logo
معرض الدوحة للكتاب.. مشروع وطني متكامل

معرض الدوحة للكتاب.. مشروع وطني متكامل

جريدة الوطن١٣-٠٥-٢٠٢٥

في زمنٍ تتصارع فيه الدول على مَن يملك «رأس المال الثقافي»، لم تعد المعارض مجرد رفوف مليئة بالكتب، بل تتحول إلى منصات استراتيجية لإنتاج الوعي، وتمكين الهوية، وتوسيع النفوذ الفكري للدولة.
ومعرض الدوحة الدولي للكتاب لم يعد تظاهرة سنوية فحسب، بل أصبح مرآة تعكس التحولات العميقة التي تقودها دولة قطر في مجال الثقافة كقوة ناعمة، ومصدر سيادي للتأثير الإقليمي والدولي، من خلال قيادة ثقافية واعية من وزارة الثقافة، ورؤية سيادية يدعمها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يرتقي هذا الحدث ليُجسد استراتيجية وطنية لبناء الإنسان والمعرفة في آنٍ معًا، وها نحن، في نسختة الرابعة والثلاثين، نقف أمام نموذج ثقافي مختلف… ليس فقط في الحجم، بل في الوظيفة والدلالة والرسالة.
ففلم تعد الثقافة في قطر مجرّد تعبير رمزي عن الهوية، بل أصبحت أحد أعمدة الدولة الحديثة، وأداة استراتيجية لتعزيز السيادة الوطنية الناعمة، وتنمية رأس المال البشري في ظل اقتصاد المعرفة.
وفي هذا السياق، يُعد معرض الدوحة الدولي للكتاب أحد أذرع الدولة الناعمة الأكثر تأثيرًا، لما يمثّله من منصة سنوية لإعادة تشكيل الوعي الوطني وتصدير الرؤية الثقافية القطرية للعالم.
جهود وزارة الثقافة
تُجسّد وزارة الثقافة، بقيادة سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني، نموذجًا حديثًا للقيادة الثقافية القائم على الرؤية والسياسات طويلة المدى.
وتتماهى هذه الجهود مع رؤية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، التي تعتبر أن الاستثمار في المعرفة هو أساس التنمية البشرية والاجتماعية، ومرتكز أساسي لرؤية قطر الوطنية 2030.
وفي هذا الإطار، أصبح المعرض السنوي ليس مجرد فعالية، بل مؤسسة ثقافية وطنية تعزز الاستدامة الفكرية.
وفي نسخته الرابعة والثلاثين، شهد المعرض مشاركة 522 دار نشر من 43 دولة، وهي النسبة الأعلى منذ انطلاقه.
وتأتي مشاركة سلطنة عمان كضيف شرف لهذا العام ضمن مساعي المعرض لتعزيز التقاطع الخليجي الثقافي، حيث قدمت السلطنة مجموعة من المخطوطات النادرة والعروض التراثية التي أثرت البرنامج الثقافي.
ومن خلال تقديم خدمة «مرشد القراءة»، وتنظيم أكثر من 150 ندوة فكرية، وتحويل المعرض إلى مركز نقاش ثقافي يومي، باتت القراءة مرتبطة بصناعة القرار الثقافي والفكري، لا بالاستهلاك.
النشر القطري
وسجّلت دور النشر القطرية حضورًا نوعيًا يعكس نضج المشهد المحلي، فقد قدمت دار كتارا للنشر أكثر من 350 عنوانًا، بينما عرضت دار روزا 230 إصدارًا، 85 % منها لمؤلفين قطريين، في مؤشرات واضحة على نمو سوق المعرفة المحلية، وتحوّل دور النشر إلى أدوات استراتيجية في تعزيز الناتج المعرفي الوطني.
إن ما تقوم به دولة قطر من خلال هذا المعرض هو إعادة تموضع ثقافي إقليمي ودولي، عبر رسالة مفادها أن الثقافة ليست ترفًا، بل جزء من معادلة التأثير السياسي والدبلوماسي.
معرض الدوحة اليوم يُكمل أدوار مؤسسات مثل متاحف قطر، مؤسسة قطر، والجزيرة، في صياغة رؤية ناعمة متكاملة توازي القوة الاقتصادية والرياضية للدولة.
الكتاب والطفل
من خلال «واحة الطفل» وورش التفاعل القرائي، تتم صياغة علاقة الطفل بالكتاب منذ سنواته الأولى.
وهو ما يُترجم رؤية بعيدة المدى في تربية جيل قارئ ومشارك في المعرفة، لا مجرد متلقٍ للمحتوى.
وهنا يتحول المعرض من فعالية إلى أداة تعليمية غير نظامية تخدم أهداف التعليم الوطني.
توصيات للمستقبل
ومع النجاح السنوي المتكرر، آن الأوان لتحويل معرض الدوحة إلى كيان مؤسسي مستقل يمتد تأثيره لما بعد أيامه العشرة، عبر: إنشاء منصة رقمية مستدامة للكتاب القطري، إطلاق مؤشر سنوي لقراءة المجتمع القطري، تطوير شراكات مع دور نشر عالمية لنقل الإنتاج المحلي للخارج، دمج الثقافة بالسياسات الاجتماعية والاقتصادية كرافعة للتأثير المحلي.
ومعرض الدوحة للكتاب ليس مجرد تظاهرة ثقافية، بل هو مشروع وطني متكامل، يجمع بين التنمية الثقافية، والسيادة المعرفية، والهوية الحضارية.
وما تقوم به وزارة الثقافة اليوم، هو وضع الكتاب في مكانه الصحيح: في قلب مشروع النهضة الوطنية.
بقلم: د. بثينة حسن الأنصاري خبيرة تطوير التخطيط الاستراتيجي والموارد البشرية

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

‫ شراكة لإطلاق «آرت بازل قطر 2026».. المياسة بنت حمد: منح مواهبنا تجارب فنية جديدة وفرصًا استثنائية
‫ شراكة لإطلاق «آرت بازل قطر 2026».. المياسة بنت حمد: منح مواهبنا تجارب فنية جديدة وفرصًا استثنائية

العرب القطرية

timeمنذ 14 ساعات

  • العرب القطرية

‫ شراكة لإطلاق «آرت بازل قطر 2026».. المياسة بنت حمد: منح مواهبنا تجارب فنية جديدة وفرصًا استثنائية

الدوحة - العرب أعلنت مجموعة آرت بازل، وقطر للاستثمارات الرياضية، وكيو سي+، عن شراكة استراتيجية لإطلاق 'آرت بازل قطر'، أول معرض للفن الحديث والمعاصر تنظمه المؤسسة العالمية في منطقة الشرق الأوسط، وذلك في فبراير 2026 بالدوحة، في مركز M7 وحيّ الدوحة للتصميم في مشيرب قلب العاصمة. يشكل المعرض منصة دولية لعرض أعمال المعارض والمواهب الفنية من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، وسيتضمن فعاليات تمتد على مدار العام لتعزيز التبادل الثقافي وتوسيع شبكة مقتني الأعمال الفنية في المنطقة. وتأتي المبادرة بدعم من رؤية قطر الثقافية والتنموية، عبر مؤسسات رائدة تعمل على دمج الثقافة في النسيج المجتمعي والاقتصادي. وأكدت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر: في بيان صادر عن متاحف قطر أمس 'بتوجيهات من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وفي إطار رؤية قطر الوطنية 2030، تعمل قطر على التحول إلى اقتصاد قائم على المعرفة، تُسهم فيه الثقافة والصناعات الإبداعية في تمهيد الطريق لهذا الهدف. وقالت سعادتها « لقد بنينا منظومة مزدهرًة للثقافة والرياضة، مستثمرين قدراتهما على كسر الحواجز، وخلق تجارب مشتركة، وتعميق التفاهم، ودفع عجلة التغيير الإيجابي نحو الأمام. افتتحنا متحف قطر الوطني و3-2-1 متحف قطر الأولمبي والرياضي، وسنبدأ هذا العام بتشييد متحف لوسيل، ودَدُ: متحف الأطفال في قطر. وأضافت سعادتها: بينما تحتفي متاحف قطر بالذكرى العشرين لتأسيسها، يسعدنا أن نرحب بمؤسسة آرت بازل كشريك لنا لتدعيم مبادرات قطر في دعم الصناعات الإبداعية في منطقتنا، ومنح مواهبنا تجارب فنية جديدة وفرصًا استثنائية.' وقال ناصر الخليفي، رئيس مجلس إدارة قطر للاستثمارات الرياضية، ونوا هورويتز، الرئيس التنفيذي لآرت بازل، وأندريا زابيا، الرئيس التنفيذي لمجموعة MCH، إن الشراكة تمثل نموذجًا رائدًا للتعاون بين الثقافة والرياضة والاستثمار، وستمثل بوابة للفن العالمي إلى منطقة الشرق الأوسط

‫ إبراهيم عبدالهادي المؤلف الفلسطيني الشاب لـ»العرب»: «نازح» حكاية كل غزاوي يغادر بيته تحت القصف
‫ إبراهيم عبدالهادي المؤلف الفلسطيني الشاب لـ»العرب»: «نازح» حكاية كل غزاوي يغادر بيته تحت القصف

العرب القطرية

timeمنذ 6 أيام

  • العرب القطرية

‫ إبراهيم عبدالهادي المؤلف الفلسطيني الشاب لـ»العرب»: «نازح» حكاية كل غزاوي يغادر بيته تحت القصف

الدوحة - العرب شهد معرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والثلاثين توقيع كتاب نازح للمؤلف الفلسطيني الشاب إبراهيم محمد عبدالهادي، والصادر عن دار روزا للنشر والتوزيع. وحول كتاب نازح قال إبراهيم عبدالهادي في تصريح لـ «العرب» كلمة 'نازح' تعني الإنسان الذي يُجبر على مغادرة منزله قسرًا، دون إرادة منه، وتحت ظروف قاسية ومؤلمة. في كتابي نازح، أسرد تجربتي الشخصية، حيث نزحتُ تسع مرات داخل قطاع غزة، في رحلات مرهقة بين وسط القطاع، شماله، جنوبه، ثم عودتي إلى الوسط مرة أخرى. كل تلك التنقلات كانت نتيجة إخلاءات قسرية فرضها الاحتلال الإسرائيلي، في مشاهد مأساوية، بعضها جرى في الليل وبعضها في وضح النهار. وأضاف أن البطل في هذا الكتاب هو أنا. دونت تجربتي في النزوح داخل غزة، وهي تجربة مؤلمة لا تُنسى. كتبتُ هذا الكتاب في قطر، بعد أن كانت محطتي الأخيرة في رحلة النزوح الطويلة. حاولت أن أسترجع كل التفاصيل والمشاهد التي مررت بها، ولكنني أعلم أنني، رغم جهدي، لم أتمكن من نقل كل المعاناة التي عشتها هناك. يركز الكتاب بشكل أساسي على تسع محطات من النزوح، بدأتُ بتوثيقها قبل يومين فقط من 7 أكتوبر، واستمرّت حتى مغادرتي غزة. خلال هذه المحطات، واجهتُ تحديات رهيبة، من أهمها الخوف الدائم من القصف، والرعب من المجهول. أحيانًا كنت أمشي في الظلام لا أعلم إلى أين أذهب، ولا أعرف ما الذي ينتظرني في المكان الذي سأصل إليه. وتابع رسالتي من هذا الكتاب أن أنقل صوت النازح الغزي الحقيقي، لا من خلال محلل أو ناقل، بل من لسان من عاش التجربة. أرجو من القارئ أن يحاول، خلال قراءته، أن يشعر وكأنه هو من ينزح، وأن يرى بوضوح حجم الألم والمعاناة التي يمر بها أهل غزة.

معرض الدوحة للكتاب.. مشروع وطني متكامل
معرض الدوحة للكتاب.. مشروع وطني متكامل

جريدة الوطن

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • جريدة الوطن

معرض الدوحة للكتاب.. مشروع وطني متكامل

في زمنٍ تتصارع فيه الدول على مَن يملك «رأس المال الثقافي»، لم تعد المعارض مجرد رفوف مليئة بالكتب، بل تتحول إلى منصات استراتيجية لإنتاج الوعي، وتمكين الهوية، وتوسيع النفوذ الفكري للدولة. ومعرض الدوحة الدولي للكتاب لم يعد تظاهرة سنوية فحسب، بل أصبح مرآة تعكس التحولات العميقة التي تقودها دولة قطر في مجال الثقافة كقوة ناعمة، ومصدر سيادي للتأثير الإقليمي والدولي، من خلال قيادة ثقافية واعية من وزارة الثقافة، ورؤية سيادية يدعمها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يرتقي هذا الحدث ليُجسد استراتيجية وطنية لبناء الإنسان والمعرفة في آنٍ معًا، وها نحن، في نسختة الرابعة والثلاثين، نقف أمام نموذج ثقافي مختلف… ليس فقط في الحجم، بل في الوظيفة والدلالة والرسالة. ففلم تعد الثقافة في قطر مجرّد تعبير رمزي عن الهوية، بل أصبحت أحد أعمدة الدولة الحديثة، وأداة استراتيجية لتعزيز السيادة الوطنية الناعمة، وتنمية رأس المال البشري في ظل اقتصاد المعرفة. وفي هذا السياق، يُعد معرض الدوحة الدولي للكتاب أحد أذرع الدولة الناعمة الأكثر تأثيرًا، لما يمثّله من منصة سنوية لإعادة تشكيل الوعي الوطني وتصدير الرؤية الثقافية القطرية للعالم. جهود وزارة الثقافة تُجسّد وزارة الثقافة، بقيادة سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني، نموذجًا حديثًا للقيادة الثقافية القائم على الرؤية والسياسات طويلة المدى. وتتماهى هذه الجهود مع رؤية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، التي تعتبر أن الاستثمار في المعرفة هو أساس التنمية البشرية والاجتماعية، ومرتكز أساسي لرؤية قطر الوطنية 2030. وفي هذا الإطار، أصبح المعرض السنوي ليس مجرد فعالية، بل مؤسسة ثقافية وطنية تعزز الاستدامة الفكرية. وفي نسخته الرابعة والثلاثين، شهد المعرض مشاركة 522 دار نشر من 43 دولة، وهي النسبة الأعلى منذ انطلاقه. وتأتي مشاركة سلطنة عمان كضيف شرف لهذا العام ضمن مساعي المعرض لتعزيز التقاطع الخليجي الثقافي، حيث قدمت السلطنة مجموعة من المخطوطات النادرة والعروض التراثية التي أثرت البرنامج الثقافي. ومن خلال تقديم خدمة «مرشد القراءة»، وتنظيم أكثر من 150 ندوة فكرية، وتحويل المعرض إلى مركز نقاش ثقافي يومي، باتت القراءة مرتبطة بصناعة القرار الثقافي والفكري، لا بالاستهلاك. النشر القطري وسجّلت دور النشر القطرية حضورًا نوعيًا يعكس نضج المشهد المحلي، فقد قدمت دار كتارا للنشر أكثر من 350 عنوانًا، بينما عرضت دار روزا 230 إصدارًا، 85 % منها لمؤلفين قطريين، في مؤشرات واضحة على نمو سوق المعرفة المحلية، وتحوّل دور النشر إلى أدوات استراتيجية في تعزيز الناتج المعرفي الوطني. إن ما تقوم به دولة قطر من خلال هذا المعرض هو إعادة تموضع ثقافي إقليمي ودولي، عبر رسالة مفادها أن الثقافة ليست ترفًا، بل جزء من معادلة التأثير السياسي والدبلوماسي. معرض الدوحة اليوم يُكمل أدوار مؤسسات مثل متاحف قطر، مؤسسة قطر، والجزيرة، في صياغة رؤية ناعمة متكاملة توازي القوة الاقتصادية والرياضية للدولة. الكتاب والطفل من خلال «واحة الطفل» وورش التفاعل القرائي، تتم صياغة علاقة الطفل بالكتاب منذ سنواته الأولى. وهو ما يُترجم رؤية بعيدة المدى في تربية جيل قارئ ومشارك في المعرفة، لا مجرد متلقٍ للمحتوى. وهنا يتحول المعرض من فعالية إلى أداة تعليمية غير نظامية تخدم أهداف التعليم الوطني. توصيات للمستقبل ومع النجاح السنوي المتكرر، آن الأوان لتحويل معرض الدوحة إلى كيان مؤسسي مستقل يمتد تأثيره لما بعد أيامه العشرة، عبر: إنشاء منصة رقمية مستدامة للكتاب القطري، إطلاق مؤشر سنوي لقراءة المجتمع القطري، تطوير شراكات مع دور نشر عالمية لنقل الإنتاج المحلي للخارج، دمج الثقافة بالسياسات الاجتماعية والاقتصادية كرافعة للتأثير المحلي. ومعرض الدوحة للكتاب ليس مجرد تظاهرة ثقافية، بل هو مشروع وطني متكامل، يجمع بين التنمية الثقافية، والسيادة المعرفية، والهوية الحضارية. وما تقوم به وزارة الثقافة اليوم، هو وضع الكتاب في مكانه الصحيح: في قلب مشروع النهضة الوطنية. بقلم: د. بثينة حسن الأنصاري خبيرة تطوير التخطيط الاستراتيجي والموارد البشرية

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store