logo
عودة "التكية الإسلامية".. مشروع اجتماعي يثير الجدل في مصر

عودة "التكية الإسلامية".. مشروع اجتماعي يثير الجدل في مصر

الجزيرةمنذ 6 أيام
القاهرة- في خطوة تهدف إلى التخفيف من معاناة الفئات الأكثر احتياجا، أعلنت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، الدكتورة مايا مرسي، عن دراسة لإحياء مشروع "التكية الإسلامية" برؤية عصرية، باعتبارها أحد الحلول المستدامة لدعم الفقراء والمحتاجين في المجتمع.
ويهدف المشروع إلى تقديم وجبات غذائية مجانية يوميا للفئات التي تعاني فقرا مدقعا أو تفتقر لمصدر دخل ثابت، وذلك بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، وتحت رقابة تضمن الكفاءة والشفافية الكاملة في تقديم الخدمات.
وأوضح الدكتور محمد العقبي، مساعد الوزيرة للاتصال الإستراتيجي والمتحدث الرسمي باسم الوزارة، أن تصريحات الوزيرة جاءت بعد نجاح مبادرة "أهل الخير للإطعام" خلال شهر رمضان الماضي، والتي أثمرت عن توزيع أكثر من 52 مليون وجبة، بالتعاون مع عدد من الجهات المجتمعية.
وأشار إلى التشابه في الهدف بين المبادرة وفكرة "التكية" التاريخية، قائلا إن "هناك تشابها كبيرا بين فكرة الإطعام وتقديم الوجبات الساخنة والوجبات الطيبة المعدة باهتمام سواء لغير القادرين أو الأسر الفقيرة أو غيرها، هو نفس الدور تقريبا الذي كانت تقوم به التكية، لذا حدث الربط بين المفهوم التاريخي للتكية، وما طرحته الوزيرة".
وأكد أن تنفيذ المشروع الضخم يتطلب تنسيقا وشراكة مع جميع أجهزة الدولة والوزارات لضمان نجاحه، مضيفا: "ننسق مع وزارات التنمية المحلية والصحة والأوقاف، لأننا سنحتاج إلى استخدام عديد من الأماكن التابعة للأوقاف، في النهاية، نحن لا نعد مشروعا للوزارة لكن خدمة للمواطن المصري، والمرجو من كل هذا الجهد هو رضا المواطن".
إعلان الوزيرة أعاد إلى الواجهة تساؤلات حول مفهوم "التكية" وأصولها التاريخية، كما فتح الباب أمام نقاشات واسعة بشأن جدوى المشروع وآلية تطبيقه، ومدى ملاءمته لمتطلبات التنمية الحديثة.
مقاربات جديدة لمعالجة الفقر
من جانبه، اعتبر الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، أن تفاقم معدلات الفقر في المجتمعات يتطلب حلولا مستدامة لا مؤقتة، معتبرا أن طرح فكرة التكية يأتي ضمن هذه المحاولات. لكنه في الوقت نفسه أبدى تحفظه الشديد على المشروع، مشيرا إلى أنه يحمل "فشلا ضمنيا" في مضمونه، لا سيما من خلال تسميته.
وفي حديث للجزيرة نت، شدد هندي على ضرورة تجنب الصبغة الدينية في مثل هذه المشاريع الاجتماعية، لافتا إلى أن المسيحية أيضا لها مبادرات ومؤسسات خيرية نشطة تخدم الفئات الفقيرة منذ عقود.
موروث ثقافي
ورأى هندي أن اسم "التكية" نفسه يرتبط في الوعي الشعبي المصري بجلسات الذكر الصوفية والانقطاع عن العمل، وهو ما لا يتماشى مع المفاهيم المعاصرة التي تشجع على العمل والإنتاج، مضيفا: "هذا الموروث الثقافي غير محفز، ولا يتماشى مع التنمية التي ننشدها".
وأشار إلى أن دعم الفقراء لا ينبغي أن يقتصر على تقديم الطعام، بل يجب أن يترافق مع خطط لتعليمهم وتأهيلهم وتوفير فرص عمل لهم، وهو ما يتوافق مع توجه الدولة نحو التنمية المستدامة. وأضاف: "المطلوب رفع قيمة الدعم التمويني، وزيادة مخصصات برنامج تكافل وكرامة، إلى جانب مشاريع تنموية حقيقية تعزز من كرامة الإنسان".
واختتم تصريحاته مؤكدا دعمه أي مبادرة تستهدف الفئات المهمشة، لكنه دعا إلى اعتماد أساليب حديثة، مثل التقديم الإلكتروني للطلبات بدلا من الوقوف في طوابير انتظار المساعدة، بما يحفظ كرامة المحتاج.
من جانبه، دعا الدكتور عبد الرحيم ريحان، خبير الآثار وعضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، إلى إعادة توظيف التكايا بوصفها كيانات اجتماعية وخدمية، مشيرا إلى أنها كانت ملاذا للفقراء وعابري السبيل، قبل أن تتحول في مراحل لاحقة إلى مراكز للذِكر الصوفي فقط.
وبيّن ريحان -في حديث للجزيرة نت- أن التكية تعد من المنشآت الدينية المهمة التي تعود إلى العصر العثماني، إذ نشأت في الأناضول وامتدت إلى ولايات الدولة العثمانية، وكذلك في سلطنة مغول الهند وما قبل الدولة الصفوية في إيران.
وأضاف أن التكايا كانت في البداية مخصصة لإقامة المتصوفة المنقطعين للعبادة، لكنها أدت لاحقا وظائف أخرى، مثل تطبيب المرضى، وهو الدور الذي كانت تضطلع به البيمارستانات في العصرين الأيوبي والمملوكي بمصر قبل أن يضمحل دورها مع دخول العثمانيين.
وأشار إلى أن كلمة "تكية" أصلها فارسي وتعني "مكان الاستراحة" أو "الدعامة"، وقد تطور دورها لاحقا لتكون مأوى للفقراء والمسافرين، بل وحتى المحتضرين، وكانت تمول غالبا من أوقاف خاصة أو تبرعات من كبار الدولة.
دعم الفقراء
وأوضح ريحان أن التكايا في العصر العثماني تحولت إلى مأوى للعاطلين عن العمل، خاصة من المهاجرين العثمانيين إلى الولايات الغنية مثل مصر والشام، وكان يطلق على سكانها اسم الدراويش، حيث كانوا يعيشون على المخصصات الشهرية التي تصرف لهم من التكية.
وأشار إلى أن الإنفاق على التكايا كان يتم من خلال أوقاف خصصها سلاطين آل عثمان وأمراء المماليك وكبار المصريين، لتوفير سكن ومعيشة لروادها، مما جعل منها منظومة متكاملة للرعاية الاجتماعية.
وفي ضوء ذلك، يرى ريحان أن إعادة إحياء التكايا برؤية معاصرة لا يتعارض مع التوجه التنموي، شرط أن يعاد تأطيرها لتواكب معايير الشفافية والعدالة الاجتماعية، وتفتح أمام الجميع دون تمييز ديني أو طبقي، بحيث تصبح جزءا من شبكة حماية مجتمعية أوسع.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

برنامج الأغذية العالمي يفضح مذبحة إسرائيلية بحق مجوّعي غزة
برنامج الأغذية العالمي يفضح مذبحة إسرائيلية بحق مجوّعي غزة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

برنامج الأغذية العالمي يفضح مذبحة إسرائيلية بحق مجوّعي غزة

اتهم برنامج الأغذية العالمي إسرائيل باستخدام الدبابات والقناصة وأسلحة أخرى لإطلاق النار على حشد من الفلسطينيين الذين كانوا يسعون للحصول على مساعدات غذائية في قطاع غزة ، الأمر الذي اعتبرته وزارة الصحة في القطاع "أحد أكثر الأيام دموية لطالبي المساعدات خلال أكثر من 21 شهرا". ويستند هذا الاتهام، الذي وجهه برنامج الأغذية العالمي، إلى روايات شهود عيان وآخرين، قالوا إن إسرائيل أطلقت النار على الحشد. وذكر البرنامج أن الحشد المحيط بقافلته "تعرض لنيران الدبابات والقناصة الإسرائيليين ونيران أخرى"، ولم يحدد البيان عدد الضحايا، مكتفيا بالقول إن الحادث أسفر عن "خسائر لا تحصى في الأرواح". وأفادت وزارة الصحة في غزة وشهود عيان ومسؤول في الأمم المتحدة بأن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على حشود حاولت الحصول على طعام من قافلة مؤلفة من 25 شاحنة دخلت المنطقة المتضررة بشدة. وبعد حادثة يوم الأحد، أحصى مصور يتعاون مع "وكالة أسوشيتد برس" 31 جثة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة ، و20 جثة أخرى في ساحة عيادة الشيخ رضوان. وقال برنامج الأغذية في بيانه "كان هؤلاء الأشخاص يحاولون ببساطة الحصول على الغذاء لإطعام أنفسهم وعائلاتهم وهم على شفا المجاعة"، مضيفا أن الحادث وقع رغم تطمينات السلطات الإسرائيلية بتحسن إيصال المساعدات. وحسب البيان "أن جزءا من هذه التطمينات هو عدم تواجد القوات المسلحة أو التدخل على طول طرق المساعدات. يجب وقف إطلاق النار فورا بالقرب من البعثات الإنسانية والقوافل ونقاط توزيع الغذاء". ويسلط سفك الدماء المُحيط بوصول المساعدات الضوء على الوضع المتدهور بشكل متزايد لسكان غزة، الذين يسعون جاهدين للحصول على الغذاء وغيره من المساعدات، في ظل غياب أي بوادر نهاية للحرب التي عصفت بالمنطقة. ومع استمرار المحادثات، ارتفع عدد الشهداء في القطاع الذي مزقته الحرب إلى أكثر من 59 ألف فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة في غزة، التي تفيد بأن أكثر من نصف الشهداء من النساء والأطفال. إعلان في غضون ذلك، وسّعت إسرائيل نطاق أوامر الإخلاء الخاصة بها للقطاع لتشمل منطقة تضررت بشكل أقل من غيرها، ما يشير إلى احتمال وقوع المزيد من الاعتداءات الإسرائيلية لتضييق الخناق على الفلسطينيين في مساحات أصغر من غزة. يذكر أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تسمح لوسائل الإعلام الدولية بدخول غزة طوال الحرب.

المتحدث باسم الدفاع المدني بغزة: سأواصل إضرابي عن الطعام حتى لو كلفني ذلك حياتي
المتحدث باسم الدفاع المدني بغزة: سأواصل إضرابي عن الطعام حتى لو كلفني ذلك حياتي

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

المتحدث باسم الدفاع المدني بغزة: سأواصل إضرابي عن الطعام حتى لو كلفني ذلك حياتي

قال المتحدث باسم الدفاع المدني بغزة الرائد محمود بصل -في مداخلة مع قناة الجزيرة- إنه لا يزال لليوم الثاني على التوالي مضربا عن الطعام بالكامل، احتجاجا على المجاعة التي تضرب غزة وتضامنا مع المجوّعين. ورفع الرائد بصل لافتة كتب عليها" اليوم الثاني لإضرابي عن الطعام"، وقال إنه يوجه رسالة إلى العالم بزعمائه وقادته ومثقفيه وعلمائه بأن يقفوا مع قطاع غزة في المحنة التي يمر بها. ودعا الجميع للإضراب عن الطعام وخصّ بالتحديد العلماء حتى توقف المهزلة التي تقع ضد الإنسانية في القطاع الفلسطيني. وشدد على أنه سيواصل الإضراب عن الطعام حتى لو كلفه ذلك حياته، وقال "فلتكن أجسادنا كاشفة لعورة هذا العالم الظالم الذي يدّعي الإنسانية". ووصف الرائد بصل الوضع في القطاع بأنه كارثي، حيث لا يجد كثير من الناس الطعام، وهو حال امرأة قال الرائد بصل إنها جاءت إليه وهي تتوسل: "يا بني أريد طعاما لأطعم أطفالي"، مؤكدا أن الأطفال ينامون من دون طعام، والناس يموتون من أجل الحصول على الطعام. وحسب ما أكد المدير العام لوزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش، في مداخلة سابقة مع الجزيرة، فإن إجمالي الوفيات بسبب سوء التغذية ارتفع إلى 87 حالة، بينهم 77 طفلا و10 من البالغين. وكشف عن سقوط 95 شهيدا من منتظري المساعدات خلال 24 ساعة، وأن عدد المصابين من المجوعين بلغ حوالي 600 خلال 24 ساعة، بينما بلغ إجمالي ضحايا مراكز المساعدات 1017 شهيدا. وحذر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في اليوم نفسه من أن القطاع أصبح على أعتاب الموت الجماعي بعد أكثر من 140 يوما من إغلاق المعابر. ومن جهة أخرى، أكد الرائد بصل في مداخلته أن مناطق شرق غزة تتعرض لعملية عسكرية إسرائيلية، حيث تُقصف المنازل، وأن مناشدات وصلت إليهم وخاصة من منطقة زيكيم. وكشف أن شهود عيان أكدوا أن الجرافات الإسرائيلية ألقت التراب على الشهداء في المنطقة ذاتها.

قصص صادمة لمجوّعين من غزة يعيشون منذ أيام على الماء والملح
قصص صادمة لمجوّعين من غزة يعيشون منذ أيام على الماء والملح

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

قصص صادمة لمجوّعين من غزة يعيشون منذ أيام على الماء والملح

غزة- تعيش المريضة السبعينية جميلة ضاهر على الماء والملح منذ 3 أيام لتفادي إحساسها الدائم بالدوار والغثيان وعدم الاتزان، نتيجة سياسة التجويع الإسرائيلية الحادة التي تفتك بالفلسطينيين على امتداد قطاع غزة. وهذه الطريقة التي لجأت إليها ضاهر (76 عاما) أحد بدائل شحيحة وجد أهالي القطاع أنفسهم مضطرين إليها حاليا في أشد مراحل التجويع الناجم عن حصار إسرائيلي خانق، وإغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية منذ الثاني من مارس/آذار الماضي. وأمام خيمة تقيم فيها مع أسرتها المكونة من 14 فردا جلست ضاهر منهكة وتبدو عليها علامات الإعياء الشديد، وتقول للجزيرة نت "أجلس هنا طوال ساعات النهار هربا من حر الخيمة وصرخات جوع الأطفال، كلنا نشعر بالجوع والعجز". بدائل قاسية تعاني ضاهر من أمراض مزمنة، وتحتاج الأدوية التي تتناولها بانتظام إلى طعام مفقود تماما من الأسواق، وقد انخفض وزنها منذ تشديد الحصار من 97 إلى 67 كيلوغراما، وفقدت القدرة على الحركة إلا بصعوبة بالغة. وتقول ابنتها نيفين (48 عاما) للجزيرة نت إن القلق يتملكها على مصير والدتها وهي تشاهد "جسدها يأكل بعضه بعضا من شدة الجوع". ولنيفين 3 أحفاد أطفال لا يكفون عن البكاء طوال الوقت من قرصات الجوع، ولا تجد أمامها سوى الماء للتحايل عليهم وإسكات "قرقعة بطونهم"، وحتى الماء العذب للشرب ليس متوفرا باستمرار، تتحدث هذه الأم والجدة بمرارة مؤلمة. قبل اشتداد أزمة الجوع الحالية كانت هذه العائلة النازحة من بلدة جباليا في شمال القطاع تعتمد في معيشتها على تكية خيرية تحصل منها على وجبة واحدة من الطعام، لكنها أغلقت أبوابها أسوة بعشرات التكايا المماثلة التي خرجت من الخدمة، إما نتيجة الاستهداف الإسرائيلي المباشر أو لعدم توفر السلع والمواد الخام لإعداد الطعام. وكانت آخر مرة تحصل فيها نيفين على ربطة خبز من 10 أرغفة قبل 3 أيام، وبحسب وصفها كانت "كنزا كبيرا"، وعمدت إلى تقسيم كل رغيف إلى 4 أرباع، وتقول "أكلناها على يومين مع الملح أو دقة صنعتها بنفسي من بقايا عدس مطحون". ويعتبر الخبز مكونا أساسيا على موائد الغزيين، وبات مفقودا تماما من الأسواق، وفي حال عثر عليه فإن أسعاره بلغت مستويات غير مسبوقة. ووفقا لنيفين، فإن كيلو الطحين الواحد يكفي لصنع 8 إلى 10 أرغفة ويصل سعره حاليا إلى 200 شيكل (نحو 60 دولارا). سجن كبير وخلال 48 ساعة لم يتناول الفتى أمير النصلة وأسرته (6 أفراد) سوى كوب من الماء المخلوط بالقليل من الملح والبهارات. يقيم النصلة (15 عاما) وأسرته في خيمة داخل مخيم بحي الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة، ويقول للجزيرة نت "آخر مرة أكلنا فيها صحنا من شوربة العدس منذ 4 أيام". وخلال 3 أيام فقط ارتفع سعر كيلو العدس من 30 شيكلا إلى 100 شيكل (نحو 30 دولارا)، في حين البهارات شحيحة وأسعارها باهظة، ويقول النصلة "تباع بالغرام مثل الذهب". وتحتل أخبار المجاعة وتداعياتها الحيز الأكبر من تفاعل الغزيين على منصات التواصل الاجتماعي، ومشاركاتهم تجاربهم الشخصية وبدائلهم المتاحة التي اضطروا إليها في محاولات التغلب على الجوع. ويروي محمد عدوان -وهو صانع محتوى- تجربة أسرة صديق له وجدت في الصوم يوميا وسيلة لمقاومة الجوع، والإفطار على وجبة واحدة مما تيسر لديها من طعام تمكنها من الصمود حتى مغيب شمس اليوم التالي. ويشبّه عدوان في حديثه للجزيرة نت حياة 2.2 مليون فلسطيني في قطاع غزة حاليا بواقع الأسرى في سجون الاحتلال، ويقول "نحن نعيش أيضا في سجن كبير، ومثلما يخوض الأسرى إضراباتهم الاحتجاجية بالاعتماد على الماء والملح وجدنا أنفسنا مضطرين لمحاكاتها ومجابهة المجاعة الفتاكة". آثار جسدية ونفسية بدوره، لا يرى مدير مستشفى الأطفال والولادة في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس الدكتور أحمد الفرا أي جدوى في كل هذه البدائل، ويشدد على أنها "لا تمثل بديلا عن الطعام". ويقول الفرا للجزيرة نت إن "الجوع لا يهدد فقط حياة الإنسان، بل يدمر شخصيته وكرامته مع مرور الوقت، ويؤثر عليه بشكل عميق جسديا ونفسيا، خاصة إذا كان مستمرا". ويحذر الفرا من أن تداعيات التجويع بدأت في الظهور في أوساط الغزيين، وتبدو من اكتظاظ المستشفيات يوميا بعشرات حالات سوء التغذية التي لا تقف عند الأطفال وكبار السن، وإنما تشمل كل الفئات. ووفقا له، فإن الآثار الجسدية للمجاعة تتضمن: نقص الطاقة والإرهاق، حيث يؤدي تراجع السعرات الحرارية إلى ضعف عام وتعب مستمر. نقص الوزن والضمور العضلي نتيجة تكسير الجسم العضلات للحصول على الطاقة بعد أن يكسر النسيج الشحمي تحت الجلد. ضعف المناعة، ويصبح الجسم أكثر عرضة للعدوى والأمراض. فقر الدم نتيجة نقص الحديد والبروتينات. تراجع القدرة على التركيز وضعف الذاكرة. يؤدي سوء التغذية الشديد إلى تورم في البطن أو القدمين. توقف النمو عند الأطفال. فشل الأعضاء في الحالات الشديدة والمزمنة. ولذلك، يقول الفرا إن جسم الإنسان الجائع أو المجوع يدخل في حالة سبات ثم ينتهي بالموت. أما الآثار النفسية المترتبة على التجويع فمن أعراضها بحسب الفرا: القلق والاكتئاب. العصبية وتقلّب المزاج. ضعف القدرة على اتخاذ قرار وعدم القدرة على التعبير والفهم والإدراك. العزلة الاجتماعية وفقدان الاهتمام بالحياة. الوساوس المتعلقة بالطعام. اضطرابات نفسية حادة تنتج عن حالات "الجوع المزمن". ومن بين عشرات الحالات اليومية الناجمة عن الجوع الشديد يذكر الفرا قصتين مؤلمتين، واحدة لأسرة كاملة أصيبت بالتسمم الجماعي نتيجة تناولها معلبات غذائية فاسدة، وعندما سألها الأطباء: ألم تتفحصوا تاريخ صلاحيتها؟ أجابت الأم "نعلم أنها منتهية ولكن ليس أمامنا أي بديل لسد الجوع". والقصة الأخرى يقول الفرا إنها لطفل رضيع لا يتجاوز الشهرين اضطرت والدته إلى طحن حمص معلب وإطعامه له بديلا عن الحليب المفقود، وأحضرته إلى المستشفى في حالة إعياء شديد، وقد وصلت آثار الحمص إلى الجهاز التنفسي، وأجريت له عملية منظار قصبي رئوي لإزالة بقايا الحمص من الرئتين. أرقام صادمة وفي حديثه مع الجزيرة نت، يضع مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي الدكتور إسماعيل الثوابتة سياسة التجويع الحالية في أرقام تعكس عمق الأزمة، وتثبت -برأيه- ما يسميها "هندسة التجويع" التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي: 140 يوما على إغلاق الاحتلال التام جميع معابر قطاع غزة ومنع إدخال الإمدادات الإنسانية. 42 تكية طعام استهدفها الاحتلال في إطار فرض سياسة التجويع. 57 مركزا لتوزيع المساعدات والغذاء استهدفها الاحتلال في إطار فرض التجويع. 121 مرة استهدف الاحتلال قوافل المساعدات الإنسانية. 877 شهيدا قتلهم الاحتلال في "مصائد الموت" في محيط مراكز المساعدات التابعة لـ"مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة أميركيا وإسرائيليا، وأكثر من 5666 جريحا و42 مفقودا. 650 ألف طفل معرضون للموت بسبب سوء التغذية والجوع. 70 طفلا استشهدوا بسبب سوء التغذية منذ اندلاع الحرب. 620 وفاة بسبب نقص الغذاء والدواء. أكثر من 3500 حالة إجهاض بين الحوامل بسبب نقص العناصر الغذائية الضرورية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store