
ما تأثير قرارات ترامب على الاقتصاد العربي والعالمي؟
#سواليف
قبل شهرين، بدأ الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب تنفيذ رؤيته الاقتصادية بشأن فرض #رسوم_جمركية على بعض الدول، بدءاً بكندا والمكسيك والصين، قبل أن يعصف الطوفان بدول #الاتحاد_الأوروبي ودول أخرى بلغت أكثر من 200 دولة وجزيرة وإقليم، فيما وصفه ترامب بـ ' #يوم_التحرير '.
وكشف ترامب في مؤتمر صحفي، الأربعاء، بعنوان 'استعادة ثراء أمريكا' بالبيت الأبيض، عن رسوم جمركية على معظم دول العالم، جاء أقلها بنسبة 10 في المئة كالضريبة على الواردات من المملكة المتحدة ومعظم الدول العربية.
وتباينت الرسوم على بقية الدول التي لها تعاملات اقتصادية كبيرة مع الولايات المتحدة، من بينها كولومبيا التي كان لها النصيب الأكبر من التعريفات التي بلغت 49 في المئة، وكذلك فيتنام بنسبة 46 في المئة، بما يزيد على #الصين التي بلغت الرسوم المفروضة على بضائعها 34 في المئة.
كما أعلن الرئيس الأمريكي فرض تعريفة جمركية على السيارات المصنعة خارج الولايات المتحدة بنسبة 25 في المئة، ابتداء من منتصف الليل بالتوقيت المحلي.
تأتي #القرارات_الأمريكية الأخيرة في إطار مواجهة ما وصفه ترامب بالخلل التجاري غير العادل، في إشارة إلى حجم الاستيراد والتصدير في التجارة مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مبدأ المعاملة بالمثل في إشارة إلى أن الدول المفروضة عليها تفرض هي الأخرى ضرائب مماثلة على البضائع الأمريكية الواردة إليها.
وأعرب ترامب عن تفاؤله بأن تؤدي التعريفات الجمركية الجديدة إلى 'نهضة' صناعية أمريكية ووقف استغلال البلاد تجارياً، على حد قوله، ما يراه المحللون إيذاناً باشتعال حرب تجارية عالمية شاملة.
ووصف كين روغوف، كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي، تقييمه للرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس ترامب في برنامج 'تقرير الأعمال العالمي' على قناة بي بي سي قائلاً إن ترامب 'ألقى للتو قنبلة نووية على النظام التجاري العالمي'.
وتوقع الخبير الاقتصادي أن احتمالات وقوع الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، في حالة ركود قد ارتفعت إلى 50 في المئة على خلفية هذا الإعلان.
ما هي الدول المستهدفة؟
في إعلان الأربعاء، شملت التعريفات الجمركية الجديدة 184 دولة وجزيرة وإقليماً، بخلاف دول الاتحاد الأوروبي ال27، ما يعني أن معظم دول العالم شملتها الضرائب التي فُرضت بنسبة لا تقل عن 10 في المئة.
في البداية، ومنذ مطلع فبراير/شباط الماضي، أعلنت واشنطن عن جمارك حدودية داخل القارة الأمريكية الشمالية، حيث فُرضت رسوم جمركية على كندا في الشمال والمكسيك بالجنوب.
وشملت الرسوم جمهورية الصين، التي تعد المنافس الشرس للولايات المتحدة، والتي كان ترامب قد شملها في توعّده قبل تنصيبه رئيساً لولاية أمريكية ثانية، حيث قال آنذاك إن التعريفات الجمركية على كندا والمكسيك والصين ستكون أولويته منذ اليوم الأول له في المكتب البيضاوي.
ثم وضع ترامب الاتحاد الأوروبي في دائرة الضوء، حين قال إن الاتحاد الأوروبي يعامل واشنطن 'بقسوة بالغة'، مشيراً إلى عجز تجاري أمريكي بقيمة 350 مليار دولار مع الاتحاد الأوروبي، وبناء على ذلك فرضت عليهم تعريفات جمركية بنسبة 20 في المئة.
وتتمتع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأكبر علاقة تجارية في العالم، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 1.6 تريليون يورو (1.7 تريليون دولار) من السلع والخدمات في عام 2023، أي ما يقرب من 30 في المئة من حجم التجارة العالمية.
كما فرضت الولايات المتحدة ضرائب على العديد من الدول الآسيوية كاليابان وفيتنام وماليزيا وإندونيسيا والهند وباكستان وتايلاندا وتايوان.
وكان نصيب إسرائيل وتركيا بنسبة 17 في المئة و10 في المئة على التوالي، بالإضافة إلى ضرائب أخرى متباينة على البرازيل وجنوب أفريقيا وبريطانيا وكوريا الجنوبية وسويسرا.
ولم تخل القائمة الطويلة من الدول العربية، التي كان نصيب معظمها 10 في المئة من الضرائب الجمركية، بما يشمل مصر والسودان ولبنان واليمن والسعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين والمغرب وموريتانيا وعُمان وجزر القمر.
أما سوريا فجاء نصيبها بنسبة 41 في المئة، والعراق 39 في المئة، والأردن بنسبة 20 في المئة، في حين فرضت 28 في المئة على تونس، و30 في المئة على الجزائر، و31 في المئة على ليبيا.
قبل إعلان ترامب، رجحت مجلة 'واشنطن إكزامينر' بوجود احتمال بأن يوسع الرئيس دونالد ترامب نطاق استراتيجيته التفاوضية بشأن الرسوم الجمركية لتشمل الدول العربية، إذا استمرت في رفض مطالبه بإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين قبل بدء 'جهود تطهير غزة'.
ونقلت المجلة عن مستشار ترامب للأمن القومي، مايك والتز، في فبراير/شباط، خطة الرسوم الجمركية المحتملة، بعد ساعات فقط من إعلان الرئيس الأمريكي إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن 'الولايات المتحدة ستسيطر قريبا على قطاع غزة'.
وقال والتز للمجلة الأمريكية: 'أعتقد أن الرئيس ترامب يَعُد الرسوم الجمركية أداةً أساسيةً لسياستنا الخارجية'.
ويميل إلى هذا التفسير، محمد أويس، الخبير الاقتصادي، الذي يرى أن التعريفات الجمركية الغرض منها هو 'خلق حرب تجارية للضغط على دول بعينها لتحقيق أجندة أو أطماع سياسية بدأت من الإدارة الأمريكية الجديدة'.
ومع ذلك، قال أويس لبي بي سي إنه يرى أن التأثير على الدول العربية سيكون بشكل 'غير مباشر' في إطار الصدى العالمي للقرارات الأمريكية؛ حيث إن الدول العربية 'غير معنية'، كما أن الصادرات العربية للولايات المتحدة، باستثناء النفط، ليست بالحجم الكبير مقارنة بالواردات الأمريكية.
وقد بلغ فائض تجارة السلع الأمريكية مع مصر 3.5 مليار دولار في عام 2024 ، في حين بلغ هذا الفائض مع السعودية 443.3 مليون دولار، بحسب مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة التابع للحكومة الفيدرالية، وبلغ الفائض الأمريكي مع الإمارات 19.5 مليار دولار في العام نفسه.
وهناك عجز تجاري أمريكي مع بعض الدول العربية كالعراق التي بلغت صادراتها 7.4 مليار دولار في عام 2024، مقابل استيرادها من الولايات المتحدة بما قيمته 1.7 مليار دولار، والأردن التي صدرت 3.4 مليار دولار، مقابل استيرادها ما قيمته ملياري دولار.
ومع ذلك، فإن العجز التجاري بين الصادرات والواردات الأمريكية مع هاتين الدولتين لا يُقارَن بأي حال من الأحوال بالفارق الكبير بين الولايات المتحدة وكندا على سبيل المثال، الذي يقدر بنحو 63 مليار دولار.
ويصر محمد أويس على أن التأثير المباشر سيكون 'محدوداً' على الدول العربية، مقارنة بالتأثير 'غير المباشر' نتيجة 'موجات تضخمية عنيفة' لدى الدول المعنية بالقرارات في ضوء الحرب التجارية، ما سيؤدي بالتالي إلى ارتفاع أسعار العديد من المنتجات التي تستوردها الدول العربية.
فعلى سبيل المثال، لو احتاجت واشنطن إلى المادة الخام من بكين أو العكس لصناعة ما، وفي ظل الضرائب المتبادلة بين الدولتين، سيكون المنتج النهائي بسعر أعلى قبل تصديره للدول العربية بسعر باهظ.
وأكد أويس على أن القرارات الأمريكية الجديدة التي تشمل الدول العربية، لم ترتكز في أصلها على فارق الفائض بين الصادرات والواردات كالدول الأوروبية، بل على مبدأ 'المعاملة بالمثل'.
وضرب أويس مثالاً بمصر التي كانت تتمتع بإعفاءات جمركية طبقاً لاتفاقية 'الكويز'، لاسيما فيما يتعلق بالملابس التي تصدرها مصر إلى الولايات المتحدة بما يقدر بـ 1.1 مليار دولار، ومع ذلك، كانت تفرض ضرائب بنسبة 10 في المئة على البضائع الأمريكية المستوردة، ما دفع واشنطن إلى مبدأ 'المعاملة بالمثل'.
أما بالنسبة للإمارات، فيشرح الخبير الاقتصادي أنها تضع ضريبة جمركية على البضائع العامة بنسبة 5 في المئة، بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة بالنسبة ذاتها، إلى جانب ضريبة بنسبة 50 في المئة على الكحوليات و100 في المئة على التبغ.
تغيير الخريطة التجارية العالمية
بحسب أويس، فإن الإمارات والسعودية والكويت ستكون الأشد تضرراً من القرارات الأمريكية، بحكم حجم تعاملاتها التجارية مع الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن الأمر يعتمد على إن كان القرار يشمل المنتجات النفطية أم لا، لاسيما وأن معظم تلك الدول تعتمد في صادراتها على البترول.
كما أن حجم الصادرات الأمريكية للدول العربية 'صغير جداً إلى الدرجة التي لن تؤدي إلى 'موجات تضخم عنيفة' داخل تلك الدول، وذلك بالمقارنة بالدول الأخرى، كالصين والاتحاد الأوروبي، التي تتمتع بتعاملات ضخمة مع الولايات المتحدة تشمل التكنولوجيا والسيارات.
ويتوقع الخبير الاقتصادي أن تؤدي القرارات الأمريكية إلى زيادة الشراكات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي على سبيل المثال، رغم التوترات السياسية، لتكون بديلاً عن السوق الأمريكية، ما قد يفرض 'اتفاقية تجارية جديدة على العالم أجمع'، ويتمخض عن 'تغيير في شكل الخريطة التجارية والاقتصادية العالمية'، بما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى عزل الولايات المتحدة تجارياً.
ووصف أويس قرارات ترامب الأخيرة بأنها تشكل 'لعبة في غاية الخطورة؛ فإما أن تفرض السيطرة الأمريكية بشكل كبير بما يُظهر قوة الولايات المتحدة أمام القوى العالمية، وإما أن يفقد السيطرة الاقتصادية الأمريكية للأبد'.
الخبير الاقتصادي المصري محمد أويسصدر الصورة،الحساب الشخصي لمحمد أويس
التعليق على الصورة،وصف أويس قرارات ترامب الأخيرة بأنها تشكل 'لعبة في غاية الخطورة؛ فإما أن تفرض السيطرة الأمريكية بشكل كبير بما يُظهر قوة الولايات المتحدة أمام القوى العالمية، وإما أن يفقد السيطرة الاقتصادية الأمريكية للأبد'.
ولفت إلى ما يراه 'تهديداً كبيراً' للدولار الأمريكي، لو قررت دول 'البريكس' بالتداول بعملة غير الدولار، لاسيما وأن تلك الدول تشكل 25 في المئة من سكان العالم، وهي دول استهلاكية في معظمها. وإذا ما أضيف إلى ذلك تحالف بين 'البريكس' ودول الاتحاد الأوروبي التي تتداول فيما بينها باليورو، فإن الأمر سيكون في غاية الخطورة على الاقتصاد الأمريكي.
هذا فضلاً عن تأثير القرارات الأمريكية على الداخل الأمريكي الذي يعتمد في الكثير من المواد الأولية على مصانع خارج البلاد، ما يحتم حدوث موجة تضخمية عنيفة داخل البلاد، وركود تضخمي عالمي عنيف، إلى جانب تأثير القرارات على البورصة الأمريكية التي انخفضت مؤشراتها فور القرارات الأخيرة.
ووصف محللون في شركة 'ويدبوش' للأوراق المالية، وهي شركة استثمار ووساطة كبرى في وول ستريت، سلسلة الرسوم الجمركية بأنها 'أسوأ من أسوأ سيناريو' كان يخشاه الكثيرون في عالم المال.
وقالوا إن الرسوم الجمركية البالغة 34 في المئة على السلع الصينية كانت 'صادمة'، وإن الرسوم الجمركية البالغة 32 في المئة على تايوان و20 في المئة على الاتحاد الأوروبي كانت 'ضخمة' أيضاً.
وانتقد الخبير الاقتصادي ما يُقال عن أن القرارات ستؤدي إلى 600 مليار دولار داخل الخزانة الأمريكية كعائدات جمارك، ما يستند إلى 'افتراض غير دقيق' بأن حجم التجارة والطلب داخل السوق الأمريكية سيظل على حاله بعد تطبيق الرسوم الجمركية دونما تغيير، على الرغم من أن المنطق يشير إلى حدوث زيادة في البحث عن بدائل، مع عدم دخول البضائع بالكثافة ذاتها.
هناك حديث أيضاً عن أن القرارات جاءت في سبيل سد 'عجز الميزان التجاري' الأمريكي، وهو أمر قد لا يحدث في رأي أويس، فمع خفض حجم الواردات قد يقل أيضاً حجم الصادرات، بما يؤثر سلباً على الاقتصاد الأمريكي.
'فرصة' أمام الدول العربية
في المقابل، يرى محمد أويس، الخبير الاقتصادي، أن للقرارات الأمريكية جانباً إيجابياً، يفتح الآفاق أمام فرص جديدة في السوق؛ فالمصانع الأمريكية التي كانت تصنّع منتجاتها في الصين، ستبحث عن دول بديلة كمصر أو دول عربية أخرى.
وينطبق الأمر ذاته، بحسب أويس، على الصين، التي ستبحث عن أماكن أخرى تُصنّع فيها منتجاتها وتصدرها للولايات المتحدة بشكل غير مباشر عبر دول تنخفض فيها نسبة الجمارك الأمريكية المفروضة.
وعلى هذا، فإن أويس يتوقع أن تخلق هذه الأزمة العالمية فرصاً للدول العربية أكثر من انعكاسها في صورة أزمة، على الرغم من تأثر المنطقة العربية بالاقتصاد العالمي ككل.
وحث الخبير الاقتصادي الدول العربية على 'استغلال الفرصة والتحرك من خلال دعوة الدول المتضررة إلى الاستثمار فيها' بما يؤثر إيجاباً على اقتصاد الدولة التي تسعى لذلك.
ما هي القطاعات الاقتصادية الأشد تأثراً؟
على ما يبدو أن قطاعات اقتصادية واسعة ستتأثر بفعل القرارات الأمريكية، من صناعة الألومنيوم إلى السيارات إلى البترول والزراعة وحتى صناعة النبيذ.
قطاع السيارات والمركبات:
أعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة على السيارات والشاحنات الخفيفة المستوردة، على أن تدخل حيز التنفيذ منذ منتصف ليل الثاني من أبريل/نيسان، تشمل الرسوم الجمركية السابقة على واردات المَركبات الجاهزة.
ومن المتوقع أن تخضع واردات قطع غيار السيارات الرئيسية 'المحركات وأجزاء المحركات، وناقلات الحركة، وأجزاء توليد القوة، والمكونات الكهربائية'، للرسوم الجمركية في تاريخ يُحدد في إشعار فيدرالي لن يتجاوز 3 مايو/أيار 2025.
الصلب والألومنيوم:
في 12 مارس/آذار، رفع ترامب الرسوم الجمركية على جميع واردات الصلب والألومنيوم إلى 25 في المئة، ووسّع نطاق الرسوم لتشمل مئات المنتجات النهائية، من الصواميل والمسامير إلى شفرات الجرافات وعلب الصودا.
وتُعدّ الولايات المتحدة أكبر مستورد للألومنيوم في العالم وثاني أكبر مستورد للصلب، حيث يأتي أكثر من نصف هذه الكميات من كندا والمكسيك والبرازيل.
الطاقة والموارد:
صرحت شركة 'كاميكو' الكندية لتعدين اليورانيوم بأن أسعار اليورانيوم للشركات الأمريكية قد ترتفع بنسبة 10 في المئة في حال تطبيق الرسوم الجمركية، مما يُثقل كاهل الدولة التي تعتمد بشكل أساسي على واردات هذا الخام.
ومن المتوقع أن ترتفع أسعار البنزين بالتجزئة في الولايات المتحدة، حيث قد تؤدي الرسوم الأخيرة إلى رفع تكلفة واردات الطاقة، وفقاً للتجار والمحللين.
وقال البنك المركزي الروسي الأربعاء إن زيادات الرسوم الجمركية الأمريكية قد تؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، وقد تكون أسعار النفط أقل من المتوقع لعدة سنوات نتيجة لانخفاض الطلب العالمي.
الزراعة والثروة الحيوانية:
أعرب المزارعون المكسيكيون والعمال الزراعيون عن قلقهم من أن فرض الرسوم الجمركية بنسبة 25 في المئة على المكسيك، سيؤثر بشدة على صناعة الثروة الحيوانية، لاسيما على صغار المنتجين وشركاتهم التي أمضوا سنوات في إنشائها.
الأخشاب:
في الأول من مارس/آذار، أمر ترامب بإجراء تحقيق تجاري جديد من شأنه أن يؤدي إلى فرض المزيد من الرسوم الجمركية على الأخشاب المستوردة، بما يزيد عن الرسوم الجمركية الحالية على الأخشاب اللينة الكندية و25 في المئة من الرسوم الجمركية على جميع السلع الكندية والمكسيكية.
الرقائق الإلكترونية:
قال ترامب أيضاً إن الرسوم الجمركية على رقائق أشباه الموصلات ستبدأ عند '25 في المئة أو أعلى'، وسترتفع بشكل كبير على مدار العام، لكنه لم يوضح متى ستدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ.
صناعة أجهزة الكمبيوتر:
تواجه شركات تصنيع أجهزة الكمبيوتر، مثل ديل، خطر ارتفاع محتمل في الأسعار نتيجةً للرسوم الجمركية المفروضة على الصين.
وصرحت ديل في فبراير/شباط الماضي بأنها تُراجع أوامر الرسوم الجمركية، مُضيفةً أن الإعلانات لم تُؤثر على أسعارها بعد، لكن شركة 'إنترناشونال داتا كوربوريشن' للأبحاث، خفضت توقعاتها لأجهزة الكمبيوتر التقليدية لعام 2025 وما بعده في فبراير/شباط الماضي، بسبب المخاطر المتعلقة بالرسوم الجمركية.
الأدوية:
أدى قرار ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على السلع الواردة من الصين، بما يشمل الأدوية الجاهزة والمكونات الخام، إلى زيادة التوقعات بانضمام الأدوية إلى القائمة، وهو ما يُمثل تغييراً جذريا لسياسة الإعفاء الجمركي على الأدوية على مدار العقود الماضية.
وأعربت صناعة الأدوية في بريطانيا عن قلقها إزاء الرسوم الجمركية الأمريكية؛ حيث صرح ستيف بيتس، الرئيس التنفيذي لرابطة الصناعات الحيوية، لبي بي سي بأن 'نصف سوق الأدوية العالمية يقع في الولايات المتحدة، وبالنسبة للمملكة المتحدة، تُعادل صادرات الأدوية تقريباً حجم صناعة السيارات تقريبا'.
وأفادت رويترز الثلاثاء بأن شركات الأدوية تضغط على ترامب لتطبيق رسوم جمركية تدريجية على المنتجات الصيدلانية المستوردة، على أمل تخفيف وطأة الرسوم وإتاحة الوقت اللازم لتغيير التصنيع.
تجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية:
يستعد العديد من تجار التجزئة الأمريكيين الآخرين لضربة محتملة من الرسوم الجمركية، خاصةً على المورّد الرئيسي، الصين.
ومع دخول الرسوم الجمركية على فيتنام حيز التنفيذ، من المتوقع أن تتأثر شركات تصنيع الملابس والأزياء الرياضية، من نايكي إلى أون هولدينغ، حيث تستورد الولايات المتحدة حوالي نصف منتجاتها من فيتنام.
جدير بالذكر أن هناك ما يُسمى إجراء 'الحد الأدنى'، الذي يسمح للسلع التي تقل قيمتها عن 800 دولار أمريكي بدخول الولايات المتحدة معفاة من الرسوم الجمركية وبحد أدنى من عمليات التفتيش، وإذا شمله القرار الأمريكي الجديد فإن ذلك سيؤثر سلباً على تجار التجزئة عبر الإنترنت، الذين يقدمون أسعاراً مخفضة.
وتعتمد شركات التجارة الإلكترونية، مثل 'شي إن'، و'تيمو' المملوكة لشركة 'بي دي دي هولدينغز'، و'علي إكسبريس' التابعة لشركة 'علي بابا' الصينية، على الإعفاء الضريبي البسيط للحفاظ على انخفاض الأسعار.
الخمور:
في 13 مارس/آذار، هدّد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 200 في المئة على واردات النبيذ والكونياك والمشروبات الكحولية الأخرى من أوروبا، رداً على خطة الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم جمركية على الويسكي الأمريكي ومنتجات أخرى الشهر المقبل.
وتُعدّ الولايات المتحدة أكبر سوق لصادرات الويسكي الاسكتلندي؛ حيث صرحت أنابيل توماس، الرئيسة التنفيذية لمصنع تقطير Nc'nean في اسكتلندا، بأن الرسوم الجمركية الكبيرة قد تُثني الشركة عن الاستثمار في الولايات المتحدة.
السفر:
خفّض السياح والشركات إنفاقهم وسط تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي، وهو ما أجبر شركات الطيران على خفض توقعاتها للربع الأول من عام 2025. كما بدأت بعض شركات الطيران في تقليص رحلاتها، لتجنب انخفاض الأسعار ولحماية هوامش الربح.
كيف تتصاعد الأزمة؟
عقب سريان الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصين، أعلنت وزارة المالية الصينية أنها ستفرض رسوما بنسبة 15 في المئة على واردات الفحم والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، و10 في المئة على النفط الخام، بالإضافة إلى المعدات الزراعية وبعض السيارات، بدءاً من 10 فبراير/شباط.
وفي الرابع من مارس/آذار، ردت الصين على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، معلنة عن زيادات تتراوح بين 10 و15 في المئة في رسوم الاستيراد التي تغطي مجموعة من المنتجات الزراعية والغذائية الأمريكية.
وقد حددت المفوضية الأوروبية مرحلتين للرد على فرض التعريفات الأمريكية على الصلب والألومنيوم، بإعادة العمل بالتدابير التي قُدِّمت عام 2018 عندما فرض ترامب تعريفات جمركية لأول مرة على واردات المعادن، والتي عُلِّقت لاحقاً في عهد جو بايدن.
وكان من المقرر أن تدخل هذه التدابير المضادة، بما في ذلك تعريفة جمركية بنسبة 50 في المئة على ويسكي البوربون الأمريكي، حيز التنفيذ يوم الثلاثاء، لكن المفوضية أجّلتها لاحقاً حتى منتصف أبريل/نيسان لإتاحة المزيد من الوقت للنظر في السلع الأمريكية التي ستُفرض عليها.
كما أعدت المفوضية قائمة أخرى بواردات أمريكية، تشمل اللحوم ومنتجات الألبان والنبيذ والملابس، بقيمة 21 مليار يورو، والتي خططت لتقليصها إلى 18 مليار يورو، لشريحة ثانية من الرسوم الجمركية.
ولم يُعلن الاتحاد الأوروبي بعد عن الخطوات التي سيتخذها رداً على رسوم السيارات أو الرسوم المتبادلة القادمة.
جدير بالذكر أنه في نهاية عام 2023، دخل حيز التنفيذ ما يسمى أداة مكافحة الإكراه (ACI) كإجراء يخص الاتحاد الأوروبي، ضد الدول الأخرى التي تمارس ضغوطاً اقتصادية على الدول الأعضاء لتغيير سياساتها.
فإلى جانب فرض تعريفات جمركية على السلع، يمكن بموجب هذه الأداة تقييد حماية حقوق الملكية الفكرية، وتقييد وصول شركات الخدمات المالية إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، والحد من قدرة هذه الشركات على تسويق المواد الكيميائية والمنتجات الزراعية والغذائية في الاتحاد الأوروبي.
كما يمكن للاتحاد الأوروبي تقييد وصول شركات إلى المناقصات واتخاذ تدابير تؤثر على تجارة الخدمات أو الاستثمار فيها.
وصرح مكتب رئيس الوزراء الكندي، الثلاثاء، بأن رئيس الوزراء مارك كارني تحدث مع الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم، بشأن خطة كندا 'لمكافحة الإجراءات التجارية غير المبررة' التي تتخذها الولايات المتحدة.
مفاوضات وإجراءات استباقية
قال وزير التجارة، باركس تاو، الثلاثاء، إن جنوب أفريقيا ستسعى إلى عقد اجتماع مع السلطات الأمريكية بشأن الرسوم الجمركية على السيارات، مشيراً إلى أن هذه الرسوم تُثير القلق؛ نظراً لتمتع البلاد بمعاملة تجارية تفضيلية مع الولايات المتحدة.
ويتوقع الخبراء أن تتأثر جنوب أفريقيا، التي تُقدر صادراتها من السيارات وقطع الغيار إلى الولايات المتحدة بأكثر من ملياري دولار، بشدة برسوم جمركية بلغت بنسبة 25 في المئة على واردات السيارات، التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالإضافة إلى رسوم على واردات الدولة بشكل عام بنسبة بلغت 30 في المئة.
وأعلنت فيتنام في الأسابيع الماضية عن سلسلة من الإجراءات، منها زيادة الواردات الأمريكية، لخفض فائضها التجاري مع واشنطن، الذي تجاوز 123 مليار دولار العام الماضي، لكن ذلك لم يجنبها أن تحتل المركز الثاني ضمن قائمة الدول الأعلى في نسب الضرائب الجمركية، حيث فرضت عليها بنسبة 46 في المئة.
كما فرضت الولايات المتحدة رسوماً بنسبة 17 في المئة على إسرائيل، على الرغم من تصريح سبق هذا القرار بيوم لوزير المالية الإسرائيلي الثلاثاء، مؤكداً أنه أطلق عمليةً لإلغاء الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية فوراً.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبرني
منذ 34 دقائق
- خبرني
ترمب يوافق على تأجيل فرض الرسوم على الاتحاد الأوروبي
خبرني - خبرني - أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أنه وافق على تأجيل فرض الرسوم التجارية بنسبة 50% على السلع من الاتحاد الأوروبي إلى 9 يوليو المقبل. وأشار ترمب في منشور على موقع "تروث سوشيال" للتواصل الاجتماعي، يوم الأحد، إلى أنه أجرى اتصالا هاتفيا مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي طلبت منه تأجيل فرض الرسوم، الذي كان متوقعا اعتبارا من 1 يونيو. وأضاف ترمب : "وافقت على التأجيل حتى 9 يوليو عام 2025"، مشيرا إلى أن فون دير لاين أكدت له أن المفاوضات التجارية بين بروكسل وواشنطن ستبدأ قريبا. وقال ترمب للصحفيين في البيت الأبيض تعليقا على الاتصال الهاتفي إن فون دير لاين أعربت عن رغبتها في "البدء بالمناقشات الجدية". وكان ترمب قد أعلن عن صعوبة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، وأنه أوصى بفرض الرسوم على الواردات من الاتحاد الأوروبي بنسبة 50% اعتبارا من 1 يونيو المقبل. واعتبر ترمب أن عجز الميزان التجاري الأمريكي مع الاتحاد الأوروبي "غير مقبول"، مشيرا إلى أنه يبلغ 250 مليار دولار.

السوسنة
منذ 37 دقائق
- السوسنة
هكذا خاض الشرع معركة رفع العقوبات
«زعيم هيئة الشام أبو محمد الجولاني يلتقي الرئيس الأمريكي ويصافحه ويجالسه ويبحثان معا الأوضاع في سوريا».أتخيل لو كانت هذه الصيغة لخبر تم نشره قبل هذا العام، لا ريب أنه سيصيب القارئ بالضحك، وربما اعتبره فكاهة تحتاج إلى رسم كاريكاتيري، فأمريكا تدرج الجولاني على قائمة الإرهاب وترصد مكافأة عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تساعد على اعتقاله، والجولاني بدوره يرى أمريكا رأس كل بلاء يحط على رأس الأمة، فكيف يجتمعان.لكنها السياسة التي تشبه تقلبات الطقس، فها هي ما اعتُبر أنه أضغاث أحلام يتحقق على أرض الواقع، أحمد الشرع الذي ارتدى الحلة الأنيقة وخلع رداء الجولاني، وتبوأ عرش سوريا، يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال القمة الخليجية الأمريكية، التي استضافتها الرياض، ويحصل منه على أفضل مفاجأة للشعب السوري، وهي رفع العقوبات عن سوريا.حدث رفع العقوبات عن سوريا، الذي لعبت فيه المملكة العربية السعودية دورا محوريا، إضافة إلى الدور التركي، لم يأت من فراغ، ولم يتحقق دون مؤهلات، بل هي معركة طويلة خاضتها سوريا الجديدة بقيادة الشرع، الذي هيأ الظروف لهذا الحدث الكبير، الذي انتفض فيه السوريون فرحا.الشرع كان يدرك منذ البداية أن إسقاط بشار الأسد ليس نهاية المعاناة، بل اعتبره بداية الطريق إلى رفع المعاناة، وعلم جيدا حجم التحديات التي تنتظره بعد إسقاط الأسد، كان أبرزها الانهيار الاقتصادي الذي تمر به سوريا، وكيفية النهوض بالاقتصاد مرة أخرى، وأدرك كذلك أن أكبر عقبات النهوض الاقتصادي هي العقوبات المفروضة على سوريا، وأن الوصول إلى رفع هذه العقوبات هي ضربة البداية والانطلاقة الكبرى نحو بناء الاقتصاد السوري.كان لا بد للشرع من القفز خارج نطاق التعامل بعقلية زعيم الجماعة والتيار والثورة إلى عقلية رجل الدولة، الذي يتبنى خطابا وطنيا جامعا، ويعمل على الاندماج في المجتمع الدولي، والاعتراف بحكومته داخليا وخارجيا.الخطوة الأبرز في تأهيل سوريا للوصول إلى رفع العقوبات، كانت بناء تحالفات إقليمية قوية مع دول ذات ثقل سياسي واقتصادي وشراكة اقتصادية مع أمريكاوبرأيي أن الشرع قد نجح في ما يمكن أن نسميه «سورنة» المسار، متجاوزا فكر «القاعدة» القديم العابر للقارات، إلى حصر القضية في الجغرافية السورية لا غير، وكان ذلك بمثابة رسالة طمأنة للمحيط الإقليمي والدولي، فليس الرجل صاحب مشروع توسعي يتم تصديره على غرار الثورة الإيرانية، بل أقنع الجميع أن مجال عمله داخل حدود سوريا، وأن أولوياته تتجه إلى البناء الاقتصادي وإنقاذ المواطن السوري من تردي الأحوال المعيشية، وإعادة سوريا إلى الحاضنة العربية، وتصفير النزاعات مع الجميع بما في ذلك الكيان الإسرائيلي.ثم كان المؤهل الثاني والمرحلة الثانية، على طريق رفع العقوبات، هو امتصاص الضربات الإسرائيلية، وهو أمر يعيبه البعض على الشرع ضمن رؤية لا تمت لمراعاة الواقع والظرف الإقليمي بصلة. كان يعلم أن المواجهة مع الكيان الإسرائيلي تعني ضرب القافلة قبل أن تتحرك، فامتص هذه الضربات وهو يؤكد على أنه لا نية للعدوان على الكيان، واكتفى بالمسار الدبلوماسي بوضع الكرة في ملعب المجتمع الدولي، حتى مع علمه أنه لا رادع لهذا الكيان، في إشارة منه إلى أن سوريا لا تخرج عن المسارات السلمية، وبرأيي كان ذلك من أبرز الأسباب التي أهلت لعمل الوسطاء في رفع العقوبات. مشكلة من يرى في ذلك المسلك خنوعا أنه يعيش أسيرا للطوباوية بعيدا عن قراءة الواقع ويغفل عن توزيع خريطة النفوذ في العالم الذي يعيش فيه، والتي للعرب والمسلمين فيها النصيب الأقل والأضعف. الخطوة الأبرز في تأهيل سوريا للوصول إلى رفع العقوبات، كانت بناء تحالفات إقليمية قوية مع دول ذات ثقل سياسي واقتصادي وشراكة اقتصادية مع أمريكا، كانت بمثابة الضامن لدى الولايات المتحدة بأحقية سوريا في هذه الفرصة التاريخية.ارتكز الشرع إلى التحالف مع السعودية التي تعتبرها أمريكا الشريك العربي الأول والأقوى في المنطقة، وبدورها أحسنت المملكة في احتضان سوريا والعمل على إعادة ضمها للبيت العربي ودمجها في المجتمع الدولي، واستأنفت دعمها للشعب السوري، الذي بدأ حتى في حقبة بشار، لتقف إلى خيار السوريين في بداية عهد جديد لا مكان فيه للنظام البائد، ومدت جسور الإغاثة للشعب، لإحداث انتعاشة في الأحوال المعيشية، وأعلنت عن تبني العمل من أجل رفع العقوبات عن سوريا. ولا شك أن السعودية تنهي بذلك الاحتضان إنهاء عهد الهيمنة الإيرانية على سوريا، وتفتح المجال أمام الاستثمار في هذا الوطن الذي يتم بناؤه من جديد. وبناء على هذه الجهود، نجحت الوساطة السعودية في إقناع ترامب برفع العقوبات.تركيا كذلك، كانت شريكا قويا في الوساطة، ضمن مسارها الداعم لاستقرار سوريا، ومنع تفتيتها، باعتبار وحدة الأراضي السورية في ظل الإدارة الحليفة ضرورة من ضروريات الأمن القومي، إذ يحول ذلك الاستقرار دون قيام دولة كردية على الحدود السورية التركية ذات علاقة بتنظيمات معادية لتركيا. قطر بدورها كقوة اقتصادية ودبلوماسية داعمة للشعب السوري وذات علاقة قوية بالولايات المتحدة، كان لها دورها الفاعل في حصول سوريا على هذا المكسب الكبير.هكذا استفاد الشرع من شبكة التحالفات الإقليمية التي أهلته للاندماج في المحيط العربي والدولي بشكل كبير. ويبقى البطل الأول في هذه المعركة، هو الشعب السوري الذي ينبغي أن ترفع له القبعات احتراما، ذلك الشعب الصامد الأبي الذي كان ظهيرا إيجابيا قويا للإدارة الجديدة، ورجل الأمن الأول في حماية الشارع السوري من الفتن والاضطرابات، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. كاتبة أردنية


الغد
منذ 39 دقائق
- الغد
خطة ترامب لترحيل الغزيين إلى ليبيا عبثية بقدر ما هي غير أخلاقية
سام كيلي* - (الإندبندنت) 2025/5/20 الخطة التي يدور الحديث عنها لترحيل مليون فلسطيني من غزة إلى ليبيا مقابل الإفراج عن أموال ليبية مجمدة توازي في وحشيتها مشاريع التطهير العرقي. وتمضي إسرائيل قدماً في حملتها بدعم غربي مكشوف، وسط تواطؤ بريطاني وصمت دولي يعيدان إلى الأذهان فظائع رواندا، وينذران بكارثة ستمتد آثارها لعقود. اضافة اعلان *** أفادت التقارير بأن الخطة الأخيرة المنسوبة إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لإنهاء الكارثة الجارية في غزة تتمثل في محاولة ترحيل مليون من سكان القطاع البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة إلى ليبيا، في مقابل الإفراج عن 30 مليار دولار من الأصول الليبية المجمدة. هذه الفكرة عبثية بقدر ما هي لا أخلاقية. يبدو أن هذا الطرح لا ينفصل عن حملة يقودها البيت الأبيض لتكريس الحملة الإسرائيلية كأمر طبيعي ومشروع، والتي تقوم باستخدام القنابل والرصاص، والتجويع والتدمير الجماعي للمنازل، واستهداف المستشفيات والطواقم الطبية، بهدف جعل غزة غير صالحة للعيش. في هذا السياق، وصفت الأمم المتحدة و"المحكمة الجنائية الدولية" ما يقوم به رئيس الوزراء الإسرائيلي وجيشه بأنه لا يقل عن كونه إبادة جماعية أو جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية. وهنا لا يحتاج المرء إلى نقاش قانوني حول المصطلحات لمعرفة ما يحدث فعلاً هناك. يرى النقاد أن ما يجري في غزة هو حملة تدعمها بريطانيا من خلال قيامها بتصدير مكونات الأسلحة إلى إسرائيل، وتنظيم رحلات لطائرات تجسس تحلق فوق غزة بالتنسيق مع سلاح الجو الإسرائيلي. باختصار، تعد المملكة المتحدة متواطئة في ارتكاب إسرائيل فظائع ضد المدنيين. وسوف يحاسب التاريخ رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، وحكومته على هذا التواطؤ، وكذلك سيفعل الشعب البريطاني أيضاً. هناك ازدواجية في المعايير بين دعم أوكرانيا بذريعة أخلاقية في مواجهة فلاديمير بوتين، ودعم حملة نتنياهو، بشكل خاطئ، ضد المسلمين ذوي البشرة الداكنة. وسوف يتهم كثيرون المملكة المتحدة بالعنصرية. قد نتفهم أن إسرائيل شعرت بغضب عارم وألم شديد نتيجة لهجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023 الذي نفذته "حماس" ومؤيدوها، حيث تعمدت "حماس" ارتكاب الفظائع بهدف استدراج رد فعل غير متكافئ، وحصلت على ما أرادت. لكنّ اليمين المتطرف في إسرائيل استغل الحملة الجارية في غزة ليؤكد أن الهدف بعيد المدى، مع تصعيد القوات البرية لعملياتها مجدداً، هو "احتلال" القطاع. وقد صرح نتنياهو بأنه يريد أن يرى "إجلاء طوعياً" لسكانه. وسوف تبقى القوات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة إلى أجل غير مسمى، كما قال نتنياهو: "لن يدخلوها (الجيش) ثم يخرجوا منها". إن ما يجري هناك سيئ من الناحية الأخلاقية بقدر ما هو سيئ بالنسبة لإسرائيل التي فقدت حقها في الادعاء بأنها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط". فقد عمدت إلى الاستيلاء على مساحات شاسعة من الضفة الغربية لصالح مستوطنات مخصصة للإسرائيليين فقط، وفرضت نظام فصل عنصري ضد الفلسطينيين، فضلاً عن تقييد حقوق الشعب الفلسطيني الأصلي في سائر الأراضي الفلسطينية. في العام 2021، صرحت منظمة "بتسيلم"، وهي أبرز منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل، بما يلي "يطبق النظام الإسرائيلي نظام فصل عنصري (أبارتهايد) في جميع الأراضي التي يسيطر عليها (المناطق الخاضعة لسيادة إسرائيل والقدس الشرقية والضفة الغربية، وقطاع غزة). ويرتكز هذا النظام على مبدأ تنظيمي واحد يشكل الأساس لمجموعة واسعة من السياسات الإسرائيلية: تعزيز وترسيخ سيادة فئة واحدة -اليهود- على فئة أخرى -الفلسطينيين". كما اتهمت المنظمة حكومة بلدها بارتكاب "تطهير عرقي" في غزة". عامي أيلون هو الرئيس السابق لجهاز الشاباك (الأمن الداخلي) الإسرائيلي. وتقوم الوكالة بالتجسس على الفلسطينيين، وتسهم في تصفية قوائم "الإرهابيين" المزعومين، وأحياناً تقتلهم بنفسها. وقد صرح، متحدثاً عن الحرب الإسرائيلية في غزة، قائلاً إن الحرب "ليست حرباً عادلة"، وإن استمرارها يهدد بانهيار إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية. وأضاف: "إننا نعرض أمننا للخطر إذا لم نوقف هذه الحرب". في المقابل، لا يمكن لكير ستارمر ووزرائه ادعاء أنهم لا يعرفون ما يحدث. وبالتالي، عليهم أن يصرحوا جهاراً وبصريح العبارة بأن ما يجري في غزة يجب أن يتوقف فوراً. كما يترتب عليهم إنهاء أي دور تلعبه المملكة المتحدة في هذا السياق. يكتفي ستارمر بوصف منع إسرائيل وصول المساعدات إلىغزة بأنه "غير مقبول"، متجاهلاً تدمير 80 في المائة من البنية التحتية في القطاع ومقتل ما يزيد على 52 ألف شخص، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال. على الجانب الآخر، يرزح بوتين مسبقًا تحت عقوبات دولية، ولا تستطيع بلاده استيراد أي شيء من أوروبا أو المملكة المتحدة أو أميركا يكون من شأنه أن يسهم في دعم حربه في أوكرانيا. وكان القتلة الذين يقودهم بوتين قد قتلوا عددًا أقل بكثير من المدنيين (12.500 على الأقل) مقارنة بما ارتكبته قوات الدفاع الإسرائيلية من قتل وتدمير. في الوقت الراهن، ليس هناك أي حديث يدور عن فرض عقوبات على إسرائيل بسبب ما يحدث في غزة. وفي هذا السياق، تساءل توم فليتشر، الدبلوماسي البريطاني السابق ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أمام مجلس الأمن، قائلاً: "هل ستتحركون بحزم لمنع الإبادة الجماعية في غزة وضمان احترام القانون الإنساني الدولي؟". ولم يأت الجواب من المملكة المتحدة، بل من السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الذي وصف سؤال فليتشر بأنه "تصريح غير مسؤول ومتحيز وينسف أي مفهوم للحياد". يصادف أنني أكتب هذه السطور من منطقة البحيرات العظمى في أفريقيا، حيث شهدت رواندا، قبل 31 عاماً، أسرع وأفظع مذبحة جماعية في التاريخ منذ محرقة الهولوكوست. في ذلك الحين، قُتل الناس بمعدل نحو 10 آلاف شخص يومياً، في محاولة متعمدة من ميليشيات "الهوتو" المتطرفة للقضاء على أقلية التوتسي في البلاد. في ذلك الحين، رفضت بريطانيا والولايات المتحدة استخدام مصطلح "إبادة جماعية" لوصف ما كان يحدث حتى لا تضطر إلى التدخل لوقف المذبحة في ظل القانون الدولي. وبقي العالم صامتاً ولم يحرك ساكناً إلى أن نجح جيش التوتسي المتمرد في وقف عمليات القتل في رواندا. لكنّ المذبحة لم تتوقف على الرغم من ذلك، بل امتدت إلى زائير المجاورة، المعروفة الآن بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وساد هوس بالقتل أو التعرض للقتل في معظم أنحاء البلاد الشاسعة. وأسهم ذلك في جر الدول المجاورة إلى حرب ضروس أودت بحياة نحو 5 ملايين شخص، وما تزال مستعرة حتى اليوم. كان من السهل نسبياً التدخل لإيقاف الإبادة الجماعية في العام 1994، لكن التعامل مع الأهوال التي أعقبتها كان شبه مستحيل. الدرس المستخلص من غزة هو أن الفشل في وقف المجازر الجماعية هناك، ستكون له تبعات كارثية وطويلة الأمد وعنيفة. لن ينسى الفلسطينيون خطط ترامب لنفيهم إلى دول أخرى مثل مصر ونقل سكان غزة الذين شرذمتهم الحرب إلى مناطق أخرى، حتى يتمكن من تحويل الأرض التي خلفوها وراءهم إلى منتجع ساحلي. اليوم، بحسب ما أفادت به قناة "أن بي سي نيوز"، يقترح ترامب أن يتاجر بسكان غزة كما لو كانوا جِمالاً، مع ليبيا. وذلك من خلال رشوة الدولة المنهكة بضخ 30 مليار دولار من أموالها المجمدة، في مقابل أن تستقبل ملايين الفلسطينيين المشردين. هذه الفكرة مجنونة إلى حد يجعل الإشارة إلى استحالة تنفيذها أمراً يكاد يكون غير ضروري. إن حكومة ليبيا لن تقبل بها، وستقوم الدول الأوروبية بإسقاطها فوراً لأنها تعني نقل ملايين الأشخاص إلى نقطة انطلاق للهجرة غير الشرعية إلى أراضيها. وسوف تستشيط وكالات الاستخبارات غضباً لأن ذلك يعني إرسال الحشود المدماة من ضحايا إسرائيل مباشرة إلى أحضان تنظيم القاعدة. لكن هذه الطروحات تخدم حكومة نتنياهو، لأنها توحي بأن أشخاصاً جادين، من داخل الحكومات، باتوا يطرحون السؤال: "إذا لم تكن مصر، وإذا لم تكن ليبيا، فأين إذن؟". يجب أن يكون جواب بريطانيا "لا مكان سوى غزة"، وأن تطالب بصوت عال بإنهاء القتل الجماعي، وعمليات التهجير القسري، والاستيلاء غير القانوني على أراضي الضفة الغربية. قد يكون التحرك الآن متأخراً جداً بالنسبة لعدد كبير من سكان غزة، لكنه قد يساعدهم، وربما يساعد إسرائيل أيضاً، على المدى الطويل. *سام كيلي: كاتب وصحفي بريطاني ومحرر للشؤون الدولية في صحيفة "الإندبندنت". يتمتع بخبرة واسعة في تغطية الصراعات السياسية والقضايا الجيوسياسية حول العالم. اشتهر بتحقيقاته وتحليلاته العميقة التي تتناول العلاقات الدولية، خاصة في مناطق النزاع مثل الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية. يعرف بأسلوبه الصحفي الدقيق والموضوعي. تنشر مقالاته أيضًا في "الغارديان" ووسائل إعلامية دولية مرموقة.