
ترمب يجدّد دعمه لبوتين وسط خلافات مستمرة مع الحلفاء
يشعر الأوروبيون بالقلق من سعي الولايات المتحدة إلى تعميق علاقتها مع روسيا مع تقليص دعمها لأوكرانيا، في الوقت الذي يحاولون فيه الحصول على دعم الرئيس دونالد ترمب لتشديد العقوبات على روسيا في قمة مجموعة السبع المنعقدة بكندا.
غير أن مغادرة ترمب أعمال القمة بعد يوم واحد من انعقادها، بحجة تطورات الحرب بين إسرائيل وإيران، تسببت بانطباعات مقلقة عن نيات الرئيس الأميركي. وعُدَّت مغادرته للقمة محاولة لإجهاض أي مساعٍ لفرض تلك العقوبات، والتهرب من لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي وصل إلى كندا الثلاثاء، فضلاً عن إضعافه مجموعة السبع نفسها، بعدما كرَّر انتقادها بسبب طرد روسيا من عضويتها عام 2014، إثر هجومها وضمها لشبه جزيرة القرم.
قادة «السبع» في صورة تذكارية خلال قمة المجموعة بملعب كاناناسكيس الريفي للغولف في كاناناسكيس (إ.ب.أ)
وبدلاً من أن يفتتح ترمب كلمته في اجتماع المجموعة بالحديث عن التجارة، أو مناقشة الوضع في الشرق الأوسط أو الحرب المستمرة في أوكرانيا، انتقد قرار طرد روسيا من المجموعة، مكرراً ادعاءاته عن منع الحرب في أوكرانيا، التي قال هو نفسه عنها إنها كانت لزوم حملته الانتخابية ولم تكن واقعية. وقال ترمب: «أود أن أقول إن ذلك كان خطأً؛ لأنني اعتقد أنه ما كانت لتحدث الحرب الآن».
وقال للصحافيين: «كانت مجموعة الدول السبع تُعرف سابقاً بمجموعة الدول الثماني»، في إشارة إلى قرار المجموعة طرد روسيا. ثم ألقى باللوم على الرئيس السابق باراك أوباما ورئيس الوزراء الكندي السابق جاستن ترودو لطردهما روسيا، وجادل بأن انضمامها إلى المجموعة كان سيُجنّب الحرب في أوكرانيا. غير أن ترمب كان مخطئاً؛ إذ إن رئيس الوزراء الكندي في ذلك الوقت كان ستيفن هاربر وليس ترودو.
لقاء بين مارك كارني وكير ستارمر في أوتاوا قبل ساعات من قمة «السبع» 15 يونيو (د.ب.أ)
وبدت ادعاءات ترمب تكراراً لما جرى في قمة المجموعة عام 2018 في كندا أيضاً، عندما دعا إلى إعادة انضمام روسيا إلى التحالف. وهو ما أثار غضب قادة المجموعة وصدمتهم، متسبباً بخلاف معهم قبل مغادرته المبكرة للقمة. وقال ترمب للصحافيين خلال مغادرته: «يجب أن يسمحوا لروسيا بالعودة. لأنه يجب أن تكون روسيا على طاولة المفاوضات». وفي مقابلة أجريت معه مؤخراً، أعرب ترمب عن انفتاحه لكي يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسيطاً أيضاً في الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران. وجاءت تصريحات ترمب قبل يوم واحد من اجتماعه المقرر مع زيلينسكي، الذي لطالما انتقده ترمب، محملاً إياه مسؤولية الحرب واتهامه بعدم الرغبة في إنهائها.
وبدت تعليقاته انحيازاً واضحاً لبوتين، وابتعاداً عن حلفاء أميركا، ليس فقط فيما يتعلق بالموقف من أوكرانيا، بل ومن وحدة هذا الحلف أيضاً، الذي يترافق أيضاً مع تشكيكه الدائم بحلف شمال الأطلسي، الذي يتوقع أن يحضر ترمب قمته المقبلة في لاهاي في 24 من الشهر الحالي، ويحضرها زيلينسكي أيضاً.
وقال ترمب: «تقضون وقتاً طويلاً في الحديث عن روسيا، وهو ليس موجوداً على الطاولة». وأضاف مشيداً بالرئيس الروسي: «بوتين يتحدث معي؛ لا يتحدث إلى أي شخص آخر؛ لأنه شعر بإهانة شديدة عندما طُرد من مجموعة الثماني، كما كنت سأشعر، وكما كان سيشعر أي شخص آخر».
زيلينسكي يتوسط السيناتورين الجمهوري غراهام والديمقراطي بلومنثال في كييف يوم 30 مايو (أ.ف.ب)
وكان ترمب قد تحدث مع بوتين بشكل شبه منتظم، كان آخرها يوم السبت، عندما قال إن الرئيس الروسي اتصل به ليهنئه بعيد ميلاده، وأنهما بحثا مطولاً الصراع الإيراني - الإسرائيلي، أكثر من أوكرانيا.
ومع ذلك، لم يُسهم دفاعه عن بوتين حتى الآن في تهدئة الحرب، التي ادعى خلال حملته الانتخابية أنه قادر على إنهائها في يوم واحد. كما اعترف بأن بوتن ربما يستغله من خلال إطالة أمد الحرب.
وبعد تصعيد روسيا توغلها في أوكرانيا، هدَّد ترمب بفرض رسوم جمركية على روسيا، إلا أنه لم يُنفّذ تهديده أبداً. وقدّم السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام مشروع قانون عقوبات على روسيا يفرض رسوماً جمركية بنسبة 500 في المائة على الدول التي تشتري النفط الروسي. وقال إن ذلك سيمنح ترمب نفوذاً أكبر لإنهاء الحرب. لكن ترمب وصف المشروع بأنه «مشروع قانون قاسٍ»، محذراً الجمهوريين بأن إقراره يحتاج إلى موافقته.
وكان من المتوقع أن يستغل قادة مجموعة السبع قمتهم للإعلان عن حزمة عقوبات جديدة على روسيا بحضور ترمب. وأعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في بيان أنه يريد «العمل مع جميع شركائنا في مجموعة السبع للضغط على عائدات الطاقة الروسية وتقليل الأموال التي يمكنهم ضخها في حربهم غير الشرعية».
واقترح الأوروبيون هذا الشهر حزمة عقوبات جديدة تتضمن السعي لخفض سقف سعر النفط الروسي من 60 دولاراً للبرميل إلى 45 دولاراً. ويمنع هذا السقف، الذي تدعمه دول مجموعة السبع، الشركات من تقديم خدمات مالية لشحنات النفط الروسية المنقولة بحراً ما لم يُبع بأقل من هذا المستوى. كما اقترحوا تدابير جديدة تستهدف البنوك الروسية، من شأنها أن تُنهي فعلياً جهود إحياء خط أنابيب «نورد ستريم» الروسي إلى ألمانيا، وفرض حظر على المنتجات المكررة من دول ثالثة التي تعتمد على النفط الروسي. وناقش القادة سقف السعر، والارتفاع الأخير في أسعار النفط خلال القمة يوم الاثنين. لكن الحرب في الشرق الأوسط قد تعقد اقتراحهم. وأشارت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، في 12 يونيو (حزيران) الحالي، إلى أن الاتحاد قد يمضي قدماً من دون الولايات المتحدة إذا لزم الأمر. لكن تطبيق مثل هذه التدابير من دون مساعدة الولايات المتحدة سيكون صعباً.
اندلعت النيران في منطقة سكنية بأوكرانيا تعرَّضت للهجوم من روسيا (إ.ب.أ)
وعندما سُئل ترمب بعد اجتماعه مع ستارمر يوم الاثنين عما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى أوروبا في فرض المزيد من العقوبات، قلل الرئيس الأميركي من أهمية هذا الإجراء. وقال: «حسناً، أوروبا تقول ذلك، لكنها لم تفعل ذلك بعد. دعونا نرهم يفعلون ذلك أولاً». وقال إنه لا يزال ينتظر ليرى ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، مضيفاً أن العقوبات ستكون مكلفة أيضاً للولايات المتحدة. وقال: «الأمر لا يقتصر على مجرد توقيع وثيقة. أنت تتحدث عن مليارات ومليارات الدولارات. العقوبات ليست بهذه السهولة. إنها ليست مجرد طريق باتجاه واحد».
وكان ترمب قد أشار إلى أنه يريد وقف وساطته في الحرب، بعد أن شعر بالإحباط من عدم إحراز تقدم في التفاوض على اتفاق سلام، قائلاً إن كلا الجانبين قد يحتاج إلى مواصلة القتال قبل أن يكون مستعداً لصنع السلام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مباشر
منذ 13 دقائق
- مباشر
رغم التوترات بالشرق الأوسط.. الذهب يتراجع مع صعود الدولار عند تسوية التعاملات
مباشر: تراجعت أسعار الذهب عند تسوية تعاملات اليوم الثلاثاء، مع ارتفاع الدولار، على الرغم من استمرار المخاوف الجيوسياسية في ظل التحركات العسكرية في الشرق الأوسط. وهبط سعر العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.3%، بخسائر نحو 11 دولاراً، إلى مستوى 3406 دولارات للأوقية. وبحلول الساعة 8:31 مساءً بتوقيت جرينتش، هبط الذهب في المعاملات الفورية إلى 3383 دولاراً للأوقية. وبحلول الساعة 8:37 مساءً بتوقيت جرينتش، صعد سعر الدولار أمام اليورو بنسبة 0.7% عند مستوى 1.1477 دولار، وصعدت الورقة الخضراء أمام الين الياباني بنسبة 0.4% عند مستوى 145.2800 ين، وزادت أمام الجنيه الإسترليني بنسبة تقارب 1.2% عند مستوى 1.3418 دولار. وفي تطور لافت، نقلت شبكة CBS News أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تراجع عن خطة لإرسال مسؤولين أمريكيين للاجتماع مع نظرائهم الإيرانيين بهدف التوصل إلى اتفاق، ويُجري حاليًا مشاورات للانضمام إلى إسرائيل في تنفيذ ضربات ضد منشآت نووية إيرانية، تشمل منشأة فوردو، وذلك خلال ساعات الليل. وصرّح مسؤول في البيت الأبيض بأن اجتماعًا مغلقًا استمر لأكثر من ساعة عُقد بين ترامب وفريقه للأمن القومي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، لمناقشة الرد الأمريكي المحتمل على تطورات الموقف. وفي السياق ذاته، أعلن الجيش الإسرائيلي عن رصد صواريخ أُطلقت من إيران باتجاه إسرائيل، مع سماع صفارات الإنذار في شمال البلاد، ما يعكس تصعيدًا ميدانيًا جديدًا في المواجهة المتصاعدة. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي


مباشر
منذ 13 دقائق
- مباشر
CBS: ترامب يتراجع عن التفاوض مع إيران ويدرس الانضمام لإسرائيل في ضرب منشآت نووية
مباشر: ذكرت شبكة CBS News الأمريكية، اليوم الثلاثاء، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تراجع عن خطط لإرسال مسؤولين أمريكيين للاجتماع مع نظرائهم الإيرانيين بهدف التوصل إلى اتفاق، ويُجري حالياً مشاورات للانضمام إلى إسرائيل في تنفيذ ضربات تستهدف منشآت نووية إيرانية، من بينها منشأة فوردو، وذلك خلال ساعات الليلة. وأفاد مسؤول في البيت الأبيض بأن اجتماعًا استمر أكثر من ساعة عُقد بين ترامب وفريقه للأمن القومي في غرفة العمليات لمناقشة تطورات الموقف. وفي سياق متصل، أعلن الجيش الإسرائيلي عن رصد صواريخ أُطلقت من إيران باتجاه إسرائيل، مشيرًا إلى سماع دوي صفارات الإنذار في شمال البلاد نتيجة القصف الإيراني. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر.. اضغط هنا


عكاظ
منذ 24 دقائق
- عكاظ
حرب الجواسيس بين إيران وإسرائيل!
تشير القاعدة العسكرية في الحرب إلى أنه لا يمكن تحقيق الانتصار في أي معركة من دون معرفة مسبقة بالعدو، وهذه المعرفة إما أن تكون فنية (تجسس اتصالات، مراقبة رادارات، اختراق أجهزة وحواسيب...)، أو تعاون دولي مشترك، أو تكون بواسطة تدريب عناصر استخباراتية على أعلى مستوى نفسياً وتقنياً وعسكرياً، وتجنيدهم للحصول على معلومات عن مواقع حسّاسة، وشخصيات بارزة، من خلال تسهيل تحركاتهم للعمل في مشروعات اقتصادية، أو تقنية، أو حتى مشروعات إنسانية، وتحديداً بين الأقليات العرقية في كل دولة، حيث يمثّل العنصر البشري الأهم مقارنة بالجانب الفني في العمل الاستخباراتي. اليوم لا يمكن أن تُقدم إسرائيل على مهاجمة إيران، وضرب مواقع عسكرية بالغة الحساسية، وتصفية قيادات عسكرية من الصف الأول، وعلماء بارزين في البرنامج النووي، والأهم إلحاق الهزيمة المعنوية في اليوم الأول من الهجوم؛ من دون أن يكون هناك عمل استخباراتي فني، وآخر بشري عبر عملاء تم توظيفهم للحصول على معلومات استخباراتية دقيقة، وعملاء آخرين تم توجيههم لتنفيذ عمليات سرية على الأرض بالتزامن مع الهجوم الجوي على إيران، وفريق ثالث من العملاء المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي لتوجيه الرأي العام، وهم العنصر الأخطر في الحرب النفسية. لقد كشفت الحرب الإيرانية الإسرائيلية عن صراع خفي آخر لملاحقة وإيقاف العملاء والجواسيس ممن يعملون في كل دولة، سواءً كان العميل يختص بالجانب المعلوماتي أو العملياتي، أو كان العميل مؤثراً في شبكات التواصل، ويتضح ذلك من البيانات الإيرانية تحديداً من القبض على عدد من عملاء الموساد، وفي المقابل كشفت إسرائيل عن خلايا تجسسية لصالح طهران. صحيح أن العمل الاستخباراتي موجود في كل دولة، وهو عمل طويل جداً، ومكلف ومرهق، وقد يمتد لسنوات، ولكنه يبقى مجدياً في قلب موازين أي حرب، ولا يمكن منعه، وإنما الحد من تأثيراته، وكشف مؤشراته قبل وقت كافٍ من أي محاولات اعتداء محتملة، والغريب في الحرب الدائرة حالياً بين إسرائيل وإيران أن العمل الاستخباراتي بين البلدين ممتد منذ عقود، ومع ذلك بات واضحاً عمق الاختراق الإسرائيلي لإيران، ويكفي اغتيال إسماعيل هنية على أراضيها شاهداً على هذا الاختراق، ويتكرر المشهد اليوم في تصفية قيادات إيرانية بارزة خلال اجتماع مشترك. حرب الجواسيس والعملاء بين البلدين انتقلت اليوم إلى مرحلة متقدمة ليس على الأرض، أو على أجهزة الحاسوب والاتصال، ولكن في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أصبح هذا البعد أكثر خطورة في تجنيد عملاء للتأثير في الرأي العام الداخلي في كل دولة، أو الرأي العام الدولي، ورأينا مقاطع فيديو تُظهر أجندات كل دولة، وتعليقات وتحاليل منحازة لطرف ضد الآخر، وقد يراه البعض طبيعياً، ولكن المهم أن يكون درساً مستفاداً من هذه الحرب لكل الدول، وذلك في الكيفية التي يمارس فيها بعض المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي دورهم كجواسيس وعملاء رخيصين ضد أوطانهم!. أخبار ذات صلة