
في جنوب شرق آسيا.. التجارة تتوضأ بالابتكار
كما تتطهّر الأرواح مع أولى نفحات رمضان، تغتسل الأسواق من ركودها، متوضئة بموجات من الإنفاق المتجدد، تغذيها طقوس الشهر الفضيل. في جنوب شرق آسيا، حيث تتقاطع العادات الإسلامية مع النمو الرقمي، تشهد الأسواق انفجارًا في الطلب على المنتجات الرمضانية، من التمور والعطور العربية، إلى الأزياء الإسلامية والزينة الاحتفالية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن للمتاجر الخليجية، الممتلئة بخيرات الشرق وروائح الصحراء، أن تجد لنفسها موطئ قدم ثابتًا في هذا السوق الرقمي الصاخب؟
تشير الأرقام إلى أن متاجر إلكترونية في المنطقة مثل Shopee وLazada تحقق ارتفاعًا استثنائيًّا في مبيعات المنتجات الرمضانية، حيث تسجل Shopee في إندونيسيا وحدها زيادة بنسبة 30 % في المبيعات خلال الشهر الفضيل وفقًا لتقرير صادر عن مجموعة iPrice الاقتصادية، كما أن Lazada شهدت نموًّا لافتًا في ماليزيا، مع تصاعد الطلب على المنتجات ذات الطابع الإسلامي، من الأثواب التقليدية إلى الأدوات المطبخية المستخدمة في تحضير وجبات الإفطار. هذه الطفرة ليست عابرة، بل هي نتاج استراتيجيات تسويقية دقيقة، تستهدف الجاليات المسلمة عبر خوارزميات تفهم احتياجاتهم ورغباتهم المتغيرة.
في المقابل، تمتلك المتاجر الخليجية ثروة من المنتجات التي تعانق وجدان المستهلك المسلم، لكنها لم تستثمر بعد في الديناميكيات الرقمية لهذه الأسواق. فالتمور التي يراها الإندونيسيون والماليزيون طعامًا مباركًا، لا تزال تُباع عبر قنوات تقليدية، رغم أن حجم الطلب الإلكتروني عليها تضاعف خلال السنوات الخمس الماضية، بحسب تقرير مؤسسة Statista. كذلك، العطور العربية، التي تشكّل رمزًا للهوية الإسلامية، لم تحقق انتشارها المستحق عبر المنصات الرقمية الإقليمية، بينما تنتشر منتجات عالمية أقل جودة ولكن أكثر تكيفًا مع السوق الرقمية.
إن تحقيق النجاح يتطلب من الشركات الخليجية تبني استراتيجيات محلية، بدءًا من الدخول عبر المتاجر الإلكترونية الإقليمية بدلًا من الاعتماد فقط على المنصات العالمية، وصولًا إلى تكييف طرق التسويق بحيث تستجيب لتفضيلات المستهلكين المحليين. فمثلًا، الاستفادة من التسويق عبر المؤثرين في إندونيسيا، حيث يشكّل 90 % من المستهلكين قراراتهم بناءً على توصيات المشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يكون مفتاحًا للاختراق السوقي الناجح.
إن الطريق إلى النجاح في الأسواق الرقمية لا يمر عبر المسارات التقليدية وحدها، بل يتطلب وضوءًا متجددًا بالابتكار، وانغماسًا عميقًا في ديناميكيات العصر الرقمي. فالأسواق لم تعد ميادين مفتوحة لمن يملك أفضل المنتجات فحسب، بل لمن يجيد تسويقها وفق أدوات التكنولوجيا الحديثة.
على المتاجر الخليجية أن تتجاوز حدودها الجغرافية، وتعبر الجسور الرقمية نحو جنوب شرق آسيا، مستفيدة من المنصات المحلية، ومستندة إلى استراتيجيات تسويقية مدروسة تستهدف المستهلك وفق نمط استهلاكه الموسمي وسلوكياته الشرائية المتغيرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار الخليج
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- أخبار الخليج
فوربس تختار سارة بوحجي ضمن أبرز قادة السياحة في القطاع الحكومي في الشرق الأوسط لعام 2025
اختارت مجلة «فوربس» الشرق الأوسط سارة بوحجي الرئيس التنفيذي لهيئة البحرين للسياحة والمعارض ضمن قائمة أبرز قادة السياحة في القطاع الحكومي في الشرق الأوسط لعام 2025، إذ سلطت الضوء على بعض القادة الحكوميين الأكثر تأثيرًا في المنطقة، ممن يسهمون في جذب الزوار إلى هذه الوجهات. وذكرت المجلة أن بوحجي تشغل منصبها الحالي منذ عام 2024، لافتة إلى أنه خلال الفترة من نوفمبر 2024 إلى أبريل 2025 سجّل موسم السفن السياحية في البحرين 37 سفينة سياحية وافدة و140100 سائح، ما يمثل نموا بنسبة 15 % مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفقا لبيانات الهيئة. وأشارت المجلة إلى أن الإيرادات السنوية المتوقعة لقطاع السفر والسياحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقدر بنحو 39.57 مليار دولار في عام 2025 بحسب بيانات ( Statista ) بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 6.19 % ، لتبلغ 50.32 مليار دولار بحلول عام 2029.


البلاد البحرينية
٢٢-٠٤-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
"التجارة العالمية" تكشف حجم استفادة دول الشرق الأوسط من الحرب التجارية
أشارت توقعات حديثة لمنظمة التجارة العالمية، استفادة كبيرة لدول الشرق الأوسط من الفراغ السلعي الذي ستسببه الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وبحسب التقرير الذي شاركته "Statista"، واطلعت عليه "العربية Business"، فإن صادرات دول الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة قد ترتفع بنسبة 22% خلال عام 2025. على الجانب الآخر، قد تواجه أسواق المنطقة المزيد من الضغط من عروض السلع الصينية والتي كانت مخصصة للولايات المتحدة، ما قد يرفع الواردات الصينية إليها بنحو 6% خلال العام الجاري. يأتي ذلك، فيما من المتوقع أن تنخفض الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بنسبة 77% في عام 2025. في الوقت نفسه، من المتوقع أن تزداد الواردات الصينية إلى جميع الأسواق الأخرى، مع توقع نمو بقية أسواق أميركا الشمالية بنسبة 25%. ومن المتوقع أن تشهد أميركا الجنوبية زيادة بنسبة 9% في الواردات الصينية هذا العام، بينما من المتوقع أن تشهد جميع الأسواق الأخرى زيادات في الواردات تتراوح بين 4% و6%. ويشير الرسم البياني التالي، والذي أعدته "Statista"، كيف يُتوقع أن تُغير الدول والمناطق صادراتها إلى الولايات المتحدة في عام 2025. بعد الصين، من المتوقع أن تكون أوروبا هي الأكثر انخفاضاً في صادرات البضائع إلى الولايات المتحدة (-8 نقاط مئوية) وبقية أسواق أميركا الشمالية (-7 نقاط مئوية)، تليها أميركا الجنوبية (-4 نقاط مئوية) والشرق الأوسط (-2 نقاط مئوية). بينما من المتوقع أن تزيد منطقة رابطة الدول المستقلة من صادراتها، وهو ما تُرجّح منظمة التجارة العالمية أنه مرتبطٌ بشكلٍ رئيسي بإعفاءات الموارد الطبيعية. ومن المتوقع أن تزيد مجموعة الدول الأقل نمواً، بالإضافة إلى آسيا (باستثناء الصين)، صادراتها إلى الولايات المتحدة، مما يُرجّح أن يُسهم في سدّ بعض الفراغ الناجم عن الانخفاض المفاجئ في صادرات الصين إليها نتيجةً لارتفاع الرسوم الجمركية الصينية. ويشير هذا إلى أن تراجع الحضور الصيني في الولايات المتحدة سيُتيح فرصاً تصديريةً إضافيةً للاقتصادات الأخرى.


البلاد البحرينية
٠٨-٠٣-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
في جنوب شرق آسيا.. التجارة تتوضأ بالابتكار
كما تتطهّر الأرواح مع أولى نفحات رمضان، تغتسل الأسواق من ركودها، متوضئة بموجات من الإنفاق المتجدد، تغذيها طقوس الشهر الفضيل. في جنوب شرق آسيا، حيث تتقاطع العادات الإسلامية مع النمو الرقمي، تشهد الأسواق انفجارًا في الطلب على المنتجات الرمضانية، من التمور والعطور العربية، إلى الأزياء الإسلامية والزينة الاحتفالية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن للمتاجر الخليجية، الممتلئة بخيرات الشرق وروائح الصحراء، أن تجد لنفسها موطئ قدم ثابتًا في هذا السوق الرقمي الصاخب؟ تشير الأرقام إلى أن متاجر إلكترونية في المنطقة مثل Shopee وLazada تحقق ارتفاعًا استثنائيًّا في مبيعات المنتجات الرمضانية، حيث تسجل Shopee في إندونيسيا وحدها زيادة بنسبة 30 % في المبيعات خلال الشهر الفضيل وفقًا لتقرير صادر عن مجموعة iPrice الاقتصادية، كما أن Lazada شهدت نموًّا لافتًا في ماليزيا، مع تصاعد الطلب على المنتجات ذات الطابع الإسلامي، من الأثواب التقليدية إلى الأدوات المطبخية المستخدمة في تحضير وجبات الإفطار. هذه الطفرة ليست عابرة، بل هي نتاج استراتيجيات تسويقية دقيقة، تستهدف الجاليات المسلمة عبر خوارزميات تفهم احتياجاتهم ورغباتهم المتغيرة. في المقابل، تمتلك المتاجر الخليجية ثروة من المنتجات التي تعانق وجدان المستهلك المسلم، لكنها لم تستثمر بعد في الديناميكيات الرقمية لهذه الأسواق. فالتمور التي يراها الإندونيسيون والماليزيون طعامًا مباركًا، لا تزال تُباع عبر قنوات تقليدية، رغم أن حجم الطلب الإلكتروني عليها تضاعف خلال السنوات الخمس الماضية، بحسب تقرير مؤسسة Statista. كذلك، العطور العربية، التي تشكّل رمزًا للهوية الإسلامية، لم تحقق انتشارها المستحق عبر المنصات الرقمية الإقليمية، بينما تنتشر منتجات عالمية أقل جودة ولكن أكثر تكيفًا مع السوق الرقمية. إن تحقيق النجاح يتطلب من الشركات الخليجية تبني استراتيجيات محلية، بدءًا من الدخول عبر المتاجر الإلكترونية الإقليمية بدلًا من الاعتماد فقط على المنصات العالمية، وصولًا إلى تكييف طرق التسويق بحيث تستجيب لتفضيلات المستهلكين المحليين. فمثلًا، الاستفادة من التسويق عبر المؤثرين في إندونيسيا، حيث يشكّل 90 % من المستهلكين قراراتهم بناءً على توصيات المشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يكون مفتاحًا للاختراق السوقي الناجح. إن الطريق إلى النجاح في الأسواق الرقمية لا يمر عبر المسارات التقليدية وحدها، بل يتطلب وضوءًا متجددًا بالابتكار، وانغماسًا عميقًا في ديناميكيات العصر الرقمي. فالأسواق لم تعد ميادين مفتوحة لمن يملك أفضل المنتجات فحسب، بل لمن يجيد تسويقها وفق أدوات التكنولوجيا الحديثة. على المتاجر الخليجية أن تتجاوز حدودها الجغرافية، وتعبر الجسور الرقمية نحو جنوب شرق آسيا، مستفيدة من المنصات المحلية، ومستندة إلى استراتيجيات تسويقية مدروسة تستهدف المستهلك وفق نمط استهلاكه الموسمي وسلوكياته الشرائية المتغيرة.