
الصين والولايات المتحدة: هل تحوّل التلميذ إلى أستاذ؟
في عرض لافت من الصحف الغربية، تساءلت النيويورك تايمز إن كانت الولايات المتحدة قد بدأت تتعلم من الصين، بعد أن باتت الأخيرة منافساً اقتصادياً وتقنياً يحافظ على هويته السياسية. وفي الواشنطن بوست، انتقادات لسياسات التطوير العقاري الأمريكية التي حولت المدن إلى "صحارى مكتظة"، بينما حذّرت التايمز من أزمة نفسية محتملة تهدد المجتمعات بسبب فقدان الوظائف في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث بات العمل جزءاً جوهرياً من معنى الذات لدى الأفراد.
ونتوقف بداية عند ما طرحه الكاتب سامي هاركام، في صحيفة النيويورك تايمز، من شواهد تاريخية تبيّن تقليد الصين للنموذج الغربي خلال فترة نهضتها الاقتصادية والعلمية، مع الحفاظ على هويتها ونظامها السياسي، لكنه يعقد مقارنة يلمح من خلالها إلى أن الولايات المتحدة في عهد ترامب وتيار "ماغا"، المؤيد لترامب والداعي إلى سياسات تُعلي من القيم الوطنية، أصبحت بطريقة ما تقلد النموذج الصيني!
يقول هاركام إن الصين أمضت عقوداً في محاكاة عناصر أساسية من النموذج الأمريكي في ريادة الأعمال والاستهلاك والتكامل مع الأسواق العالمية، وإن ذلك أسهم في جعل الصين قوة صناعية، ورائدة في العلوم والتكنولوجيا، وجعل الطبقة المتوسطة في الصين تتوسع أكثر. كل ذلك في الوقت الذي "تمسّكت الصين فيه بهويتها كأمّة"، إذ تبنّت جوانب من النهج الأمريكي مع التمسّك بنظامها القائم على هيمنة الحزب الشيوعي وتدخّل الدولة في كل شيء، وأفضى ذلك إلى تحقيقها "نجاحاً باهراً"، برأي الكاتب.
ويوضح الكاتب أن علاقة المحاكاة هذه بين الصين والولايات المتحدة تسير باتجاهين، فالولايات المتحدة في عهد ترامب تحاول محاكاة بعض الجوانب من التجربة الصينية، ويطرح في هذا السياق بعض الأمثلة.
يرى هاركام أن تيار
كما أن الصين "تستخدم اقتصادها كسلاح لمعاقبة شركائها التجاريين"، وهو الأمر ذاته الذي تفعله إدارة ترامب، برأي الكاتب، عبر الضغط على حلفاء الولايات المتحدة عن طريق "الرسوم الجمركية التعسفية أو إجراءات انتقامية أخرى".
لا يُخفي الكاتب إعجابه بما حققته الصين خلال العقود الأخيرة، وذلك عبر سياسات صناعية واسعة الأفق، والتبني السريع للتكنولوجيات الجديد، والتحول نحو الطاقة المتجددة، والمدن عالية التقنية، وشبكة الطرق المتطورة، والإنفاق الحكومي على التعليم والتكنولوجيا.
ويشدد الكاتب على أن نجاح الصين لم يكن مرتبطاً فقط بغياب الديمقراطية التي يراها البعض "عائقاً أمام تنفيذ الخطط"، بل ارتبط كذلك ببُعد نظر استراتيجي، واستثمار في المستقبل، وشعور وطني قائم على الوحدة لا الانقسام. وهو نموذج ينبغي على الولايات المتحدة تبني بعض جوانبه، مثل التحول للطاقة المتجددة، ودعم التعليم والبحث العلمي، والاستثمار في البنية التحتية، وتعزيز الشعور الجماعي بالوطنية.
إلا أن إدارة ترامب، برأي الكاتب، تعمل على "تقويض أو تخفيض التمويل المخصص لأمور حيوية"، مثل السلامة العامة والبنية التحتية والتعليم والطاقة النظيفة، إضافة إلى "تأجيج الانقسامات السياسية".
يختم الكاتب بالقول إن الولايات المتحدة من الممكن أن تتعلم من الصين، لكن عليها أن تجد طريقة لإنجاح ذلك مع الحفاظ على مبادئها الدستورية.
أين اختفت الأشجار؟
EPA-EFE/REX/Shutterstock
على وقع موجات الحر التي ضربت أوروبا وبعض أجزاء الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، تستذكر الكاتبة كاثلين باركر، التي تعيش في ولاية ساوث كارولاينا، حين ذهبت في رحلة إلى كاليفورنيا رفقة ابنها قبل أربع سنوات، وقطعت خلالها صحراء موهافي بالسيارة، وتذكرت كيف شعرت بالخشية على حياتها وحياة ابنها بسبب الحر الشديد الذي شعرت به وخلو المكان من أي مظاهر حياة. وتشير، في مقالها الذي نُشر على الواشنطن بوست، إلى أن الحر الذي شعرت فيه في ساوث كارولاينا في الأيام الأخيرة يُقارن بالحر الذي شهدته في صحراء موهافي بولاية كاليفورنيا الأشد حرّاً في العادة.
تقول باركر إن غياب الإجراءات للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، سيعني زيادة موجات الحر من حيث العدد والحدة، وزيادة تواتر الأعاصير وشدتها، وارتفاعاً عاماً في درجات الحرارة، وهذا برأيها، ما يقوله الجميع وما يثبته العلم.
تنتقد الكاتبة مشاريع التطوير العقاري رخيصة الثمن وسريعة التنفيذ التي انتشرت في العديد من الولايات دون الأخذ بعين الاعتبار العامل البيئي، وهي مشاريع مدفوعة بنقص المساكن، وتؤدي إلى تحويل المدن والبلدات إلى "صحاري صغيرة مكتظة بالسكان دون وجود الأشجار".
تشير باركر في هذا السياق إلى مسألة قطع الغابات لإفساح المجال لمشاريع الإسكان، وتصف الأمر بـ "غير المنطقي"، إذ تحسّن الأشجار جودة الهواء، وتخفف من آثار التغير المناخي. كما أن المنازل لم تعد محاطة بالأشجار رغم تفضيل الناس لذلك، وهو ما تلقي اللوم فيه على المطورين العقاريين الذين يقولون إن التوفير في تكاليف البناء سينعكس إيجاباً على المشترين. وتردّ على ذلك بتساؤل: كيف يمكن لأي شخص أن ينشأ بشكل سليم وصحي دون وجود شجرة يتسلقها حول بيته؟
تختم باركر بالقول إن علينا التكيف مع ارتفاع درجات الحرارة، لكن هذا التكيّف لا يعني الاعتياد عليها فقط، بل كذلك بـ "تغيير أسلوب بناء المنازل والحفاظ على الموارد الطبيعية".
مجتمع "منهار عصبياً"
PA
نشأت أجيال كاملة خلال العقود الأخيرة على فكرة تبجيل العمل والإنتاجية، وأصبحت ساعات العمل أطول مما كانت عليه في منتصف القرن العشرين، وتحوّلت أماكن العمل إلى بيئة تمثّل البيت بالنسبة للكثيرين، كما أن القيم الثقافية والحضارية منحت مكانة عالية للعمل الجاد بحيث أصبح مقياساً على نجاح الفرد والمجتمع، فماذا لو حلّ الذكاء الصناعي مكان البشر في العديد من الأعمال المكتبية؟ ماذا لو وجدنا أنفسنا فجأة نعمل لساعات أقل بكثير بسبب ذلك؟ أي فراغ روحي سيخلقه الأمر لدى أجيال اعتادت على تقديم العمل على أي شيء آخر؟
هذا ما يناقشه الكاتب جيمس ماريوت، في مقاله بصحيفة التايمز، الذي يقتبس من تقرير للصحيفة نفسها يقول إن الوظائف المتاحة للخريجين في سوق العمل في بريطانيا انخفضت بمقدار الثلث منذ إطلاق تطبيق "شات جي بي تي"، وإذا صحّ أن الذكاء الاصطناعي مسؤول عن هذا التراجع في الوظائف، فقد نكون على أعتاب "عصر بلا عمل"، وبالنظر إلى أنه ليس من المبالغة القول إن "العمل هو الإيمان الحقيقي للغرب"، على حدّ تعبير الكاتب، فإن فقدان العمل سيطلق تحديات روحية أمام المجتمع.
يقتبس الكاتب من مقولة لعالم الاقتصاد الإنجليزي جون مينارد كينز في ثلاثينيات القرن الماضي، تنبأ فيها بأن ساعات العمل للأجيال المقبلة ستنخفض بفضل الأتمتة إلى 15 ساعة أسبوعياً، لكن ذلك سيعني تخلي الناس عن "العادات والغرائز" التي غرستها ثقافة كرّست قيمة العمل الجاد، وسيعني الاستسلام لفكرة عدم القيام بأي شيء على الإطلاق، وبالتالي ستعمّ حالة من "الانهيار العصبي العامّ".
يقول الكاتب إن الفجوة التي قد تنشأ عن فقدان الوظيفة، بالنسبة للعاملين الذي نشأوا على فكرة أن الإنتاجية هي هدف الوجود، ستعني "فقدان حياة كاملة تقريباً". إذ إن العالم الحديث رغم ازدهاره، "أكثر عزلة وبلا أطفال". وسيجد الكثير مّمن حلّت الآلات محلهم أنهم لا يملكون الكثير من الخيارات الأخرى لتعوّضهم عن هذا النقص في "معنى حياتهم".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 4 ساعات
- الوسط
ترامب يوقع مشروع الميزانية الضخم في العيد الوطني للولايات المتحدة
وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ختام الاحتفال بعيد الاستقلال في البيت الأبيض مشروع الميزانية الضخم الذي كان قد أقره الكونغرس، ليصبح قانونا. وقال ترامب وهو يوقع على الوثيقة، الجمعة: «هذا قانون جيد»، بينما أحاط به عشرات النواب الجمهوريين الذين دعموا مشروع القانون ووصفهوه بـ «الكبير والجميل»، حسبما نقلت وكالة «فرانس برس». ترامب يرى أن مشروع قانون الضرائب يقوي الاقتصاد قبل ذلك، شاد الرئيس الأميركي بإقرار«الكونغرس» بمجلسيه مشروع القانون الرئيسي للضرائب والإنفاق، قائلا إن هذا التشريع سيدفع اقتصاد البلاد بقوة «صاروخ فضائي». ووافق الجمهوريون في مجلس النواب الأميركي على مشروع قانون الإعفاءات الضريبية وخفض الإنفاق بقيمة 4.5 تريليون دولار الذي اقترحه الرئيس دونالد ترامب، بحسب وكالة «أسوشيتدبرس». ويشمل القانون توسيع نطاق الإعفاءات الضريبية الكبيرة لمعظم الأسر، في مقابل تخفيضات كبيرة في برنامج التأمين الصحي العام للأميركيين من ذوي الدخل المحدود.


الوسط
منذ 10 ساعات
- الوسط
ترامب يعلن إقامة نزال الفنون القتالية المختلطة في البيت الأبيض
قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إنه يخطط لاستضافة نزال للفنون القتالية المختلطة في البيت الأبيض، العام المقبل، ضمن الاحتفال بالذكرى الـ250 لإعلان استقلال البلاد. يذكر أن ترامب يُعرف في عالم الفنون القتالية المختلطة باسم «الرئيس المقاتل»، ويعتبر مشجعي هذه الرياضة جزءاً من قاعدته السياسية، وفقا لوكالة «رويترز». ترامب يلقي خطابا اليوم كشف ترامب عن تلك الخطط خلال خطاب تناول موضوعات كثيرة في ولاية أيوا، تمهيداً لاحتفالات يوم الاستقلال، الذي يحل اليوم الجمعة. وقال ترامب: «سنرى نزالاً للفنون القتالية المختلطة على أرض البيت الأبيض». - وأضاف: «سيكون هناك من 20 إلى 25 ألف شخص في إطار الـ250»، في إشارة إلى ذكرى استقلال الولايات المتحدة. ويحضر ترامب نزالات تلك البطولة بانتظام، وآخر مرة شاهد فيها نزالاً كانت في نيوجيرسي يونيو الماضي.


الوسط
منذ 11 ساعات
- الوسط
اتصلوا بكل احترام ليطلبوا الإذن.. ترامب يزعم: سمحت للإيرانيين بإطلاق 14 صاروخا علينا
زعم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن إيران أبلغت الولايات المتحدة مسبقا بنيّتها ضرب قاعدة «العديد» الأميركية في قطر، ردا على الضربات التي استهدفت مواقعها النووية. وأوضح خلال كلمة ألقاها اليوم الجمعة في مناسبة وطنية، نقلتها وكالات الأنباء العالمية وشبكة «فوكس نيوز»، عقب إقرار قانون ضريبي جديد، أن الصواريخ الإيرانية كانت «عالية الجودة وسريعة جدا»، لكن «جميعها جرى إسقاطها بسهولة». وأشار الرئيس الأميركي بسخرية إلى أن الإيرانيين اتصلوا به «بكل احترام»، ليطلبوا السماح لهم بإطلاق 14 صاروخا، مضيفا أنه رد عليهم بالقول: «تفضلوا». ترامب مجددا: دمرنا منشآت إيران النووية في السياق نفسه، أشاد ترامب بالضربات الأميركية على منشآت إيران النووية، مؤكدا أن هذه المنشآت «دُمرت بالكامل»، وأن العملية شاركت فيها أكثر من ثلاثين طائرة تزويد بالوقود جوا لدعم المقاتلات، ومضيفا: «لقد كانت عملية دقيقة وكبيرة. شاركت فيها قدراتنا الجوية بكفاءة عالية»، ومشيرا إلى الدور المحوري الذي لعبه طيارو طائرات «B2» في تنفيذ الضربات. وأضاف أن وكالة الطاقة الذرية أثبتت تدمير البرنامج النووي الإيراني، وأعلن أن بلاده ستبني ما وصفه بـ«القبة الذهبية» لحماية الولايات المتحدة من التهديدات الخارجية. كما لفت إلى أن الطيارين والفنيين الذين شاركوا في الضربات سيكونون في البيت الأبيض، للمشاركة في احتفالات الرابع من يوليو. وانتقد ترامب شبكة «سي إن إن»، واصفا إياها بـ«المزيفة»، وقال إن تقاريرها التي تحدثت عن عدم تدمير المنشآت قلّلت من جهود الجنود الأميركيين، الذين وصفهم بـ«الرائعين». وأشار إلى أن الجميع كان يراقب الضربة الأميركية، بمن فيهم الصين، مشددا على أنه «لا أحد يملك معدات عسكرية تضاهي ما نملكه». وانتقد سياسات الرئيس السابق جو بايدن، قائلا: «الولايات المتحدة كانت قبل أشهر فقط أضحوكة العالم، قبل أن يستعيد حلفاؤها الثقة بها». كما أعلن أن شركاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي (ناتو) وافقوا على رفع ميزانية الدفاع بأكثر من تريليون دولار. وفي ختام تصريحاته، قال ترامب إن إيران أبدت رغبتها في التفاوض مع الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يتولى إدارة هذه المحادثات. وأضاف: «أعتقد أنهم يريدون اللقاء، وأنا أعلم أنهم يريدون اللقاء. وإذا لزم الأمر، فسأقوم بذلك».