logo
إنزاغي قبل نهائي "الأبطال": نستحق أن نكون هنا

إنزاغي قبل نهائي "الأبطال": نستحق أن نكون هنا

العربيةمنذ يوم واحد

يعتقد سيموني إنزاغي، مدرب إنتر ميلان، أن وصول فريقه الرائع لنهائي دوري أبطال أوروبا سيمنحه الثقة اللازمة للتغلب على فريق باريس سان جيرمان الفرنسي في المواجهة التي ستقام يوم السبت في ميونخ.
وكشف إنزاغي للصحفيين في ملعب أليانز أرينا، حيث ستقام المباراة النهائية "دائمًا ما يكون الأمر مثيرًا للغاية قبل كل مباراة في دوري الأبطال، وخاصة عندما تكون المباراة النهائية. نحن نستحق تمامًا أن نكون هنا لأننا أظهرنا رغبة كبيرة منذ مباراتنا الأولى في مانشستر".
بدأ الإنتر مشواره الأوروبي بالتعادل 0-0 خارج ملعبه أمام مانشستر سيتي بقيادة بيب غوارديولا في سبتمبر، في مباراة العودة مع الفريق الذي تغلب عليه بصعوبة في نهائي 2023 في إسطنبول.
واحتل النيراتزوري المركز الرابع في مرحلة الدوري المكون من 36 فريقًا، وخسر مرة واحدة فقط واستقبلت شباكه هدفًا واحدًا فقط في ثماني مباريات.
ثم تغلبوا على فينورد في دور الـ16 قبل أن يطيحوا باثنين من المرشحين للبطولة، بايرن ميونخ في ربع النهائي وبرشلونة في مباراة ملحمية في دور الثمانية.
وأضاف إنزاغي، الذي تجاهل الأسئلة المتعلقة بمستقبله وسط تكهنات باحتمالية رحيله عقب المباراة النهائية: لقد كانوا خصومًا رائعين، لذا فإن تأهلنا إلى هنا مستحق رغم أننا نعلم أنه لا يزال علينا أن نخطو الخطوة الأخيرة، وهي الأهم.
وأبان إنزاغي أنه من من المحتمل أن يشارك سبعة من اللاعبين الذين شاركوا أساسيين في المباراة النهائية أمام السيتي قبل عامين في تشكيلة إنتر مرة أخرى في المباراة ضد باريس سان جيرمان الشاب، حيث أن الخبرة الإضافية للفريق الإيطالي قد تساعده "كل مباراة تختلف عن الأخرى، والنهائيات يمكن أن تحسمها اللحظات الحاسمة".
وأضاف: قبل عامين لم نكن مرشحين للفوز باللقب، ولكننا كنا ننافس السيتي على أرض الملعب، وربما كنا نستحق أكثر من ذلك.
سيحظى إنتر، أحد الأسماء الكبيرة القديمة في اللعبة الأوروبية، بفرصة أخرى للفوز بلقبه الرابع، بعد انتصاراته في أعوام 1964 و1965 و2010.
ومع ذلك، يجب أن ينتشلوا أنفسهم من خيبة الأمل بعد الخسارة أمام نابولي على لقب الدوري الإيطالي في نهاية الأسبوع الماضي "الجانب الذهني للمباراة مهم. لقد عمل اللاعبون بجدية كبيرة وبالطبع وضعنا خيبة الأمل المحلية جانبًا، جميع اللاعبين متاحون وبالتالي فإن الأمر متروك لي لاختيار فريقي. لا يجب أن يكون اللاعبون مهووسين، ولكن يجب أن يتمتعوا بالدرجة المناسبة من التصميم".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كأس دوري أبطال أوروبا عاد إلى دياره التي وُلِدَ فيها!
كأس دوري أبطال أوروبا عاد إلى دياره التي وُلِدَ فيها!

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

كأس دوري أبطال أوروبا عاد إلى دياره التي وُلِدَ فيها!

كرة القدم عادت إلى ديارها. أو على الأقل عاد كأس أوروبا. ففي مكاتب صحيفة ليكيب الفرنسية، الواقعة في شارع رو دو فوبورغ مونمارتر وسط باريس، وُلدت فكرة هذه البطولة في عام 1954. استضافت المدينة النهائي الافتتاحي، ثم خمسة نهائيات أخرى بعد ذلك، لكن الكأس لم يعد أبدًا إلى باريس كمستحق دائم. وربما لم يكن الأمر مفاجئًا للصحافيين آنذاك، خاصة أن نادي باريس سان جيرمان لم يكن قد تأسس بعد، بل سيظهر بعد 16 عامًا. ثم في عام 1992، تغيّر الاسم إلى دوري أبطال أوروبا. بحسب شبكة The Athletic,ما حدث في ميونيخ كان عرضًا كرويًا من نادٍ فرنسي كان أولئك الصحافيون يحلمون برؤيته. في مباراة كان يُفترض أن تكون متكافئة بين طرفين عملاقين، انتهى الأمر بمجزرة كروية، والنتيجة عكست الفجوة الهائلة بين الفريقين. حتى حكم اللقاء امتنع عن إضافة وقت بدل ضائع من شدة الفارق، وكأنها قمة الإهانة في كرة القدم. لم يكن هناك شك في أن باريس سان جيرمان سيهيمن على الاستحواذ، بينما سيعتمد إنتر على الهجمات المرتدة. لكن مشكلة إنتر كانت في أول تمريرة تخرج من الدفاع، والتي إن ساءت – كما حدث كثيرًا هنا – تنهار معها المنظومة بأكملها وتنهال موجات هجومية جديدة من الفريق الباريسي. هذا كان باريس في أفضل حالاته: مزيج من التنظيم والمرونة. دزيريه دو بدأ من الجهة اليمنى لكنه تحرك بحرية نحو اليسار. عثمان ديمبيلي تواجد في العمق كما في الأطراف. والأبرز، أن أشرف حكيمي، الذي يُفترض أنه الظهير الأيمن، ظهر كمهاجم ليسجّل الهدف الافتتاحي، وقبيل نهاية الشوط الأول، كان يضغط على الكرة قرب الراية الركنية في الزاوية المقابلة لموقعه الأصلي. كون حكيمي هو صاحب الهدف الأول لم يكن مجرد صدفة. أولًا، رغم رحيل نجوم مثل ميسي ونيمار ومبابي، ما زال باريس قادرًا على استقطاب أفضل لاعبي أوروبا، والاحتفال البارد من حكيمي أمام جماهير إنتر كان تذكيرًا بأن باريس اشترته من النادي الإيطالي نفسه. ثانيًا، يعاني إنتر بشكل مزمن ضد الأظهرة الهجومية. نظام 3-5-2 يفتقر للاعب يغطي صعودهم. هدف شبيه سجله إريك غارسيا من برشلونة ضد إنتر في نصف النهائي كان مثالًا آخر. ثالثًا، يُعتبر حكيمي من أضعف عناصر باريس دفاعيًا، بسبب اندفاعه الهجومي. خطة إنتر كانت استغلال هذا الفراغ بواسطة ديماركو، لكن مساهمته الأبرز كانت تغطية التسلل في لقطة الهدف الأول، وبعدها لم تنجح انطلاقاته القليلة. أما إنتر، فكان بائسًا. مرر لاعبوه كرات طويلة سيئة، وضاعت تحركات هجومية بسبب لمسات ثقيلة من تورام وباريلا. تورام ولاوتارو، اللذان يبدعان أحيانًا في التمريرات بالكعب، أفرطا في الاعتماد عليها وكانت النتيجة كرات مقطوعة وفشل هجومي ذريع. الهدف الثاني كان مُهينًا لإنتر. في لقطة من رمية تماس طويلة من دنزل دومفريس، كان بوسع إنتر التمرير القصير إلى أتشيربي، الذي كان يصرخ للحصول على الكرة. لكنهم اختاروا إرسال كرة عشوائية داخل المنطقة. الكرة ارتدت، باريلا حاول حمايتها لطلب خطأ لكن ويليان باتشو خطفها وانطلق. كان الهدف وشيكًا، ودو سجّل بعد ارتداد من ديماركو، الذي عاش كابوسًا في الشوط الأول. الهدف الثالث جاء بعد تمريرة بالكعب من ديمبيلي إلى فيتينيا، الذي انطلق من العمق ومرر لدو ليسجّل مجددًا. الهدف الرابع سجّله خفيتشا كفاراتسخيليا، النجم الذي ضمه باريس من نابولي، رغم أن نابولي نفسه تفوق على إنتر في الدوري. لكن كفاراتسخيليا لم يكن نجمًا هجوميًا فحسب، بل عاد في الشوط الثاني لقطع كرتين من بيسيك ودومفريس، وهو أمر لم يكن نجوم باريس السابقين ليكلفوا أنفسهم عناء فعله. قد يكون تكرار الحديث عن «نهاية عصر النجوم» مبالغًا فيه، فالفريق يضم نجومًا كبارًا بالفعل. الحارس دوناروما أفضل لاعب في يورو 2020، فابيان رويز ظلمته المقارنة مع رودري في يورو 2024، وماركينيوس قائد الفريق. جميعهم قادمون من أندية كبرى في إيطاليا. ومع ذلك، يبدو أن الفرق تتحسن بعد مغادرة نجمها الأكبر. مثل الدنمارك التي فازت بيورو 92 دون لاودروب، أو إسبانيا في 2008 بعد استبعاد راؤول، أو حتى توتنهام هذا العام بعد موسمين على رحيل هاري كين. مبابي غادر إلى بطل أوروبا ريال مدريد، لكن باريس نال اللقب بدونه، مثلما غادر إبراهيموفيتش إنتر إلى برشلونة في 2009، فحقق إنتر اللقب لاحقًا. ثم جاء الهدف الخامس، الأجمل والأكثر رمزية. الشاب سيني مايوولو، البالغ من العمر 19 عامًا، نتاج أكاديمية النادي الباريسي، سجّل من تسديدة قوية. تمامًا كالكأس، هو أيضًا من مواليد باريس. هكذا انتهى العرض. باريس سان جيرمان، من دون مبابي، من دون نيمار، ومن دون ميسي، قدّم مباراة تُدرّس... مباراة تُكتب في التاريخ.

ما هو «الشرق الأوسط الجديد»... الحقيقي هذه المرة؟!
ما هو «الشرق الأوسط الجديد»... الحقيقي هذه المرة؟!

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

ما هو «الشرق الأوسط الجديد»... الحقيقي هذه المرة؟!

لم يبقَ في عالمنا العربي إعلاميٌّ أو محلّلٌ سياسي، أو دخيلٌ على المهنتين، إلا وحاضر ودبّج مقالات على مرّ العقود الأخيرة عن «الشرق الأوسط الجديد». غير أنَّ الشرق الأوسط الذي نراه اليوم حالة مختلفة عما كنا نسمعه، مضموناً وظروفاً. منطقتنا صارت، مثل حياتنا ومفاهيمنا السياسية - الاجتماعية، خارج الاعتبارات المألوفة. بل يجوز القول إنها باتت مفتوحة على كل الاحتمالات. وهنا لا أقصد البتة التقليل من شأن نُخبنا السياسية أو الوعي السياسي لشعوبنا، أو قدرة هذه الشعوب على التعلّم من أخطائها... والانطلاق - من ثم - نحو اختيار النهج الأفضل... إطلاقاً! اليوم، نحن وأرقى شعوب الأرض وأعلاها كعباً في الممارسة السياسية المؤسساتية في زورق واحد. كلنا نواجه تعقيدات وتهديدات متشابهة. ولا ضمانات أن «تعابير» كالديمقراطية والحكم الرشيد في دول ذات تجارب ديمقراطية راسخة، كافية إذا ما أُفرغت من معانيها، لإنقاذ مجتمعات هذه الدول مما تعاني منه... وسنعاني منه نحن. بالأمس، سمعت من أحد الخبراء أنَّ الاستخدام الواسع لتقنيات «الذكاء الاصطناعي» في مرافق أساسية يومية من حياة البشر ما عاد ينتظر سوى أشهر معدودة. هذا على الصعيد التكنولوجي، ولكن على الصعيد السياسي، انضمت البرتغال قبل أيام إلى ركب العديد من جاراتها الأوروبيات في المراهنة عبر صناديق الاقتراع على اليمين العنصري المتطرف، مع احتلال حزب «شيغا» الشعبوي شبه الفاشي المرتبةَ الثانية في الانتخابات العامة الطارئة، خلف التحالف الديمقراطي (يمين الوسط)، وقبل الحزب الاشتراكي الحاكم سابقاً. تقدُّم «شيغا» في البرتغال، يعزّز الآن حضور الشعبويين الفاشيين الذي تمثله في أوروبا الغربية قوى متطرفة ومعادية للمهاجرين مثل: «الجبهة الوطنية» في فرنسا، و«فوكس» في إسبانيا، و«إخوان إيطاليا» في إيطاليا، وحزب «الإصلاح» (الريفورم) في بريطانيا، وحزب «الحرية» في هولندا، وحزب «البديل» في ألمانيا. ثم إنَّ هذه الظاهرة ليست محصورة بديمقراطيات أوروبا الغربية، بل موجودة في دول عدة في شرق أوروبا وشمالها، وعلى رأسها المجر. وبالطبع، ها هي ملء السمع والبصر في كبرى الديمقراطيات الغربية قاطبةً... الولايات المتحدة! في الولايات المتحدة ثمّة تطوّر تاريخي قلّ نظيره، لا يهدد فقط الثنائية الحزبية التي استند إليها النظام السياسي الأميركي بشقه التمثيلي الانتخابي، بل يهدد أيضاً مبدأ الفصل بين السلطات. هذا حاصل الآن بفعل استحواذ تيار سياسي شعبي وشعبوي واحد، في فترة زمنية واحدة، على سلطات الحكم الثلاث: السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، يضاف إليها «السلطة الرابعة» - غير الرسمية - أي الإعلام. ولئن كان الإعلام ظل عملياً خارج الهيمنة السياسية، فإنه غدا اليوم سلاحاً أساسياً في ترسانة التيار الحاكم بسبب هيمنة «الإعلام الجديد»، والمواقع الإلكترونية، و«الذكاء الاصطناعي»، و«أوليغارشي» ملّاك الصحف والشبكات التلفزيونية، ناهيك من وقف التمويل الحكومي لإعلام القطاع العام. وما لا شك فيه أن مؤسسات هؤلاء، بدءاً من رووبرت مردوخ (فوكس نيوز) وانتهاء بإيلون ماسك (إكس) ومارك زوكربرغ (ميتا) وجيف بيزوس (الواشنطن بوست)... هي التي تصنع راهناً «الثقافة السياسية» الأميركية الجديدة وربما المستقبلية، بدليل أن نحو 30 من وجوه إدارة الرئيس دونالد ترمب جاؤوا من بيئة «فوكس نيوز» ونجومها الإعلاميين. في هذه الأثناء، يرصد العالم التحولات الضخمة في المشهد الأميركي بارتباك وحيرة. الحروب الاقتصادية ليست مسألة بسيطة، وكذلك، لا تجوز الاستهانة بإسقاط سيد «البيت الأبيض» كل المعايير التي تحدد مَن هو «الحليف» ومَن هو «العدو»... ومَن هو «الشريك» ومن هو «المنافس»! ولكن، في ضوء التطوّرات المتلاحقة، يصعب على أي دولة التأثير مباشرة في أكبر اقتصادات العالم وأقوى قواه العسكرية والسياسية. ولذا نرى الجميع يتابع ويأمل ويتحسّب ويحاول - بصمت، طبعاً - إما إيجاد البدائل وإما التقليل من حجم الأضرار الممكنة. أما عن الشرق الأوسط والعالم العربي، بالذات، فإننا قد نكون أمام مشاكل أكبر من مشاكل غيرنا في موضوع اختلال معايير واشنطن في تحديد «الحليف» و«العدو». ذلك أن الولايات المتحدة قوة كبرى ذات اهتمامات ومصالح عالمية. وبناءً عليه، لا مجال للمشاعر العاطفية الخاصة، وأيضاً لا وجود للمصالح الدائمة في عالم متغيّر الحسابات والتحديات. في منطقتنا، لواشنطن علاقة استراتيجية راسخة مع إسرائيل التي تُعد «مركز النفوذ» الأهم داخل كواليس السلطة الأميركية ودهاليزها، والتي تموّل «مجموعات ضغطها» معظم قيادات الكونغرس ومحركي النفوذ. ثم هناك تركيا، العضو المهم في حلف شمال الأطلسي «ناتو»، والقوة ذات الامتدادات الدينية والعرقية والجغرافية العميقة والمؤثرة في رسم السياسات الكبرى. وأخيراً لا آخراً، لإيران أيضاً مكانة كبيرة تاريخياً في مراكز الأبحاث الأميركية كونها - مثل تركيا - «حلقة» في سلسلة كيانات الشرق الأوسط، ولقد أثبتت الأيام في كل الظروف أن غاية واشنطن «كسب» إيران لا ضربها. في هذا المشهد، ووسط الغموض وتسارع التغيير، هل ما زلنا كعرب قادرين يا ترى على التأثير في المناخ الإقليمي وأولويات اللاعبين الكبار؟

الثقافة الغربية... هل تتراجع؟
الثقافة الغربية... هل تتراجع؟

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

الثقافة الغربية... هل تتراجع؟

في سبعينات القرن الماضي وثمانيناته قُدر لي أن أعيش في باريس بضعة عشر عاماً اقتربت خلالها من حياة الفرنسيين ومن ثقافتهم، في الحدود التي أتاحتها لي ظروفي ورسمت معظمها الأقدار، بحيث استطعت أن أُلمّ بجانب لا بأس به من هذه الثقافة، وأن أتعرف على عدد من المشتغلين بها، خاصة في المجال الذي قُدر لي أن أعمل فيه، وهو الدراسات العربية في جامعات باريس، فضلاً عن بعض الكتاب والشعراء الذين جمعتني بهم ظروف الحياة والعمل. وفي المقدمة ممن تعرفت عليهم المستعرب المعروف الأستاذ جاك بيرك الذي توثقت صلتي به، والأستاذ جمال الدين بن الشيخ أستاذ الأدب العربي وصاحب الفضل في اشتغالي بتدريس الشعر العربي في جامعة باريس الثامنة (فانسن) وعن طريقه أيضاً انضم الناقد المصري الراحل محمود أمين العالم إلى قسم الدراسات العربية في هذه الجامعة حيث كُلّف بتدريس الفلسفة. كما تعرفت على الأستاذ أندريه ميكيل الذي فتح لي أبواب «الكوليج دو فرانس»، لألقي فيه أربع محاضرات عن الشعر العربي في القرن العشرين، وتعرفت كذلك على الأستاذ محمد أركون المتخصص في الدراسات الإسلامية، وعلى الشعراء ميشيل دوجي، وبيير أوستر، وهوغ لابروس. وفي ذلك الوقت كان عدد من نجوم الثقافة الفرنسية في القرن العشرين لا يزالون يواصلون حياتهم ونشاطهم، ومنهم الشاعر لويس أراغون، والكاتب الفيلسوف جان بول سارتر الذي وجدته صباح يوم من الأيام يتناول فطوره في مقهى من مقاهي مونبارناس فحييته وذكّرته بلقاء سابق في القاهرة خلال زيارته لها في ستينات القرن الماضي. وإن كنت قد عدت إلى وطني في آخر الثمانينات فأنا لم أنقطع عن باريس التي داومت على زيارتها كل عام مرة على الأقل طوال السنوات الماضية، وعلى متابعة ما يدور فيها من نشاط ثقافي، أنظر إليه الآن متسائلاً عما وصل إليه في هذه الأيام التي لم أعد أعرف فيها إلا القليل عن الأجيال الجديدة التي حلت محل الراحلين. وأخشى ما أخشاه أن يكون الحديث الذي أخذ يتردد منذ سنوات عن تراجع الثقافة الغربية صحيحاً، وأن ينطبق هذا الحديث على الثقافة الفرنسية، وهو ما يمكن أن نجد له صدى فيما ينشر عن الكتاب الفرنسي، وعن المسرح وغيره من الفنون. وإذا بدأنا من التعليم، وهي بداية منطقية فسوف نجد مثقفين فرنسيين يتحدثون عن تراجع الاهتمام بالثقافة الكلاسيكية في المدارس، كما نجد منظمات دولية تتحدث في تقاريرها عن هذا التراجع الذي بدأ في نظر الكثيرين في أعقاب الحرب العالمية الثانية التي غيّرت العالم كله كما غيّرت فرنسا. فقد سيطر اليسار الماركسي على نصف العالم، وكان له دوره في فرنسا بالسياسة والثقافة والتعليم الذي أصبح للجميع، وبالتالي أخذ الكم يتقدم على الكيف عاماً بعد عام. هذا التطور كان له تأثيره السلبي على تدريس الأدب والفلسفة وغيرهما من المواد التي أصبحت تقدّر بقيمتها في سوق العمل لا بقيمتها الثقافية، في ظل ظروف جديدة حلت فيها أجهزة الاتصال التي تخاطب الجمهور العام محل الكتاب الذي يخاطب النخبة ويحتل مكانه في حياة قارئه الذي اختاره واختار موضوعه واختار مؤلفه. ولا شك في أن فرنسا لم تكن الدولة الوحيدة التي تأثرت بالتطورات السلبية التي عرفها العالم في أعقاب الحرب العالمية الثانية، لكن تأثير هذه التطورات في فرنسا كان أوضح، أو أن هذا هو ما نحسه نحن حين نجد أن الساحة الثقافية الفرنسية التي كانت حافلة إلى وقت قريب بالعبقريات في مختلف الفنون أصبحت خالية أو شبه خالية، أو لعل التطورات السريعة التي أصابت وسائل النشر والاتصال هي المسؤولة عما يخالجنا ويخالج غيرنا من شعور بالتراجع، خاصة حين نقارن بين حاضر الثقافة الفرنسية وبين ماضيها. الثقافة الفرنسية كانت منذ ظهور الدولة المركزية عصوراً كاملة، وفنوناً، وأجيالاً تتوالد وتتشكل في كل عصر وتنتقل منه لتتوالد وتتشكل من جديد، من عصر النهضة إلى عصر الأنوار، ومن ثقافة الثورة والجمهورية إلى ثقافة القرن العشرين. والأفكار والتيارات التي تأثر بها الفرنسيون تأثر بها غيرهم. وكما أن الثقافة الكلاسيكية تراجعت في برامج التعليم الفرنسية فقد تراجعت معها الثقافة العلمية والرياضية كما نرى في التقرير الذي أعدته المنظمة الدولية للتعاون والتنمية الاقتصادية ونشرته في العام الماضي عن التعليم في دولها الأعضاء وعددها ثمان وثلاثون دولة. في هذا التقرير احتلت فرنسا المكان السادس والعشرين بعد خمس وعشرين دولة سبقتها في تعليم الرياضيات والعلوم. وباستطاعتنا أن نضيف لهذا التاريخ الذي يبدأ منه التراجع في نظر الكثيرين تاريخاً آخر سابقاً كان طعنة نجلاء ليس للثقافة الكلاسيكية الفرنسية وحدها، بل كان زلزالاً هز الكيان الفرنسي كله وكشف عن تمزقاته الداخلية، وهو العام الأربعون من القرن الماضي الذي سقطت فيه فرنسا في أيدي المحتلين النازيين الذين وجدوا في الفرنسيين من يرحب بهم ويتعاون معهم ويقف في صفهم ضد بني وطنه الذين أفاقوا من الصدمة وتشكلت منهم جماعات قاومت المحتلين. هؤلاء الخونة الذين تعاونوا مع المحتلين لم يكونوا كلهم رعاعاً، بل كان فيهم ساسة وضباط ومثقفون لهم أسماء وأعمال معروفة، منهم الكاتب لويس فرديناند سيلين، والكاتب بيير دريو لاروشيل. الأول فر بعد الحرب التي انتهت بهزيمة الألمان إلى ألمانيا، ومنها إلى الدانمارك حيث سُجن عاماً ثم سلّمه الدانماركيون للفرنسيين الذين حكموا عليه بالسجن من جديد. والأخير لاروشيل انتحر في سجنه. وباستطاعتنا أن نتوقع من هذه السيرة المخزية الآثار المدمرة التي هزت ثقة الفرنسيين في أنفسهم، ونرى الأشباح المخيفة التي ظلت تطاردهم في نومهم وفي يقظتهم، إضافة إلى التغيرات السياسية التي غيّرت وجه العالم، وفرضت على الفرنسيين وعلى غيرهم من المستعمرين الأوروبيين أن يواجهوا ثورات التحرير التي اشتعلت في البلاد التي استعمروها في آسيا وأفريقيا، وأن يسلّموا للأميركيين بزعامتهم للغرب، وأن يراجعوا هذا التاريخ ويعالجوا ما وقعوا فيه من أخطاء فادحة، وهو مناخ لا يشجع الفرنسيين ولا يشجع غيرهم على مواصلة نشاطهم في الإبداع. وبهذا تتعرض الثقافة الإنسانية الرفيعة للتراجع، ولا يبقى إلا هذه الأجهزة أو هذه اللعب التي أغرق الأميركيون بها العالم. وقد أعود في المقالة القادمة للحديث في هذا الموضوع الذي لا يهم الفرنسيين والغربيين وحدهم، بل يهمنا نحن أيضاً، ويهم العالم كله.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store