
أين يقف جنبلاط وأرسلان ووهاب من أحداث السويداء؟
فيما لبنان غارق بأزماته وبالجدل الدائر حول تسليم أو نزع سلاح «حزب الله»، برزت قضية جديدة تتعلق بالأحداث الجارية في محافظة السويداء في سوريا نظراً لتداعياتها السلبية على لبنان والتي تمثلت بتحركات احتجاجية في منطقة صوفر وضهر البيدر من شبان دروز، قابلها تحركات في نقطة المصنع ومجدل عنجر وفي طرابلس من قبل شبان سنّة.
وقد تكون هذه هي المرة الوحيدة منذ عقود في لبنان التي تشهد تأجيجاً للمشاعر وخطابات تحريضية بين دروز وسنّة. فأبناء الطائفتين وقفوا معاً خلف القضية الفلسطينية وإلى جانب ثورة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وحملوا معاً نعش الرئيس رفيق الحريري، وتظاهروا معاً ضد نظام بشار الأسد في 14 آذار. والدروز الذين قاطعوا التجنيد الإجباري في السويداء وغيرها لجأ قسم كبير منهم إلى لبنان رفضاً للانخراط في القتال ضد إخوانهم السنّة السوريين.
وقد كان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط أول من زار الرئيس السوري أحمد الشرع على رأس وفد كبير ضم أيضاً شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى للتهنئة بسقوط نظام الأسد وتوليه مقاليد السلطة. وعلى الرغم من وقوع أحداث جرمانا ثم أحداث السويداء بقي وليد جنبلاط يغلّب العقل والحكمة على الغريزة على الرغم من كثرة التساؤلات في البيئة الدرزية ومشاعر الاحتقان مما يجري ضد إخوانهم الدروز في السويداء.
ويدرك وليد جنبلاط أن المواقف التي يتبناها والاتصالات التي أجراها مع الشرع لا تحظى بشعبية لدى القاعدة الدرزية التي يشكك بعض أبنائها بنجاح هذه الاتصالات ويدعون لملاقاة ودعم أقربائهم في السويداء. لكنه فضّل عدم الاستثمار السياسي والشعبي في هذه الأحداث، هو الذي كانت له تجربة في حرب الجبل ويعرف كما البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير الذي عقد معه مصالحة حقيقية وراسخة بين المسيحيين والدروز أن تكلفة تحقيق السلام، مهما بدت باهظة، تبقى أقل بكثير من التكاليف الهائلة التي تتكبدها المجتمعات جراء الحروب، إضافة إلى قول مأثور لجنبلاط يعتبر فيه أن «بدء الحرب أمر سهل، ولكن إنهاؤها أمر لا يمكن التنبؤ به تقريباً».
من هذا المنطلق، يرسم الزعيم الدرزي رؤيته لمستقبل الطائفة الدرزية التي يريدها أن تحافظ على أفضل العلاقات مع كل المكونات اللبنانية على اختلاف انتماءاتها الطائفية والمذهبية وأن تبقى على نهجها العروبي وتواصلها مع الدول العربية وخصوصاً الخليجية، إدراكاً منه للتكلفة العالية لأي موقف شعبوي يتخذه شخصياً وتأثيره على البيئة الدرزية خلافاً لتأثير المواقف التي يتخذها رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب وإن كانت تدغدع مشاعر درزية في مكان ما، وإنما تعود في اعتقاد البعض بالسوء على سُمعة الدروز. إذ بدا وهّاب وكأنه بتوجيه التحية للشيخ موفق طريف يستنجد بإسرائيل لحماية الدروز، وهو ما رفضه وليد جنبلاط الذي لم يرَ في قصف مبنى هيئة الأركان ووزارة الدفاع السورية حماية للدروز، بل يرى استخداماً من قبل إسرائيل للدروز لتحقيق مشروعها التفتيتي لمنطقة الشرق الأوسط ورسم خرائط جديدة وإقامة دويلات طائفية.
وفي هذا الإطار، يندرج الكلام التهويلي للموفد الأميركي توم برّاك الذي كان حذّر من إعادة لبنان إلى بلاد الشام، مثيراً بهذا التصريح جدلاً تاريخياً حول وجود الأقضية الأربعة التي ضُمت إلى جبل لبنان عام 1920 ليُعلَن بعدها «لبنان الكبير» في الأول من ايلول 1920، في وقت صدر أكثر من صوت طرابلسي يتمسك بلبنان وطناً نهائياً في مقابل فئة قليلة لا تمانع الآن انضمام «طرابلس الشام» إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد الذي حاصر وقصف طرابلس ومجيء نظام جديد بقيادة أحمد الشرع.
ويمكن القول إن وليد جنبلاط لو أراد السير بمشروع تغيير الخرائط والعودة إلى جبل لبنان كما كان في زمن المتصرفية لوجد مَن يلاقيه في الشارع المسيحي، حيث بدأت الهواجس تظهر بعد 100 عام من الممارسات الشائنة والولاءات للخارج ومن التهديد بسيطرة العدد على التعددية وعدم احترام الميثاق والتنوع وخصوصية لبنان، ومن محاولة فرض قوانين انتخابية على مستوى لبنان دائرة واحدة، إضافة إلى رفض «حزب الله» تسليم السلاح. وهذه الهواجس يشعر بها أيضاً الدروز كأقلية، وهذا ما لفت إليه صراحة شيخ العقل الذي قال «إن قلق الأقلية يحتاج إلى عدالة الأكثرية».
لكن جنبلاط أبى حالياً دغدغة مشاعر الدروز واللعب على الوتر الطائفي وادخال المنطقة في مشروع التفتيت، بل ذهب في الاتجاه المعاكس وتعزيز هوية الأوطان العربية على تنوعها. ومن هنا، جاءت دعواته لوأد الفتنة بدون تأخير، وعدم توسع الأحداث وتجنيب لبنان أي تأجيج للفتنة والاقتتال، مبدياً خشيته من الفرز الطائفي، وداعياً إلى وقف النار وانطلاق حوار بين الدولة السورية وفاعليات السويداء.
وقد لقيت مواقف جنبلاط ترحيباً في الشارع السني وتفهماً لرؤيته السياسية على اعتبار أن أي انتصار بالآلة الإسرائيلية اليوم سيعمّق الافتراق ولن يحمي الدروز مستقبلاً من الاحتقان السياسي والشعبي المتصاعد.
أما في الشارع الشيعي، فثمة من ينتقد جنبلاط الذي اعتقد في رأيهم أنه بعد سقوط بشار الأسد سيقف على ضفاف النهر متفرجاً على «حزب الله» وبيئته، ليتبيّن له بعد وقت غير طويل أن سقوط النظام يتهدد الجميع، وأن الخطر بات على أبواب الجبل.
وعلى خط الزعامة الأرسلانية، لا يخفي رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» الأمير طلال أرسلان عتبه وألمه من صمت العديد من القادة العرب واللبنانيين تجاه ما تتعرّض له طائفة الموحدين الدروز التي كما يقول «يعرف القاصي والداني عمقها العروبي والإسلامي والقومي والوطني، ويتغنّى الجميع بتاريخها ومواقفها وبطولة أبنائها». ويضيف أرسلان الذي لم يزر الرئيس أحمد الشرع كما فعل جنبلاط «نحن أصحاب الأرض والتاريخ، وكما وُلدنا وتربينا، سنبقى. إما أن نعيش بكرامة فوق الأرض، أو نموت بكرامة تحتها… ومن تخلّى عنا اليوم، سيتخلى عنه التاريخ… وفي المستقبل القريب!»، رافضاً «تصوير الإشكال وكأنه بين الدروز والسنّة، فمن قام بهذه الأعمال في السويداء، ومن يقبل بالتعرّض لرجال دينٍ ونساءٍ وأطفالٍ، هو إرهابي، بريء من كل دين، ومن كل خلق».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون ديبايت
منذ 39 دقائق
- ليبانون ديبايت
القادم أخطر في سوريا وسيناريو الفدراليات قائم... عباس ضاهر يحذر: لا تُقحموا البلد في متاهات الفوضى!
مع عودة توم براك إلى بيروت، هل بدأ العدّ العكسي لتسوية ما؟ وهل يمكن للبنان، رغم كل ما يمرّ به، أن يعود إلى المسار الطبيعي وسط الزلازل الإقليمية؟ ما هي الرسائل السياسية والإستراتيجية التي حملها براك في زيارته؟ وهل هي محطة في سلسلة زيارات مقبلة... أم المحاولة الأخيرة لإنقاذ لبنان؟ أسبوعان حاسمان أمام الحكومة اللبنانية: هل تبادر حكومة سلام إلى خطوة فعلية في ملف السلاح؟ وما هو موقف حزب الله؟ هل فقد الحزب مبررات احتفاظه بسلاحه؟ وهل يمكن له، من دون ضمانات حقيقية، أن يسير في أيّ مسار لنزعه؟ وإن لم يُسلَّم السلاح... فهل نكون على أعتاب حرب جديدة؟ الرئيس نبيه بري أمام لحظة تاريخية: هل يحمي الطائفة الشيعية ولبنان من جنون التصعيد الإسرائيلي؟ في المقابل، دعوة براك الصريحة: "على الدولة أن تضرب بيد من حديد"...فهل نحن أمام خطر صدام داخلي؟ من لبنان إلى سوريا، وتحديدًا إلى الجنوب السوري: هدنة هشة في السويداء بين الدروز وبعض عشائر البدو... ولكن، إلى متى؟ هل الاتفاق الذي سمح بعودة الدولة السورية إلى السويداء هو بداية تهدئة... أم مجرّد هدنة مؤقتة بانتظار جولات جديدة من العنف؟ أحمد الشرع، الوجه الجديد في الساحة السورية، هل أخطأ الحساب؟ وهل تُبدّل واشنطن مقاربتها تجاه دمشق في المرحلة المقبلة؟ وما الذي تسعى إليه إسرائيل من عمق الجنوب السوري؟ كل هذه التساؤلات يجيب عنها مدير مركز الاستشراف للمعلومات، د.عباس ضاهر، ضمن برنامج "عمق الحدث" عبر RED TV.


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
هذا ما قصده الموفد الأميركي من زيارته الى لبنان بري طالبه بضمانات... وبراك تنصّل: المطلوب سلاح حزب الله
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب الزيارة الثالثة للموفد الاميركي توم برّاك للبنان هي الحاسمة، ومحطته الاساسية فيها كانت عين التينة، التي تأخر عن لقاء الرئيس نبيه بري 24 ساعة، لانه في لقائه معه، سيحصل على جواب حزب الله حول تسليم سلاحه، لانه يلعب دور "الوسيط"، الذي كلفه الحزب به "كأخ اكبر"، كما وصفه امينه العام الشيخ نعيم قاسم. فلقاء عين التينة، الذي امتد على اكثر من ساعة بين بري وبراك، لم يحمل الموفد الاميركي جديداً اليه، وفق مصادر اطلعت على اللقاء، الذي وصفه برّاك ب "الممتاز"، في كلام معسول كما في كل مرة يمتدح فيه الرئيس بري، الذي لا يأخذ "لا حق ولا باطل منه"، وفق المصادر، لان برّاك يحمل دائماً معه وغيره من الموفدين، موقف الادارة الاميركية بحزبيها الجمهوري والديموقراطي، في ضمان "امن اسرائيل ووجودها"، وهذا ما اتى من اجله برّاك وقبله مورغان اورتاغوس، التي كانت تفتخر باعتناقها اليهودية وتحمل شعارها، وتدافع عن كيانها الاستيطاني التوسعي. وكان للموفد الاميركي مطلب واحد وسؤال وحيد، متى سيسلم حزب الله سلاحه؟ وما هي الفترة الزمنية التي يستغرقها؟ لان الوقت يضيق امام لبنان، الذي عليه ان ينهي هذا الملف خلال ستين يوماً، وهي المهلة، التي يطلبها الرئيس الاميركي دونالد ترامب من الدول او الجهات التي يتدخل معها، لحل ازمة او قضية. لكن برّاك لم يحصل على جواب من كل المقرات الرسمية التي زارها، ما لم يحصل لبنان على ضمانات، وفق ما تقول المصادر، التي كشفت ان الموفد الاميركي، تنصل من تقديم ضمانات، وهذا ما اسمعه للرئيس بري، كما لرئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، واكد لهم بان المسألة ليست ضمانات، بل كيف الوصول الى حل المشكلة، وهي السلاح، وهو ما اعلنه عند خروجه من عين التينة. ونقل موقف ادارته للرئيس بري، الذي سأله عن دور اميركا في تنفيذ القرار 1701 المرتبط باتفاق وقف اطلاق النار، وتشرف عليه لجنة عسكرية برئاسة ضابط اميركي، فكان رد الموفد الاميركي، بانه حضر الى لبنان ليحمل جواباً، عن تسليم سلاح حزب الله المصنف "ارهابياً" من اميركا، ولا حوار معه، بل مع الدولة اللبنانية، التي عليها ان تستجيب وتبادر، لانها هي المعنية بالموضوع، وان اميركا حاضرة لتساعد، وهو موفد من الرئيس ترامب لتنفيذ بند تسليم السلاح، وبعدها ينتقل لبنان الى الاستقرار والازدهار والتقدم، وهذا هو هدف زيارتي الثالثة يقول برّاك. وبالرغم من اضفاء برّاك اجواء التفاؤل بعد لقائه بري، الا ان مصادر عين التينة لم تلمس منه اي تجاوب مع المطالب اللبنانية، التي وردت في الرد على ورقة برّاك الذي، لم يقدم ضمانات للمسؤولين اللبنانيين، وحاول بري ان يساعده في تقديم آلية تحقق ما يطالب به لبنان، بان تحصل تجربة او مبادرة، يقوم بها العدو "الاسرائيلي"، بالانسحاب من نقاط محتلة خلال 15 يوماً، تساعد في التقدم نحو حصر السلاح بيد الدولة، التي يؤكد عليها لبنان برده المستند الى القرار 1701. ما اراده برّاك من زيارته الثالثة، ان يحذو لبنان حذو سوريا برئاسة الشرع، ويتوجه الى توقيع "اتفاقيات ابراهام"، التي معها سيعم الازدهار والتقدم في المنطقة، وها هي سوريا نموذج يجب ان يعمل به لبنان، وفق ما تنقل مراجع التقت برّاك في زيارته ، وان سلاح حزب الله هو شأن داخلي لبناني، على المعنيين ايجاد حل له، وانه حضر الى لبنان باسم اميركا للمساعدة، وتشجيع لبنان على ان يخرج من الحالة البائسة التي يمر بها، نحو وضع افضل، فيه الازدهار واستعادة الدور المتقدم للبنان في المنطقة ، التي تسبقه دول فيها نحو الاستقرار، الذي يأمل برّاك بان لبنان سيحصل عليه، اذا ما حل مشكلته وهي سلاح حزب الله.


LBCI
منذ 4 ساعات
- LBCI
مقدمة النشرة المسائية 22-07-2025
توصيف ونصيحة من برَّاك. التوصيف أن اللقاء كان ممتازًا مع الرئيس بري، والنصيحة للبنانيين: عليكم أن تتحلوا بالأمل. ولكن كيف يمكن تسييل " الممتاز" و" التحلي بالأمل"؟ " الممتاز" يعني أن برَّاك أخذ من الرئيس بري ما لم يأخذ من بعبدا أو من السرايا؟ فهل قدَّم له " المفوِض عن الثنائي" " أرنب" طلب الخمسة عشر يومًا أو الشهر ، من إسرائيل ، لعدم القيام بأي عمل عسكري/ كبادرة حسن نية يتم بعدها البدء ببحث ملف سلاح حزب الله؟ إذا كانت هذه الفرضية صحيحة فلماذا لم يٌدرَج هذا البند في الورقة التي سلَّمها الرئيس عون لبرَّاك؟ شيء ما غير واضح، فلماذا يكون هناك جوابان من الدولة اللبنانية؟ في مطلق الأحوال، ما يعوَل عليه هو الرد الاميركي على الورقة اللبنانية وعلى إقتراح الرئيس بري، إذا وُجِد. في ملف داخلي، الهيئة العامة لمجلس النواب تجتمع غدًا والإتجاه إلى رفع الحصانة عن النائب والوزير السابق جورج بوشيكيان. في ملف أحداث السويداء، يستمر ساريًا اتفاق وقف إطلاق النار في معظم المناطق بلا خروقات. في الأثناء يتواصل إجلاء بعض العائلات، ويأتي الإجلاء من السويداء ضمن اتفاق يقضي بإخراج جميع المدنيين الراغبين في مغادرة المحافظة إلى حين تأمينهم وضمان عودتهم الآمنة إلى ديارهم، بحسب ما نقلت الوكالة السورية الرسمية سانا. في الملف السوري أيضًا ، موقف تركي حازم حيال احتمال التقسيم. وزير الخارجية هاكان فيدان أعلن أن تركيا تعتبر أن أي محاولة لتقسيم سوريا تهديد لأمنها القومي وستتدخل بشكل مباشر إذا حدثت مثل هذه المحاولة. وفي ملف أحداث الساحل السوري، قالت لجنة تقصي الحقائق السورية إن 1426 شخصا، بينهم 90 امرأة، قتلوا خلال العنف الذي وقع بين السابع والتاسع من آذار الماضي . البداية من اليوم الثاني لبراك في بيروت؟ مع الإشارة إلى أن التقييم الإسرائيلي لمواقفه، أنها تتصف بالليونة.