logo
حرب أوروبا على جبهتين

حرب أوروبا على جبهتين

Independent عربيةمنذ 7 ساعات

خلال النصف الأول من القرن الـ20، كانت أوروبا المنطقة الأكثر تسلحاً وعنفاً على وجه الأرض. ولكن بحلول أوائل القرن الـ21 أصبحت الأقل تسلحاً والأقل عنفاً، ونموذجاً للسلام والتعاون والتكامل العابر للحدود الوطنية. لكن بينما ركز الأوروبيون على بناء مستقبل أكثر هدوءاً، كان آخرون يعيدون إحياء ماض أكثر اضطراباً. وخلال الأعوام الأخيرة، كشفت التحديات الممتدة من العدوان الروسي إلى النزعة التجارية الصينية، وصولاً إلى تخلي الولايات المتحدة عن التزاماتها، مدى عدم استعداد أوروبا المنزوعة السلاح لمواجهة سياسات القوة التقليدية.
كان استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم وأجزاء من دونباس عام 2014 وانتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة عام 2016 بمثابة جرس إنذار. لكن بعد موجة قصيرة من القلق، عادت القوى الأوروبية الكبرى إلى تجاهل الخطر وغطت في سبات عميق. إلا أن الغزو الروسي الشامل لبقية أوكرانيا عام 2022 استرعى انتباهها الكامل، مما أدى إلى زيادات في الإنفاق الدفاعي، وتقليص مواطن الضعف، وتقديم دعم كبير لكييف. لكن، بالمطلق، ظلت هذه التغييرات صغيرة، وبقيت الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الأساس عن تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وكذلك عن أمن أوروبا عموماً.
ثم جاءت الولاية الثانية لترمب. في الواقع، بني النظام العالمي الذي أعقب الحرب العالمية الثانية على أساس صفقة مركزية، تقوم على استخدام الولايات المتحدة قوتها الاستثنائية لتوفير منافع عامة دولية مثل السلام والأمن ونظام اقتصادي عالمي متزايد الانفتاح، في حين ستتبع أوروبا واليابان وحلفاء آخرون نهج واشنطن بدلاً من الوقوف في وجهها. وعلى رغم أن أجيالاً من صانعي السياسات الأميركيين حاولوا دفع أعضاء "الناتو" الآخرين للمساهمة بصورة أكبر في دفاعهم الذاتي، فإنهم تمسكوا بالصفقة حتى عندما رفض هؤلاء الشركاء الوفاء بنصيبهم، لأن الفوائد الواسعة التي جنتها الولايات المتحدة من الهيمنة القائمة على التوافق كانت تفوق الكلف والأخطار التي تحملتها من أجل الحفاظ على هذه الهيمنة.
لكن إدارة ترمب الثانية لم تعد ترى الأمور على هذا النحو. فقد أعادت إثارة مخاوف قديمة في شأن تقاسم الأعباء، ولكن بإلحاح وعدائية جديدين، وأبلغت حلفاء الولايات المتحدة بصراحة أن عليهم إعادة التفاوض على الصفقة، وإلا فستكون هناك عواقب وخيمة. وللمرة الأولى منذ 75 عاماً، أصبح من المشروع التساؤل عما إذا كانت الولايات المتحدة ستستمر في تحمل الجزء الأكبر من عبء توفير الأمن الأوروبي، وكيف سيكون رد فعل أعضاء "الناتو" الآخرين إذا توقفت واشنطن عن ذلك. وفي ضوء ما حدث هذا الربيع، من المرجح أن تكون قمة "الناتو" هذا الأسبوع في لاهاي واحدة من أهم الاجتماعات في تاريخ الحلف، إذ ستتناول مدى استعداد الأوروبيين للاستثمار في أمنهم الخاص، وإلى أية درجة ستظل الولايات المتحدة ملتزمة هذا المشروع المشترك، وإلى متى.Bottom of Form
ثورة ترمب
مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض، كان الأوروبيون يعلمون أن الشراكة الوثيقة التي أقاموها مع إدارة بايدن سيحل محلها حتماً نهج أكثر برودة وتباعداً، واستعدوا لذلك. لكن حتى أكثر المتشائمين صدموا من شدة اندفاع الفريق الجديد في واشنطن لتقويض الوضع القائم. ففي قضية تلو الأخرى، بدا أن فريق ترمب مصمم على القطيعة الجذرية مع الماضي معتمداً نهجاً جديداً تماماً (ولكنه في الوقت نفسه قديم جداً) للسياسة الأميركية، يقوم على رفض النظام الدولي الليبرالي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، لمصلحة العودة إلى وحشية القوى العظمى التي كانت سائدة خلال القرن الـ19. وفي خضم ذلك، أعادت الإدارة الأميركية صياغة التزامها تجاه أمن أوروبا، من شراكة قائمة على المنفعة المتبادلة إلى لعبة خاسرة ينتفع فيها الأوروبيون بالمجان وبجشع على حساب الأميركيين.
وبمجرد عودته إلى البيت الأبيض، بدأ ترمب يمارس الضغط على أقرب حلفاء واشنطن، مطلقاً أحاديث في أكثر من مناسبة عن إمكانية الاستيلاء على أراض تابعة لدول أعضاء في حلف "الناتو" مثل كندا والدنمارك. وشرعت إدارته في احتجاز مسافرين أوروبيين أبرياء في إطار حملة التشديد على الهجرة، وقطعت التمويل المخصص للمساعدات الخارجية، وتعزيز الديمقراطية، والتعليم الدولي، والعلوم والصحة العامة، وحماية البيئة، وغيرها من أدوات القوة الناعمة الأميركية، وذلك كله بينما كانت تسعى للسيطرة على بقية مؤسسات الحكومة والمجتمع المدني في الولايات المتحدة، إضافة إلى ذلك، شن ترمب حرباً تجارية ضخمة ضد العالم بأسره، مهدداً بتدمير الاقتصاد العالمي ما لم توافق الدول الأخرى على دفع الجزية. وبدا كأنه غير موقفه من الحرب في أوكرانيا، إذ أوقف موقتاً الدعم العسكري والاستخباراتي لكييف، وطالب بسداد المساعدات السابقة، ووجه انتقادات للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في حين امتدح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وساند روسيا في كل مكان، من الفضاء السيبراني إلى الأمم المتحدة.
لن تعود العلاقة بين أعضاء حلف شمال الأطلسي إلى سابق عهدها مطلقاً
خلال أوائل فبراير (شباط) الماضي، صرح وزير الدفاع بيت هيغسيث خلال اجتماع لحلف شمال الأطلسي بأن "العودة إلى حدود أوكرانيا ما قبل عام 2014 هدف غير واقعي"، مشيراً إلى أن على أوكرانيا التنازل عن مساحة كبيرة من أراضيها كجزء من أية تسوية، ومؤكداً أن الولايات المتحدة لن تسهم في حماية البلاد بعد الوصول إلى تسوية. وبعد أيام قليلة، أخبر نائب الرئيس جي دي فانس الحاضرين في مؤتمر ميونيخ للأمن بأن المؤسسات السياسية الأوروبية التقليدية تشكل تهديداً أكبر على بلدانها من روسيا بقيادة بوتين. ولكيلا يعتقد أحد أن هذه الرسائل كانت مجرد مواقف استعراضية، كرر فانس وهيغسيث مواقف مشابهة في محادثات خاصة بعد ذلك بشهر. ففي دردشة مسربة عبر تطبيق "سيغنال" كشف عنها الصحافي جيفري غولدبيرغ، كتب فانس "أكره ببساطة أن أضطر لإنقاذ أوروبا مرة أخرى"، ليرد عليه هيغسيث قائلاً "أتفق تماماً مع شعورك تجاه تطفل الأوروبيين على حسابنا. إنه أمر مثير للشفقة".
وأثارت هذه التصريحات ذهول الزعماء الأوروبيين، مما دفعهم إلى التحرك. خلال مارس (آذار)، تخلت الحكومة الألمانية الجديدة فجأة عن سياسة كبح الدين العام، وتعهدت بإنفاق 500 مليار يورو إضافية (540 مليار دولار) على البنية التحتية، وما يصل إلى 600 مليار يورو (650 مليار دولار) أخرى على الدفاع. واستأنفت المملكة المتحدة تنسيقها مع جيرانها، بينما تحدث الفرنسيون عن استخدام ردعهم النووي المستقل كبديل عن المظلة الأميركية التي قد تتراجع. وعلاوة على ذلك، احتضن القادة الأوروبيون زيلينسكي وتعهدوا بالمساعدة في حماية بلاده في مواجهة روسيا. فأرسلت بعض الدول أسلحة وأخرى أموالاً، بينما قدم بعضها تمويلاً لأوكرانيا لتصنيع أسلحتها بنفسها. وخلال مايو (أيار) أصدرت المفوضية الأوروبية خطة لإضافة 150 مليار يورو (170 مليار دولار) على صورة قروض لتعزيز الجاهزية العسكرية، مع إمكانية ضخ مئات المليارات الإضافية لاحقاً.
وفي الواقع، سيستغرق الأمر كثيراً من الوقت والجهد والمال، لكن المراقبين المتفائلين زعموا أنهم يرون تحولاً مذهلاً عجائبياً يجري على قدم وساق. وفي ذلك السياق، كتبت وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة أرانشا غونزاليس لايا في مجلة "فورين أفيرز" خلال مايو الماضي "أحداث هذا العام تمثل نقطة تحول في العلاقة عبر الأطلسي". وأضافت "لقد انتهى عصر التحالف الأوروبي الأميركي الذي أعقب الحرب العالمية الثانية... وقد يكون عداء إدارة ترمب للتحالف التقليدي عبر الأطلسي هو المحفز الأكثر تأثيراً لمزيد من التكامل الأوروبي منذ تأسيس الاتحاد الأوروبي عام 1948".
ثورة ترمب أم لحظة تيرميدور؟
[يشير مصطلح "تيرميدور" إلى مرحلة من الثورة الفرنسية (1794) تميزت بانقلاب على مرحلة التطرف الثوري، وعودة تدريجية إلى التوازن، وهو ما يستخدم هنا مجازاً للتساؤل، هل تكون سياسات ترمب مجرد ذروة موقتة يعقبها تراجع؟]
لم يشارك الجميع ثقة وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة أو شعورها بالإلحاح. فقد كانت خطابات ترمب وسلوكاته غريبة ومكلفة وتبدو غير قابلة للاستمرار، إلى درجة أن صناع السياسات في دول أخرى انقسموا حول مدى جدية التعامل معها. فسياسات الأمن القومي والدفاع بين أعضاء حلف "الناتو"، على سبيل المثال، متشابكة بدرجة تجعل أي انفصال فعلي عبر الأطلسي باهظ الكلفة ومؤلماً لكل الأطراف. وإذا ما عدَّ الأوروبيون أن الولايات المتحدة لم تعد شريكاً موثوقاً، فسينتقلون تدريجاً إلى بناء ترساناتهم الخاصة وتعزيز ردعهم النووي، مما سيؤدي إلى تقليص مبيعات الأسلحة الأميركية ونفوذ واشنطن، وسيطورون أنظمة موازية في مجالات الاستخبارات وإبراز القوة، مما يمنحهم القدرة على تحقيق الاستقلال الاستراتيجي، ويعيدون هيكلة سلاسل التوريد الخاصة بهم لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، تماماً كما يحثهم المسؤولون الأميركيون على تقليل الأخطار في علاقاتهم المتنامية مع الصين. لكن مثل هذه الخطوات ستلحق ضرراً بالولايات المتحدة أكثر مما تفيدها، ولذلك لم يتمكن القادة الأوروبيون من فهم دوافع ترمب للمضي قدماً في هذا الاتجاه. هل كان يمزح؟ هل كان يناور؟ هل كان يتصرف بغباء؟ أم بجنون؟ لقد أصبح تحليل دوافع الرئيس اللعبة السياسية المفضلة في القارة، لأن الرد الملائم تجاهه يعتمد على التفسير الذي يختاره كل طرف.
ومع مرور فصل الربيع، بدأت الصورة تتضح قليلاً، من خلال سلوك الإدارة الجديدة الذي كشف عن أولوياتها. لم يبد ترمب أي احترام للأعراف، أو المبادئ، أو التقاليد، أو مصالح الدول الأخرى، كما لم يظهر أية رؤية استراتيجية طويلة المدى. كل ما بدا ظاهراً هو سعي مرتجل إلى تضخيم الذات وتحقيق مكاسب سريعة قصيرة الأجل. وكانت الخطوة الافتتاحية المعتادة للرئيس هي الترهيب لإظهار الهيمنة. فإذا نجح في ذلك استمر، وإذا واجه مقاومة قوية ومستمرة ومدروسة انسحب وانتقل إلى أهداف أضعف.
فعلى سبيل المثال، في بداية أبريل (نيسان) الماضي أعلن ترمب فرض رسوم جمركية ضخمة على معظم دول العالم. لكن في غضون أسبوع وبسبب اضطراب الأسواق وتراجع الدولار، أجل تنفيذ معظمها وركز هجماته على الصين. وبعد شهر، تراجع إلى حد كبير عن المواجهة مع بكين أيضاً. وفي أواخر مايو (أيار) الماضي، أعلن البيت الأبيض فرض رسوم جديدة بنسبة 50 في المئة على أوروبا، لكنه علقها بعد يومين فحسب. وعندما قوبلت دعواته لضم كندا وغرينلاند وبنما بمقاومة شديدة وانتصارات انتخابية للأحزاب المناهضة لترمب، تراجعت هذه القضايا إلى المرتبة الثانية، وكذلك الخطط الأميركية للسيطرة على غزة، وطرد الفلسطينيين منها وبناء منتجع شاطئي هناك (وعندما سئل ترمب عن هذا النمط من التراجع، أجاب بانزعاج واضح "هذه هي المفاوضات، هكذا تبدو").
بدأ حلفاء الولايات المتحدة يدركون فجأة أن العالم أكثر واقعية مما كانوا يظنون
وبسبب هذه التطورات، وعلى رغم بدء الحكومات الأوروبية اتخاذ خطوات أولية نحو إعادة التسلح والاعتماد على الذات، ظلت تراقب من كثب لمعرفة ما إذا كانت تهديدات ترمب بالتخلي عن أوكرانيا وأوروبا عموماً ستطوى بدورها. ومع خفضها سقف التوقعات في شأن الدعم الأميركي المستقبلي، سعت إلى الحصول على ضمانات لا تقل عن التزام "رديف" بعدم التخلي الكامل، وعدم ترك القارة تحت رحمة موسكو. وقد رأى صانعو السياسات الأوروبيون في ذلك فرصة لإنقاذ "الزواج عبر الأطلسي" وتفادي طلاق استراتيجي مكلف. وبحلول يونيو (حزيران) الجاري، بدأت مؤشرات إلى تحول محتمل في الموقف الأميركي تتبدى.
فبعد أشهر من مهادنة روسيا وممارسة الضغط على أوكرانيا، لم تحرز إدارة ترمب أي تقدم نحو تسوية الحرب، لأنها لم تعالج الهدف الروسي الجوهري المتمثل في إعادة كييف إلى التبعية. وأظهرت المقاومة العنيدة التي أبدتها أوكرانيا قدرتها على الصمود وامتلاكها لأوراق أكثر مما توقع البيت الأبيض. فاستمر القتال، وبدا أن ترمب المحبط بدأ يفقد اهتمامه بالقضية. في المقابل، خففت الإدارة الأميركية لهجتها إزاء الأمن الأوروبي عموماً، وأعادت تأكيد التزامها بالردع الموسع، وشجعت الأوروبيين على توسيع مشترياتهم من الأسلحة الأميركية، وشاركت في عمليات متزايدة لحلف "الناتو" في القطب الشمالي، مما يشير إلى أن واشنطن باتت تميل إلى "نقل العبء" بدلاً من التخلي.
وبالنظر من كثب، بدأت تتضح معالم حل محتمل للأزمة قد ينجز خلال الصيف. فستواصل الولايات المتحدة تقديم الضمانات النووية والمعلومات الاستخباراتية والقدرات التمكينية والدعم المادي وبعض القوات، إضافة إلى منصب القائد الأعلى في "الناتو". وفي المقابل، ستتحمل الدول الأخرى الأعضاء مزيداً من الأعباء المالية والعسكرية والبشرية. وستواصل أوكرانيا الصمود بدعم ذاتي ومن شركائها، بما في ذلك قيام بعض الدول بتمويل واشنطن مباشرة لتزويد كييف بالأسلحة. وربما تلجأ أوروبا إلى استخدام 200 مليار يورو (230 مليار دولار) من الأصول الروسية المجمدة التي تحتفظ بها، لتمويل الدفاع الأوكراني.
وإذا تحقق هذا السيناريو، فسيكون ترمب نجح، عبر الترهيب، في دفع أوروبا إلى فعل ما طالبتها به الإدارات الأميركية السابقة لعقود، بناء قدرات عسكرية فاعلة تتحمل بها مسؤولية أكبر عن أمنها الإقليمي. وسينظر إلى هذا الوضع، من قبل كثر، على أنه مقبول، بل ربما مرحب به، فستنجو أوكرانيا الموالية للغرب، وسيبقى التحالف عبر الأطلسي قائماً، وستستمر الحياة بصورة مألوفة إلى حد ما.
لكن لا تزال هناك احتمالات لسيناريوهات أكثر قتامة، لأن الرئيس معروف بتقلباته، ولأن بعض الأجنحة داخل إدارته تبدي عداءً صريحاً تجاه أوروبا وحلف "الناتو". كما أن تصرفات إدارة ترمب نسفت بالفعل جزءاً كبيراً من الثقة، إلى حد أن العلاقة بين أعضاء الحلف لن تعود كما كانت عليه. وأدركت أوروبا، في ضوء افتقارها للحماية أمام قوى عظمى عدوانية من الشرق والغرب، أنها باتت تخوض حرباً على جبهتين، وبدأت تستعد لذلك.
منعطف جذري آخر
كان صناع السياسات الأوروبيون أخطأوا في الماضي بعدم أخذ تهديد التخلي الأميركي على محمل الجد. واليوم، هم مصممون على عدم تكرار ذلك الخطأ. لذا، وبينما يحاولون اجتياز الأزمة الراهنة، فإنهم يسيرون خلال الوقت نفسه بخطى حذرة نحو التحوط، وهي خطوات قد تحمل نتائج كبرى في المستقبل.
ومن بين هذه الخطوات، إنشاء منصب "المفوض الأوروبي لشؤون الدفاع والفضاء" في خريف العام الماضي. كثيراً ما كان الاتحاد الأوروبي مشروعاً سلمياً، تركت فيه قضايا الأمن للدول الأعضاء ولحلف "الناتو". لكن على رغم أن المفوضية الأوروبية لا تملك جيشاً أو أسلحة خاصة بها، فإن بإمكانها التأثير في تنظيم شؤون الدفاع داخل الدول الأعضاء، وبدأت بالفعل في لعب هذا الدور. فالمفوض الجديد أندريوس كوبيليوس يدعو إلى استخدام متطلبات "الشراء المحلي" وأنواع مختلفة من الضمانات الاستثمارية، لتحفيز الحكومات الأوروبية على شراء المعدات المصنعة محلياً، ويشجعها على دعم الشركات في إنشاء سلاسل توريد مرنة داخل أوروبا لإنتاج الطائرات المسيرة والذخيرة وغيرها، ويعمل على تنظيم صفقات شراء جماعية تقلل الكلف وتعزز قابلية التشغيل المشترك بين الجيوش الأوروبية. قد لا تبدو هذه الإجراءات كبيرة الآن، لكنها قد تصبح، بمرور الوقت، الركائز الأساس لبناء قاعدة صناعية دفاعية أوروبية مستقلة، تعتمد بصورة أقل بكثير على الولايات المتحدة.
وفي موازاة ذلك، فإن إحدى أهم الخدمات التي تقدمها الولايات المتحدة لحلفائها هي إتاحة الوصول إلى أفضل شبكة استخبارات في العالم. لكن إدارة ترمب الثانية أثارت الشكوك حول استمرار هذا الدور، وبدأ الأوروبيون يتعاملون مع ذلك من خلال توسيع تعاونهم الاستخباري المستقل. وسجلهم الحافل بالنجاح في هذا المجال معروف جيداً. فـ"منطقة شنغن"، التي تسمح بحرية الحركة بين عدد من الدول الأوروبية، لا تعمل إلا بفضل التفاهمات والترتيبات المعقدة بين الحكومات المشاركة في شأن تبادل المعلومات والتنسيق الأمني. ويمكن تطبيق النهج ذاته على تبادل المعلومات الاستخباراتية ذات الصلة بالأمن، وأنشأت ثماني دول أعضاء بالفعل مجموعة للتعاون في هذا الإطار. ومن المرجح أن تتوسع هذه الجهود، كما يتوقع تنامي الروابط التكنولوجية الاستخباراتية المستقلة بين حلفاء واشنطن، كما يتضح من صفقة كندا الأخيرة لشراء أنظمة رادار عسكرية بعيدة المدى من أستراليا بقيمة 4 مليارات دولار.
كذلك تستحق الأنظمة المالية وأنظمة الدفع اهتماماً خاصاً. فالاقتصاد عبر الأطلسي يعد الأكثر تكاملاً في العالم، لا بفضل تبادل السلع والخدمات، بل بفضل الروابط المصرفية والاستثمارية العابرة للحدود. وسار هذا التكامل المالي دوماً جنباً إلى جنب مع التعاون الأمني، عمداً، واستغل صانعو السياسات الأميركيون هذا الترابط في كثير من الأحيان لدفع السياسيين الأوروبيين إلى قبول القيادة الاستراتيجية الأميركية. لكن ترمب تميز بنهجه القسري، لا سيما حين ضغط على أوروبا لإعادة فرض العقوبات على إيران خلال ولايته الأولى. ورداً على ذلك، بدأ الأوروبيون يبحثون عن سبل لتحصين أنفسهم من النفوذ الأميركي، مثل تغيير طرائق دعمهم للبنوك الأوروبية، عبر تشديد الضوابط التنظيمية وتحسين تأمين الودائع، وتبسيط آليات الدفع عبر الحدود والمدفوعات التجارية للأفراد (ومن يذكر أن معظم البنية التحتية المالية اللازمة موجودة بالفعل في الدول التي تستخدم اليورو كعملة موحدة).

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
القرارات الصغيرة التي تتخذها الدول الأوروبية اليوم في مجالات شراء الأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والتمويل، والتجارة، وسواها، قد تمهد الطريق أمام أوروبا لامتلاك قدرات مستقلة تؤهلها للتحول إلى قوة عظمى بحد ذاتها. ولن تكون أوروبا عندئذ مضطرة إلى السير في فلك الولايات المتحدة، وقد تبرز حتى كمركز جذب عالمي للدول التي ضاقت ذرعاً بسياسات واشنطن المتنمرة. وكلما ازدادت قدرات هذه المجموعة واستقلاليتها، ازداد اعتمادها على نهجها الخاص.
الطريق إلى المستقبل
يبدو النظام الدولي خلال الوقت الراهن أشبه بتركيبة نظرية غريبة الطبقات. قاعدته مكونة من مجموعة من الدول ذات السيادة، تتبع منطقاً واقعياً تقليدياً، وتختلف في قدراتها ومصالحها، وتتنافس فيما بينها من أجل النفوذ والبقاء. وفوق ذلك، توجد طبقة النظام الليبرالي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، وهي شبكة من الديمقراطيات الصناعية المتقدمة وشركائها، تتعاون طوعاً لتحقيق منافع طويلة الأمد، تحت إشراف وحماية الولايات المتحدة، التي لا تزال، في معظم الأحيان، تحرص على مصلحة الفريق ككل. أما في قمة هذا الهيكل، فيقف ترمب، مجسداً طبقة واقعية أخرى، قائداً يلعب لمصلحته وحده.
خلال الوقت الحالي، يفرض هذا الهيكل قيوداً على جميع أعضاء "الناتو". فقد بدأ حلفاء الولايات المتحدة يدركون فجأة أن العالم أكثر واقعية مما كانوا يتصورون، وأن إسناد مسؤولية أمنهم إلى واشنطن جعلهم عرضة للخطر والتهميش. في المقابل، بدأ ترمب يكتشف أن المؤسسات والإجراءات الدولية الراسخة أصعب من أن تتجاوز أو يُفريط بها بسهولة، وأن انتهاج سياسة فردية ينطوي على كلفة كما على مكاسب. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا الوضع قابلاً للاستمرار، أو إن كانت الأمور ستتجه في نهاية المطاف نحو حسم واضح في أي من الاتجاهين.
ما سيحدث في قمة حلف شمال الأطلسي المقبلة وما بعدها سينهي مرحلة أو يغير ملامح عصر بأكمله
ما لم يعد ترمب إلى سياسة خارجية أميركية أكثر تقليدية، فإن الهوة بين واشنطن وحلفائها ستستمر في الاتساع، بالتوازي مع تصاعد الهجمات على النظام الليبرالي العالمي. وفي أفضل السيناريوهات، سيتمكن الأوروبيون، بمرور الوقت، من توحيد صفوفهم وتشكيل قوة جيوسياسية وجيواقتصادية فعالة، حازمة، واثقة، وقادرة. وسيحسنون الاستفادة من الموارد المتاحة داخل الاتحاد الأوروبي، وسيعززون علاقاتهم مع حلفائهم مثل أستراليا وكندا واليابان والنرويج وكوريا الجنوبية وتركيا والمملكة المتحدة. ويقوم صانعو السياسات الأوروبيون حالياً بوضع أسس هذا المستقبل، الذي ستتقلص فيه أعباء الولايات المتحدة، ولكن سيتقلص معه أيضاً نفوذها.
أما إذا واصل ترمب السير في مساره الحالي وفشلت الدول الأوروبية في التكتل، فإن علاقة الاعتماد المتبادل السامة داخل التحالف ستزداد سوءاً. ولن تكون جهود إعادة التسلح الأوروبية الرمزية أو غير المنسقة كافية لتلبية الحاجات الأمنية للقارة، ولا لردع أي عدوان روسي في المستقبل. وسيظل الترابط المالي والاقتصادي بين ضفتي الأطلسي قائماً، لكن استعداد واشنطن لتحمل كلفته سيتراجع أكثر فأكثر. وستشكل محاولات الصين استغلال هذا الخلاف عبر توسيع حضورها في أوروبا مصدر توتر دائم، فيما ستظهر فراغات في السلطة داخل الشرق الأوسط وأفريقيا.
نادراً ما عدت قمم حلف "الناتو" محطات مفصلية مثيرة، يمكن أن يتغير عندها مسار التاريخ نحو اتجاه دون آخر. لكن هذا العام مختلف. فنتائج اجتماع الحلف خلال يونيو، وما سيليه، قد تكون خاتمة لمرحلة... أو طياً لصفحة كاملة من التاريخ.
مترجم عن "فورين أفيرز"، الـ23 من يونيو (حزيران) 2025
جدعون روز هو زميل داخل مؤسسة "أكسل شبرنغر" ضمن "الأكاديمية الأميركية" في برلين وزميل مساعد رفيع الشأن في "مجلس العلاقات الخارجية".
إريك جونز هو مدير "مركز روبرت شومان للدراسات المتقدمة في معهد الجامعة الأوروبية"، وباحث غير مقيم ضمن "مركز كارنيغي أوروبا".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأسهم الآسيوية ترتفع بدعم من أنباء عن تقدم في مفاوضات التجارة
الأسهم الآسيوية ترتفع بدعم من أنباء عن تقدم في مفاوضات التجارة

الاقتصادية

timeمنذ 26 دقائق

  • الاقتصادية

الأسهم الآسيوية ترتفع بدعم من أنباء عن تقدم في مفاوضات التجارة

ارتفعت الأسهم الآسيوية إلى جانب العقود الآجلة للمؤشرات الأمريكية، مع تحسن شهية المخاطرة بدعم من تسجيل الأسهم الأمريكية مستويات قياسية جديدة، وتقدم في عدد من المفاوضات التجارية. مؤشر "إم إسي سي آي" لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ صعد 0.3%، وقفز مؤشر "نيكاي 225" بنحو 1.5% بعد أن مدد كبير مفاوضي اليابان إقامته في أمريكا لمواصلة المحادثات قبل حلول الموعد النهائي في 9 يوليو، كما ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر "إس آند بي 500" في التداولات الآسيوية 0.3%. تراجع مؤشر لقوة الدولار 0.2% مع استمرار المفاوضات في مجلس الشيوخ بشأن مشروع قانون ترمب لخفض الضرائب البالغة قيمته 4.5 تريليون دولار. وتقلبت الأسهم الصينية حتى مع تحسن نشاط المصانع للشهر الثاني على التوالي. مستويات قياسية في أمريكا.. وحذر في آسيا سجلت الأسهم الأمريكية يوم الجمعة مستوى قياسيا جديدا للمرة الأولى منذ فبراير، ما يعكس ثقة المستثمرين في قدرة الاقتصاد على الصمود في وجه تقلبات السياسة، وكان ترمب قد علق في أبريل الرسوم الجمركية على عشرات الشركاء التجاريين لـ 3 أشهر، ما ساهم في دعم الأسهم. مؤشر الأسهم الآسيوية يتجه لتسجيل ارتفاع بأكثر من 4% للشهر الثاني على التوالي، في وقت بات المستثمرون يتجاوزون المخاوف المرتبطة بالرسوم والتوترات الأخيرة في الشرق الأوسط. وقال رئيس قسم الأسهم لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في "روبيكو" جوشوا كراب قال في مقابلة مع "بلومبرغ": مع وصول الأسهم الأمريكية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، يبدو أن الجميع سعداء، الأسواق في وضع جيد، مضيفا "لكن هذا هو الوقت المناسب للتحلي بقدر من الحذر، فالتقييمات لا تزال مهمة، والقضايا الجيوسياسية لا تزال قائمة، والمفاوضات الجمركية لم تُحسم بعد. لذلك أعتقد أنه ينبغي النظر إلى الأسواق الآن بدرجة من الترقب". تمديد مفاوضات اليابان والهند وكندا أفاد أشخاص مطلعون على الأمر، بأن الفريق التجاري الهندي مدد أيضا إقامته في واشنطن لتسوية الخلافات، مع سعي الجانبين لإبرام اتفاق قبل الموعد النهائي في 9 يوليو، وقال ترمب أيضا إنه لا يعتقد أنه سيكون بحاجة لتمديد الموعد النهائي. من جهته قال وزير المالية والدخل القومي الكندي فرانسوا فيليب في بيان، إن بلاده ستتراجع عن فرض ضريبة الخدمات الرقمية تحضيرا لترتيب تجاري شامل ومفيد للطرفين مع أمريكا، واتفق رئيس الوزراء كارني والرئيس ترمب على أن تستأنف الأطراف المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق بحلول 21 يوليو. رئيس قسم الأبحاث في "بيبرستون غروب" كريس ويستون قال "الزخم والاتجاهات التي نشهدها في الأسواق ذات المخاطر المرتفعة تعكس بيئة شبه مثالية للعمل"، موضحا أن "الانخفاض السريع في المخاطر الجيوسياسية والتوقعات بإبرام اتفاقيات تجارية وشيكة، كلها عوامل تدفع الأسواق الصاعدة إلى الأمام". بيانات التضخم الأمريكية الأضعف من المتوقع وتراجع الغموض بشأن التوترات التجارية، ساعد في تحسين المعنويات في الأسواق، فيما ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 10% هذا الربع، في سادس ارتفاع له خلال سبعة فصول، وفي المقابل تراجع مؤشر "بلومبرغ" لقوة الدولار 6.3% هذا الربع، في طريقه لتسجيل أكبر انخفاض فصلي منذ ديسمبر 2022. المفاوضات تتواصل بشأن مشروع ترمب الضريبي كتب استراتيجيون في "جولدمان ساكس": الصراع الأخير في الشرق الأوسط يذكّرنا بأن الصدمات السياسية الجديدة قد تظهر، لكنها أيضاً تخلق جدار قلق يمكن للأسواق تجاوزه ما لم تتحقق أسوأ السيناريوهات. بشكل منفصل تتواصل المفاوضات حول مشروع قانون خفض الضرائب الخاص بترمب، إذ يسعى الجمهوريون إلى إقناع المترددين بدعمه من أجل تمريره نهائياً، مع إمكانية امتداد التصويت إلى يوم الإثنين، ويقدر "مكتب الميزانية في الكونجرس"، وهو جهة غير حزبية، أن المشروع سيضيف 3.3 تريليون دولار إلى العجز في أمريكا خلال عقد. يحظى مشروع القانون، الذي تبلغ قيمة التخفيضات الضريبية فيه 4.5 تريليون دولار، بدعم واسع من الجمهوريين في الكونجرس، إذ يشمل تمديد التخفيضات الضريبية التي أُقرت عام 2017، وامتيازات جديدة للعاملين بنظام الأجور وسائقي التوصيل وكبار السن ومشتري السيارات. لكن خفض الإنفاق بنحو 1.2 تريليون دولار أثار العديد من الاعتراضات. لم يدخل ترمب في تفاصيل التشريع، بل ركز على السرعة، مطالبا الكونجرس بإرسال مشروع القانون إليه بحلول 4 يوليو، ولا بد أن يصوت مجلس النواب أيضا على النسخة التي أقرها مجلس الشيوخ قبل أن ترسل إلى مكتب الرئيس لتوقيعها لتصبح قانونا.

عمليات المقاومة الفلسطينية تتصاعد وحكومة الكيان في مأزق
عمليات المقاومة الفلسطينية تتصاعد وحكومة الكيان في مأزق

قاسيون

timeمنذ ساعة واحدة

  • قاسيون

عمليات المقاومة الفلسطينية تتصاعد وحكومة الكيان في مأزق

شهدت قوات الاحتلال الصهيوني عدة عمليات عسكرية نوعية نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد القوات المعادية المتوغلة، ومنها ما حصل الأسبوع الماضي في خان يونس وتسببت بمقتل 7 جنود من قوات الاحتلال، وعادت مشاهد الاشتباك من المسافة صفر للظهور من جديد، وأعلنت «سرايا القدس» عن تفجيرها لعبوة «زلزال 4» في آلية صهيونية في حي التفاح بمدينة غزة. وعموماً، فإن الأحداث العسكرية الميدانية تصاعدت، وخاصة منها الزخم الجديد لدى فصائل المقاومة... إن هذا الزخم يعكس تطوراً سياسياً جديداً لا يمكن فصله عن تداعيات المعركة «الإسرائيلية» الإيرانية التي بدأت نتائجها بالظهور تباعاً، وتبين هزيمة سياسية واقتصادية واستراتيجية «إسرائيلية» كبيرة خلف ادّعاءات «تحقيق الأهداف». ويمكن رصد انعكاسات ذلك على غزة بمواقف الأمريكيين أنفسهم، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب سرعان ما دعا إلى إنهاء الحرب، مما أثار حفيظة المسؤولين «الإسرائيليين»، حيث نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عنهم: «لا نفهم تفاؤل ترامب بشأن التوصل لوقف لإطلاق النار بغزة الأسبوع المقبل» وأن «إسرائيل فوجئت بتصريح ترامب». بالتوازي مع ذلك، تناقل الإعلام الصهيوني أخباراً مفادها أن الجيش «الإسرائيلي» سيبلغ نتنياهو أن العملية في غزة تستنفذ أهدافها، وأن استمرار العمليات يهدد حياة الأسرى مباشرة.. كما يجري تداول أنباء أن البيت الأبيض سيبلغ الحكومة الإسرائيلية بضرورة إنهاء الحرب فعلاً و«تأجيل تفكيك حماس». إن هذه الأنباء لا تشير بالضرورة إلى أن الحرب ستنتهي بهذه السرعة في غزة، إلا أنها وبكل تأكيد تعكس ضغطاً سياسياً كبيراً على حكومة نتنياهو بهذا الاتجاه، ومن ذلك - «إذا كان عدوك ضعيفاً، فأجهز عليه» - تتصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية كماً ونوعاً من جديد. مما لا شك فيه، أن الحكومة «الإسرائيلية» المتطرفة برموزها الحالية من نتنياهو وسموتريتش وبن غفير وغيرهم سيحاولون ما بوسعهم تأجيل إنهاء الحرب وعرقلتها، بل وتصعيدها أكثر، في المقابل، فإنهم يخاطرون بخسارات سياسية أكبر وأبلغ مستقبلاً، وهو ما يعكس أزمة حكومة نتنياهو الذي بات يحضر جلسات استجواب المحكمة مرتين أسبوعياً.

ترمب: سأرفع العقوبات عن إيران إذا «جنحت للسلام»
ترمب: سأرفع العقوبات عن إيران إذا «جنحت للسلام»

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

ترمب: سأرفع العقوبات عن إيران إذا «جنحت للسلام»

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، إنه سيرفع العقوبات عن إيران إذا «جنحت للسلام» مستبعداً أن تفكّر طهران في استئناف برنامجها النووي في وقت قريب. وأكد أن الإيرانيين لم ينقلوا مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة من المنشآت النووية التي استهدفتها الضربات الأميركية، نظراً لصعوبة نقله. وفي الوقت نفسه، هدد بشن ضربات إضافية «إذا أقدمت إيران على تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تمكّنها من تصنيع أسلحة نووية». وأشار ترمب إلى إمكانية رفع العقوبات عن إيران «إذا أظهرت حسن نية، والتزمت بالسلام، وامتنعت عن الإضرار بمصالح الولايات المتحدة». كما دعا المسؤولين الإيرانيين إلى الانضمام إلى «اتفاقات إبراهيم» لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مشيراً إلى أن «المزيد من الدول أبدت اهتماماً بالانضمام إلى (اتفاقات إبراهيم) مع إسرائيل، بعد الضربات الأميركية الناجحة ضد النظام الإيراني». وشدّد ترمب، في لقاء مع شبكة «فوكس نيوز»، صباح الأحد، على نجاح الضربات الأميركية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وقال: «لقد دخلت إلى هناك الطائرات الجميلة، ومعها القنابل الأحدث تطوراً، القادرة على اختراق أعماق تصل إلى 30 طابقاً من الجرانيت. لقد دمّروا فعلاً المكان. لكننا اضطررنا لتحمّل الأخبار الكاذبة من «سي إن إن» وصحيفة «نيويورك تايمز» اللتين قالتا إنه ربما لم يُدمّر بالكامل، ثم اتضح أنه دُمّر بالكامل، وبطريقة لم يشهدها أحد من قبل، وهذا يعني نهاية طموحاتهم النووية، على الأقل لفترة من الزمن». وأضاف مستبعداً أن تستأنف إيران برنامجها النووي: «إنهم منهكون... لقد تلقّوا ضربات لم يتلقّها أحد من قبل. لقد دمّرنا قدراتهم النووية، وليس بمقدورهم المضيّ قدماً أكثر من ذلك». وقال ترمب إن آخر ما يريد الإيرانيون القيام به هو التفكير في الأسلحة النووية، وأضاف: «يتعين عليهم إعادة بناء أنفسهم». وأوضح أن الإيرانيين لم يعتقدوا بإمكانية تلقي ضربات، وصرّح: «لم يعتقدوا أن الأمر ممكن، وما فعلناه كان مذهلاً، والمواقع هناك هي مجرد آلاف الأطنان من الصخور، قد دمّرنا المكان بالكامل، لقد تمكّنت إسرائيل من إلحاق الضرر، لكننا نحن من تسببنا في الضرر النهائي، وكانوا جميعاً يحاولون البقاء على قيد الحياة». كما استبعد قيام طهران بإخفاء جزء من اليورانيوم المخصب قبل شن الضربات الأميركية، وقال: «لا أعتقد، فالقيام بذلك صعب للغاية وخطير للغاية، لأنه (اليورانيوم المخصب) ثقيل للغاية، ولم يكن لدى الإيرانيين علم بقدومنا إلا حينها، ولم يعتقد أحد أننا سنستهدف هذه المواقع، لأن الجميع قالوا إن المواقع منيعة، وإن إحداها أسفل جبل من الغرانيت (منشأة فوردو)، لكن القنبلة اخترقت المكان كما تخترق السكين الزبدة». وكرر ترمب تأكيده أنه لم يتم نقل اليورانيوم المخصب، وأن المنشآت الثلاث دُمّرت بالكامل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store