
مجزرة في قصر الرحاب وآخر أيام الملكية في العراق!
وفي لعبة السياسة المخادعة، أبرمت بريطانيا صفقتها مع فرنسا، التي كانت تراقب المنطقة بعين الطمع تحت ظلال اتفاقية "سايكس-بيكو" لعام 1916، فمنحتها حصصا من الذهب الأسود العراقي لمدة خمسة وعشرين عاما ثمنا لتنازلها وابتعادها.
كان البريطانيون من قبل ومن بعد يتطلعون إلى السيطرة على نفط العراق، وتأمين ثروات عَبادان والأحواز في إيران، وإحكام القبضة على الطرق التي تربط غربها البعيد بجوهرة تاجها الشرقي الهند. كانت تلك الخطوة في احتلال العراق أيضا ضربة موجعة لأطماع ألمانيا وروسيا؛ لقطع الطريق على أحلامهما في السيطرة على هذه الأرض الغنية.
ولا ريبة أن وراء ستار الاحتلال البريطاني للعراق كانت تختبئ دوافع خفية وأطماع عميقة، لكن الإنجليز لم يكتفوا بذلك، بل نسجوا الأكاذيب وروَّجوا لفكرة "الانتداب" كما فعلوا في فلسطين ومصر والسودان، وقد وعدوا العراقيين بدولة مستقلة بعد انقشاع غبار الحرب العالمية الثانية ، متعهدين باحترام مبادئ الرئيس الأميركي ويلسون، وعلى رأسها "حق الشعوب في تقرير مصيرها"، لكن تلك الوعود لم تكن سوى سراب يُخفي نِيَّاتهم الحقيقية.
ومن ثم سرعان ما انكشف القناع، فتحايلوا على تلك العهود، مما أشعل فتيل ثورة عارمة عام 1920، وتحت ضغط الغضب الشعبي، اضطرت بريطانيا للتراجع خطوة، فأقامت دولة عراقية ملكية تحت ظلالها، وجاء فيصل بن الشريف حسين، الذي كان قد حكمَ سوريا لأشهر معدودة، ليتربع على عرش العراق.
كان فيصل أملا للعراقيين في الخلاص من نير الاحتلال الذي أثقل كواهلهم، وهكذا بدأ العصر الملكي العراقي (1921-1958)، لكنه لم يكن ليخلو من العواصف، إذ انتهى بمأساة مدوية ابتلعت الملك فيصل الثاني، حفيد المؤسس، وخاله الأمير عبد الإله، ورجل بريطانيا المخلص نوري السعيد.
فكيف تشكلت ملامح هذا النظام الملكي؟ وكيف وجد الصبي فيصل الثاني نفسه على عرش بلاد الرافدين تحت وصاية خاله الهاشمي؟ وما الذي أثار حفيظة ضباط الجيش العراقي حتى ثاروا على هذا الحكم؟ ولماذا اختاروا نهاية دامية لا تعرف الرحمة، طالت حتى نساء الأسرة الهاشمية؟
بريطانيا وشركاؤها ومسار الأحداث
في كتاب "تاريخ العراق الحديث" للمؤرخ محمد سهيل طقوش، نرى خيوط مؤامرة ماكرة نسجها البريطانيون ضد العرب الذين استعانوا ببعضهم ثم انقلبوا عليهم فيما بعد، لطرد العثمانيين من جبهات الحجاز والشام والعراق خلال الحرب العالمية الأولى ، تحت قيادة الشريف حسين وأبنائه الأمراء فيصل وعلي وعبد الله، إذ ظن العرب أن الحرية بانتظارهم، لكن الخداع البريطاني كان الثمن.
ولا ريبة أن النكوص البريطاني عن وعودهم أشعل جذوة انتفاضة 1920 العارمة، التي هزت أركان الاحتلال الإنجليزي، فلم يجدوا مفرا من العودة إلى الأسرة الهاشمية مجددا، ليتوّجوا فيصل الأول بن الشريف حسين ملكا على أرض الرافدين في 23 أغسطس/آب 1921، في محاولة لتهدئة الغضب الشعبي العراقي.
ومن هنا انطلقت رحلة الحكم الملكي في العراق، حيث تعاقب على العرش فيصل الأول حتى رحيله في 1933، ثم ابنه غازي الأول الذي انتهى حكمه في 1939 في حادث غامض، ليخلفه ابنه الصبي فيصل الثاني (1935-1958)، آخر ملوك العراق، وفي إبان طفولته تولى شؤون المملكة نيابة عنه خاله الأمير عبد الإله الهاشمي ورئيس الوزراء الشهير وقتها نوري السعيد، وكلاهما كانا من أعمدة النفوذ البريطاني في البلاد.
ففي أبريل/نيسان 1939، وبعد مقتل الملك غازي في حادث سيارة غامض، كُلِّف نوري السعيد بتشكيل حكومته الرابعة، وبعد خمسة أشهر فقط اندلعت الحرب العالمية الثانية بين بريطانيا وفرنسا من جهة، وألمانيا الهتلرية من جهة أخرى، حيث كانت ألمانيا بنفوذها المتزايد في العراق وتقارب الملك غازي معها تدعم الحقوق العربية وتقاوم الصهيونية ، مما جعل تقارب الملك غازي معها تهديدا مباشرا للمصالح البريطانية.
وفي خضم وزارته الرابعة، وبينما كان الأمير عبد الإله الهاشمي، خال الملك الصبي، يراقب بصمت، فتح نوري السعيد أبواب العراق على مصراعيها للجيوش البريطانية، ولم يكتفِ بذلك، بل أرسل فرقتين عسكريتين عراقيتين ليغرقا في رمال الصحراء الليبية أو جبال البلقان، يقاتلان إلى جانب الإنجليز ضد دول المحور.
وبسرعة البرق، قطع السعيد وعبد الإله العلاقات مع ألمانيا، وألقيا بكل ثقل العراق في أحضان المحتل البريطاني، ولا شك أن هذا الاندفاع الأعمى أشعل غضب الوطنيين العراقيين، فتحول نوري السعيد إلى رمز للخيانة في أعينهم، وفي كل مرة يشعر فيها بالخطر أو الانفجار الشعبي كان يهرب من العاصفة بتقديم استقالته، منتظرا أن تهدأ موجات الاتهامات للعودة من جديد، كما يروي المؤرخ جعفر عباس في كتابه "التطورات السياسية في العراق".
وفي فترات الفراغ بين حكومات نوري السعيد، برز نجم الوطنيين في البلاد، حيث تصدّر المشهد رشيد عالي الكيلاني، الذي ارتقى إلى رئاسة الوزراء للمرة الثالثة في 1941، محمولا على أكتاف الجيش والشعب، وفي ذروة الدعم الشعبي العارم، أُجبر الوصي عبد الإله على الفرار خارج البلاد، تاركا نوري السعيد يترنح بعد استقالته.
بيد أن بريطانيا لم تكن لتسمح بأن تُسلَب منها لعبة السيطرة بهذه السهولة، حيث استدعت جيشا ضخما يزيد على عشرة آلاف جندي من الهند، وأطلقت العنان لغزوٍ جديد بدأ من البصرة جنوبا نحو بغداد، وعلى مدى شهر كامل دارت معارك ضارية، حيث سحقت القوات الجوية البريطانية المتفوقة الجيشَ العراقي تحت وطأة قوتها الساحقة، وفي النهاية، لم يجد رشيد عالي الكيلاني ورفاقه من قادة الجيش مفرا سوى اللجوء إلى إيران، تاركين خلفهم أرضا تئن تحت نير الاحتلال مرة أخرى.
ولهذا السبب عادت بريطانيا لتشدد قبضتها على العراق بقوة أعنف وسلطة أقسى، فيما تحوّل الوصي عبد الإله الهاشمي بعد عودته من منفاه إلى أداة بين يدي الإنجليز، أكثر خضوعا وتبعية، وبينما كانت الحرب العالمية الثانية تشارف على النهاية، برزت قضية فلسطين عام 1948 جرحا نازفا في قلب الأمة العربية.
وقد اتحدت بعض الدول العربية مثل مصر والسعودية وشرق الأردن ولبنان والعراق وسوريا تحت راية جامعة الدول العربية، معلنةً زحف جيوشها لتحرير فلسطين، لكن الخلافات بينها ومؤامرات مجلس الأمن وسوء الخطط أدت في النهاية إلى انسحاب تلك الجيوش؛ تاركة فلسطين وحيدة في مواجهة مصيرها.
وقد هزّ انسحاب الجيش العراقي نفوس العراقيين، وباتوا يشعرون بالغضب العميق، ولهذا السبب في 23 يوليو/تموز 1948 انفجرت شوارع بغداد بتظاهرات غاضبة، صارخة برفض الانسحاب، ومطالبة بمواصلة القتال ضد الحركة الصهيونية المدعومة من مجلس الأمن.
وفي وسط هذا الغليان، أدرك كثير من القادة والسياسيين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء علي مزاحم الباجه جي، أن خيانة الوصي عبد الإله لم تكُن مجرد مصادفة، حيث كان متواطئا مع الإنجليز يدير خيوط مؤامرة أسهمت بكل قوة في نكبة فلسطين، وذلك ما يكشفه مؤيد الونداوي في كتابه "العراق في تقارير الشرطة السرية البريطانية".
المنظمات العسكرية وبداية الانتقام
استيقن العراقيون أن الملكية المقيدة بأغلال الاحتلال البريطاني هي أصل كل مآسيهم، خاصة منذ بداية الحرب العالمية الثانية، وبشكل أعمق بعد نكبة 1948 ، حينها بدأت تنظيمات سياسية وعسكرية سرية تنبتُ في أرض العراق، وتحمل على عاتقها حلم "إسقاط النظام الملكي واستعادة الكرامة الوطنية" كما وصفوها.
رأى الضباط الوطنيون والقوميون في الجيش أن النكسة ليست سوى انعكاس لضعف النظام وتبعيته، وأدركوا أن النصر يبدأ من قلب بغداد قبل أن يصل إلى فلسطين، ثم اشتعلت جذوة التغيير وتأججت مستلهمة من ثورة 23 يوليو 1952 في مصر، التي ألهبت حماس الشعب العراقي وأحزابه وتنظيماته، وذلك ما يؤيده مؤيد الونداوي في كتابه السابق، حيث كانت تلك اللحظة بداية العد التنازلي لعهدٍ كان على وشك أن ينهار تحت وطأة غضب شعبي جارف.
وعقب اشتعال ثورة يوليو 1952 في مصر معلنةً سقوط الملكية هناك، اشتعلت الشرارة ذاتها لدى ضباط الجيش العراقي، في سبتمبر/أيلول من العام نفسه، حيث بدأ الرائد رفعت الحاج سري والمقدم رجب عبد المجيد بإشعال فتيل التغيير، ففي سرية تامة تواصلا مع ضباط موثوقين يجمعونهم في خلايا سرية مستوحاة من تنظيم "الضباط الأحرار" المصريين، بهدف واحد: اقتلاع الملكية من جذورها.
وبحلول نهاية 1952، كادت خطة معدة مسبقا للقضاء على الملك الشاب فيصل الثاني وخاله عبد الإله ورئيس الوزراء نوري السعيد أن تنجح بالفعل، ولكن سفر نوري السعيد في اللحظة الأخيرة أجَّل المحاولة، كما يروي وليد محمد الأعظمي في كتابه "الليلة الأخيرة، مجزرة قصر الرحاب".
ثم جاء عام 1956، حاملا معه رياح العدوان الثلاثي على مصر، وفي خضم حرب السويس تلك، كشف الثلاثي عبد الإله، وفيصل الثاني، ونوري السعيد عن وجههم الحقيقي، حيث وقفوا صامتين بينما كانت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل تفتك بمصر، وحين تدخَّل الاتحاد السوفياتي وأجبر المعتدين على التراجع، خرج عبد الناصر منتصرا، عندئذ أدرك العسكريون والسياسيون العراقيون عمق خيانة حكومتهم وارتهانها للمستعمر الغربي.
في تلك السنة، نضجت بذور التمرد داخل الجيش العراقي، حيث تشكَّل تنظيمان كبيران: الأول "اللجنة العليا للضباط الوطنيين" -التي أصبحت لاحقا "الأحرار"- بقيادة رفعت الحاج سري، الذي كان قد أرجأ محاولة سابقة للانقلاب. والثاني تنظيم "المنصورية"، بقيادة آمر اللواء التاسع عشر عبد الكريم قاسم ورفيقه عبد السلام عارف ، وبحلول عام 1957، اتحد التنظيمان تحت راية "الضباط الوطنيين"، وتولى عبد الكريم قاسم القيادة كونه الأكبر سِنًّا ورتبة، ومن هنا، بدأت العجلة العسكرية تدور لاقتلاع الملكية، وكان الوقت يقترب من لحظة الحسم التي ستهز أركان العراق!
حكومة في غيبوبة
لقد تآمر الضباط الثائرون على تصفية الأمير عبد الإله ولي العهد، ورئيس الوزراء نوري السعيد، في ضربة واحدة، لكنهم حينئذ قرروا إبقاء الملك الشاب فيصل الثاني على قيد الحياة؛ إذ كان والده الملك غازي في نظر الثوريين من العسكريين والمدنيين رمزا وطنيا دفع حياته ثمنا لمحاولته نزع قيد الهيمنة البريطانية عن العراق، وقد كان هذا التمرد يختمر في الخفاء، بينما ظلت الحكومة العراقية، تحت قيادة الثلاثي، غارقة في سبات عميق.
يروي توفيق السويدي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق ووزير الخارجية في تلك الحكومة الأخيرة، وشاهد عيان على المجزرة التي وقعت للأسرة الهاشمية الحاكمة، كيف كانت الحكومة تتجاهل البركان الذي يغلي تحت أقدامها، حيث يكشف في مذكراته أن ملك الأردن وقتئذ تلقى معلومات دقيقة عن تنظيم سري داخل الجيش العراقي يُعِد للانقلاب، لكن قائد الجيش العراقي رفض التصديق باستهزاء كبير، مدعيا أن هذه "الحركات" مجرد أوهام لا وجود لها!
ولم تتوقف التحذيرات عند هذا الحد، فوفقا لتوفيق السويدي في مذكراته أيضا، جاءت إشارات من تركيا وتقارير من أجهزة الأمن الداخلية العراقية تُنبئ بتحركات عسكرية وشيكة، لكن الثلاثي؛ فيصل الثاني، وعبد الإله، ونوري السعيد، ظلوا غافلين، يرفضون مواجهة الحقيقة، بل إن الرئيس التركي عدنان مندريس في يونيو/حزيران 1958، قبل شهر واحد من الانقلاب، حذّر صديقه القديم نوري السعيد مباشرة من مؤامرة تُحاك في الجيش، لكن السعيد بنبرة غاضبة وصفها قائلا: "إن هذه المعلومات غير صحيحة، ولا يُصدِّق أي شيء منها"، مغلقا عينيه عن العاصفة التي كانت على وشك أن تجتاحهم جميعا!
يوم المجزرة
كما رأينا، كان الثلاثي الحاكم غارقا في غفلته، دون أن يدرك أن ساعة الصفر قد اقتربت، حيث استغل "الضباط الوطنيون الأحرار" فرصة ذهبية لاحت لهم، وهي وجود الملك فيصل الثاني وخاله عبد الإله ونوري السعيد في بغداد، هذا في الوقت الذي جاءت فيه أوامر بتحريك اللواء العشرين من جلولاء شرق العراق إلى الأردن لدعم جيشها وقتئذ.
حينئذ استغل الضباط الوطنيون مرور اللواء عبر العاصمة بغداد باعتباره غطاء مثاليا للانقضاض على قصر الرحاب دون إثارة شبهة، وفي تلك الأثناء كان الملك يعد حقائبه للاستعداد بحفل زواجه والسفر مع عروسه إلى أوروبا.
ولكن مع أول خيوط فجر 14 يوليو/تموز 1958، اندفع الثوار بقوة؛ إذ قاد عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف وحداتهم لتطويق المقرات السيادية في بغداد، وعبر أثير الإذاعة دوَّت كلماتهم كالصاعقة: "انتهت الملكية، وقامت الجمهورية!"، وحاصر الجيش قصر الرحاب، معقل الأسرة الهاشمية الحاكمة، واندفعوا إلى الداخل لا يقف أمامهم شيء.
حينئذ أُجبر الملك فيصل الثاني وخاله عبد الإله وجدّته الأميرة نفيسة وبعض الأميرات الأخريات على الخروج إلى حديقة القصر، ثم جاء الأمر القاطع بإطلاق الرصاص وتصفيتهم جميعا، حيث تساقطوا جميعا الواحد على الآخر "في كتلة بشرية من اللحم والدم… وخرَّ الملك فيصل إلى الوراء على كتف ضحية أخرى، ثم تقدم مُتولِّي أمر الإعدام الضابط عبد الستار السبع، ووقف فوق الجثث الممدودة أمامه، وأطلق رشاشه من جديد نحو الملك والأمير، فقال له رفيقه: لويش (لماذا؟) فأجاب: حتى أتأكد!" أجاب بحزم، كما يروي وليد محمد الأعظمي في كتابه "الليلة الأخيرة، مجزرة قصر الرحاب".
في تلك الأثناء، حوصر رئيس الوزراء نوري السعيد في منزله، وأدرك ألا مفر له، فأخرج مسدسه وأنهى حياته بنفسه، ولم يكتفِ الثائرون بذلك، بل جرّوا الجثث عبر شوارع بغداد، يعرضونها كغنائم انتصار حتى تشوهت معالمها في مشهد مأساوي.
ولم ينجُ من هذا الدمار سوى قلة من الأسرة الحاكمة، منهم الأميرة بديعة بنت الشريف علي، خالة الملك وأخت عبد الإله، التي فرَّت مع أبنائها وزوجها متخفين تتنقل بين الملاجئ، حتى وجدت ملاذها أخيرا في السفارة السعودية، وفي مذكراتها "مذكرات وريثة العروش"، حكت قصة هروبها المثيرة ومشاهد المجزرة التي حفرت في قلبها جرحا لا يندمل!
ففي الجانب الآخر من بغداد، وصلت الأنباء إلى الأميرة بديعة كالصاعقة عبر عيون سرية ومقربين: الجميع في قصر الرحاب قد لقوا حتفهم، الملك فيصل الثاني، الشاب ابن الثلاثة والعشرين عاما، وشقيقها الأمير عبد الإله، وسواهم ذُبحوا في مجزرة لم تُبقِ أحدا.
عقب ذلك لم تتردد لحظة، جمعت أبناءها وزوجها، وانطلقت هائمة على وجهها هربا من شبح الموت، ففي مذكراتها، تصف تلك اللحظة المرعبة بقولها: "لم أحمل معي أي شيء، تركتُ كل شيء ورائي، وخرجتُ بعباءتي السوداء من بيتي، لا أعرف إلى أين، ولم أتخيَّل بأن ذلك الخروج الاضطراري هو آخر عهدي بمنزلي!".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
إيران تستبق اجتماع اسطنبول بإتهام الاوروبيين بالتقصير بتنفيذ اتفاق 2015
ألقت إيران الاثنين باللوم على الدول الأوروبية في فشل الاتفاق النووي المبرم في العام 2015، متهمة إياها بعدم الوفاء بالتزاماتها، وذلك قبل محادثات تُعقد الجمعة في اسطنبول مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اسماعيل بقائي خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي إنّ "الأطراف الأوروبية كانت مخطئة ومقصّرة في تنفيذ" الاتفاق النووي. وأضاف بقائي "لقد خفّضنا التزاماتنا؛ بينما تقف الأطراف الأوروبية في موقف المتهم بسبب تقصيرها في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي والأسوأ من ذلك، أنها لم تُدن العدوان العسكري للكيان الصهيوني، بل سعت إلى تبريره من خلال اتخاذ بعض المواقف." تهديد أوروبي وتتهم الدول الأوروبية الثلاث طهران بعدم احترام التزاماتها في إطار الاتفاق النووي، وتهدد بتفعيل " آلية الزناد" التي نص عليها اتفاق العام 2015، وتسمح بإعادة فرض عقوبات دولية على الجمهورية الإسلامية في حال تراجعت عن الوفاء بالتزاماتها بموجبه. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن غيزه، إنّه "في حال عدم التوصل إلى حل دبلوماسي بحلول نهاية أغسطس / آب فإن "إعادة فرض عقوبات يظل خيارا" مطروحا بالنسبة إلى الأوروبيين. وكانت باريس ولندن وبرلين أكدت التزامها بتطبيق الاتفاق، مشيرة إلى رغبتها في مواصلة التبادلات التجارية مع إيران، في وقت لم يُعاد فرض عقوبات الأمم المتحدة والعقوبات الأوروبية على طهران. في غضون ذلك بحث زير الخارجية التركي هاكان فيدان اليوم الاثنين، مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، عبر اتصال هاتفي استئناف المحادثات النووية بين طهران من جهة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى في إسطنبول، الجمعة. وفي السياق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ردا على سؤال بشأن هذا اللقاء، إنّ بكين تعتزم "لعب دور بنّاء عبر دفع الأطراف المعنية إلى استئناف الحوار والمفاوضات للتوصل إلى حل يأخذ في الاعتبار المخاوف المشروعة لجميع الأطراف". وأعلن التلفزيون الإيراني أمس الأحد استئناف المحادثات النووية مع الأوروبيين بإسطنبول في 25 يوليو/ تموز الجاري ، بناء على طلب الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي عام 2015. غير أنّ التدابير التي سعت الدول الأوروبية إلى اعتمادها للتخفيف من آثار العقوبات الأميركية، واجهت صعوبات لاسيما أنّ العديد من الشركات الغربية اضطرّت إلى مغادرة إيران التي تشهد معدّلات تضخّم مرتفعة وأزمة اقتصادية خانقة. ووقعت إيران الاتفاق النووي عام 2015، مع الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا ، إضافة إلى ألمانيا. وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، فإن إيران هي الدولة الوحيدة غير النووية في العالم التي تخصّب اليورانيوم بنسبة 60%، وهو أدنى بقليل من نسبة 90% الضرورية للاستخدامات العسكرية، لكنه يتخطى بكثير سقف التخصيب الذي حدده الاتفاق النووي بـ3.67%. وسرّعت إيران بشكل كبير من وتيرة نشاطاتها النووية ونطاقها في الأعوام الأخيرة، كردّ فعل على انسحاب الولايات المتحدة في عام 2018 من الاتفاق الذي كان يُفترض أن يقيّد برنامجها ويضمن سلميته، مقابل رفع العقوبات الدولية. وتشتبه الدول الغربية وإسرائيل بأن طهران تسعى إلى امتلاك قنبلة ذرية، وهو ما تنفيه طهران مؤكدة حقها في مواصلة برنامجها النووي لأغراض مدنية. وهناك خلاف كبير بين الولايات المتحدة وإيران بشأن قضية تخصيب اليورانيوم، ففي حين تصر طهران على أن من حقّها التخصيب، تعتبر إدارة الرئيس دونالد ترامب هذا الأمر "خطا أحمر". عمان قبل أن تشن إسرائيل حربها التي استمرت 12 يوما ضد إيران. لكن قرار الرئيس ترامب الانضمام إلى إسرائيل بقصف ثلاث منشآت نووية إيرانية أنهى المحادثات.


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
فرنسا توافق على إعادة طبل ملكي إيفواري نهب قبل 100 عام
صوّت البرلمان الفرنسي في مطلع يوليو/تموز الجاري على مشروع قانون تقدمت به الحكومة يهدف إلى إعادة الطبل الملكي المقدس إلى دولة كوت ديفوار، وذلك بعد أكثر من 100 عام على نهبه في الحقبة الاستعمارية. ويصنّف الطبل المعروف محليا باسم "دجيدجي أيوكوي"، أو الطبل الناطق، تابعا لقبيلة إبري العريقة، وكان يستخدم وسيلة تواصل لنقل التحذيرات والرسائل المتنوعة داخل المجتمع المحلي، وهو من أبرز الرموز الثقافية الإيفوارية التي نهبها المستعمر الفرنسي خلال الفترة التي كان يسيطر فيها على الدولة الواقعة في غرب أفريقيا. وصوّت مجلس النواب الفرنسي مطلع يوليو/تموز الجاري على مشروع قانون ينصّ على فصل الطبل عن مقتنيات المتحف الوطني الفرنسي وإعادته رسميًّا إلى حكومة كوت ديفوار، بعد أن أقر مجلس الشيوخ الخطوة ذاتها في أبريل/نيسان الماضي. وبعد تصويت البرلمان بالموافقة على مشروع القانون، تكون السلطات السياسية قد أصبحت ملزمة بشكل رسمي على إعادة الطبل الملكي إلى دولته التي تعتبره من أهم الرموز الثقافية الوطنية المنهوبة. وبعد أكثر من 100 عام، من المقرر أن يعرض الطبل بعد إرجاعه في متحف الحضارات في أبيدجان العاصمة الاقتصادية لكوت ديفوار. انتصار للذاكرة التاريخية وتعدّ هذه الخطوة التي أقرتها الحكومة الفرنسية جزءا من تحول أوسع يشهده الخطاب الأوروبي بشأن تراث الشعوب المنهوب خلال حقبة الاستعمار، وذلك في ظل تصاعد الخطاب الأفريقي بشأن ضرورة الإسراع في استعادة الآثار الثقافية العريقة للقارة السمراء. من جانبه، رحّب زعيم قبيلة إبري كلافاير أغويغو موبيو بالخطوة الفرنسية، واعتبرها انتصارا للعدالة والذاكرة التاريخية. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد تعهد سنة 2021 بإعادة الطبل ضمن مجموعة من القطع الأثرية الأخرى. وعلى الصعيد الأفريقي، تبذل الحكومات والمنظمات الثقافية جهودها لإعادة التراث الثقافي الذي نقل في الحقب الاستعمارية من قبل الدول الأوروبية. إعلان ففي دولة كينيا تواصل المتاحف الوطنية مساعيها لاستعادة الرموز المقدسة لشعوب الماساي والكيكويو والسواحيليين، إلى جانب مواد أرشيفية وتُحف أثرية محتجزة في متاحف أوروبية وأميركية.


الجزيرة
منذ 12 ساعات
- الجزيرة
لوفيغارو: تجمع صوفي بقلب باريس يثير جدلا
أثار تجمع طريقة صوفية سينغالية لساعات وسط ساحة الجمهورية في فرنسا قبل يومين ضجة وسط الفرنسيين بين من رأى فيها اعتداء على رمز العلمانية الفرنسية، ومن رآها تجمعا دينيا عاديا لا يضر مادام سلميا ولا يخالف القانون. وذكرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية اليوم أن عدد المجتمعين بلغ المائة، وهم من أتباع طريقة صوفية سنغالية تعود للشيخ أحمدو بمبا (1853-1927)، وأن شرطة باريس وافقت على عقد التجمع الديني وسط الساحة من الثالثة عصرا وحتى الثامنة مساء بالتوقيت المحلي. وبحسب الصحيفة فإن التجمع جاء بمناسبة ذكرى عودة الشيخ بمبا من المنفى، حيث كانت سلطات الاحتلال الفرنسي قد نفته إلى الغابون بين 1895 و1902. وتابعت أن هذه الطريقة "تنادي بإسلام معتدل، وهي قائمة على التسلسل الهرمي، وتولي أهمية كبيرة للعمل والتقاليد الثقافية وقيم التضامن". وقالت إن الشيخ أحمدو بمبا اشتهر بمقاومته السلمية للاستعمار الفرنسي منذ نهاية القرن 19. ونقلت عن موقع "سينغو" الإخباري أن المشاركين نظموا دائرة تعرف باسم كوريل، وقاموا بتلاوة قصائد صوفية نظمها الشيخ بمبا. شرطة باريس من جهته صرحت للوفيغارو قائلة إن التصريح بتنظيم التجمع كان هدفه الترويج لتعاليم الشيخ بمبا السلمية، وكان يوما ثقافيا وروحيا أعلنته الجالية السنغالية المعارضة لنظام بلدها، مضيفة أنه لم يتم تسجيل أي حوادث أو تنظيم صلوات في الشارع، وكلما فعلوه تلاوة قصائد وأناشيد صوفية. إعلان وتابعت أن المدير الأوروبي للمجلس العالمي للأئمة الشيخ محمد مهدي زاده ندد بالتجمع موضحا أن "ساحة الجمهورية، التي تمثل رمزا للقيم الوطنية المشتركة، ليست مكانا للعبادة العشوائية. تحويلها إلى مسجد في الهواء الطلق ليس عملا دينيا مشروعا، خصوصا مع وجود مساجد قريبة أو بدائل تحترم الإطار الجمهوري". وتابع أن مثل هذا الفعل يخلط المفاهيم، ويزيد اللبس، ويمنح خصوم المسلمين أدوات مثالية لتشويه صورتهم في هذا البلد. وقال على صفحته في إكس "نشهد سلوكيات تُقدَّم على أنها تعبير عن الإيمان، لكنها تثير توترا أكثر مما تنشر السلام، غير أن الإسلام الذي أُعلّمه وأعيشه ليس إسلام الاستعراض العلني أو الاستفزاز في الأماكن العامة، بل هو إسلام الصمت الداخلي، والاستقامة، واحترام الإطار الذي نعيش فيه". وتابع :"يجب أن نمتلك الشجاعة لنقولها بوضوح: هذه التصرفات تضر بالإسلام أكثر مما تخدمه. إنها تغذي المخاوف، وتعزز الخلط بين الإسلام والتطرف، وتمنح المصداقية لمن يدّعون أن المسلمين لا يحترمون القوانين، ولا الفضاءات المشتركة، ولا قيم الجمهورية". كما هاجم النائب اليميني عن حزب أقصى اليمين التجمع الوطني غيوم بيغو ما وصفه بـ"العلمانية الماكرونية البديلة"، منتقدا في منشور له على منصة إكس السماح بـ"الصلوات في ساحة الجمهورية". يذكر أن الشيخ أحمدو بمبا امباكي، واسمه الكامل: أحمد بن محمد بن حبيب الله، معروف بلقب خادم الرسول، وقد وُلد عام 1853 في مباكي-باول ب السنغال ، وتوفي في 19 يوليو/تموز 1927. كان مسلما سنيا وفقيها مالكيا على الطريقة الأشعرية، وسارع إلى تأسيس طريقته الصوفية، ويُعد من أبرز رموز التصوف في السنغال. نفاه الاحتلال الفرنسي إلى الغابون عام 1895 بعد أن لاحظ الحاكم العام الفرنسي كليمان توما تزايد مريديه وأتباعه وتقديمهم البيعة له، فاضطهد المريدين وشردهم وصادر ممتلكاتهم. ويؤكد مريدو الطريقة أن عدد مؤلفات الشيخ أحمدو بمبا كثيرة جدا، وقد أحصى خبير علم الاجتماع الفرنسي فرناند دومون (1927-1997) في كتابه "الفكر الديني لأحمدو بمبا" 41 مؤلفا للشيخ متداولة في السنغال، لكن هناك مؤلفات أخرى كثيرة غير متداولة.