logo
عون يحدد مطالب لبنان في المفاوضات الأميركية ويتوجّه بخطاب مباشر إلى حزب الله

عون يحدد مطالب لبنان في المفاوضات الأميركية ويتوجّه بخطاب مباشر إلى حزب الله

العربي الجديدمنذ 21 ساعات
كشف الرئيس اللبناني
جوزاف عون
تفاصيل المفاوضات مع واشنطن والتعديلات الجوهرية التي وضعها لبنان على مسودة الأفكار التي حصل عليها من الموفد الأميركي توماس برّاك، والتي ستُطرح على مجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل وفق الأصول، ولتحديد المراحل الزمنية لتنفيذها.
وفي كلمة له بمناسبة العيد الثمانين للجيش اللبناني، والذي غاب الاحتفال به في ظل الشغور الرئاسي، توجّه عون بشكل أساسي وبخطاب مباشر وصريح وعالي النبرة إلى حزب الله لتسليم سلاحه، محاولاً في الوقت نفسه تطمين بيئته بأنهم جزء أساسي من الدولة، مشدداً على أن المرحلة مصيرية ولا تحتمل استفزازاً من أي جهةٍ كانت أو مزايدة تضر ولا تنفع.
ومن أهم المطالب اللبنانية، عدّد عون ثمانية، "وقف فوري للأعمال العدائية الإسرائيلية، في الجو والبر والبحر، بما في ذلك الاغتيالات، انسحاب إسرائيل خلف الحدود المعترف بها دولياً وإطلاق سراح الأسرى، بسط سلطة الدولة اللبنانية على كافة أراضيها، وسحب سلاح جميع القوى المسلحة ومن ضمنها حزب الله وتسليمه للجيش اللبناني، تأمين مبلغ مليار دولار أميركي سنوياً، ولفترة عشر سنوات من الدول الصديقة لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية وتعزيز قدراتهما".
ومن أهم المطالب أيضاً "إقامة مؤتمر دولي للجهات المانحة لإعادة إعمار لبنان في الخريف المقبل، وتحديد وترسيم وتثبيت الحدود البرية والبحرية مع سورية بمساعدة كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا والفرق المختصة في الأمم المتحدة، حلّ مسألة النازحين السوريين، ومكافحة التهريب والمخدرات ودعم زراعات وصناعات بديلة".
وقال عون "هذه هي أهم بنود المذكرة التي حددنا مراحل تنفيذها بشكل متوازٍ، والتي لا يمكن لأي لبنانيٍ صادقٍ ومخلصٍ إلّا أن يتبناها. بما يقطعُ الطريق على إسرائيل، في الاستمرار في عدوانِها، ويفرضُ عليها الانسحاب من جميعِ الأراضي المحتلة، ويرسّمُ حدود لبنان جنوباً وشرقاً وشمالاً، لأول مرّة في تاريخه، ويضبطُ مراقبة هذه الحدود، ويمنع الاعتداءات، ويعيد الناس إلى أراضيها، ويؤمّن لهم الأموال اللازمة لبناء البنى التحتية والبيوت، ويعزّز الثقة بالدولة اللبنانية ومؤسساتها، وبالجيش أولاً".
أخبار
التحديثات الحية
إسرائيل تواصل اعتداءاتها جنوبي لبنان وبرّاك يصعد ضد حزب الله
ورأى الرئيس اللبناني أن ذلك "يعطينا فرصةً لإقامة استقرار ثابت ودائم، هو الشرط الأول لازدهار الاقتصاد اللبناني، وللمُضيِّ في الإصلاحات البنيوية الضرورية، بدعم دولي وعربي"، مشيراً إلى أن "واجبه وواجب الأطراف السياسية كافة، عبر مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للدفاع ومجلس النواب والقوى السياسية كافة، أن نقتنص الفرصة التاريخية، وندفع من دون تردّد إلى التأكيد على حصرية السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية دون سواها، وعلى كافة الأراضي اللبنانية، اليوم قبل غد، كي نستعيد ثقة العالم بنا، وبقدرة الدولة على الحفاظ على أمنها بوجه الاعتداءات الإسرائيلية التي لا تترك فرصة إلا وتنتهك فيها سيادتنا، كما بوجه الإرهاب الذي يرتدي ثوب التطرف وهو من الأديان براء".
وتوجه عون بنداء إلى "الذين واجهوا العدوان، وإلى بيئتِهم الوطنية الكريمة، أن يكون رهانكم على الدولة اللبنانية وحدها، وإلّا سقطت تضحياتُكم هدراً، وسقطت معها الدولة أو ما تبقى منها. وأنتم أشرفُ من أن تخاطروا بمشروعِ بناء الدولة، وأنبل من أن تقدّموا الذرائع لعدوانٍ يريد أن تستمرَّ الحرب علينا. فنستمرَّ نحن في مأساتنا وتشرذمنا وانتحارنا. لكن هذه المرة، نكون قد تخلّينا عن الدعم الدولي والعربي بإرادتنا. وخسرنا إجماعنا الوطني. وهذا ما لا تريدونه ولا نريده".
وأضاف "للمرةِ الألف أؤكد لكم، أن حرصي على حصرية السلاح، نابعٌ من حرصي على الدفاع عن سيادة لبنان وحدوده، وعلى تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، وبناء دولة تتسع لجميع أبنائها وأنتم ركن أساسي فيها".
ودعا الرئيس اللبناني "جميع الجهات السياسية، إلى مقاربة قضية حصر السلاح بكل مسؤولية، كما عهدكم لبنان دوماً عند الاستحقاقات الوطنية الكبرى. فالاختلاف يبقى ضمن أطر الاحترام والتنافس، تحت سقف الميثاق والدستور. لكن المرحلة مصيرية، ولا تحتملُ استفزازاً من أي جهةٍ كانت، أو مزايدة تضرّ ولا تنفع. فتضحياتنا جميعاً مقدّسة، والخطر، أكان أمنيّاً أو اقتصادياً، لن يطاول فئةً دون أخرى".
دعا الرئيس اللبناني "جميع الجهات السياسية، إلى مقاربة قضية حصر السلاح بكل مسؤولية"
وبخصوص مهام الجيش بعد اتفاق وقف النار أكد القول: "أُوكلت للجيش مهمات تطبيقِ وقف النار وذلك بالتنسيق مع اللجنة العسكرية الخماسية الأطراف وتمكّن على الرغم من تواضع الإمكانيات وكثرة مهامه الأخرى، من أن يبسط سلطته على منطقة جنوب الليطاني غير المحتلة، وأن يجمع السلاح، ويدمّر ما لا يمكن استخدامه منه وذلك بشهادة اللجنة العسكرية الخماسية وهو مصممٌ على استكمال مهامه، من خلال تطويع أكثر من 4500 جندي، وتدريبهم وتجهيزهم، ليكملوا انتشارهم في هذه المنطقة، على الرغم من عدم التزام إسرائيل بتعهداتها وقد ساعده في تسهيل انتشاره، أهل الجنوب أبناء الأرض".
وذكّر عون بأن حكومة الرئيس نواف سلام قد أعطت الأولويات لستة ملفات، نظراً إلى حدود ولايتها الزمانية، وهي أولاً إعادة بناء ثقة الناس بالقضاء، وثقة القضاء بذاته، ثانياً، أولوية ضبط الأمن وحصر السلاح، بالتوازي مع تحضير ملفات إعادة الإعمار، ثالثاً، حقوق المودعين، رابعاً، ملف إعادة هيكلة الإدارة، خامساً، ملف الانتخابات، وأخيراً إعادة لبنان إلى محيطه العربي والمجتمع الدولي.
وشدد عون في ختام كلمته إلى العسكريين، على أن "ساعة الحقيقة بدأت تدق فالمنطقة من حولنا في غليان، وهي تتأرجح بين حافة الهاوية وسلم الازدهار فعلينا اليوم أن نختار، إما الانهيار، وإما الاستقرار، أنا اخترت العبور معكم، بوطننا لبنان نحو مستقبل أفضل لجميع أبنائه"، مشدداً على أننا "معاً، لن نفرِّط بفرصة إنقاذ لبنان ولن نتهاون مع من لا يعنيه إنقاذ، أو لا يهمُّه وطن".
أخبار
التحديثات الحية
زامير: سنواصل إضعاف سورية وحزب الله والحرب مع إيران لم تنته
من جانبه، تعهّد قائد الجيش رودولف هيكل بأن "نحمي الاستقرار والسلم الأهلي ولن نسمح بأي تهديد لأمن بلدنا". وتأتي كلمة عون بعد ساعاتٍ على مواقف عالية النبرة أطلقها الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم مساء أمس الأربعاء شدد خلالها على رفضه تسليم السلاح لإسرائيل، وتأكيد أن الأولوية ليست للسلاح إنما لوقف العدوان وإعادة الإعمار، معتبراً أن "كلّ من يطالب اليوم بتسليم السلاح، داخلياً أو ‏خارجياً أو عربياً أو دولياً، هو يخدم المشروع الإسرائيلي".
ودعا قاسم الدولة اللبنانية إلى أن تقوم بواجبين كبيرين أساسيين:‏ أولًا: إيقاف العدوان بكل السُّبل، بكل الطرق، دبلوماسية، عسكرية، والثاني إعادة الإعمار.
ويشهد لبنان الأسبوع المقبل يوماً حاسماً نسبياً على صعيد ملف السلاح الذي سيوضَع على طاولة مجلس الوزراء الثلاثاء مع إصرار الأحزاب السياسية المعارضة لحزب الله ومن خلال ممثليها في الحكومة على وضع جدول زمني وآليات تنفيذية لتطبيق المسار تحقيقاً للمطالب الأميركية، لا الاكتفاء بعقد جلسة تقتصر وقائعها على تلاوة مضمون البيان الوزاري وتكرار تعهّدات من دون خطوات عملية.
على صعيد متصل بالمناسبة، قال رئيس البرلمان نبيه بري إن "الجيش هو الرهان ومحط آمال اللبنانيين في الأمن والأمان والدفاع عن الأرض والإنسان وصنع قيامة لبنان".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عائلات الساحل السوري النازحة تغادر قاعدة حميميم الروسية
عائلات الساحل السوري النازحة تغادر قاعدة حميميم الروسية

العربي الجديد

timeمنذ 36 دقائق

  • العربي الجديد

عائلات الساحل السوري النازحة تغادر قاعدة حميميم الروسية

تراجعت أعداد النازحين في قاعدة حميميم العسكرية الروسية من قرى الساحل السوري ، مع مغادرة مزيد من العائلات التي لجأت إلى القاعدة خلال شهر مارس/ آذار الماضي، بعد أحداث عنف طائفية واشتباكات. ساهمت الأوضاع المستقرة نسبياً التي تعيشها مناطق الساحل السوري في عودة مزيد من العائلات النازحة إلى قراها، خصوصاً في ريف مدينة جبلة ، لتنخفض أعداد النازحين في قاعدة حميميم العسكرية الروسية من نحو عشرة آلاف نازح إلى بضع مئات في الوقت الحالي. ويقول مدير منطقة جبلة أمجد سلطان، لـ"العربي الجديد": "بعد جهود الحكومة في فرض الاستقرار، خرج معظم النازحين في قاعدة حميميم، لكن خلال الأيام الأخيرة لم تخرج أي دفعات جديدة من النازحين إلى القاعدة . الأعداد الموجودة في القاعدة وفق الطرف الروسي باتت محدودة، وأرجح أن معظمهم مطلوبون شاركوا في القتال مع فلول النظام السابق، أو متورطون في جرائم قتل". يضيف سلطان: "ملف النازحين إلى قاعدة حميميم أغلق بالنسبة للحكومة السورية، ولم نعد نبذل أي جهد في هذا الملف. كل من يريد الخروج والعيش في مجتمعه مرحب به ما لم تتلطخ يداه بالدماء". في سياق متصل، أكدت مصادر محلية متابعة لملف النازحين من جبلة، لـ"العربي الجديد"، أن جميع العائلات التي كانت تقيم في حرم المطار المدني تم إخراجها من القاعدة بالتنسيق بين الجانبين السوري والروسي، ونقل أفرادها إلى المجمع الحكومي في مدينة جبلة قبل نحو أسبوع لتسوية أوضاعهم، ومنحت هويات مدنية لمن فقدوها، ومن ثم نقلوا إلى منازلهم أو مناطقهم، بينما بقي أقل من 100 شخص في حرم المطار العسكري، معظمهم ضباط سابقون في جيش النظام السابق، وهؤلاء يتم نقلهم تدريجياً إلى روسيا مقابل دفعهم أموالاً تصل إلى 20 ألف دولار أميركي. الصورة عادت الحياة إلى طبيعتها في قرى ريف جبلة (العربي الجديد) وأقرت وسائل إعلام روسية، قبل أشهر، بنقل الجيش الروسي نحو 50 سورياً من قاعدة حميميم إلى إقليم "بيرم" الروسي، حيث جرى تجهيز مركز إقامة مؤقت لاستقبالهم، وذلك عقب عملية إجلاء نُفذت من القاعدة، بناءً على طلب رسمي تقدم به هؤلاء للحصول على الحماية الروسية. ووفق وكالة نوفوستي، فإنهم من الضباط والأفراد في قوات النظام السوري السابق. من قرية الرميلة القريبة من قاعدة حميميم، تقول روان محمد (35 سنة)، لـ"العربي الجديد": "جميع الخيام التي أقيمت في القاعدة أزيلت، وخرجت آخر العائلات في حافلات نقل مدنية. نزحت إلى القاعدة مع آخرين، وخرجت قبل نحو ثلاثة أشهر. ظروف النزوح في القاعدة كانت سيئة، وكنا نعيش في خيام قماشية بالكاد تتسع لشخصين، كما أن المساعدات كانت شحيحة، ما دفع كثيرين إلى المغادرة تباعاً". وحول وضع العائدين من القاعدة وهل تعرضوا لأي مضايقات أمنية بعد خروجهم، تؤكد محمد أنها وعائلتها لم يتعرضوا لأي مضايقات، لكنها لا تعرف أوضاع بقية العائلات، وتطالب بإعادة ترميم منزلها المدمر في الأحداث، والذي تعرض للحرق والنهب. بعد نحو خمسة أشهر على مغادرة منزله في قرية حميميم المجاورة للقاعدة، وفقد شقيقه في الاشتباكات، عاد السوري حسن إلى منزله، ويقول لـ"العربي الجديد": "فضلت الخروج من القاعدة مع الكثير من العائلات بعدما تحسنت الأوضاع الأمنية. عشنا كابوساً طوال هذه الأشهر، وظروفاً صعبة نتمنى ألا تتكرر". قضايا وناس التحديثات الحية تباين حول تقرير لجنة تقصي الحقائق بأحداث الساحل السوري بدوره، يقول الناشط في مجال السلم الأهلي باللاذقية خلدون علي، لـ"العربي الجديد": "ملف النازحين إلى القاعدة أغلق بشكل شبه كامل بفضل الوساطات، وجرى تأمين وصول النازحين إلى قراهم من دون مشاكل أمنية، في حين بقي عدد محدود من الأشخاص يرفضون الخروج من القاعدة، وينتظرون فرصة السفر وتقديم اللجوء. ينبغي مساعدة النازحين العائدين نفسياً ومادياً لأن معظمهم خسروا ممتلكاتهم في الأحداث، مع ضرورة تعزيز السلم الأهلي في المحافظة التي شهدت أعمال عنف طائفية أودت بحياة العشرات". ويؤكد المحامي عبد الله الرشيد، من اللاذقية، أنه "لا بد من اتخاذ خطوات جدية لمنع تكرار أحداث مارس/ آذار المؤسفة، وما تبعها من نزوح ولجوء إلى القاعدة العسكرية الروسية. من الضروري عدم زج المدنيين في أي صراع، أو الانتقام منهم، كما يجب تعزيز خطاب المصالحة، ومساعدة النازحين الذين خرجوا من القاعدة، وتعويضهم عن خسائرهم، وضمان عدم ملاحقتهم مستقبلاً". وشهدت مناطق الساحل السوري في مارس الماضي اشتباكات دامية استمرت عدة أيام، على خلفية هجمات شنها مسلحون موالون للنظام السابق على القوات الأمنية، أوقعت العديد من القتلى في صفوفهم، لكنها انتهت باستعادة قوات الحكومة السيطرة على المنطقة بعد عملية أمنية موسعة شاركت فيها "فصائل مسلحة غير منضبطة"، وتخللتها انتهاكات مختلفة، وجرائم قتل، فضلاً عن وقائع سلب وحرق ممتلكات.

ترامب ينفق 200 مليون دولار لبناء قاعة احتفالات ورقص في البيت الأبيض
ترامب ينفق 200 مليون دولار لبناء قاعة احتفالات ورقص في البيت الأبيض

القدس العربي

timeمنذ 2 ساعات

  • القدس العربي

ترامب ينفق 200 مليون دولار لبناء قاعة احتفالات ورقص في البيت الأبيض

واشنطن- 'القدس العربي': أعلن البيت الأبيض، الخميس، أن أعمال البناء ستنطلق في سبتمبر/ أيلول المقبل لإنشاء قاعة احتفالات ورقص جديدة داخل البيت الأبيض، بتكلفة تصل إلى 200 مليون دولار، في مشروع وُصف بأنه أكبر إضافة معمارية للمقر الرئاسي منذ عقود. وأوضحت كارولاين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، أن القاعة ستُشيد بجوار الجناح الشرقي، الذي سيخضع لـ'تحديث شامل' خلال فترة البناء، مع نقل المكاتب الموجودة فيه مؤقتًا. وأكدت أن تكلفة المشروع سيتحملها الرئيس دونالد ترامب ومجموعة من المتبرعين، من دون استخدام أموال دافعي الضرائب. وقالت ليفيت إن 'قاعة الاحتفالات الرسمية للبيت الأبيض ستكون إضافة ضرورية ورائعة بمساحة 90 ألف قدم مربع'، موضحة أنها ستتسع لـ 650 ضيفًا جالسًا، وستلغي الحاجة إلى استخدام 'الخيام الضخمة وغير الجذابة' لإقامة حفلات العشاء الرسمية والفعاليات الكبرى. وكشفت ليفيت أن ترامب عقد خلال الأسابيع الأخيرة اجتماعات مع خدمة المتنزهات الوطنية وجهاز الخدمة السرية وجهات أخرى لمناقشة المشروع، مؤكدة أنه سينتهي قبل مغادرته البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني 2029. من جانبها، قالت سوزي ويلز، كبيرة موظفي البيت الأبيض، في بيان إن 'الرئيس وإدارته ملتزمان تمامًا بالحفاظ على الإرث التاريخي الفريد للبيت الأبيض، مع بناء قاعة احتفالات جميلة يمكن أن تستمتع بها الإدارات المستقبلية وأجيال الأمريكيين القادمة'. وكان ترامب قد أعرب في الأشهر الماضية عن رغبته في إجراء تغييرات على البيت الأبيض، بينها إضافة القاعة، حيث تمت إزالة العشب من حديقة الورود مؤخرًا واستبداله بأرضيات حجرية ضمن التحضيرات للمشروع. يُذكر أن مسؤولين في إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما أكدوا عام 2016 أن ترامب عرض حينها تمويل بناء قاعة احتفالات بقيمة 100 مليون دولار، لكن الاقتراح لم يُؤخذ على محمل الجد آنذاك.

استراتيجية التجويع في غزّة... الأزمة الإنسانية بين القانون الدولي والإغاثة المخصخصة
استراتيجية التجويع في غزّة... الأزمة الإنسانية بين القانون الدولي والإغاثة المخصخصة

العربي الجديد

timeمنذ 6 ساعات

  • العربي الجديد

استراتيجية التجويع في غزّة... الأزمة الإنسانية بين القانون الدولي والإغاثة المخصخصة

الأزمة الإنسانية الراهنة في غزّة هي بمثابة اختبار حاسم لفعّالية القانون الدولي الإنساني، وكذلك حدودِه. تثير الممارسات أخيراً، من الحصار الكامل وتدمير البنية التحتية التغذوية، إلى استدخال آلية التوزيع المخصخصة عبر مؤسّسة غزّة الإنسانية، مخاوف جدّية حول تقويض الضمانات القانونية المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني. فرضت إسرائيل بعد "7 أكتوبر" (2023) حصاراً تاماً على الغذاء والوقود والإمدادات إلى غزّة استمرّ عدّة أشهر. صرّحت الأمم المتحدة وغيرها من المنظّمات الدولية بأن إسرائيل "تحاول استخدام الغذاء سلاحاً"، وأن استخدام العقاب الجماعي والتجويع سلاح حرب جعل غزّة "عمليّاً غير صالحة للسكن". بحسب تقييمات "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"، فإن ما يقارب ربع سكّان غزّة يواجهون "جوعاً كارثياً"، ما يؤشّر إلى مجاعة متفشّية، بينما يعاني السكّان كافّة من انعدام حادّ في الأمن الغذائي. ثمّ في 23 يوليو/ تموز 2025، حذّرت أكثر من مائة منظّمة غير حكومية من "مجاعة جماعية" في غزّة، متهمة الحكومة الإسرائيلية بالمسؤولية. أيضاً، فإن صفوة من فقهاء القانون الدولي وصفوا حصار غزّة، بأنه "مثال نموذجي على الإبادة الجماعية". التجويع سلاحَ حرب تبعاً للقلق العالمي الذي رافق الآثار المدمّرة للحروب، يحظر القانون الدولي الإنساني حظراً باتاً استخدام التجويع أداةً في الحروب، ويشترط حماية وصول المدنيين إلى الغذاء والماء والمساعدات الإنسانية. تصبح هذه الواجبات القانونية أشدّ صرامةً في حالات الاحتلال أو الحصار، حين يكون المدنيون على نحو خاصّ أكثر عرضة للحرمان. يجبر المدنيون للوصول إلى مواقع توزيع الغذاء لمؤسسة غزّة الإنسانية على دخول مناطق طُلب منهم سابقاً إخلاؤها في أوقات الصراعات المسلّحة، يستدعي القانون الدولي الإنساني حماية المدنيين وتوفير الإغاثة. ثمّة أحكامٌ رئيسةٌ فيه كذلك تضمن ألا يُحرَم المدنيون من الغذاء أو الوصول إليه. على سبيل المثال، تحظر المادة 53 استخدام التجويع أداة حرب، إذ يستتيع ذلك التعمّد. حجب الغذاء والماء في أثناء فترات الحصار، تدمير المواد الغذائية والإمدادات، وتعطيل إنتاج وتوزيع الغذاء عمداً... كلّها تقع تحت نطاق التعمّد. المادّة 54 أيضاً، تحمي الأصول الضرورية من أجل البقاء، بما في ذلك المزارع، والمياه، والبنى التحتية، ومرافق الغذاء. المادة 55، زيادة على ذلك، تفرض على الأطراف المنخرطة في الحرب تسهيل الوصول السريع إلى المساعدات الإنسانية للمدنيين، ومن دون عوائق. تلك القواعد، المعترف بها من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تنطبق على جميع النزاعات المسلّحة، بما في ذلك غير الدولية منها، وهي ملزمة لجميع الأطراف. وإسرائيل، بصفتها طرفاً في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، مُلزمة بهذه القواعد. وبموجب اتفاقية جنيف الرابعة، تُلزم إسرائيل كذلك بضمان توفير الإمدادات الأساسية للسكّان المدنيين الخاضعين لسيطرتها أو احتلالها. كما تُلزمها تلك الاتفاقية بضمان توفير الإمدادات الغذائية والطبّية للسكّان، وتوريد المواد الضرورية في حال عدم كفاية المصادر المحلّية. وفي حال نقص الإمدادات الكافية لسكّان الأراضي المحتلة، فلِزامٌ على إسرائيل، بوصفها قوة احتلال، الموافقة على برامج الإغاثة الإنسانية وتسهيلها بجميع الوسائل المتاحة. بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من أن إسرائيل ليست طرفاً في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تظلّ لهذه المحكمة ولاية قضائية على قطاع غزّة والضفة الغربية والقدس بعد انضمام فلسطين إليها في عام 2015. وبموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي، فإن استخدام تجويع المدنيين عمداً أسلوباً من أساليب الحرب، بما في ذلك حرمانهم من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم، أو عرقلة إمدادات الإغاثة عمداً، يُعرّف صراحةً على أنه جريمة حرب. يجرّم نظام روما أيضاً ممارسات عديدة، بما في ذلك القتل العمد، والقتل العمد الذي يتسبّب في معاناة شديدة أو إصابة خطيرة للجسم أو الصحّة، واستغلال المدنيين لتحصين مناطق معيّنة محصّنة من العمليات العسكرية (دروعاً بشريةً مثلاً). من هنا، فإن الطبيعة المُتعمَّدة والمنهجية للأفعال التي ترتكبها إسرائيل قد تدعم تصنيفها جرائم ضدّ الإنسانية بموجب المادة 7 من نظام روما، بما في ذلك الإبادة، والاضطهاد، وسواها من الأعمال اللاإنسانية التي تسبّب معاناة شديدة أو إصابات جسيمة. يتأسّس نظام روما الأساسي (ويتفرّع من) على نظام "الانتهاكات الجسيمة" لاتفاقيات جنيف، كما هو موضّح في المادة 147 من اتفاقيته الرابعة. وبالإضافة إلى ما ينتج من ذلك من مسؤولية جنائية، فإن هذه الانتهاكات تُفعّل أيضاً مبدأ الولاية القضائية العالمية، والذي يُلزم أيّ دولة طرف في اتفاقيات جنيف بالبحث عن (وملاحقة)، أو تسليم الأفراد المشتبه في ارتكابهم لهذه الجرائم، بغضّ النظر عن جنسيتهم أو مكان وقوع الجريمة. في ديسمبر/ كانون الأول 2019، فتح مكتب المدّعي العام للمحكمة الجنائيّة، رسميّاً، تحقيقاً رسميّاً بخصوص جرائم حرب مدّعاة أو جرائم ضدّ الإنسانية اقترفت في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ وفي نوفمبر/ كانون الثاني 2024، أصدرت مذكّرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت، بتهم استخدام المجاعة أداة في الحرب، والقتل العمد للمدنيين. بحلول فبراير/ شباط 2025، أكّدت التحقيقات في شأن فلسطين تتواصل على وجه السرعة، وأن مذكّرات الاعتقال لا تزال سارية. أخذاً بمبدأ الولاية القضائية العالمية، كلّ الدول الأعضاء، بما في ذلك معظم الدول الأوروبية، ملزمة قانوناً بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. يشمل هذا تنفيذ أوامر اعتقال، وضمان ألا يجد الأفراد المشتبه بهم في ارتكاب جرائم دولية منتجعاً آمناً أو حصانة. أثارت عمليات مؤسّسة غزّة الإنسانية مخاوف جدية، وتتهمها أكثر من 170 منظّمة غير حكومية بأنها تعمل بما يخالف القانون الدولي الإنساني خصخصة الإغاثة: أزمة في حيادية العمل الإنساني في مايو/ أيار الماضي (2025)، وفي ظلّ حصار كامل على دخول المساعدات إلى غزّة، جرى إطلاق "مؤسّسة غزّة الإنسانية" بديلاً من جهود الإغاثة الإنسانية التقليدية، وبمزاعم أنها تقدّم الغذاء "بأمان وبشكل مباشر". يقع المقرّ الرئيس للمؤسّسة في ولاية ديلاوير الأميركية، وكان لها فرع في سويسرا حُلَّ لاحقاً لأسباب إدارية، منها الفشل في الامتثال لمعايير الشفافية وعدم الالتزام باللوائح التنظيمية السويسرية. يتولّى إدارة المؤسّسة حالياً المدير التنفيذي المؤقّت جون أكري، خلفاً لجيك وود الذي استقال من منصبه، بسبب ما وصفه بعدم قدرة المؤسّسة على الالتزام بمبادئ القانون الدولي الإنساني، متمثّلة في الحياد، وعدم التحيّز، والاستقلالية. بموجب القانون الدولي الإنساني، يجب أن يلتزم العمل الإنساني التزاماً صارماً بهذه المبادئ كما صكّت في المادة 60 من الاتفاقية الرابعة من اتفاقيات جنيف، التي تنصّ على ضرورة استخدام الإغاثة لأغراض إنسانية خالصة، وتحظر استخدامها لأيّ أهداف سياسية أو عسكرية أو تجارية. كذلك، تفترض المادة المشتركة الثالثة، والبروتوكول الإضافي الأول - المادة 70، وكلاهما يمثّل القانون الدولي العرفي، أن تُقدَّم الإغاثة الإنسانية من جهات محايدة ومستقلة، تحظى بقبول جميع أطراف النزاع. أثارت عمليات مؤسّسة غزّة الإنسانية تلك مخاوف جدية، إذ تتهمها أكثر من 170 منظّمة غير حكومية بأنها تعمل بما يخالف القانون الدولي الإنساني، وتطالب بإغلاقها. اليوم، وبدلاً من 400 نقطة توزيع مساعدات غير عسكرية كانت تشرف عليها الأمم المتحدة، تشغّل مؤسّسة غزّة الإنسانية أربع نقاط توزيع محصّنة، مزوّدة بنقاط تفتيش بيومترية، تقع في مناطق نزاع نشطة، وتخدم نحو مليوني فلسطيني في جنوب غزّة، بعيداً عن أماكن وجود نازحين عديدين. هذا النقاط، الموصوفة بأنها "مصائد موت"، مؤمّنة بقوات مسلّحة تفيد تقارير عن استخدامها الرصاص، والقنابل الصوتية، ورذاذ الفلفل. تقع مواقع توزيع الغذاء التابعة للمؤسّسة في مناطق الإخلاء، ما يعني أن المدنيين الباحثين عن الطعام يُجبرون على الدخول إلى مناطق طُلب منهم سابقاً مغادرتها. بوصفها أُنشئت لتجاوز قنوات الأمم المتحدة الإنسانية المستقلة وخبرائها، تعمد تلك المؤسّسة إلى إجبار المدنيين على قطع مسافات طويلة من أجل الوصول إلى المساعدات، غالباً عبر مناطق خطرة، ما يُقصي الفئات الضعيفة من استحقاق الإغاثة. وبين نهاية مايو/ أيار حتى أواخر يوليو/ تموز، قُتل أكثر من ألف فلسطيني على يد قوات الأمن الإسرائيلية، كما تفيد تقارير، في أثناء محاولتهم الوصول إلى مواقع توزيع الغذاء التابعة للمؤسسة، وكثيرون آخرون أصيبوا. هذا القتل وقع أيضاً داخل مواقع تخضع لحراسة أمنية من قِبل المؤسّسة نفسها، إلا أن المؤسّسة تصرّ على أنها غير مسؤولة عن أي حالات وفاة تقع خارج حدود منشآتها. يشغّل مؤسّسة غزّة الإنسانية، خارج آليات التنسيق الإنساني المقرّرة، التقاء الخدمات اللوجستية العسكرية والتمويل الخاصّ بدلاً من المبادئ الإنسانية بدعم وترويج من إسرائيل والولايات المتحدة، تعتمد مؤسّسة غزّة الإنسانية على شركات أمنية ولوجستية خاصّة لإيصال المساعدات إلى داخل قطاع غزّة. تفيد التقارير بأن من بين هذه الشركات UG Solutions وSafe Reach Solutions، وقد تأسّست الأخيرة على يد فيليب ف. رايلي، وهو ضابط سابق في الوحدات شبه العسكرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وقد عمل أيضاً في شركة Constellis - الشركة الأمّ لشركة بلاك ووتر العسكرية الخاصة. حتى الآن، لم تكشف مؤسّسة غزّة الإنسانية قائمة الجهات المانحة لها، ولم تفصح عن تقاريرها المالية، كما رفضت الإفصاح عن الحكومة التي قدّمت لها مائة مليون دولار تمويلاً أساسيّاً، رغم أن تقارير تفيد بأن التمويل مصدره الحكومة الإسرائيلية نفسها. أعلنت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في شهر يوليو الماضي، بعد وقوع مئات القتلى المبلّغ عنهم، أنها ستتبرّع بمبلغ 30 مليون دولار للمؤسّسة، وقد أُصدر هذا الدعم من دون مراجعات محاسبية معتادة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) أو التحقّق من الجهات المرتبطة بالإرهاب. وبالإضافة إلى توزيع الغذاء، تعمل المؤسّسة على مشروع بمليارات الدولارات لإنشاء "مخيّمات عبور" داخل غزّة وخارجها، تسوّقها تحت مسمّى "مناطق عبور إنسانية". وتشير تقارير إلى أن ثمّة مصالح استثمارية من القطاع الخاص متورّطة مالياً في عمليات المؤسّسة، ما يثير تساؤلاتٍ جدّية بشأن الدوافع التجارية الكامنة وراء عملية إيصال المساعدات. تمثّل هذه المحاذير تهديداً بتحويل الإغاثة الإنسانية إلى خدمة انتقائية مسيّسة بدلاً من أن تكون التزاماً قانونياً عالمياً قائماً على المبادئ الإنسانية؛ وكما أشارت المقرّرة الخاصّة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في فلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، فإن "الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل مستمرّة... لأنها تدرّ الأرباح لكثيرين". على ذلك، مؤسّسة غزّة الإنسانية كيان خاص مُسجَّل محلّياً، لا يتمتّع بأيّ صفة قانونية دولية، ولا يخضع لأيّ تفويض بموجب أيّ معاهدة. وعلى عكس الجهات الفاعلة الإنسانية التقليدية، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، تعمل هذه المؤسّسة خارج آليات التنسيق الإنساني المقرّرة، ويشغّلها التقاء الخدمات اللوجستية العسكرية والتمويل الخاصّ، بدلاً من المبادئ الإنسانية. هذا الحضور لشركات الأمن والخدمات اللوجستية الخاصّة، بما فيها تلك التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأجهزة العسكرية والاستخباراتية، يُرسي "منطقاً ربحياً يُعطي الأولوية للأمن" في بيئة يقتضيها القانون الدولي الإنساني غير معسكرة ومستقلّةً. ومع هذا، ليست "مؤسّسة غزّة الإنسانية" محصّنة عن القانون؛ إذ يفيد مبدأ التواطؤ المؤسّسي بأن الشركات قد تُعتبر مساهمة أو متواطئة في انتهاكات ترتكبها الدول. كذلك، ينصّ القانون الجنائي الدولي على أن التواطؤ المباشر يتطلّب مشاركة متعمدة، وهو أيضاً لا يشترط وجود نيّة لإلحاق الضرر، بل يكفي العلم بالآثار الضارة المتوقّعة. ومن الممكن القول إن الآثار الضارّة التي تلحق بالسكّان الفلسطينيين الذين يعانون من الجوع كانت متوقّعةً نتيجةً لطبيعة تصميم مؤسّسة غزّة الإنسانية وطريقة عملها. تبعاً لذلك، فإن أيّ كيان تجاري أو رجل أعمال يقدّم دعماً متعمّداً لدولة تنتهك القانون الدولي العرفي من شأنه أن يكون متواطئاً في هذا الانتهاك. ولا يُشترط أن يكون لدى الشريك المؤسّسي رغبة في ارتكاب الجريمة الأصلية حتى يُعد مسؤولاً، ومن ثمّ فإن الشركة أو المسؤول التنفيذي فيها قد يُعتبر متواطئاً في ارتكاب جرائم دولية إذا قرّر المشاركة من خلال تقديم المساعدة في تنفيذ الأفعال التي ترتكبها دولة إسرائيل؛ وكانت هذه المساعدة مساهمة في ارتكاب تلك الجرائم. ويُعد الدعم المباشر، سواء عبر المشاركة الفعلية أو توفير الوسائل الأساسية لتنفيذ الجريمة، أساساً لتحميل الأفراد المعنيين المسؤولية الجنائية الدولية. من هنا، فقد تضع طريقة تصميم مؤسّسة غزّة الإنسانية القائمين عليها وعملها تحت طائلة التواطؤ في جرائم دولية ترتكبها القوات الإسرائيلية. قُتل أكثر من ألف فلسطيني على يد القوات الإسرائيلية محاولين الوصول إلى مواقع التوزيع التابعة للمؤسّسة خاتمة قد يكون الوضع الراهن في غزّة بمثابة نقطة تحوّل للقانون الدولي الإنساني. الفشل في احترامه وفرض أحكامه قد يجرّ بنتائج ممتدّة الأثر في ما يتّصل بمستقبل الصراعات العسكرية. الحصار المتواصل، والمنع المتعمّد للغذاء، والوقود، والغوث الإنساني، تظهر قلّة اعتبار للقانون الدولي الإنساني منذرةً بالخطر. هي تكشف أيضاً أزمةً بنيويةً أعمق: انهيار الحياد في توفير الغوث الإنساني لمصلحة النموذج المخصخص والمُعسكر، ممثّلاً في حالة مؤسّسة غزّة الإنسانية؛ وهو ما من شأنه أن يقضم الحاجز الفاصل ما بين المساعدة الإنسانية والاستراتيجيا العسكرية. منع الإمدادات الغذائية التجارية، تدمير المرافق الزراعية، استبدال شبكات الغوث المحايد بالمبادرات الخاصّة المسيّسة، ذلك كلّه ينتهك الالتزامات الإنسانية، وكذلك يفكّك بشكل فعّال الدور الحمائيّ للقانون الدولي الإنساني. استخدام التجويع سلاحاً، وتعطيل المساعدات، واستهداف المدنيين في النقاط التي يتوفّر فيها الغذاء، ليست محضَ خيارات سياسية؛ بل جرائم حرب تقع تحت طائلة الملاحقة القضائية. زيادة على ذلك، فإن عمليات "مؤسّسة غزّة الإنسانية"، واستخدام متعاقدين أميركيين من القطاع الخاصّ وقوات أمن بصلات وثيقة مع الجيش الإسرائيلي، قد ترقى إلى التواطؤ في جرائم حرب وانتهاك القانون الدولي الإنساني. اليوم، تجري المساءلة القانونية على عدّة جبهات، من التحقيقات الجارية في المحكمة الجنائية الدولية بخصوص جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية المحتملة، إلى محاضر قضية الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية؛ وهذا يؤكّد وجود توافق متنامٍ على أن المعايير الدولية الجوهرية يجري انتهاكها على نطاق ممنهج. أبعد من المساءلة، تعرّي غزّة هشاشة عملية إنفاذ القانون على المستوى الدولي في الصراعات الحديثة. هي تثير تساؤلاً أساسيّاً حول ما إذا كانت المعايير الدولية، مهما بلغت من الرسوخ، قابلة للإفراغ من مضمونها عبر الوقائيّة السياسية، والتطبيق الانتقائي، والتنصّل من المسؤولية عبر إحالتها إلى طرف آخر. ضمن هذه السياق، فإن الأمر لا يتّصل باحترام وتطبيق الالتزامات الإنسانية فقط، بل مصداقية القانون الدولي نفسه وشرعيته. حينما يجري بشكل منهجي، وعواقب محدودة، انتهاك المعايير التأسيسية التي تحظر التجويع، العقاب الجماعي، واستهداف المدنيين، فإن ذلك يقوّض الادّعاء بأن القانون الدولي يعمل بوصفه تقنيناً عالميّاً لإعمال القوّة. حتى يظلّ القانون الدولي الإنساني إطاراً ذا معنى، فإن ذلك لا يعتمد على التناسق الفقهي فقط، في مضامينه، ولكن أيضاً على الرغبة السياسية والنزاهة المؤسّسية في إنفاذه بشكل متناسق، وبحيادية، ومن دون استثناء.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store