logo
أوبن إيه آي وأوراكل: أكبر اتفاق حوسبة سحابية في التاريخ

أوبن إيه آي وأوراكل: أكبر اتفاق حوسبة سحابية في التاريخ

أفادت تقارير تقنية بأن شركة أوبن إيه آي قد عقدت اتفاقية ضخمة مع عملاق البرمجيات أوراكل، لاستئجار قدرات حوسبة هائلة تصل إلى 4.5 غيغاواط من الطاقة الحاسوبية، بقيمة سنوية تقدر بنحو 30 مليار دولار.
صفقة تاريخية: أوبن إيه آي تستأجر 4.5 غيغاواط من أوراكل مقابل 30 مليار دولار سنوياً
وبحسب ما جاء في التقارير، تعد هذه الصفقة واحدة من أضخم صفقات الحوسبة السحابية على الإطلاق في تاريخ صناعة الذكاء الاصطناعي.
وتندرج هذه الخطوة ضمن خطط التوسع الطموحة لمشروع ستارغيت، الذي أطلقته أوبن إيه آي بالتعاون مع شركة سوفت بنك في يناير الماضي.
ويهدف هذا المشروع إلى إنشاء مراكز بيانات عملاقة متطورة، مخصصة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي تطورها أوبن إيه آي، خاصة في ظل الطلب العالمي المتزايد على تطبيقاتها، مثل ChatGPT، وخدماتها المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي.
وقالت التقارير إن أوراكل تخطط لبناء عدة مراكز بيانات حديثة في مختلف الولايات الأمريكية خلال الفترة المقبلة، من أجل الوفاء بالتزاماتها تجاه المشروع.
وتعتبر الطاقة المتفق عليها، وهي 4.5 غيغاواط، كمية هائلة تمثل نحو ربع القدرة الإجمالية لمراكز البيانات القائمة في الولايات المتحدة حالياً، مما يعكس حجم المشروع غير المسبوق.
جدير بالذكر أن كلا من أوبن إيه آي وسوفت بنك سبق وأن أعلنتا عن إمكانية وصول حجم الاستثمارات الإجمالية في مشروع ستارغيت إلى 500 مليار دولار، لتشمل بناء مراكز بيانات داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها.
وحتى الآن، نجح المشروع في تأمين تمويل بقيمة 50 مليار دولار من مستثمرين وشركاء كبار، أبرزهم أوراكل وصندوق MGX الإماراتي، دون الكشف عن حجم الإنفاق الفعلي الذي تم حتى اللحظة.
ونوهت التقارير إلى أن هذه التطورات تأتي في إطار سعي أوبن إيه آي لتوسيع شبكة مزوديها بخدمات الحوسبة السحابية، وعدم الاعتماد على مزود واحد فقط.
فقد أعادت الشركة مؤخراً التفاوض بشأن شراكتها مع مايكروسوفت، التي تعد أكبر مساهميها، لتنهي حالة الحصرية التي كانت تمنح مايكروسوفت الأولوية المطلقة.
وبدلاً من ذلك، حصلت مايكروسوفت على حق الأولوية فقط في العقود المستقبلية.
وبعد هذه الخطوة، قامت أوبن إيه آي بتوسيع علاقاتها التعاقدية، لتشمل توقيع اتفاقيات حوسبة سحابية جديدة مع كل من قوقل وشركة CoreWeave الناشئة المتخصصة في حلول الحوسبة عالية الأداء، في خطوة استراتيجية تهدف لتأمين موارد حوسبية ضخمة، لتلبية طموحاتها المستقبلية في مجال الذكاء الاصطناعي.
تم نشر هذا المقال على موقع
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إطلاق الخطة الوطنية للاتصالات.. و20 ألف متدرب بالأمن السيبراني
إطلاق الخطة الوطنية للاتصالات.. و20 ألف متدرب بالأمن السيبراني

البلاد البحرينية

timeمنذ 2 ساعات

  • البلاد البحرينية

إطلاق الخطة الوطنية للاتصالات.. و20 ألف متدرب بالأمن السيبراني

في خطوة نوعية تهدف إلى تعزيز مكانة مملكة البحرين كمركز رقمي رائد في المنطقة، أطلقت الحكومة الخطة الوطنية السادسة للاتصالات (NTP6)، التي تشكل الإطار الاستراتيجي لتطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المملكة بالسنوات المقبلة. وتأتي هذه الخطة استكمالًا لمسيرة من الإنجازات التشريعية والتقنية بدأت منذ تحرير قطاع الاتصالات في العام 2002، وصولًا إلى إطلاق شبكات الجيل الخامس بنسبة 100 %، وتفعيل خدمات الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي. وتسهم الخطة، التي أطلقتها وزارة المواصلات والاتصالات بالتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة، في تمكين مفهوم 'المملكة الذكية'، عبر التركيز على 6 محاور رئيسة تشمل: البنية التحتية الوطنية والاتصال الدولي، الأمن الرقمي والسيبراني، التحول الرقمي، الحوكمة المؤسسية، العمل الرقمي الأخضر، وجذب الاستثمارات. وتضم الخطة 30 مبادرة تنفيذية موزعة على أكثر من 38 جهة معنية، ما يعكس تكامل الجهود وتعدد الأطراف المعنية ببناء اقتصاد رقمي تنافسي ومستدام. ووفقًا للبيانات الرسمية، فقد أصبح قطاع النقل والاتصالات خامس أكبر مساهم في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، بنسبة بلغت 7.4 %، تعادل ما يقرب من 2.68 مليار دولار في العام 2023، ما يبرهن الأثر المباشر للخطة في دعم النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل. وتُعد البنية التحتية الرقمية من أبرز إنجازات NTP6، إذ تغطي شبكات الجيل الخامس جميع أنحاء المملكة بنسبة 100 %، فيما وصلت نسبة تغطية الألياف الضوئية للمنازل إلى 95.2 %، وتم توفير سرعات إنترنت تبلغ 1 جيجابت في الثانية لجميع المؤسسات التجارية، إلى جانب توسعة الربط الدولي عبر كابلين بحريين جديدين، ووضع إطار تنظيمي لتقديم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية. وفي مجال التكنولوجيا والابتكار، ساهمت NTP6 في إطلاق بيئة تطوير متقدمة تشمل تقنيات الجيل السادس من شبكات Wi-Fi، والبلوك تشين، والواقع المعزز والافتراضي، والتوأم الرقمي. كما عملت الخطة على تعزيز الأمن الرقمي عبر تطوير إرشادات لحماية البيانات والخصوصية، واستكمال إعداد استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي من المتوقع الكشف عنها في العام 2025. أما على صعيد بناء القدرات البشرية، فقد تم تدريب أكثر من 20 ألف مواطن في مجال الأمن السيبراني، في حين ارتفعت نسبة النساء العاملات في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى 33 %، ما يعكس التزام الخطة بتحقيق شمولية رقمية وتمكين الكفاءات الوطنية. وحققت الخطة الوطنية السادسة للاتصالات إشادات دولية بارزة، إذ فازت بجائزة 'بطل' ضمن جوائز القمة العالمية لمجتمع المعلومات (WSIS) لعام 2024، كما قفزت البحرين من المرتبة السابعة إلى الخامسة عالميًا في مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات (IDI)، وصعدت إلى المرتبة العاشرة عالميًا في مؤشر البنية التحتية للاتصالات (TII)، بعد أن كانت في المرتبة 65 فقط في عام 2022. وفي مجال الأمن السيبراني، حققت المملكة تصنيف 'نموذج يحتذى به - المستوى الأول' ضمن مؤشر الأمن السيبراني العالمي للعام 2024، بعد أن كانت في المرتبة 60 فقط في العام 2020. وتكشف الإحصاءات عن طفرة نوعية في مؤشرات الاستخدام، إذ تجاوز عدد اشتراكات الهواتف المتنقلة 2.56 مليون اشتراك في نهاية 2024، بنسبة نفاذ بلغت 161 %، فيما وصلت نسبة انتشار الإنترنت النقال إلى 165 %، وسجّلت اشتراكات الإنترنت الثابت 181,607 اشتراكًا، بنسبة نمو تجاوزت 355 % مقارنة بالعام 2013. كما بلغت حركة البيانات أكثر من 513 بيتابايت في عام واحد فقط، مع سرعات تحميل تصل إلى 3.4 جيجابت في الثانية على شبكات 5G. وتُظهر هذه الأرقام أن NTP6 ليست مجرد خطة قطاعية، بل تمثل ركيزة مركزية في مشروع التحول الوطني نحو اقتصاد رقمي ذكي، قادر على دمج التكنولوجيا في مختلف قطاعات الدولة، بما في ذلك النقل، والتعليم، والخدمات الحكومية، والصحة، والطاقة. وتشير الخطة إلى أهمية التكامل بين البنية التحتية الرقمية، والحوكمة الرشيدة للبيانات، وتحديث السياسات التنظيمية؛ بهدف تمكين المدن الذكية والخدمات المستقبلية، بما يحقق رؤية البحرين كدولة مستدامة، قائمة على المعرفة والتقنية والابتكار

عبيدلي العبيدلي علاقات التأثير المتبادل بين الذكاء الاصطناعي وطرق التدريس الحديثة (2 من 3) الأحد 13 يوليو 2025
عبيدلي العبيدلي علاقات التأثير المتبادل بين الذكاء الاصطناعي وطرق التدريس الحديثة (2 من 3) الأحد 13 يوليو 2025

البلاد البحرينية

timeمنذ 2 ساعات

  • البلاد البحرينية

عبيدلي العبيدلي علاقات التأثير المتبادل بين الذكاء الاصطناعي وطرق التدريس الحديثة (2 من 3) الأحد 13 يوليو 2025

كما قرأنا الحلقة الأولى من هذه المقالة، شهد التعليم خلال العقدين الماضيين تحولات هيكلية غير مسبوقة بفعل تسارع التطورات التكنولوجية، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، الذي لم يعد مجرد أداة مساعدة، بل أصبح قوة دافعة لإعادة صياغة فلسفة وأساليب التعليم على مستوى العالم. هذه التحولات تدفعنا إلى إعادة التفكير في العلاقة بين الذكاء الاصطناعي وطرق التدريس الحديثة. فلم يعد الحديث عن الذكاء الاصطناعي في التعليم رفاهية أو سيناريو مستقبليًا، بل أصبح واقعًا يفرض نفسه على مدارسنا وجامعاتنا وفصولنا الدراسية. التحديات التربوية التي أفرزها القرن الحادي والعشرون، من انفجار المعرفة إلى تعددية أنماط التعلم، دفعت صانعي القرار إلى البحث عن حلول مبتكرة. هنا ظهر الذكاء الاصطناعي كأحد أبرز الأدوات القادرة على إعادة تعريف العملية التعليمية. وتشير الإحصاءات الحديثة الصادرة في العام 2025 إلى أن 86 % من المؤسسات التعليمية عالميًا تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، بينما أظهر تقارير أخرى أن 47 % من القادة التعليميين يوظفون هذه التقنيات يوميًا كجزء من ممارساتهم التعليمية. والأهم من ذلك أن 89 % من الطلاب اعترفوا باستخدام أدوات مثل ChatGPT لإنجاز واجباتهم، واعتبر 90 % منهم هذه التقنيات أكثر فاعلية من الطرق التقليدية. هذه الأرقام ليست مجرد مؤشرات على انتشار التكنولوجيا، بل تعكس تحولًا عميقًا في بيئات التعلم وعلاقة الطالب بالمعرفة. على المستوى الاقتصادي، تشير التقديرات إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي التعليمي، بلغ 7.57 مليار دولار العام 2025، مقارنة بـ 5.47 مليار دولار، في العام 2024 وحده، أي بمعدل نمو سنوي قدره 38.4 %. هذا النمو يعكس حجم الرهان على كركيزة للتعليم المستقبلي. نموذج تربوي تكاملي العلاقة التبادلية بين الذكاء الاصطناعي وطرق التدريس تمهد الطريق لما يمكن تسميته بـ 'النموذج التربوي التكاملي'، حيث يصبح الذكاء الاصطناعي أداة لتحليل الأداء وتخصيص التعليم، بينما يظل العنصر البشري الضامن للقيم التربوية والعلاقات الاجتماعية داخل الفصول. إن استعراض العلاقات المتبادلة بين الذكاء الاصطناعي وطرق التدريس الحديثة يكشف عن حقيقة جوهرية مفادها أن التعليم المعاصر يقف عند مفترق طرق حاسم. الذكاء الاصطناعي، بما يمتلكه من قدرات تحليلية وتكيفية غير مسبوقة، لا يقتصر تأثيره على تحسين الكفاءة التشغيلية للنظم التعليمية أو إثراء تجارب التعلم الفردية، بل يمتد ليعيد تشكيل فلسفة التعليم ذاتها. بالمقابل، فإن الطرق التربوية الحديثة التي تركز على التعلم النشط، التفاعلي، والمتمايز تدفع مطوري الذكاء الاصطناعي نحو تطوير خوارزميات أكثر إنسانية، قادرة على محاكاة التعاطف، ودعم التفكير النقدي والإبداعي. هذا التفاعل التبادلي يشبه ما يسميه الباحثون بـ 'الحلقة التعليمية-التكنولوجية'؛ حيث تغذي كل من التكنولوجيا والبيداغوجيا الأخرى في دورة تطور مستمرة. وإذا استمرت هذه الديناميكية في النمو بنفس الوتيرة، فإن المستقبل القريب قد يشهد نشوء نموذج تربوي تكاملي يعتمد على الذكاء الاصطناعي كـ 'شريك تعليمي' وليس كأداة مساعدة فحسب. لقد تجاوزنا مرحلة التساؤل عما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيؤثر على التعليم. السؤال اليوم هو: كيف نوجه هذا التأثير ليكون أداة لتعزيز الإنسانية في العملية التعليمية، لا استبدالها؟ إن تبني نموذج تكاملي يجمع بين قوة الذكاء الاصطناعي وحكمة المعلم يفتح أبوابًا واسعة أمام تعليم أكثر فعالية واستدامة. لكن نجاح هذا النموذج يتوقف على مدى استعدادنا لتأهيل المعلمين، تطوير السياسات التعليمية، وتشجيع الأبحاث التطبيقية لرصد آثار هذه التقنيات على المدى الطويل. ومع ذلك، فإن النقاشات الحالية غالبًا ما تفترض علاقة أحادية الاتجاه، حيث يُصوّر الذكاء الاصطناعي كعامل يؤثر على التعليم دون الأخذ في الاعتبار أن طرق التدريس الحديثة ذاتها قد تؤثر - وربما تعيد توجيه - مسار تطور الذكاء الاصطناعي في السياقات التربوية. هنا تتبلور الإشكالية البحثية لهذه الدراسة: إلى أي مدى يمكن اعتبار العلاقة بين الذكاء الاصطناعي وطرق التدريس الحديثة علاقة تأثير متبادل، وما ملامح النموذج التربوي الذي يمكن أن ينشأ عن هذا التفاعل؟ إن معالجة هذه الإشكالية تستدعي تحليلًا نقديًا متعدد المستويات، يتناول أولًا كيف أعاد الذكاء الاصطناعي تشكيل أساليب التعليم الحديثة عبر التخصيص، التعلم التكيفي، المساعدين الافتراضيين، والواقع المعزز. ثم يناقش، ثانيًا، كيف تسهم الأساليب التربوية المبتكرة - القائمة على التعلم النشط، التقييم المستمر، والممارسات التفاعلية - في توجيه تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي التربوي ذاتها. على مدار العقود الماضية، لم يشهد قطاع من قطاعات المجتمع البشري تحولًا جذريًا كالذي شهده التعليم. منذ الثورة الصناعية وحتى الثورة الرقمية، بقيت أساليب التعليم تقليدية إلى حد كبير، متكئة على المعلم كمصدر وحيد للمعرفة والطالب كمستقبل سلبي لها. إلا أن العقدين الأخيرين شهدا طفرة غير مسبوقة في دمج التكنولوجيا مع التربية، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، الذي تحول من أداة مساعدة على أطراف العملية التعليمية إلى قوة دافعة تعيد صياغة بنيتها بالكامل. الذكاء الاصطناعي، بمختلف تطبيقاته، لم يعد مجرد برمجيات حاسوبية أو روبوتات تقدم خدمات تعليمية محدودة؛ بل أصبح، وفق تعبير كثير من الباحثين، 'شريكًا معرفيًا' يسهم في إعادة تعريف أدوار المعلم، الطالب، والمناهج الدراسية ذاتها. هذه التحولات الرقمية أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط التربوية: فهناك من يرى في الذكاء الاصطناعي تهديدًا لدور المعلم الإنساني وتفريغًا للعملية التعليمية من جوهرها القيمي والاجتماعي، بينما يعتبره آخرون فرصة ذهبية لتجاوز القيود التقليدية وابتكار طرق تدريس أكثر فعالية وتكيفًا مع احتياجات القرن الحادي والعشرين.

واشنطن وبكين على حافة الانفراج.. أم على عتبة انفجار مؤجل؟
واشنطن وبكين على حافة الانفراج.. أم على عتبة انفجار مؤجل؟

البلاد البحرينية

timeمنذ 2 ساعات

  • البلاد البحرينية

واشنطن وبكين على حافة الانفراج.. أم على عتبة انفجار مؤجل؟

في لحظة بدا فيها العالم كأنه يتأرجح فوق فوهة بركان اقتصادي، خرجت من جنيف إشارات تشي بتهدئة وشيكة بين واشنطن وبكين. اتفاق مفاجئ خفّض الرسوم الجمركية المتبادلة وأوقف التصعيد لمدة تسعين يوما، وكأن الطرفين اختارا التمهّل في إطلاق النار بعد جولات مرهقة من الحرب التجارية. الولايات المتحدة، بقيادة ترامب، العائد بقوة، أعادت إحياء سياسات الحماية التي طبعت ولايته الأولى مثل رفع الرسوم على قطاعات صناعية وتكنولوجية حساسة حتى وصلت إلى حدود 145 %، فيما ردت الصين بالمثل، ورفعت رسومها إلى 125 %، وضيّقت الخناق على صادرات المعادن النادرة، وقلصت وارداتها الزراعية الأميركية، في ضربة موجعة لقطاع زراعي يشكل خزّانا انتخابيا لترامب. هذا التصعيد عطّل تجارة ثنائية تفوق 600 مليار دولار، وأربك سلاسل التوريد العالمية، فارتبكت الأسواق ودقت الشركات الكبرى ناقوس الخطر، وبدأت بوادر ركود تضخمي تلوح في الأفق، مخيفة المؤسسات المالية ومقلقة عواصم القرار. في هذا السياق، جاء اتفاق جنيف كهدنة مؤقتة تنص على خفض الرسوم الأميركية إلى 30 %، مقابل تخفيض الصين رسومها إلى 10 %، وتجميد أي إجراءات تصعيدية جديدة خلال فترة اختبار للنيات تمتد لتسعين يوما، وصدر بيان مشترك بلغة محسوبة، أكّد أهمية العلاقة التجارية الثنائية، وضرورة جعلها متوازنة ومستدامة. وصفت واشنطن الاتفاق بأنه خطوة نحو 'عدالة تجارية'، بينما اكتفت بكين بتسميته 'تقدّما في الحوار'، لكن خلف عبارات المجاملة، ظلّت الملفات الكبرى عالقة: الملكية الفكرية، الدعم الحكومي، اختلال الميزان التجاري، نقل التكنولوجيا بالإكراه، وملف الاستثمارات الصينية في السوق الأميركية. استجابت الأسواق بحذر مفعم بالأمل، فارتفعت المؤشرات، وتحسّن الدولار، وقفز النفط، وتراجع الذهب، والمزارعون الأميركيون تنفّسوا الصعداء، وشركات الإلكترونيات بدأت تراجع حساباتها حتى سلاسل التوريد التي أصابها الاختناق بدأت تخطط لإعادة تدوير شرايينها. لكن الأمل وحده لا يصنع تسوية، فالتحديات أعمق من مجرد رسوم، إذ أن واشنطن ترى في بكين خصما استراتيجيا ينافس على صدارة التقدم التكنولوجي، وتخشى أن تتحوّل كل صفقة اقتصادية إلى تنازل استراتيجي. وبكين بدورها لا تنوي التخلي عن نموذجها الاقتصادي القائم على دعم الشركات الوطنية والطموح الصناعي. إذن الاتفاق هو تهدئة لكنه لا يعني نهاية المعركة. ويمكن وصفه بوقفة مؤقتة. ولا يزال خطر التصعيد على الطاولة، وملفات حساسة مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي تُلقي بظلالها الثقيلة. العالم لا يراقب هذه التطورات من باب الفضول، بل من باب القلق الوجودي. فحين يتصارع عملاقان بهذا الحجم، لا تكون النتائج أرقاما على شاشات البورصة فحسب، بل تغييرات جذرية في خريطة الاقتصاد العالمي لعقود مقبلة. إذن هذه ليست تسوية، بل هدنة مشروطة. لا ضمانات، لا حلول جذرية، بل شراء وقت ثمين في لحظة بات فيها الاقتصاد الدولي شديد القابلية للاشتعال. وعندما تنقضي مهلة التسعين يوما، سنعرف إن كان الطرفان قررا البناء على الهدنة، أو أننا بصدد جولة جديدة من الصراع، تشبه ما سبقها، لكن بثمن أعلى ومخاطر أعمق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store