logo
حزب المساواة وديمقراطية الشعوب التركي

حزب المساواة وديمقراطية الشعوب التركي

الجزيرة٢٢-٠٧-٢٠٢٥
حزب يساري تقدمي تركي، يُعدّ من أبرز أحزاب المعارضة، ويصنف ثالث أكبر فصيل سياسي في البلاد، تأسس عام 2023، ويُعتبر الخلف القانوني لـ"حزب اليسار الأخضر" وامتدادا سياسيا ل حزب الشعوب الديمقراطي.
يؤمن الحزب بالديمقراطية والمساواة، ويتبنى نهجا يقوم على التعددية والتشاركية، ويُعرف بتوجهه الليبرالي الاجتماعي، يدافع عن تحرير المرأة وتمكينها، ويدعو إلى العدالة الاجتماعية ومشاركة فاعلة لجميع مكونات المجتمع القومية والدينية والثقافية في الحياة السياسية والاجتماعية.
والحزب مقرب من القاعدة الكردية، ويُصر على ضرورة التوصل إلى حل سلمي ومشرف للقضية الكردية. ووُجهت إليه اتهامات متكررة بكونه الذراع السياسي ل حزب العمال الكردستاني المحظور، الأمر الذي ينفيه الحزب بشكل قاطع.
وشاركت قيادته بدور بارز في الوساطة بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني لدعم وقف الأعمال المسلّحة، وهي جهود أثمرت عام 2025 عن حل حزب العمال وتخليه عن العمل المسلح.
النشأة والتأسيس
تأسس حزب المساواة وديمقراطية الشعوب في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وجاء تأسيسه نتيجة تحوّل رسمي من حزب اليسار الأخضر الذي كان أنشئ بديلا قانونيا لحزب الشعوب الديمقراطي الذي يعود تأسيسه إلى عام 2012 بعد اندماج عدد من الأحزاب اليسارية وأخرى ذات توجه قومي كردي، إلى جانب هيئات ومبادرات مجتمعية ومكونات سياسية واجتماعية متنوعة.
وحتى عام 2015، كان حزب الشعوب شريكا في عملية التسوية مع الحكومة التركية بشأن القضية الكردية، غير أن استئناف حزب العمال الكردستاني للعمل المسلح في يوليو/تموز من ذلك العام أنهى تلك العملية، وأدى إلى توتر العلاقة بين الحكومة وحزب الشعوب الذي أصبح منذ ذلك الحين يُنظر إليه باعتباره الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني.
وواجه حزب الشعوب خطر الإغلاق على خلفية اتهامه بالتواطؤ مع حزب العمال الذي تصنفه تركيا منظمة إرهابية حتى عام 2025 حين أعلن حلّ نفسه ووقف الكفاح المسلح.
وفي 7 يونيو/حزيران 2021، قدم المدعي العام الجمهوري بكير شاهين دعوى إلى المحكمة الدستورية لإغلاق حزب الشعوب، ومَنع 687 من أعضائه -ومنهم قيادات بارزة- من ممارسة العمل السياسي، بتهم تتعلق بالإرهاب.
وأمام تصاعد الضغوط القضائية والسياسية، ووسط مخاوف جديّة من صدور قرار بحظر الحزب ومنع أعضائه من خوض الانتخابات العامة، قررت قيادة حزب الشعوب تأسيس "حزب اليسار الأخضر"، كي يكون مظلتها السياسية في انتخابات مايو/أيار 2023.
وعقب الانتخابات التي فاز فيها حزب اليسار بـ61 مقعدا، أعلن رسميا عن تأسيس حزب المساواة وديمقراطية الشعوب واجهة سياسية جديدة، وذلك في مؤتمر للحزب عُقد في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وشهد الحزب الجديد إعادة هيكلة وتغيير في القيادة، وتخلى عن نهجه السابق في دعم المعارضة بشكل أحادي، بعدما اعتُبر هذا الدعم أحد أسباب تصاعد حملة القمع الحكومية ضد الأحزاب السابقة، وعوضا عن ذلك، تبنّى إستراتيجية جديدة أكثر انفتاحا على الحوار مع الحكومة، خصوصا فيما يتعلق بالقضية الكردية.
ويعتمد الحزب نظام قيادة تشاركيا، يقوده رئيسان منتخبان بشكل مشترك، ويتكوّن هيكله التنظيمي من هيئات مركزية وإقليمية ومحلية، إلى جانب مكاتب للتمثيل الخارجي ومجلس المرأة ومجلس الشباب، كما يشمل المجموعة النيابية ومجالس الأقاليم والمجالس البلدية.
الفكر والأيديولوجيا
يُصنَّف حزب المساواة وديمقراطية الشعوب حزبا يساريا تقدّميا. ووفق ما ورد في صفحته الرسمية، يتبنى نهجا سياسيا يقوم على التعددية والمشاركة ويؤمن بالتداول الديمقراطي للسلطة، ويسعى إلى بناء مجتمع ديمقراطي ليبرالي عادل قائم على التضامن والمساواة.
ويُعرف الحزب بتوجهه الليبرالي الاجتماعي، إذ يدعو إلى تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين، ويولي أهمية خاصة لتحرير المرأة وتمكينها، ويؤكد ضرورة تمكين الأفراد والفئات المهمّشة والمكونات القومية والدينية والثقافية المختلفة من المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية.
ويدعو إلى إيجاد حل سلمي ومشرّف لجميع قضايا الهوية العرقية والدينية والثقافية في تركيا -وخاصة القضية الكردية والقضية العلوية- عبر التفاوض والحوار الذي يستند إلى مبادئ المواطنة المتساوية والحقوق الجماعية.
ويتبنى الحزب مبدأ الديمقراطية المباشرة الذي يُمكّن الناس من المشاركة في القرارات المتعلقة بحياتهم على جميع المستويات، كما يدعو إلى تعزيز الحكم المحلي عبر توسيع نطاق فصل السلطات، وتفويض الصلاحيات والموارد إلى الإدارات المحلية.
ويؤكد ضرورة اعتماد السبل السلمية والوسائل المدنية لحل النزاعات وتحقيق التحول الديمقراطي، ويعارض جميع أشكال العنف والقمع والاستغلال، ويدافع عن الحقوق السياسية والاجتماعية للمهاجرين واللاجئين، ويرفض السياسات العنصرية والتمييزية.
ويركّز في أيديولوجيته على شمولية حقوق الإنسان ، ويُبرز في خطابه قضايا العدالة الاجتماعية وكرامة العمل والحريات الديمقراطية والاستدامة البيئية، ويعتبر نفسه جزءا من النضال العالمي ضد الرأسمالية ويرفض الهوس بالنمو الاقتصادي ومجتمع الاستهلاك.
المسار السياسي
منذ تأسيسه، شكّل حزب المساواة وديمقراطية الشعوب أحد أبرز قوى المعارضة البرلمانية في تركيا، وأصبح الكتلة الثالثة في البرلمان بعد انتقال 61 نائبا إليه من حزب اليسار الأخضر الذي خاض الانتخابات العامة في مايو/أيار 2023. وبهذا الانتقال استحوذ الحزب الجديد على ما يقارب 8.8% من مقاعد البرلمان.
وعقب تأسيسه، خاض حزب المساواة الانتخابات المحلية التي أُجريت في مارس/آذار 2024، مقدّما مرشحين مشتركين لمناصب رؤساء بلديات، وأعضاء المجالس المحلية ومجالس المحافظات. وأسفرت الانتخابات عن فوز الحزب بـ82 بلدية، من بينها 3 بلديات لمدن كبرى، و7 لمحافظات، إلى جانب 65 بلدية محلية و7 بلدات صغيرة.
غير أن الحكومة عزلت لاحقا عددا من رؤساء البلديات وأعضاء المجالس التابعين للحزب وعيّنت أوصياء حكوميين مكانهم، فضلا عن فرض الإقامة الجبرية أو توقيف بعضهم. ففي الفترة ما بين يونيو/حزيران 2024 وفبراير/شباط 2025، عُزل 9 رؤساء بلديات ينتمون إلى الحزب بتهم يتعلق معظمها بدعم أو الانتماء إلى "منظمة إرهابية".
وشملت قائمة البلديات التي طالها العزل بلديات ماردين وباتمان وهالفيتي ووان بهتشه سراي وتونغلي وآكدينيز وسيرت وكاغيزمان. ودان الحزب هذه الإجراءات واعتبرها انقلابا على الإرادة الديمقراطية، و"استيلاءً غير مشروع على السلطات المحلية المنتخبة"، مؤكدا أن الهدف منها هو إقصاء المعارضة السياسية.
ويُعد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب من القوى المعارضة البارزة في البلاد، ويواجه بشكل متكرر اتهامات من الحكومة بدعم حزب العمال الكردستاني، وهي تهم ينفيها الحزب بشدة، مؤكدا شرعيته السياسية والتزامه بالمسار الديمقراطي.
ورغم محاولات سابقة للتقارب مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، فإن الخلافات ظلت قائمة، خصوصا فيما يتعلق بالسياسات الحكومية تجاه القضية الكردية. وتُعد إجراءات عزل رؤساء البلديات واعتقال الكوادر الحزبية، إلى جانب استهداف معارضين بارزين من بينهم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو؛ أحد أبرز أوجه الخلاف بين الحزب والحكومة، إذ يَعتبر الحزب أن هذه التدابير دوافعها سياسية وغير قانونية.
وعلى مستوى التحالفات، يُعد الحزب جزءا من تحالفي الشعوب الديمقراطية والعمل والحرية على الصعيد الداخلي، بينما يتمتع بعضوية مرتبطة في حزب الاشتراكيين الأوروبيين على المستوى الدولي.
الوساطة لإنهاء الصراع الكردي التركي
لعب حزب المساواة وديمقراطية الشعوب دورا مركزيا في الوساطة بين السلطات التركية وحزب العمال الكردستاني، ضمن جهود حل الصراع الممتد بين الجانبين لعقود.
وتحت مظلة مبادرة أطلقها رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي ، التقى وفد من الحزب -ضم النائبين بيرفن بولدان وسري ثريا أوندر- بزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان داخل سجن إيمرالي في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024. وسُمِّي هذا الفريق لاحقا بـ"وفد إيمرالي" نسبة إلى السجن الذي احتُجز فيه أوجلان.
وأصدر الوفد بيانا عقب اللقاء تضمن رسالة سياسية من أوجلان بشأن المسار الجديد عبّر فيها عن ترحيبه بجهود إنهاء النزاع، وأكد أن "تعزيز الأخوة التركية الكردية مسؤولية تاريخية".
وفي هذا الإطار أُجريت سلسلة من اللقاءات السياسية، شملت اجتماعات مع رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش، وزعماء الأحزاب الممثلة فيه، إلى جانب شخصيات كردية بارزة داخل السجون من بينهم صلاح الدين دمرطاش وفيجن يوكسكداغ الرئيسان السابقان لحزب الشعوب الديمقراطي.
وفي يناير/كانون الثاني 2025، استؤنفت المباحثات مع أوجلان، والتقى الوفد مسؤولين أكرادا في إقليم كردستان العراق ، من ضمنهم رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ، ورئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني ورئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، وزعماء من الاتحاد الوطني الكردستاني.
وفي 7 فبراير/شباط 2025، زار وفد موسع من الحزب -بقيادة الرئيسين المشاركين تولاي حاتم أوغلو وتونغر باكيرهان- أوجلان مجددا لإجراء مشاورات معمقة بشأن مسار التسوية، كما أجرى وفد من الحزب جولة مباحثات جديدة مع المسؤولين في إقليم كردستان العراق.
وفي تطور لافت، التقى وفد من الحزب بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 10 أبريل/نيسان من العام نفسه لمناقشة سبل كسر الجمود الذي يعوق مسار السلام. وأفضت الجهود المتراكمة إلى إعلان حزب العمال الكردستاني رسميا في 12 مايو/أيار، وقفا نهائيا للعمل المسلح.
وفي 6 يوليو/تموز 2025، عاد الوفد للقاء أوجلان مجددا، تبعه لقاء رسمي مع أردوغان في اليوم التالي تركز على مناقشة الخطوات التي ينبغي أن تعقب موافقة المسلحين فعليا على تسليم السلاح.
وفي 11 يوليو/تموز، بدأت أولى خطوات نزع سلاح مقاتلي حزب العمال الكردستاني، واستثمر حزب المساواة وديمقراطية الشعوب هذه المرحلة التاريخية للمطالبة بخطوات سياسية شاملة نحو حل دائم للقضية الكردية، داعيا إلى:
إلغاء الملاحقات القضائية والسياسية بحق مئات الناشطين والسياسيين الأكراد.
توسيع الحقوق السياسية والثقافية، بما يشمل استخدام اللغة الكردية في التعليم والإعلام.
ضمان تمثيل سياسي فاعل في مؤسسات الدولة.
إنهاء السياسات التمييزية في المناطق ذات الغالبية الكردية.
واعتبر الحزب أن هذه المطالب تمثل ركيزة لتحقيق العدالة والمساواة والتعددية، وشرطا لتحقيق سلام مستدام في البلاد.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم وسط انقسام دولي حاد
الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم وسط انقسام دولي حاد

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم وسط انقسام دولي حاد

تشهد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة تدهورا مستمرا، بينما تتواصل التهديدات الإسرائيلية بتوسيع العمليات العسكرية لاحتلال القطاع بالكامل. وبحسب حلقة (2025/8/6) من برنامج "مسار الأحداث" فإن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية الإسرائيلي (الكابينت) سيناقش الخميس خطة عسكرية تتضمن استدعاء 4 إلى 6 فرق عسكرية لاحتلال مدينة غزة ومخيمات وسط القطاع، مع تشجيع الفلسطينيين على الخروج من القطاع في عملية قد تستغرق 4 إلى 5 أشهر. وفي ظل هذه التطورات العسكرية، أكد برنامج الأغذية العالمي وصول الجوع وسوء التغذية في غزة إلى أسوأ المستويات منذ بدء الحرب قبل عامين، مشددا على ضرورة إدخال مساعدات غذائية واسعة النطاق دون عوائق. وعلى الصعيد الدولي، أوضح الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، جوزيب بوريل ، وجود انقسام كبير داخل الاتحاد حول الموقف من الأزمة. ولفت بوريل إلى أن دولا أعضاء مثل إسبانيا وأ يرلندا و بلجيكا و سلوفينيا تتحدث بشكل قوي وواضح عن الوضع وتطالب المؤسسات الأوروبية باتخاذ موقف قوي، بينما دول أخرى ترفض اتخاذ أي قرار. كما اعترف الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي بتقديم مقترحات متعددة لاستخدام الفقرة الثانية من اتفاقية الارتباط مع إسرائيل وإلغاء العلاقات السياسية، لكن هذه المقترحات رُفضت بشدة. وأكد بوريل عدم وجود عدد كاف من الدول الأعضاء لدعم هذه القرارات، مما يعكس حجم الانقسام الأوروبي. التناقض الأوروبي وفي السياق الأوروبي ذاته، تحدث رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن ضرورة بذل كل ما في المستطاع لتخفيف الوضع المروع في غزة، مشيرا إلى الحاجة لإمداد القطاع بكميات كبيرة من المساعدات. وأعلن ستارمر أن بلاده ستعترف بدولة فلسطينية في سبتمبر/أيلول المقبل إذا لم توافق إسرائيل على معالجة الأزمة الإنسانية. بيد أن بوريل انتقد التناقض في الموقف البريطاني، حيث تتحدث لندن عن الاعتراف ب فلسطين مع استمرار طائراتها في التحليق فوق القطاع لتزويد الجيش الإسرائيلي بالمعلومات الاستخباراتية، واعتبر هذا التناقض جزءا من الأزمة العميقة التي تعيشها الدول الأوروبية. ومن الجانب الفلسطيني، وصف الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي ، ما يجري بأنه مخطط لإبادة الوجود الفلسطيني. وأوضح أن الهدف ليس مجرد إعادة احتلال غزة، وإنما تطهير عرقي لسكان القطاع عبر إجبارهم على الانتقال إلى معسكر اعتقال في منطقة بين ممر موراغ و فيلادلفيا ثم إجبارهم على الرحيل نهائيا. وفي هذا الإطار، انتقد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مؤسسة غزة الإنسانية التي قتلت أكثر من 1300 شخص أثناء محاولتهم الوصول للمساعدات، وجرحت أكثر من 7 آلاف آخرين. واعتبر البرغوثي هذه الآلية شكلا من أشكال إدارة التجويع وليس تقديم المساعدات الإنسانية. وعلى النقيض من التردد الأوروبي، أكد المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري ، أدولفو فرانكو، استمرار الدعم الأميركي الكامل لإسرائيل. وأوضح فرانكو أن الرئيس دونالد ترامب سيدعم حكومة بنيامين نتنياهو ، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية ، خلال الثلاثين يوما القادمة إذا قررت احتلال بقية القطاع، مشيرا إلى أن 17 إلى 20% من غزة ما زالت خارج السيطرة الإسرائيلية. وحمّل المحلل الإستراتيجي الأميركي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤولية استمرار الحرب، مؤكدا أن بلاده ستدعم الإجراءات العسكرية الإسرائيلية إذا لم تتخل الحركة عن السلطة وتوافق على وقف مؤقت لإطلاق النار، بحسب رأيه. ورغم المواقف الرسمية المنقسمة، أشار البرغوثي إلى تغير كبير في الرأي العام العالمي، حيث بدأت الشعوب تتمرد على حكوماتها بسبب الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني. واعتبر الأمين العام للمبادرة الوطنية أن وسائل الإعلام الرسمية الأوروبية والأميركية لم تستطع منع وصول الحقيقة للشعوب، مما أدى إلى تغيير مواقف الرأي العام. وأكد بوريل هذا التوجه بإشارته إلى وجود معركة كبيرة بين الروايات في المجتمعات الأوروبية؛ الرواية الإسرائيلية التي تنفي حدوث مأساة إنسانية وتلقي اللوم على حماس، ورواية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تؤكد وجود مجاعة حقيقية بسبب إغلاق الحدود ومنع دخول الشاحنات. ووسط هذا الانقسام، دافع فرانكو عن مؤسسة غزة الإنسانية باعتبارها آلية لتوزيع المساعدات تحت رعاية الولايات المتحدة والأمم المتحدة، مؤكدا إمكانية حل مشكلة التجويع فورا إذا وافقت حماس على وقف إطلاق النار. واتهم المحلل الأميركي حماس بإطالة معاناة شعبها لتحقيق مكاسب دبلوماسية. إلا أن البرغوثي رفض هذه الاتهامات بشدة، مؤكدا استعداد الجانب الفلسطيني للوصول لاتفاق وقف إطلاق النار، وأن نتنياهو والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف هما من نسفا الاتفاق بعد أن كان على وشك التحقق. وتساءل الأمين العام للمبادرة الوطنية عن سبب عدم الحديث عن 12 ألف أسير فلسطيني مقابل الحديث المستمر عن 20 أسيرا إسرائيليا، مما يعكس عمق التفاوت في التعامل مع الأزمة من جميع الأطراف.

كيف تستعد تركيا للحرب مع إسرائيل؟
كيف تستعد تركيا للحرب مع إسرائيل؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

كيف تستعد تركيا للحرب مع إسرائيل؟

نشرت أكاديمية الاستخبارات الوطنية التركية دراسة موسعة عن الحرب "الإسرائيلية"- الإيرانية، ليس بسبب أهميتها كمواجهة إقليمية كبيرة وحسب، ولا بحسبها مواجهة زاخرة بالدروس المستفادة، ولكن كذلك من حيث إن تركيا قد تكون مستهدفة مستقبلا بحروب مشابهة، كما دلت الدروس المستخلصة لها من قبل الأكاديمية. التقييم أسست أكاديمية الاستخبارات الوطنية في يناير/ كانون الثاني 2024، وأعلن عنها رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم كالين في احتفال الذكرى الـ 97 لتأسيس الجهاز في أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه. وكان الهدف المعلن من إنشاء الأكاديمية، التي تعمل كمؤسسة تعليم عالٍ ضمن بنية جهاز الاستخبارات، إضفاء بعد أكاديمي على عمل جهاز الاستخبارات من خلال التعليم العالي والبحوث العلمية ونشر الدراسات في مجال الاستخبارات والأمن القومي. ولذلك فهي تستهدف بتقاريرها المنشورة الرأي العام والأكاديميا التركية وأيضا منتسبي جهاز الاستخبارات سواء بسواء. نشرت الأكاديمية في الأول من أغسطس/ آب الجاري تقريرا مطولا من 58 صفحة حول الحرب "الإسرائيلية"- الإيرانية بعنوان "حرب الـ 12 يوما ودروس لتركيا". تتكون الدراسة من مقدمة ثم ثلاثة فصول رئيسة هي تقنيات الحرب التقليدية والهجينة، التقييمات والدروس المستخلصة، والسيناريوهات المحتملة، قبل أن تختم بفصل مستقل بعنوان: "النتائج والخطوات الواجب على تركيا اتخاذها". في تقديمه للدراسة، أطّرَ رئيس الأكاديمية الدكتور طلحة كوسة الحرب "الإسرائيلية"- الإيرانية ضمن سياقين رئيسين؛ الأول هو تأثيرات عملية السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 (عملية "طوفان الأقصى" وما بعدها)، والثاني هو فشل المفاوضات الإيرانية- الأميركية في التوصل لاتفاق حول المشروع النووي الإيراني. وفق الدراسة، أظهرت الحرب أن كلا من إيران وإسرائيل قد غيرتا إستراتيجياتهما السابقة، وبالتالي شكّلت الحرب بدورها منعطفا جديدا في المنطقة في مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وغيرت معادلات المنطقة إلى حد بعيد. وخلصت إلى عدة تقييمات في مقدمتها أن إيران خرجت من الحرب بضربات وخسائر أكبر بسبب تقنية الهجوم المفاجئ الذي انتهجته إسرائيل، وتفوقها العسكري الكبير، وتقنيات الاستخبارات التي استخدمتها، ودعم الحلفاء (في إحالة على الولايات المتحدة) الذي حظيت به. ويضاف لذلك أن توقعات إسرائيل بحصول حركة شعبية في الداخل الإيراني تؤدي إلى تغيير النظام لم تتحقق، حيث وقف الإيرانيون في الخارج في عمومهم مع شعبهم واستقلال دولتهم، مع إشارة إلى أن "مستقبل الوحدة الداخلية الإيرانية" مرتبط إلى حد ما بمسارات المواجهة ونتائجها على المدى البعيد. كما أثبتت الحرب، وفق الدراسة، أهمية القوة الجوية في الحروب القصيرة، ولا سيما بين الدول التي لا تملك حدودا برية مشتركة، وهو ما عمل لصالح إسرائيل بشكل ملحوظ، فيما حاولت إيران ردم هذه الهوة من خلال صواريخها الباليستية الفرط صوتية. كما ركزت الدراسة على أهمية وتأثير عناصر أخرى لا تقل أهمية عن البعد العسكري المباشر، مثل الهجمات السيبرانية وحرب المعلومات والبروباغندا، والشبكة الاستخباراتية والعملياتية التي أنشأتها إسرائيل داخل إيران، فضلا عن عناصر الدفاع المدني من قبيل منظومات الإنذار المبكر والملاجئ. وضعت الدراسة ثلاثة سيناريوهات رئيسة لمستقبل التصعيد بين إيران وإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية؛ العودة لطاولة المفاوضات، وفشل مسار التفاوض، واستمرار حالة التوتر، والعودة لحرب موسعة بين الجانبين. بهذا المعنى، تناولت الدراسة الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران كنموذج لتغير الحروب في العصر الحديث، وتحولها لحروب هجينة تتضافر فيها عناصر عديدة ولا تقتصر على توازنات القوة المادية أو العسكرية المباشرة. لكن دروس تركيا المستخلصة من الدراسة لا توحي فقط بقراءة في حرب يمكن الاستفادة منها، بل تتخطى ذلك بوضوح لـ "دروس تركيا" من الحرب بعدّها دولة إقليمية قد تتعرض لحالة مشابهة. يتسق ذلك مع تصريح الرئيس التركي مع بداية الحرب حين أكد على ضرورة تطوير بلاده صناعاتها الدفاعية وقدراتها على حماية أراضيها ومواطنيها، فضلا عن تصريحات سابقة وضعت تركيا كجهة مستهدفة من التطورات الإقليمية ولا سيما بسبب اعتداءات إسرائيل المتكررة والمستمرة في المنطقة ضد عدة أطراف. في مقدمة الدروس التركية من الحرب، وفق الدراسة، أهمية القوة الجوية في حروب من هذا النوع، ما يؤكد على ضرورة الاستمرار في تطوير الصناعات الدفاعية التركية، والدمج والتنسيق بين الأنظمة البشرية وغير البشرية (المسيّرات وغيرها)، وكذلك تحديث أسطولها الجوي الذي تسعى له بشكل حثيث في الآونة الأخيرة. حيث تسعى تركيا لشراء العشرات من مقاتلات "إف-16" من الولايات المتحدة الأميركية (بعد إخراجها من مشروع مقاتلات "إف-35" الذي لم تفقد الأمل منه تماما)، ومقاتلات يورو فايتر من مصادر أوروبية، فضلا عن صيانة وتحديث ما لديها من مقاتلات "إف-16" حاليا. وتدعو الدراسة بناء على دروس الحرب الأخيرة إلى امتلاك تركيا منظومات دفاع جوي متعددة الطبقات ومنتشرة على مساحة الأراضي التركية، فضلا عن ضرورة الاهتمام بتطوير منظومة الصواريخ الفرط صوتية التي أظهرت فاعليتها فيها. ولم تهمل الدراسة الإشارة إلى أن الأهمية لا تقتصر على التفوق التقني وإنما تمتد لكمية وحجم ترسانة الأسلحة التي تمتلكها الدولة، ما يعزز أهمية تسريع التصنيع إضافة لفاعلية الأنظمة نفسها. ومما يعزز هذه القراءة في الدراسة الحالية تكرر المعنى في دراسة حديثة، صدرت الشهر الفائت، للباحث في الشؤون العسكرية مراد أصلان في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" بعنوان "حاجة تركيا للطائرات الحربية واستيرادها"، حين أكد على ضرورة استعداد بلاده لاحتمال التعرض لهجوم جوي على جبهتين، قاصدا بهما اليونان وإسرائيل. وأما الدرس الثاني المهم لتركيا من الحرب فهو ضرورة تأمين الداخل التركي عبر منظومة دفاع مدني متقدمة تناسب منطق الحروب الحديثة، وعلى رأس الأولويات المشار لها أنظمة الإنذار المبكر، والملاجئ المنتشرة والمؤمنة من جميع النواحي والمناسبة لحرب من هذا النوع. حيث رصدت الدراسة أن افتقار إيران لهذا النوع من المنظومات وامتلاك إسرائيل لها كان السبب الرئيس خلف الخسائر المدنية الكبيرة بشكل لافت في الجانب الإيراني. كما أشارت الدراسة لخطورة الحرب الإلكترونية وشبكات التجسس وحرب المعلومات، مؤكدة على ضرورة إيجاد بدائل محلية لأنظمة الاتصال والتواصل وتبادل المعلومات، ولا سيما بالنسبة لمؤسسات الدولة والموظفين والعاملين في مراكز حساسة. وأخيرا، كان ثمة إشارة لأهمية تماسك الجبهة الداخلية في أي دولة تخوض حربا من هذا النوع تشترك فيه القوة النارية مع شبكات التجسس وحرب المعلومات والبروباغندا الساعية للتأثير على الجماهير وتوجيهها. ولعله من المهم الإشارة إلى أن المسار السياسي الأخير في تركيا لإنهاء المسألة الكردية أو ما أسمي "مشروع تركيا بلا إرهاب" كان من أهم دوافعه "تمتين الجبهة الداخلية" وفق تعبير أردوغان بعد التطورات المتسارعة في المنطقة. في الخلاصة، رغم أن تركيا تابعت حرب الـ 12 يوما بين إسرائيل وإيران من كثب مع حرص لافت على عدم الانخراط أو التورط فيها، والسعي للعب دور الوسيط، ولا سيما بين طهران وواشنطن على ما أعلن لاحقا وزير الخارجية هاكان فيدان، فإن أكاديمية الاستخبارات الوطنية أكدت على فكرة أن تركيا باتت ترى نفسها طرفا مستهدفا بحرب أو عدوان مشابه في المستقبل، ولا سيما من قبل إسرائيل، وإن لم تقل الدراسة ذلك بشكل واضح ومباشر. يزيد ذلك من أهمية استخلاص أنقرة الدروس من الحرب الأخيرة ليس فقط كدولة إقليمية مهتمة بالتطورات في المنطقة، ولكن كذلك كطرف يمكن أن يكون طرفا في حرب مشابهة، ومما يؤكد على ذلك أن مجمل الدروس المستخلصة بالنسبة لتركيا – وفق الدراسة – ترتبط بتعزيز قدرات الأخيرة الهجومية والدفاعية مقابل إسرائيل وليس إيران.

سموتريتش لا يهمه سكان غزة ويريد خنقها وتدمير حماس لتحقيق النصر
سموتريتش لا يهمه سكان غزة ويريد خنقها وتدمير حماس لتحقيق النصر

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

سموتريتش لا يهمه سكان غزة ويريد خنقها وتدمير حماس لتحقيق النصر

قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إنه لا يهمه سكان قطاع غزة وإن كل ما يرغب فيه هو الانتصار على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتدميرها بشكل كامل. وأضاف سموتريتش أن العالم كله يراقب إسرائيل، أوروبا تضغط علينا للتوقف، وحماس تريدنا أن نتوقف، وكذلك اليسار في إسرائيل، لكنني أفعل كل ما في وسعي لنواصل حتى تحقيق نصر كامل. رغبات وآمال سموتريتش تلك عبر عنها أثناء دفاعه عن تخصيص 3 مليارات شيكل إضافية لتمويل المساعدات الإنسانية لغزة، حيث هاجمته المعارضة لتخصيصه هذه المبالغ للقطاع. وشدد سموتريتش على أن النصر الكامل ليس ممكنا فحسب، بل ضروري، وأكد على أن إسرائيل ستحقق ذلك النصر، يذكر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة جرائم حرب، قد أعلن أن من أهداف الحرب على قطاع غزة تحقيق النصر الكامل وإطلاق سراح الأسرى. خنق القطاع ودعا وزير المالية لخنق القطاع اقتصاديا وقطع المساعدات عنه، وقال إنه "لا يمكن حسم حماس بالدبابات فقط. علينا قطع المساعدات عنها، وعن سكانها، وعن الشاحنات، علينا خنقها اقتصاديا". مشيرا إلى أن هذه كانت مقترحاته منذ بداية الحرب وأنه لو تم الأخذ بها "لكانت الحرب انتهت منذ زمن، ولوفرنا عشرات المليارات من الشواكل" حسب زعمه. وكشف سموتريتش، الذي يعتبره العديد من المختصين بإسرائيل أنه أفشل وزير المالية في تاريخ الوزارة، أن الحرب على قطاع غزة كلفت حتى الآن 300 مليار شيكل. وعبر عن أمله أن يتخذ المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) قرارا بشن هجوم موسع على القطاع واحتلاله، مؤكدا على أنه بدون "حسم حماس عسكريا، وبدون خنق مدني واقتصادي، لا أمل في النصر. هذه هي الطريقة لإعادة المختطفين. هذه هي الطريق إلى النصر". إيال زامير ، واصفا إياها بالفخ الإستراتيجي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store