
قائد الحرس الثوري الإيراني: لن نبدأ حربًا لكننا مستعدون لأي حرب ونملك الأجهزة اللازمة لهزيمة العدو
أشار القائد العام للحرس الثّوري الإيراني اللّواء حسين سلامي، خلال اجتماع لقادة ومديري مقرّ القيادة العامّة للحرس الثّوري، إلى أنّ "العام الماضي كان عامًا مليئًا بالصّعود والهبوط الثّقيل والكبير والصّعب، وقد اصطفّ جيش الكفّار بأكمله ضدّ الجبهة الإسلاميّة، وجلبوا كلّ مواهبهم الممكنة إلى السّاحة"، مبيّنًا أنّ "العدو كان يعتقد أنّه سيتمكّن من إجبار المسلمين على الاستسلام وكتابة تاريخ مليء بالذّل للمجاهدين والمؤمنين في سبيل الله".
وفي إشارة إلى مقتل مجموعة من قادة الحرس الثوري الإيراني، في الهجوم على القنصليّة الإيرانيّة في دمشق عام 2024، لفت إلى أنّ "في الأيّام الّتي أعقبت هذا الحادث، كنّا نتّخذ القرارات ونستعد لبدء معركة مباشرة مع عدو كانت لها تداعيات عالميّة، ولأوّل مرّة في تاريخ الإسلام، بدأت معركة كبرى كهذه تتشكّل".
وأوضح سلامي أنّ "اتخاذ هذا القرار الّذي كان بمثابة صنع التّاريخ، جاء في وقت اصطف فيه الأعداء من الأمام والخلف، وحاولوا باستمرار، حتّى في منتصف اللّيل، ثني إيران برسائل التّهديد أو التّوسّل، وأعلنوا صراحةً أنّهم يقفون وراء الكيان الصّهيوني وسيتّخذون إجراءات إذا اتخذت إيران أي إجراء".
وركّز على أنّ "عمليّة "الوعد الصادق" تمّت، وردّ فعل العدو كان خفيفًا جدًّا. ولكن هذه بالطّبع لم تكن نهاية القصّة، بل كانت نقطة البداية".
وتعليقًا على التّطوّرات المستمرّة في المنطقة، ذكر أنّ "في وقت كانت فيه قوّة القدس التّابعة لنا تدير جبهات اليمن والعراق ولبنان وفلسطين في وقت واحد، وكانت الانتخابات تجري في البلاد، قُتل رئيس المكتب السّياسي السّابق لحركة "حماس" إسماعيل هنية على يد النّظام الصّهيوني، ممّا جعلنا عازمون مرّة أخرى على الانتقام الكبير".
وأضاف سلامي: "استمرّت هذه الأحداث حتّى جاءت الأحداث الحزينة والمريرة المتمثّلة بانفجار أجهزة "البيجر"، وما تلاها من استشهاد قادة "حزب الله"، ومن ثمّ استشهاد الزّعيم الرّوحي والقائد الأسطوري في تاريخ الإسلام الأمين العام السّابق لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله، مع العميد الإيراني عباس نيلفروشان".
كما أشار إلى أنّ "في نظر العدو، كان هذا الإجراء بمثابة صفّارة إنذار للمقاومة، الّتي نجحت في إبقاء العدو منخرطًا في الجبهة الشّماليّة لمدّة عام، وتقديم المساعدة لإخواننا وأخواتنا في غزة وفلسطين في حرب استنزاف". وأكّد أنّ "من لم يرَ أبعاد هذا المشهد، لن يدرك حجم الحادثة. من جهة، أميركا بكل ثقلها السّياسي والدّعائي والاقتصادي والنّفسي والعسكري، إلى جانب أوروبا والعديد من الأنظمة المنافقة والرّجعيّة والتّابعة سياسيًّا لأميركا، جميعهم يقاتلون بكل قوتهم، ومن جهة أخرى هناك المسلمون".
وشدّد على أنّ "العدو جاء بكلّ قوّته للاستسلام وهدم الشّرف والكرامة والهويّة والإسلام والولاية، لكنّه لن يستطيع. قصّة غزّة هي القصّة الأكثر إثارةً للدّهشة في التّاريخ: النّاس في منطقة محاصرة بالكامل، بلا طعام أو ماء، تحت نيران العدو الّتي لا ترحم، يتلون القرآن الكريم، ويرتدون الحجاب الكامل، يردّدون الشّهادة، ويقفون بثبات؛ رافضين السّماح للعدو بالانتصار. وهذه معركة إيمانيّة حقيقيّة ضدّ كلّ الأسلحة والمعدّات الحديثة في العالم".
وتابع قائد الحرس الثوري: "اليمنيّون و"حزب الله" في لبنان والمقاومة العراقيّة يقاومون أيضًا بالجودة نفسها. إنّ التّصوّر بأنّه في مواجهة هذه الجبهة الواسعة والشّريرة، لا ينبغي أن يلحق أي ضرر بالحزب أو فلسطين أو بنا، لا يتّفق مع منطق الحرب. العدو يهاجمنا بلا هوادة ليلًا ونهارًا بكل تلك القوّة، وهذا أمر طبيعي".
وركّز على "أنّنا نواجه عدوًّا محبطًا ومتوتّرًا لا يستطيع هزيمة شعب أعزل، ويكتب عليه الهزيمة والكراهيّة يومًا بعد يوم. لا يتمتّع هؤلاء الإسرائيليّون بأي سلام نفسي أو سياسي أو اقتصادي، وإذا انقطعت شحنات الأسلحة يومًا ما، فسيتساقطون كأوراق الخريف".
إلى ذلك، تساءل: "إذا كنّا وجبهة المقاومة ضعفاء، فلماذا توقّف العدو في لبنان؟ لماذا وافق على وقف إطلاق النّار في غزة؟ لماذا "حزب الله" لا يزال قويًّا وفلسطين لا تزال تقاتل؟ وتستمر معاناة اليمن رغم القصف المتكرّر، وحتى الأميركيّون اعترفوا بعدم فعاليّة القصف. وهذا طريق مسدود بالنّسبة للعدو".
وعن التّطوّرات في سوريا، أوضح سلامي "أنّنا لم نكن مسؤولين بشكل مباشر عن الدّفاع عن سوريا، بل ساهمنا في القضاء على فتنة تنظيم "داعش" والتّكفير في اللّحظات الصّعبة، ونجحنا في ذلك"، مبيّنًا أنّ "العوامل المتعلّقة بالنّظام السّوري ليست متعلّقة بإيران. واستغلالنا لتلك الأرض كان لدعم جبهة المقاومة، وربط التّطوّرات بضعفنا هو سوء تقدير من العدو".
وشدّد على أنّ "العدو، من خلال افتراضات خاطئة حول ضعف القدرة الرّادعة لإيران، يحاول وضعنا بين خياريَن: المواجهة أو قبول شروط العدو"، مستطردًا: "نحن الحرس الثّوري الإسلامي، وطننا ومسقط رأسنا هو الجهاد. لقد تم بناؤنا للمعارك العظيمة ولهزيمة الأعداء العظماء. لقد تعلّمنا من عاشوراء ونحن طلّاب تلك المدرسة، ولكن عاشوراء لن يتكرّر".
وأعلن أنّ "عدوّنا في متناول أيدينا في كل مكان. إنّ النّظام الصّهيوني هو بمثابة طاولة واسعة أمامنا. لقد تعلّمنا الصّيغ اللّازمة للتّغلّب على هذا العدو، وأدرجناها في عناصر أسلحتنا ومعدّاتنا كافّة. إنّنا نملك البرمجيّات والأجهزة اللّازمة لهزيمة الكيان، على الرّغم من الدّعم الأميركي المطلق له".
وجزم سلامي "أنّنا لسنا قلقين. نحن لا نشعر بالقلق بشأن الحرب على الإطلاق. نحن لن نبدأ حربًا، ولكنّنا مستعدّون لأي حرب"، لافتًا إلى أنّ "الجهاد للدّفاع عن الذّات والهويّة والوجود، هو حقيقة واقعة في القوّات المسلّحة والشّعب. نحن مستعدّون لكلا الحالتين، سواء كانت عمليّة نفسيّة أو عملًا عسكريًّا من قبل العدو، ولكنّنا لن نتراجع خطوةً واحدةً عن العدو". وختم: "لقد تراكمت لدينا قوّة عظيمة، وإذا أراد العدو أن يفتح أيدينا المغلقة ليرى حقيقة قوّتنا، فنحن مستعدّون".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 40 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
صيدا بين سعد والحريري: خروج البزري والجماعة من السباق والتشطيب سيد الموقف
أظهرت النتائج الأولية غير الرسمية لعمليات فرز الأصوات في الانتخابات البلدية والإختيارية في مدينة صيدا خروج اللوائح من السباق وانحصار المنافسة بين لائحتين هما لائحة "سوا لصيدا" ولائحة "نبض البلد". الأولى مدعومة من النائبة السابقة بهية الحريري والثانية من النائب أسامة سعد. وما زالت الأرقام متضاربة بين اللائحتين، حتى الساعة، بسبب ذهاب العديد من الصيداويين إلى تشكيل لوائحهم الخاصة، ووسط تكاثر عمليات التشطيب. منع توزيع نتائج حتى ساعات متأخرة من الصباح تتواصل عمليات الفرز، وثمة تضارب في الأرقام الصادرة عن الماكينات العائدة للوائح الرئيسية، ما دفع بمحافظ الجنوب منصور ضو للتعميم على كل الماكينات الانتخابية عدم التداول بأية ارقام قبل انجاز عمليات الفرز وإصدار المحاضر الرسمية للنتائج. علماً أنه حتى ما بعد منتصف الليل لم يكن عدد أقلام الإقتراع التي تم فرز اصواتها قد تعدى الـ20 قلماً من أصل مائة قلم في 17 مركز اقتراع في المدينة ككل. وكانت مدينة صيدا عاشت نهاراً ديمقراطياً بامتياز، حيث جرت الانتخابات في أجواء تنافسية حامية بين خمس لوائح، هي "سوا لصيدا" برئاسة مصطفى حجازي والمدعومة من جمهور تيار المستقبل ومن الرئيس السابق للبلدية محمد السعودي ورجل الأعمال مرعي أبو مرعي وعائلات، ولائحة "نبض البلد" برئاسة محمد دندشلي والمدعومة من النائب أسامة سعد ومن "تجمع علِ صوتك" ومجموعات من الثورة وعائلات، ولائحة صيدا "بدها ونحنا قدها" برئاسة عمر مرجان والمدعومة ضمناً من النائب عبد الرحمن البزري وعائلات، ولائحة "صيدا بتستاهل" المدعومة من الجماعة الإسلامية وعائلات و"صيدا تستحق" برئاسة مازن البزري والمدعومة من مهندسين وعائلات. التشطيب سيد الموقف نهار صيدا الإنتخابي مر بدون إشكالات تذكر داخل مراكز الإقتراع الـ17 التي توزعت عليها الأقلام في احيائها الـ13، لكن الأمر لم يخل من بعض إشكالات صغيرة خارج بعض المراكز، عملت القوى الأمنية سريعا على تطويقها. ورغم أن ثلاثة من اللوائح الرئيسية المتنافسة كانت مكتملة العدد وتضم 21 عضواً، الا أن التشطيب كان سيد الموقف سواء على هذه اللوائح او حتى على اللوائح غير المكتملة، مضافاً اليها اللائحة التي عممها الثنائي الشيعي (حزب الله وأمل) على مناصريه وجمع فيها مرشحين من اللوائح الأخرى معطياً الأفضلية عدداً للائحة نبض البلد بحسب ما ظهر من الأسماء التي جرى تعميمها من قبل الثنائي. وتسابقت الماكينات الانتخابية للوائح منذ بدء عملية الإقتراع صباحاً وحتى أقفال الصناديق مساءً على استقطاب الناخبين وتوجيههم الى انتخاب مرشحيها. كما تبارت شكلاً في اظهار مدى تنظيمها وحضور مندوبيها بكثافة عند مداخل وفي محيط مراكز الاقتراع. رغم تواريها قبل يوم الانتخابات خلف هذه اللائحة أو تلك، حضرت السياسة خلاله بأكثر من شكل وموقف، فواكب مندوبو كل لائحة من يدعمها من الفاعليات السياسية عند توجهه للإدلاء بصوته. وكان اقتراع هذا الفريق أو ذاك مناسبة ليعبر عن موقفه السياسي أو الإنتخابي من هذا الإستحقاق وما يعنيه بالنسبة له. وشهدت شوارع المدينة وطرقاتها الرئيسية والداخلية ولاسيما في محيط مراكز الاقتراع ازدحاما بالمواطنين والسيارات. لكن هذا الإزدحام لم يترجم خلال النهار بالقدر نفسه في أقلام الاقتراع. فتصاعدت نسبته لكن ببطء قبل الظهر، وتسارعت ظهرا قبل ان تعود وتتراجع بعده وحتى قرابة الخامسة. ما دفع ببعض الماكينات الإنتخابية لإعادة استنهاض ناخبيها وتحفيزهم على النزول والإقتراع وهكذا كان حيث توافدت بعدها اعداد كبيرة من الناخبين الى المراكز ليدلوا بأصواتهم وبقي قسم منهم داخلها حتى ما بعد موعد اقفال الصناديق لحين انتهاء عمليات الاقتراع. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


بيروت نيوز
منذ ساعة واحدة
- بيروت نيوز
أداة الثنائي الشيعي للتعبئة والحشد
في ظل الأجواء السياسية المتشنجة التي ترافق الاستحقاقات الانتخابية في لبنان، يعود الحديث مجدداً عن 'التكليف الشرعي' كأداة تعبئة تستخدمها بعض القوى لتوجيه ناخبيها. هذا المفهوم، الذي يتداخل فيه الديني بالسياسي، يُطرح كموقف شرعي مُلزِم يصدر عن مرجع ديني أو 'ولي فقيه'، ما يثير نقاشاً متجدّداً حول مشروعيته وحدوده في العمل السياسي، ومدى تأثيره على حرية الناخب وحقه في الاختيار. ولفهم خلفيات هذا المصطلح من زاوية دينية وفقهية واجتماعية، تحدث الشيخ ياسر عودة، عضو الهيئة الشرعية في مكتب المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، إلى 'النهار'، موضحاً ماهيته وموقعه في الفقه الإسلامي، كما في الواقع السياسي الشيعي، حيث يثير هذا النوع من الخطاب إشكاليات تتصل بالسلطة والتعددية والقرار الحرّ. ويبدأ الشيخ عودة بتعريف 'التكليف الشرعي' بأنه كل ما أوجبه الله أو حرّمه أو رغّب فيه أو كرهه أو أباحه، ويُستنبط من مصادر التشريع الإسلامي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والعقل، والإجماع. ويشدّد على أن إصدار هذا النوع من الأحكام يتطلب أهلية علمية عالية، ولا يجوز أن يصدر إلا عن الفقهاء المؤهّلين. لكن حين يتصل التكليف بالشأن السياسي، تتفاوت المواقف. فبحسب عودة، يرتبط الأمر بمن يقول بـ'الولاية العامة للفقيه'، أي إن للفقيه صلاحيات شاملة تشمل إدارة شؤون الدولة والمجتمع. ووفق هذا الرأي، يمكن أن يُعتبر توجيه الناخبين نحو انتخاب لائحة معيّنة تكليفاً شرعياً واجباً. إلا أن هذا الرأي ليس موضع إجماع، إذ هناك فقهاء، كالسيد السيستاني، لا يقولون بالولاية العامة، بل يحصرونها بالشأنين الديني والفقهي الفردي، ويرفضون استخدام الدين لتوجيه الناس في خياراتهم السياسية. ويضيف عودة أن البيئة الشيعية، ولا سيما تلك المرتبطة بـ'حزب الله'، غالباً ما تلتزم بهذا النوع من التكليف إذا صدر، كأن يُطلب منها التصويت للائحة معيّنة. لكنه يطرح سؤالاً: هل صدر مثل هذا التكليف فعلاً في الانتخابات البلدية الحالية؟ وفق ما ينقله عن بعض مسؤولي الحزب، فإن التوجّه المعلن هو ترك الأمور للعائلات والتوافقات المحلية، مع السعي إلى تمثيل الجميع، بما في ذلك العائلات الصغيرة، ولا سيما في الاستحقاقات البلدية والاختيارية. غير أن الواقع على الأرض، بحسب عودة، يكشف أن كثرة المرشحين وتنوّع الانتماءات يفرضان معايير خاصة لدى الحزب لاختيار الأسماء، ما يؤدّي إلى تشكّل عدة لوائح، ويدفع لاحقاً إلى اللجوء إلى 'التكليف الشرعي' كوسيلة لحسم التباينات، كما حدث في انتخابات بيروت. وفي هذا السياق، يرى الشيخ عودة أن ما جرى في بيروت أظهر بوضوح حجم التناقضات بين الأحزاب، إذ لا توجد علاقة ودّية بين القوات اللبنانية وحزب الله، بل تنافر واضح، ومع ذلك توافق الطرفان على لائحة واحدة باسم 'بيروت بتجمعنا'. وهنا يطرح عودة تساؤلات مشروعة: هل كانت البيئات الحزبية مقتنعة بهذا التوافق؟ ويجيب: 'لا البيئة الشيعية المؤيدة لحزب الله كانت مقتنعة تماماً، ولا بيئة القوات كذلك'. من هنا، برز 'التكليف الشرعي' كأداة لإلزام جمهور الحزب بالاقتراع، حتى وإن لم يكن الأمر نابعاً من قناعة تامة. ويرى الشيخ عودة أن استخدام 'التكليف الشرعي' في السياسة لا يختلف جوهرياً عن أسلوب الأحزاب في توجيه ناخبيها، معتبراً أن الفارق الوحيد هو الطابع الديني للخطاب. فهو يشبه بين من يلتزم بتوجيه 'الوليّ الفقيه' في حزب الله، وبين من يلتزم بتوجيه حزبي سياسي مختلف، مثل من يتبع رئيس حزب التيار الوطني الحر أو القوات اللبنانية. ويقول: 'في النهاية، الجميع يطيعون زعماءهم، سواء غُلّف الخطاب بالدين أم لا'.

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
التكليف الشرعي ودوره في الانتخابات: أداة الثنائي الشيعي للتعبئة والحشد
في ظل الأجواء السياسية المتشنجة التي ترافق الاستحقاقات الانتخابية في لبنان، يعود الحديث مجدداً عن "التكليف الشرعي" كأداة تعبئة تستخدمها بعض القوى لتوجيه ناخبيها. هذا المفهوم، الذي يتداخل فيه الديني بالسياسي، يُطرح كموقف شرعي مُلزِم يصدر عن مرجع ديني أو "ولي فقيه"، ما يثير نقاشاً متجدّداً حول مشروعيته وحدوده في العمل السياسي، ومدى تأثيره على حرية الناخب وحقه في الاختيار. ولفهم خلفيات هذا المصطلح من زاوية دينية وفقهية واجتماعية، تحدث الشيخ ياسر عودة، عضو الهيئة الشرعية في مكتب المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، إلى "النهار"، موضحاً ماهيته وموقعه في الفقه الإسلامي، كما في الواقع السياسي الشيعي، حيث يثير هذا النوع من الخطاب إشكاليات تتصل بالسلطة والتعددية والقرار الحرّ. ويبدأ الشيخ عودة بتعريف "التكليف الشرعي" بأنه كل ما أوجبه الله أو حرّمه أو رغّب فيه أو كرهه أو أباحه، ويُستنبط من مصادر التشريع الإسلامي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والعقل، والإجماع. ويشدّد على أن إصدار هذا النوع من الأحكام يتطلب أهلية علمية عالية، ولا يجوز أن يصدر إلا عن الفقهاء المؤهّلين. لكن حين يتصل التكليف بالشأن السياسي، تتفاوت المواقف. فبحسب عودة، يرتبط الأمر بمن يقول بـ"الولاية العامة للفقيه"، أي إن للفقيه صلاحيات شاملة تشمل إدارة شؤون الدولة والمجتمع. ووفق هذا الرأي، يمكن أن يُعتبر توجيه الناخبين نحو انتخاب لائحة معيّنة تكليفاً شرعياً واجباً. إلا أن هذا الرأي ليس موضع إجماع، إذ هناك فقهاء، كالسيد السيستاني، لا يقولون بالولاية العامة، بل يحصرونها بالشأنين الديني والفقهي الفردي، ويرفضون استخدام الدين لتوجيه الناس في خياراتهم السياسية. ويضيف عودة أن البيئة الشيعية، ولا سيما تلك المرتبطة بـ"حزب الله"، غالباً ما تلتزم بهذا النوع من التكليف إذا صدر، كأن يُطلب منها التصويت للائحة معيّنة. لكنه يطرح سؤالاً: هل صدر مثل هذا التكليف فعلاً في الانتخابات البلدية الحالية؟ وفق ما ينقله عن بعض مسؤولي الحزب، فإن التوجّه المعلن هو ترك الأمور للعائلات والتوافقات المحلية، مع السعي إلى تمثيل الجميع، بما في ذلك العائلات الصغيرة، ولا سيما في الاستحقاقات البلدية والاختيارية. غير أن الواقع على الأرض، بحسب عودة، يكشف أن كثرة المرشحين وتنوّع الانتماءات يفرضان معايير خاصة لدى الحزب لاختيار الأسماء، ما يؤدّي إلى تشكّل عدة لوائح، ويدفع لاحقاً إلى اللجوء إلى "التكليف الشرعي" كوسيلة لحسم التباينات، كما حدث في انتخابات بيروت. وفي هذا السياق، يرى الشيخ عودة أن ما جرى في بيروت أظهر بوضوح حجم التناقضات بين الأحزاب، إذ لا توجد علاقة ودّية بين القوات اللبنانية وحزب الله، بل تنافر واضح، ومع ذلك توافق الطرفان على لائحة واحدة باسم "بيروت بتجمعنا". وهنا يطرح عودة تساؤلات مشروعة: هل كانت البيئات الحزبية مقتنعة بهذا التوافق؟ ويجيب: "لا البيئة الشيعية المؤيدة لحزب الله كانت مقتنعة تماماً، ولا بيئة القوات كذلك". من هنا، برز "التكليف الشرعي" كأداة لإلزام جمهور الحزب بالاقتراع، حتى وإن لم يكن الأمر نابعاً من قناعة تامة. ويرى الشيخ عودة أن استخدام "التكليف الشرعي" في السياسة لا يختلف جوهرياً عن أسلوب الأحزاب في توجيه ناخبيها، معتبراً أن الفارق الوحيد هو الطابع الديني للخطاب. فهو يشبه بين من يلتزم بتوجيه "الوليّ الفقيه" في حزب الله، وبين من يلتزم بتوجيه حزبي سياسي مختلف، مثل من يتبع رئيس حزب التيار الوطني الحر أو القوات اللبنانية. ويقول: "في النهاية، الجميع يطيعون زعماءهم، سواء غُلّف الخطاب بالدين أم لا". أحمد م. الزين - النهار انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News