
المعنى الاقتصادي للنبذ: كل عقار يرتبط بكلمة إسرائيل ستهبط قيمته
مثلما هو النقاش الذي جرى حول إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، أيضا النقاش العام والسياسي حول أقوال رئيس حزب الديمقراطيين يائير غولان بشأن "دولة تقتل الأطفال كهواية"، كان ناقصا.
في البداية كان تنقصه الأخلاق. تقريبا الجميع تطرقوا إلى الجانب النفعي لإسرائيل والأضرار السياسية التي ستلحق بها بسبب أن دولا أخرى ترى الصور القاسية من غزة على شاشات التلفاز. فقط عدد قليل اختاروا التركيز على الموضوع نفسه – هل يجدر أن تقوم دولة حديثة بتجويع شيوخ، نساء وأطفال؟ هل يجدر بدولة حديثة أن تضغط بسهولة على الزناد وتؤدي إلى موت عشرات من الأشخاص كل يوم، من بينهم أطفال، حتى لو كانت حربها عادلة.
النقاش في هذه المسألة الأساسية بدون صلة بالسياسة والعلاقات الدولية لم يتم. الادعاء الأساسي في الرد على سؤال لماذا من الأفضل عدم تجويع سكان غزة وقتل الأطفال، كان من اجل أن "يسمح لنا العالم بإنهاء العمل"، ولم يتطرق إلى السؤال الأخلاقي نفسه، الذي اختار كثيرون تجنبه.
موضوع الضرر الاقتصادي لأعمال الحكومة والجيش في غزة غاب أيضا من النقاش العام. هنا من الأسهل استكمال الناقص. لنبدأ بالنرويج: بفضل مكاسب من استخراج النفط في بحر الشمال فإن النرويج تمتلك صندوق الثراء الأكبر في العالم، حوالى 1.8 تريليون دولار. وفي الأشهر الأخيرة، قررت أن تبيع حصتها في بعض الشركات الإسرائيلية بسبب عمليات اسرائيل في غزة وفي الضفة الغربية.
في هذا الشهر، اعلن الصندوق، الذي قام بتصفية كل ممتلكاته في "باز" (55.290 سهما، نسبتها 1.79%)، لأنها تنشط في المستوطنات. في كانون الأول 2024 باعت كل أسهمها في شركة بيزك. وقبل ذلك، في آب 2024، استمرارا لحكم المحكمة في لاهاي بشأن ارتكاب جرائم حرب من قبل اسرائيل، الصندوق اتخذ قرار فحص بيع ممتلكاته في "عدد من الشركات".
حسب موقع الصندوق فإنه في نهاية 2024 كان الصندوق يملك عقارات في اسرائيل بمبلغ 1.7 مليار دولار في عشرات الشركات. البارز منها بنك هبوعليم، تيفع وآي.سي.ال (اسرائيل للكيماويات). وهكذا فعلت صناديق أخرى، وطنية وخاصة. صندوق الثروة لإيرلندا، الذي هو اصغر بكثير، اعلن قبل سنة بأنه سيبيع كل ممتلكاته في البنوك الخمسة الكبيرة في اسرائيل وفي شبكة السوبرماركتات "رامي ليفي".
في اليابان، دعا سياسيون الصناديق إلى بيع سندات دين صادرة من حكومة اسرائيل. صناديق أخرى خاصة، التي لا تنشر عن سياسة استثماراتها، قلصت استثمارها في العقارات في اسرائيل، كل واحدة حسب تعليمات مجلس الإدارة فيها وحسب موقفها السياسي. جميع هذه النشاطات نفذت حتى قبل أن يعرف العالم عن الجوع في غزة. المعنى بسيط. ففي اللحظة التي فيها أجزاء كبيرة في العالم تقرر التخلي عن أفعال اسرائيل، فإن الأمر الرئيس الذي يقومون به هو عدم الاستثمار في الأسهم والسندات الإسرائيلية. النتيجة هي أن قيمة الشركات في البورصة وعوائد السندات الإسرائيلية ستحمل على ظهرها تخفيضا كبيرا – أي انه سيتم بيعها اقل بكثير من قيمتها لو أنها كانت تنتمي لدولة أخرى "سليمة".
منحدر زلق
هذا التوجه الذي في معظم الحالات يبدأ صغيرا، مثل صندوق النرويج، يراكم القوة بسرعة. في هذا الأسبوع، أعلنت عدة دول أوروبية، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا، بأنه يمكن أن تفرض في القريب عقوبات على اسرائيل.
امس، أعلنت بريطانيا بواسطة وزير الخارجية ديفيد لامي بأنها قررت تجميد المفاوضات حول تجديد اتفاق التجارة مع اسرائيل، وأيضا استدعاء سفيرة اسرائيل لمحادثة توبيخ بسبب سياسة الحصار وعدم إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. الاتحاد الأوروبي اعلن، أمس، أيضا بأنه سيفحص إمكانية إلغاء اتفاق التجارة مع اسرائيل على خلفية الشك بالتزام اسرائيل بحقوق الإنسان في نشاطاتها في غزة.
هذه الأقوال تتدحرج بسرعة وتصل إلى البورصة والى قيمة العقارات. منذ اللحظة التي تتخذ فيها محكمة أو حكومة أي موقف – فإنه ليس للمستثمرين أي خيار عدا السير في أعقابه. وآجلا أو عاجلا فإن من لا يبيع ممتلكاته في اسرائيل يخاطر بتصنيفه كمتعاون مع اسرائيل.
صحيح أن الأسواق عديمة القلب، وبثمن معين دائما ستجد من يشتري كل عقار مالي، حتى لو كان إسرائيليا. ولكن بالقدر نفسه من الواضح أن كل مواطني اسرائيل سيدفعون ثمن أفعال الحكومة في غزة بالكثير من الأموال، سواء عن طريق هبوط الأسهم والسندات أو بسبب الفجوة الكبيرة عن السندات والأسهم المشابهة لدول أخرى.
إلى أي درجة يمكن أن يزيد الخصم في اسرائيل؟ على هذا السؤال تصعب الإجابة، لأنه حتى الآن ربما تتراجع الحكومة عن قرار سيطرتها على غزة وتجويع السكان، ضمن أمور أخرى، بسبب حقيقة أن الأغلبية الساحقة في الجمهور تعارض ذلك. وإذا لم يحدث ذلك فيمكن النظر إلى ما حدث في السابق لدول أصبحت دولا منبوذة في نظر العالم الغربي الذي معظم الأموال توجد في يده.
جنوب إفريقيا التي كان فيها نظام "أبرتهايد" منذ منتصف القرن السابق وحتى بداية التسعينيات، هي مثال ممتاز، لأنه يمكن فحص ما حدث هناك بعد ذلك. "في الثمانينيات، في ذروة "الأبرتهايد"، وحول موجة أعمال الفوضى في البلدات التي يعيش فيها السود، تم بيع الأسهم في بورصة جوهانسبيرغ بخصم بلغ 30 – 50% مقابل دول أخرى في مستوى التطور نفسه.
في سوق السندات، سجلت ظاهرة مشابهة. سندات حكومة جنوب إفريقيا واسهم شركات في جنوب إفريقيا بيعت بثمن عكس المكاسب العالية، 2 – 6%، مقارنة بسندات دول مشابهة في خصائصها. أيضا العملة عكست مقت العالم من النظام في جنوب إفريقيا. في الأعوام 1961 – 1980 العملة في جنوب إفريقيا مرت بتخفيض 80% مقارنة مع سلة عملات أخرى.
عندما يبدأ ذلك فإن كل المعايير ومستويات سوق رأس المال في الدولة المنبوذة تتدهور بسرعة هي أيضا. دورات التجارية تهبط وحجم التداول ينخفض، وأيضا أرباح الشركات في البورصة، وترتفع أقساط المخاطر، والسوق كلها "تجف".
يجب ألا يشكك أي أحد في ذلك. إذا استمرت اسرائيل في سياستها وأعمالها في غزة فإنه لا يوجد أي سبب بأن ما حدث للسوق المالية في جنوب إفريقيا، في حينه كانت دولة ثرية مع موارد طبيعية كثيرة وعلاقات دافئة مع المركز المالي في لندن، لن يحدث أيضا لإسرائيل. صناديق كثيرة ستبيع سنداتها وأسهمها الإسرائيلية، والدول ستفرض على اسرائيل عقوبات اقتصادية، والنتيجة هي انخفاض دراماتيكي للقيمة، بعشرات النسب المئوية، كل عقار له صلة بكلمة اسرائيل: اسهم، سندات، شركات خاصة، مشاريع ناشئة وحتى عقارات.
هل أنتم لا تصدقون؟ اسألوا أنفسكم: هل كنتم ستشترون سندات في دولة، لنفرض في أميركا الجنوبية أو في آسيا، التي ترتكب أفعالا هناك من يطلقون عليها جرائم حرب، والتي دول مهمة تفرض عليها عقوبات، وصناديق الاستثمارات الكبرى تبيع ممتلكاتها فيها؟ يبدو أن الجواب "لا".
عن "هآرتس"

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الايام
منذ 5 ساعات
- جريدة الايام
بكين: المشروع يقوض الاستقرار العالمي ترامب يعلن بناء الولايات المتحدة درعاً صاروخية تحت مسمّى "القبة الذهبية"
واشنطن - أ ف ب: كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطط بناء درع صاروخية تحت مسمى "القبة الذهبية" بهدف حماية الولايات المتحدة من هجمات خارجية مؤكدا أنها ستصبح قيد الخدمة في غضون ثلاث سنوات. وأعلن ترامب تخصيص 25 مليار دولار كتمويل أولي للمشروع، مضيفا إن كلفته الإجمالية قد تصل إلى حوالى 175 مليارا. وقال ترامب في البيت الأبيض: "خلال الحملة الانتخابية وعدت الشعب الأميركي بأني سأبني درعا صاروخية متطورة جدا"، وأضاف: "يسرني اليوم أن أعلن أننا اخترنا رسميا هيكلية هذه المنظومة المتطورة". وأوضح "ستكون القبة الذهبية قادرة على اعتراض الصواريخ حتى لو أُطلقت من جوانب أخرى من العالم، وحتى لو أُطلقت من الفضاء. إنها مهمة جدا لنجاح بلدنا ولبقائه أيضا". وأشار الرئيس الأميركي إلى إن الجنرال مايكل غيتلاين من قوة الفضاء الأميركية سيترأس المشروع، مضيفا إن كندا أعربت عن اهتمامها بالمشاركة فيه لأنها "تريد الحصول على الحماية أيضا". لكن فيما قال ترامب إن الكلفة الإجمالية للمشروع هي 175 مليار دولار، قدّر مكتب الميزانية في الكونغرس كلفة الصواريخ الاعتراضية للتصدي لعدد محدود من الصواريخ البالستية العابرة للقارات بين 161 مليار دولار و542 مليارا على مدى عشرين عاما. وللقبة الذهبية أهداف أوسع إذ قال ترامب إنها "ستنشر تقنيات الجيل المقبل برا وبحرا وعبر الفضاء، بما في ذلك أجهزة الاستشعار الفضائية والصواريخ الاعتراضية". بدوره، أوضح وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث متحدثا إلى جانب ترامب، أن هذه المنظومة تهدف إلى حماية "البلاد من صواريخ كروز والصواريخ البالستية والصواريخ فرط الصوتية، سواء كانت تقليدية أو نووية". في نهاية كانون الثاني، وقّع ترامب مرسوما لبناء "قبة حديدية أميركية"، تكون وفق البيت الأبيض درعا دفاعية متكاملة مضادة للصواريخ لحماية أراضي الولايات المتحدة. وكانت روسيا والصين وجّهتا انتقادات إلى ذاك الإعلان الذي رأت فيه موسكو مشروعا "أشبه بحرب النجوم"، في إشارة إلى المصطلح الذي استُخدم للدلالة على مبادرة الدفاع الاستراتيجي الأميركي في عهد الرئيس رونالد ريغان إبان الحرب الباردة. وفي وقت سابق من الشهر الحالي، انتقدت موسكو وبكين مفهوم القبة الذهبية واعتبرتا أنه "مزعزع للاستقرار" وقالتا إنه يهدد بتحويل الفضاء إلى "ساحة حرب". وجاء في بيان نشره الكرملين بعد محادثات بين الجانبين أن المشروع "ينص بشكل واضح على تعزيز كبير للترسانة اللازمة لمعارك في الفضاء". وتسمية "القبة الحديدية" تم إطلاقها على واحدة من المنظومات الدفاعية الإسرائيلية التي تحمي الدولة العبرية من هجمات صاروخية أو بمسيّرات. وتواجه الولايات المتحدة تهديدات صاروخية من دول عدة، خصوصا من روسيا والصين وفق ما أفادت وثيقة "ميسيل ديفنس ريفيو" للعام 2022 الصادرة عن البنتاغون. وذكرت الوثيقة أن بكين تعمل على تقليص الهوة مع واشنطن في ما يتعلق بتكنولوجيا الصواريخ البالستية والصواريخ فرط الصوتية، بينما تعمل موسكو من جهتها على تحديث منظوماتها للصواريخ العابرة للقارات وتطوير صواريخ دقيقة متقدمة. كذلك، أشارت إلى أن التهديد الذي تمثّله المسيّرات التي تؤدي دورا رئيسا في حرب أوكرانيا، من المرجح أن يزداد، محذّرة من خطر إطلاق صواريخ بالستية من كوريا الشمالية وإيران، فضلا عن التهديدات الصاروخية من جهات أخرى. واعتبرت روسيا أمس أن مشروع ترامب لبناء درع صاروخية للولايات المتحدة هو شأن "سيادي" أميركي، لكنها قالت إن التواصل مع موسكو بشأنها يبقى "ضروريا". وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين: "هذا شأن يتعلق بالسيادة الأميركية. اذا كان تقدير الأميركيين يؤشر على وجود تهديد بالستي، سيقومون بطبيعة الحال بتطوير نظام دفاع صاروخي". وأضاف: "في المستقبل القريب، سيتطلب مسار الأحداث استئناف الاتصالات بهدف استعادة الاستقرار الاستراتيجي" بين واشنطن وموسكو، مشيرا إلى أن التواصل بشأن التوازن الاستراتيجي بين القوتين النوويتين يجب أن يستأنف "لمصلحة البلدين ومصلحة الأمن العالمي". ويمثّل الموقف الذي أعلنه الكرملين الأربعاء خفضا غير متوقع في مستوى الانتقاد الذي سبق لروسيا أن وجهته إلى هذا المشروع. وحذرت بكين أمس من أن المشروع "يقوض الاستقرار العالمي" متهمة الولايات المتحدة بإشعال سباق تسلح.


فلسطين أون لاين
منذ 5 ساعات
- فلسطين أون لاين
خبير مصري: تهديدات "الحوثيين" لميناء حيفا تدفع باقتصاد الاحتلال نحو المجهول
غزة/ رامي محمد أكد الخبير الاقتصادي المصري د. محمد العجمي أن دولة الاحتلال تشهد أعنف موجة استهداف متكامل لبنيتها التحتية الحيوية، في سيناريو يشبه حربًا اقتصادية شاملة، إذ بات ميناء حيفا – شريان الحياة الاقتصادي الأخير – على حافة الإغلاق الكامل، في أعقاب تهديدات جماعة الحوثيين. وبيّن العجرمي لـ "فلسطين أون لاين" أن تنفيذ التهديد قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي في المنطقة، مع تأثيرات بالغة الخطورة في الاقتصاد الإسرائيلي، الذي يعتمد اعتمادًا شبه كلي على هذا الميناء الاستراتيجي. ونوّه إلى أن التهديد يأتي بعد أن شلّ الحوثيون مطار بن غوريون، وخنقوا حركة الملاحة في البحر الأحمر. ويؤكد العجمي أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار الأزمة ومدى تأثيرها على موازين القوى الاقتصادية في المنطقة، في وقت تزداد فيه علامات الاستفهام حول قدرة الأطراف المختلفة على امتصاص الصدمات المتوقعة. وكان الناطق العسكري لجماعة "أنصار الله" قد أعلن عن "بدء العمل على فرض حظر بحري على ميناء حيفا، ردًّا على التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة"، محذرًا جميع الشركات التي لديها سفن في الميناء من تنفيذ القرار. ويكتسب ميناء حيفا أهميته من موقعه الاستراتيجي على الساحل الشمالي الغربي لفلسطين المحتلة، حيث يشكّل نقطة وصل حيوية بين ثلاث قارات: أوروبا، وآسيا، وأفريقيا. ويؤكد العجمي لـ "فلسطين أون لاين" أن الميناء يُعد المنفذ الرئيسي لأكثر من نصف تجارة دولة الاحتلال مع العالم، بحجم تبادل تجاري يتجاوز 180 مليار دولار سنويًا مع 140 دولة. ويضيف الخبير الاقتصادي: "لا يمكن المبالغة في تقدير أهمية ميناء حيفا للاقتصاد الإسرائيلي؛ فهو ليس مجرد ميناء تجاري عادي، بل يشكّل شريان الحياة للعديد من القطاعات الحيوية، بدءًا من السلع الاستهلاكية، ووصولًا إلى المواد الخام التي تدعم الصناعات العسكرية". وبيّن أن فرض الحظر البحري على الميناء سيؤدي إلى سلسلة من التداعيات الخطيرة، يأتي في مقدمتها أزمة إمدادات حادّة مع توقف نحو 50% من الواردات الإسرائيلية التي تمر عبر الميناء، مما سيؤدي إلى نقص كبير في السلع الأساسية والمواد الخام. وأضاف أيضًا أن هناك ارتفاعًا جنونيًا متوقعًا في الأسعار، نتيجة اضطراب سلاسل التوريد، وزيادة تكاليف النقل البديل، مما سيضرب القوة الشرائية للإسرائيليين. وفي السياق ذاته، أشار العجمي إلى احتمال حدوث شلل صناعي وعسكري، نظرًا لاعتماد العديد من الصناعات الإسرائيلية – بما فيها الصناعات العسكرية – على واردات المواد الخام التي تمر عبر الميناء. ولم يستبعد العجمي حدوث اضطراب في التجارة الإقليمية، مع تحويل مسار السفن إلى موانئ بديلة في قبرص واليونان، مما سيزيد من تكاليف التأمين والنقل. وتوقع الخبير المصري أن تمتد تأثيرات الحظر إلى عدّة مستويات؛ فعلى المستوى المحلي، سيشهد الاقتصاد الإسرائيلي ارتفاعًا حادًا في معدلات التضخم، مع تراجع في النمو الاقتصادي، وزيادة في العجز التجاري. أما على المستوى الإقليمي، فستعاني دول المنطقة من اضطراب في سلاسل التوريد الدولية، خصوصًا تلك التي تعتمد على الممرات البحرية القريبة. وعلى المستوى الدولي، قد تشهد أسعار الشحن البحري ارتفاعًا كبيرًا، مع زيادة الطلب على الموانئ البديلة. ولفت العجمي إلى أنه في حال استمرار الحظر، قد تضطر دولة الاحتلال إلى تعزيز الاعتماد على ميناء أسدود كبديل، مع ما يحمله ذلك من ضغوط على البنية التحتية، واللجوء إلى النقل الجوي الباهظ التكلفة لنقل السلع الحيوية. المصدر / فلسطين أون لاين


جريدة الايام
منذ 6 ساعات
- جريدة الايام
المعنى الاقتصادي للنبذ: كل عقار يرتبط بكلمة إسرائيل ستهبط قيمته
مثلما هو النقاش الذي جرى حول إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، أيضا النقاش العام والسياسي حول أقوال رئيس حزب الديمقراطيين يائير غولان بشأن "دولة تقتل الأطفال كهواية"، كان ناقصا. في البداية كان تنقصه الأخلاق. تقريبا الجميع تطرقوا إلى الجانب النفعي لإسرائيل والأضرار السياسية التي ستلحق بها بسبب أن دولا أخرى ترى الصور القاسية من غزة على شاشات التلفاز. فقط عدد قليل اختاروا التركيز على الموضوع نفسه – هل يجدر أن تقوم دولة حديثة بتجويع شيوخ، نساء وأطفال؟ هل يجدر بدولة حديثة أن تضغط بسهولة على الزناد وتؤدي إلى موت عشرات من الأشخاص كل يوم، من بينهم أطفال، حتى لو كانت حربها عادلة. النقاش في هذه المسألة الأساسية بدون صلة بالسياسة والعلاقات الدولية لم يتم. الادعاء الأساسي في الرد على سؤال لماذا من الأفضل عدم تجويع سكان غزة وقتل الأطفال، كان من اجل أن "يسمح لنا العالم بإنهاء العمل"، ولم يتطرق إلى السؤال الأخلاقي نفسه، الذي اختار كثيرون تجنبه. موضوع الضرر الاقتصادي لأعمال الحكومة والجيش في غزة غاب أيضا من النقاش العام. هنا من الأسهل استكمال الناقص. لنبدأ بالنرويج: بفضل مكاسب من استخراج النفط في بحر الشمال فإن النرويج تمتلك صندوق الثراء الأكبر في العالم، حوالى 1.8 تريليون دولار. وفي الأشهر الأخيرة، قررت أن تبيع حصتها في بعض الشركات الإسرائيلية بسبب عمليات اسرائيل في غزة وفي الضفة الغربية. في هذا الشهر، اعلن الصندوق، الذي قام بتصفية كل ممتلكاته في "باز" (55.290 سهما، نسبتها 1.79%)، لأنها تنشط في المستوطنات. في كانون الأول 2024 باعت كل أسهمها في شركة بيزك. وقبل ذلك، في آب 2024، استمرارا لحكم المحكمة في لاهاي بشأن ارتكاب جرائم حرب من قبل اسرائيل، الصندوق اتخذ قرار فحص بيع ممتلكاته في "عدد من الشركات". حسب موقع الصندوق فإنه في نهاية 2024 كان الصندوق يملك عقارات في اسرائيل بمبلغ 1.7 مليار دولار في عشرات الشركات. البارز منها بنك هبوعليم، تيفع وآي.سي.ال (اسرائيل للكيماويات). وهكذا فعلت صناديق أخرى، وطنية وخاصة. صندوق الثروة لإيرلندا، الذي هو اصغر بكثير، اعلن قبل سنة بأنه سيبيع كل ممتلكاته في البنوك الخمسة الكبيرة في اسرائيل وفي شبكة السوبرماركتات "رامي ليفي". في اليابان، دعا سياسيون الصناديق إلى بيع سندات دين صادرة من حكومة اسرائيل. صناديق أخرى خاصة، التي لا تنشر عن سياسة استثماراتها، قلصت استثمارها في العقارات في اسرائيل، كل واحدة حسب تعليمات مجلس الإدارة فيها وحسب موقفها السياسي. جميع هذه النشاطات نفذت حتى قبل أن يعرف العالم عن الجوع في غزة. المعنى بسيط. ففي اللحظة التي فيها أجزاء كبيرة في العالم تقرر التخلي عن أفعال اسرائيل، فإن الأمر الرئيس الذي يقومون به هو عدم الاستثمار في الأسهم والسندات الإسرائيلية. النتيجة هي أن قيمة الشركات في البورصة وعوائد السندات الإسرائيلية ستحمل على ظهرها تخفيضا كبيرا – أي انه سيتم بيعها اقل بكثير من قيمتها لو أنها كانت تنتمي لدولة أخرى "سليمة". منحدر زلق هذا التوجه الذي في معظم الحالات يبدأ صغيرا، مثل صندوق النرويج، يراكم القوة بسرعة. في هذا الأسبوع، أعلنت عدة دول أوروبية، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا، بأنه يمكن أن تفرض في القريب عقوبات على اسرائيل. امس، أعلنت بريطانيا بواسطة وزير الخارجية ديفيد لامي بأنها قررت تجميد المفاوضات حول تجديد اتفاق التجارة مع اسرائيل، وأيضا استدعاء سفيرة اسرائيل لمحادثة توبيخ بسبب سياسة الحصار وعدم إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. الاتحاد الأوروبي اعلن، أمس، أيضا بأنه سيفحص إمكانية إلغاء اتفاق التجارة مع اسرائيل على خلفية الشك بالتزام اسرائيل بحقوق الإنسان في نشاطاتها في غزة. هذه الأقوال تتدحرج بسرعة وتصل إلى البورصة والى قيمة العقارات. منذ اللحظة التي تتخذ فيها محكمة أو حكومة أي موقف – فإنه ليس للمستثمرين أي خيار عدا السير في أعقابه. وآجلا أو عاجلا فإن من لا يبيع ممتلكاته في اسرائيل يخاطر بتصنيفه كمتعاون مع اسرائيل. صحيح أن الأسواق عديمة القلب، وبثمن معين دائما ستجد من يشتري كل عقار مالي، حتى لو كان إسرائيليا. ولكن بالقدر نفسه من الواضح أن كل مواطني اسرائيل سيدفعون ثمن أفعال الحكومة في غزة بالكثير من الأموال، سواء عن طريق هبوط الأسهم والسندات أو بسبب الفجوة الكبيرة عن السندات والأسهم المشابهة لدول أخرى. إلى أي درجة يمكن أن يزيد الخصم في اسرائيل؟ على هذا السؤال تصعب الإجابة، لأنه حتى الآن ربما تتراجع الحكومة عن قرار سيطرتها على غزة وتجويع السكان، ضمن أمور أخرى، بسبب حقيقة أن الأغلبية الساحقة في الجمهور تعارض ذلك. وإذا لم يحدث ذلك فيمكن النظر إلى ما حدث في السابق لدول أصبحت دولا منبوذة في نظر العالم الغربي الذي معظم الأموال توجد في يده. جنوب إفريقيا التي كان فيها نظام "أبرتهايد" منذ منتصف القرن السابق وحتى بداية التسعينيات، هي مثال ممتاز، لأنه يمكن فحص ما حدث هناك بعد ذلك. "في الثمانينيات، في ذروة "الأبرتهايد"، وحول موجة أعمال الفوضى في البلدات التي يعيش فيها السود، تم بيع الأسهم في بورصة جوهانسبيرغ بخصم بلغ 30 – 50% مقابل دول أخرى في مستوى التطور نفسه. في سوق السندات، سجلت ظاهرة مشابهة. سندات حكومة جنوب إفريقيا واسهم شركات في جنوب إفريقيا بيعت بثمن عكس المكاسب العالية، 2 – 6%، مقارنة بسندات دول مشابهة في خصائصها. أيضا العملة عكست مقت العالم من النظام في جنوب إفريقيا. في الأعوام 1961 – 1980 العملة في جنوب إفريقيا مرت بتخفيض 80% مقارنة مع سلة عملات أخرى. عندما يبدأ ذلك فإن كل المعايير ومستويات سوق رأس المال في الدولة المنبوذة تتدهور بسرعة هي أيضا. دورات التجارية تهبط وحجم التداول ينخفض، وأيضا أرباح الشركات في البورصة، وترتفع أقساط المخاطر، والسوق كلها "تجف". يجب ألا يشكك أي أحد في ذلك. إذا استمرت اسرائيل في سياستها وأعمالها في غزة فإنه لا يوجد أي سبب بأن ما حدث للسوق المالية في جنوب إفريقيا، في حينه كانت دولة ثرية مع موارد طبيعية كثيرة وعلاقات دافئة مع المركز المالي في لندن، لن يحدث أيضا لإسرائيل. صناديق كثيرة ستبيع سنداتها وأسهمها الإسرائيلية، والدول ستفرض على اسرائيل عقوبات اقتصادية، والنتيجة هي انخفاض دراماتيكي للقيمة، بعشرات النسب المئوية، كل عقار له صلة بكلمة اسرائيل: اسهم، سندات، شركات خاصة، مشاريع ناشئة وحتى عقارات. هل أنتم لا تصدقون؟ اسألوا أنفسكم: هل كنتم ستشترون سندات في دولة، لنفرض في أميركا الجنوبية أو في آسيا، التي ترتكب أفعالا هناك من يطلقون عليها جرائم حرب، والتي دول مهمة تفرض عليها عقوبات، وصناديق الاستثمارات الكبرى تبيع ممتلكاتها فيها؟ يبدو أن الجواب "لا". عن "هآرتس"