
أشعة كونية تصيب جسدك كل ثانية.. مصدرها قد يكون نجما محتضرا
لا تترك الأشعة الكونية عالية الطاقة التي تخترق أجسادنا بانتظام أثرا مرئيا أو ألما محسوسا، لكن وجودها أصبح حقيقة، وكان الاختلاف بين العلماء في تحديد مصدرها، غير أن دراسة جديدة ترجح أن يكون مصدرها نجوما عملاقة في لحظاتها الأخيرة قبل الانفجار.
والأشعة الكونية هي جسيمات دون ذرية، معظمها من البروتونات، تسافر بسرعات هائلة عبر الفضاء، وتصل بعضها إلى طاقة تفوق مليون مليار إلكترون فولت، وهي طاقة أعلى بألف مرة من تلك التي تنتجها أقوى وأكبر آلة في العالم لتسريع الجسيمات، وهي مصادم الهادرونات الكبير، الذي يوجد في نفق دائري ضخم تحت الأرض، بطول 27 كيلومترا، على الحدود بين فرنسا وسويسرا.
وعلى الرغم من أن الغلاف الجوي والمجال المغناطيسي للأرض يمتصان أغلب هذه الأشعة الكونية، إلا أن بعضها يتمكن من الوصول إلى سطح الأرض، بل وحتى إلى أجسادنا.
ويتعرض الجسم لجسيم واحد كل ثانية، لكنه لا يشعر به ولا يتأثر به لأن الجرعة الإشعاعية منخفضة جدا، حيث قدرتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، بمعدل سنوي يقدر بـ 0.33 ملي سيفرت، أي ما يعادل تقريبا ثلاثة فحوصات بالأشعة السينية للصدر.
ولولا المجالات المغناطيسية والغلاف الجوي على سطح الأرض، لوصلت أجسامنا كميات كبيرة من الأشعة الكونية، لكن ما يصل هو كمية ضئيلة جدا، لا تشكل خطرا صحيا على الإنسان العادي.
شرط أساسي قبل الانفجار
ولطالما اشتبه العلماء بأن المستعرات العظمى (انفجار النجوم الضخمة في نهاية حياتها) هي مصدر هذه الأشعة القوية، فالانفجار يخلق بيئة مثالية تتكون من طاقة هائلة، جسيمات أولية، وحقول مغناطيسية قادرة على تسريع هذه الجسيمات إلى سرعات مذهلة.
لكن المفاجأة كانت أن بقايا المستعرات القريبة، مثل "كاسيوبيا أ" أو "تايخو"، لم تُظهر ما يكفي من الطاقة لتفسير الأشعة الكونية الشديدة التي نراها.
وفي دراسة جديدة ستظهر في مجلة "أسترونومي آند أستروفيزيكس"، ونشرت نسخة ما قبل الطبع على منصة"أركايف"، أعاد باحثون النظر في "نظرية السوبرنوفا"، ووجدوا أن هذه النجوم لا تتحول إلى مصادر فائقة للطاقة إلا إذا فقدت كمية ضخمة من كتلتها قبل الانفجار، تحديدا ما لا يقل عن كتلة نجمين مثل شمسنا.
وتلك الكتلة المطرودة يجب أن تبقى قريبة ومضغوطة حول النجم، فعندما ينفجر النجم، تصطدم موجة الصدمة بهذا الغلاف، وتولد حقولا مغناطيسية هائلة تقوم بتسريع الجسيمات بشكل متكرر حتى تصل إلى طاقة "بيتا إلكترون فولت" قبل أن تقذف إلى الفضاء.
لكن هذا "المسرع الكوني" لا يدوم طويلا، فخلال أشهر قليلة، تهدأ الصدمة، ويتراجع مستوى التسارع إلى ما دون الطاقة القصوى.
ويقول الباحثون، إن هذه المرحلة النشطة فائقة الطاقة لا تدوم طويلا، ولا يمكن رصدها إلا إذا كانت قريبة جدا من الأرض، ولأن آخر سوبرنوفا في مجرتنا لم تكن قريبة بما يكفي، فإننا ببساطة فاتنا العرض، ومع ذلك، فإن السوبرنوفا تحدث في مجرتنا كل بضع سنوات، وكل ما علينا فعله هو الانتظار بصبر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 أيام
- الجزيرة
علم الفيزياء يشرح القوة الهائلة للصواريخ الباليستية
تعد الصواريخ الباليستية من أخطر وأعقد الأسلحة التي صنعها الإنسان، إذ تستطيع أن تحمل رؤوسا حربية مدمرة وتسافر إلى مسافات شاسعة بسرعات خيالية قد تتجاوز سرعة الصوت بمرات عدة. لكن ما السر وراء هذه القوة وهذه السرعة؟ وكيف تستطيع هذه القطعة المعدنية أن ترتفع في السماء وتخترق الفضاء، ثم تعود إلى الأرض وتصيب هدفها بدقة؟ الجواب يكمن في "الفيزياء"، ورغم أنه علم معقد فإننا سنحاول أن نوضح المبادئ الأساسية بطريقة مبسطة وسلسة دون الدخول في تعقيدات رياضية. قانون نيوتن الثالث الصاروخ الباليستي هو نوع من الصواريخ يطلق في البداية بواسطة محرك صاروخي قوي، ثم ينفصل عن محركه ويسير في صورة قوس ضخم في الغلاف الجوي أو حتى قد يخرج إلى الفضاء، ويعود ليسقط نحو هدفه بقوة الجاذبية كما تسقط كرة رميتها في الهواء إلى صديق يقف على مسافة أمتار عدة مثلا، ولكن على نطاق هائل. ولفهم قوته نحتاج أن نفهم 3 مراحل رئيسية يمر بها، الأولى هي مرحلة الدفع (الإقلاع)، وينطلق فيها الصاروخ من الأرض باستخدام محركات قوية، والثانية هي مرحلة الطيران الباليستي (التحليق)، ويسافر فيها الصاروخ في قوس عال يشبه حركة القذيفة، وأخيرا مرحلة العودة (إعادة الدخول)، ويعود فيها الصاروخ نحو الأرض ويسرع بشدة ليسقط على الهدف. في البداية، الصاروخ يحتاج إلى التغلب على الجاذبية الأرضية التي تسحبه إلى الأسفل، وللقيام بذلك يستخدم محركا صاروخيا يولد قوة دفع ضخمة، بسرعة قد تتجاوز 25 ألف كيلومتر في الساعة. هذا المحرك يعمل من خلال مبدأ بسيط في الفيزياء يقول "لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه" (قانون نيوتن الثالث)، فعندما يحرق الصاروخ الوقود تندفع الغازات الساخنة من الأسفل بسرعة هائلة، ونتيجة لذلك يُدفع الصاروخ في الاتجاه المعاكس، أي إلى الأعلى. تخيل أن تقف على لوح تزلج أو ترتدي حذاء بعجلات وتقذف كرة ثقيلة إلى الخلف ستلاحظ أنك تتحرك للأمام، هذا تماما ما يحدث للصاروخ، لكن بدل كرة هناك أطنان من الغازات المتفجرة تُدفع بسرعة خرافية. القصور الذاتي بعد أن يصل الصاروخ إلى ارتفاع معين وينفصل عن المحرك يدخل في مرحلة تشبه إلى حد كبير حركة القذيفة، ولهذا سمي "باليستي"، لأن كلمة "باليستي" مأخوذة من مصطلح قديم يشير إلى مسار السهام أو المقذوفات. في هذه المرحلة لا يعمل أي محرك، لكن الصاروخ يطفو في مسار منحن بسبب الدفع الذي حصل عليه في البداية، وهو هنا يعمل عبر قانون القصور الذاتي الذي يقول إن الجسم المتحرك سيستمر في حركته ما لم تعترضه قوة خارجية تؤثر على حالته، فمثلا الكرة المتحركة لا تتوقف إلا إذا اصطدمت بشيء أو وُجد احتكاك، والسيارة لا تتوقف فجأة إلا إذا ضغطنا على الفرامل. وفي الحالات بعيدة المدى يرتفع الصاروخ إلى آلاف الكيلومترات، بل قد يخرج إلى خارج الغلاف الجوي الأرضي، أي إلى الفضاء القريب، وعلى هذا الارتفاع لا توجد مقاومة هواء كبيرة ولا توجد قوة تبطئه، وبالتالي يظل الصاروخ يتحرك بسرعة عالية دون أن يحتاج إلى أي طاقة إضافية. وأثناء تحليقه تؤثر قوة الجاذبية الأرضية على الصاروخ، فيرتفع تدريجيا حتى يصل إلى أعلى نقطة في القوس، ثم تنتصر الجاذبية، وتبدأ من جديد بسحبه إلى الأسفل، هذه العودة للأسفل تُستغل في المرحلة الثالثة. الطاقة الحركية حين يبدأ الصاروخ بالهبوط يدخل الغلاف الجوي بسرعة رهيبة، وقد تصل سرعته إلى 20 ضعف سرعة الصوت (نحو 24 ألف كيلومتر في الساعة)، هذه السرعة تولّد حرارة هائلة بسبب احتكاك الصاروخ بجزيئات الهواء، تماما كما تحترق النيازك عند دخولها الغلاف الجوي، لذلك يجب أن يكون رأس الصاروخ مغطى بمواد خاصة مقاومة للحرارة تسمى "الدروع الحرارية" لحمايته من الاحتراق. بعد اختراق الغلاف الجوي يكون الصاروخ في مسار السقوط الحر نحو الهدف، وبسبب سرعته الهائلة يكون من الصعب اعتراضه، ولهذا يعد سلاحا مرعبا. لكن، لماذا الصاروخ الباليستي سريع جدا أثناء السقوط؟ عند إطلاقه يُستخدم وقود عالي الطاقة يعطيه تسارعا كبيرا ليصل إلى ارتفاع هائل كما أسلفنا، ويتسبب هذا الارتفاع في حصول الصواريخ الباليستية على سرعة كبيرة، وهناك سبب علمي لذلك، حيث يسافر الصاروخ إلى أعلى ويكتسب ارتفاعا، محولا الطاقة الكيميائية من وقود الصاروخ إلى "طاقة حركية" تدفعه إلى أعلى، وكلما ارتفع حصل على "طاقة وضع أعلى" (تلك التي يكتسبها الجسم بتأثير الجاذبية عليه). طاقة الوضع هي الطاقة التي يملكها الجسم بسبب موقعه أو ارتفاعه، ومثلا يمتلك حجر في يدك قبل أن ترميه طاقة وضع أعلى مقارنة بوجوده على الأرض، وكلما كان الجسم أعلى كانت طاقة وضعه أكبر، لأنه يمكن أن يسقط بقوة أكبر. ولأن الصاروخ يصل إلى طبقات الجو العليا أو الفضاء الخارجي تكون لديه طاقة وضع كبيرة جدا بالنسبة للأرض، وأثناء دخوله الغلاف الجوي مرة أخرى تعمل الجاذبية على تسريع وصول الصاروخ إلى هدفه وتحويل هذه الطاقة المخزنة إلى طاقة حركية، مما يزيد سرعته أثناء هبوطه. مدى متنوع وفي هذا السياق، فإن للفيزياء دورا مهما في تصميم الصاروخ، حيث يدرس علماء الفيزياء بدقة قوة الدفع المطلوبة للوصول إلى مسافات عالية، وتأثير الجاذبية الأرضية على المسار، وشكل الرأس الأمامي ليكون أكثر مقاومة للحرارة والضغط، وزاوية الإطلاق المثالية للحصول على أقصى مدى، وكيف يمكن للصاروخ أن ينجو من الحرارة الشديدة عند العودة. وما سبق يمكّن العلماء والمهندسين من تصنيع الصواريخ الباليستية في مدى متنوع جدا، فتبدأ من مدى قصير ينخفض عن ألف كيلومتر، لكنها ترتفع لتكون عابرة للقارات بحيث يبلغ مداها أكثر من 5500 كلم وقادرة على ضرب قارات بعيدة. إعلان تعلمنا قبل قليل أن الصاروخ الباليستي لا يطير في خط مستقيم، بل يطلَق بزاوية محددة تجعله يسير في مسار قوسي، هذه الزاوية مدروسة بحيث تحقق توازنا بين الارتفاع والمسافة. وبالإضافة إلى قوة المحرك يمكن للعلماء والمهندسين ضبط هذين المعيارين للحصول على المدى المناسب، والذي يمكن أن يكون عابرا للقارات كما أسلفنا بسبب قوة الدفع الهائلة التي تتسبب في ارتفاع هائل، الأمر الذي يطيل مسافة المسار القوسي. ولفهم الفكرة تخيل أنك تلقي بكرة إلى صديق يقف على مسافة عشرات الأمتار، ستقذفها بأكبر قوة لديك، لكن ليس في اتجاهه مباشرة، بل للأعلى في مسار قوسي، لكن ذلك الارتفاع إلى الأعلى يعطي الكرة فرصة للهبوط على مسافة أبعد مما لو كنت قد أطلقت الكرة مباشرة ناحية صديقك. سلاح للردع ولهذا التنوع في المسافة ما بين البعيد جدا والمتوسط والقريب أهمية إستراتيجية شديدة لكل دولة أو جهة تمتلك صواريخ باليستية، حيث تتمكن بالتبعية من تحديد مستوى الردع الذي تريده. فإلى جانب ما سبق يمكن للصواريخ الباليستية أن تحمل أنواعا مختلفة من الرؤوس الحربية: التقليدية، والكيميائية أو البيولوجية، والنووية. كما أن بعض الصواريخ الباليستية مجهزة بتقنية المركبات المتعددة الأهداف المستقلة، أي أن الصاروخ الباليستي لا يحمل رأسا حربيا واحدا فقط، بل عدة رؤوس حربية لضرب أهداف مختلفة تنطلق قبل وصول رأس الصاروخ إلى المنطقة الجغرافية محل الاستهداف. ويفيد كل هذا في أمر مهم، وهو استخدام الصواريخ الباليستية بوصفها سلاح ردع، حيث تعمل القوة التدميرية الهائلة وسرعة الصواريخ الباليستية وتنوع المسافة كرادع قوي ضد الخصوم، مما يجعلها حجر الزاوية في إستراتيجيات الدفاع الحديثة.


الجزيرة
منذ 3 أيام
- الجزيرة
الذكاء الاصطناعي قد يتفوق على البشرية بحلول عام 2027
قالت مجلة لوبوان إن باحثين تنبؤوا بأن الذكاء الاصطناعي العام قد يصبح موجودا وقادرا على خداع مبتكريه في عام 2027، وتوقعوا أن يكون تأثيره هائلا في العقد القادم. وقال باحثو الذكاء الاصطناعي في سيناريو "الذكاء الاصطناعي 2027" -حسب تقرير مختصر بقلم إليونور بوينتو- إنهم يتوقعون أن يكون تأثير الذكاء الفائق خلال العقد القادم هائلا، وأن يتجاوز تأثير الثورة الصناعية"، وذلك أثناء شرح الباحث السابق في " أوبن إيه آي" دانيال كوكوتاجلو للمراحل القادمة لهذا القطاع قبل "الانفجار الذكي". وحسب تنبؤات الباحثين، من المتوقع حدوث تغيير كبير العام المقبل، بحيث تصبح أدوات الذكاء الاصطناعي مفيدة في الحياة اليومية، مثل طلب وجبة أو إدارة ميزانية، كما أنه من المتوقع أن يتحسن أداء "المساعدات الشخصية" المدعومة بالذكاء الاصطناعي كل عام، لتكسب ما يعرف بالذكاء الاصطناعي العام الذي ربما يكون قادرا على فهم المعرفة وتعلمها وتطبيقها عبر مجموعة واسعة من المهام البشرية. وأشارت الصحيفة إلى أن الوكلاء سيتمكنون من البحث والتحسين الذاتيين، ومن تعلم الكذب والامتثال لتوقعات المبدعين لتحقيق هدف مختلف، ولكن هذا الخداع هو الأكثر إثارة للقلق، لأن الذكاء الاصطناعي -كما يقول الباحثون- قد يخترق نظام التقييم الخاص به لتحقيق نتائج أفضل. ويطمح العديد من الخبراء والعلماء إلى جعل الذكاء الاصطناعي أداة أكثر فعالية وقوة بجعله ذكاء اصطناعيا فائقا، متفوقا على قدرة الإنسان العقلية في التحليل والحفظ والاكتشاف وغيرها من السمات، غير أن ما يخشاه جمهور آخر من العلماء هو أن ذلك سيحد من نمو وتطور الحضارة البشرية. وبالفعل أشار عالم الفلك الأسكتلندي مايكل غاريت في دراسة حديثة إلى بعض انعكاسات هيمنة الذكاء الاصطناعي، ودوره في تهديد عجلة النمو الحضاري، وصوّر في الدراسة نهاية مأساوية تنتظر البشرية خلال العقود القادمة، ونبه إلى أهمية وضع معايير محكمة وقوية لضبط عمليات تطوير الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المجالات العسكرية، لأن هناك سوابق باستخدام أسلحة فتاكة في حالات الحرب. ورغم الضجيج المثار حول الذكاء الاصطناعي، توصلت دراسة حديثة إلى أن الشركات التي تتبناه ما زالت قليلة، حيث تمثل خصوصية البيانات والتنظيم والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات عوائق رئيسية أمام استخدامه على نطاق واسع.


الجزيرة
منذ 5 أيام
- الجزيرة
هل يشكل مؤتمر نيس نقطة تحول لإنقاذ المحيطات؟
يختتم اليوم الجمعة مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيط الذي تحتضنه مدينة نيس الفرنسية لمواجهة حالة طوارئ متفاقمة تخيم على محيطات العالم، في ظل تبييض الشعاب المرجانية وانهيار مخزونات الأسماك وتسجيل درجات حرارة البحار والمحيطات أرقاما قياسية. وستتوج المحادثات باعتماد إعلان سياسي والكشف عن "خطة عمل نيس للمحيطات" التي ترمي إلى مواكبة حجم الأزمة وتسريع العمل على الحفاظ على المحيطات واستخدامها المستدام. وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية لي جونهوا، وهو أيضا الأمين العام للمؤتمر: "يواجه المحيط أزمة غير مسبوقة بسبب تغير المناخ، والتلوث بالبلاستيك، وفقدان النظام البيئي، والإفراط في استخدام الموارد البحرية". وأعرب جونهوا عن أمله في أن يكون المؤتمر ملهما إلى "طموح غير مسبوق، وشراكات مبتكرة، وربما منافسة صحية"، مشددا على ضرورة التعاون الدولي لتجنب الأضرار التي لا رجعة فيها. وجمع المؤتمر قادة العالم والعلماء والناشطين ومديري الشركات لمعالجة الأزمة المتنامية في محيطات العالم، لإطلاق تعهدات طوعية وتوقيع معاهدات رسمية، وإقامة شراكات جديدة، فضلا عن تعزيز المساءلة الضرورية في مجال مكافحة التدهور البحري. احترار وتبييض مرجاني وتواجه المحيطات تهديدات وشيكة، ففي أبريل/نيسان، وصلت درجات حرارة سطح البحر العالمية إلى ثاني أعلى مستوياتها على الإطلاق لذلك الشهر، وفقا لخدمة كوبرنيكوس الأوروبية لتغير المناخ. وتشهد منطقة البحر الكاريبي والمحيط الهندي وأجزاء من المحيط الهادي أوسع ظاهرة تبييض مرجاني في التاريخ المسجل. وتؤوي الشعاب المرجانية ربع الأنواع البحرية وتشكل أساسا لمليارات الدولارات التي تدرها الأنشطة السياحية ومصايد الأسماك التي تتلاشى، وقد يطلق انهيارها العنان لآثار مُتتالية على التنوع البيولوجي والأمن الغذائي والقدرة على التكيف مع تغير المناخ. ويمتد الضرر إلى ما هو أعمق من ذلك، حيث لا يزال المحيط يمتص أكثر من 90% من الحرارة الزائدة الناتجة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهي وظيفة قد تقترب من حدودها القصوى. وحذر الأمين العام للمؤتمر من أن "تحديات مثل التلوث البلاستيكي، والصيد الجائر، وفقدان التنوع البيولوجي، وتحمض المحيطات، والاحتباس الحراري، جميعها مرتبطة بتغير المناخ". ورغم التحديات، كانت هناك بعض الإنجازات اللافتة. ففي عام 2022 أبرمت منظمة التجارة العالمية اتفاقية شاملة للتخلص التدريجي من الإعانات الضارة التي تغذي الصيد الجائر، مما أتاح بصيص أمل نادر من العزم متعدد الأطراف. وفي العام التالي، وبعد عقود من الجمود، اعتمدت الدول معاهدة أعالي البحار، لحماية الحياة البحرية في المياه الدولية. ومن المقرر الآن أن يدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ في قمة نيس، لكن المسؤول الأممي حذر من أن الاستجابة العالمية في هذا المجال غير كافية. ورغم ذلك لا تزال حماية المحيطات تعاني من نقص مزمن في التمويل، حيث يتلقى الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة وهو "الحياة تحت الماء"، أقل الموارد من بين أهداف التنمية المستدامة الـ17 التي اتفقت الدول الأعضاء على تحقيقها بحلول عام 2030. وتقدر الأمم المتحدة كلفة حماية النظم البيئية البحرية واستعادتها على مدى السنوات الخمس المقبلة بنحو 175 مليار دولار سنويا. خطة عمل نيس للمحيطات يرى خبراء أن موضوع المؤتمر، وهو تسريع العمل وتعبئة جميع الجهات الفاعلة للحفاظ على المحيطات واستخدامها بشكل مستدام، يعكس تحولا من التصريحات إلى التنفيذ. فعلى مدى 5 أيام، تناول المشاركون القضايا الكبرى بما فيها كيفية وقف الصيد غير المشروع، والحد من التلوث البلاستيكي، وتوسيع نطاق الاقتصادات الزرقاء المستدامة. ومن المتوقع إصدار مئات التعهدات الجديدة، لتضاف إلى أكثر من ألفي التزام طوعي قُطِع منذ مؤتمر المحيط الأول عام 2017. وتتماشى خطة عمل نيس للمحيطات مع إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، وهو اتفاق أبرم عام 2022 ويدعو إلى حماية ما لا يقل عن 30% من النظم البيئية البحرية والبرية بحلول عام 2030. إلى جانب التعهدات الجديدة، ستتضمن الخطة إعلانا رسميا، وصفه لي جونهوا بأنه سيكون "وثيقة سياسية موجزة وعملية المنحى لمعالجة الأزمة المترابطة التي تواجه محيطاتنا". وأضاف لي جونهوا: "يركز مشروع الإعلان السياسي، الذي تقوده أستراليا وكابو فيردي، على الحفاظ على المحيطات والاقتصادات المستدامة القائمة على المحيطات، ويتضمن تدابير ملموسة لتسريع العمل". الأزمة بالأرقام والحلول -يدخل ما يصل إلى 12 مليون طن متري من البلاستيك إلى المحيط سنويا، أي ما يعادل شاحنة قمامة كل دقيقة. وفي مؤتمر نيس، يأمل المندوبون في التوصل إلى اتفاق عالمي لمعالجة التلوث البلاستيكي من مصدره. -أكثر من 60% من النظم البيئية البحرية متدهورة أو تُستخدم بشكل غير مستدام. ويهدف المؤتمر إلى تعزيز الجهود الرامية إلى حماية 30% من المحيط بحلول عام 2030، وإطلاق خارطة طريق لإزالة الكربون من النقل البحري. -انخفضت المخزونات السمكية العالمية ضمن الحدود البيولوجية الآمنة من 90% في سبعينيات القرن الماضي إلى 62% فقط في عام 2021. ويسعى المؤتمر إلى تمهيد الطريق لاتفاقية دولية جديدة بشأن مصايد الأسماك المستدامة. -يعتمد أكثر من 3 مليارات شخص على التنوع البيولوجي البحري في معيشتهم. واستجابة لذلك، يسعى المؤتمر إلى تعزيز تمويل الاقتصادات الزرقاء وتعزيز الحلول المجتمعية. وبعد عقد من الزمان على توقيع اتفاق باريس التاريخي (2015) التي حددت أهدافا للحد من الاحتباس الحراري، يسعى مؤتمر نيس إلى وضع المحيط في صميم العمل المناخي، لا كفكرة ثانوية، بل كساحة معركة أمامية لحماية المحيطات.