
مدير فتوى الأزهر يخطب من لندن عن دور الشريعة في استقرار المجتمعات
واستهل الحديدي خطبته، بالتأكيد على أن الإسلام ليس شعائر منعزلة عن واقع الإنسان، بل هو بناء تعبدي وقيمي وأخلاقي شامل يُعد أساسًا لتحقيق الاستخلاف والعمران الحضاري في الأرض، مشددًا على أن الأسرة هي لبنة بناء الإنسان الأولى وفق تعاليم الإسلام الشاملة، ومتى صلحت صلح المجتمع، وأن القرآن والسنة وضعا قواعد متينة لصيانة الأسرة وحمايتها.
وأكد أن تحقيق العبادة الحقيقية لا يكون إلا من خلال قيم تحكم السلوك وتضبط المعاملات، وأن الشريعة الإسلامية لا تنفصل عن الحياة، بل تتكامل مع الواقع في ضوء مقاصد سامية، على رأسها العدل، والرحمة، والكرامة، والعمران.
وتطرق الحديدي، إلى أهمية التكامل الإنساني والتعارف بين الشعوب، معتبرًا أن الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13] تشكل خطابًا عامًّا موجّهًا إلى البشرية جمعاء، وترسم أفقًا واسعًا للتواصل بين الحضارات، والتفاهم بين الثقافات، مضيفًا أن التفاضل الحقيقي إنما يكون بالتقوى والعمل الصالح، لا بالجنس أو العرق أو اللون.
وتابع: إن التمكين في الأرض وعد إلهي لا يتحقق إلا بالجمع بين الإيمان والعمل الصالح، كما جاء في قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55]، مشيرًا إلى أن أصل التمكين نابع من العبادة الخالصة، والعمل الجاد المستند للقيم.
وفي سياق متصل، أوضح أن الإسلام لا يفصل بين الأخوة الدينية والأخوة الإنسانية، بل يجمع بينهما في تناغم فريد، وأن "وثيقة المدينة" التي أسسها سيدنا رسول الله في المدينة المنورة كانت أنموذجًا واقعيًّا متقدمًا للتعايش المشترك بين مختلف الأديان والأعراق داخل وطن واحد، وضمَّنها بنودًا حضارية تكفل الحقوق، وتعامل الجميع كأمة واحدة إلا من ظلم وغدر.
وعن الوحدة الإسلامية، أكد الدكتور الحديدي أنها ليست شعارًا سياسيًّا، بل أصل شرعي، ومبدأ قيمي، يجب أن يُبنى على العلم والتواصل والرحمة، مستدلًا بقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، مشيرًا إلى أن الفرقة والتمزق لا يخدمان إلا أعداء الأمة.
واختتم مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية خطبته بالتأكيد على أن "الوحدة العلمائية" بين علماء المسلمين من شتى البقاع، هي أساس الوصول إلى وحدة الأمة، وأن اجتماع العلماء اليوم في لندن لمناقشة قضايا الأسرة والتماسك المجتمعي في أجواء تسودها المحبة والتآخي، هو تجسيد عملي لمبدأ الوحدة العلمائية التي يسعى لها الأزهر الشريف عبر بعثاته وبرامجه العالمية.
بعد صلاة الجمعة، دار نقاش مثمر وحوار مفتوح بين الدكتور أسامة الحديدي وعدد من المصلين، الذين حرصوا على طرح تساؤلاتهم حول موضوع الخطبة وغيره من الموضوعات والقضايا التي تهم المسلمين في أوروبا عمومًا وبريطانيا خصوصًا، في أجواء تسودها المحبة والاحترام، وقد أبدى كثير من الحضور ثناءً عطرًا على جهود الأزهر الشريف في نشر الفكر الوسطي، وتصحيح المفاهيم، وتعزيز التواصل الحضاري، مؤكدين أن دور علماء الأزهر في المجتمعات الغربية ترك أثرًا إيجابيًّا كبيرًا في نفوس المسلمين، وعزز ثقتهم بهويتهم الدينية والثقافية.
وتأتي هذه الخطبة ضمن سلسلة أنشطة الأزهر الشريف في مختلف البلدان؛ اضطلاعا بأدواره العالمية، والتي تهدف إلى تعزيز الخطاب الديني المعتدل، ونشر القيم الإسلامية الأصيلة، وترسيخ التعايش السلمي بين أفراد المجتمعات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 30 دقائق
- النهار
بالفيديو - وزير الداخلية الكويتي عن زيارته لبري: على كل برلماني أن يأتي للاستماع إلى نصائحه
استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح والوفد المرافق، في حضور القائم بأعمال سفارة الكويت في بيروت المستشار ياسين الماجد، حيث تناول اللقاء الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة وآخر المستجدّات والعلاقات الثنائية بين لبنان والكويت. وبعد اللقاء، قال الشيخ الصباح: "لبنان سوف يبقى لبنان. والزيارة هي لتأكيد دعم الكويت والشعب الكويتي التام للبنان وعلى رأسهم صاحب السمو أمير الكويت، كما كان لبنان الداعم الأول للكويت وللشعب الكويتي وإن شاء الله، مشاكل لبنان كافة، سوف تحلّ". وحول أسباب زيارته للرئيس بري، قال الصباح: "أنا هنا للسلام على الرئيس بري وهو أقدم رئيس برلمان ومن المفروض على كل برلماني أن يأتي للاستماع إلى نصائحه". وختم الصباح: "زيارتي إلى لبنان هي لنقل رسائل حب ومودة من الشعب الكويتي وعلى رأسهم صاحب السمو أمير البلاد للبنان والشعب اللبناني". وعمّا إذا كان هناك من مخاوف تهدد لبنان من حدوده الشرقية مع سوريا؟ أجاب الوزير الصباح :"لبنان سيبقى لبنان وسوريا ستبقى سوريا". والتقى وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار نظيره الكويتي وقال إن "البحث تناول التعاون الأمني بشكل عام وبدأت الترجمة بعد انتهاء الاجتماع وانتقل فريق عمل متخصّص من الجانب الكويتي إلى لقاءات مباشرة مع زملائهم من الجانب اللبناني". تابع: "دولة الكويت لم تتأخر يوماً عن دعم لبنان ولها أيادٍ بيضاء في جميع المجالات".


المركزية
منذ 31 دقائق
- المركزية
فضل الله يستقبل حيدر ومكّي ومخزومي ووفود معزّية بوالدته
المركزية - استقبل العلّامة السّيّد علي فضل الله وزير العمل محمّد حيدر في مكتبه في حارة حريك معزيًا بوفاة والدته نجاة نور الدّين، وكانت مناسبة للتّداول في تطوّرات الأوضاع العامّة في لبنان والمنطقة. كما استقبل وزير الدّولة لشؤون التّنمية الإداريّة فادي مكّي الّذي عزّاه بوفاة والدته وجرى عرض للتّطورات في لبنان والمنطقة. واستقبل وفدًا من بلدية برج البراجنة برئاسة رئيسها مصطفى حرب معزيًا بوفاة والدته وجرى التّداول في أمور إنمائيّة وبلديّة وسبل تعزيز ثقافة المواطنة والالتزام بالقوانين لدى النّاس. كذلك استقبل فيصل كفتاروعلى رأس وفد نقل إليه التّعازي باسم العائلة، وجرى التّداول في سبل تعزيز الوحدة بين المسلمين وخصوصًا في هذه المرحلة الصّعبة الّتي يعمل فيها على إثارة الفتن والانقسامات في كلّ مكان. وكان فضل الله استقبل النائب فؤاد مخزومي يرافقه السّفير بسام النعماني، الّذي قدّم له التّعزية بوفاة والدته وجرى التّداول في الأوضاع العامّة في لبنان والمنطقة ووسائل حماية لبنان وخصوصًا في مجال تعزيز الوحدة الوطنيّة في مواجهة المخاطر الّتي تهدّد لبنان، واعتماد الخطاب الهادئ والبعيد عن الإثارة في المجالات السياسيّة والدّينية وغيرها.


صوت لبنان
منذ 32 دقائق
- صوت لبنان
كرامي تفقدت مركزي امتحانات في قضاء بعلبك: نبرهن للجميع أن لا شيء يركعنا مهما كانت الظروف قاسية
تفقدت وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي مركزين للامتحانات الرسمية لشهادة الثانوية العامة والتعليم المهني في بلدة بدنايل في قضاء بعلبك، يرافقها مستشارها الإعلامي بيار شمعون وفريق من الوزارة. المحطة الأولى كانت في مركز متوسطة سليم حيدر الرسمية في بلدة بدنايل، وكان في استقبالها رئيس المنطقة التربوية في محافظة بعلبك الهرمل حسين عبد الساتر، رئيس المركز الدكتور الياس الهاشم، ومديرة المدرسة فاطمة الرمح. وخلال الجولة في غرف المركز، والاستعلام من الطلاب عن تقييمهم لمستوى المسابقات والاستماع إلى ملاحظاتهم، أشارت إلى أنه "رغم الظروف الصعبة التي مر بها لبنان، نثبت من خلال هذه الامتحانات بأن التحديات لا تضعفنا، ولا تقف عائقا أمام إصرارنا على أن تكون العملية التعليمية التعلمية اولوية بالنسبة إلى اللبنانيين". وقالت بعد الجولة: "الطلاب هنا نشيطون جدا وكان لديهم الكثير ليخبروني به، وكما ذكرت بالجولات في المناطق الأخرى، بشكل عام هناك الكثير من الإرتياح، وسمعت أن الإمتحانات أحسن مما توقعوا، كان واضحا التشنج في البداية، والشائعات أن الامتحانات ستكون قاسية، ولكن هي ليست قاسية عليهم، وما رأيته أنها كانت أجواء طبيعية والطلاب مرتاحين، وأكيد استفهموا مني كيف سيكون التصحيح واخبرتهم أننا سنكمل بنفس الطريقة العادلة". وتابعت: "بالتأكيد أنا سأستغل الفرصة لأشكر الأساتذة والهيئة التعليمية وكل الموجودين في كل مدرسة، وخصوصا في منطقة بعلبك الهرمل لأنني أعرف أن الظروف كانت قاسية على الجميع ولا تزال، وهم يثبتون للجميع ما معنى الصمود والوقوف أمام المصاعب، ونبرهن أن لا شيء يركعنا". وأضافت: "في الوزارة يوجد فريق عمل كبير يتابع لحظة بلحظة، وعندما تصلنا رسالة من الطلاب أو الأهالي نرسلها لهم، وهناك من يتابع على الخط الساخن ويتلقى الملاحظات التي تصل إلى اللجان التي تضع المسابقات، وإلى اللجان التي بدأت بالتصحيح". وختمت كرامي: "العملية تسير بأفضل طريقة ممكنة، وكما تعرفون هذه ليست ماكينة لا نقدر أن نجعلها مناسبة تماما. الإمتحانات الرسمية ليست موضوعة لصف معين ولا لمدرسة معينة، بل لكل البلد، لأجل ذلك أكيد يوجد تفاوت في كيفية التفاعل مع تلك الأسئلة، ولكن النقاط والملاحظات التي أعطيت وصلت، وستكون مسجلة وسنأخذها بعين الإعتبار". الامتحانات المهنية وانتقلت الوزيرة كرامي إلى مركز معهد بدنايل الفني، وتفقدت سير الامتحانات، وكان في استقبالها رئيس الدائرة الإقليمية للتعليم المهني في بعلبك-الهرمل عبد الغني الديراني، ورئيس المركز وليد حمود. ووجهت الوزيرة كرامي التحية لكل جهاز مديرية التعليم المهني على جهوده، وقالت: "أنا رأيت من وراء الكواليس حجم المجهود الذي يتطلبه الاستعداد لهذه الإمتحانات من قبل رؤساء المراكز ومدراء المعاهد هنا في منطقة بعلبك، وأيضا أريد أن أوجه الشكر الخاص للأساتذة الذين هم على رأس القائمة، ويعملون بظروف صعبة جدا وقاسية على الجميع". وأردفت: "أصريت أن يكون لنا وقفات في المعاهد المهنية، لأننا نعلم جميعا بأن التعليم المهني هو الحجر الأساس للنهوض بأي مجتمع وتنميته". وتابعت: "نحن الآن نسير بإذن الله نحو التعافي، وخاصة في القطاع التربوي، ونعمل جاهدين لاستعادة مكانتنا المتميزة. نحن الآن نثبت مقدار قدرتنا على الصمود، ونأمل أن نعود إلى تميزنا". وأشارت كرامي إلى "خطة استراتيجية اعدتها المديرية، ونحن نعمل مع جهات مانحة تعي أهمية تعزيز التعليم المهني، وهذه الجهات سوف تقف معنا في هذا المسار . البلد مر بظروف قاسية جدا، وكنا نتعاطى لفترة طويلة مع الأزمات المستجدة، وليس تعاطي تطوير وتحسين، لذلك يوجد أمور تأخرنا فيها، ينبغي علينا معالجتها، لا سيما ما يتعلق بتناغم مسارات التعليم العام مع المسار المهني".