logo
عاجل - ترامب في الرياض.. زيارة "تأسيس جديد" أم رسائل ضغط ذكية؟

عاجل - ترامب في الرياض.. زيارة "تأسيس جديد" أم رسائل ضغط ذكية؟

بوابة الفجر١٣-٠٥-٢٠٢٥

في لحظة بالغة الرمزية، حطّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المملكة العربية السعودية، مستهلا من الرياض أولى زياراته الخارجية في ولايته الثانية، كما فعل في زيارته الشهيرة عام 2017.
ولكن هذه المرة، المشهد مختلف تماما، فالعالم تغيّر، والتحديات الإقليمية أصبحت أكثر تعقيدا، وملفات المنطقة أشد اشتعالا.
ومع ذلك، فإن اختيار ترامب للرياض كمحطة أولى يبعث برسائل تتجاوز البروتوكول، والتودد الدبلوماسي، ليعيد ذلك تشكيل قواعد الاشتباك السياسي والاقتصادي مع منطقة الشرق الأوسط بأسرها.
الرياض أولا.. لا صدفة في الدبلوماسية
زيارة ترامب الثانية إلى المملكة العربية السعودية ليست مجرد تكرار لسابقاتها، بل تحمل أبعادا استراتيجية جديدة، خصوصا في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة.
الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات حسين عبد الحسين في حديثه لسكاي نيوز عربية يرى أن تكرار اختيار السعودية كأول وجهة خارجية لا يخرج عن كونه "رسالة واضحة" تثبت مركزية الرياض في رؤية ترامب للمنطقة.
فالخروج عن الأعراف الدبلوماسية الأميركية – التي تضع العواصم الغربية المجاورة أو الحلفاء التقليديين مثل لندن أو أوتاوا في صدارة الزيارات – يؤكد خصوصية العلاقة مع المملكة، حسب عبد الحسين.
ويضيف عبد الحسين، خلال تصريحات لفضائية سكاي نيوز عربية، أن الفارق الزمني بين زيارات ترامب يعكس تغيرا نوعيا في التحديات، لا في الأهداف.
فبينما كانت إيران في عام 2017 قد خرجت لتوها من الاتفاق النووي مع إدارة أوباما، نجدها اليوم أكثر عزلة، مع انكشاف ظهر حلفائها في لبنان وسوريا.
ويتابع عبد الحسين قائلا: "لكن المعضلات لا تزال قائمة، ولم تُحل بالكامل"، مشيرا إلى أن "الملف الفلسطيني، والنووي الإيراني، واستقرار لبنان وسوريا، كلها ملفات تنتظر تسوية ناضجة لم تصل بعد".
السعودية تقود التحول في النظام العالمي
من جانبه، قدّم عضو مجلس الشورى السعودي السابق وأستاذ العلوم السياسية، الدكتور إبراهيم النحاس، رؤية أكثر شمولية، خلال حديثه إلى سكاي نيوز عربية، إذ وصف زيارة ترامب بأنها "لحظة تأسيس جديدة في العلاقات الدولية"، مستحضرا الرمزية التاريخية للقاء الملك عبد العزيز بالرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت عام 1945 على متن الطراد كوينسي.
وبرأي النحاس، فإن استهلال ترامب لجولته في الشرق الأوسط من السعودية يعيد إنتاج هذه اللحظة في شكل جديد، مفاده أن المملكة لم تعد مجرد حليف، بل شريكا مركزيا في صياغة ملامح النظام الإقليمي والدولي.
ووفق النحاس فإن المملكة حققت في السنوات الأخيرة اختراقات سياسية فريدة، بدءا من استضافتها لجولات الحوار الأميركي الروسي ثم الأميركي الأوكراني، مرورا بملف الوساطات الإنسانية، ووصولا إلى الانخراط الفاعل في ملف أمن الطاقة العالمي.
ويلف النحاس إلى أن "كل هذه التحركات عززت مكانة السعودية كدولة لا يمكن تجاوزها، ليس فقط في الإقليم، بل على صعيد السياسة الدولية برمتها".
الاقتصاد أولا.. ولكن السياسة لا تغيب
وعلى الرغم من أن ملفات الاستثمار والاقتصاد ستكون حاضرة بقوة في زيارة ترامب، خاصة في ظل ما أعلنه من طموحات تتعلق بتريليونات الدولارات في الشراكة مع المملكة، فإن النحاس يشدد على أن السياسة ستظل في صدارة المشهد، ويضيف موضحا: "لا يمكن الحديث عن التنمية دون استقرار سياسي.. والملف الفلسطيني لا يمكن فصله عن أي حوار مع واشنطن".
كما يربط النحاس بين الرؤية السعودية 2030 واهتمام ترامب بالفرص الاقتصادية في المنطقة، معتبرا أن الرؤية تشكل منصة جاذبة للاستثمار الأميركي في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وهي مجالات أصبحت اليوم في صلب الاستراتيجية الاقتصادية السعودية والأميركية معا.
رسائل خفية لإسرائيل.. ومأزق نتنياهو
إحدى أبرز نقاط التحليل جاءت في ما يمكن تسميته بـ "الرسائل الذكية" التي حملتها زيارة ترامب تجاه إسرائيل.
فبحسب النحاس، فإن عدم تضمّن الجولة زيارة لتل أبيب يُعد رسالة صريحة مفادها أن واشنطن لم تعد تغطي السلوك الإسرائيلي، خصوصا بعد الحرب على غزة وما رافقها من اتهامات بارتكاب جرائم حرب.
ويبين النحاس أن "ترامب أحرج حلفاءه في إسرائيل، بل وحتى داعميه في الداخل الأميركي، حين تجاهل إدراج إسرائيل في جدول زيارته، رغم رمزية ذلك في جولات الرؤساء الأميركيين".
والأهم من ذلك، وفقا للنحاس، هو أن السعودية وضعت موقفا حاسما من مسألة التطبيع. فولي العهد محمد بن سلمان أكد في كلمته في سبتمبر الماضي، أن لا تطبيع مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية.
وهذا الموقف يُدخل نتنياهو في عزلة إقليمية، ويضع إسرائيل أمام معادلة جديدة: إما التفاوض الجاد، أو فقدان امتيازات الدعم الأميركي الكامل.
التكنولوجيا بوابة جديدة للتحالف
عبد الحسين يربط الزيارة أيضا بالبُعد الاقتصادي المستقبلي الذي باتت التكنولوجيا الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، جزءا منه، حيث يقول: "لم تكن هذه الملفات مطروحة في 2017، اليوم هي في صلب الحوار. السعودية تقدم نموذجا جديدا من الانفتاح على شراكات نوعية تستفيد منها الولايات المتحدة ومجتمع الأعمال العالمي".
لكن في المقابل، يحذّر عبد الحسين من مغبة المبالغة في الرهانات على التحولات الجذرية، لا سيما أن "الملفات الشائكة في المنطقة لا تزال دون حلول. فالملف الإيراني ما زال عالقا، والحرب في غزة مستمرة، وسوريا لم تدخل بعد في عملية سياسية حقيقية. ومع ذلك، فإن فتح القنوات وتوسيع مساحات التعاون قد تخلق بيئة أفضل لمعالجة الأزمات".
ماذا عن سوريا ولبنان؟.. رسائل متعددة الاتجاهات
يعتقد النحاس، أن السعودية ترغب في دعم "الانتقال الإيجابي" داخل سوريا، ورفع العقوبات الدولية لتمكين الدولة من استعادة استقرارها.
ويفسر ذلك بالقول إن: "أي استقرار في سوريا هو استقرار للمنطقة، ومحاربة للإرهاب، وتعزيز للأمن القومي العربي".
أما على الصعيد اللبناني، فإن ضعف حزب الله، كما أشار عبد الحسين، يوفر فرصة لإعادة تشكيل التوازن السياسي في بيروت، خصوصا مع تراجع تأثير إيران في المعادلة اللبنانية، وهو ما قد يدفع واشنطن والرياض إلى الدفع باتجاه إعادة الاعتبار للدولة اللبنانية ومؤسساتها.
لحظة مفصلية في علاقات ممتدة
في زيارة تحمل رمزية تاريخية وتكتيكا سياسيا، أعاد ترامب تموضع العلاقة الأميركية مع الشرق الأوسط من بوابة السعودية.
ومع أن الملفات التي تنتظر الحل لا تزال معقدة، فإن اللغة التي حملها ترامب إلى الرياض تحمل إشارات لتجديد التحالف، لا مجرد توثيقه.
وإذا ما أحسن الطرفان استثمار هذه اللحظة، فقد تكون زيارة ترامب الثانية للرياض بداية عهد جديد، لا مجرد تكرار لخطى قديمة.
المنطقة تقف على عتبة تغييرات هائلة، والمملكة السعودية تمضي نحو دور ريادي عالمي، وترامب بأسلوبه غير التقليدي يبدو مصمما على إعادة رسم خريطة العلاقات الأمريكية شرق أوسطية، ولكن هذه المرة، بقواعد جديدة.. تبدأ من الرياض.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

في خطاب مثير للجدل.. ترامب لخريجي الأكاديمية العسكرية: أنا مَن أعاد بناء أعظم جيش في العالم
في خطاب مثير للجدل.. ترامب لخريجي الأكاديمية العسكرية: أنا مَن أعاد بناء أعظم جيش في العالم

تحيا مصر

timeمنذ ساعة واحدة

  • تحيا مصر

في خطاب مثير للجدل.. ترامب لخريجي الأكاديمية العسكرية: أنا مَن أعاد بناء أعظم جيش في العالم

في خطاب ألقاه أمام خريجي أكاديمية ويست بوينت العسكرية، وصف الرئيس الأميركي دونالد وأكد ترامب أن الولايات المتحدة تمتلك "أعظم جيش في العالم"، مشيرًا إلى أن "الولايات المتحدة هي الدولة الأكثر نشاطًا في العالم"، ومكررًا شعاره المعروف "أميركا أولاً"، والذي انعكس، بحسب تعبيره، على نهج الجيش الأميركي وتوجهاته العالمية. ترامب خلال خطاب ألقاه أمام خريجي أكاديمية ويست بوينت العسكرية تحول الخطاب إلى منصة سياسية سرعان ما تحول الخطاب إلى منصة سياسية، حيث نسب ترامب لنفسه الفضل في قوة الجيش الأميركي، وتفاخر بـ"التفويض" الذي قال إنه حصل عليه من الشعب في انتخابات عام 2024. وأشار إلى أنه وافق على استثمار عسكري بقيمة تريليون دولار، مشيرًا إلى أنه الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة. كما أعلن ترامب عن خطط لإقامة عرض عسكري ضخم في واشنطن بمناسبة الذكرى 250 لتأسيس الجيش، تزامنًا مع عيد ميلاده. انتقادات لبرامج التنوع والإدماج انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشدة البرامج التي وصفها بأنها مشاريع اجتماعية، مؤكدًا أن مهمة القوات المسلحة الأميركية ليست إقامة عروض دراج أو تغيير الثقافات الأجنبية، في إشارة إلى العروض التي كانت تُقام في القواعد العسكرية والتي أوقفتها إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بعد انتقادات من الجمهوريين. وقال ترامب إن هؤلاء الطلاب يتخرجون في لحظة فارقة في تاريخ الجيش الأميركي، منتقدًا القادة السياسيين السابقين لأنهم زجوا بالجنود في حملات لبناء دول لم تكن تريد أن يكون لها أي علاقة بنا. إشارات شخصية مثيرة للجدل في جزء غير متوقع من الخطاب، حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخريجين من الزواج بـ"زوجات الجوائز"، مستشهدًا بقصة المطور العقاري بيل ليفيت، الذي قال إنه فقد زخمًا مهنيًا بعد زواجه من امرأة أصغر سنًا. هذا التحذير أثار انتقادات، نظرًا لتاريخ الرئيس ترامب الشخصي، حيث تزوج ثلاث مرات من نساء أصغر سنًا. خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ويست بوينت جمع بين الاحتفاء بالخريجين من الأكاديمية واستعراض رؤيته السياسية والعسكرية، مما أثار جدلاً واسعًا حول استخدام المناسبات العسكرية كمنصات سياسية.

يتعهد الاتحاد الأوروبي بالدفاع عن المصالح بعد تهديد ترامب بنسبة 50 في المائة من التعريفة الجمركية
يتعهد الاتحاد الأوروبي بالدفاع عن المصالح بعد تهديد ترامب بنسبة 50 في المائة من التعريفة الجمركية

وكالة نيوز

timeمنذ 3 ساعات

  • وكالة نيوز

يتعهد الاتحاد الأوروبي بالدفاع عن المصالح بعد تهديد ترامب بنسبة 50 في المائة من التعريفة الجمركية

يقول مسؤول الاتحاد الأوروبي إن الصفقة التجارية 'يجب أن تسترشد بالاحترام المتبادل ، وليس التهديدات' بعد أن يقول الرئيس الأمريكي أن المحادثات مع الكتلة 'لا تذهب إلى أي مكان'. قال الاتحاد الأوروبي إنه سيدافع عن مصالحه بعد أن هدد رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب بفرض أ تعريفة بنسبة 50 في المائة على جميع البضائع من الكتلة 27 عضو. وقال ماروس سيفكوفيتش المسؤول التجاري الأعلى للاتحاد الأوروبي ، في منشور عن X ، إنه تحدث يوم الجمعة مع الممثل التجاري الأمريكي Jamieson Greer ووزير التجارة هوارد لوتنيك حول هذه القضية. وقال: 'إن الاتحاد الأوروبي يعمل بشكل كامل ، ملتزم بتأمين صفقة تعمل لكليهما' ، مضيفًا أن لجنة الاتحاد الأوروبي لا تزال مستعدة للعمل بحسن نية من أجل اتفاق. 'تجارة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لا مثيل لها ويجب أن تسترشد بالاحترام المتبادل ، وليس التهديدات. نحن على استعداد للدفاع عن مصالحنا.' نشر ترامب على منصته الاجتماعية في الحقيقة أنه 'يوصي' بواجب ضخم بنسبة 50 في المائة على الاتحاد الأوروبي ابتداءً من 1 يونيو لأن المحادثات معهم 'لا تذهب إلى أي مكان'. متحدثًا لاحقًا في مكتب البيضاوي ، أكد الرئيس الجمهوري أنه لا يسعى إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي ولكنه قد يؤخر التعريفات إذا قامت المزيد من الشركات الأوروبية باستثمارات كبيرة في الولايات المتحدة. 'أنا لا أبحث عن صفقة' ، قال ترامب للصحفيين. 'لقد وضعنا الصفقة. إنها بنسبة 50 في المائة.' حذر الزعماء الأوروبيون من أن التعريفات سوف تؤذي كلا الجانبين. وقالت وزيرة الاقتصاد الألماني كاثرينا رايش إنه يجب القيام بكل شيء 'لضمان وصول المفوضية الأوروبية إلى حل مفاوضات مع الولايات المتحدة' بينما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران مارتين إن الكتلة تفضل إلغاء التصعيد ولكنها 'مستعدة للرد'. إذا تم تنفيذها ، فإن التعريفات تعني أن الاتحاد الأوروبي سيحصل على ضرائب استيراد أعلى على مئات المليارات من البضائع المصدرة مقارنة بالصين ، والتي هل قطعت التعريفة الجمركية في وقت سابق من هذا الشهر للسماح بمزيد من المفاوضات بين واشنطن العاصمة وبكين. في أوائل شهر أبريل ، أعلن ترامب عن تعريفة بنسبة 20 في المائة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي ، لكنها خفضت إلى 10 في المائة حتى 8 يوليو لإتاحة الوقت لمزيد من المفاوضات. اشتكى ترامب من أن الأطر القائمة 'غير عادلة' للشركات الأمريكية حيث تبيع الكتلة الأوروبية المزيد من السلع على حليفها أكثر مما تشتريه. حذر ترامب يوم الجمعة أيضًا من أن شركة Apple العملاقة للتكنولوجيا الأمريكية يمكن أن تصل إلى ضريبة استيراد بنسبة 25 في المائة على جميع أجهزة iPhone التي لم يتم تصنيعها ولكن تم بيعها في الولايات المتحدة. تعاملت إعلاناته عبر الإنترنت إلى ضربة أخرى لأسواق الأسهم في الولايات المتحدة وفي الاتحاد الأوروبي ، حيث انخفض مؤشر S&P 500 بنحو 0.8 في المائة ومؤشر STOXX 600 Pan-European حوالي 1.2 في المائة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store