
ألمانيا تعتزم تبسيط إجراءات الاستثمار الخاص في البنية التحتية والطاقة المتجددة
برلين- (د ب أ)-
تسعى ألمانيا إلى تسهيل استثمار القطاع
الخاص في مشروعات البنية التحتية والطاقة المتجددة، في الوقت الذي تواصل
فيه الحكومة الألمانية الجديدة البحث عن طرق جديدة لإنعاش الاقتصاد
المتعثر.
وقالت وزارة المالية الألمانية في مشروع قانون اطلعت عليه وكالة الأنباء
الألمانية (د ب أ) " إن تحسين فرص حصول الشركات على التمويل أمر بالغ
الأهمية للابتكار والاستثمار الخاص والنمو الاقتصادي ككل".
تهدف الإجراءات المقترحة إلى تحسين خيارات التمويل للشركات الناشئة
والديناميكية، وفقا للوزارة، بما في ذلك إصلاح الإطار الضريبي.
في الوقت نفسه، يهدف التشريع أيضا إلى ضخ استثمارات أكبر في البنية
التحتية والطاقات المتجددة في ضوء الحاجة الهائلة للتمويل في هذه
المجالات.
تخطط الوزارة، على وجه التحديد، لاقتراح تعديلات على قانون ضريبة
الاستثمار وقانون استثمار رأس المال، لوضع إطار قانوني متين يسمح
بالتنفيذ السريع للمشاريع الملحة، وفقا لمسودة المشروع.
وتواجه الحكومة الألمانية الجديدة بقيادة المحافظين، والتي تولت السلطة
في مايو، مهمة جسيمة تتمثل في إنعاش الاقتصاد المتعثر بعد عامين
متتاليين من الركود. وبعد نجاحها في تمرير قانون إنشاء صندوق خاص بقيمة
500 مليار يورو (580 مليار دولار) لتحديث البنية التحتية ودعم الإنفاق
العسكري، انتزع المستشار الألماني فريدريش ميرتس مؤخرا تعهدات
باستثمارات إضافية بقيمة 631 مليار يورو (735 مليار دولار) بحلول عام
2028 من كبرى الشركات الألمانية.
وخلال استضافته لكبار المسؤولين التنفيذيين للشركات في برلين الشهر
الماضي، سلط المستشار الألماني الضوء على الحاجة إلى الاستثمار الخاص
لتكملة جهود الدولة لتحديث البنية التحتية المتداعية وتعزيز النمو
الاقتصادي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الراية
منذ ساعة واحدة
- الراية
من الإغاثة إلى التنمية.. قطر شريك إنساني وتنموي رائد في دعم سوريا نحو التعافي والإعمار
من الإغاثة إلى التنمية.. قطر شريك إنساني وتنموي رائد في دعم سوريا نحو التعافي والإعمار دمشق - قنا: تواصل دولة قطر دعمها المستمر للشعب السوري عبر مجموعة واسعة من المشاريع الإنسانية والتنموية التي تنفذها مؤسساتها الرسمية والخيرية في مختلف المحافظات السورية، وتأتي هذه الجهود في إطار تعزيز الشراكة بين البلدين، ومواكبة الاحتياجات العاجلة والطويلة الأمد للسوريين في مختلف القطاعات الحيوية، في ظل الأوضاع التي أعقبت سنوات الأزمة والتحديات التي تواجه إعادة الإعمار. فمنذ اندلاع الأحداث في سوريا، كانت جمعية قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري وصندوق قطر للتنمية في طليعة الجهات الإنسانية التي سارعت إلى تقديم الدعم العاجل والمستدام، بالتنسيق الوثيق مع المنظمات والهيئات الإنسانية الدولية والمحلية والمؤسسات الرسمية، لتشمل التدخلات مجالات الصحة والمأوى والتعليم والأمن الغذائي والبنية التحتية، إضافة إلى مشاريع التمكين الاقتصادي. وفي حديث لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، أوضح كرم علي، مدير مكتب تركيا وسوريا في جمعية قطر الخيرية، أن المؤسسة نفذت منذ بداية الأزمة السورية أكثر من 4800 مشروع، بتكلفة إجمالية قاربت 750 مليون ريال قطري، شملت قطاعات الصحة والمأوى والأمن الغذائي والتعليم، مشيرا إلى أن الاستجابة الفورية لزلزال فبراير بلغت قيمتها نحو 70 مليون ريال، ووجهت لتأمين المأوى العاجل من خلال الخيام والمنازل مسبقة الصنع، إضافة إلى السلال الغذائية والاحتياجات الأساسية الأخرى. وبين أن الجمعية اتبعت آليات متنوعة في التنفيذ، سواء بشكل مباشر أو عبر شركاء من تركيا وسوريا، التزاما بقرارات مجلس الأمن الخاصة بالعمليات الإنسانية العابرة للحدود، حيث جاء الشمال السوري في صدارة الاستهداف، واستعرض السيد علي أهم إنجازات جمعية قطر الخيرية في الشمال السوري المتمثلة بإنشاء "مدينة الأمل"، التي تؤوي 1400 أسرة، وتضم مدارس ومراكز صحية وروضة أطفال وسوقا تجاريا ومرافق خدمية متكاملة، فضلا عن بناء أكثر من 2000 منزل متفرق أو ضمن تجمعات سكنية. كما أطلقت قطر الخيرية في ليلة السابع والعشرين من رمضان الماضي مشروعا لترميم 1500 منزل، بدأ العمل فعليا في 600 منها بسهل الغاب ومعرة النعمان، فيما يجري التحضير لاستكمال بقية المنازل في ريف حلب الشمالي، وأشار إلى أن قطر الخيرية تدير مستشفى باب الهوى وتنفذ مشاريع تمكين اقتصادي تستهدف الأسر الفقيرة وأمهات الأيتام، من خلال التدريب ودعم المشاريع الصغيرة. وأضاف أن قطر الخيرية شرعت في تنفيذ مشاريع جديدة بالتنسيق مع وزارتي الصحة والتربية في سوريا، تشمل طباعة الكتب المدرسية للصفوف من الأول حتى التاسع، وترميم المدارس، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى خطط لإقامة محطات طاقة شمسية وصيانة محطات المياه والصرف الصحي، وأوضح أن برامج الأمن الغذائي لا تزال تحظى بأولوية، عبر دعم سلسلة القيمة للقمح والثروة الحيوانية، فضلا عن كفالة وتشغيل 12 مركزا صحيا، وتزويد منظومة الإسعاف بـ18 سيارة إسعاف. وشدد على أن المشاريع يتم اختيارها وتنفيذها بالتنسيق مع الحكومة السورية والوحدات المحلية والمؤسسات الإنسانية، لضمان وصول الدعم إلى الفئات والمناطق الأكثر احتياجا. من جانبه، قال مازن عبد الله سلوم رئيس بعثة الهلال الأحمر القطري في سوريا وتركيا، في حديث لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، إن البعثة قدمت منذ عام 2012 استجابة شاملة للأزمة السورية في ثمانية قطاعات حيوية، استفاد منها أكثر من 13 مليون شخص، بإنفاق إجمالي تجاوز 160 مليون دولار أمريكي. وأوضح أن الهلال الأحمر القطري كان أول منظمة إنسانية تدخل المساعدات الإغاثية إلى سوريا عبر الحدود بعد الزلزال المدمر، بالتعاون مع صندوق قطر للتنمية، حيث تم توزيع هذه المساعدات في سوريا وتركيا على حد سواء. وأضاف أن الهلال الأحمر القطري سير قوافل طبية قدمت أكثر من 300 عملية جراحية نوعية، وشغل أربع عيادات متنقلة لخدمة النازحين، كما أنشأ 15 قرية سكنية في الشمال السوري تضم نحو 3500 شقة، استفاد منها أكثر من 60 ألف شخص، إلى جانب ترميم مئات المنازل المتضررة، وأشار إلى وجود خطط لمشاريع ترميم إضافية وبناء قرى جديدة، بالتنسيق مع خطط الإعمار الحكومية. وأكد سلوم أن الهلال الأحمر القطري يوازن بين الإغاثة العاجلة والمشاريع المستدامة، حيث يشمل عمله تقديم الأدوية والمستلزمات الطبية، وإنشاء أقسام قسطرة قلبية ومراكز غسيل كلى، ودعم المستشفيات، إضافة إلى إنشاء الأفران وتأهيل محطات الري، بدعم من صندوق قطر للتنمية، وأعرب عن ثقته بأن دولة قطر ستبقى شريكا إنسانيا رئيسيا لسوريا، مؤكدا أن العمل سيتوسع ليشمل محافظات سورية إضافية مع عودة الاستقرار إليها. بدوره، قال محمد حازم بقلة رئيس منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، في حديث مماثل لـ"قنا"، إلى أن التعاون مع الهلال الأحمر القطري شهد تطورا ملحوظا بعد الثامن من ديسمبر الماضي، حيث شمل دعم الفئات الفقيرة بالسلال الغذائية، وإجراء عمليات قلب جراحية للأطفال، وتنفيذ مشاريع موسمية مثل الأضاحي في عيد الأضحى المبارك، والدعم الرمضاني. وأوضح أن الهلال الأحمر القطري كان حاضرا في الأزمات الطارئة بجنوب سوريا، حيث دعم مراكز الإيواء بالسلال الغذائية، لافتا إلى أن هناك مشاريع قيد الدراسة تتعلق بالبنية التحتية والمشاريع المستدامة، يجري الإعداد لها عبر اجتماعات مشتركة، تمهيدا لتوقيع اتفاقية تفاهم تشمل غالبية المحافظات السورية. وأضاف أن التعاون بين الجانبين يمتد كذلك إلى مجالات التكنولوجيا الرقمية في العمل الإنساني، بعد مشاركة الهلال الأحمر العربي السوري في مؤتمر بهذا الشأن في قطر منذ بضعة أشهر، مؤكدا أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من الشراكات والمشاريع التي تخدم مختلف المناطق السورية. وفي هذا السياق، أكدت هند قبوات وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل بسوريا، في حديث لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، اعتزاز سوريا بعلاقتها مع دولة قطر، مشيدة بالدعم الإنساني والمعنوي والمادي الذي تقدمه للشعب السوري. وأوضحت أن هناك تنسيقا كاملا بين الوزارة والمؤسسات القطرية لتحديد الأولويات والحاجات، مع تبادل الخبرات والتقارير بشكل مستمر.. مشيرة أن برامج التعاون تشمل مجالات الحماية الاجتماعية، والتعليم، ودعم الشباب والمشاريع الصغيرة للخروج من مبدأ الإعانات نحو تمكين الأفراد اقتصاديا، فضلا عن مشاريع للتأهيل المهني ومدرسة مهنية، والتشاور حول تطوير قانون العمل وقانون الحماية. ويؤكد هذا الالتزام القطري المبدئي والراسخ تجاه الشعب السوري الدور الإنساني والتنموي لدولة قطر، من خلال الانتقال من مرحلة الإغاثة العاجلة إلى مرحلة بناء القدرة على الصمود عبر مشاريع مستدامة تشمل القرى السكنية والمستشفيات، ودعم الزراعة والموارد المائية، وتمكين الأسر اقتصاديا. كما تعكس هذه الجهود استعداد المؤسسات القطرية لمواصلة العمل بالتنسيق مع الحكومة السورية والشركاء المحليين والدوليين، لتلبية الاحتياجات المتزايدة لمرحلة ما بعد الأزمة، بما يعزز الأمن الإنساني ويفتح آفاق التعافي والنهوض مجددا في سوريا.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
ماذا يعني حذف 4 أصفار من الريال الإيراني؟
اعتمدت الحكومة الإيرانية مؤخرا حذف 4 أصفار من قيمة عملتها المحلية (الريال)، وذلك بعد أن أقر برلمانها قانونا بهذا الأمر. ويأتي هذا القرار وسط أزمة اقتصادية حادة تعانيها البلاد جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل أميركا والاتحاد الأوروبي، بسبب البرنامج النووي الإيراني. وقد أوردت الحكومة الإيرانية في بيانها بهذا الشأن، أنه سيكون هناك فترة انتقالية بوجود طبعتين من العملة المحلية، إحداهما الحديثة والتي ستكون قيمة الريال منها تعادل 10 آلاف ريال من العملة القديمة، في حين ستستمر العملة القديمة في التداول بالسوق لحين سحبها تدريجيا من السوق. ومما عانت منه إيران خلال السنوات الماضية، ارتفاع التضخم بمعدلات كبيرة، ووجود سوق سوداء لسعر الصرف ، ففي ظل الأزمات، يتجه الأفراد للعمل على تقليل خسائرهم قدر المستطاع، ويهربون من انخفاض قيمة العملة الوطنية إلى الاحتفاظ بمدخراتهم بالعملات الأجنبية أو الذهب أو شراء الأصول. بينما تتجه الحكومات، إلى محاولة إحكام قبضتها على سوق الصرف والتحكم في قيمة العملة، بل وفي حركة النقود داخليا وخارجيا، ولكن هذا الأمر عادة ما يأتي على حساب الأفراد. ولا تعد إيران هي الدولة الأولى أو الوحيدة، التي قامت بحذف بعض الأصفار من عملتها، فقد سبقتها دول عدة، منها على سبيل المثال تركيا، التي حذفت 6 أصفار من عملتها في 2005. كما أن إيران ليست الدولة الوحيدة التي تعاني من انخفاض قيمة عملتها أمام العملات الأجنبية بشكل كبير، فالأزمة الأضخم في هذا الإطار، تخص فنزويلا، وكذلك أفغانستان. وبعد دخول قرار الحكومة الإيرانية حيز التنفيذ مؤخرا، ما انعكاساته على الحياة الاقتصادية هناك؟ وما إيجابيات وسلبيات هذا القرار؟ لمزيد من الإيضاح حول هذه الخطوة في إيران، نطرح مجموعة من الأسئلة والإجابة عليها، لنتيح للقارئ أكبر قدر ممكن من المعرفة الخاصة بهذه المسألة. متى تدهورت قيمة العملة الإيرانية؟ إبان قيام الثورة الإسلامية في إيران 1979، كان سعر صرف الدولار أمام العملة المحلية "الريال" 70.4 ريالا، إلا أنه في عام 1990 تحسن سعر صرف الريال ليصل إلى 65.5 ريالا للدولار الواحد، ويرجع ذلك لتخفيف حدة التوترات السياسية، بعد التوصل لوقف الحرب الإيرانية العراقية. وأرقام قاعدة بيانات البنك الدولي ، التي تم الرجوع إليها لرصد حركة سعر صرف الريال الإيراني خلال الفترة 1979 – 2023، توضح أن سعر صرف الدولار في عام 2000 بلغ 1753 ريالا، وفي عام 2010 بلغ 10254، وفي عام 2023 بلغ 42000 ريالا. في حين أن الأسعار في السوق السوداء كانت تحلق في آفاق أعلى بكثير عن السعر الرسمي، قدرت في عام 2024 بنحو 148 ألف ريال لكل دولار أميركي، وقد تم تجاوز هذه المستويات في ظلال الإعلان عن تداعيات تدهور العلاقات الأميركية الإيرانية. وهنا تجدر الإشارة إلى أمر مهم، وهو أنه مع زيادة حدة أزمة العقوبات الاقتصادية على إيران، تراجعت قيمة عملتها بشكل كبير، نظرا لاعتماد الاقتصاد الإيراني على الخارج في سلع إستراتيجية على رأسها المعدات والآلات ووسائل الانتقال، والتكنولوجيا. وكان لارتفاع معدلات التضخم في إيران العامل الأكبر في انخفاض قيمة عملتها، ففي حين أعلن عن معدل تضخم بـ32.5% في عام 2024، فإنه كان في عام 2023 بحدود 43.5%، وهي أرقام حكومية، قد تكون أقل من الواقع الحقيقي لمستوى المعيشة في إيران، ويدلل على ذلك المظاهرات التي خرجت غير مرة في السنوات السابقة، منذ عام 2019 وحتى فترة قريبة، تعترض على السياسات الاقتصادية، وسوء مستوى الدخل والمعيشة. كيف يحدد سعر الصرف في إيران؟ تحديد قيمة سعر الصرف لأي عملة، لا تحكمه آلية واحدة، فهناك دول تتبع سعر الصرف الحر، الذي تحكمه قواعد العرض والطلب، كما هو الحال في شأن العملات الدولية الرئيسة (الدولار، اليورو، الين الياباني، الجنيه الإسترليني، الدولار الكندي، الدولار الأسترالي، اليوان الصيني). وهناك دول تتبع آلية التسعير الإداري، بأن تحدد قيمة عملتها أمام العملات الأجنبية بقرار إداري من السلطة النقدية، وفق ما تراه من سعر توازني يحقق مصالحها الاقتصادية، وهو الواقع الموجود في دول الخليج العربي، وكثير من الدول النامية. وهناك ما يعرف بسعر الصرف المدار، بحيث تتحكم السلطة النقدية في سعر الصرف صعودا وهبوطا، كلما اقتضت الحاجة، وبما لا يحدث أزمات في توفير النقد الأجنبي، أو يحدث خللا في الأداء الاقتصادي من وجهة نظر السلطة النقدية. وعادة ما يكون هذا الأمر في الدول التي تتبع ما يعرف بحماية سعر الصرف، وإذا تم التوسع في آلية "حماية سعر الصرف" فإن الثمن، هو تراجع احتياطيات النقد الأجنبي بالبنوك المركزية. وبالنسبة لإيران، فإنه يتم تحديد سعر الصرف، وفق قرار إداري، وبخاصة أن البلاد تعيش أزمة منذ فترة طويلة، بسبب العقوبات الاقتصادية، التي زادت في عام 2012، وتفاقمت أكثر بعد عام 2018، بعد انحساب أميركا من مفاوضات (5+1) الخاصة ببرنامج إيران النووي. لماذا اقتصر الحذف على الأصفار الأربعة؟ كما ذكرنا أن سعر الصرف في إيران، يتم تحديده وفق قرار إداري من السلطة النقدية (البنك المركزي)، وبالتالي فهو لا يخضع لقاعدة علمية معينة، أو قواعد العرض والطلب، ليكون سعر الصرف حرا، بل يخضع لما تراه السلطة النقدية في صالح تحقيق التوازن الاقتصادي للبلاد. والقاعدة التي يمكن القياس عليها في تحديد قيمة العملة لأي بلد، هي ما تمتلكه من ثروات، وما تحقق من أداء في الناتج المحلي ، وكذلك ما يتوفر لديها من ذهب ونقد أجنبي. ولكن الظروف التي تمر بها إيران استثنائية، لا تتناسب مع ما تملكه من مقدرات اقتصادية معتبرة، فهي تعيش تحت سقف العقوبات. وسواء زاد عدد الأصفار المحذوفة عن أربعة، أو قل عن ذلك، فهو لا يعبر عن واقع اقتصادي ومالي حقيقي، بقدر ما يعبر عن رغبة إدارية، تحاول حل مشكلات حسابية ومحاسبية، تتعلق بمشكلات انخفاض قيمة عملتها. ما الإيجابيات والسلبيات لقرار حذف الأصفار الأربعة؟ تدني قيمة العملة المحلية بشكل كبير، يعقد أمور النشاط الاقتصادي، في تدول العملة، وفي إجراء العمليات المحاسبية، وبخاصة في ظل مجتمع يعتمد على التداول الورقي بشكل كبير، ويؤدي تدني قيمة العملة المحلية إلى زهد الأفراد في امتلاكها، فحملها والاحتفاظ بها تكلفة وعبء، ولذلك يتجه الناس في مثل هذه الحالة، التي تشهدها إيران منذ فترة إلى العملات الأجنبية أو الذهب، أو امتلاك الأصول. ولعل من أبرز الإيجابيات التي يمكن تحقيقها من حذف الأصفار من الريال الإيراني، وبعد الحصول على العملة الجديدة، واستبدال القديمة، هو الوقوف على حجم الثروات الحقيقية لدى الأفراد، ومعرفة أصحاب الثروات المختلفة، كما يساعد في تحسين العوائد الضريبية في ظل الكشف عن الحجم الحقيقي للثروات، سواء بالنسبة للأفراد، أو المؤسسات. ويُعتقد أن الإيجابية الأكبر في حذف الأصفار في أي عملة محلية، لم تتحقق في الحالة الإيرانية، لأن الاقتصاد الإيراني لم يشهد أي أداء إيجابي خلال المرحلة السابقة، بل بالعكس يعاني من أزمة حادة بسبب العقوبات الاقتصادية، والتي يتوقع لها أن تزداد خلال الفترة القادمة، ما لم تصل إيران إلى تفاهمات مع أميركا والاتحاد الأوروبي بشأن برنامجها النووي. هل الأمر انعكاس لتحسن اقتصادي بإيران؟ الاقتصاد الإيراني يصنَف على أنه، اقتصاد متنوع، يجمع بين أنشطة اقتصادية متعددة، منها الصناعي والزراعي والخدمي، فضلا عن امتلاك إيران ثروة كبيرة من النفط والغاز وتُعد صاحبة أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في منطقة الشرق الأوسط ، ولديها مقومات سياحية ضخمة. وتعاني إيران من أداء غير طبيعي للصادرات والواردات، بسبب العقوبات، فالأرقام الخاصة بالبنك الدولي تظهر أن صادرات إيران السلعية في عام 2024 بلغت 105 مليارات دولار، بينما وارداتها السلعية بلغت 65.5 مليار دولار. ولا يعكس هذا الفائض التجاري ميزة، بقدر ما يظهر عجزا في الأداء الاقتصادي الإيراني، فالصناعة الإيرانية تعاني من نقص في العدد والآلات، كما تعاني من التخلف التكنولوجي أما حقول النفط والغاز فتعاني من تهالك الآلات والمعدات، ونفس الشيء بالنسبة لقطاع الطيران في إيران، فهو يعجز عن تجديد طائراته، فضلا عن مشكلات كبيرة تتعلق بنقص قطع الغيار. وبالتالي فميزان التجارة السلعية في إيران، لا يعبر عن أداء طبيعي، ولقد رأينا في مطلع عام 2017، حين أُعلن عن رفع مبدئي للعقوبات الاقتصادية عن إيران، في ظل عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، فقد سعت إيران لتوقيع اتفاقيات تفاهم مع العديد من الدول الأوربية وأميركا تصل لمئات المليارات من الدولارات، وتعلقت الآمال بانتعاش قطاع السياحة الإيرانية، ولكن حال دون ذلك قرار ترامب بالانسحاب من التفاوض مع إيران عام 2018. كيف تحمي إيران قرار حذف الأصفار الأربعة؟ علينا أن نسلم بأن إيران تعيش أوضاعا غير طبيعية، وستظل الأمور الخاصة بالجوانب المالية والنقدية غير مستقرة، ما دامت حالة التوتر هذه مستمرة. وإذا أرادت إيران أن تحافظ على قرارها بحذف الأصفار من قيمة عملتها المحلية، وأن يكون هناك تحسن حقيقي في قيمتها فعليها أن تتبع الآتي: إعلان أولا، العمل على سد العجز في احتياجاتها من الخارج، لتقليص العجز المالي، وانخفاض معدلات التضخم، لتكون أقل من 10%. كما أن عليها أن تزيد من القيمة المضافة لناتجها المحلي، والتخلي عن الاقتصاد الريعي الذي يعتمد بشكل رئيس على عوائد النفط، والموارد الطبيعية من الزراعة والصناعات الاستخراجية. والأكثر أهمية أن تخرج من تحت مظلة العقوبات الاقتصادية، التي تنهك اقتصادها منذ سنوات، وأن تعود لساحة الاقتصاد العالمي، وسط أداء طبيعي، يختبر قدرتها على الاندماج، ويضعها في مضمار التنافسية الدولية.


الجزيرة
منذ 12 ساعات
- الجزيرة
إسرائيل تستعد لأسوأ هجوم من إيران
بعد مضي أكثر من شهرين على الحرب المباشرة بين طهران وإسرائيل، كثف المسؤولون الإسرائيليون من تهديداتهم لإيران بشن هجوم عسكري جديد، ودعوا قوات الجيش إلى حالة استنفار؛ استعدادا لأي سيناريو محتمل. يوم الاثنين 11 أغسطس/آب، وجه يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، في رده على صور نُشرت حول "قائمة مزعومة" لمسؤولين إسرائيليين، خطابا مباشرا إلى سماحة القائد الأعلى في إيران، مهددا إياه بالاغتيال! وفي الوقت نفسه، كتب تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد "كوينسي"، في مقال له أن إسرائيل، خلال هجومها على إيران، لم تكن تستهدف فقط ضرب البرنامج النووي الإيراني، بل سعت أيضا إلى جر الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع إيران، تمهيدا لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية، وتحويل إيران إلى بلد شبيه بسوريا، ولبنان، بحيث تستطيع أن تقصفه متى شاءت باستخدام أدواتها العسكرية! وفي السياق ذاته، لم يستبعد الرئيس السابق للمجلس الوطني الإيراني- الأميركي، وهو شخصية مقربة من التيار المعتدل في الداخل الإيراني، احتمال اندلاع مواجهة جديدة بين إيران وإسرائيل خلال الأسابيع المقبلة، واصفا إياها بأنها ستكون حربا أكثر دموية. كما كتب مركز الأبحاث "المجلس الأطلسي" في تقرير له: "قد تسعى إسرائيل إلى شن هجمات جديدة بهدف القضاء الحاسم على التهديد النووي الإيراني، خصوصا إذا فشلت الدبلوماسية". وإلى جانب هذه المواقف والتحليلات، ثمة أسباب أخرى تعزز سيناريو الموجة الثانية من الهجوم الأميركي- الإسرائيلي على إيران. إقرار "احتلال غزة" والحاجة إلى صرف الأنظار إن تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل بوساطة قطر، والولايات المتحدة، أوجد حالة من الجمود بشأن مستقبل الحرب ومصير غزة. وفي ظل هذه الأوضاع، قرر بنيامين نتنياهو، ومن بعده المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي، المضي في خطة احتلال غزة، بهدف إنهاء سيطرة حماس ووجودها في القطاع. وبحسب صحيفة "يسرائيل هيوم" اليمينية، فإن الخطة قبل المصادقة عليها من جانب إسرائيل، خضعت لتعديلات وإصلاحات من الولايات المتحدة، ثم حصلت على موافقتها النهائية. وتشير المعطيات المنشورة في الإعلام العبري إلى أن الخطة تقضي، بعد نقل كامل سكان غزة إلى جنوب القطاع وفرض حصار شامل عليه، بتنفيذ عملية تطهير على نحو "حيٍ بحي" ولمدة خمسة أشهر، بقصد تدمير البنى التحتية السلطوية لحماس والسيطرة على إدارة القطاع. غير أن هذه الخطة قوبلت بانتقادات داخلية وخارجية ضد نتنياهو. فقد رأى أعضاء في الكنيست أن احتلال غزة سيُلزم إسرائيل بتخصيص ما بين 35 إلى 52.5 مليار دولار لإدارة شؤون غزة، وفقا للقوانين الدولية. أما الدول الأوروبية، مثل فرنسا، فقد قررت، ردا على سياسة نتنياهو العدوانية، الاعتراف رسميا بـ"دولة فلسطين" في شهر سبتمبر/أيلول. وفي هذه الأجواء، قد يلجأ نتنياهو، كما فعل في جولات سابقة من "تصدير الأزمات إلى الشرق الأوسط"، إلى مغامرة عسكرية جديدة في لبنان أو إيران. خطوة كهذه ستمكنه من صرف أنظار المجتمع الدولي وتوحيد الجبهة الداخلية الإسرائيلية في الوقت نفسه. المناورة المفاجئة "فجر الصباح" وكانت المناورة الجوية الكبرى "فجر الصباح" خطوة أخرى لافتة أقدمت عليها قوات الجيش الإسرائيلي في الأيام الماضية. فقد تحدثت وسائل الإعلام العبرية عن مناورات عسكرية نفذها الجيش؛ استعدادا لهجوم محتمل ومباغت من إيران. وكتبت صحيفة "معاريف" أن الجيش الإسرائيلي أجرى، ضمن مناورة مفاجئة، محاكاة لـ"أسوأ هجوم مباغت قد تشنه إيران"، وتمكن خلالها من رصد نقاط ضعف الحدود الشرقية مع الأردن. ووفقا للتقرير، جرت المناورة بقيادة رئيس أركان الجيش، إيال زامير، وتضمنت محاكاة لهجمات متزامنة من عدة جبهات، بينها إطلاق صواريخ من اليمن، ولبنان، وتسلل مسلح عبر الحدود الأردنية. والهدف من هذه المناورة توجيه رسالة واضحة إلى الجمهورية الإسلامية، وإلى حزب الله في لبنان، مفادها أن إسرائيل "تنام وعيونها مفتوحة". رسالة الترويكا الأوروبية إلى مجلس الأمن في الثامن من أغسطس/آب، بعثت الترويكا الأوروبية، أي ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، برسالة مشتركة إلى مجلس الأمن، جاء فيها أنه مع اقتراب انتهاء مفعول الاتفاق النووي لعام 2015 بتاريخ 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025 (بموجب القرار 2231 لمجلس الأمن)، فإنها تؤكد: "سنظل ملتزمين تماما بالحل الدبلوماسي للأزمة الناجمة عن البرنامج النووي الإيراني، وسنسعى إلى التوصل إلى اتفاق متفاوض عليه، وفي الوقت نفسه نحتفظ بالجاهزية والأساس القانوني الواضح لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات تلقائيا (سناب باك)، إذا لم يتم التوصل إلى حل مُرضٍ بحلول نهاية أغسطس/آب 2025". ويرى بعض الخبراء أنه إذا لم تتوفر فرصة جديدة لاستئناف المفاوضات النووية المباشرة، أو غير المباشرة بين إيران، والولايات المتحدة، وتم تفعيل "سناب باك"، فإن الهجوم الإسرائيلي الجديد على إيران سيحظى بشرعية دولية، ودعم غربي أقوى. وفي حال فشل المفاوضات النووية، وتفعيل آلية إعادة العقوبات التلقائية على إيران من قبل الترويكا الأوروبية، فإن نتنياهو سيجد الفرصة سانحة لبدء الموجة الثانية من الهجوم على إيران. إعادة فتح ملف "جيفري إبستين وترامب" يرى بعض المحللين أن من بين العوامل المؤثرة في قرار ترامب بمنح الضوء الأخضر لإسرائيل لمهاجمة إيران، بل والسماح لطائرات "بي-2″ الإستراتيجية بقصف المنشآت النووية الإيرانية، الضغط المتزايد وغير المباشر من جانب الموساد و"اللوبي الإسرائيلي" على البيت الأبيض عبر الملف المعروف لـ"جيفري إبستين". ومع مرور ما يقارب الشهرين على "حرب الـ12 يوما"، تحول موضوع فضيحة "إبستين" منذ الرابع من أغسطس إلى العنوان الأول في وسائل الإعلام الأميركية الكبرى. وبلغت هذه الموجة الإعلامية المريبة ذروتها في الثامن عشر من أغسطس/آب، مع ما وصفته صحيفة "وول ستريت جورنال" بالفضيحة التاريخية لترامب فيما يتصل بعلاقته بقضية إبستين، وقد رد عليها ترامب بدعوى قضائية بمليارات الدولارات ضد مالك الصحيفة روبرت مردوخ. وتتنامى التكهنات اليوم حول إمكانية نجاح كبار الشخصيات الصديقة لإسرائيل من داعمي ترامب أمثال مارك لوين، وإيزاك بيرلماتر، ونلسون بليتس، بمساعدة شركائهم الإعلاميين مثل "مردوخ"، بجرّ ترامب مجددا إلى أتون الحرب مع إيران، أو أن الرئيس الأميركي هذه المرة قد يختار الصمود في وجه ابتزاز دعاة الحرب. الرسالة المباشرة من نتنياهو إلى الشعب الإيراني كان أحد الأهداف الثلاثة التي سعى إليها نتنياهو خلال "حرب الـ 12 يوما" مع إيران، تهيئة الظروف اللازمة لتغيير النظام السياسي في طهران. ولتنفيذ هذا السيناريو، كان يعول على أن تخرج، بعد ضرب المنشآت النووية والعسكرية والبنى التحتية للطاقة في إيران، شرائح من الشعب الإيراني إلى الشوارع مدفوعة بالدعاية الإعلامية الممولة أميركيا وإسرائيليا، لتضع نهاية للجمهورية الإسلامية. واليوم، ومع تفاقم أزمات الاختلال في الداخل الإيراني، أطل بنيامين نتنياهو، في رسالة مصورة موجهة مباشرة إلى الشعب الإيراني، داعيا إياه للنزول إلى الشوارع! وفي السياق ذاته، كرر منشه أمير، أحد أقدم موظفي "إذاعة إسرائيل بالفارسية"، الطرح نفسه من خلال صفحة ناطقة بالفارسية يُنسب تشغيلها لإسرائيل، ودعا الإيرانيين إلى التمرد الداخلي. ويبدو أن تل أبيب تسعى، في جولة جديدة من الصراع مع إيران، إلى استخدام كل وسيلة ممكنة لدفع الشعب إلى الشوارع، وتهيئة الأرضية المناسبة لاندلاع حرب أهلية داخل الأراضي الإيرانية. تصاعد الضغوط لنزع سلاح حزب الله في خريف العام الماضي، وخلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله، شبه جاريد كوشنر، صهر ترامب، المقاومة الإسلامية في لبنان بـ"البندقية المحشوة"، وزعم أن الحرب الثالثة في لبنان، وما أعقبها من إضعاف أكبر حليف لطهران، قد أوجدت أفضل فرصة لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية! واليوم، وبعد مرور تسعة أشهر على حرب لبنان، اتخذت حكومة جوزيف عون ونواف سلام، وبعد مشاورات مع توم باراك المبعوث الأميركي الخاص، قرارا يقضي بنزع سلاح كل الفصائل المسلحة غير الحكومية في لبنان (حزب الله والفصائل الفلسطينية)، بحلول نهاية 2025. وبُعيد إعلان هذا القرار رسميا، توجه علي لاريجاني، الأمين الجديد للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إلى بيروت للتباحث بشأن مخاطر تنفيذ خطة نزع سلاح حزب الله. ويرى خبراء أن مقاومة حزب الله لهذا القرار قد ترفع بشكل خطير احتمالات تفجر صراع داخلي في هذا البلد العربي، بل إن ثمة احتمالا قائما أن تبادر إسرائيل إلى شن هجوم واسع على حزب الله في جنوب لبنان، قبل إطلاق الموجة الثانية من هجومها على إيران. إيران في سعيها إلى كبح إسرائيل في مواجهة تهديد هجوم إسرائيلي- أميركي جديد على إيران، تتحرك طهران على مسارات عسكرية ودبلوماسية متوازية. فقد نقلت شخصيات إعلامية مقربة من فريق التفاوض الإيراني في الأيام الأخيرة، أن طهران، إلى جانب استمرار محادثاتها مع الترويكا الأوروبية، تدرس أيضا احتمال الدخول في حوار مباشر مع الجانب الأميركي في مدينة أوسلو بالنرويج. وفي الوقت ذاته، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تقريرا زعمت فيه أن الصين تساعد إيران في إعادة بناء قدراتها الدفاعية الجوية، وتتعاون معها أيضا في مجال تعزيز مخزونها الصاروخي. وتدل هذه الإجراءات، إلى جانب التغييرات البنيوية والشخصية داخل إيران، على وجود إرادة جادة لدى طهران لتقليص احتمالات الحرب عبر خيار "الدبلوماسية الأقل كلفة"، وفي الوقت نفسه الاستعداد لأسوأ سيناريو يتمثل في الموجة الثانية من الحرب مع إسرائيل.