
بقوة «السوشيال ميديا»
ففي عام 2014، نشرت مجلة «فورين بوليسي» مقالاً للكاتبين شيلون هيملفارب، وسين آدي، تحت عنوان «وسائل الإعلام التي تحرك الملايين»؛ حيث سعى هذان الباحثان الأميركيان إلى التأكيد على قدرة وسائل «التواصل الاجتماعي» على تعزيز الحراك السياسي والاجتماعي، وإشعال الاحتجاجات، والضغط على الحكومات، وحملها على اتخاذ قرارات بعينها.
ولاحقاً، بات البحث في الدور الذي تلعبه تلك الوسائط، حيال عمليات بناء الرأي العام وتوجيهه، مجالاً واسعاً وخصباً لكثير من الدراسات، وقد نُشرت في هذا الصدد نتائج بحوث مهمة، أقر معظمها بمدى قدرة هذه الوسائط على ترجمة ما تحويه من نزعات ومطالب إلى قرارات وسياسات برسم التنفيذ.
والشاهد أن قدرة هذه الوسائط على المساهمة المؤثرة في صناعة الرأي العام، وتبديل المزاج العمومي، ليست محل نقض، لكن التسليم بأن هذه القدرة حاسمة بشكل مُطلق، وبإمكانها وحدها إحداث الأثر المطلوب في كل الأوقات ما زال محل شك.
وقبل أيام، انشغل الجمهور في مصر بواقعة بثها أحد المواطنين، عبر حسابه على إحدى وسائل «التواصل الاجتماعي»، وهي الواقعة التي أظهرت يافعاً، يبلغ من العمر 15 سنة، يقود «توك توك»، في شارع مزدحم، ويهدد هذا المواطن بأداة حادة يحملها، ويوجه له سباباً فاحشاً.
لقد سرى هذا الفيديو بين الوسائط كما النار في الهشيم، وعلى الفور تحوّل إلى مشاعر غضب وانتقادات ومطالبات بضبط هذا الصبي، ومحاسبته.
وفي خلال أسبوع واحد، تم ضبط بطل الفيديو، وإحالته إلى التحقيق، رغم عدم وجود بلاغ رسمي، وعلى عكس كثير من إجراءات التقاضي، التي قد تستغرق أزمنة طويلة في مرفق العدالة، فإن المحكمة انعقدت، وحكمت على هذا الصبي بالحبس في دار رعاية، لمدة سنتين.
لم يكن لهذه الواقعة أن تصل إلى مرفق العدالة، ويجري الحسم بشأنها، وتنتهي بصدور حكم قضائي، في تلك الفترة القصيرة جداً، لولا الضغط الهائل الذي تُولّده منصات «السوشيال ميديا».
لم يحدث هذا في مصر فقط، لكنه يحدث أيضاً في معظم الدول العربية؛ فعلى مدى العقد الماضي تحديداً، كانت «السوشيال ميديا» تقود المؤسسات والحكومات إلى اتخاذ قرارات صعبة وسريعة، بسبب قوة الضغط الهائلة للرأي العام.
لقد حدث هذا في إحدى الدول العربية، التي تسببت حملة «سوشيالية» فيها في تغيير السياسات التي تتبعها شركات الاتصالات الرئيسة، إثر «هاشتاغات» كثيرة حملت عناوين المقاطعة.
وفي دولة أخرى، كانت الحملة تستهدف شركات السيارات، التي أفرطت في رفع أسعار منتجاتها، لكنها استجابت للضغوط «السوشيالية»، وأجرت تخفيضات قياسية، تجاوباً مع الانتقادات الحادة، وسعياً إلى تفادي الركود.
شيء مماثل حدث في بعض الدول العربية، حين دشّن ناشطون على «السوشيال ميديا» حملات تحت عناوين مثل: «خليها تخيس» (دعها تفسد)، أو «دعها تصدأ»، استهدفت بضائع أفرط بائعوها في تقدير أسعارها، ما تجاوبت معه السلطات بقرارات لضبط جموح الأسعار.
وفي أجواء جائحة «كوفيد - 19»، شعر الجمهور، في أكثر من دولة عربية، بأن السلطات تُفرط في إجراءات الحظر ومنع التنقل، فما كان منه إلا أن نظّم حملات على «السوشيال ميديا»، استهدفت الضغط لتخفيف الحظر، وهو الأمر الذي تجاوب معه عدد من الحكومات بإجراءات ملموسة.
يتعاظم الدور الذي يؤديه الإعلام بشكل عام في بلورة الرأي العام لدى الأفراد والجماعات، وتأطير الاتجاهات، وإرساء الأولويات، وصولاً إلى التأثير في الأداء العمومي، وحمل المؤسسات الرسمية على اتخاذ قرارات بعينها.
ولا ينفي علماء الاجتماع والإعلام أن الأطر الأكثر تماسكاً في أي مجتمع يمكن أن تخضع لتأثيرات «السوشيال ميديا»، وأن تتخذ قرارات تحت ضغطها الرهيب.
ورغم أن كثيراً من تلك الحملات الجماهيرية عبر المنصات يتمتع بوجاهة ومنطقية، ويسعى إلى تحقيق مصالح وإنفاذ تصورات لجماعات وفئات بشكل لا يتناقض مع المصلحة العامة، فإن ثمة ما يجري أحياناً خارج هذا النطاق، ولتحقيق أهداف أخرى.
وفي كل الأحوال، فتلك الحملات تمثل سلاحاً ذا حدين، والحرص في استخدامها واجب، وحبذا لو استندت إلى معلومات وأدلة، وابتعدت عن التهييج، واستهدفت المصلحة العامة، وتحصّنت من الاستخدام السياسي والتجاري المشبوه.
إن قوة «السوشيال ميديا» الهائلة، وأثرها الحاسم أحياناً، يمكن أن يساعدا السلطات على اتخاذ قرارات صائبة وسريعة، لكن الحرص، مع ذلك، واجب، لأن طبيعة تلك المنصات، وديناميات التفاعل عبرها، قابلة للاختراق والتوجيه المُغرض، في كثير من الأحيان.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
وزراء خارجية السعودية ومصر وقطر والأردن يبحثون جهود استئناف وقف النار بغزة
أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية اليوم (الثلاثاء)، بأن الوزير بدر عبد العاطي بحث مع نظرائه في السعودية الأمير فيصل بن فرحان، وقطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، والأردن أيمن الصفدي، مستجدات الأوضاع في قطاع غزة وجهود استئناف وقف إطلاق النار. جاء اللقاء على هامش المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين الذي ينعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وتبادل الوزراء، حسب البيان، الرؤى بشأن مستجدات الأوضاع في قطاع غزة والجهود المصرية-القطرية المشتركة مع الولايات المتحدة لاستئناف وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون عوائق. كما بحث الوزراء الخطوات المقبلة لتنفيذ الخطة العربية-الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، والإعداد لمؤتمر القاهرة الدولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع الحكومة الفلسطينية والأمم المتحدة. وأكد البيان أن اللقاء عكس وحدة المواقف حول غزة بين الدول الأربع. في السياق، التقى وزير الخارجية المصري مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، وأكد له أن مصر لن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية من خلال مخططات التهجير. وأضاف البيان أن عبد العاطي بحث أيضاً مع مصطفى تطورات الأوضاع في الضفة الغربية والانتهاكات الإسرائيلية بمدنها ومخيماتها. وأكد عبد العاطي استمرار مصر في جهودها الحثيثة للوساطة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة وذلك في ظل الكارثة الإنسانية في القطاع.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
القبض على رمضان صبحي لاعب بيراميدز المصري
ألقت الأجهزة الأمنية في مطار القاهرة الدولي القبض على رمضان صبحي، جناح الفريق الأول لكرة القدم بنادي بيراميدز المصري، في أثناء فحص أوراقه عائداً من تركيا، عقب انتهاء معسكر إعداد فريقه استعداداً للموسم الجديد، تنفيذاً لقرار قضائي صادر ضده. وكان رمضان صبحي قد تم اتهامه في شهر مايو (أيار) الماضي بقيام فرد آخر بأداء الامتحان في أحد المعاهد الخاصة بدلاً منه. وكان لاعب بيراميدز عائداً مع فريقه عقب انتهاء معسكر الإعداد للموسم الجديد في الدوري المصري الممتاز لكرة القدم.


عكاظ
منذ 2 ساعات
- عكاظ
القبض على رمضان صبحي بمطار القاهرة لتنفيذ حكم قضائي
في حادثة أثارت جدلًا واسعًا، ألقت السلطات الأمنية بمطار القاهرة الدولي، صباح اليوم الثلاثاء، القبض على نجم منتخب مصر ولاعب نادي بيراميدز، رمضان صبحي، فور وصوله من تركيا، حيث كان يشارك في معسكر تدريبي لفريقه. وجاء القبض تنفيذًا لحكم قضائي صادر من نيابة أبو النمرس بمحافظة الجيزة، يتهم اللاعب بالتزوير والغش في امتحانات معهد الفراعنة بمنطقة أبو النمرس. ووفقًا لمصادر خاصة لـ«عكاظ»، من المقرر عرض رمضان صبحي على نيابة جنوب الجيزة الكلية، بعد أن تم التحفظ عليه بالمطار عقب إنهاء إجراءات وصوله، وتم نقله إلى مديرية أمن الجيزة لاستكمال الإجراءات القانونية. وأفادت المصادر بأن الحكم القضائي يتعلق بادعاء أن شخصًا آخر أدى امتحان نهاية العام نيابة عن اللاعب في المعهد المذكور. ولم يصدر نادي بيراميدز بيانًا رسميًا حول الواقعة حتى الآن، لكن مصدرًا داخل النادي أكد أن إدارة النادي كلفت فريقها القانوني بمتابعة القضية بشكل عاجل لدراسة الموقف واتخاذ الإجراءات اللازمة، مُشيرًا إلى أن بعثة الفريق لا تزال في تركيا ومن المقرر عودتها إلى القاهرة مساء الثلاثاء. وسبق لمحامي اللاعب أشرف عبد العزيز، أن نفى في بيان صادر في 14 مايو الماضي أي صلة لرمضان صبحي بالواقعة، مؤكدًا أن اللاعب لم يتلقَ أي استدعاء رسمي من جهة أمنية أو تحقيقية، وأنه لا يعرف الشخص المتهم بأداء الامتحان نيابة عنه، وأضاف المحامي أن اللاعب ينفي بشكل قاطع أي علاقة تربطه بالاتهامات الموجهة إليه. ووفقًا للقانون المصري، يواجه المتهم بالغش في الامتحانات عقوبات صارمة تشمل الحبس من سنتين إلى سبع سنوات، وغرامات تتراوح بين 100 ألف و200 ألف جنيه، بالإضافة إلى الحرمان من الامتحانات ورسوبه في الدور الحالي والتالي. كما يعاقب القانون على الشروع في الغش بالحبس لمدة لا تقل عن سنة وغرامة من 10 آلاف إلى 50 ألف جنيه، وفي حال حيازة أجهزة إلكترونية داخل لجان الامتحانات، يتم فرض غرامة تتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف جنيه مع مصادرة الأجهزة. وفي حال كان الحكم الصادر ضد رمضان صبحي غيابيًا، يمكن لمحاميه تقديم معارضة على الحكم خلال المدة القانونية المحددة، مما يتيح إخلاء سبيله على ذمة القضية وإعادة نظر الدعوى أمام المحكمة ذاتها. أما إذا كان الحكم حضوريًا، فيمكن للدفاع استئناف الحكم لإعادة تقييم القضية. أخبار ذات صلة