
إدارة ترامب تدافع عن أساليبها العنيفة في توقيف المهاجرين
وشرح مسؤول الحدود توم هومان، ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم وجهة نظر الإدارة في البرامج الحوارية اليوم الأحد، غداة وفاة عامل مزرعة في كاليفورنيا بعد إصابته في عملية دهم لمزرعة قانونية للقنب.
وأمرت القاضية مامي إيووسي مينساه فريمبونغ الجمعة الماضي بوقف "الدوريات المتجولة" التي تستهدف المهاجرين غير المسجلين في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، قائلة إن عرق الشخص أو لغته أو مكان عمله لا يشكل مبررا كافيا.
وقال هومان في برنامج "حال الاتحاد" على "سي إن إن" إن "الوصف الجسدي لا يمكن أن يكون السبب الوحيد لاحتجاز شخص ما واستجوابه" بل يعتمد الأمر على "مجموعة واسعة من العوامل".
بيد أن هومان أقر بأن المظهر كان أحد هذه العوامل، وقال إن هناك في بعض الأحيان "توقيفات جانبية" لأشخاص أبرياء في عمليات دهم مستهدفة.
وأكد أن الإدارة ستلتزم بقرار القاضية لكنها ستستأنفه، فيما وصفت نويم قرار القاضية بأنه "سخيف" وانتقدت ما وصفته بطبيعته "السياسية".
وأضافت الوزيرة في برنامج "فوكس نيوز صنداي"، "نبني عملياتنا وتحقيقاتنا دائما على أبحاث في القضايا، وعلى معلومات بشأن الأفراد الذين نستهدفهم لأنهم مجرمون".
وتعهّد ترامب خلال حملته الانتخابية بترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين، واتخذ منذ توليه الرئاسة عددا من الإجراءات التي تهدف إلى تسريع عمليات الترحيل والحد من عبور الحدود.
وباعتبارها "مدينة ملاذ" تضم مئات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين، أصبحت لوس أنجلوس في مرمى نيران إدارة ترامب منذ عودته إلى السلطة في يناير/كانون الثاني.
وبعدما أثارت عمليات الدهم التي شنتها إدارة الهجرة والجمارك (آيس) احتجاجات الشهر الماضي، أرسل ترامب الحرس الوطني ومشاة البحرية لاحتواء الاضطرابات.
واعتبر حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم أن تلك القوات ليست ضرورية للتعامل مع الاحتجاجات السلمية في معظمها، لكن جهوده القانونية لسحبها باءت بالفشل حتى الآن.
ويوم الخميس الماضي، دهم عناصر من إدارة الهجرة والجمارك مزرعة قنب في مقاطعة فينتورا قرب لوس أنجلوس، وأوقفوا نحو 200 مهاجر، ما أدى إلى صدامات.
وسقط أحد العمال أثناء مطاردته من عناصر "آيس" من سطح دفيئة زراعية، وتوفي أمس السبت متأثرا بإصاباته.
ووصف هومان وفاته بأنها "محزنة" لكنه أوضح أن الرجل لم يكن رهن الاحتجاز لدى إدارة الهجرة والجمارك وقت وفاته.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
نظريات رينيه جيرار.. أداة سياسية بأيدي النخبة المحافظة الأميركية
في قلب الدوائر الفكرية الأميركية، وتحديدًا في أوساط اليمين المحافظ المؤيد لدونالد ترامب، يتردد اسم رينيه جيرار، الفيلسوف والأنثروبولوجي الفرنسي الذي توفي 2015. وبينما ظل جيرار مجهولًا نسبيًا في موطنه فرنسا، تشهد أعماله نهضة فكرية غير متوقعة عبر المحيط الأطلسي، حيث تبنّتها شخصيات مؤثرة، مثل نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، ورجل الأعمال المقرب من ترامب بيتر ثيل. فكيف تحولت نظريات جيرار حول "العنف التقليدي" و"رغبة المحاكاة" وآلية كبش الفداء إلى أدوات سياسية في أيدي النخبة المحافظة الأميركية؟ جسّد جيه دي فانس، نائب الرئيس ترامب، الجيل الجديد من اليمين الأميركي الذي تبنى بقوة الفكر الجيراري؛ فقد تأثر فانس بشدة بأطروحات الفيلسوف الفرنسي، لدرجة أنه جعل من نظرية "كبش الفداء" مفتاحًا لقراءة السياسة الأميركية المعاصرة. تأثير جيرار لم يقتصر على الجانب الفكري لفانس، بل امتد ليشمل قناعاته الدينية أيضًا؛ فقد صرّح فانس بأن اكتشافه نظرية "كبش الفداء" لدى جيرار، من خلال كتاب "العنف والمقدّس" كان سببًا رئيسيًا في عودته إلى الإيمان الديني وفي مقال نُشر في صحيفة "ذي لمب ماغازين" (the lamp magazine) أبريل/ نيسان 2020 بعنوان: "كيف التحقت بالمقاومة"، أوضح فانس أن نظرية "كبش الفداء" لرينيه جيرار ساعدته على فهم صعود الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة بشكل أعمق وأشمل. "عندما يكون المجتمع في أزمة عميقة، يبحث دائمًا عن مذنب يحمّله مسؤولية الأزمة. اليوم، النخبة الليبرالية تلعب هذا الدور التاريخي".. هذه القراءة النظرية دمجها فانس بشكل عملي في حملته الانتخابية وعمله السياسي اليومي، منددًا بانتظام بـ"النخب المنقطعة عن الواقع" وداعيًا للعودة إلى التقاليد الأصيلة والتضامن المجتمعي الحقيقي. كذلك، يشرح فانس كيف أن اكتشاف النصوص الفلسفية لرينيه جيرار، وهو طالب في جامعة ييل، غيّر رؤيته الجذرية للعالم، ودفعه للانخراط بقوة في السياسة. وهو ما يشرحه في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" حيث يقول: "جيرار جعلني أفهم أن الصراع في قلب الحياة الاجتماعية، وأن السياسة تتمثل غالبًا في تعيين المذنبين لاستعادة الوحدة الاجتماعية". كما أضاف في تصريح أدلى به في مقابلة مع إذاعة فرانس كولتير الفرنسية قائلًا: "قراءتي لجيرار كانت وحيًا حقيقيًا.. فهمت أن السياسة ليست مجرد مسألة برامج أو أفكار مجردة، بل هي أيضًا رغبة وتنافس وعنف". على أن تأثير جيرار لم يقتصر على الجانب الفكري لفانس، بل امتد ليشمل قناعاته الدينية أيضًا؛ فقد صرّح فانس بأن اكتشافه نظرية "كبش الفداء" لدى جيرار، من خلال كتاب "العنف والمقدّس" كان سببًا رئيسيًا في عودته إلى الإيمان الديني واعتناقه الكاثوليكية 2019. للإشارة، اليمين المؤيد لترامب استغل تشاؤم جيرار حيال الديمقراطية والعصر الحديث، الذي يرى فيه فقدانًا للأسس الثقافية والدينية القديمة، ليؤكد أن الديمقراطية الليبرالية، من خلال إضعاف الأطر الأخلاقية والاجتماعية التقليدية، قد أدت إلى فوضى محاكاتية. هذه النخبة المحافظة ترى أن هذه الفوضى لا يمكن السيطرة عليها إلا من خلال التأكيد على سلطة قوية وقيم روحية ودينية عليا. كذلك، يُعتبر بيتر ثيل، رجل الأعمال والمستثمر المعروف، أحد أهم نواقل الفكر الجيراري إلى النخبة المحافظة الأميركية؛ فهو طالب سابق لجيرار في جامعة ستانفورد، تأثر بأطروحات الفيلسوف الفرنسي فأصبح أداة ترويج مؤثرة لفكر أستاذه، بل تجاوز ذلك إلى تمويل الدراسات والجمعيات المكرّسة لأعمال الفيلسوف بسخاء لافت للانتباه، من أهمها موقع إيمتاتيو باللغة الإنجليزية وموقع رينيه جيرار باللغة الفرنسية. في مقابلة مهمة مع الباحث الفرنسي دانيال لانس عام 2009، نُشرت مقتطفات منها على منصة يوتيوب، وصف ثيل الفيلسوف الفرنسي جيرار بأنه "أحد أواخر العلماء الموسوعيين العظام"، مؤكدًا أن عمق فكره وثراء نظرياته لم يُقدَّرا بعد حق قدرهما في الأوساط الأكاديمية والفكرية. وأوضح ثيل أن جيرار ترك أثرًا عميقًا وجذريًا على رؤيته للعالم، خاصة من خلال فهمه المتقدم للعنف التقليدي وآلية كبش الفداء. ولم يتردد ثيل في تطبيق هذه المفاهيم النظرية على إستراتيجيته العملية كمستثمر ومدير أعمال، حيث يرى في التنافس التقليدي محركًا أساسيًا للابتكار والمنافسة الاقتصادية الشرسة. لكنه ذهب أبعد من ذلك بكثير، حيث نقل هذا الفكر إلى المجال السياسي بطريقة منهجية ومدروسة. في مقابلة مطوّلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، يشرح ثيل أن جيرار أثّر بشكل جوهري على إستراتيجيته كمستثمر محنّك، وأيضًا على رؤيته السياسية الشاملة.. "في عالم يريد فيه الجميع بالضبط نفس الأشياء، يجب معرفة كيفية تحديد المحركات الحقيقية للصراع، وتمييز كباش الفداء الحقيقيين من المزيفين". هذا النهج الفكري المتطور نقله بعناية إلى صديقه المقّرب جيه دي فانس، الذي جعل من جيرار مرجعًا لا غنى عنه ولا بديل له في مساره الفكري والسياسي. سيطرة الفكر الجيراري على اليمين المؤيد لترامب لا يحظى بالإجماع في الأوساط الأكاديمية والفكرية؛ فالعديد من المختصين البارزين ندّدوا بالتوظيف المسيء والمنحرف لمفاهيم جيرار الأصلية. وفي مقال علمي مهم نُشر في المجلة الفرنسية "إسبري"، يشرح برنارد بيريه، الباحث في علم الاجتماع: "جيرار لم يرد أبدًا إضفاء الشرعية على الاستقطاب المدمر أو تعيين كباش الفداء كحل سياسي جاهز، بل على العكس تمامًا، كان يحذر باستمرار من مخاطر العنف الجماعي المدمرة"، مضيفًا أن استيلاء معسكر ترامب على إرث جيرار يقع في إطار ما سماه بـ"التلاعب الفكري المقصود"؛ فالمفاهيم الأساسية تُستخرج عمدًا من سياقها الأصلي وتُستخدم لأغراض حزبية ضيقة، بعيدًا كل البعد عن تعقيد العمل الأصلي وعمقه الفلسفي. مفكرون آخرون، مثل الفيلسوف الفرنسي بيير أزو، يؤكدون أن نظرية كبش الفداء، رغم كونها محورية ومركزية في فكر جيرار، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخدم تبرير الاستقطاب السياسي المدمر.. "جيرار أراد بوضوح فهم العنف وتحليله، وليس تشجيعه أو تبريره. استخدام أفكاره النبيلة لتعيين الخصم السياسي ككبش فداء يعني خيانة حقيقية وصارخة لروح فكره الأصيل".


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
الإكوادور تسلم الولايات المتحدة زعيم أخطر عصابة لتهريب المخدرات
سلّمت حكومة الإكوادور الولايات المتحدة أمس الأحد أدولفو ماسياس الملقب بـ"فيتو" وزعيم أخطر عصابة تهريب مخدرات والذي ألقي القبض عليه في نهاية يونيو/حزيران بعد عام ونيّف على هروبه من السجن، وفق ما أعلنت السلطات. وفيتو مطلوب لدى الولايات المتحدة بموجب مذكرة توقيف صادرة عن مكتب المدّعي العام في نيويورك بتهمة الاتجار بالأسلحة والكوكايين. ووصفه المدعي العام جون دارام حينها بأنه "زعيم بلا رحمة" وتاجر مخدرات يعمل "لحساب منظمة إجرامية عابرة للقارات". ومنذ عام 2020، يقود فيتو منظمة "لوس تشونيروس"، وهي منظمة إجرامية ظهرت في تسعينيات القرن الماضي. ووفقا للائحة الاتهام الصادرة في أبريل/نيسان، وظفت العصابة أشخاصا لشراء الأسلحة النارية والذخيرة من الولايات المتحدة وتهريبها إلى الإكوادور. وكان الكوكايين يتدفق إلى الولايات المتحدة بمساعدة عصابات المخدرات المكسيكية. وقد سيطرت هذه الجماعات معا على طرق رئيسية لتهريب الكوكايين عبرالإكوادور، مستهدفة بعنف جهات إنفاذ القانون والسياسيين والمحامين والمدنيين الذين اعترضوا طريقها. وجاء في بيان أصدرته مصلحة السجون لصحافيين أن زعيم عصابة تهريب المخدرات "غادر سجن لا روكا" تحت حراسة الشرطة والجيش، "في إطار عملية تسليم". وأظهرت صورة نشرتها الهيئة الوطنية لإدارة السجون فيتو وهو يرتدي قميصا وسروالا قصيرا وسترة واقية من الرصاص وخوذة بحراسة عدد من ضباط الشرطة في مكان لم يكشف عنه. وسيمثل الإكوادوري اليوم الاثنين أمام المحكمة الاتحادية في بروكلين "حيث سيدفع ببراءته"، وفقا لما صرح به محاميه، أليكسي شاخت، لوكالة أسوشيتد برس عبر البريد الإلكتروني. وأضاف شاخت أنه بعد ذلك، سيحتجز في سجن لم يحدد بعد. وجاء قرار التسليم بعد أن أرسلت الولايات المتحدة وثيقة إلى الإكوادور تتضمن ضمانات باحترام حقوق زعيم العصابة البالغ من العمر 45 عاما. وكان زعيم أخطر عصابة لتهريب المخدرات فرّ من سجن غواياكيل (جنوب غرب) في يناير/كانون الثاني 2024، ممّا أثار موجة عنف غير مسبوقة في البلاد أسفرت عن مقتل العشرات. وقبل فراره من السجن كان زعيم العصابة يقضي منذ 2011 عقوبة بالحبس لمدة 34 عاما بتهمة الجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات والقتل. وفي الأسبوع الماضي، وافق "فيتو" على تسليمه إلى الولايات المتحدة. وبذلك يصبح أول مواطن إكوادوري تسلمه بلاده إلى دولة أخرى منذ إقرار قانون العام الماضي يسمح بذلك، بعد استفتاء أجراه الرئيس دانيال نوبوا وسعى من خلاله للحصول على موافقة لتعزيز حربه ضد العصابات الإجرامية. كما ارتبط اسم "فيتو" باغتيال فرناندو فيلافيسينسيو، أحد أبرز المرشحين للانتخابات الرئاسية في الإكوادور، في أغسطس/آب 2023.


الجزيرة
منذ 13 ساعات
- الجزيرة
ترامب يهدد بوتين.. ماذا حدث بينهما؟
يوم الاثنين 14 يوليو/ تموز 2025، ألمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تحوّل جذري في نهجه تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا. فقد أعلن عزمه إرسال وحدات إضافية كبرى من منظومات الدفاع الجوي إلى أوكرانيا، في وقت تتعرض فيه مدنها لهجوم يومي متوسط يتجاوز 100 طائرة مسيّرة وصاروخ روسي. وذكرت تسريبات من البيت الأبيض أنه سأل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مكالمة هاتفية سابقة عن نوع الأسلحة الهجومية التي تحتاجها كييف لضرب موسكو مباشرة. كما أطلق ترامب أقوى تهديد بالعقوبات حتى الآن، مقترحًا فرض تعريفة جمركية ثانوية بنسبة 100٪ على الدول التي تشتري النفط الروسي، في حال لم توافق موسكو على وقف إطلاق النار خلال 50 يومًا، أي بحلول 3 سبتمبر/ أيلول. لكن رغم لهجته المتشددة، فإن هذه التصريحات لم تُحدث تغييرًا ملموسًا. فقد سخر مسؤولون روس من حديثه عن ضرب موسكو. أما شحنات الدفاع الجوي، ورغم أهميتها، فإن إيصالها بالكميات التي تحدث عنها ترامب سيستغرق شهورًا عديدة. لم تُحرّك تهديدات ترامب بالعقوبات أسواق الطاقة، رغم أن مثل هذا الإجراء يُعادل محاولة حصار ثالث أكبر منتج للنفط في العالم. لكن التغيّر في موقف ترامب تجاه روسيا لا ينبغي أن يكون مفاجئًا. فرغم ما يظهر من إعجابه الشخصي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن رؤيته للمصالح الإستراتيجية الأميركية تتعارض جذريًا مع رؤية بوتين. فترامب يريد تصدير المزيد من الغاز الأميركي، بينما يسعى بوتين لتعويض خسارته للأسواق الأوروبية بتصدير الغاز الروسي عبر أسواق بديلة. يهتم ترامب بغرينلاند لموقعها على طرق الشحن القطبية مستقبلًا، بينما تعتمد روسيا على طريق قطبي منافس لتعزيز دعم الصين لها. يريد بوتين السيطرة على أكبر قدر ممكن من الموارد المعدنية الأوكرانية، ويريد ترامب الشيء ذاته ولكن لحساب واشنطن. وكان ترامب قد تراجع، ولو متأخرًا، عن تعهده الأولي بإنهاء النزاع في يوم واحد، وهو ما أقرّ لاحقًا بأنه كان مبالغة. كما أن عداءه القديم لزيلينسكي، والذي يعود إلى فضيحة محاولته ابتزاز الرئيس الأوكراني لصالح حملته ضد بايدن (التي أدت إلى مساءلته للمرة الأولى في الكونغرس)، قد خفّ بعد أن وافقت كييف على شراكة إستراتيجية طويلة الأمد مع واشنطن بشأن الموارد المعدنية. وقد أدرك ترامب أن بوتين لا يتفاوض بنية صادقة. إذ لم تحقق مفاوضات السلام بين كييف وموسكو في مايو/ أيار ويونيو/ حزيران أي تقدم، بل حضرها الطرفان فقط لإرضاء ترامب وكسبه إلى صفّهما. ولعل إدراك ترامب هذا جاء بعدما رفع بوتين سقف مطالبه خلال تلك المفاوضات. فقد أصرّ على السيطرة على كل المناطق الأوكرانية الجنوبية والشرقية التي يدّعي ضمّها، رغم أنه لم يفرض سيطرته الكاملة عليها، بل وأضاف مطلب إنشاء "منطقة عازلة" في شمال أوكرانيا أيضًا. حتى الآن، لم تُحدث تغيّرات ترامب تأثيرًا حقيقيًا لسببين: أولًا، لأن تهديده بفرض رسوم جمركية على النفط الروسي لا يبدو جديًا من تلقاء نفسه. فترامب حذر دائمًا من ارتفاع أسعار النفط، وسبق أن انتقد علنًا القفزة في أسعار النفط عقب ضرباته لإيران في يونيو/حزيران. وثانيًا، لأن فرض رسوم جمركية ثانوية لم يُثبت فاعليته سابقًا. فترامب استخدم تهديدًا مماثلًا ضد صادرات فنزويلا في مارس/ آذار، ورغم تراجعها مؤقتًا، فإنها عادت للارتفاع بعدما زادت بكين مشترياتها منها. وفي ظل الحرب التجارية بين ترامب والصين، والتي شهدت تهديدات أميركية بفرض رسوم تفوق 100٪، فإن من غير المرجح أن تهتم بكين، أكبر مشترٍ للنفط الروسي، بتهديد مماثل. قرار ترامب بإمهال موسكو حتى 3 سبتمبر/ أيلول ربما يعقّد تمرير مشروع قانون في مجلس الشيوخ يفرض عقوبات إضافية على روسيا، رغم أن 83 من أصل 100 عضو في المجلس يشاركون في رعايته. كما أن قيادة الحزب الجمهوري في مجلسَي الشيوخ والنواب حذرة من إغضاب ترامب، الذي يطالب بسيطرة شبه مطلقة على سياسات حزبه. ومع أن ترامب دفع الأوروبيين إلى الاعتراف علنًا بأن دعمهم لكييف مكلف – وقد تجاوز دعمهم الجماعي ما قدمته الولايات المتحدة حتى قبل بداية ولاية ترامب الثانية – فإن المعدات والتكنولوجيا الأميركية ستظل أساس قدرة أوكرانيا على المقاومة أو تغيير مسار الحرب. غير أن إيصال الأسلحة الجديدة وتدريب القوات الأوكرانية على استخدامها سيستغرق وقتًا. وسيتوجب على ترامب تغيير نهجه. فلا يمكن للولايات المتحدة أن تضغط اقتصاديًا على روسيا لإجبار بوتين على التفاوض بجدية بمفردها، بل يتطلب الأمر نهجًا متعدد الأطراف، وهو ما يصعب تحقيقه عندما تتصادم واشنطن مع حلفائها وشركائها. فيما يتعلق بالقيود الإضافية على صادرات النفط الروسي، فإن فرص ترامب لإقناع موسكو قليلة. لكن مثل هذه القيود قد تدفع الهند لتغيير موقفها. إذ تحوّلت نيودلهي من مشترٍ هامشي للنفط الروسي قبل الغزو الشامل إلى ثاني أكبر سوق له، ويشكل الآن 40٪ من وارداتها. وزير النفط الهندي هارديب سينغ بوري قال الأسبوع الماضي إن بلاده لن تغيّر موقفها، مشيرًا إلى أنها التزمت بقيود سابقة مثل سقف أسعار النفط الذي أقرته إدارة بايدن بالتعاون مع مجموعة السبع في 2022. وكان الغرض من هذا السقف هو السماح باستمرار تدفق النفط الروسي، ولكن مع الحد من عائداته، تفاديًا لاضطراب السوق. وهو منطق لا يزال يُحاكيه ترامب، وسبق أن دعمته وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين لتأمين "صفقات" نفطية للهند والأسواق النامية. لكن الوزير الهندي أضاف أن بلاده قد تعيد النظر في موقفها إذا كان هناك اتفاق دولي على تغيير نمط شراء النفط الروسي. إذا أراد ترامب أن تكون تهديداته لموسكو موثوقة، فعليه أن يتبنى نهجًا دوليًا. بعض الخطوات يسهل اتخاذها. فبينما تتردد إدارة ترامب في فرض عقوبات جديدة، تقود بروكسل ولندن جهود استهداف "الأسطول الخفي" الروسي المستخدم للالتفاف على العقوبات وسقف الأسعار، وتقترحان حزمًا جديدة من العقوبات تشمل تعديل سقف أسعار النفط حين تكون الأسعار منخفضة. وقد أقرّ الاتحاد الأوروبي حزمتين من العقوبات خلال الأشهر الستة الماضية، آخرها في 18 يوليو/ تموز، ويُفترض أن يسارع ترامب إلى اعتماد الإجراءات نفسها. إذا استطاعت أوروبا أيضًا دعم فرض رسوم جمركية ثانوية أو غيرها من العقوبات على مشتري النفط الروسي، فإن ذلك سيزيد فاعلية الإجراء. كما يستطيع ترامب استهداف صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسية عبر إدراج شركة "نوفاتك"، المصدّر الرئيسي، في قائمة العقوبات. لم تُقدِم أوروبا على هذه الخطوة حتى الآن، بل أعلنت فقط عن نيتها التوقف عن الشراء تدريجيًا بحلول نهاية العام المقبل. لكن بما أن سوق ناقلات الغاز المسال أصغر بكثير من سوق ناقلات النفط، فإن العقوبات الأميركية السابقة على مشاريع الغاز المسال الروسية كانت أصعب في التحايل عليها. الاقتصاد الروسي يئنّ أخيرًا تحت وطأة حرب بوتين وكل العقوبات الناتجة عنها. وتشير التقارير إلى أن البنوك الروسية بدأت مناقشات أولية بشأن شروط إنقاذها من قبل الدولة. ومع هذه المعاناة، تدّعي روسيا أنها سيطرت على بلدة في منطقة دنيبروبتروفسك (وسط أوكرانيا)، وهو ادعاء تنفيه كييف ولم يُتحقق منه بعد. ويمكن لترامب أن يؤثر فعليًا في مسار الحرب إذا تخلى عن مقاومته السماح لأوكرانيا بضرب البنية التحتية للطاقة الروسية. ترامب قد يكون أعلن عن نهج جديد تجاه روسيا، لكن ما إن كان هذا النهج سيتجاوز حدود الخطاب، يعتمد على مدى استعداده للعمل مع الشركاء والحلفاء، وتحمله تبعات هذا الضغط.