
الاتحاد الأوروبي يلوح بنهاية «الكرم المفرط» تجاه صادرات أوكرانيا
في منعطف مفصلي للعلاقات الأوروبية الأوكرانية، يستعد الاتحاد الأوروبي لوضع حد لمرحلة الإعفاءات الجمركية التي منحت لكييف دعمًا اقتصاديًا في وجه الحرب الروسية.
وبينما تُروّج بروكسل لخطاب التضامن مع أوكرانيا، تكشف قراراتها الأخيرة عن صراع داخلي متصاعد بين ضرورات الجغرافيا السياسية وضغوط الشارع الزراعي الأوروبي، مما يفتح الباب أمام تحولات جذرية في سياسة الاتحاد التجارية، وربما في مزاجه الاستراتيجي أيضًا.
وكما كان متوقعًا، لا يعتزم الأوروبيون تجديد الإعفاء من الرسوم الجمركية على الواردات الزراعية القادمة من أوكرانيا، فهذا الاتفاق، الذي تم التوصل إليه عام 2022 وينتهي في يونيو/حزيران المقبل، كان إجراءً داعمًا لكييف في حربها ضد العملية العسكرية الروسية.
ويتجه الاتحاد الأوروبي نحو إنهاء سياسة التجارة الحرة مع أوكرانيا. ووفقًا لما نقلته صحيفة فايننشال تايمز يوم الأربعاء عن دبلوماسيين أوروبيين، فإن الاتحاد يستعد لتطبيق رسوم جمركية مرتفعة جدًا على الواردات الأوكرانية.
وأفادت وكالة رويترز بأن هذه الإجراءات "ستُوجّه ضربة لاقتصاد كييف في لحظة حرجة من الأزمة الأوكرانية". وقد تم بالفعل تقديم الاقتراح مؤخرًا إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ويتضمن تقليصًا حادًا للحصص المخصصة للمنتجات الزراعية المعفاة من الرسوم الجمركية.
من جانبها، قالت كلير مونتانيي، باحثة في معهد "جاك دولور" للدراسات الأوروبية لـ"العين الإخبارية" إن "هذا القرار الأوروبي ضد أوكرانيا هو نتيجة حتمية لفشل بروكسل في تقديم حلول هيكلية لمعضلة التكامل التجاري مع أوكرانيا.
وأضافت :"كان يجب منذ البداية إدماج المعايير البيئية والصحية الأوروبية ضمن الاتفاق، وليس فقط فتح الأسواق. اليوم، المزارع الأوروبي يشعر بأنه يدفع ثمن الحرب، بينما الشركات الزراعية الكبرى تستفيد من حرية دخول المنتجات.
وأشارت إلى أنه اقتصاديًا، تقليص الإعفاءات لن يضر أوكرانيا فقط، بل سيضر أيضًا سلاسل الإمداد الأوروبية التي أصبحت تعتمد على منتجات أوكرانية منخفضة الكلفة، خاصة في قطاع الأعلاف والزيوت النباتية. نحن أمام لحظة تحتاج فيها أوروبا إلى خطة انتقال تجاري مستدام، لا إلى ردود فعل قصيرة المدى".
من جهته، رأي الدكتور لوران بورغوان، الخبير الاقتصادي في مركز "OFCE" بباريس لـ"العين الإخبارية" أن " هذا التوجه الأوروبي يُظهر حجم الانقسام الداخلي بين دول شرق ووسط أوروبا، التي تخشى تدفق المنتجات الأوكرانية، ودول الشمال التي تركز على الاعتبارات الاستراتيجية.
وأضاف:" من الناحية الاقتصادية البحتة، فرض رسوم جمركية أعلى قد يقلل الضغط على المزارعين الأوروبيين مؤقتًا، لكنه سيزيد الضغط على أوكرانيا في وقت تحتاج فيه إلى تعزيز صادراتها من أجل تمويل مقاومتها.
وأشار إلى أن الحل يكمن في إبرام اتفاق تجاري طويل الأمد يتضمن شروطًا بيئية صارمة وتدريجية، مع حزمة دعم للمزارعين الأوروبيين المتضررين، بدلًا من العودة إلى سياسة الحواجز الجمركية الكلاسيكية. فالحمائية لن تكون حلاً مستدامًا في ظل الأزمة العالمية المتعددة الأوجه".
وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض، منذ عام 2022، إعفاءً جمركيًا على المنتجات الزراعية الأوكرانية، بهدف دعم كييف في مواجهة العملية العسكرية الروسية. ومع تصاعد احتجاجات النقابات الزراعية ضد ما اعتبروه "منافسة غير عادلة"، أعادت بروكسل النظر في هذا النظام في 2024، ففرضت قيودًا على الكميات المعفاة لبعض المنتجات.
وفي الأسابيع الأخيرة، تفاوض الأوروبيون والأوكرانيون بشأن مصير هذا الاتفاق، الذي ينتهي في أوائل يونيو/ حزيران.
مشاكل في بعض الدول الأعضاء
في نهاية مارس/ آذار، أعلن المفوض الأوروبي للزراعة، كريستوف هانسن، أن الاتحاد الأوروبي يعتزم تقليص وارداته من المنتجات الزراعية الأوكرانية بعد انتهاء الاتفاق. وقال هانسن من بروكسل: "حصص الاستيراد لن تبقى كما هي (…) وبالتالي، ستكون هناك واردات أقل فعليًا". وتواصل أوكرانيا، بصفتها قوة زراعية كبرى، الضغط لتمديد الإعفاءات الجمركية الحالية.
لكن في الجانب الأوروبي، يظل الملف حساسًا، خاصة بالنسبة للدواجن والبيض. واعترف المفوض الأوروبي بأن "الاتفاق تسبب، خصوصًا في بعض الدول الأعضاء، بمشكلات"، ودعا إلى "اتفاق طويل الأمد مع أوكرانيا" يشمل "مواءمة المعايير الإنتاجية"، وخصوصًا فيما يتعلق باستخدام المبيدات.
ويعكس هذا التراجع الأوروبي عن الإعفاءات الجمركية توترًا واضحًا بين خطابي التضامن مع أوكرانيا من جهة، والضغوط السياسية والاجتماعية المتزايدة في الداخل الأوروبي من جهة أخرى، لا سيما من المزارعين في دول مثل فرنسا، بولندا، وبلغاريا.
فبينما تسعى المفوضية الأوروبية للحفاظ على مظلة الدعم الاستراتيجي لأوكرانيا في حربها مع روسيا، تضطر في الوقت نفسه إلى مراعاة السخط الشعبي والنقابي المتصاعد بسبب ما يعتبره المزارعون "إغراقًا زراعيًا" يهدد مصادر رزقهم. ويمثل هذا الصدام بين الأجندة الجيوسياسية والأجندة الاجتماعية أحد أبرز تناقضات الاتحاد الأوروبي في مرحلة ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
كما يمكن النظر إلى هذا القرار كمؤشر على بداية فتور في الحماس الشعبي والسياسي الأوروبي تجاه أوكرانيا، مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية الأوروبية في 2026، والتي قد تستغلها التيارات الشعبوية واليمينية لتأليب الرأي العام ضد "الكرم المفرط تجاه كييف".
aXA6IDEwNC4yMjIuMTg0LjE0OSA=
جزيرة ام اند امز
GB

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سبوتنيك بالعربية
منذ 4 ساعات
- سبوتنيك بالعربية
المرشح الرئاسي البولندي ترزاسكوفسكي يرفض إعلانا اقترحه القوميون
المرشح الرئاسي البولندي ترزاسكوفسكي يرفض إعلانا اقترحه القوميون المرشح الرئاسي البولندي ترزاسكوفسكي يرفض إعلانا اقترحه القوميون سبوتنيك عربي رفض المرشح الرئاسي البولندي من الائتلاف الحاكم، رافال ترزاسكوفسكي، يوم السبت، التوقيع على إعلان بشأن الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا والأسلحة والضرائب، اقترحه زعيم... 24.05.2025, سبوتنيك عربي 2025-05-24T21:46+0000 2025-05-24T21:46+0000 2025-05-24T21:46+0000 بولندا العالم أخبار أوكرانيا انتخابات الرئاسة موسكو –سبوتنيك. في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية البولندية، التي جرت في 18 مايو، حصل مرشح الائتلاف الحاكم، رافال ترزاسكوفسكي، على 31.36% من الأصوات، بينما حصل مرشح المعارضة كارول ناوروكي على 29.54%. وتأهل كلاهما إلى الجولة الثانية، التي ستُجرى في الأول من يونيو.ودعا ممثل الكونفدرالية، سلافومير مينتزن، الذي حل ثالثًا بنسبة 14.8% من الأصوات، كلاً من ترزاسكوفسكي وناوروكي إلى نقاشات عبر قناته على يوتيوب، وطالبهما بتوقيع الإعلان. قبل بضعة أيام، زار ناوروكي استوديو مينتزن، حيث وافق، بعد محادثة استمرت ساعة، على التوقيع.ومن بنود الإعلان التي رفضها ترزاسكوفسكي رفضًا قاطعًا الالتزام بعدم توقيع قوانين تتعلق بانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).وأكد ترزاسكوفسكي تأييده القوي لانضمام أوكرانيا إلى الحلف، مضيفًا أنه في حال انتخابه رئيسًا، فلن يرسل قوات بولندية إلى أوكرانيا.ومن البنود الأخرى عدم توقيع قوانين تتعلق برفع الضرائب على المواطنين البولنديين أو تقييد تداول النقد، وحرية التعبير، وحصول المواطنين البولنديين على السلاح.ويتعهد الموقعون على الإعلان أيضًا بعدم الموافقة على انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، وعدم إرسال قوات بولندية إلى أوكرانيا، وعدم الموافقة على نقل أي صلاحيات للحكومة البولندية إلى السلطات الأوروبية وعدم التصديق على أي معاهدات للاتحاد الأوروبي من شأنها إضعاف دور بولندا، وخاصة إلغاء حق النقض. بولندا سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 2025 سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 الأخبار ar_EG سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 1920 1080 true 1920 1440 true 1920 1920 true سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 سبوتنيك عربي بولندا, العالم, أخبار أوكرانيا, انتخابات الرئاسة


العين الإخبارية
منذ 6 ساعات
- العين الإخبارية
الشرع في تركيا.. لقاء يعمق التعاون بعد سنوات من التوتر
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت، عن ترحّيب أنقرة بقرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفع العقوبات المفروضة على سوريا. جاء ذلك خلال محادثات جرت في إسطنبول مع الرئيس السوري أحمد الشرع، في زيارة غير معلنة مسبقًا تأتي بعد يوم واحد فقط من قرار واشنطن بإنهاء العقوبات المفروضة على دمشق عقب 14 عامًا من النزاع. تحوّل إقليمي زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تركيا، وهي الأولى له منذ الإطاحة ببشار الأسد العام الماضي، تُعد مؤشرًا على متانة التحالف الجديد بين أنقرة ودمشق. وأظهر مقطع مصور بثه التلفزيون التركي الرئيس أردوغان وهو يستقبل الشرع بحرارة عند قصر دولمة بهجة التاريخي في إسطنبول. وخلال اللقاء الذي لم يعلن عنه مسبقا، تحادث الزعيمان لأكثر من ساعتين ونصف ساعة، وفق قناة "إن تي في" الإخبارية التركية الخاصة. وأكد بيان صادر عن الرئاسة التركية أن أردوغان أعرب للشرع عن دعم تركيا لقرار رفع العقوبات، معتبرًا ذلك «خطوة مهمة نحو الاستقرار». وشارك في المحادثات عدد من كبار المسؤولين من الجانبين، بينهم وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء أجهزة المخابرات. نفوذ تركي متزايد يأتي هذا اللقاء فيما تعزّز تركيا نفوذها في الملف السوري، وسط تسريبات عن محادثات أمنية جرت بين رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم قالن والرئيس الشرع، ركّزت على مصير «وحدات حماية الشعب الكردية». ووفق مصادر أمنية تركية، تدفع أنقرة باتجاه تسليم هذه الوحدات لسلاحها ودمجها في قوام القوات الحكومية السورية، ضمن مساعٍ لتفكيك البنية العسكرية الكردية شمال البلاد. من جهتها، قالت الرئاسة السورية عبر قناتها على تطبيق تليغرام "وصل الرئيس السوري أحمد الشرع على رأس وفد حكومي ضم وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، ووزير الدفاع السيد مرهف أبو قصرة إلى قصر دولمه بهجه في إسطنبول، حيث التقى رئيس الجمهورية التركية رجب طيب إردوغان لبحث عدد من الملفات المشتركة". تعيين مبعوث أمريكي بالتزامن، أعلنت السفارة الأمريكية في أنقرة عن تعيين السفير الأمريكي لدى تركيا، توم باراك، مبعوثًا خاصًا إلى سوريا، في خطوة تشير إلى تنامي الاعتراف الأمريكي بدور تركيا المحوري في المعادلة السورية. وكانت رويترز قد كشفت في وقت سابق عن نية واشنطن إسناد هذا الملف إلى باراك في ضوء التقارب التركي-السوري. ولا تزال تركيا تحتفظ بمناطق نفوذ عسكري في شمال سوريا بعد سلسلة من العمليات ضد «وحدات حماية الشعب»، التي تعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المصنّف إرهابيًا لدى أنقرة. وكانت المفاجأة هذا الشهر إعلان حزب العمال الكردستاني عن حلّ نفسه وإلقاء السلاح، في تطور ربما يسهم في تهيئة الأجواء لإعادة صياغة التوازنات العسكرية في الشمال السوري. aXA6IDE1NC45LjIwLjE2NCA= جزيرة ام اند امز GB


العين الإخبارية
منذ 6 ساعات
- العين الإخبارية
رسوم ترامب على أوروبا.. عقاب لا تفاوض
أشعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجدداً التوترات التجارية أمس الجمعة، بعدما هدد بفرض رسوم جمركية حادة على الواردات الأوروبية. وتطال التهديدات منتجات شركة أبل وكافة السلع المستوردة من الاتحاد الأوروبي. وقد أطلق تصريحاته عبر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي في وقت مبكر من صباح الجمعة الموافق 23 مايو/أيار الجاري، مما أثار قلق الأسواق العالمية وزاد من المخاوف بشأن التداعيات الاقتصادية المحتملة لتصعيد جديد في الحرب التجارية. ووفقا لترامب، فإذا لم تقم شركة أبل بنقل تصنيع هواتف آيفون من الهند ودول أخرى إلى الولايات المتحدة، فسيتم فرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على منتجاتها. كما أعلن الرئيس الأمريكي عن نية فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على جميع السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي، اعتبارًا من الأول من يونيو/حزيران. ولاحقًا، صرح ترامب من المكتب البيضاوي أن الضرائب المقترحة لن تقتصر على أبل، بل ستشمل سامسونغ وشركات تكنولوجيا أخرى أيضًا. خطوة جريئة ووفقاً لتحليل نشرته صحيفة "فاينشيال تايمز"، فإن الخطوة تعتبر من بين الأكثر جرأة، كما تمثل هذه التهديدات تحولًا كبيرًا بعد أسابيع من الهدوء النسبي في الجبهة التجارية. وعلى الرغم من أن الأسواق المالية لم تشهد انهيارًا، حيث أغلق مؤشر S&P 500 منخفضًا بأقل من 1%، إلا أن محللين حذروا من أن تنفيذ تلك الرسوم قد يكون له عواقب اقتصادية جسيمة. وتمثل هذه التهديدات تحولًا كبيرًا بعد أسابيع من الهدوء النسبي في الجبهة التجارية. وعلى الرغم من أن الأسواق المالية لم تشهد انهيارًا، حيث أغلق مؤشر S&P 500 منخفضًا بأقل من 1%، إلا أن محللين حذروا من أن تنفيذ تلك الرسوم قد يكون له عواقب اقتصادية جسيمة. وقالت ويندي كاتلر، وهي مفاوضة تجارية أمريكية سابقة ونائبة رئيس معهد آسيا للسياسات: "التهديدات لم تعد تحمل نفس الوزن كما كانت سابقًا، لكن من المرجح أن الأمور مع الاتحاد الأوروبي ستزداد سوءًا قبل أن يتم التوصل إلى مخرج". وأكد وزير الخزانة سكوت بيسنت أن تصريحات الرئيس تهدف إلى دفع الأوروبيين نحو التفاوض بجدية أكبر، مضيفًا أن الاتحاد الأوروبي يعاني من "مشكلة في اتخاذ القرار الجماعي"، حيث يمثل مجموعة من 27 دولة ولكن يتفاوض كجسم واحد من بروكسل. لكن تقريرا نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية ذكر إن إدارة ترامب تسعى لإقناع الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم على الواردات الصينية، لكنها لم تنجح حتى الآن بسبب تباين الأولويات التجارية بين الدول الأوروبية. وأوضحت الصحيفة أن مستشاري ترامب أعربوا عن استيائهم من بطء التقدم في المحادثات، مشيرين إلى أن واشنطن لم تتلقَّ أي تأكيد من قادة الاتحاد حول نية فرض رسوم جديدة على السلع الصينية. كما أبدى الاتحاد تمسكه بمواقفه إزاء قضايا مثل ضريبة القيمة المضافة وتشريعات الصحة والتكنولوجيا. ورغم تبادل الوثائق المتعلقة بالتفاوض، لا تزال المفاوضات دون نتائج ملموسة. من جهتها، أبدت بريطانيا، في محادثات منفصلة، استعدادها للمضي في فرض رسوم على الصلب الصيني. كما وجهت الولايات المتحدة طلبات مماثلة لشركاء آخرين مثل اليابان وكوريا الجنوبية. استهداف أبل وأوروبا في منشوراته، وجّه ترامب انتقادات حادة للرئيس التنفيذي لشركة أبل، تيم كوك، كما وصف مفاوضي الاتحاد الأوروبي بأنهم "عنيدين"، واشتكى من أن المحادثات التجارية "لا تسير إلى أي مكان". كما زعم أن العجز التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتجاوز 250 مليون دولار سنويًا، وهو رقم خاطئ في الواقع. تشير بيانات وزارة التجارة الأمريكية إلى أن العجز التجاري مع الاتحاد الأوروبي يبلغ نحو 235 مليار دولار، وليس ملايين كما ذكر ترامب، كما أن الولايات المتحدة تحقق فائضًا كبيرًا في تجارة الخدمات مع أوروبا يتجاوز 70 مليار دولار. علاوة على ذلك، فإن ادعاء ترامب بأن الاتحاد الأوروبي "تأسس بهدف استغلال الولايات المتحدة في التجارة" يتعارض مع الحقيقة التاريخية، حيث نشأ الاتحاد في أعقاب الحرب العالمية الثانية لتعزيز التعاون بين فرنسا وألمانيا ومنع نشوب الحروب مجددًا. ووفقا للتحليل، فقد فوجئ المسؤولون الأوروبيون بتصريحات ترامب، التي صدرت قبل ساعات فقط من مكالمة مرتقبة بين الممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير والمسؤول التجاري الأوروبي ماروش شيفشوفيتش. وفي وقت سابق، اقترح الاتحاد الأوروبي عدة تنازلات، منها تقليل الرسوم الجمركية على السلع الصناعية، وزيادة وارداته من الغاز الطبيعي الأمريكي المسال، والتعاون في قضايا مثل الذكاء الاصطناعي والقدرة الزائدة في صناعة الصلب. لكن إدارة ترامب واصلت الضغط من أجل تنازلات أكبر دون تقديم مقابل ملموس. ويخشى القادة الأوروبيون أن تؤدي مطالب ترامب الضاغطة والمهل الزمنية القصيرة إلى فشل المفاوضات، خاصة أن الاتفاقات التجارية السابقة بين الاتحاد ودول أخرى استغرقت سنوات من التفاوض، في حين منح ترامب الأوروبيين 90 يومًا فقط بعد تعليقه المؤقت لبعض الرسوم الجمركية. وفي حال مضت الولايات المتحدة قدمًا في تنفيذ تهديداتها، فإن الاتحاد الأوروبي قد يرد بالمثل. وقد أعد المسؤولون قائمة بأكثر من 100 مليار دولار من السلع الأمريكية -بما في ذلك الطائرات وقطع غيار السيارات ومنتجات زراعية- لفرض رسوم انتقامية عليها. كما أن حزمة من الرسوم على واردات أمريكية بقيمة 23 مليار دولار، كانت مؤجلة سابقًا، قد تُعاد إلى الواجهة. مخاطر اقتصادية أوسع ويحذر خبراء الاقتصاد من أن هذا النهج قد يضر بالاقتصاد الأمريكي. ووفقًا لتقديرات بنك باركليز، فإن تنفيذ الرسوم الجمركية على نطاق واسع قد يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي وارتفاع في معدلات التضخم، وقد يدخل الاقتصاد الأمريكي منطقة الركود خلال العام المقبل. وتتمثل الخطورة في أن هذه الرسوم ستستهدف مباشرة الإلكترونيات الاستهلاكية، وعلى رأسها الهواتف الذكية، التي تُعد من المنتجات الحساسة بالنسبة للمستهلكين. كما أن نقل سلاسل التوريد العالمية إلى داخل الولايات المتحدة -كما يقترح ترامب- سيستغرق سنوات ويتطلب استثمارات ضخمة. وتمثل تهديدات ترامب الأخيرة تصعيدًا كبيرًا في سياسات التجارة الأمريكية، وقد تؤدي إلى تقويض علاقات اقتصادية طويلة الأمد مع الحلفاء الأوروبيين. وبينما يؤكد ترامب أن موقفه المتشدد سيفضي إلى صفقة أفضل، يرى منتقدوه أن الآثار السلبية المحتملة -من ارتفاع الأسعار وتقلب الأسواق إلى إضعاف التحالفات- قد تكون أثقل كلفة من أية مكاسب محتملة. وفي حين أن المسؤولين الأوروبيين يفضلون تجنب حرب تجارية شاملة، إلا أنهم يتحضرون لأسوأ السيناريوهات. وبينما تتواصل المحادثات وسط حالة من الشك وانعدام الثقة، ستحدد الأسابيع القادمة ما إذا كانت الدبلوماسية ستنجح أم أن الأمور ستتجه نحو صدام اقتصادي حاد. aXA6IDQ1LjM4Ljk2LjEwMyA= جزيرة ام اند امز CZ