logo
خيمة سفوان بين الوقائع العسكرية والتوظيف السياسي

خيمة سفوان بين الوقائع العسكرية والتوظيف السياسي

موقع كتاباتمنذ 4 أيام
منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن، كلما ينشأ حدث ما بين الكويت والعراق يتضمّن فيما يتضمّن تنازلاً عن السيادة العراقية من قبل النظام الذي فرضه المحتل الأمريكي على العراق، يخرج علينا البعض بسرديات مختلفة، لكنها جميعًا لا تستند إلى البُعد الأكاديمي التوثيقي، مبرّرين هذا التنازل بتعليقه على شماعة 'خيمة سفوان'، وأن هذا التنازل كان النظام السابق قد وقّع عليه في خيمة سفوان. حتى بات هذا التبرير، الذي يرد على ألسنة الساسة بمختلف مسمّياتهم، هو السمة الغالبة التي يجتمع عليها جميع من جاء مع المحتل على ظهر دبابة، أو من حصل على تزكية من المحتل ليتقلد هذا المنصب أو ذاك.
وبات واضحًا أن هذه الاستراتيجية، التي سأُطلق عليها 'استراتيجية خيمة سفوان'، قد أصبحت الصيغة العامة لتسويق تنازل العراق عن مناطق سيادية، وكان آخرها ما شاهدناه في تنازل العراق عن خور عبد الله إلى الجانب الكويتي، أو ما يسوقه البعض تجميلًا باسم 'اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية بين العراق والكويت في خور عبد الله'. وهي اتفاقية مذلة، عُقدت بواسطة رشاوى دُفعت لمسؤولين عراقيين في مناصب سيادية في الدولة العراقية.
لكننا لن نسهب هنا في الحديث عن خور عبد الله، إذ خُصص له سلسلة مقالات لا تزال تُنشر تباعًا في صحف ومراكز دراسات مختلفة. ما يهمنا في هذا المقام هو: ما الذي حدث فعليًا في خيمة سفوان؟ وهل العراق وقّع في هذه الخيمة على تنازلات مؤلمة لصالح الجانب الكويتي؟ أم أن كل ما يُردّد عن تنازل العراق عن السيادة أو الأراضي لا يعدو كونه كلامًا بلا قيمة توثيقية، وتبريرًا واهنًا لحالة من الرضوخ والخنوع واستلام الرشاوى، مستغلين جهل الشارع العراقي بما جرى فعلًا في خيمة سفوان؟
ولأننا أكاديميون، فإننا نستخلص الحقائق من وثائق معتمدة أو مصادر أخرى موثوقة. وهنا، سنعتمد في تحليلنا على ثلاثة كتب صادرة تتضمن شرحًا مفصلًا لما دار في خيمة سفوان، كتبها أشخاص كانوا المحور الرئيس في الاجتماع ويمثلون الأطراف المجتمعة في خيمة سفوان، وهي:
كتاب 'الأمر لا يحتاج إلى بطل'، صدر عام 1992، من تأليف الجنرال نورمان شوارزكوف، قائد قوات التحالف في حرب الخليج.
كتاب 'مقاتل من الصحراء'، صدر عام 1995، من تأليف الأمير الفريق خالد بن سلطان بن عبد العزيز، قائد القوات العربية المشتركة.
كتاب 'أم المعارك… الحقيقة على الأرض'، صدر عام 2016، من تأليف الفريق الركن صلاح عبود، قائد الفيلق الثالث وقتها.
ما يميز هذه الكتب أن مؤلفيها الثلاثة كانوا متواجدين في خيمة سفوان وشاركوا فعليًا في الاجتماع الذي عُقد هناك. لذا، فإن ما ورد فيها يتمتع بدرجة عالية من المصداقية والدقة التوثيقية، خصوصًا وأن سردياتهم متوافقة تمامًا حول ما جرى، مما يمنحها قيمة توثيقية كبيرة، ويجعلها مصادر أكاديمية معتمدة في هذه الجزئية.
وبناءً على هذه الكتب الثلاثة، يمكننا أن نطرح السؤال بدقة: ماذا جرى في خيمة سفوان؟
نعلم أن قرار وقف إطلاق النار من الجانب الأمريكي صدر ليلة الجمعة 28 شباط 1991، ليبدأ سريانه اعتبارًا من الساعة الثامنة من صباح يوم الجمعة 1/3/1991 بتوقيت بغداد. وقد وافق الجانب العراقي على القرار الصادر من الجانب الأمريكي، بوساطة روسية. وكان العراق آنذاك في أمسّ الحاجة لوقف إطلاق النار، بعد الخسائر الجسيمة التي تكبّدها نتيجة التفوق الجوي الأمريكي. وهذه حقائق لا يمكن إنكارها أو تزييفها.
وقد تطلب الأمر عقد اجتماع على مستوى القيادات العسكرية للتوافق على ترتيبات وقف إطلاق النار وفصل القوات، وكان ذلك بناءً على اقتراح الوسيط الروسي، أن يُعقد الاجتماع في نقطة حدودية عراقية في مدرج طائرات جبل سنام في ناحية سفوان التابعة لقضاء الزبير. وتم تحديد موعد الاجتماع في الساعة 11:30 من صباح يوم الأحد الموافق 3/3/1991 .
الوفد العراقي تكوّن من:
الفريق الركن سلطان هاشم، معاون رئيس الأركان للعمليات.
اللواء الركن صلاح عبود، قائد الفيلق الثالث.
العميد البحري نوفل عبد الحافظ، كمترجم.
أما الوفد الآخر فتكوّن من:
الجنرال الأمريكي نورمان شوارزكوف، قائد قوات التحالف.
الأمير الفريق خالد بن سلطان بن عبد العزيز، قائد القوات العربية المشتركة.
مترجم ومجموعة من المرافقين.
بدأ الحديث الجنرال شوارزكوف باستعراض النقاط التي سيجري بحثها، والمكلّف بها من قبل حكومته. ورد عليه الفريق سلطان هاشم بالتأكيد على أنه مفوّض من القيادة العراقية لمناقشة كل النقاط المتفق عليها، والتي أُرسلت عن طريق سفير الاتحاد السوفيتي في بغداد، بالإضافة إلى أي أمور أخرى قد تستجد.
كان الاجتماع عسكريًا بامتياز، تم فيه ترتيب الأوضاع لما بعد وقف إطلاق النار، وتم الاتفاق على ما يلي:
إطلاق سراح الأسرى من كلا الطرفين.
تبادل الجثامين.
تسليم العراق خرائط حقول الألغام البرية والبحرية.
تعيين مواقع الأسلحة الكيميائية داخل الأراضي الكويتية (وقد نفى العراق وجودها أصلًا).
انسحاب كلا الطرفين داخل حدودهما مسافة كيلومتر واحد لفصل القوات.
نقاط لوجستية أخرى لتسهيل حركة القطعات العسكرية أثناء الانسحاب.
السماح باستخدام العراق للطائرات المروحية (السمتية) لأغراض نقل الجرحى والمسؤولين.
الاجتماع كان سريعًا نسبيًا، واستغرق حوالي ساعة واحدة فقط. وقد تم تسجيله صوتيًا، وتسلم كل من الوفدين العراقي والأمريكي نسخة من التسجيل. ولم يتضمّن الاجتماع كتابة محضر أو توقيع العراق على أية وثيقة تخص مسألة الحدود أو السيادة. وقد نشرت الحكومة الكويتية بعد ذلك التسجيل.
وعند نهاية الاجتماع، تبادل رئيسا الوفدين التحية العسكرية وتصافحا بحرارة، وصافح شوارزكوف الفريق صلاح قائلًا له:
'أهنئك… قدت معارك ناجحة، لكن سوء الحظ لم يوفر لك الإمكانيات لتربحها.'
هذا بالضبط ما دار في خيمة سفوان، بالاستناد إلى الكتب الثلاثة المذكورة أعلاه. ولا يزال بعض من حضروا ذلك الاجتماع على قيد الحياة حتى اليوم.
لقد غابت الحقيقة عن معظم أبناء الشعب العراقي بشأن ما حصل فعلًا في خيمة سفوان، مما أتاح للبعض فرصة لاختلاق قصص وسرديات ملفقة عن تنازلات لم تحدث، مستغلين جهل الكثيرين بالوقائع. والأغرب أن هذه السرديات تُكرّر على ألسنة بعض النواب دون التأكد من صحتها، رغم أن بمقدورهم مراجعة وزارتي الخارجية أو الدفاع للحصول على أي وثيقة رسمية تثبت هذه الادعاءات، إن وُجدت.
هذه هي القصة الكاملة لما جرى في خيمة سفوان.
كانت محادثات شفوية لترتيب فصل القوات، دون محضر مكتوب أو توقيع على أية تنازلات.
ولا يسعنا في النهاية إلا أن نردد قول الشاعر:
'إذا قالت حذامِ فصدقوها… فإن القول ما قالت حذامِ.'
إن محاولات التوظيف السياسي لما جرى في خيمة سفوان، لم تكن يومًا وليدة حرص على توثيق الحقيقة، بل جاءت – ولا تزال – كأداة لتبرير مسارٍ طويل من التنازلات، يُخفي خلفه واقعًا مريرًا من الارتهان السياسي والتبعية التامة لإرادة المحتل الأمريكي. لقد جُرِّدت الدولة من قرارها السيادي، وتحولت مؤسساتها إلى هياكل تُدار عن بُعد، لا تملك من أمرها إلا ما يُسمح لها به، تتحرك ضمن حدود مرسومة لا تتجاوزها، كقطعٍ صامتة على رقعة شطرنج رسمها الغريب، وأدارها لمصالحه.
ولم يقف هذا الارتهان عند حدود القرار السياسي، بل تجاوزه إلى توظيف إعلامي رث، عبر قنوات خاوية من المشروع والرؤية، مهمّتها الوحيدة تلميع وجوه سياسية فقدت مشروعيتها، وارتبط اسمها في الوعي الشعبي بمراحل الهوان والتراجع. إنها محاولة يائسة لإعادة تشكيل صورة ساسةٍ علِق بهم غبار التبعية، وقد ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا واجهات بلا إرادة، بينما القرار الحقيقي يصدر من داخل مجمّع محصّن يُسمّيه البعض سفارة، ويسمّيه الشعب بما هو أدق: مركز السيطرة والتحكّم الأمريكي في قلب بغداد، منذ أن دُفع الوطن إلى أتون الاحتلال وحتى يومنا هذا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"الخور" يرسخ جذور "عاصفة الصحراء" بين العراق والكويت
"الخور" يرسخ جذور "عاصفة الصحراء" بين العراق والكويت

شفق نيوز

timeمنذ 8 ساعات

  • شفق نيوز

"الخور" يرسخ جذور "عاصفة الصحراء" بين العراق والكويت

شفق نيوز- بغداد في الثاني من آب 1990، اجتاحت القوات العراقية دولة الكويت في خطوة قلبت موازين الخليج والمنطقة، وأشعلت حربًا دولية عُرفت بـ"عاصفة الصحراء"، انتهت بانسحاب العراق، وتحوله إلى مركز للعقوبات الدولية. وبعد مرور 35 عامًا على الغزو، ما تزال العلاقات العراقية الكويتية محاطة بحساسية تاريخية، تُثار كلما طُرح ملف حدودي أو اقتصادي بين الجانبين، كما هو الحال حاليًا في قضية خور عبد الله، التي عادت إلى الواجهة السياسية والإعلامية في العراق. خور عبد الله، القناة المائية الواقعة في أقصى جنوب البصرة، ظلّ محل جدل مستمر منذ ترسيم الحدود البحرية وفق القرار الأممي 833 الصادر عام 1993، والذي استند إلى وقف إطلاق النار في حرب الخليج الثانية. وينص القرار على ترسيم الحدود البرية والبحرية بين العراق والكويت وفق خرائط مفصّلة، اعتبرها العراقيون حينها مفروضة بقوة القرار الدولي وتحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وبناء على ما تقدم، قال الباحث في الشأن الكويتي سامي العلي، إن "الربط بين ملفات اليوم وذكرى الغزو لا يعني تبرير الماضي، بل فهم جذور التوتر التاريخي، خصوصًا أن اتفاقيات ما بعد 1991 تمت في مناخ قهري، وغُيّب فيه الصوت العراقي القانوني". وفي سياق متصل، صرّح محمد البصري، الناشط والباحث في شؤون الحدود، لوكالة شفق نيوز، إن "خور عبد الله ممر مائي عراقي تاريخيًا، وكان يخضع إداريًا لمحافظة البصرة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة. التنازل عنه لا يمثل فقط فقدان سيادة، بل خطر على الأمن البحري والاقتصادي للعراق." وتُثير هذه التصريحات جدلًا واسعًا في البرلمان العراقي، خصوصًا بعد تصويت مجلس النواب في أيلول 2023 على إلغاء اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، التي أبرمت بين العراق والكويت عام 2012، وتم التصديق عليها في 2013. القرار أثار رد فعل رسمي من الحكومة الكويتية، التي قدمت مذكرة احتجاج إلى مجلس الأمن الدولي، واعتبرت أن الخطوة "تنتهك الاتفاقات الدولية وتُهدد استقرار العلاقات الثنائية". في المقابل، قالت جهات سياسية عراقية إن البرلمان مارس حقه في مراجعة الاتفاقيات التي أُبرمت في ظروف "لم تكن طبيعية"، داعين إلى إعادة النظر في جميع القرارات الحدودية التي أعقبت الغزو، لا سيما تلك التي جرى تمريرها تحت ضغط دولي. وذكر العميد محمود الجبوري، الضابط السابق في الجيش العراقي، في تصريح للوكالة، إن "العراق بعد الغزو وقع في عزلة دولية استخدمتها بعض الأطراف لفرض اتفاقيات حدودية غير متوازنة. نحن كعسكريين نعلم أهمية خور عبد الله الاستراتيجية، وخسارته امتداد لخسائر ما بعد 1991 التي لم يُراجعها أحد حتى اليوم". من جانبه، رأى الخبير في القانون الدولي فوزي حميد، أن "القرار 833 جاء في إطار وقف إطلاق النار، لكنه لم يُناقش في ظروف تسمح للعراق بالدفاع عن مصالحه، لا من حيث السيادة ولا من حيث الجغرافيا". وأضاف حميد، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز: "حتى لو كانت هناك اتفاقيات دولية، فإعادة النظر فيها مسموح وفق القانون الدولي إذا ثبت أنها تمت في ظل الإكراه أو اختلال مبدأ السيادة الوطنية". اقتصاديًا، نبه مراقبون، إلى أن الخلاف حول خور عبد الله أثّر على مشاريع التكامل البحري بين العراق والكويت، خاصة في ما يتعلق بميناء الفاو الكبير، وقناة الربط مع الموانئ الكويتية، وتحدث مسؤولون عراقيون سابقًا عن محاولات تقييد الملاحة العراقية في الخليج عبر ممرات ضيقة، لا تخدم المصالح الاقتصادية طويلة الأمد. في هذا السياق، دعا عدد من الناشطين والباحثين، إلى فتح ملف ترسيم الحدود مجددًا أمام المحاكم الدولية، وعدم الاكتفاء بقرارات قديمة لم تُراعِ مصالح العراق، في ظل نظام سياسي لم يكن يتمتع بشرعية شعبية. وأكد محمد البصري، في ختام تصريحه أن "ما يجري اليوم ليس صراعًا مع الكويت، بل صراع على الحقوق السيادية، وعلى العراق أن يُثبت حقوقه بالحوار والدبلوماسية القانونية، دون أن يخضع مجددًا لضغوط خارجية". وتُعَدّ اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، المُبرَمة في العام 2012 بين جمهورية العراق ودولة الكويت، معالجة فنية وإدارية لآثار غزو نظام صدام حسين للكويت عام 1990 وما ترتب عليها من ترسيم الحدود بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993؛ إذ أكّدت مادتها السادسة أن الاتفاقية "لا تؤثر على الحدود بين الطرفين في خور عبد الله المقررة بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993". وصادق مجلس الوزراء العراقي على مشروع قانون التصديق في نهاية العام 2012، وأقرّه مجلس النواب بالأغلبية البسيطة بموجب القانون رقم (42) لسنة 2013، ثم نُشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4299) بتاريخ 2013/11/25.

عن : الثاني من آب والخور ، وراغب علامة ونيرة
عن : الثاني من آب والخور ، وراغب علامة ونيرة

موقع كتابات

timeمنذ 20 ساعات

  • موقع كتابات

عن : الثاني من آب والخور ، وراغب علامة ونيرة

اليوم هو اسوء يوم في تاريخ العراق .. التاريخ المليء بالمآسي والنكبات والنكسات والمؤامرات والحصارات والحروب .. ففي مثل هذا اليوم وبعد قرار فردي اهوج لادخل لشعب العراق وجيشه فيه دخلت القوات العراقية الى الكويت مما اعتبرته شخصياً وفي اكثر من مناسبة انه البداية الحقيقية لما جرى للعراق لاحقاً من حصار وسقوط واحتلال وضعف وتقسيم وانحلال لمنظومة القيم والضوابط التي تشكل كياناً حضارياً عمره سبعة الاف عام اسمه العراق .. كل العالم كان يسعى ويحلم بسقوط العراق كدوله .. من دول الخليج الى امريكا ( والكيان الصهيوني بالضرورة ) .. الى ايران والغرب والاكراد في شمال العراق ، وباقي العربان .. لسبب بسيط هو ان العراق بجيشه وشعبه كان قد تعدى ( وبخاصة بعد انتصاره في حرب السنوات الثمان ضد ايران ) حدود القوة والتقدم العلمي والصناعي والامكانية المسموح بها ، وانه اصبح مصدر خطر وتهديد لمصالح العديد من الجهات .. فكان الجميع يبحث عن مجرد فرصة للانقضاض ، واذا برأس النظام في العراق يقدم هذه الفرصة لاعدائه على طبق من بلور وغباء .. واستُدرج العراق الى ماحصل وكانت النتيجة ما نراه الان من خراب وانكفاء وتفكك وماسٍ . لم يكتف اعداء العراق بحصارٍ دام ثلاثة عشر عاماً وتجويع شعبه حتى الموت ، ولم يكتفوا بتدمير جيش العراق العظيم ، ولم يكتفوا باحتلال العراق ولا تقسيمه ولا توزيع اشلائه بين الدول والمحاصصات العرقية والقومية والطائفية والقبلية والمذهبية .. ولم تكتف الكويت بانتزاع اربعة وخمسين مليار دولار من لحم الشعب العراقي الحي وقوته ، بل ومازالت حتى يومنا هذا وبعد ثلاثة عقود ونصف تطمع بالمزيد وتتذرع باعادة المفقودين والممتلكات واعادة الترسيم .. بل وكانت السبب المباشر والارض الممهدة لغزو العراق في العام ٢٠٠٣ امعاناً في الاذى .. ومازالت حتى اللحظة تستقوي بالقرارات الدولية لتفرض شروطها المذلة والمهينة على شعب العراق يساعدها في ذلك ثلة من السياسيين العراقيين الذي جاءت بهم هي ومن والاها ليلحقوا مزيداً من الاذى بشعب العراق .. فاقتطعوا من العراق وهو في لحظة ضعف وقضموا مزيداً من الاراضي والشواطيء والحقوق .. واخرها الاتفاقية المجحفة في خور عبد الله .. التي يرفضها شعب العراق جملة وتفصيلاً رفضاً قاطعاً . ومع شديد الاسف فان الكويت : الدولة والنظام ( ولا اقصد الشعب ) لم تقرأ التاريخ جيداً .. وانا اكره ما يردده بعض العراقيين بالتلويح او التصريح والتذكير دائماً بعراقية الكويت ، فهذا موضوع سخيف للغاية وهي مرحلة وانتهت ولن تعود ولا داعي لتكرارها او التذكير بها يومياً رغم انها حقيقة تاريخية ساطعة لا لبس فيها .. فقط على اخواننا في الكويت ان يستحضروا حقائق الجغرافيا وان العراق والكويت جاران وسيبقيان كذلك حتى يرث الله الارض ومن عليها، وان الذي يؤخذ بالغصب في زمن الضعف لابد ان يُستعاد في زمن القوة ، وان انفلات العواطف والمشاعر والمواقف الوطنية ساعة الغضب يمكن ان يكون تسونامي لا يبقي ولا يذر ، ولا يمكن السيطرة عليه ساعتئذ ، وان الثروة والنفط ( وبعد ذلك السطوة والرشوة ) لا تدوم الى الابد .. وعليهم ان يعرفوا ان الحسنى والاخوة والجيرة الطيبة والتعاون .. يمكن ( واقول يمكن ) ان يداوي الجروح ويساهم في النسيان رغم الالم العميق .. وان لم يحدث هذا فان المستقبل قد ينجب رجالاً في العراق يطالبون الكويت ليس بدفع اربعة وخمسين مليار دولار كما اخذوها من العراقيين عنوة وظلماً وسحتاً وعدواناً .. بل سيطالب العراقيون بترليون دولار جراء تدمير بلدهم واحتلاله انطلاقاً من ارض الكويت وباموالها وادعاءاتها وتحشيدها لقوى العدوان والاحتلال .. ثم اعود لتذكير اخواننا في الكويت : ان لديكم اربعمئة وخمسين كيلومترا من الشواطيء والعديد من الموانيء على الخليج العربي فيما لا يملك اخوكم الكبير العراق الا بضعة كيلومترات وميناء واحد فلا تخنقوه مجدداً باتفاق مجحف جديد والاستيلاء على خور عبد الله بمسمى اتفاقية او اعادة ترسيم .. افتحوا صفحة جديدة مع العراق يا اخواننا الكويتيين .. ولا تنكأوا الجراح ولا تستفزوا شعب العراق اكثر ، ولا تعيدوا انتاج قصص مفبركة كقصة اسلحة الدمار الشامل ، وقصة الشيخة نيرة سعود الصباح التي قدمتها امريكا لاستدرار التعاطف امام مجلس الامن بعد القزو وهي تبكي بعد مشاهدتها ( كما تدعي زوراً وبهتاناً ) ان الجنود العراقيين قد جردوا الاطفال من حضّاناتهم في الكويت وهي ( اي نيرة ) لم ترَ الكويت قبل ذلك التاريخ لانها كانت تعيش وتدرس في امريكا .. وبمناسبة ذكر نيرة وذكرى القزو ، فاني اشيد برشاقة ومهارة الشيخة نيرة وبراعتها في الرقص مع المغني المتصهين راغب علامة بملابسها الفاضحة التي لا تليق باهلنا في الكويت وحشمتهم واخلاقهم النبيلة .. ومن لا يصدقني فليذهب الى اليوتيوب ويكتب ( الشيخة نيرة ترقص مع راغب علامة ) .. وسيرى كم هي بارعة في الرقص كما برعت سابقاً في فبركة واحدة من القصص التي مهدت للعدوان على العراق وحصاره ومن ثم احتلاله..

نزاع حدودي.. هل استسلم العراق للكويت بملف خور عبدالله؟
نزاع حدودي.. هل استسلم العراق للكويت بملف خور عبدالله؟

شفق نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • شفق نيوز

نزاع حدودي.. هل استسلم العراق للكويت بملف خور عبدالله؟

شفق نيوز- ترجمة خاصة سلط موقع "ذا ناشيونال" الصادر بالإنجليزية، الضوء على تعقديات قضية ممر خور عبدالله المائي بين العراق والكويت، في ظل الجدل القانوني والسياسي الدائر في بغداد، والانتقادات المسيسة او الشعبية بحق الاتفاق الذي كانت المحكمة العليا الغته في العام 2023، في حين لا يزال من غير الواضح ما اذا كان مجلس النواب سيصادق على الاتفاق او ما اذا كان سيتركه للدورة النيابية الجديدة، بعد الانتخابات المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. وفي حين اشار تقرير الصحيفة الصادرة في ابوظبي، وترجمته وكالة شفق نيوز، إلى الانتقادات بين العراقيين للاتفاق باعتبار انه ينتهك الحدود البحرية ويشكل مساسا بالسيادة الوطنية، لفت الى ان بعض المعارضين يطالبون بالغاء الصفقة، في حين يؤيد اخرون اعادة التفاوض لحماية حقوق العراق. وتابع التقرير، أن الكويت تؤكد ان حدودها البحرية مع العراق، بما في ذلك الحقوق الملاحية في خور عبد الله، تستند على القانون الدولي، وبالتالي يقول المسؤولون الكويتيون ان اي محاولة لالغاء هذا الاتفاق من جانب واحد ليست مقبولة، ولهذا، فان وزارة الخارجية الكويتية قدمت احتجاجات رسمية ودعت بغداد الى الوفاء بالتزاماتها بموجب المعاهدات الدولية وما تعتبره حقها في الملاحة المشتركة في خور عبد الله. لكن التقرير أشار إلى أن قضية الحدود البرية والبحرية بين العراق والكويت تعتبر حساسة بين العراقيين، اذ ينظر كثيرون الى ترسيم الحدود بان مجلس الامن فرضه بشكل غير عادل بعد طرد جيش صدام حسين من الكويت في العام 1991، مضيفا ان القضية حساسة ايضا بالنسبة للكويتيين من وجهة نظرهم بسبب ذلك الغزو. وبحسب التقرير، فان هذا الجدل وضع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ضد عامة العراقيين، وانه بينما اتهمه معارضون بالمساس بحقوق البلد لتأمين الدعم الاقليمي لنفسه حيث يتطلع الى ولاية ثانية في منصبه في انتخابات تشرين الثاني المقبل، فان البعض الاخر ذهب الى حد اتهام المسؤولين العراقيين المشاركين في مفاوضات الحدود بتلقي رشاوى من الكويت، وانما دون تقديم ادلة على ذلك. وفي حين لفت التقرير، إلى أن العراقيين يقولون ان الممر المائي سمي على اسم صياد البصرة الشهير عبد الله التميمي، فان الكويتيين يقولون ان اسم الممر مشتق من الحاكم الثاني للكويت، عبد الله بن صباح، الذي حكم من العام 1762 الى العام 1814. وذكر التقرير بانه بعد مرور 3 سنوات من غزو العراق للكويت في العام 1990، اصدر مجلس الامن التابع للامم المتحدة القرار 833، الذي قام بتحديد الحدود البرية بين الاثنين، إلا أن ترسيم الحدود ترك للبلدين للقيام بذلك. واضاف أن بغداد والكويت وقعتا في العام 2012، الاتفاقية وصادق عليها مجلس النواب في بغداد العام 2013، وذلك بهدف تنظيم حركة المرور البحرية وحماية البيئة والسلامة داخل المصب الذي يشكل بوابة العراق الوحيدة الى الخليج. ولفت التقرير إلى أن الاتفاق يمنح كل بلد الحق في التحكم في الملاحة وتطبيق السلامة الملاحية، حيث ان الاتفاقية "ستظل سارية المفعول الى اجل غير مسمى"، إلا انه بالامكان انهائها بشكل متبادل من خلال اشعار مسبق مدته 6 شهور، وهو ما ينطبق ايضا على تعديله. وقال أيضا، إن منتقدين للاتفاق، وخصوصا من المشرعين والسياسيين المستقلين والخبراء، بينوا أن شروط الاتفاق ترسم حدوده ضمنا، محذرين من انها يمكن ان تلحق الضرر بمفاوضات الحدود البحرية المستقبلية وتفرض ضوابط الدخول على السفن العراقية، مما يتطلب موافقة ورسوم كويتية. وتابع التقرير، أن وزير النقل العراقي السابق امير عبدالجبار (تولى منصبه بين العام 2008 الى العام 2010) ويعتبر من اقوى المعارضين للاتفاقية، يقول ان الاتفاق هدفه تحديد حدود بحرية بدلا من تنظيم الملاحة. ونقل التقرير عن عبد الجبار قوله، انه برغم ان الاتفاق ينص على انه "لن يكون له اي تاثير على الحدود" بين العراق والكويت على النحو المحدد عملا بقرار مجلس الامن الدولي 833 في عام 1993 في الخور، الا انه يمنح الكويت سيطرة اكبر تتخطى ذلك في عمق الخليج. وبحسب عبدالجبار، فان المادة 2 من الاتفاقية توضح مصطلح "الممر المائي" على انه المنطقة من النقطة التي تلتقي فيها القناة البحرية في خور عبد الله بالحدود الدولية بين النقطتين 156 و157 المتجهة جنوبا الى النقطة 162 التي حددها القرار 833 "ثم الى بداية القناة البحرية عند مدخل خور عبد الله". ونقل التقرير عن الوزير السابق قوله انه "لذلك، فان تعريف الممر المائي في الاتفاق لم يتوقف عند النقطة 162، وهي النقطة التي حددها قرار الامن العام للامم المتحدة"، مضيفا ان المادة 4 تنص على ان "كل طرف يمارس سيادته على ذلك الجزء من الممر المائي الذي يقع داخل مياهه الاقليمية". وبحسب عبد الجبار "نحن لا نعترض على القرار 833 على الرغم من انه غير عادل، ولكن الحكومة والبرلمان 2012-2013 جلبا كارثة جديدة (بتوقيع هذه الصفقة)"، محذرا من ان العراق قد يخسر استحقاقه البحري في المستقبل لمياه الخليج الاعمق ومواردها الطبيعية المعروفة باسم المنطقة الاقتصادية الخالصة. ولفت التقرير الى ان عبد الجبار رفع دعوى قضائية ضد السوداني بسبب "منع حكم المحكمة" برفض ايداع نسخ منه في الامم المتحدة والمنظمة البحرية الدولية. واستعاد التقرير ما جرى، حيث انه في ايلول/سبتمبر 2023، قامت المحكمة الاتحادية العراقية العليا بالغاء قانون التصديق على الاتفاقية، وقضت بانه ينتهك الدستور من خلال عدم وجود اغلبية الثلثين البرلمانية المطلوبة للمعاهدات الدولية، حيث ان مجلس النواب اقرها بالاغلبية البسيطة فقط. وتابع التقرير انه جرى مؤخرا اعادة الاتفاق الى مجلس النواب للموافقة عليه باغلبية الثلثين. ورأى التقرير ان معارضي الاتفاق يطالبون الان من نواب البرلمان الغاء الاتفاق، بينما يسعى اخرون الى اعادة التفاوض حوله مع فريق عراقي يضم خبراء، وليس فقط سياسيين. وتابع التقرير، أن الاحتجاجات ضد الاتفاق جرت في انحاء العراق، حيث من المقرر اطلاق حملة عامة لجمع التوقيعات على عريضة لمجلس الامن التابع للامم المتحدة. ونقل التقرير عن فادي الشمري، المستشار السياسي للسوداني، قوله ان اتفاقية خور عبد الله تهدف الى تنظيم الملاحة ولا علاقة لها بترسيم الحدود، موضحا ان "الارض العراقية مقدسة، ولن يكون هناك تساهل او حل وسط على اي شبر منها تحت اي ذريعة"، معتبرا ان الحملات المعارضة للاتفاق "مدفوعة باجندات سياسية وانتخابية". وبحسب التقرير، فان العراقيين منقسمون حول الاتفاق، على الرغم من ان العديد من الاحزاب السياسية والجماعات المسلحة المدعومة من ايران تعبر عن موقف الحكومة. واشار في هذا الاطار الى زعيم عصائب اهل الحق قيس الخزعلي الذي قال في مقابلة مع قناة فضائية محلية في ايار/مايو، ان حزب البعث المحظور هو من سعى الى تشويه سمعة الاتفاق من خلال تصويره بانه "يتخلى عن حدود العراق مع الكويت"، مضيفا ان "صدام هو الذي باعها (الحدود) عندما اعترف بالقرار 833"، وهو اقتراح للامم المتحدة حدد الحدود البرية والبحرية. وخلص التقرير الى القول انه لا يزال من غير الواضح ما اذا كان مجلس النواب سيصدق على الاتفاق او ما اذا كان سيترك للمجلس المقبل بعد الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store