logo
انهيار سلاسل الأمن الغذائي والقطاع يتحول إلى "جحيم على الأرض".. وفاة رحيل رصرص وعبد الحميد الغلبان تفتح قوس المجاعة على مصراعيه.. منظمات إنسانية: الصمت الدولي شريك في الجريمة

انهيار سلاسل الأمن الغذائي والقطاع يتحول إلى "جحيم على الأرض".. وفاة رحيل رصرص وعبد الحميد الغلبان تفتح قوس المجاعة على مصراعيه.. منظمات إنسانية: الصمت الدولي شريك في الجريمة

البوابةمنذ 5 أيام
البطون خاوية، والأعين ذابلة، والوجوه شاحبة.. لم يعد الجوع في غزة مجرد شعور، بل صار وجعًا دائمًا ينهش الأجساد الصغيرة، بينما يقف الآباء عاجزين عن إنقاذ أبنائهم.
لم تعد غزة تواجه الحرب وحدها، بل صار الجوع عدوها الحقيقي، يحاصر أرواح المدنيين وسط صمت العالم، وصرخات أمهات لا تجد من يسمع، وأطفال يموتون، لا بالرصاص، بل من الجوع.
هنا، أصبح الشعار مرًّا وواضحًا "
إما أن يصل الغذاء... أو يصل الموت أولًا
".
مؤشرات المجاعة: أرقام تنذر بكارثة شاملة
أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي تحذيرات متكررة من مجاعة وشيكة، مؤكدين أن أكثر من 470 ألف شخص في قطاع غزة باتوا في المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، أي في حالة جوع "كارثي".
ويعيش جميع سكان القطاع، البالغ عددهم أكثر من مليوني شخص، في درجات مختلفة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
من المتوقع أن يحتاج نحو 71 ألف طفل و17 ألف أم إلى علاج فوري من سوء التغذية الحاد، وهو ارتفاع مقلق مقارنةً بـ60 ألف طفل مطلع العام.
وأكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، أن: "عائلات غزة تتضور جوعًا، بينما يبقى الطعام الذي يحتاجونه محاصرًا على الحدود".
من جانبها، حذرت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف، أن الجوع لا يظهر فجأة، بل هو نتاج تراكمات حين تمنع المساعدات، وتنهار الأنظمة الصحية، ويترك الأطفال دون أدنى وسائل للبقاء.
المعابر المغلقة: المساعدات تقف على الأبواب
منذ 2 مارس 2025، تعيش غزة تحت حصار خانق تسبب في توقف كامل تقريبًا لتدفق المساعدات، ونتيجة لهذا الحصار، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بما يصل إلى 3000% في بعض الحالات، ما جعلها خارج متناول معظم الأسر.
أعلن برنامج الأغذية العالمي في 25 أبريل نفاد مخزوناته، وتوقفت المخابز المدعومة عن العمل بعد نفاد دقيق القمح ووقود الطهي، وحتى طرود الإعاشة التي تكفي لأسبوعين استنفدت في نفس الأسبوع.
كما أعلنت اليونيسف عن نفاد مخزونها من العلاجات الوقائية للأطفال، وسجلت نقصًا حادًا في مخزون علاج سوء التغذية الحاد، مضيفة أن هناك أكثر من 116 ألف طن متري من الغذاء، وهي كمية تكفي لإطعام مليون شخص لأربعة أشهر، لا تزال عالقة في الممرات الإنسانية، بانتظار فتح المعابر.
الزراعة في مهب الحرب: الأرض لا تنتج والماشية تنفق
أفادت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بأن 93% من سكان غزة في وضع غذائي حرج أو أسوأ، فيما يواجه 12% نحو 244 ألف شخص خطر المجاعة الفعلية.
فضلًا عن تدمير 75% من الأراضي الزراعية، وخرجت 83% من آبار الري عن الخدمة، ونفق عدد كبير من الماشية، مما ساهم في فقدان أي قدرة محلية على إنتاج الغذاء.
صرخات من الداخل: جوع يغمى له الأطباء
في تصريح صادم، قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، أن الوضع في غزة أشبه بـ"جحيم على الأرض"، لافتًا أن الأطباء والعاملون في المجال الإنساني يغمى عليهم من الجوع والإرهاق.
وأعلنت الأونروا أن أكثر من 1000 شخص لقوا حتفهم جوعًا منذ نهاية مايو، خلال محاولاتهم الحصول على المساعدات، خلال منشور لها على حسابها في فيسبوك، قائلة: "حتى موظفينا يتضورون جوعًا".
وأكدت منظمة اليونيسف أن الجوع في غزة بلغ مستويات كارثية بين الأطفال، وقالت إن الوصول للمساعدات محدود جدًا ومحفوف بالمخاطر، والمياه النظيفة دون مستوى الطوارئ.
المساعدات تحت النار: الموت في طوابير الغذاء
ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن 20 شخصًا توفوا خلال يومين فقط نتيجة مضاعفات سوء التغذية، بينهم رحيل محمد رصرص (32 عامًا)، والطفل عبد الحميد الغلبان (14 عامًا).
ولم يسلم منتظرو المساعدات من الرصاص، حيث قُتل 73 شخصًا وأُصيب أكثر من 150 آخرين أثناء انتظارهم عند نقاط توزيع الغذاء، وفق ما نقلته وزارة الصحة وتقارير طبية محلية.
وفي 10 يوليو، لقي 14 طفلًا مصرعهم بعد استهداف مركز لتوزيع المكملات الغذائية في غزة، في واحدة من أبشع الهجمات التي وثّقتها المنظمات الإنسانية.
تحذيرات دولية ونداءات أخيرة: الوقت ينفد
تجمع منظمات الأمم المتحدة على أن الكارثة لا تزال تتفاقم، وتحذر من أن استمرار الحصار سيؤدي إلى مجاعة شاملة يصعب السيطرة عليها.
وطالبت الأونروا، واليونيسف، وبرنامج الغذاء العالمي بـ:
رفع الحصار فورًا
إدخال المساعدات الغذائية والدوائية دون قيود
الالتزام الكامل بالقانون الإنساني الدولي
الساعة تدق، والمجاعة لم تعد احتمالًا، بل أصبحت واقعًا، فهل ينتظر العالم إعلان "المجاعة رسميًا" كي يتحرك؟ أم أن أرواح المدنيين في غزة لا تكفي لفرض تحرك عاجل يوقف هذا الانهيار الإنساني؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

في «غزة الجائعة».. لا وقت لـ«حرب المصطلحات»
في «غزة الجائعة».. لا وقت لـ«حرب المصطلحات»

العين الإخبارية

timeمنذ يوم واحد

  • العين الإخبارية

في «غزة الجائعة».. لا وقت لـ«حرب المصطلحات»

جدل فني ولفظي لا معنى له حول إعلان المجاعة في غزة إزاء الوضع الطارئ والحاجات الملحة في قطاع تزهق فيه أرواح كثيرة بسبب الجوع. ويقول جان مارتان باور مدير تحليل الأمن الغذائي في برنامج الأغذية العالمي إن "أي إعلان مجاعة... يأتي بعد فوات الأوان. حين تعلن المجاعة رسميا، تكون أزهقت أرواح كثيرة". ففي الصومال، حين أعلنت المجاعة رسميا عام 2011، كان نصف العدد الإجمالي لضحايا الكارثة قضوا جوعا قبل ذلك الحين. لكن عمليا، يبدو المسار أكثر تعقيدا، فإن كانت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية تحذر من خطر مجاعة وشيكة في غزة، إلا أنه لا يمكن إعلان المجاعة رسميا إلا بموجب معايير محددة تقوم على أدلة علمية. ومن المستحيل حاليا توفير هذه الأدلة لأسباب عدة أبرزها صعوبة الدخول إلى القطاع أو حتى التنقل فيه. ما هي المجاعة؟ تم تعريف مصطلح "المجاعة" منذ العام 2004 بموجب مقاييس دقيقة وصارمة تستند إلى مؤشر لقياس الأمن الغذائي يعرف بـ"التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" (IPC) ويقوم على معايير علمية دولية. والمجاعة هي المرحلة الخامسة والأشدّ من هذا المقياس (IPC5)، وتتميز بـ "الحرمان الشديد من الغذاء". وتحدث المجاعة في منطقة محددة عند بلوغ ثلاث عتبات، وهي حين تواجه 20% من الأسر فيها نقصا حادا في الغذاء، ويعاني 30% من الأطفال سوء التغذية الحاد، ويموت شخصان بالغان من كل عشرة آلاف يوميا "كنتيجة مباشرة للجوع أو للتفاعل بين سوء التغذية والمرض". وعندما تتحقق هذه المعايير، يعود للجهات المعنية على مستوى البلاد كالحكومات ووكالات الأمم المتحدة أن تعلن حالة المجاعة. ما هو الوضع في غزة؟ أعلنت أماند بازيرول منسقة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود "لا يمكننا اليوم إجراء التحقيقات التي تسمح لنا بتوصيف المجاعة رسميا"، مضيفة "من المستحيل علينا معاينة (السكان) ... لأخذ مقاساتهم وتقييم نسبة الوزن إلى الطول وما إلى ذلك". من جانبه، قال جان رافايل بواتو مسؤول الشرق الأوسط في منظمة "العمل ضد الجوع"، إن "ما يعقد الأمور إلى حد بعيد كل هذه التنقلات المتواصلة (نزوح السكان القسري مع إصدار الجيش الإسرائيلي تعليمات بالإخلاء)، وتعذر الذهاب إلى شمال (القطاع) كما إلى أماكن كثيرة حيث السكان الأكثر عرضة" لنقص الغذاء. وأوضح نبيل طبال من برنامج الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية "واجهنا صعوبات على صعيد البيانات والوصول إلى المعلومات"، مشددا "نحن في حاجة ماسة للاستناد إلى بيانات موثوقة... وهذا العمل جار". والمؤشرات القليلة المتوافرة ترسم صورة مقلقة عن الوضع الغذائي في القطاع، في وقت حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس بأن "نسبة كبيرة" من السكان "تتضور جوعا". من جانبه، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الجمعة أن حوالي ثلث سكان القطاع "لا يأكلون لأيام"، مشيرا إلى تزايد سوء التغذية بشكل كبير. وأكد أحد مستشفيات غزة الثلاثاء وفاة 21 طفلا خلال 73 ساعة جراء سوء التغذية والجوع. والمواد الغذائية النادرة جدا المتوافرة في القطاع لا يمكن الحصول عليها بسبب ارتفاع أسعارها إلى حدّ باهظ، حيث بلغ سعر كيلوغرام الطحين مئة دولار، في وقت جعلت الحرب الأراضي الزراعية غير صالحة. وتفيد المنظمات غير الحكومية بأن شاحنات المساعدات العشرين تقريبا التي تدخل القطاع يوميا تتعرض بشكل منتظم للنهب، وهي بالأساس غير كافية إطلاقا لسد حاجات أكثر من مليوني نسمة من سكان غزة. وقالت أماند بازيرول "بات الأمر محض تقني أن نشرح أننا في وضع انعدام حاد للأمن الغذائي من الدرجة الرابعة على التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، يطال السكان بصورة شبه كاملة، فهذا لا يعني شيئا للناس، في حين أننا في الواقع نتوجه بسرعة إلى المجاعة، هذا مؤكد". هل ما زال من الممكن تفاديها؟ دعت حوالي مئة منظمة غير حكومية دولية وأطباء من العالم وكاريتاس ومنظمة العفو الدولية وأوكسفام، إسرائيل إلى فتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية. لكن الجيش الإسرائيلي ينفي أن يكون يمنع دخول المساعدات، وأكد الثلاثاء أن ثمة 950 شاحنة مساعدات في غزة تنتظر أن تتسلمها الوكالات الدولية لتوزيعها. غير أن المنظمات غير الحكومية تندد بالقيود الصارمة التي تفرضها إسرائيل، وتنتقد نظام التوزيع الذي أقامته إسرائيل والولايات المتحدة عبر هيئة خاصة تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية". واتهمت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الثلاثاء الجيش الإسرائيلي بقتل أكثر من ألف شخص في غزة منذ نهاية مايو/ أيار الماضي أثناء سعيهم للحصول على مساعدات إنسانية، وكان معظمهم قرب مراكز مؤسسة غزة الإنسانية. وترى فرنسا أن "خطر المجاعة" في غزة هو "نتيجة الحصار" الذي تفرضه إسرائيل، على ما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأربعاء. ورد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر "ليس هناك في غزة اليوم مجاعة تسببت بها إسرائيل"، متهما حركة حماس بمنع توزيع المساعدات وبنهبها، وهو ما تنفيه الحركة. aXA6IDgyLjIyLjIxMi4xMjQg جزيرة ام اند امز CH

أطفال غزة يموتون جوعاً.. نداء اليونيسف يزلزل الضمائر
أطفال غزة يموتون جوعاً.. نداء اليونيسف يزلزل الضمائر

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 4 أيام

  • سكاي نيوز عربية

أطفال غزة يموتون جوعاً.. نداء اليونيسف يزلزل الضمائر

وبينما تحذر منظمة اليونيسف من "مجزرة غذائية" بحق أطفال غزة، تكتفي دول العالم ببيانات الإدانة التي لا تُشبع جائعاً ولا تُنقذ طفلاً من براثن الموت البطيء. فهل بات الجوع أداة حرب؟ وهل تقف الأمم المتحدة عاجزة أمام مشهد إبادة جماعية واضحة المعالم؟ المجاعة تهزم الطفولة في حديثه لبرنامج رادار على قناة "سكاي نيوز عربية"، أطلق المتحدث باسم منظمة اليونيسف، كاظم أبو خلف، تحذيرات مدوية من مجاعة حقيقية تضرب أطفال غزة. وقال: "هناك العشرات من الأطفال يسقطون الآن في ترجمة فعلية لتقرير صدر بداية مايو، والذي توقع أن يسقط نحو 470 ألف شخص في دائرة سوء التغذية بحلول سبتمبر." الجوع، كما أوضح، لا يرحم أحداً، لكنه يفتك أولاً بالأطفال، إذ لا يملكون القوة أو الوسائل لمواجهته. وسرد تفاصيل قاتمة عن أطفال يموتون "بالقصف، والبرد، والآن بالجوع والعطش وسوء التغذية". هذه المأساة، بحسب أبو خلف، لا تتعلق فقط بغياب الغذاء، بل أيضاً بانهيار منظومة التوزيع وغياب الممرات الآمنة والآليات الدولية للإنقاذ. وأضاف: "نحتاج إلى مساعدات بنطاق واسع تُسلّم للعاملين الإنسانيين وتوزع عبر ممرات آمنة، وإلا فكل بيان إدانة لا يتعدى كونه مسكناً مؤقتاً للضمير العالمي." إسرائيل والمساعدات كشف أبو خلف أن إدخال المساعدات توقف كلياً لمدة 78 يوماً، من 2 مارس حتى 19 مايو، ولم يدخل إلى غزة خلالها أي شيء. ومع إعادة فتح المعابر جزئياً، لا يتعدى عدد الشاحنات 30 يومياً، مقارنة بـ600 شاحنة قبل الحرب. والنتيجة: مساعدات "لا تسمن ولا تغني من جوع". ويحذّر من أن المساعدات أصبحت "أداة تفاوض"، إذ ربط المجتمع الدولي إدخالها بالمفاوضات السياسية، وهو ما وصفه بـ"الخطأ الكبير". وقال: "المجتمع الدولي أخطأ حين قبل بأن تكون المساعدات نفسها أداة ضغط وتفاوض." يرى المتحدث باسم اليونيسف أن بيانات الإدانة الصادرة من بعض الدول "تحبس هذه الدول في مربع الإدانة دون الفعل"، مشدداً على أن "البيانات لا تكفي ولن تكفي"، طالما لم تتحول إلى ضغوط حقيقية تؤدي إلى فتح ممرات آمنة وإنهاء نزيف الطفولة. واختتم بتحذير بالغ القسوة: "معدل سقوط الأطفال 28 يومياً. هذه أرقام غير مسبوقة. إذا لم يتحرك العالم الآن، فسيبدو أنه مستكين ومتقبل لفكرة أن يُباد شعب بأكمله." إبادة جماعية ممنهجة و خلال مداخلته، قال الكاتب والمحلل السياسي جمال زقوت إن إسرائيل لا تمارس فقط جريمة حرب، بل ترتكب جرائم إبادة جماعية مكتملة الأركان من خلال سياسة التجويع. وأضاف "التجويع سياسة مقصودة لمضاعفة أشكال الموت، بعد أن تجاوز عدد القتلى والجرحى 200 ألف إنسان، ولم تعد الملاجئ ولا مخيمات النزوح آمنة من القصف." ويضيف زقوت أن المأساة لا تقتصر على غزة، بل تمتد إلى الضفة الغربية التي تشهد بدورها حملات قتل ومصادرة أراضٍ وسياسات ضم تهدد وجود الفلسطينيين ككيان بشري وجغرافي. ويطرح زقوت تساؤلات أخلاقية صادمة: "إذا كانت إسرائيل تستهدف غزة لأنها تحت حكم حماس، فما تفسير ما يحدث في جنين وطولكرم ونابلس؟" مؤكدًا أن ما يجري هو "حرب إبادة شاملة ضد الشعب الفلسطيني" وليس مجرد رد عسكري على تنظيم مسلح. كشف زقوت أن النقاشات الجارية داخل الإدارة الأميركية، ومنها لقاء رئيس الموساد في البيت الأبيض، تبحث في "خيار التهجير الطوعي" كحل إنساني. واعتبر ذلك غطاء دبلوماسيًا لما وصفه بـ"التطهير العرقي". ويقول: "عندما تُلوّح واشنطن بعقوبات على المقررة الخاصة لحقوق الإنسان، أو تهدد قضاة المحكمة الجنائية الدولية، فإنها تُمارس شراكة مباشرة في جرائم الإبادة." ودعا زقوت، الأمين العام للأمم المتحدة إلى الدعوة فورًا لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، تحت البند السابع، من أجل وقف ما وصفه بـ"الإبادة الجماعية" في غزة. كما حثّ حركة حماس على إعلان استعدادها لتسليم السلاح والغذاء والأمن لحكومة وفاق وطني فلسطينية، مؤكداً أن اتفاق بكين الأخير يمكن أن يشكل أرضية لتوحيد الصف الفلسطيني ومواجهة المرحلة. في المقابل، قدّم الباحث في مؤسسة "هيريتيغ" الأميركية نايل غاردنر رواية مغايرة تماماً للمشهد. فبحسبه، إسرائيل لا تستهدف المدنيين، وإنما "إرهابيي حماس"، معتبراً أن الحل الإنساني يتمثل في استسلام حماس وإطلاق الرهائن. "الوضع الإنساني يمكن أن يتوقف فوراً إذا استسلمت حماس. حماس مسؤولة عن كل ما يجري في غزة اليوم." كما دعا بشكل صريح إلى "ترحيل سكان غزة إلى دول عربية مجاورة، بما فيها مصر"، باعتبار أن القطاع لم يعد مكاناً قابلاً للحياة. تصريحات غاردنر عكست توجهاً لدى بعض الدوائر في واشنطن وتل أبيب لا ترى في غزة سوى عبء ديمغرافي يجب التخلص منه. وهذا الطرح، بحسب مراقبين فلسطينيين، يُعيد للأذهان مشاريع "الترانسفير" القديمة التي طُرحت في مراحل مختلفة من النزاع. متى ينتصر صوت الضمير على السلاح؟ المشهد في غزة لم يعد يحتمل المزيد من البيانات العقيمة أو الإدانات المعلبة. صور الأطفال الجوعى، وأرقام الضحايا، وتحذيرات المنظمات الأممية، ترسم ملامح كارثة إنسانية تتجاوز كل حدود المعقول. وبين روايتين متناقضتين: واحدة ترى في غزة جريمة إبادة موثقة، وأخرى تلقي باللوم على حماس، يضيع صوت الأطفال. لكن الحقيقة التي لا خلاف عليها، كما قالها المتحدث باسم اليونيسف، هي أن "أطفال غزة يموتون الآن، والعالم يكتفي بالمشاهدة." فهل يتحرك المجتمع الدولي لإنقاذ ما تبقى من ضمير؟ أم أنه بالفعل بات شريكًا في جريمة تُرتكب على الهواء مباشرة؟

انهيار سلاسل الأمن الغذائي والقطاع يتحول إلى "جحيم على الأرض".. وفاة رحيل رصرص وعبد الحميد الغلبان تفتح قوس المجاعة على مصراعيه.. منظمات إنسانية: الصمت الدولي شريك في الجريمة
انهيار سلاسل الأمن الغذائي والقطاع يتحول إلى "جحيم على الأرض".. وفاة رحيل رصرص وعبد الحميد الغلبان تفتح قوس المجاعة على مصراعيه.. منظمات إنسانية: الصمت الدولي شريك في الجريمة

البوابة

timeمنذ 5 أيام

  • البوابة

انهيار سلاسل الأمن الغذائي والقطاع يتحول إلى "جحيم على الأرض".. وفاة رحيل رصرص وعبد الحميد الغلبان تفتح قوس المجاعة على مصراعيه.. منظمات إنسانية: الصمت الدولي شريك في الجريمة

البطون خاوية، والأعين ذابلة، والوجوه شاحبة.. لم يعد الجوع في غزة مجرد شعور، بل صار وجعًا دائمًا ينهش الأجساد الصغيرة، بينما يقف الآباء عاجزين عن إنقاذ أبنائهم. لم تعد غزة تواجه الحرب وحدها، بل صار الجوع عدوها الحقيقي، يحاصر أرواح المدنيين وسط صمت العالم، وصرخات أمهات لا تجد من يسمع، وأطفال يموتون، لا بالرصاص، بل من الجوع. هنا، أصبح الشعار مرًّا وواضحًا " إما أن يصل الغذاء... أو يصل الموت أولًا ". مؤشرات المجاعة: أرقام تنذر بكارثة شاملة أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي تحذيرات متكررة من مجاعة وشيكة، مؤكدين أن أكثر من 470 ألف شخص في قطاع غزة باتوا في المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، أي في حالة جوع "كارثي". ويعيش جميع سكان القطاع، البالغ عددهم أكثر من مليوني شخص، في درجات مختلفة من انعدام الأمن الغذائي الحاد. من المتوقع أن يحتاج نحو 71 ألف طفل و17 ألف أم إلى علاج فوري من سوء التغذية الحاد، وهو ارتفاع مقلق مقارنةً بـ60 ألف طفل مطلع العام. وأكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، أن: "عائلات غزة تتضور جوعًا، بينما يبقى الطعام الذي يحتاجونه محاصرًا على الحدود". من جانبها، حذرت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف، أن الجوع لا يظهر فجأة، بل هو نتاج تراكمات حين تمنع المساعدات، وتنهار الأنظمة الصحية، ويترك الأطفال دون أدنى وسائل للبقاء. المعابر المغلقة: المساعدات تقف على الأبواب منذ 2 مارس 2025، تعيش غزة تحت حصار خانق تسبب في توقف كامل تقريبًا لتدفق المساعدات، ونتيجة لهذا الحصار، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بما يصل إلى 3000% في بعض الحالات، ما جعلها خارج متناول معظم الأسر. أعلن برنامج الأغذية العالمي في 25 أبريل نفاد مخزوناته، وتوقفت المخابز المدعومة عن العمل بعد نفاد دقيق القمح ووقود الطهي، وحتى طرود الإعاشة التي تكفي لأسبوعين استنفدت في نفس الأسبوع. كما أعلنت اليونيسف عن نفاد مخزونها من العلاجات الوقائية للأطفال، وسجلت نقصًا حادًا في مخزون علاج سوء التغذية الحاد، مضيفة أن هناك أكثر من 116 ألف طن متري من الغذاء، وهي كمية تكفي لإطعام مليون شخص لأربعة أشهر، لا تزال عالقة في الممرات الإنسانية، بانتظار فتح المعابر. الزراعة في مهب الحرب: الأرض لا تنتج والماشية تنفق أفادت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بأن 93% من سكان غزة في وضع غذائي حرج أو أسوأ، فيما يواجه 12% نحو 244 ألف شخص خطر المجاعة الفعلية. فضلًا عن تدمير 75% من الأراضي الزراعية، وخرجت 83% من آبار الري عن الخدمة، ونفق عدد كبير من الماشية، مما ساهم في فقدان أي قدرة محلية على إنتاج الغذاء. صرخات من الداخل: جوع يغمى له الأطباء في تصريح صادم، قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، أن الوضع في غزة أشبه بـ"جحيم على الأرض"، لافتًا أن الأطباء والعاملون في المجال الإنساني يغمى عليهم من الجوع والإرهاق. وأعلنت الأونروا أن أكثر من 1000 شخص لقوا حتفهم جوعًا منذ نهاية مايو، خلال محاولاتهم الحصول على المساعدات، خلال منشور لها على حسابها في فيسبوك، قائلة: "حتى موظفينا يتضورون جوعًا". وأكدت منظمة اليونيسف أن الجوع في غزة بلغ مستويات كارثية بين الأطفال، وقالت إن الوصول للمساعدات محدود جدًا ومحفوف بالمخاطر، والمياه النظيفة دون مستوى الطوارئ. المساعدات تحت النار: الموت في طوابير الغذاء ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن 20 شخصًا توفوا خلال يومين فقط نتيجة مضاعفات سوء التغذية، بينهم رحيل محمد رصرص (32 عامًا)، والطفل عبد الحميد الغلبان (14 عامًا). ولم يسلم منتظرو المساعدات من الرصاص، حيث قُتل 73 شخصًا وأُصيب أكثر من 150 آخرين أثناء انتظارهم عند نقاط توزيع الغذاء، وفق ما نقلته وزارة الصحة وتقارير طبية محلية. وفي 10 يوليو، لقي 14 طفلًا مصرعهم بعد استهداف مركز لتوزيع المكملات الغذائية في غزة، في واحدة من أبشع الهجمات التي وثّقتها المنظمات الإنسانية. تحذيرات دولية ونداءات أخيرة: الوقت ينفد تجمع منظمات الأمم المتحدة على أن الكارثة لا تزال تتفاقم، وتحذر من أن استمرار الحصار سيؤدي إلى مجاعة شاملة يصعب السيطرة عليها. وطالبت الأونروا، واليونيسف، وبرنامج الغذاء العالمي بـ: رفع الحصار فورًا إدخال المساعدات الغذائية والدوائية دون قيود الالتزام الكامل بالقانون الإنساني الدولي الساعة تدق، والمجاعة لم تعد احتمالًا، بل أصبحت واقعًا، فهل ينتظر العالم إعلان "المجاعة رسميًا" كي يتحرك؟ أم أن أرواح المدنيين في غزة لا تكفي لفرض تحرك عاجل يوقف هذا الانهيار الإنساني؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store