logo
شلقم: منطقتنا العربية تعيش حروباً دينية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى

شلقم: منطقتنا العربية تعيش حروباً دينية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى

الساعة 24١٢-٠٧-٢٠٢٥
قال عبد الرحمن شلقم وزير الخارجية ومندوب ليبيا الأسبق لدى مجلس الأمن الدولي إن ما تعيشه منطقتنا منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وصدور إعلان «وعد بلفور»، وتدفُّق الهجرات اليهودية إلى أرض فلسطين، التي وُضعت تحت الوصاية البريطانية، إلى قيام دولة إسرائيل سنة 1948، تجسيداً سياسياً وعسكرياً لعصارة مكثَّفة وُلِدت من رحم زمن قديم يتجدد، امتزجت فيه الأساطير الدينية بالمعاناة التي عاشها العبرانيون.
أضاف في مقال بصحيفة الشرق الأوسط اللندنية أن في الحرب العربية – الإسرائيلية الأولى، سنة 1948، هزم الكيان الوليد خمس دول عربية، واستولى على مساحة أكثر مما منحها له قرار التقسيم الدولي، وفي حرب يونيو 1967، هزمت إسرائيل، في أيام قليلة، ثلاث دول عربية، واحتلت مساحات كبيرة من أراضيها، وبدأ مسار آخر فوق خريطة الصراع الطويل: التطبيع مع الكيان الذي أعطاه العرب سنين طويلة عناوين ترفضه، وتبخرت الأحلام العربية، وتقاتَلَ العرب فيما بينهم، وتخلفت شعوبهم، وفق قوله.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل تكفي الإدانات الدولية لوقف المجاعة في غزة؟
هل تكفي الإدانات الدولية لوقف المجاعة في غزة؟

الوسط

timeمنذ 12 ساعات

  • الوسط

هل تكفي الإدانات الدولية لوقف المجاعة في غزة؟

Getty Images الجوع بات يفتك بالأطفال في غزة في الوقت الذي تؤكد فيه كل التقارير، على أن الجوع في غزة وصل إلى مستويات كارثية ، جاء البيان الصادر الإثنين 21 تموز/يوليو عن 27 دولة غربية، تتقدمها كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا واستراليا ليدعو إلى إنهاء الحرب في غزة "فورا"، ويحذر من المستويات التي وصلت لها معاناة المدنيين هناك. ودعا البيان الذي وقعت عليه، الدول السبع والعشرون "الأطراف والمجتمع الدولي، إلى التوحد في جهد مشترك، لإنهاء هذا النزاع المروع، عبر وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار". وفي معرض إبرازهم لمعاناة المدنيين في غزة، قال وزراء خارجية الدول الموقعة، إن "معاناة المدنيين في غزة، بلغت مستويات جديدة من العمق". وأدانوا "التقطير المتواصل للمساعدات، والقتل غير الإنساني للمدنيين، بمن فيهم الأطفال، أثناء محاولتهم تلبية احتياجاتهم الأساسية من الماء والغذاء". وأشارت الدول الموقعة على البيان، إلى أنه "من المروع أن يكون أكثر من 800 فلسطيني، قد قتلوا وهم يحاولون الحصول على مساعدة"، وأن "رفض الحكومة الإسرائيلية تقديم مساعدة إنسانية أساسية للمدنيين غير مقبول". جدوى الإدانات ويطرح صدور هذا البيان، تساؤلات عن جدوى الإدانات الدولية، في إيقاف الحرب الدائرة في غزة، إذ أنه ورغم أن عدد الدول الموقعة على البيان الأخير، يبدو كبيرا كما أن معظمها من بين حلفاء إسرائيل والولايات المتحدة الغربيين، إلا أن الثابت خلال الحرب الدائرة في غزة، منذ مايقارب العامين، هو أن الإدانات جميعها من هذا القبيل ذهبت أدراج الرياح. وبرأي العديد من المراقبين، فإن كل الإدانات من أي دولة من دول العالم ، لن تجدي نفعا، ما لم يتغير موقف الولايات المتحدة، وهي الحليف الدولي الأكبر والأقوى لإسرائيل، والقادرة على الضغط عليها لوقف الحرب. وعلى مدار الحرب الدائرة في غزة لقرابة العامين، فإن كل المحاولات لوقف الحرب عبر مجلس الأمن الدولي، اصطدمت بالفيتو الأمريكي، فقد استخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) ست مرات، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ، لإفشال مساعي مجلس الأمن، لوقف إطلاق النار في غزة، كان أخرها في الخامس من حزيران/يونيو الماضي. رفض وترحيب و كان لافتا أن الولايات المتحدة وإسرائيل، كانتا الدولتين الوحيدتين اللتين رفضتا البيان الأخير، الذي وقعته 27 دولة غربية، وطالبت فيه بوقف فوري للحرب في غزة، فقد وصفت الخارجية الإسرائيلية البيان ، بأنه "منفصل عن الواقع" ، وبأنه يرسل رسالة خاطئة إلى حماس". متهمة الحركة بإطالة أمد الحرب من خلال رفضها قبول اقتراح تدعمه إسرائيل لوقف مؤقت لإطلاق النار، وتبادل الأسرى. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، أورين مارمورشتاين، في منشور على منصة (إكس): "حماس هي الطرف الوحيد المسؤول عن استمرار الحرب والمعاناة على الجانبين". من جانبه رفض السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، في منشور له على منصة إكس، البيان الذي وقعه العديد من أقرب حلفاء الولايات المتحدة، ووصف هاكابي البيان بـ "المقزز ، قائلاً إنه كان ينبغي عليهم بدلاً من ذلك الضغط على "همج حماس". على المستوى العربي، رحبت كل من مصر والمملكة العربية السعودية، بالبيان الصادر عن الدول الغربية السبع والعشرين، والمطالب بإنهاء فوري للحرب في غزة. وأكدت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية، دعمها بشكل كامل لموقف الدول المنضمة للبيان الرافض لمقترح نقل السكان الفلسطينيين لما يسمى "مدينة إنسانية"، وموقفها الواضح من "رفض تهجير الفلسطينيين، باعتباره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني". كما رحبت بما تضمنه البيان من "رفض للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية وللعنف الذي يرتكبه المستوطنون الاسرائيليون". أما الخارجية السعودية فقد أعربت من جانبها عن ترحيبها بالبيان الدولي معقبة عليه بالقول : "ترحب المملكة العربية السعودية بالبيان الصادر عن 25 من الشركاء الدوليين، طالبوا بإنهاء الحرب على قطاع غزة بشكل فوري ورفع كافة القيود عن المساعدات الإنسانية وسرعة إيصالها بشكل آمن لسكان القطاع، وعبروا فيه عن رفض تغيير التركيبة السكانية في الأراضي المحتلة وتوسيع الاستيطان". تدهور إنساني موازي وبينما يجري ذلك على المستوىين الدبلوماسي والسياسي، تسجل الأوضاع الإنسانية في غزة، ترديا متواصلا يفوق حد الكارثة، وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قد أعرب عن شعوره بالجزع، إزاء التدهور المتسارع للأوضاع الإنسانية في القطاع، حيث "تنهار آخر شرايين الحياة التي تبقي الناس على قيد الحياة" – حسب قوله، مبديا استياءه من التقارير المتزايدة، التي تفيد بمعاناة الأطفال والبالغين من سوء التغذية. من جانبه أكد برنامج الأغذية العالمي، في بيان صحافي، له الاثنين 21 تموز/ يوليو، أن الوضع الإنساني في غزة بلغ مرحلة "غير مسبوقة من التدهور"، وناشد المجتمع الدولي الضغط على جميع الأطراف، لضمان وصول المساعدات إلى الأسر المُجَوّعة، داخل غزة بشكل آمن وبدون عوائق. وقال البرنامج إن نحو 90 ألف طفل وامرأة، يعانون من سوء تغذية حادّ، فيما يُحرم نحو ثلث الفلسطينيين من الطعام لأيام متتالية، معربا عن قلقه العميق إزاء اعتداء القوات الإسرائيلية على منتظري المساعدات. وكانت منظمة الـ (يونيسف)، قد قالت في نفس اليوم ، إن الناس يموتون من الجوع في غزة، مشيرة إلى أن "سوء التغذية المميت بين الأطفال، يصل إلى مستويات كارثية، وأن الغذاء في القطاع شحيح بشكل خطير والمياه النظيفة دون مستوى الطوارئ". وتابعت: "المساعدات مقيدة بشدة في قطاع غزة والوصول إليها محفوف بالمخاطر، ويجب السماح للأمم المتحدة بتقديم جميع أنواع المساعدات على نطاق واسع للأسر في غزة أينما كانت". كيف ترون البيان الأخير الذي وقعته 25 دولة ويطالب بوقف فوري للحرب في غزة؟ هل يمكن أن تقنع بيانات وإدانات من هذا القبيل إسرائيل بوقف الحرب؟ وكيف ترون وصف إسرائيل للبيان بأنه منفصل عن الواقع؟ ولماذا وصف السفير الأمريكي لدى اسرائيل البيان بالـ "مقزز"؟ لماذا اقتصر رد الفعل العربي على ترحيب دولتين بالبيان؟ هل يمكن لأي جهد دولي أن يوقف الحرب في غزة دون إرادة أمريكية؟ وكيف ترون تضاؤل دور المنظمات الدولية في حل هذا النزاع؟ سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 23 تموز/ يوليو خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989. إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: أو عبر تويتر على الوسمnuqtqt_hewar@ كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب

فنوش: لا أستبعد إقدام حكومة الدبيية على أي شيء للبقاء في السلطة
فنوش: لا أستبعد إقدام حكومة الدبيية على أي شيء للبقاء في السلطة

الساعة 24

timeمنذ 3 أيام

  • الساعة 24

فنوش: لا أستبعد إقدام حكومة الدبيية على أي شيء للبقاء في السلطة

فنوش: لا أستبعد إقدام حكومة الدبيية على أي شيء للبقاء في السلطة قال الكاتب والباحث السياسي عبد الحكيم فنوش إنه لا يستطيع الجزم بحقيقة إجراء محادثات ليبية إسرائيلية بشأن ترحيل فلسطينيين. وفي الوقت نفسه، لم يستبعد فنوش في تصريح لصحيفة «الشرق الأوسط» إقدام حكومة الدبيية على فعل أي شيء من أجل البقاء في السلطة. وكشف رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي ديفيد بارنيا لمبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف إن إسرائيل تتحدث على وجه الخصوص مع إثيوبيا وإندونيسيا وليبيا، لاستقبال مئات الآلاف من الفلسطينيين من غزة. واقترح برنياع أن تقدم الولايات المتحدة حوافز لتلك الدول وتساعد إسرائيل في إقناعها، بحسب ما نشره موقع أكسيوس الأمريكي أمس الجمعة.

من هو قائد الثورة السورية الكبرى ورمز الكفاح ضد الاستعمار؟
من هو قائد الثورة السورية الكبرى ورمز الكفاح ضد الاستعمار؟

الوسط

timeمنذ 4 أيام

  • الوسط

من هو قائد الثورة السورية الكبرى ورمز الكفاح ضد الاستعمار؟

Facebook مع تدهور الوضع في السويداء وهي المنطقة التي يتركز فيها الدروز بجنوب سوريا بعد التصعيد بين قوات الحكومة السورية وعشائر بدوية من جهة وعناصر درزية من جهة أخرى، برز اسم سلطان باشا الأطرش على الساحة من جديد، فقد خرج من كتب التاريخ ليذكر الجميع بالدور الذي لعبه في تاريخ سوريا. وتقول دائرة المعارف البريطانية إن الزعيم الدرزي سلطان الأطرش قاد في عام 1925 ثورةً ضد الحكم الفرنسي، وبعد نجاحها المحلي، انضم إليها قوميون سوريون من خارج الطائفة الدرزية، فانتشرت الثورة في جميع أنحاء المنطقة وصولًا إلى دمشق قبل إخمادها عام 1927، ويعتبر السوريون هذه الثورة أول انتفاضة وطنية في تاريخ البلاد. البدايات والاحتلال الفرنسي Getty Images السيدة في الصورة هي زوجة ويليام سيبروك، وهو مراسل صحفي أمريكي كتب سلسلة مقالات عن الثورة ضد الفرنسيين في سوريا، وعن يمينها علي بك الأطرش، وعن يسارها مصطفى بك الأطرش، وهما شقيقا سلطان باشا، قائد الثورة ضد الفرنسيين وُلد سلطان باشا الأطرش في 5 مارس/ آذار من عام 1891 في بلدة القريّا الواقعة جنوب سوريا، ضمن منطقة جبل الدروز (التي تُعرف اليوم بجبل العرب)، في عائلة عريقة تنتمي إلى الطائفة الدرزية، وكان والده، ذوقان الأطرش، زعيماً محلياً قاد معارك ضد العثمانيين، وأُعدم شنقاً عام 1911. وهكذا، شهدت طفولة سلطان باشا الأطرش أحداثاً سياسية مضطربة، إذ كانت سوريا تحت الحكم العثماني، وشهدت المنطقة توترات قبلية وصراعات بين الزعامات المحلية، ما أسهم في تشكّيل وعيه السياسي المبكر. وقبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، انضم إلى الجيش العثماني وحارب في البلقان حتى أنه حصل على لقب "باشا" من السلطات العثمانية تقديراً لخدماته. وبعد أنتهاء خدمته كانت الحرب العالمية الأولى قد وضعت أوزارها، فعاد إلى الشام للتصدي للوجود الفرنسي والبريطاني حيث بدأ ينشط في الاتصال بالحركات العربية، وكان سلطان الأطرش أول من رفع علم الثورة العربية على أرض الشام قبل دخول جيش الملك فيصل بن الحسين، حيث رفعه على داره في القرياّ. كما كان في طليعة الثوار الذين دخلوا دمشق سنة 1918، وقد رفع العلم العربي في ساحة المرجة فوق دار الحكومة بدمشق الأمر الذي نال على إثره لقب "باشا" في الجيش العربي من الملك فيصل تقديرا لشجاعته، وذلك بحسب موقع سلطان الأطرش دوت أورغ. وفي مارس/ آذار من عام 1920 تم الإعلان عن قيام مملكة سوريا الكبرى التي حكمها فيصل بن الحسين، وقد رفضت فرنسا وبريطانيا الاعتراف بالدولة الوليدة وقررتا في أبريل/ نيسان من من عام 1920 خلال مؤتمر سان ريمو المنعقد في إيطاليا تقسيم البلاد إلى 4 مناطق تخضع بموجبها سوريا ولبنان للانتداب الفرنسي وشرق الأردن وفلسطين للانتداب البريطاني، وإن كان لبنان ومعه الساحل السوري وكذلك فلسطين لم تدخل عسكرياً تحت حكم المملكة السورية نظرًا لوجود جيوش الحلفاء فيها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى. وسرعان ما انتهت المملكة السورية في 24 يوليو/ تموز من عام 1920، ففي ذلك اليوم وقعت معركة ميسلون بين الجيش العربي بقيادة يوسف العظمة وزير الدفاع والقوات الفرنسية، وكان سلطان الأطرش قد جهز قوات لنجدة العظمة، لكنه وصل بعد هزيمة الجيش العربي ومقتل العظمة. وقد حاول الأطرش إقناع الملك فيصل بالتحصن في جبل العرب لمواصلة المقاومة، لكن فيصل غادر سوريا. Getty Images جلس فيصل بن الحسين على عرش سوريا عدة أشهر فقط عمل الانتداب الفرنسي على تقسيم سوريا لدويلات على أساس طائفي عام 1921 ، وتوصل الفرنسيون لمعاهدة مع زعماء الدروز قضت بإنشاء وحدة إدارية مستقلة خاصة للجبل، مقابل اعتراف الدروز بالانتداب الفرنسي، وعُيِّن سليم الأطرش حاكما للجبل بموجب هذا الاتفاق. ومن جانبه، عارض سلطان الأطرش بشدة فكرة إنشاء دولة درزية مستقلة، رافضًا مخططات الفرنسيين لتقسيم سوريا إلى دويلات طائفية، وقد قال في هذا الإطار:"قطّعت سوريا إربا إربا، وحكمت حكماً استعمارياً محضاً جعل السوريين يترحمون على زمن الأتراك"، وذلك بحسب حسن أمين البعيني في كتابه "سلطان باشا الأطرش والثورة السورية الكبرى". وفي عام 1922، تصاعدت التوترات مع الفرنسيين بعد اعتقالهم للمقاوم اللبناني أدهم خنجر، الذي أراد أن يحتمي بدار سلطان الأطرش، فقاد سلطان معركة تل الحديد ضد القوات الفرنسية، محققًا انتصاراً وأسر جنوداً فرنسيين، وقد وافق الفرنسيون على إطلاق سراح خنجر مقابل الأسرى، لكنهم أعدموه لاحقاً ودمروا منزل سلطان في القريا. وردًا على ذلك، قاد الأطرش حرب عصابات ضد الفرنسيين، فكانت هذه انتفاضته الأولى التي دامت 9 أشهر خلال عام 1922 وذلك رفضاً للاستعمار وتكريساً لتقاليد العرب في حماية الضيف، فحكم عليه الفرنسيون بالإعدام، فلجأ إلى الأردن، ولما عجز الفرنسيون عن القبض عليه، أصدروا عفواً عنه وعن جماعته، فعاد إلى السويداء في 5 أبريل/ نيسان من عام 1923 حيث استُقبِلَ استقبالاً شعبياً كبيراً، وذلك بحسب مقال ريم منصور سلطان الأطرش المنشور في موقع مؤسسة الدراسات العلمية. ولكن لم تهدأ الأوضاع بعد عودته، فبعد وفاة سليم الأطرش مسموما في دمشق عام 1924، خالف الفرنسيون اتفاقهم السابق بتعيين درزي حاكما للجبل، وعيّنوا الكابتن كاربييه حاكما للجبل، والذي مارس سياسة قمعية ضد الأهالي. وفي كتاب "مذكرات الكابتن كاربييه في جبل العرب" يصف كاربييه سلطان باشا بأنه الرجل الوحيد القادر إما على تهدئة جبل العرب أو إشعاله، مشيرا إلى أن الفرنسيين اعتبروا جبل الدروز المكان الوحيد في سورية الذي قد يفتح لهم أزمة حقيقية الثورة السورية الكبرى اندلعت الثورة السورية الكبرى في 21 يوليو/ تموز من عام 1925، بقيادة سلطان باشا الأطرش، كرد فعل على سياسات الانتداب الفرنسي القمعية، بما في ذلك تعيين الكابتن كاربييه حاكمًا على جبل العرب. وكان الدروز قد قدموا وثيقة في 6 يونيو/ حزيران من عام 1925 يطالبون فيها بتعيين حاكم درزي، لكن المفوض الفرنسي ساراي طرد الوفد، مما أشعل الثورة. وفي 23 يوليو/ تموز من عام 1925 انتصر الثوار بقيادة سلطان باشا على الفرنسيين في معركة الكفر. وحول هذه المعركة، قال فلاديمير لوتسكي في كتابه "الحرب الوطنية التحررية في سوريا 1925-1927": "في معركة الكفر قاد سلطان باشا الأطرش هجومًا خاطفًا ضد الحملة الفرنسية بقيادة الكابتن نورمان، ورغم التفوق العددي الفرنسي، نجح الأطرش وثواره، وعددهم لا يتجاوز 200، في إلحاق هزيمة ساحقة بالفرنسيين، وقُتل نورمان وعدد كبير من جنوده، وعندها أدرك الفرنسيون أن مقاومة الثوار في جبل العرب لا يُستهان بها". وبعد هذا النصر، تصاعد الزخم الشعبي بالتعاطف مع الثورة، وكانت معركة المزرعة في 2 أغسطس/ آب من عام 1925 حيث واجه حوالي 500 ثائر بزعامة الأطرش حملة فرنسية ضخمة قوامها 3.500 جندي، ورغم الفارق الكبير في العدد والعتاد، تمكن الثوار من تحقيق انتصار كبير وصل صداه إلى البرلمان الفرنسي. وفي كتابه "الثورة السورية الوطنية: مذكرات الدكتور عبد الرحمن شهبندر" يقول في أعقاب معركة المزرعة في صيف عام 1925، اجتمعت مع القائد العام سلطان باشا الأطرش وعدد من الزعماء الوطنيين في جبل العرب، لبحث توسيع نطاق المقاومة وتحويلها إلى ثورة وطنية شاملة ضد الاستعمار الفرنسي". "وفي اجتماعنا التاريخي بعد انتصار المزرعة، تقرّر أن تُعلن الثورة في كل أنحاء سوريا، كانت القيادة العامة للثورة في يد المجاهد سلطان باشا الأطرش، وأنيط بي الشأن السياسي والدبلوماسي، وشُكلت لجان للإعلام والدعاية وتنظيم التحركات في الداخل والخارج، واتخذنا القرار بالإجماع، ولم يكن أحدنا يطلب مجدًا شخصيًا، بل كنا ننشد الخلاص لسوريا من الاحتلال، ولو كلفنا ذلك حياتنا". "ورفع سلطان باشا صوته قائلًا: لن أقبل أن تبقى الثورة حكرًا على الجبل، سوريا واحدة وثورتها واحدة، إن لم يتحرك إخواننا في دمشق وحلب، فنحن من سيسير إليهم، فكان ذلك الإعلان لحظة فاصل بين مقاومة محلية وثورة وطنية". Getty Images الدفاع عن قلعة راشيا في جبل الدروز خلال الثورة السورية الكبرى عام 1925 وفي هذا الاجتماع صدر نداء رسمي إلى الشعب السوري، يدعو فيه السوريين في كل المدن للالتحاق بالثورة، والتأكيد على أن ما بدأه أبناء جبل العرب يجب أن يعمّ كامل البلاد. وقد شكل هذا الحدث لحظة مفصلية في تاريخ سوريا الحديث، حيث تحوّل الحراك من ثورة محلية في جبل العرب إلى ثورة وطنية جامعة ضد الاستعمار، بقيادة سلطان باشا الأطرش. وأظهر سلطان باشا قدرة عالية على الحشد والتنظيم العسكري، حيث شكّل كتائب مقاتلة اعتمدت على حرب العصابات، واستفاد من تضاريس الجبل في التصدي لحملات الفرنسيين، وكان لشخصيته الكاريزمية دور كبير في جذب المتطوعين من مختلف المناطق السورية، ما جعل الثورة تمثّل وحدة وطنية نادرة بين الطوائف والمذاهب والمناطق. لكن أدى ضعف تسليح الثوار في النهاية إلى هزيمتهم، وأصدر الفرنسيون حكم إعدام بحق سلطان، مما اضطره للجوء إلى شرق الأردن وشمال الجزيرة العربية عام 1927. وفي كتاب "أحداث الثورة السورية الكبرى كما سردها قائدها العام سلطان باشا الأطرش 1925-1927"، وهو الكتاب الذي راجعه وصححه منصور سلطان الأطرش، يوثق سلطان باشا الأطرش التحديات اللوجستية والإنسانية التي واجهتها الثورة، مشيراً إلى شح الموارد والأسلحة مقارنة بالقوات الفرنسية. ويروي كيف اعتمد الثوار على العزيمة والتضحيات، مستغلين معرفتهم بالتضاريس الجبلية لشن هجمات خاطفة، مثل معركة المسيفرة في سبتمبر/ أيلول من عام 1925، والتي ألحقت خسائر فادحة بالاحتلال. وفي عام 1929 نظم سلطان الأطرش مؤتمر الصحراء لمناقشة القضية السورية، مواصلًا التنسيق مع الوطنيين. وقد عاد سلطان إلى سوريا في عام 1937 بعد العفو الفرنسي الذي أعقب توقيع معاهدة 1936 التي نصت على استقلال سوريا،، واستُقبل استقبال الأبطال في دمشق، حيث اصطف آلاف المواطنين لتحيته. استمرار النضال Facebook تعرض سلطان باشا الأطرش خلال حكم أديب الشيشكلي في الخمسينيات من القرن العشرين لمضايقات لم يتوقف نضال سلطان الأطرش عند الثورة السورية الكبرى، ففي عام 1945، قاد مع الأمير حسن الأطرش عمليات لطرد الفرنسيين من جبل العرب، مما جعل السويداء من أوائل المناطق المحررة، وردت فرنسا بقصف دموي استهدف دمشق والسويداء، لكن ذلك عجل بانسحابها. وبعد الاستقلال في عام 1946، اعتبر السوريون سلطان باشا الأطرش أحد رموز النضال الوطني، لكنه لم يطمح لأي منصب حكومي أو حزبي، وفضّل الحياة الريفية البسيطة في مسقط رأسه، حيث بقي على اتصال دائم بالشأن العام من خلال زياراته إلى دمشق ولقاءاته مع المسؤولين والفعاليات الوطنية. وفي عام 1948، دعا سلطان إلى تشكيل جيش عربي موحد لتحرير فلسطين فتطوع المئات من الدروز ولقي 80 منهم حتفهم في الحرب. ولم يخفِ سلطان باشا مواقفه المعارضة للانقلابات العسكرية التي شهدتها سوريا، بدءًا من انقلاب حسني الزعيم عام 1949، وتعرض خلال حكم أديب الشيشكلي في الخمسينيات من القرن العشرين لمضايقات بسبب معارضته للديكتاتورية، مما دفعه للجوء إلى الأردن عام 1954. وعاد إلى سوريا بعد سقوط الشيشكلي، مواصلًا دعمه للوحدة العربية حيث بارك الوحدة بين سوريا ومصر، ووقف ضد الانفصال عام 1961، وقد رفض سلطان عروض السلطة، مؤمنًا بمبدأ "الدين لله والوطن للجميع"، مما جعله رمزًا للزهد في السلطة. الوفاة والإرث توفي سلطان باشا الأطرش في 26 مارس/آذار من عام 1982 عن عمر ناهز 91 عاماً، وعمّ الحزن مختلف أنحاء سوريا، وشارك في جنازته الآلاف من المواطنين، بينهم وفود رسمية وشعبية من جميع المحافظات، في مشهد أجمع المراقبون على أنه جسّد وحدة الشعب السوري حول رموزه التاريخية. وقد ألقى الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد نظرة الوداع على جثمان سلطان باشا الأطرش في بلدة القريا مع رجال الدولة السورية. وأصدر حافظ الأسد رسالة حداد شخصية تنعي القائد العام للثورة السورية الكبرى، وأطلق اسمه على ساحة في السويداء، كما أصدر الأسد أمراً بإنشاء صرح يخلد شهداء الثورة السورية الكبرى ويضم رفات قائدها العام في بلدة القريا مقابل دار سلطان باشا الأطرش. ويوم تشييعه، منحه رئيس لبنان آنذاك الياس سركيس وسام الأرز اللبناني، ودشن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات نصباً تذكارياً في مدينة رام الله تحية وفاء إلى شهداء الحامية الدرزية التي أرسلها سلطان باشا الأطرش للدفاع عن فلسطين، والذين سقطوا قرب نابلس. وهكذا، بقي سلطان باشا حياً في الذاكرة الوطنية السورية، إذ أُطلق اسمه على شوارع ومدارس وساحات في مختلف أنحاء البلاد، وأُقيم له تمثال في مدخل بلدة القريّا. Facebook ضريح سلطان باشا الأطرش في بلدة القريا ولا يقتصر إرث سلطان باشا الأطرش على كونه قائدًا عسكريًا، بل هو رمز سياسي وثقافي ووطني جسّد تطلعات الشعب السوري في الحرية والاستقلال. وقد كرّس حياته من أجل الدفاع عن استقلال سوريا ووحدة أراضيها، ورفض الاستعمار بكل أشكاله، فكان صوته صادقًا ومواقفه ثابتة، لا تتغير حسب المصالح أو التحالفات، وهو ما جعل ذكراه محفوظة في ضمير الأجيال السورية والعربية. وبعد وفاته، بدأ الجيل الجديد من السوريين يتعرف على سلطان باشا الأطرش من خلال الكتب المدرسية والمناهج الوطنية، حيث حرصت وزارة التربية والتعليم على إدراج سيرته في مناهج التاريخ، وتقديمه كأحد أبرز قادة النضال ضد الاستعمار. ويُعد سلطان باشا مثالاً على التوازن بين الخصوصية الثقافية والانتماء الوطني، إذ لم ينكر هويته الدرزية، بل عبّر عنها بفخر، لكنه في الوقت نفسه قاوم أي محاولة لفصل الجبل عن سوريا، معتبرًا أن استقلال سوريا لا يكتمل إلا بوحدتها الكاملة. وبهذا، فإن سلطان باشا الأطرش لم يكن مجرد قائد ثوري، بل كان مشروعًا وطنيًا متكاملًا، يربط بين الماضي القَبَلي والحاضر الوطني، وبين الدين والوطن، وبين الكفاح العسكري والبُعد الأخلاقي، وهو ما جعل ذكراه عصية على النسيان رغم تغيّر الأنظمة والسياسات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store