
الأمم المتحدة: الأوضاع في غزة تنذر بمجاعة وشيكة وسوء التغذية الحاد يهدد حياة الأطفال
اعلان
حذّرت وكالات الأمم المتحدة العاملة في غزة من أن الوضع الإنساني في القطاع أصبح "مروعًا"، بعدما نفدت في الأيام الأخيرة مخزونات الغذاء لدى منظمات الإغاثة الأساسية، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول المساعدات الإنسانية منذ نحو شهرين.
وفي سياق متصل، تعقد محكمة العدل الدولية جلسات استماع تستمر لأسبوع، تبحث في مدى امتثال إسرائيل لواجبها القانوني بـ"ضمان وتسهيل" وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين
الفلسطينيين
في غزة، وسط تصاعد القلق الدولي حيال تدهور الأوضاع المعيشية.
وكانت إسرائيل قد منعت إدخال المساعدات إلى القطاع في الثاني من آذار/مارس، وعادت إلى تصعيد حملتها العسكرية في الثامن عشر من الشهر ذاته، في محاولة للضغط على حركة حماس من أجل الإفراج عن الرهائن المتبقين، كما تزعم.
إضافة إلى ذلك، فرضت السلطات الإسرائيلية حظرًا على التعاون مع وكالة الأونروا في كل من غزة والضفة الغربية المحتلة، متهمةً الوكالة بأنها "مخترقة" من قبل حركة حماس، وهي اتهامات تنفيها الأمم المتحدة نفيًا قاطعًا.
فلسطينيون يتسلّمون مساعدات غذائية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يوم الأربعاء 30 أبريل 2025.
Abdel Kareem Hana/AP
وفي تصريح لـ"يورونيوز"، قالت تيس إنغرام، مسؤولة التواصل في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنه تم توثيق نحو 10,000 حالة سوء تغذية بين الأطفال في غزة منذ بداية العام الجاري، منها 1,600 حالة تعاني من مستويات حادة في سوء التغذية.
وتشير البيانات إلى أن الفئة الأكثر تضررًا تشمل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وخمس سنوات.
ارتفاع مقلق في حالات سوء التغذية بين أطفال غزة
يشهد قطاع غزة تدهورًا خطيرًا في الوضع الصحي للأطفال، مع تضاعف عدد حالات الأطفال الذين يُعانون من سوء التغذية الحاد خلال شهر واحد تقريبًا، وفقًا لما أعلنته اليونيسف.
في شباط/فبراير، خلال فترة وقف إطلاق النار، تلقّى 2,027 طفلًا علاجًا من سوء التغذية الحاد، وارتفع العدد في آذار/مارس إلى 3,696 طفلًا، بحسب أرقام رسمية نشرتها المنظمة. وأفادت
الأمم المتحدة
بأن سوء التغذية الحاد كان شبه غائب في غزة قبل اندلاع الحرب على القطاع، والتي دخلت شهرها الثامن عشر.
وفي هذا السياق، قالت إنغرام إن الأطفال دون سن الخامسة هم "الأكثر عرضة" للإصابة بسوء التغذية بسبب "احتياجاتهم الغذائية الخاصة". وأضافت: "في غياب إمدادات غذائية كافية، سنشهد تزايدًا في عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية. وبدون علاج، فإن حالتهم ستتفاقم، ما قد يؤدي إلى مضاعفات تهدد حياتهم".
فلسطينيون يتسلّمون مساعدات غذائية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يوم الأربعاء 30 أبريل 2025.
Abdel Kareem Hana/ AP
وأشارت إلى أن مخزونات اليونيسف من المواد الغذائية المخصصة للوقاية من سوء التغذية، مثل المكمّلات الدقيقة، "استُنفدت بالكامل"، بينما تراجعت مخزونات الأغذية المستخدمة في معالجة الحالات الحادة.
وحذّرت إنغرام من أن سوء التغذية الحاد يتطلب تدخلًا طبيًا دقيقًا، لما له من تداعيات طويلة الأمد على
صحة الأطفال
، ولا سيما نمو الدماغ.
وفي السياق ذاته، ذكرت أن مسحًا ميدانيًا أُجري مؤخرًا أظهر أن 90% من الأطفال دون سن الثانية يتناولون فقط مجموعتين غذائيتين أو أقل، هما حليب الأم والحبوب. وقالت: "إنه نمط غذائي لا يكفي لنمو الطفل أو تطوره، وقد استمر لعدة أشهر".
وخلال زيارة قامت بها إلى شمال غزة في شباط/فبراير، نقلت إنغرام عن أطباء محليين قولهم: "لم نعد نرى أطفالًا بوزن طبيعي. معظمهم يولدون بوزن منخفض أو قبل أوانهم، نتيجة النقص الحاد في تغذية الأمهات وعدم حصولهن على ما يكفي من العناصر الضرورية أثناء الحمل".
Related
غزة: إسرائيل تفرج عن مسعف فلسطيني بعد نحو شهرين من مقتل 15 من زملائه وتحظر عليه الكلام
المجاعة في غزة: كيف يدفع أطفال القطاع ثمن الحرب والحصار؟
هجوم على قافلة أسطول الحرية في مالطا قبل توجهها إلى غزة واتهام إسرائيل بالوقوف وراءه
وتكابد العائلات في غزة ظروفًا بالغة القسوة في ظل تقلص الإمدادات الغذائية، فيما تحاول بعضها شراء ما يتوفر في الأسواق، رغم أن الأسعار ارتفعت بشكل جنوني، وفقًا لما قالته إنغرام. كما أكدت تعليق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي كانت مقررة في نيسان/أبريل، نتيجة القصف والحصار، مما فاقم من خطورة الوضع الصحي.
وكان قد تم تنظيم جولتين فقط من حملات التحصين ضد
شلل الأطفال
منذ العام الماضي، بينما لا يزال عشرات الآلاف من الأطفال إما غير محصنين أو لم يتلقوا سوى جرعة واحدة من اللقاح.
اعلان
واختتمت إنغرام حديثها بالإشارة إلى تدهور الصحة النفسية للأطفال ومقدّمي الرعاية لهم. وتحدثت عن حالة طفلة في الخامسة من عمرها فقدت والديها، ثم انفصلت لفترة عن جدتها التي تتولى رعايتها، ما أدّى إلى دخولها في حالة من الصمت استمرت لأشهر.
تحذيرات من مجاعة وشيكة في غزة
أفادت منظمة "ميرسي كور" غير الحكومية بأن الأوضاع في غزة تتدهور بوتيرة سريعة، ووصفت الوضع الميداني بأنه شديد البؤس. ونقل أحد أعضاء الفريق العامل في القطاع في بيان شاركه مع "يورونيوز" أن "الحياة تزداد سوءًا من جميع النواحي"، مشيرًا إلى النقص الحاد في المواد الغذائية، حيث لم يتبق في الأسواق سوى بعض المعلبات والبقوليات والخضروات المحلية التي تُباع بأسعار باهظة.
وأوضح المصدر أن السكان يعتمدون على ما تبقى لديهم من أطعمة معلبة أو معكرونة مخزنة، أو يضطرون لدفع أثمان باهظة مقابل القليل المتوفر، مضيفًا أن "انهيار الأنظمة الغذائية ترك العديد من العائلات عاجزة حتى عن تأمين وجبة يومية واحدة".
من جهته، وصف جوناثان فاولر، مدير الاتصال لدى
وكالة الأونروا
، الوضع في القطاع بأنه "مروع"، مؤكداً أن كل ساعة تمر تحت الحصار تدفع المزيد من الناس نحو خطر سوء التغذية. وتوقع فاولر "انتشار سوء التغذية الحاد على نطاق واسع"، محذرًا من أن الوكالة لا تملك الوسائل اللازمة لمواجهة هذا التدهور، في ظل غياب تام لدخول الأغذية الطبية المُخصصة لعلاج الحالات الأشد خطورة، كتلك التي توفرها اليونيسف.
اعلان
فلسطينيون يتسلّمون مساعدات غذائية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يوم الأربعاء 30 أبريل 2025.
Abdel Kareem Hana/AP
وأشار فاولر إلى أن الأونروا لم تعد تملك دقيقًا لتزويد المطابخ التي تديرها، وأنها وزعت في نهاية الأسبوع الماضي آخر ما تبقى لديها من مساعدات غذائية طارئة، وهي 250 عبوة تحتوي كل منها على أغذية مجففة ومعلبة تكفي لأسبوعين فقط. كما أكد أن برنامج الأغذية العالمي قد استنفد أيضًا مخزونه من المواد الغذائية خلال هذا الأسبوع.
وقال فاولر: "نحن نسير باتجاه المجاعة... هذا الخطر يحدق بنا".
فيما يتعلق
بالمستلزمات الطبية،
لفت إلى أن ثلث الأدوية الأساسية، ومنها أدوية السكري والمضادات الحيوية والعلاجات الموضعية، قد نفدت بالفعل، ومن المتوقع أن ينفد ثلث آخر خلال الأسابيع القليلة المقبلة. ورغم ذلك، أكد فاولر أن إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة متوقف حاليًا على إعادة فتح المعابر، موضحًا أن الأونروا تمتلك نحو 3,000 شاحنة محملة بمساعدات تنتظر السماح لها بالعبور.
Related
غزة: غارات إسرائيل تقتل العشرات بينهم أطفال وعائلة كاملة مُحيت من السجل المدني
غزة على شفا المجاعة: غارات على مدار الساعة ومخزونات الغذاء إلى نفاد
في غزة.. الخبز مفقود والعدس لا يكفي والمطابخ الخيرية تلفظ أنفاسها الأخيرة
كما صرّح برنامج الأغذية العالمي أن لديه أكثر من 116 ألف طن متري من المواد الغذائية، تكفي لإطعام مليون شخص لمدة تصل إلى أربعة أشهر، وُضِعت قيد الانتظار تمهيدًا لنقلها إلى غزة فور فتح المعابر.
اعلان
وأضاف فاولر أن حوادث
نهب المساعدات
واقتحام القوافل، التي تكررت خلال الحرب، قد تراجعت خلال فترة وقف إطلاق النار، نتيجةً لتدفق المساعدات بشكل أكبر. وقال: "إذا كان هناك نقص، تصبح المساعدات سلعة ذات قيمة، ويمكن أن تُستغل لأغراض إجرامية".
وحاولت "يورونيوز" الحصول على تعليق من وزارة الدفاع الإسرائيلية، والجيش الإسرائيلي، ومكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، لكن أياً من الجهات الثلاث لم يرد حتى وقت نشر التقرير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يورو نيوز
منذ 5 أيام
- يورو نيوز
الأمم المتحدة: مستويات قياسية في نسبة الجوع عبر العالم بسبب النزاعات وأزمة المناخ
كشفت الأمم المتحدة، في تقريرها الصادر يوم الجمعة، أن انعدام الأمن الغذائي الحاد وحالات سوء تغذية الأطفال سجّلا ارتفاعاً للسنة السادسة على التوالي في عام 2024، حيث طالت هذه الأزمات أكثر من 295 مليون شخص في 53 دولة وإقليم، بزيادة بلغت 5% مقارنة بعام 2023. وفي أكثر المناطق تضرراً، يعاني نحو 22.6% من السكان من مستويات جوع مصنفة في "مرحلة الأزمة" أو ما هو أسوأ. وقال راين بولسن، مدير قسم الطوارئ والقدرة على الصمود في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو): "يرسم تقرير الأمن الغذائي العالمي لعام 2025 صورة مروّعة... النزاعات، والتطرف المناخي، والضغوط الاقتصادية هي المحركات الرئيسية لهذه الكارثة، وغالباً ما تتداخل فيما بينها لتفاقم الأوضاع." ويتوقّع التقرير أن تتدهور الأوضاع أكثر خلال عام 2025، مشيراً إلى أن التمويل المخصص للمساعدات الغذائية الإنسانية يشهد أكبر تراجع منذ بدء إعداد هذه التقارير، حيث يُقدَّر الانخفاض بنسبة تتراوح بين 10% وأكثر من 45%. ويأتي هذا التراجع في ظل انسحاب الولايات المتحدة من دورها التقليدي في تقديم المساعدات، بعد أن أقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تقليص وكالة التنمية الدولية (USAID) وإلغاء أكثر من 80% من برامجها الإنسانية. وحذرت سيندي ماكين، مديرة برنامج الأغذية العالميالتابع للأمم المتحدة، ومقره روما، قائلة: إن "الملايين من الجوعى فقدوا، أو هم على وشك أن يفقدوا، شريان الحياة الذي نوفره لهم." وأوضح التقرير أن النزاعات المسلحة شكّلت السبب الأول للجوع، حيث طالت قرابة 140 مليون شخص في 20 دولة خلال 2024، بما في ذلك مناطق تعيش مستويات "كارثية" من انعدام الأمن الغذائي، مثلغزة، وجنوب السودان، وهايتي، ومالي. وقد أعلنت السودان رسمياً دخولها في حالة مجاعة. أما الصدمات الاقتصادية، بما فيها التضخم وانهيار العملات، فقد دفعت بـ59.4 مليون شخص في 15 دولة -من بينها سوريا واليمن- إلى هاوية الجوع، أي ما يقرب من ضعف العدد المسجَّل قبل جائحة كوفيد-19. وفي السياق المناخي، تسببت ظواهر الطقس القاسي، وخاصة الجفاف والفيضانات المرتبطة بظاهرة "النينيو"، في إدخال 18 دولة في حالة أزمة غذائية، مؤثرةً على أكثر من 96 مليون شخص، خصوصاً في مناطق إفريقيا الجنوبية، وجنوب آسيا، وشرق إفريقيا. أشار التقرير إلى أن عدد الأشخاص الذين يواجهون ظروفاً أشبه بالمجاعة قد تضاعف أكثر من مرتين، ليصل إلى 1.9 مليون شخص، وهو أعلى رقم مسجّل منذ بدء مراقبة هذه المؤشرات عام 2016. كما بلغت معدلات سوء التغذية لدى الأطفال مستويات مفزعة؛ إذ يُقدَّر أن نحو 38 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد في 26 بؤرة تغذوية، من بينها السودان واليمن ومالي وقطاع غزة. وقد ساهم التهجير القسري أيضاً في تعقيد الأزمة، حيث يعيش نحو 95 مليون نازح -سواء لاجئين أم مهجّرين داخلياً- في دول تعاني من أزمات غذائية، كجمهورية الكونغو الديمقراطية وكولومبيا. ورغم الصورة القاتمة العامة، شهد عام 2024 بعض التحسن في 15 دولة، من بينها أوكرانيا وكينيا وغواتيمالا، حيث ساهمت المساعدات الإنسانية، وتحسُّن المحاصيل، وتراجع معدلات التضخم، وانخفاض حدة النزاعات، في تخفيف حدة انعدام الأمن الغذائي. ودعا التقرير إلى كسر الحلقة المفرغة للجوع من خلال الاستثمار في الأنظمة الغذائية المحلية. وقال بولسن: "تُظهر الأدلة أن دعم الزراعة المحلية هو الطريق الأنجع لإغاثة أكبر عدد من الناس، بكرامة، وبأقل التكاليف."


يورو نيوز
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- يورو نيوز
يونيسف: قصف مدفعي يحرم ألف مريض المياه في مدينة الفاشر السودانية
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الأربعاء، أنّ حوالي ألف مريض في حالة حرجة في إقليم دارفور في غرب السودان يعانون من انعدام شبه كامل لمياه الشرب بعدما دمّر قصف مدفعي صهريجًا في أحد المستشفيات. وكان الصهريج مركونا خارج المستشفى السعودي، وهو أحد المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل في مدينة الفاشر التي يناهز عدد سكانها مليوني نسمة. والفاشر هي العاصمة الوحيدة لولايات دارفور الخمس، التي لا تزال خارج سيطرة قوات الدعم السريع. وتحاضر الأخيرة المدينة منذ أيار/مايو 2024، وتواصل قصفها وشنّ هجمات على أطرافها. وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة في بيان "أمس، تمّ تدمير صهريج مياه تدعمه يونيسف في مجمع المستشفى السعودي في الفاشر، بنيران المدفعية، ما أدى إلى تعطيل الوصول إلى المياه الآمنة لحوالي ألف مريض يعانون من أمراض خطيرة". وأضافت "تواصل يونيسف دعوة جميع الأطراف إلى الالتزام بواجباتهم بموجب القانون الدولي وإنهاء جميع الهجمات على البنية التحتية المدنية الحيوية أو بالقرب منها". ويشهد السودان منذ منتصف نيسان/أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو تسبّبت في مقتل عشرات آلاف المدنيين ونزوح 13 مليونا، وأزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة من الأسوأ في التاريخ الحديث. وقسمت الحرب البلاد إلى مناطق نفوذ حيث يسيطر الجيش على وسط السودان وشماله وشرقه بينما تسيطر قوات الدعم السريع وحلفاؤها على معظم إقليم دارفور في الغرب وأجزاء من الجنوب. وفي نيسان/أبريل الماضي، قدّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّ ما بين 70 إلى 80 في المئة من المرافق الصحية في المناطق المتضرّرة جراء النزاع في السودان، أصبحت خارج الخدمة، مشيرة إلى الفاشر بشكل رئيسي.


يورو نيوز
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- يورو نيوز
سكان غزة بين مخالب المجاعة: عشرات المطابخ المجتمعية تغلق أبوابها بسبب نفاد الإمدادات
أفاد أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في غزة، أن غالبية المطابخ الـ170 في القطاع أوقفت عملها نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول المساعدات. وقال في تصريح لوكالة رويترز: إن "الجميع في غزة اليوم جائع. على العالم أن يتحرك فورًا لإنقاذ الناس هنا"، محذرًا من أن المطابخ المتبقية أيضًا على وشك التوقف، ما ينذر بكارثة غذائية كبرى قد تسفر عن وفيات في صفوف كبار السن والأطفال والمرضى. وكانت منظمة "المطبخ العالمي المركزي" الأمريكية قد أعلنت مساء الأربعاء عن توقفها عن توزيع الوجبات المجانية بعد استنفاد مخزونها الغذائي، مشيرة إلى أنها مُنِعت من إدخال المساعدات اللازمة من قبل إسرائيل. ومع إغلاق هذه المطابخ، يُتوقع انخفاض عدد الوجبات المجانية اليومية بما يتراوح بين 400 ألف و500 ألف وجبة، وسط معاناة يعيشها أكثر من 2.3 مليون شخص في القطاع، بحسب الشوا. وفي ظل توقف المطابخ، لجأ الأهالي للطهي بأنفسهم، لكنهم واجهوا مشكلة جديدة: الطحين المتوفر في الأسواق ملوث. يقول محمد أبو عايش، وهو أب نازح لتسعة أطفال من شمال غزة: إن "الطحين مليء بالحشرات والرمل… نضطر لغربلته ثلاث أو أربع مرات حتى يمكن خبزه. رائحته لا تُحتمل، ولا تصلح حتى للحيوانات، لكننا مضطرون لإطعام أطفالنا منه". وتواجه إسرائيل ضغوطًا دولية متزايدة لرفع الحصار المفروض على دخول المساعدات منذ انهيار الهدنة التي رعَتها واشنطن قبل نحو شهرين. وتتهم تل أبيب المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، بالسماح بوصول المساعدات إلى أيدي مقاتلي حماس، وهو ما نفته الحركة التي اتهمت بدورها إسرائيل باستخدام الجوع كسلاحٍ ضد المدنيين، مشيرة إلى أن معظم السكان نزحوا أكثر من مرة منذ بدء الحرب قبل 19 شهرًا. ويقول الشوا إن الوضع الغذائي بلغ مرحلةً حرجة، حيث أصبح الاعتماد اليومي على وجبة واحدة فقط خالية من اللحوم أو الخضروات أو العناصر المغذية الأساسية، بعد أن كان السكان يحصلون على وجبة ونصف قبل أسابيع. وأضاف: "الوجبات المجانية كانت تتكون من أرز أو عدس، وهذه أيضًا أصبحت مهددة بالتوقف خلال أيام". وتفاقمت الأزمة مع تزايد عمليات النهب التي طالت مطابخ مجتمعية ومخازن التجار وحتى مراكز تابعة للأمم المتحدة بسبب الحصار، مما دفع سلطات حماس إلى تنفيذ حملة أمنية ضد العصابات المحلية، أعدمت خلالها ما لا يقل عن ستة أفراد، بحسب ما نقلته رويترز عن مصادر مطلعة. وتُقدّر وكالة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية(OCHA) أن أكثر من مليوني شخص -أي غالبية سكان غزة- يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء، في ظل ارتفاع جنوني في الأسعار. إذ بلغ سعر كيس الطحين (25 كغ) نحو 500 دولار، مقارنة بـ7 دولارات قبل الحرب، وهو مبلغ يتجاوز قدرة معظم العائلات. وفي ظل هذا الانهيار الكامل في سلاسل الإمداد، واستمرار الحصار، تحذر منظمات الإغاثة من أن القطاع بات على شفا مجاعة شاملة تهدد حياة الملايين، في ظل صمت دولي متزايد وتقاعس عن التدخل لإنقاذ أرواح الأبرياء.