
هل يعود سلاح حزب الله إلى جنوب الليطاني؟
يعبّر مسار المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران عن جنوح المشهد الإقليمي نحو مزيد من التعقيد. تؤكد الشروط الأميركية بتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 3.67% وتصدير الكميات المخصبة بنسبة 60 % وما فوق وتقليص عدد أجهزة الطرد المركزي، بالإضافة الى تواجد مراقبين أميركيين داخل المنشآت النووية، العزم على إحتواء إيران كقوة إقليمية وإدخالها الى بيت الطاعة الأميركي. وبالتوازي مع توقف المفاوضات بعد الجولة الثالثة تعرضت إيران لسلسة من التفجيرات لا يمكن فصلها عن مسار التفاوض المتعثر سواء لجهة التوقيت أو نوعية الأهداف وجسامة الخسائر.
وبصرف النظر عن صدور أي تعليق أميركي وعن إحجام طهران عن توجيه أي اتهام لإسرائيل أو للولايات المتحدة، فإنه لا يمكن تصنيف الإنفجار الهائل الذي استهدف وحدة تخزين البضائع الخطرة والمواد الكيماوية في ميناء الشهيد رجائي في بندر عباس في خانة الحوادث الطارئة. هذا مع الأخذ بعين الإعتبار أن الهجوم المذكور قد استتبع بهجوم آخر استهدف محطة تخزين بالقرب من شارع ابراهيم رئيسي في أحد ضواحي العاصمة طهران، وأدى الى حريق هائل في عدد من الحاويات التي تستقدم عادة من بندر عباس عبر محطة السكك الحديدية التي تربط بين الموقعين، مما يؤكد على العلاقة بين الإنفجارين لجهة تشابك الأهداف كما يؤكد صلتهما بالمواجهة على طاولة التفاوض النووي .
وبالتوازي مع الهجمات المجهولة الهوية على أهداف متصلة بالمشروعين النووي والصاروخي في إيران تكثفت الهجمات الحوثية على إسرائيل التي استهدف آخرها مطار بن غوريون وتسبب بموجة إنفجارات هائلة بعد فشل منظومتيّ «ثاد» الأميركية و»حيتس» الإسرائيلية فشلتا في اعتراضه. هذا وقد استتبع الهجوم الصاروخي بإعلان الحوثيين فرض حصار جوي على إسرائيل حيث أعلم مركز تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن منظمة الطيران المدني الدولي والإتّحاد الدولي للنقل الجوي بقرار الحوثيين »فرض حظر شامل للملاحة من وإلى المطارات الإسرائيلية».
الملفت في البيان الحوثي الإعلان «أن اليمن لن يقبل باستمرار حالة الإستباحة التي يحاول العدو فرضها من خلال استهداف البلدان العربية كلبنان وسوريا»، بما يؤكد بشكل واضح على محاولة إعادة ترسيم المحور الممتد من طهران الى المتوسط بعد أن تعرض لانتكاسات نوعية خلال العام المنصرم.
وفي خضم الرسائل النارية الأميركية والإيرانية بين منطقة الخليج العربي ومطار بن غوريون وجهت الولايات المتحدة رسائل في اتّجاهات مختلفة مذيّلة بتوقيع إسرائيلي، حيث تصرّ تل أبيب على فرض حصار قاتل على غزة، ويصر بنيامين نتنياهو على توسيع الهجمات عليها بهدف «الحسم» وعدم بقاء حركة حماس في القطاع. فيما تُبقي إسرائيل من جهة أخرى على احتلالها لأجزاء من الجنوب اللبناني وتقوم بهجمات على الداخل السوري تمتد من دمشق حتى أقصى الشمال تحت عنوان مهاجمة أهداف لفصائل متطرفة غير سورية، معلنةً جاهزيتها لمهاجمة أي بنى تحتية قد تحاول إيران إقامتها في أي جزء من الأراضي السورية.
يقدم الميدان المتفجر من خليج عدن الى فلسطين مروراً بسوريا ولبنان وغزة مؤشرات لتحوّل كبير في المنطقة وربما لإنفجار الكبير، سواء بتسويات غير مألوفة وربما مؤلمة بوسائل عسكرية. وقد تخذلنا المخيلة في تصوّر المشهدية الجديدة نظراً لخطورة الوضع الذي بلغته دول المنطقة التي تشظت بين طوائف متناحرة ومحاور متقاتلة.
وبصرف النظر عن التفاؤل الذي قد يتسرب من إحتمال النجاح في التوصل الى اتّفاق بين واشنطن وطهران يجنب المنطقة الصدام الكبير، فإن أي اتّفاق مرتقب سيعيد تركيب المنطقة وفق معادلات وظيفية جديدة لدولها. هذه المعادلات الجديدة ستكون بعيدة كل البعد عن أسّس سايكس بيكو التي استندت إلى نزاعات إثنية أو طائفية وكانت أقرب الى عمليات الفرز والضم العقارية منها إلى تشكيل كيانات سياسية، ستقصي دولاً إقليمية عن أدوار لطالما إطلعت بها لسنوات عديدة.
وفي هذا السياق يُطرح الهاجس الكبير حول حدود التهور التي قد تذهب إليها طهران للدفاع عن موقعها حيال التحوّل المنتظر، لا سيما بعد النموذج التدميري الذي فرضته على لبنان في حرب الإسناد والذي تفرضه تباعاً بأشكال أكثر دموية في غزة وأكثر تدميراً في اليمن؟ فإذ تراهن طهران على جعل التحوّل المرتقب أكثر كلفة على دول المنطقة لا يبقى أمامها سوى المضي في استنهاض أذرعها للقتال حتى النهاية في كل الميادين. أليس هذا ما يحصل في غزة وما يحصل في اليمن؟ أليس في احتمال عودة الحرب الى لبنان الكثير من الواقعية؟ فهل يستدرج لبنان للدفاع عن طهران مجدداً وهل يعود سلاح حزب االله الى جنوب الليطاني؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


LBCI
منذ 27 دقائق
- LBCI
مقاربة نسب الإقتراع في الانتخابات البلدية والاختيارية بين العامين 2016-2025
أصدرت وزارة الداخلية والبلديات مقارنة في نسب الإقتراع في الانتخابات البلدية والاختيارية بين العامين 2016-2025.


لبنان اليوم
منذ ساعة واحدة
- لبنان اليوم
الانتخابات البلدية في الجنوب: اختبار حاسم لنفوذ حزب الله وسط ركام الحرب وضغوط دولية لنزع السلاح
وسط أنقاض بلدات جنوب لبنان التي سُويت أجزاء منها بالأرض خلال الحرب الأخيرة، انطلقت اليوم السبت الانتخابات البلدية، في لحظة سياسية مصيرية لحزب الله، الذي يحاول إثبات حضوره الشعبي رغم الخسائر الكبيرة التي تكبّدها. الحزب الذي خاض معركة دامية مع إسرائيل منذ أكتوبر 2023 'نُصرة لغزة وتضامنًا مع حماس' – حسب روايته – يواجه اليوم تحديًا مزدوجًا: الحفاظ على نفوذه الداخلي في وقت تتزايد فيه الدعوات لنزع سلاحه، وتقديم نفسه كقوة صامدة رغم التراجع الكبير في قدراته وهيبته. في مشهد انتخابي غير اعتيادي، انتشرت في الجنوب ملصقات دعائية تدعو الناخبين لدعم لوائح الحزب، في محاولة منه لتأكيد أن قاعدته ما زالت وفية رغم الأزمة. هذه الانتخابات لا تبدو تقليدية، بل أشبه باقتراع على النفوذ السياسي، يأتي في وقت حرج يترافق مع ضربات إسرائيلية متواصلة وارتفاع أصوات داخلية وخارجية تطالب بحصر السلاح بيد الدولة. وقد أشارت وكالة 'رويترز' إلى أن الحزب يسعى من خلال هذه الانتخابات لإظهار أنه ما زال ممسكًا بخيوط اللعبة السياسية، رغم أنه فقد عددًا من أبرز قياداته وآلاف من مقاتليه، كما تقلص نفوذه بشكل ملحوظ أمام خصومه السياسيين، ومعه تأثرت قدرته على التأثير في القرار الرسمي اللبناني. ومع إعلان الحكومة الجديدة عزمها تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار برعاية أميركية، والذي ينص صراحة على نزع سلاح الجماعات المسلحة، بدا واضحًا أن حزب الله أمام مرحلة غير مسبوقة من التحديات الوجودية. فمطالبة الدولة بحصر السلاح في يد الجيش أصبحت شرطًا أساسياً للحصول على أي دعم دولي لإعادة إعمار الجنوب والمناطق المتضررة. وزير الخارجية اللبناني، يوسف راجي، أكد بدوره أن المجتمع الدولي ربط المساعدات بإخضاع السلاح لسلطة الدولة، وهو ما وضع ملف حزب الله مجددًا في قلب الانقسام اللبناني، مشيرًا إلى أن الدول المانحة لن تدعم الإعمار طالما ظل السلاح خارج إطار الشرعية. في السياق ذاته، أفاد مصدر دبلوماسي فرنسي بأن أي عملية إعادة إعمار لن تكون ممكنة دون وقف القصف الإسرائيلي وتسريع الحكومة اللبنانية في التعامل مع مسألة السلاح. وأضاف أن المجتمع الدولي يريد أيضًا التزامات واضحة بإجراء إصلاحات اقتصادية. من جهته، حمّل حزب الله الحكومة مسؤولية التأخير في التحرك لإعادة الإعمار. وقال النائب حسن فضل الله إن على الدولة تأمين التمويل اللازم، متهمًا إياها بالتقصير، محذرًا من أن غياب العدالة في التعاطي مع المناطق المتضررة سيعمّق الانقسام الطائفي والسياسي. وقال: 'لا يمكن أن ينعم جزء من الوطن بالاستقرار بينما يعاني الآخر من الألم'، في إشارة إلى مناطق نفوذ الحزب في الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية التي تعرضت لقصف إسرائيلي مكثف. من جانبه، رأى مهند الحاج علي، الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، أن ربط المساعدات بمسألة نزع السلاح يهدف إلى فرض واقع جديد على الأرض، لكنه أشار إلى أن الحزب قد يرفض هذا الطرح بشدة لما يمثله من تهديد مباشر لمستقبله. أما رئيس مجلس الجنوب، هاشم حيدر، فأكد أن الدولة تفتقر للموارد الكافية لإطلاق عملية الإعمار، إلا أنه أشار إلى أن العمل جارٍ لرفع الأنقاض كبداية. وبحسب البنك الدولي، فإن كلفة إعادة الإعمار والتعافي في لبنان تقدر بنحو 11 مليار دولار، وهو مبلغ يعكس حجم الدمار الذي خلفته الحرب وتحديات المرحلة المقبلة.


المنار
منذ ساعة واحدة
- المنار
نتنياهو يكمل الحرب مع توقّف التفاوض: ضغوط واشنطن تنحصر بالمساعدات
توقّفت المفاوضات غير المباشرة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة 'حماس' في الدوحة، تماماً، في ظل تعثّر المسار التفاوضي وتبدّد الآمال بالتوصل إلى اتفاق جديد بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، بسبب التعنّت الإسرائيلي، ورفض تقديم أي التزام بإنهاء الحرب، وسط غياب أي صغوط جدّية من قبل الولايات المتحدة، التي اكتفت برعاية خطة لإدخال عدد قليل من شاحنات المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة، في ما فُهم على أنه تنازل قدّمته تل أبيب للتغطية على استمرار وتوسيع عملياتها العسكرية في القطاع. وتتّجه تل أبيب حالياً إلى توسيع اجتياحها البري في قطاع غزة، وهو ما تجلّى ميدانياً مع دخول 'الفرقة 98' إلى القطاع عبر معبر صوفا، للتمركز والعمل في ممر موراج الاستراتيجي جنوب القطاع. وفي سياق متصل، أعلن جيش الاحتلال إلغاء نشر قوات المظليين في قطاع غزة، مبرّراً ذلك باستمرار خضوع تلك الوحدات لتدريبات عسكرية، في خطوة تعكس تأثير اعتراض أهالي الجنود على زجّ أبنائهم في القتال، وهم لم ينهوا تدريباتهم بعد، علماً أن الجيش الإسرائيلي يعاني من نقص في عديده، نتيجة أزمة في تجنيد المزيد من جنود الاحتياط الذين يرفضون الاستجابة للاستدعاءات بعد أكثر من عام ونصف عام من القتال في غزة ولبنان وسوريا. في موازاة ذلك، أفادت وسائل إعلام عبرية بأن 107 شاحنات مساعدات إنسانية دخلت، أمس، إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم. غير أن 'برنامج الغذاء العالمي' انتقد استمرار منع الاحتلال توزيع المساعدات مباشرة على السكان، محذّراً من تفاقم الأزمة الإنسانية، خصوصاً لدى الفئات الضعيفة كالأطفال وكبار السن والمرضى. ودعا البرنامج إلى السماح الفوري باستئناف التوزيع المباشر لتلبية الحاجات العاجلة ومنع انهيار الوضع الإنساني. وفي غضون ذلك، تواصلت موجات اعتراض المستوطنين الشعبية داخل الكيان، حيث تظاهر نحو 450 شخصاً عند مفترق 'شاعر هنيقب' للمطالبة بوقف الحرب وإعادة الأسرى. ورفع المحتجون لافتات تدعو إلى وقف الحرب، مردّدين هتافاً لافتاً عبر مكبّرات الصوت: 'القنابل تعيد الرهائن في توابيت'. وأسفرت التظاهرة عن اعتقال أحد المتظاهرين، فيما كانت الشرطة قد اعتقلت في وقت سابق مدير حركة 'الوقوف معاً'، ألون لي جرين، وتسعة نشطاء آخرين خلال احتجاجات قرب حدود غزة، حيث وُضع جرين قيد الإقامة الجبرية لثلاثة أيام. وفي السياق نفسه، شهد ميدان رابين وسط تل أبيب تظاهرة ضخمة شارك فيها آلاف الإسرائيليين، مساء أول أمس، احتجاجاً على حكومة نتنياهو، متهمين إياه بـ'التخلي عمداً' عن الأسرى الإسرائيليين في غزة، من أجل البقاء في السلطة، وسط تنديد بدور وزرائه الذين 'يفتخرون بإفشال فرص التوصل إلى صفقة لإطلاق سراحهم'.