاع درجات حرارة البحر – والذي فاق المعدلات الطبيعية بخمس أو ست درجات – ساهم في ظهور هذه الكائنات بكثافة غير مسبوقة. وأضاف أن التغيرات المناخية والتلوّث الصناعي لعبا دورًا أساسيًا في اضطراب التوازن البيئي البحري، مستنكرًا الكمية الكبيرة من الملوثات الصناعية التي تُلقى يوميًا في البحر عبر الأودية دون معالجة كافية. انعدام التنسيق... وإرث التخطيط العمراني الخاطئ الهنتاتي كشف أن نحو 30% من البناءات في تونس الكبرى تتم خارج أمثلة التهيئة العمرانية ، وهو ما يخلق فجوة في التخطيط البيئي والتطهير. وأشار إلى أن العديد من محطات التطهير تتجاوز طاقتها الاستيعابية، ما يؤدي إلى ضخ المياه الملوثة مباشرة نحو البحر. دعوة إلى تثمين النفايات وإحياء التجارب الناجحة تساءل الهنتاتي: "لماذا نواصل الردم رغم أننا بدأنا منذ التسعينات في تجارب التثمين والفرز؟"، مشيدًا بتجارب ناجحة في مناطق مثل حي الخضراء، حيث تعلّم المواطنون الفرز المنزلي. لكنه ندد بأن "كميات النفايات المفرَزة تُعاد خلطها في الشاحنات قبل الوصول إلى المصب"، وهو ما يجعل المجهود الفردي بلا جدوى. ودعا إلى تحفيز الجمعيات والمبادرات المحلية على إنشاء محطات للفرز، مع تشجيع التخمير واستخراج الطاقة من النفايات العضوية، كما هو معمول به في عدة دول متقدمة. الرقابة غائبة والإرادة السياسية محدودة انتقد الخبير ضعف الرقابة البيئية قائلًا: "لدينا القوانين والوكالات والمعدات، لكن لا أحد يراقب بشكل فعلي". وأضاف أن بعض المصانع تواصل تصريف المياه الصناعية دون معالجة ، مشيرًا إلى أن وكالة حماية المحيط تملك سجلات دقيقة بعدد المؤسسات، لكنها لا تتحرك بالشكل المطلوب. السمك المحلي... آمن؟ طمأن الهنتاتي المواطنين بخصوص سلامة الأسماك المطروحة في الأسواق ، مؤكدًا أن وزارة الصحة والهيئة العليا لسلامة الأغذية تراقبان الأسواق بصرامة. لكنه حذر من بعض الصيادين غير النظاميين الذين يصطادون في مناطق ملوثة أو موانئ مليئة ببقايا المحروقات. ختامًا: تونس ضحية المناخ... لكنها أيضًا مسؤولة اختتم الهنتاتي الحوار بالتأكيد على أن تونس تدفع ثمن تغيّرات مناخية لم تتسبّب بها ، لكنها مطالبة في الآن ذاته بتطوير سياسات بيئية واقعية والانتقال من الردم إلى التثمين والمعالجة الثلاثية ، داعيًا إلى تفعيل أدوات المراقبة واستثمار الموارد الوطنية بحوكمة رشيدة.

تورس
منذ 17 ساعات
- تورس
عاجل/ خبير بيئي يفجرها ويكشف: مصب برج شكير كارثة..وعمره الافتراضي انتهى..!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص. وأوضح الهنتاتي، في تصريح لاذاعة الجوهرة أف أم، أنّ "مصب برج شاكير مع وجود امكانية اندلاع حرائق وانبعاث غازات سامة، مشيرًا إلى "أهالي محيط المصب يعتبرون أوّل المتضرّرين منه، بالإضافة إلى البرباشة"، داعيًا إلى "إحداث شركات أهلية للبرباشة وتقديم الضمانات اللازمة لهم، في المقابل يمكن للبرباشة القيام بعمليّة الفرز الإنتقائي للفضلات".وأبرز الهنتاتي، أنّ "الفضلات المنزلية المجمّعة تحتوي على حواليْ 45% من النفايات الطبيّة والتي تمثّل خطورة على المواطن والبيئة"، مشدّدًا على أنّ "ردمها لا يُعتبر حلّاً باعتبار أنها تؤثّر على المائدة المائيّة والتربة". ويعتبر مصب برج شاكير أكبر مصب للنفايات في تونس اذ يستوعب نفايات ولايات تونس الكبرى الاربع (تونس وبن عروس واريانة ومنوبة)، ويمتد على مساحة 124 هكتارا، ويستقبل حوالي 3 الاف طن من النفايات من 38 بلدية تابعة لتونس الكبرى.


Babnet
٢٣-٠٧-٢٠٢٥
- Babnet
زيادة في أسعار الأدوية: توضيحات من نقابة الصيدليات الخاصة وتحذير من أزمة تهدد استمرارية القطاع
في حلقة جديدة من فقرة Arrière-Plan ضمن برنامج "صباح الورد" على إذاعة الجوهرة أف أم ، أثار الصحفي حاتم عمارة رفقة خليفة بن سالم مسألة الزيادات الأخيرة في أسعار عدد من الأدوية، وهي زيادات فاجأت المواطنين عند زيارة الصيدليات دون صدور أي بلاغ رسمي مسبق. وللإجابة عن تساؤلات الرأي العام، تدخلت ملكة المدير ، نائبة رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة، لتوضيح خلفيات هذه الزيادة وأبعادها الاقتصادية والتنظيمية. زيادات وتخفيضات في قائمة جديدة من الأدوية أكدت ملكة المدير أن الزيادات الأخيرة شملت نحو 60% من قائمة جديدة صدرت يوم الجمعة الماضي ، بينما سجل 40% من الأدوية الأخرى انخفاضًا في أسعارها. إلا أن هذه التعديلات تتم، بحسب قولها، دون إشعار مسبق حتى للصيدليات نفسها ، بسبب ما وصفته بـ"تضارب المصالح"، موضحة أن الصيدلية المركزية وحدها هي الجهة المخوّلة قانونًا بضبط الأسعار وتحديثها. وأضافت أن التغييرات الأخيرة شملت أدوية لم تعد تُستورد منذ أكثر من عام ، نظرًا لتوفر أدوية جنيسة (Génériques) محلية لها نفس الفعالية والجودة، معتبرة أن هذا التوجه يندرج ضمن سياسة دعم الصناعة المحلية وتخفيف أعباء التوريد ، مع احترام معايير الترويج والسلامة العلاجية. أهمية الأدوية الجنيسة ومصداقيتها العلمية شددت المسؤولة النقابية على ضرورة تعزيز ثقة المواطنين في الأدوية الجنيسة ، مشيرة إلى أن حتى الدول الكبرى المصنعة للأدوية الأصلية تعتمد بشكل واسع على الجنيس، نظرًا لتكلفته المنخفضة وفعاليته المثبتة علميًا، ودعت المواطنين إلى التشاور مع الصيدلي لتوضيح أي تغيير طرأ على الأسعار أو أنواع الأدوية. القائمة متاحة للعموم على موقع الصيدلية المركزية وبخصوص مطالبة المواطنين بالشفافية، أوضحت ملكة المدير أن قائمة الأسعار المُحدثة متوفرة على الموقع الرسمي للصيدلية المركزية ، في إطار ما وصفته بـ"الحوكمة الرشيدة"، مؤكدة أن المواطن من حقه الإطلاع على تفاصيل الزيادة أو التخفيض عبر المنشورات الرسمية. صعوبات مالية تهدد استمرارية الصيدليات وفي نقطة لافتة، أطلقت ملكة المدير إنذارًا حول الوضعية الحرجة للقطاع ، مشيرة إلى أن الصيدليات تمر بـ"تحديات مالية خانقة"، على رأسها تأخر صرف مستحقاتها من "الكنام" لمدة قد تصل إلى 150 يومًا ، ما يهدد بشكل مباشر استمرارية هذا المرفق الصحي الحيوي ، خاصة في المناطق الداخلية. وأضافت أن الصيدلية ليست فقط نقطة بيع للأدوية، بل هي الخط الأول في المنظومة الصحية الوطنية ، حيث تُقدّم استشارات وتوجيهًا للمواطنين بشكل يومي. خلاصة الحوار: بين تعديلات الأسعار وأزمة القطاع * الزيادة الأخيرة لم تشمل كل الأدوية، بل كانت انتقائية ومصحوبة بتخفيضات في أدوية أخرى. * تم الاستغناء عن بعض الأدوية المستوردة لفائدة أدوية جنيسة محلية الصنع. * المواطن يمكنه التحقق من الأسعار المحدثة على موقع الصيدلية المركزية. * القطاع الصيدلي يعاني من أزمة سيولة خطيرة ، خاصة بسبب تأخر استرجاع المستحقات من قبل الصندوق الوطني للتأمين على المرض.