
حماية الخصوصية.. حقك خط أحمر في العصر الرقمي
في زمن أصبحت فيه الكاميرات حاضرة في كل يد، وأضحى الهاتف الذكي نافذة مفتوحة على العالم، لم يعد التقاط الصور أو تسجيل مقاطع الفيديو مقتصرًا على المناسبات أو اللحظات الخاصة، بل أصبح جزءًا من الروتين اليومي. لكن وسط هذا الانفتاح الرقمي الذي لا يعرف حدوداً، لا تفتأ قضية خصوصية الأفراد، تطفو على السطح باعتبارها معضلة مجتمعية وجب التصدي لها نظرا لما يترتب عليها من إضرار بحقوق الغير، فليس كل ما يمكن تصويره أو مشاهدته يحق نشره وتداوله أمام الملأ.
ولأن حرية استخدام التقنية لا يجوز أن تكون على حساب القيم والحقوق، جاء القانون القطري الجديد الذي صدّق عليه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، والمتمثل في القانون رقم (11) لسنة 2025، القاضي بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية. مكرسًا بذلك مبدأ راسخًا مفاده أن كرامة الإنسان وحقه في الخصوصية لا يخضعان للمزاج العام أو لهوس الشهرة، بل هما حقان أصيلان محميان بالقانون.
وبحسب التعديل الجديد، فإن أي شخص يقوم بنشر أو تداول صور أو مقاطع فيديو لأفراد أثناء وجودهم في الأماكن العامة، دون علمهم أو موافقتهم، أو في غير الحالات المصرح بها قانونًا، عبر الشبكة المعلوماتية أو أي وسيلة تقنية، يعرض نفسه لعقوبة قد تصل إلى الحبس لمدة سنة، أو غرامة تصل إلى 100 ألف ريال قطري، أو الجمع بينهما.
ولا تقف دلالة هذه العقوبات عند حدود الردع القانوني، بل تحمل في طياتها رسالة واضحة مفادها أن التكنولوجيا، مهما تطورت، لا ينبغي أن تكون أداة لانتهاك الحياة الخاصة أو تشويه سمعة الآخرين. فالصورة أو المقطع الذي قد تراه أنت طريفًا أو عابرًا، قد يضر بسمعة غيرك، أو يؤذيه نفسيًا، أو يضعه في موقف حرج أمام أسرته أو مجتمعه.
وإذا كان النص القانوني يُعلي من شأن الكرامة والخصوصية، فإن الالتزام به لا يُعد امتثالًا قانونيًا فحسب، بل هو، في جوهره، تعبير عن إيمان راسخ بقيم نشأنا عليها، تقوم على احترام الإنسان وصون حدوده، في الواقع كما في الفضاء الرقمي. فالتشبث بهذه القيم هو ما يُسهم في بناء وعي جماعي يُرسخ ثقافة رقمية قائمة على الاحترام والمسؤولية. وكلما امتنعنا عن نشر ما قد يسيء إلى الآخرين، جسدنا تلك القيم التي تؤكد أن الكرامة الإنسانية أسمى من كل محتوى، وأرفع من كل تفاعل.
وهذا الوعي لا يكتمل إلا حين يتحول إلى سلوك يُغرس في الناشئة، ويصير جزءًا من التربية اليومية في الأسرة والمجتمع. ولكي نكون جزءًا من هذا السلوك الإيجابي، لا بد أن نكون قدوة لأبنائنا، ونعلمهم أن حرية التعبير لا تعني التعدي على خصوصيات الآخرين، ولا تبرر المساس بحياتهم الخاصة. فكما نحرص على أن تُصان خصوصيتنا، ينبغي أن نمنح غيرنا الاحترام نفسه، سواء كانوا من معارفنا أو من أولئك الذين لا تربطنا بهم صلة.
ولعلنا، في ضوء هذا القانون، نعيد النظر في علاقتنا بالفضاء الرقمي؛ فنراجع ما ننشره، ونتوقف عند كل مشاركة، مستحضرين كرامة الآخرين وحقهم في صون حياتهم الخاصة، باعتبارها ركيزة أخلاقية متجذرة في ثقافتنا. فإذا كانت الخصوصية قد أصبحت، في زمن الصورة والصوت والانتشار اللحظي، أكثر عرضة للانتهاك، فإن الوعي بأحكام القانون الجديد، والالتزام به من الجميع، هو ما يضمن فضاءً رقميًا آمنًا، تتحول فيه التقنية من أداة منفلتة إلى وسيلة للتواصل المسؤول، ومنصة تعكس وعينا وقيمنا التي نفاخر بها.
مساحة إعلانية
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ 6 أيام
- صحيفة الشرق
حماية الخصوصية.. حقك خط أحمر في العصر الرقمي
87 في زمن أصبحت فيه الكاميرات حاضرة في كل يد، وأضحى الهاتف الذكي نافذة مفتوحة على العالم، لم يعد التقاط الصور أو تسجيل مقاطع الفيديو مقتصرًا على المناسبات أو اللحظات الخاصة، بل أصبح جزءًا من الروتين اليومي. لكن وسط هذا الانفتاح الرقمي الذي لا يعرف حدوداً، لا تفتأ قضية خصوصية الأفراد، تطفو على السطح باعتبارها معضلة مجتمعية وجب التصدي لها نظرا لما يترتب عليها من إضرار بحقوق الغير، فليس كل ما يمكن تصويره أو مشاهدته يحق نشره وتداوله أمام الملأ. ولأن حرية استخدام التقنية لا يجوز أن تكون على حساب القيم والحقوق، جاء القانون القطري الجديد الذي صدّق عليه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، والمتمثل في القانون رقم (11) لسنة 2025، القاضي بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية. مكرسًا بذلك مبدأ راسخًا مفاده أن كرامة الإنسان وحقه في الخصوصية لا يخضعان للمزاج العام أو لهوس الشهرة، بل هما حقان أصيلان محميان بالقانون. وبحسب التعديل الجديد، فإن أي شخص يقوم بنشر أو تداول صور أو مقاطع فيديو لأفراد أثناء وجودهم في الأماكن العامة، دون علمهم أو موافقتهم، أو في غير الحالات المصرح بها قانونًا، عبر الشبكة المعلوماتية أو أي وسيلة تقنية، يعرض نفسه لعقوبة قد تصل إلى الحبس لمدة سنة، أو غرامة تصل إلى 100 ألف ريال قطري، أو الجمع بينهما. ولا تقف دلالة هذه العقوبات عند حدود الردع القانوني، بل تحمل في طياتها رسالة واضحة مفادها أن التكنولوجيا، مهما تطورت، لا ينبغي أن تكون أداة لانتهاك الحياة الخاصة أو تشويه سمعة الآخرين. فالصورة أو المقطع الذي قد تراه أنت طريفًا أو عابرًا، قد يضر بسمعة غيرك، أو يؤذيه نفسيًا، أو يضعه في موقف حرج أمام أسرته أو مجتمعه. وإذا كان النص القانوني يُعلي من شأن الكرامة والخصوصية، فإن الالتزام به لا يُعد امتثالًا قانونيًا فحسب، بل هو، في جوهره، تعبير عن إيمان راسخ بقيم نشأنا عليها، تقوم على احترام الإنسان وصون حدوده، في الواقع كما في الفضاء الرقمي. فالتشبث بهذه القيم هو ما يُسهم في بناء وعي جماعي يُرسخ ثقافة رقمية قائمة على الاحترام والمسؤولية. وكلما امتنعنا عن نشر ما قد يسيء إلى الآخرين، جسدنا تلك القيم التي تؤكد أن الكرامة الإنسانية أسمى من كل محتوى، وأرفع من كل تفاعل. وهذا الوعي لا يكتمل إلا حين يتحول إلى سلوك يُغرس في الناشئة، ويصير جزءًا من التربية اليومية في الأسرة والمجتمع. ولكي نكون جزءًا من هذا السلوك الإيجابي، لا بد أن نكون قدوة لأبنائنا، ونعلمهم أن حرية التعبير لا تعني التعدي على خصوصيات الآخرين، ولا تبرر المساس بحياتهم الخاصة. فكما نحرص على أن تُصان خصوصيتنا، ينبغي أن نمنح غيرنا الاحترام نفسه، سواء كانوا من معارفنا أو من أولئك الذين لا تربطنا بهم صلة. ولعلنا، في ضوء هذا القانون، نعيد النظر في علاقتنا بالفضاء الرقمي؛ فنراجع ما ننشره، ونتوقف عند كل مشاركة، مستحضرين كرامة الآخرين وحقهم في صون حياتهم الخاصة، باعتبارها ركيزة أخلاقية متجذرة في ثقافتنا. فإذا كانت الخصوصية قد أصبحت، في زمن الصورة والصوت والانتشار اللحظي، أكثر عرضة للانتهاك، فإن الوعي بأحكام القانون الجديد، والالتزام به من الجميع، هو ما يضمن فضاءً رقميًا آمنًا، تتحول فيه التقنية من أداة منفلتة إلى وسيلة للتواصل المسؤول، ومنصة تعكس وعينا وقيمنا التي نفاخر بها. مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
١٠-٠٨-٢٠٢٥
- صحيفة الشرق
أودي تبدأ من 9000 ريال .. مزاد للنيابة العامة على 13 سيارة الأربعاء
محليات 322 أعلنت النيابة العامة عن مزاد المركبات الخاص بها بالتعاون مع المجلس الأعلى للقضاء، من خلال تطبيق مزادات المحاكم، وذلك يوم الأربعاء الموافق 13 أغسطس 2025، من الساعة 4 حتى 7 مساءً . ويشمل المزاد 13 سيارة وهي : مرسيدس GT53 موديل 2020، وتبدأ المزايدة عليها من 90 ألف ريال بي أم دبليو X5 موديل 2015، وتبدأ المزايدة عليها من 25 ألف ريال نيسان باترول موديل 2013، وتبدأ المزايدة عليها من 12500 ريال أودي Q7 موديل 2012، وتبدأ المزايدة عليها من 9000 ريال تويوتا كامري موديل 2015، وتبدأ المزايدة عليها من 6000 ريال كما يضم المزاد سيارات كهربائية تبدأ من 4500 ريال أودي تبدأ من 9000 ريال .. مزاد للنيابة العامة على 13 سيارة الأربعاء — صحيفة الشرق - قطر (@alsharq_portal) August 10, 2025 مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
١٠-٠٨-٢٠٢٥
- صحيفة الشرق
قطر شريك إستراتيجي فاعل للبلدان النامية
111 A+ A- جددت دولة قطر التزامها بلعب دور استراتيجي في دعم الجهود الدولية لمواجهة التحديات التنموية، لاسيما في البلدان النامية غير الساحلية، التي تعاني من صعوبات جغرافية واقتصادية تحد من اندماجها في الاقتصاد العالمي. جاء ذلك في بيان ألقته سعادة الدكتورة مريم بنت علي بن ناصر المسند، وزيرة الدولة للتعاون الدولي، خلال مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المنعقد في أوازا، تركمانستان، تحت شعار «دفع التقدم من خلال الشراكات». ورحبت قطر باعتماد «برنامج عمل أوازا 2024-2034»، مؤكدة تفهمها للتحديات التي تواجه هذه الدول، خاصة في مجالات النقل والعبور واللوجستيات، والتي تعرقل جهود التنمية والتكامل الإقليمي. وأكدت دولة قطر أنها، وبتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، لم تألُ جهداً في تقديم الدعم الفني والمالي لتلك الدول، ضمن نهجها الثابت القائم على تعزيز التعاون متعدد الأطراف، وتمكين الشعوب من تحقيق التنمية المستدامة. لقد أكدت دولة قطر، من خلال مشاركتها الفاعلة في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالبلدان النامية غير الساحلية، أنها لن تألو جهدًا في الوقوف إلى جانب هذه الدول، ودعم تطلعاتها نحو تنمية شاملة ومستدامة. كما جددت التزامها بتعزيز التعاون الدولي المبني على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، بما يُعزز السلم والأمن والازدهار العالمي. بهذا الموقف الثابت، تبرهن قطر مجددًا أنها ليست فقط دولة مانحة، بل شريك تنموي حقيقي، يعمل من أجل بناء مستقبل أكثر عدالة وإنصافًا لكافة الشعوب، لا سيما تلك التي تعاني من تحديات جغرافية وتنموية مضاعفة. مساحة إعلانية