
سميرة محمد أمين.. ورثت من أبيها جينات العمل الوطني
هذا التعليم البدائي والمحدود في شكله وأسلوبه ومحتواه، لم يروِ ظمأه المعرفي، ولم يشبع طموحاته في الارتقاء بذاته، فعمد إلى مطاردة الكتب، على قلتها آنذاك، وقراءة كل ما يقع منها بين يديه.
وهكذا اطلع على الكثير من المعارف والعلوم، فأصبح ضليعاً في قواعد اللغة العربية ونحوها وبلاغتها، ثم أضاف إليها إتقان اللغة الإنجليزية، تحدثاً وقراءة وكتابة، بل مارسها ممارسة عملية، أثناء عمله في القنصلية البريطانية بمسقط، في أربعينيات القرن العشرين، وهو العمل الذي تركه في أعقاب مشادة بينه وبين القنصل البريطاني.
تلك المشادة كانت سبباً في قراره بالهجرة إلى الخارج، مع ثلة من أصدقائه، على نحو ما كان يفعله عمانيون كثر في تلك الفترة الحرجة، بحثاً عن لقمة عيش شريفة، وسعياً وراء المزيد من العلم النافع والحياة الكريمة.
وهكذا حط رحاله سنة 1947 في باكستان، التي كانت وقتذاك مزدهرة علمياً وثقافياً، ومستقرة سياسياً واجتماعياً، فالتحق في كراتشي بوزارة الإعلام الباكستانية، وعمل بها مترجماً من الإنجليزية إلى العربية، بإذاعة القسم العربي، حتى عام 1953، وهو العام الذي غادر فيه باكستان.
ومن الأسباب التي دعته لمغادرة باكستان، رغبته في أن تنشأ ابنتاه سميرة وزكية في بيئة عربية، من أجل اكتساب الثقافة العربية، تحدثاً وكتابة.
وهكذا اختار البحرين محطة جديدة لإقامة أسرته.
وعليه، فقد عاشت سميرة في البحرين من سن الثالثة إلى الرابعة، ثم انتقلت هي وأسرتها إلى الكويت، بدعوة من صديق والدها العماني حمدان عبد الله، الذي كان يشغل آنذاك منصب المدير العام لدائرة بريد الكويت، حيث واصلت هناك دراستها حتى الصف الثاني الابتدائي، وحيث ولد شقيقها الوحيد جبير (عُين في منصب رئيس شؤون الضيافة السلطانية بدرجة وزير عام 1996، وتوفي في فبراير 2023، وتم دفنه بمقبرة حارة الشمال في مطرح).
ومما لا شك فيه أن سميرة تعلمت الكثير من إقامتها في مصر في تلك المرحلة الزاخرة بالأحداث والنتاج الأدبي والفني والثقافي الراقي لكبار المبدعين المصريين والعرب.
إذ كان والدها مجرد موظف يعمل في مكتب إمامة عمان بالعاصمة المصرية، مقابل راتب زهيد، لم يكن يسد التزاماته الشخصية أو التزاماته العائلية، الأمر الذي تسبب له في ضائقة مالية، لم تنفع معه عودته لنشاطه القديم في ترجمة الكتب من الإنجليزية إلى العربية.
أما ابنته سميرة، فقد سارعت في عام 1970 بالعودة إلى مسقط، لتتعرف إلى بلاد والديها وظروفها الجديدة، فأمضت بها فترة، ثم قررت الاستقرار في أبوظبي، كمرحلة انتقالية.
وفي أبوظبي، تزوجت وعملت معلمة لمادة الاجتماعيات والاقتصاد، من عام 1970 إلى 1972.
ثم عادت بمعية زوجها في عام 1972 إلى سلطنة عمان، ثم لحقت بها أسرتها التي عادت من مصر في عام 1974، ليعين والدها موظفاً بوزارة الإعلام الناشئة، قبل أن تتم إعارته لوزارة التراث الوطني، ليعمل ويواكب حركة الترجمة الواسعة في البلاد.
تحدثت سميرة عن ذكريات تلك الأيام الأولى لها من العمل في وطنها، فقالت إنها عملت في التدريس في مسقط، في ظل ظروف صعبة للغاية، بسبب انعدام التجهيزات الضرورية من طاولات ومقاعد ووسائل مواصلات من وإلى المدرسة.
أما تنقلها من المدرسة إلى مركز توزيع المقررات الدراسية، فكان يتم بواسطة سيارة من نوع اللاندروفر، وعبر طرق صحراوية وصخرية غير معبدة حينذاك.
وأضافت ما مفاده أن العمل وسط تلك الظروف، كان نوعاً من العذاب اليومي، إلا أنه كان عذاباً جميلاً، من أجل عيون الوطن، بحسب تعبيرها.
تخبرنا سميرة أن السلطان قابوس، رحمه الله، كان شديد الاهتمام والحرص على تعليم الفتيات، فكان يكرر زيارته الميدانية لمدارسهن، بغية الاطلاع على تجهيزاتها ونواقصها، من أجل توجيه من يعنيهم الأمر بتوفير اللوازم دون تأخير.
وتتذكر سميرة واقعة زيارة السلطان الراحل لمدرستها الابتدائية، واستغرابه من تباين ألوان الزي المدرسي الموحد، الذي كان مرده تعدد مصادر استيراد الزي ذي اللون الرملي، لعدم وجود محلات محلية كثيرة لتوريد الأقمشة وخياطتها في مطلع السبعينيات.
فقد عملت من عام 1979 إلى 1987 مديرة للأنشطة التربوية بوزارة التربية والتعليم، حيث برز اسمها من خلال هذا المنصب، ومن خلال ما حققته من إنجازات في حقول الرياضة والكشافة والأنشطة المدرسية، والمهرجانات الطلابية والأعمال التطوعية، ناهيك عن تأسيسها لجمعية المرشدات العمانية، وتولي رئاستها.
ثم عملت بعد ذلك مديراً عاماً للتعليم بوزارة التربية والتعليم، من عام 1987 إلى 1997، ثم شغلت منصب مدير عام التخطيط والمعلومات التربوية بوزارة التربية والتعليم، من عام 1997 إلى 1998، فإلى توليها منصب مستشارة وزير التربية والتعليم للتقويم التربوي، من 1998 إلى 2011.
وخلال هذه الفترة من مسيرتها، رُشحت لعضوية مجلس الدولة (الغرفة التشريعية الثانية للبرلمان)، فكانت ضمن أول أربع نساء دخلن هذا المجلس، بمرسوم سلطاني في عام 1997 (الأخريات هن: لميس بنت عبد الله الطائي، والدكتورة سلمى اللمكي، ورحيمة بنت علي القاسمي).
وخلال عضويتها بمجلس الدولة، ترأست العديد من لجانه، وشاركت في عدد من المؤتمرات والملتقيات، واختيرت لتمثل السلطنة في الهيئة الاستشارية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، من عام 2004 إلى 2012، كما اختيرت عضواً في البرلمان العربي الانتقالي، من 2008 إلى 2011.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 18 دقائق
- سكاي نيوز عربية
إيران تعلق على خطة الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله
وقال عراقجي في مقابلة متلفزة "أي قرار في هذا الشأن سيعود في نهاية المطاف إلى حزب الله"، وتابع "نحن ندعمه عن بعد، لكننا لا نتدخل في قراراته"". وأضاف أن حزب الله"أعاد بناء" قدراته بعد النكسات التي تعرض لها في الحرب مع إسرائيل العام الماضي (...) السعي لنزع سلاح حزب الله ليس موضوعاً جديداً، فقد جرت محاولات مماثلة في السابق، وأسبابها معروفة، إذ أثبت سلاح المقاومة فعاليته للجميع في ساحة المعركة". وتابع عراقجي قائلاً: "وقف الأمين العام لحزب الله الحازم وصدور بيان شديد اللهجة، أظهرا أن هذا التيار سيصمد في وجه الضغوط". وقال الوزير الإيراني إنه "تمت إعادة تنظيم صفوف حزب الله"، مشيراً إلى أن "هذه الجماعة تمتلك الإمكانات اللازمة للدفاع عن نفسها". وأضاف أن "القرار النهائي بشأن الخطوات المقبلة، فهو بيد حزب الله نفسه، وإيران ، بوصفها جهة داعمة، تسانده من دون أي تدخّل في قراراته".


الاتحاد
منذ 41 دقائق
- الاتحاد
خبراء ومحللون لـ«الاتحاد»: الإمارات ركيزة أساسية للجهود الإنسانية والإغاثية في غزة
أحمد مراد، عبد الله أبو ضيف، أحمد عاطف (غزة، القاهرة) شدّد خبراء ومحللون على أن المساعدات الإماراتية الموجهة إلى غزة، تشكّل ركيزة أساسية للجهود الإنسانية والإغاثية في القطاع، في ظل الظروف الإنسانية القاسية، التي يعيشها السكان، مشيدين بحرص الدولة على تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع، عبر مبادرات إنسانية وإغاثية متكاملة توفر الغذاء والمياه والدواء. واعتبر هؤلاء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن الإمارات تُعد من أبرز الداعمين لحقوق الشعب الفلسطيني، مما يظهر في مواقفها الثابتة والمشرّفة في المحافل الدولية دفاعاً عن الحقوق الفلسطينية، ودعماً لحل الدولتين استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية، باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. وأوضح مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أمجد الشوا، أن الدعم الإماراتي لقطاع غزة، كان له أثر كبير في مواجهة الجوع وتداعيات الحصار، مشيراً إلى أن عشرات آلاف الأطنان من الأغذية والأدوية التي أرسلتها الإمارات ساعدت، بشكل مباشر وفعّال، في الحد من الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع. وذكر الشوا، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن عملية إدخال المساعدات الإنسانية تمت رغم العقبات المستمرة وصعوبات فتح المعابر، فضلاً عن الإجراءات التعسفية التي حالت دون إدخال أكثر من 130 ألف طن من المساعدات العالقة على الحدود، لافتاً إلى أن أهمية المساعدات الإماراتية، تبرز في ظل الانهيار الصحي الخطير، بعد توقف المستشفيات الكبرى عن العمل، وارتفاع احتمالية تفشي الأوبئة، بسبب نقص المياه النظيفة. وشدّد على ضرورة الاهتمام بالمنظومة الغذائية الخاصة بالأطفال، والتي تعاني تدهوراً خطيراً يجبر العائلات على اللجوء إلى مصادر تغذية غير آمنة، داعياً إلى الإسراع في استئناف إدخال المساعدات بعد توقفها المؤقت. وأشار الشوا إلى أن المساعدات الإماراتية أثبتت فعاليتها في دعم سكان غزة وتعزيز صمودهم، لا سيما مع تصاعد التوجهات الإسرائيلية الرامية إلى إضعاف دور الأمم المتحدة، واستبدال منظومة الإغاثة الدولية بشركات خاصة تُستخدم كوسائل للضغط السياسي والتهجير. من جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، أن الإمارات تُعد من أبرز الداعمين لحقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما يظهر جلياً في مواقفها الثابتة والمشرفة في المحافل الدولية دفاعاً عن القضية الفلسطينية، إضافة إلى جهودها المتواصلة لدعم أهالي غزة إنسانياً وإغاثياً، سواء قبل اندلاع الحرب الحالية أو بعدها. وقال الرقب، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن الدعم الإماراتي لقطاع غزة لا يقتصر على المواقف السياسية والدبلوماسية الداعمة لإنهاء الحرب، بل تجسّد أيضاً في مبادرات إنسانية ومساعدات متواصلة، لا سيما مبادرتي «طيور الخير» و«الفارس الشهم 3»، بالإضافة إلى جهودها الرامية لدعم «الأونروا». وأضاف أن الدور الإنساني المحوري الذي تضطلع به الإمارات في قطاع غزة، يمتد بجذوره إلى عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وهو مستمر حتى الآن بنفس درجة التفاني والإخلاص، مؤكداً أن الدولة تؤكد باستمرار على مركزية القضية الفلسطينية، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة. في السياق، أكد نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور مختار الغباشي، أن المساعدات الإماراتية الموجهة إلى غزة، تشكّل ركيزة أساسية للجهود الإنسانية والإغاثية في القطاع، في ظل الظروف الإنسانية القاسية التي يعيشها السكان نتيجة الحصار والعدوان المستمر. وذكر الغباشي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإمارات تحرص على تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع، مثل الغذاء والدواء والمياه، عبر مبادرات إنسانية وإغاثية متكاملة. وشدّد على أهمية الجهود الإماراتية الرامية إلى دعم حل الدولتين، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل. وشدّد المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، عماد محسن، على أهمية المساعدات الإماراتية، لا سيما أنها تأتي في وقت بلغت فيه المجاعة في غزة مستويات غير مسبوقة، مشيداً بمبادرة «طيور الخير» التي تتضمن إسقاط مساعدات جوية على مناطق النزوح. وأوضح محسن، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن المبادرات الإنسانية الإماراتية لم تقتصر على إيصال الدعم لأهالي القطاع، بل سلّطت الضوء على حجم الكارثة، وأسهمت في دفع دول أخرى إلى المشاركة في جهود الإغاثة الجوية. وأشار إلى أن المساعدات الإماراتية شكّلت بارقة أمل لآلاف العائلات المحرومة من الغذاء والماء والمأوى، داعياً إلى مضاعفة حجم الدعم العربي والدولي لضمان دخول آلاف الشاحنات عبر المعابر البرية، باعتبار ذلك خطوة أساسية لمنع الانهيار الكامل في قطاع غزة. وأفاد محسن بأن الأولوية الملحة في الوقت الراهن تتمثل في فتح المعابر فوراً، ورفع القيود المفروضة على دخول المساعدات، مؤكداً أن استمرار الحصار يؤدي إلى تعميق معاناة الجوع، ويزيد من خطر المجاعة، خاصة على الأطفال الذين يدفعون الثمن الأكبر.


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
عمار النعيمي وسفير تركيا يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية
استقبل سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي، ولي عهد عجمان رئيس المجلس التنفيذي، أمس، بالديوان الأميري، لطف الله غوكتاش، سفير الجمهورية التركية لدى الدولة، الذي قدم للسلام على سموه، بمناسبة تسلمه مهام عمله الجديد. ورحب سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي بالسفير التركي، متمنياً له التوفيق في مهامه الجديدة، بما يسهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، وسبل تطويرها لما فيه مصلحة الشعبين الصديقين. من جانبه أعرب لطف الله غوكتاش عن سعادته بلقاء سمو ولي عهد عجمان، متوجهاً بالشكر لسموه على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، مشيداً بما تشهده دولة الإمارات عموماً، وإمارة عجمان خصوصاً، من نهضة وازدهار على مختلف الأصعدة. حضر اللقاء الدكتور مروان المهيري، مدير عام الديوان الأميري بعجمان، ويوسف محمد النعيمي، مدير عام دائرة التشريفات والضيافة.