
وارن بافيت يكشف سر نجاحه: كنت أغيّر قناعاتي عند الحاجة
في لحظة مفصلية تُختتم بها واحدة من أعظم المسيرات في تاريخ الاستثمار العالمي، أعلن وارن بافيت في مايو 2025 عن تخليه الرسمي عن منصب الرئيس التنفيذي لشركته العريقة بيركشاير هاثاوي، ليُسلّم الشعلة إلى خليفته جريج آبل مع نهاية العام.
بافيت، الذي وُلد عام 1930 وبدأ أولى خطواته المالية في السادسة من عمره بفتح حساب توفير فيه 20 دولارًا فقط، استطاع عبر عقود من الزمن تحويل تلك البداية المتواضعة إلى ثروة تجاوزت في ذروتها 200 مليار دولار، لولا اختياره التبرع بمعظمها في واحدة من أضخم المبادرات الخيرية في التاريخ.
محطة فارقة: 11 مليار دولار في صندوق الأمانات
في 3 يوليو 2006، دخل بافيت إلى فرع بنك U.S. Bank وسط مدينة أوماها، وفتح صندوق الأمانات الخاص به، ليخرج بشهادة أسهم من بيركشاير هاثاوي تُعادل قيمتها حينها 11 مليار دولار.
لم تكن تلك الأوراق مجرد استثمار، بل البداية الفعلية لتنفيذ قراره بمنح أكثر من 99% من ثروته للأعمال الخيرية، في مقدمتها مؤسسة بيل وميليندا جيتس.
السر في التغيير... لا في الثبات
يشير بافيت إلى أن المرونة العقلية كانت العامل الحاسم في نجاحه الطويل. على عكس معظم المستثمرين، لم يكن يخشى مراجعة قناعاته وتغيير استراتيجياته حين تفرض الظروف ذلك. كان يؤمن بأن "الرجل العقلاني هو من يغير رأيه حين تتغير الحقائق"، وهي فلسفة كرّسها طوال حياته.
بدأ مسيرته كمؤمن صارم بنظرية بنيامين جراهام التي تركز على شراء الأسهم منخفضة السعر، لكنه لاحقًا، بتأثير شريكه تشارلي مانغر، غيّر نهجه ليُركّز على شراء الشركات الجيدة حتى إن لم تكن رخيصة.
وكانت صفقة شراء شركة See's Candies عام 1972 - بثلاثة أضعاف قيمتها الدفترية - نقطة تحول بارزة أكدت صحة هذه الرؤية.
من الشك في التكنولوجيا إلى الإيمان بآبل
في تسعينيات القرن الماضي، رفض بافيت الانخراط في فورة الاستثمار التكنولوجي لعدم قدرته على تقييم الشركات الناشئة في هذا القطاع. لكنه لاحقًا عاد ليُثبت قدرته على التكيّف مجددًا، حين اتخذ قرارًا استراتيجيًا بالاستثمار في شركة Apple، التي أصبحت لاحقًا أكبر حيازة لأسهم بيركشاير. وقال عام 2023: "آبل ببساطة أفضل من أي شركة نملكها".
وارن بافيت يكشف سر نجاحه: "كنت أغيّر قناعاتي عند الحاجة" - AFP
ورغم أن شركة بيركشاير هاثاواي قلّصت حيازتها في أسهم آبل خلال عام 2024، فإن آبل بقيت أكبر استثمار للأسهم في محفظة الشركة حتى نهاية العام. وفي الاجتماع السنوي الأخير للمساهمين، قال وارن بافيت ساخرًا: "أشعر بالحرج أن أقول إن تيم كوك جنى لبيركشاير أموالًا أكثر مما جنيته أنا".
العطاء الأكبر: قرارات محسوبة بروح إنسانية
لطالما خطّط وارن بافيت للتبرّع بثروته بعد وفاته؛ لكنه، كما فعل مرارًا في مسيرته الاستثمارية، غيّر رأيه في عام 2006، وبدأ بتنفيذ التبرّعات وهو على قيد الحياة، موجهًا عشرات المليارات من الدولارات إلى مؤسسة جيتس، وإلى مؤسسات خيرية أسّسها أبناؤه الثلاثة.
وقد جاء هذا القرار منسجمًا مع فلسفة بافيت الشخصية، التي عبّر عنها ببساطة لافتة قائلًا: "ما المنطق في أن توكل مهمة عظيمة لمن هو أقل منك كفاءة؟ أعطها لمن هو أفضل".
اقرأ أيضاً الملياردير وارن بافيت يحدد 5 عادات مالية تمنعك من بناء الثروة
إرث لا يُقدّر بثمن
مع متوسط عائد سنوي بلغ 19.9% من 1965 إلى 2024، سجّل بافيت أحد أفضل الأداءات الاستثمارية في التاريخ، حيث بلغ العائد التراكمي للمستثمرين الأوائل في بيركشاير أكثر من 5.5 مليون بالمئة. ولو لم يتبرع بثروته، لكان أغنى رجل في العالم بلا منازع.
لكن بافيت اختار مسارًا مختلفًا. في كل مرة غيّر فيها قناعته، كانت النتيجة نقطة انعطاف تصنع الفارق. من تخليه عن "سيجار غراهام الرخيص"، إلى اعتناقه لآبل، إلى ثقته في مؤسسة جيتس، اختار دائمًا ما يراه أكثر عقلانية، وليس الأكثر شيوعًا.
وفي ختام مسيرته، يقدّم وارن بافيت درسًا أخيرًا: لا النجاح ولا الاستدامة يأتيان من الثبات، بل من الشجاعة في تغيير الفكر عندما يُحتّم الواقع ذلك.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ 16 دقائق
- أرقام
مدن القابضة تعلن بيع جميع وحدات مشروعها السكني مهيرة بأكثر من مليار درهم
شعار مجموعة مدن القابضة أعلنت مجموعة مدن القابضة (كيو القابضة سابقا)، وهي شركة مساهمة خاصة في سوق أبوظبي للأوراق المالية الثانوي سوق نمو، بيع جميع الوحدات السكنية في مشروعها السكني "مهيرة" الذي تم إطلاقه أمس، بقيمة إجمالية بلغت أكثر من مليار درهم. ويعتبر مشروع "مهيرة" مجتمعا سكنيا فاخرا للتملك الحر لجميع الجنسيات في جزيرة الريم بإمارة أبوظبي، ويتكون من برجين سكنيين، يضمان 475 وحدة سكنية، ومجموعة من المرافق الترفيهية والخدمية. مدن القابضة - بيع جميع وحدات مشروع مهيرة في جزيرة الريم


الرياض
منذ 2 ساعات
- الرياض
النفط يهبط وسط صعود الدولار واحتمالية زيادة إنتاج أوبك+
انخفضت أسعار النفط اليوم الجمعة على خلفية صعود الدولار واحتمالية قيام تحالف أوبك+ بزيادة إنتاجه من النفط الخام بصورة أكبر. وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 37 سنتا إلى 64.07 دولار للبرميل بحلول الساعة 0015 بتوقيت جرينتش. ونزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 39 سنتا إلى 60.81 دولار. وانخفض خام برنت اثنين بالمئة منذ بداية الأسبوع وحتى الآن، فيما هبط خام غرب تكساس 2.7 بالمئة. وصعد الدولار أمام سلة من العملات أمس الخميس بدعم من موافقة مجلس النواب على مشروع قانون طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخفض الضرائب والإنفاق. وعادة ما يتم تداول النفط بشكل عكسي مع الدولار لأن ارتفاع الدولار يزيد التكلفة على المشترين من خارج الولايات المتحدة. ودفع تقرير من بلومبرج نيوز أفاد بأن تحالف أوبك+ سيدرس زيادة كبيرة أخرى في الإنتاج خلال اجتماع في الأول من يونيو حزيران أسعار النفط للانخفاض أيضا. ونقل التقرير عن مندوبين أن زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميا في يوليو تموز من بين الخيارات المطروحة، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي. وذكرت رويترز سابقا أن تحالف أوبك+ سيسرع وتيرة إنتاج النفط. وضغط ارتفاع كبير في مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة في وقت سابق من الأسبوع كذلك على أسعار النفط. ووفقا لبيانات من شركة ذا تانك تايجر، ارتفع الطلب على تخزين النفط الخام في الولايات المتحدة في الأسابيع الماضية لمستويات مماثلة لما كان عليه الوضع خلال كوفيد-19، في وقت يستعد فيه المتعاملون لزيادة الإنتاج في الأشهر المقبلة من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها.


الرياض
منذ 2 ساعات
- الرياض
الذهب يتجه لأفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر
يتجه الذهب اليوم الجمعة لتسجيل أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر، إذ أدى تراجع الدولار وتزايد المخاوف إزاء أوضاع المالية العامة في أكبر اقتصاد في العالم إلى دعم الإقبال على الملاذ الآمن. وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.2 بالمئة إلى 3299.79 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 0014 بتوقيت جرينتش. وارتفع المعدن النفيس بنحو ثلاثة بالمئة منذ بداية الأسبوع وحتى الآن ويتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ أوائل أبريل نيسان. وزادت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.2 بالمئة أيضا إلى 3299.60 دولار. وهبط الدولار بأكثر من واحد بالمئة منذ بداية الأسبوع وحتى الآن ويتجه لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ السابع من أبريل نيسان، مما يجعل الذهب المسعر به أرخص لحائزي العملات الأخرى. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، استقرت الفضة في المعاملات الفورية عند 33.07 دولار للأوقية، وصعد البلاتين 0.1 بالمئة إلى 1082.47 دولار، ونزل البلاديوم 0.3 بالمئة إلى 1012.00 دولارا.