
ترامب يدشن دبلوماسية الـ"تروث سوشال"
يبدو أن
الرئيس الأميركي
دونالد ترامب أرسى أسلوباً جديداً لإدارة الحروب والدبلوماسية المصاحبة لها. لا نتحدث عن التفكير الاستراتيجي هنا، ولا السيناريوهات التي يضعها عسكريون محنكون، بل عن منشورات على منصات التواصل الاجتماعي، إذ بات يستخدم منصته الخاصة للتواصل الاجتماعي،
تروث سوشال
، منبراً مباشراً لإعلان قرارات حاسمة بشأن الحرب بين إسرائيل وإيران، متجاوزاً بذلك البروتوكولات الدبلوماسية التقليدية، وآليات التخطيط العسكري الاستراتيجي المعقدة.
إعلان القرارات العسكرية والدبلوماسية
في 23 يونيو/حزيران الحالي، استخدم ترامب "تروث سوشال" ليعلن تفاصيل عملية عسكرية أميركية استهدفت المنشآت النووية الإيرانية. في منشور الساعة 3:52 من بعد الظهر (بالتوقيت المحلي)، وصف رد إيران بـ"الضعيف جداً" على "إبادة منشآتها النووية"، وأشاد بالإشعار المسبق الذي قدمته طهران لتقليل الخسائر البشرية، في إشارة إلى الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران على قاعدة أميركية في قطر الاثنين. هذه التصريحات لم تعلن عبر القنوات الرسمية التقليدية، بل عبر منصة رقمية خاصة يملكها الرئيس الجمهوري، ما يشكل نقطة تحول في طبيعة الخطاب السياسي الرسمي. بعد ساعتين، فاجأ ترامب العالم بإعلانه "وقف إطلاق نار كاملاً وشاملاً" بين إيران وإسرائيل، وكتب: "بافتراض أن الأمور ستسير كما ينبغي -وهو ما سيحدث- أود أن أهنئ الدولتين، إسرائيل وإيران، على امتلاكهما القدرة والتحمّل والشجاعة والذكاء لإنهاء ما يجب أن يُسمى حرب الأيام الـ12". وأضاف: "هذه حرب كان من الممكن أن تستمر لسنوات، وتدمر الشرق الأوسط بأكمله، ولكن ذلك لم يحصل، ولن يحصل أبداً!" رغم أن هذا الإعلان جاء قبل أي تأكيد رسمي من الطرفين، فقد تبعته تأكيدات إسرائيلية وإيرانية، مع دور قطري بارز في الوساطة، حسب وكالة رويترز.
تضخيم إنجازات عسكرية وتهميش المعلومات الرسمية
كما استخدم ترامب "تروث سوشال" لتضخيم حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية، مؤكداً أنها "هائلة"، ومعلناً أن منشأة فوردو النووية "محيت تماماً"، رغم تحفّظات المسؤولين العسكريين الأميركيين والإسرائيليين الذين قدموا تقييمات أولية أكثر حذراً. في الوقت نفسه، شن ّترامب هجمات متكررة على وسائل إعلام بارزة مثل "سي أن أن" و"أن بي سي" و"إيه بي سي"، واتهمها بـ"الكذب و"التقليل من حجم الأضرار".
كما شنّ هجوماً سياسياً على نواب جمهوريين معارضين للضربات على إيران، لا سيما النائب توماس ماسي الذي دعا إلى ضرورة موافقة الكونغرس على أي تحرك عسكري، ما أثار جدلاً داخل الحزب الجمهوري.
وخلافاً للخطاب الدبلوماسي المعتاد، تحدث ترامب صراحة عبر "تروث سوشال" عن إمكانية "تغيير النظام" في إيران، قائلاً: "إذا كان النظام الإيراني عاجزاً عن جعل إيران عظيمة من جديد، فلماذا لا يكون هناك تغيير نظام؟".
وفضلاً عن الخطاب العسكري والسياسي، لم يغفل ترامب عن البُعد الاقتصادي، حيث ناشد عبر منصته وزارة الطاقة الأميركية بأن "تحفر، وتحفر، وتحفر"، لزيادة الإنتاج النفطي، رغم أن هذه المهمة لا تندرج ضمن صلاحيات الوزارة، في محاولة لتخفيف المخاوف من ارتفاع أسعار النفط وتأثيرها السياسي والاقتصادي، خاصة مع التأثير المباشر على الأسواق العالمية والاقتصاد الأميركي.
"تروث سوشال" منصة ترامب للحشد والتضليل
وفقاً لموقع وايرد المتخصص، فإنّ "تروث سوشال" بدأت تعاني من انقطاعات في الخدمة على مستوى العالم في غضون دقائق من نشر دونالد ترامب تفاصيل الضربة العسكرية الأميركية على إيران. هذا وتشير الإحصائيات إلى أن ترامب ينشر عبر "تروث سوشال" من 15 إلى 29 منشوراً يومياً، مع تسجيل ذروة استثنائية وصلت إلى 138 منشوراً في يوم واحد. وأثناء الفترة من مارس/آذار إلى سبتمبر/أيلول 2024، شارك أكثر من 330 منشوراً تحمل محتوى مثيراً للجدل ونظريات مؤامرة. العام الماضي مثلاً، شارك ترامب على نطاق واسع في نشر الاتهامات الكاذبة لمهاجرين هايتيين في ولاية أوهايو بسرقة حيوانات أليفة لأكلها، ما أثار جدلاً ألقى بظلاله على الحملة الانتخابية لفترة طويلة. ونتيجة للاتهامات، أصبح المهاجرون الهايتيون عرضة للتهديدات في هذه الولاية الواقعة شمال شرقي البلاد. وأشار جاريد هولت من "معهد الحوار الاستراتيجي" حينها إلى أن "منشوراته تشجع وتطبّع وتنشر الأيديولوجيات المتطرفة"، وعبّر عن خشيته من أن يحمس ذلك "الأطراف الأكثر تطرفاً في الحركة المحافظة الحديثة". هذا الكم الهائل من المحتوى يعكس استراتيجية واضحة لاستخدام المنصة أداة نشر مكثفة ومستقلة. "تروث سوشال" التي استقطبت في بداياتها جمهوراً محدوداً مقارنة بمنصات مثل "إكس" (تويتر سابقاً) و"فيسبوك"، أثبتت قدرتها على التأثير داخل أوساط مؤيدي ترامب، إذ يعاد نشر محتوياتها عبر قنوات إعلامية يمينية ومؤثرين رقميين، مما يضاعف تأثيرها في الخطاب السياسي والمجتمع الأميركي المحافظ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
ترامب: أوقفنا البرنامج النووي الإيراني لعقود وهناك أنباء جيدة بشأن غزة
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الأربعاء إن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و إيران يسير على ما يرام، مؤكداً عزمه عدم السماح للأخيرة بتخصيب اليورانيوم . وأشار أيضاً إلى ما ملف غزة قائلاً: "بعد الضربة على إيران ستكون هناك أنباء جيدة بشأن غزة وإعلان قريب عن اتفاق"، معتبراً أن "الضربة ستساعد في إطلاق سراح الرهائن من غزة". وأضاف ترامب خلال مؤتمر صحافي مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، مارك روته، إن "المنشآت النووية في إيران تدمرت بالكامل ولم ينجحوا في إخراج أي مواد"، رداً كما يبدو على التقارير التي أشارت إلى أن طهران نقلت المواد المخصبة من منشأة فوردو المحصنة تحت الأرض، قبل استهدافها من قبل الولايات المتحدة. ورداً على سؤال عن خطط إيران لتخصيب اليورانيوم، قال "لن نسمح بذلك لأغراض عسكرية"، مضيفاً "آخر ما تريده إيران الآن هو تخصيب اليورانيوم وسينتهي بنا المطاف لنوع من العلاقات". وتابع "انتصارنا كان كبيراً وساحقاً والإيرانيون كانوا يعلمون بأننا سنستهدفهم ولذلك احتموا تحت الأرض". وأكد أن الضربة الأميركية على إيران "أنهت الحرب وأوقفت البرنامج النووي لعقود وليس لسنوات"، لافتاً إلى أن "معلومات المخابرات غير قاطعة بشأن الضربة على إيران". أخبار التحديثات الحية تقييم للمخابرات الأميركية: قصف إيران لم يدمر منشآتها النووية وفي إشارة إلى وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، قال ترامب إن "إسرائيل أعادت الطائرات التي كانت تنوي قصف إيران أمس". وحول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقصف إيران مجدداً إذا أعادت بناء برنامجها، رد ترامب قائلاً: "بالتأكيد". روبيو: إيران باتت "أبعد بكثير" عن امتلاك سلاح نووي من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، إن إيران باتت "أبعد بكثير" عن صنع وامتلاك سلاح نووي بعد الهجوم الأميركي على منشآتها النووية. جاء ذلك في مقابلة مع موقع "بوليتيكو"، الأربعاء، خلال وجوده بمدينة لاهاي الهولندية لحضور قمة زعماء حلف شمال الأطلسي. وأشار روبيو إلى أن الهجوم ألحق "أضراراً جسيمة" بعدة منشآت إيرانية، مضيفاً: "النتيجة هي أنهم الآن أبعد بكثير عن تطوير سلاح نووي مقارنة بما كانوا عليه قبل الهجوم". ووصف روبيو التقارير الإعلامية التي تقول إن الهجوم الأميركي لم يمنع تماماً قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية، بأنها "خاطئة"، مؤكداً أن التقارير الإعلامية لا تعكس ما جرى على أرض الواقع بدقة.


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
تايوان: توجيهات جديدة بشأن الغارات الجوية بحال تعرضها لهجوم صيني
أفاد مسؤولان أمنيان ووثائق تخطيط داخلي، اطلعت عليها "رويترز"، بأن تايوان ستصدر لمواطنيها توجيهات جديدة بشأن ا لغارات الجوية الأسبوع المقبل، لتسير على خطى أوكرانيا وإسرائيل، حال اضطرارها لمواجهة هجوم عسكري صيني . وقال مسؤول أمني كبير تايواني مُطلع على الأمر: "تدرس تايوان جيداً الأوضاع في أوكرانيا وإسرائيل"، وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الأمر، أنه "يتعين على شعبنا أن يعرف كيف يحمي نفسه، سواء في المنزل أو في العمل". وقال المسؤول الثاني: "في المناطق الحضرية في تايوان، قد لا يتمكن عدد من سكان المباني الشاهقة من الوصول إلى الملاجئ المخصصة للاحتماء من الغارات الجوية سريعا خلال ثلاث دقائق"، مضيفاً أن الحكومة تعمل على توعية المواطنين بطرق "بديلة" لحماية أنفسهم. وأوضح المسؤولان أنه سيتم إجراء تدريبات للدفاع المدني، تتضمن تدريبات على إنشاء محطات إمداد للطوارئ، في جميع أنحاء الجزيرة بالتزامن مع مناورات "هان كوانغ" العسكرية السنوية الرئيسية في تايوان في يوليو/تموز وتمتد لعشرة أيام، وهي المرة الأولى التي تستمر فيها المناورات لتلك الفترة. وجاء في وثائق التخطيط الحكومية أن السلطات ستعمل على تحديث التعليمات بشأن ما يتعين على الناس فعله عند إصدار تحذيرات من الغارات الجوية، بما في ذلك هؤلاء الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى الملاجئ في الوقت المناسب أو الذين يقودون السيارات. ويتضمن ذلك تعليمات حول الاختباء خلف "طبقتين على الأقل من الجدران" و"البقاء في وضعية الاستلقاء مع فتح الفم قليلاً" في حالة لم يتسن الوصول إلى ملجأ من الغارات الجوية سريعاً. وتجهز تايوان ملاجئ من الغارات الجوية في أنحاء الجزيرة، بما في ذلك في محطات مترو الأنفاق ومراكز التسوق، بعد أن أثار غزو روسيا لأوكرانيا مخاوف جديدة بشأن تعرضها لغزو صيني. ويوجد أكثر من 4600 ملجأ في العاصمة تايبه وحدها، يمكنها استيعاب نحو 12 مليون شخص، أي أكثر من أربعة أمثال عدد سكانها. أخبار التحديثات الحية رئيس تايوان يعرض السلام مع الصين رغم سعيه لتعزيز دفاع الجزيرة وتعتبر الصين تايوان، التي تتمتع بحكم ذاتي، جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وقد أعلنت مراراً أنها ستعمل على استعادتها، حتى لو اضطرت إلى استخدام القوة. كذلك دأبت بكين على تحذير واشنطن من التدخل في شؤون الجزيرة، التي لا تعترف معظم دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة بها دولةً مستقلة. ومع ذلك، عارضت واشنطن سابقاً أي تغيير أحادي الجانب في الوضع الراهن، وأبدت التزامها الدفاع عن الجزيرة، إذ تُعتبر الولايات المتحدة المورد الرئيسي للأسلحة إلى تايوان. (رويترز، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
دونالد ترامب يضع توقيعه على اتفاق وقف النار: "صانع سلام" بالقوة
تصدّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب المشهد فجر اليوم الثلاثاء، معلناً أن إيران وإسرائيل وافقتا على "وقف تام لإطلاق النار" لوضع "نهاية رسمية" للحرب بينهما التي استمرت 12 يوماً ودخلت الولايات المتحدة بها رسمياً عبر قصف ثلاث منشآت نووية إيرانية فجر الأحد الماضي والإعلان عن تدميرها. وكتب على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال": "هذه حربٌ كان من الممكن أن تستمر لسنوات، وأن تُدمّر الشرق الأوسط بأكمله، لكنّها لم تفعل، ولن تفعل أبداً!". هكذا سعى دونالد ترامب لتقديم نفسه صانعاً للسلام وصانع صفقات ناجحة، علماً أن مواقفه شهدت تحوّلات جذرية منذ ما قبل هذه الحرب وخلالها ، وصولاً إلى نهايتها، فهو تحدث لأشهر عن قرب التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران لكبح جماح البرنامج النووي الإيراني بشكل جذري، ثم أعلن دعمه الكامل للهجوم الإسرائيلي في 13 يونيو/حزيران الحالي، وفجر الأحد الماضي اختار إشراك الولايات المتحدة بشكل مباشر، بقصف ثلاث منشآت نووية إيرانية. وعقب رد إيران المحدود نسبياً أمس الإثنين، عاد ترامب إلى الدبلوماسية، ليعتمد نبرة تصالحية، ويقدّم ما حصل على أنه تحقيق للسلام في الشرق الأوسط. "إنجاز" دونالد ترامب ويستطيع ترامب أن يدّعي تحقيق أكبر نجاح في السياسة الخارجية والعسكرية خلال فترة وجوده في المكتب البيضاوي، إذ استطاع وقف هذه الحرب خلال فترة قصيرة نسبياً مانعاً تحوّلها إلى حرب استنزاف وتحديداً لحليفته إسرائيل. كما يمكنه الادعاء الآن بأنه نجح في تدمير المنشآت النووية الإيرانية من دون إغراق الولايات المتحدة في مستنقع جديد في الشرق الأوسط على غرار العراق. في الداخل الأميركي، نجح دونالد ترامب في فرض رؤيته، ومنع تفتت قاعدته المؤيدة لشعاره "ماغا" (جعل أميركا عظيمة مجدداً)، كما جمع كل أطياف إدارته بدون أي أصوات معارضة. على الرغم من ذلك تبقى أسئلة قائمة بلا إجابات حقيقية، وستظهر تبعاتها في الأشهر وربما السنوات المقبلة، ومنها هل ضمنت الولايات المتحدة، كما زعم ترامب، "القضاء" على البرنامج النووي الإيراني، أم أن الأمر برمته مجرد سراب لدى الرئيس الأميركي ، وهل يعني عدم اكتمال هذا الصراع أن أزمة أعمق تلوح في الأفق، خصوصاً حول مصير اليورانيوم عالي التخصيب الإيراني الذي لم يُعرف مصيره وتحدثت معلومات عن أنه تم إخراجه من منشأة فوردو قبل استهدافها فجر الأحد؟ كذلك من يضمن أن تنجح المفاوضات المتوقعة مع طهران في المرحلة المقبلة، وألا تكون هذه الحرب دافعاً لها للتوجّه نحو امتلاك أسلحة نووية على المدى الطويل؟ علماً أن صحيفة واشنطن بوست نقلت عمن قالت إنه مسؤول أميركي كبير لم تكشف عن هويته، أن الخطة الأساسية لاتفاق وقف إطلاق النار جاءت بعد مناقشات مع مسؤولين إيرانيين أوضحوا لإدارة ترامب أنهم سيعودون إلى طاولة المفاوضات وبحث برنامجهم النووي شرط أن تتوقف إسرائيل عن قصف إيران. استطاع ترامب وقف هذه الحرب خلال فترة قصيرة نسبياً مانعاً تحوّلها إلى حرب استنزاف وتحديداً لحليفته إسرائيل وبعدما كان دونالد ترامب قد دخل الحرب إلى جانب إسرائيل، بقصف منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية في إيران الأحد الماضي، وبعد ساعات لمح إلى احتمال "تغيير النظام"، عاد إلى الخيار الدبلوماسي، ليعلن بشكل مفاجئ فجر اليوم الثلاثاء عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل. لكن الملابسات التي رافقت هذا الإعلان، أثارت الكثير من اللغط والشكوك لدى مختلف الأوساط في واشنطن. بل ذهب البعض إلى طرح علامات استفهام حول مدى جدية وقف نار جرى حبكه بهذه العجالة ومدى قدرته على الصمود. وتيسرت لترامب شروط الصفقة التي طالما تحدث عنها، فالتقطها في اللحظة المناسبة، إذ كانت إيران بحاجة إلى "التقاط أنفاسها" وإسرائيل بحاجة إلى منع الانزلاق إلى حرب استنزاف، فضلاً عن عدم قدرتها على رفض مخرج يريده ترامب الذي كان قد سلّفها قرار دخوله الحرب إلى جانبها. أخبار التحديثات الحية ترامب لإسرائيل: لا تلقوا القنابل على إيران وأعيدوا طياريكم فوراً وبرز وصف نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، وقف إطلاق النار بأنه انتصار لكل من إسرائيل وإيران. في مقابلة على قناة فوكس نيوز، تبنّى فانس وصف ترامب لـ"حرب الـ12 يوماً" للصراع الذي استمر قرابة الأسبوعين ووصفه بأنه "لحظة إعادة ضبط مهمة للمنطقة بأكملها". مع ذلك بقي وقف النار محاطاً بالشكوك لجهة شروطه غير المعروفة، كما لجهة مهلته. وفي هذا السياق، نقل موقع بوليتيكو الأميركي عن مسؤول كبير في البيت الأبيض، لم يكشف عن هويته، قوله إن الضربة الأميركية على منشآت إيران فجر الأحد جعلت الاتفاق "ممكناً ومقبولاً"، خصوصاً من جانب الإسرائيليين. كلام دونالد ترامب عن أن "إسرائيل وإيران لن "يتبادلا إطلاق النار مجدداً"، وصفته شبكة "سي إن إن" في تقرير لها بأنه "ادعاء جريء بالنظر إلى سمعة الشرق الأوسط مقبرةً للرئاسات الأميركية"، لافتة إلى أن الأحداث ستقرر ما إذا كان الاختراق حقيقياً أم مجرد وهم آخر. وبحسب الشبكة، يمكن لترامب أن يدّعي تحقيق أكبر نجاح في السياسة الخارجية والعسكرية خلال فترة وجوده في المكتب البيضاوي. فقد راهن على قدرته على تدمير المنشآت النووية الإيرانية بدون إغراق الولايات المتحدة في مستنقع جديد. وحتى الآن، ثبتت صحة ظنه. وتابعت "سي إن إن": "أظهر ترامب فطنة استراتيجية وحسماً، وسيظل دائماً يستمتع بالمهمة الجريئة التي قامت بها قاذفات بي-2، التي تحمل قنابل خارقة للتحصينات، في رحلة ماراثونية من ميزوري". بالتوازي، قد يحصل دونالد ترامب على دفعة سياسية محلية، على الأقل في الحزب الجمهوري، ويتمكن من رأب الصدع في قاعدته، حيث شعر بعض المؤيدين بأنه أخّل بوعده بعدم شن حروب جديدة. وسلّطت الحرب مع إيران الضوء على رؤى مهمة حول رئاسة ترامب الثانية. وبحسب "سي إن إن"، كشفت أنه ليس أداة في يد صقور الجمهوريين المتبقين ولا الشعبويين أصحاب شعار "أميركا أولاً". وتحدثت الشبكة عن بروز دائرة ثقة أساسية حول ترامب، تضم رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين، ومدير وكالة المخابرات المركزية جون راتكليف، والمبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف. ومع ذلك، يبدو مستقبل مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد ووزير الدفاع بيت هيغسيث غير مضمون. نقاط خطيرة تنتظر المستقبل وفي حين استطاع ترامب أن يستفيد من هذه الحرب، إلا أنها سلّطت الضوء على جوانب أخرى سلبية، منها إلزام ترامب الولايات المتحدة بالعمل العسكري من دون إعداد الجمهور مسبقاً، وتجاهل الكونغرس، وإبعاد كبار الديمقراطيين عن المشهد، مسيّساً الأزمة ومعززاً مجدداً الشعور بأنه ليس رئيساً لجميع الأميركيين. كما أنه لم يُطلع الأميركيين على المعلومات الاستخباراتية التي استخدمها لتبرير الهجمات بحجة أن إيران كانت على بُعد أسابيع من امتلاك سلاح نووي. كما تجاهل وكالات الاستخبارات الأميركية التي كانت قد استخلصت أن طهران لم تتخذ قراراً بصنع قنبلة نووية. كذلك تجاهل ترامب حلفاء الولايات المتحدة وقلل أهمية جهودهم الدبلوماسية. استراتيجية ترامب قد لا تنجح بجعل الإيرانيين يوقّعون على اتفاق في المفاوضات يوقف تخصيب اليورانيوم كذلك فإن نقطة أخطر تبرز، وهي عدم وجود أدلة على ما أعلنه ترامب بالقضاء على البرنامج النووي الإيراني، كما أن استراتيجيته قد لا تنجح بجعل الإيرانيين يوقّعون على اتفاق في المفاوضات يوقف تخصيب اليورانيوم. أبعد من ذلك، قد تصل طهران إلى قناعة، ولا سيما القادة العسكريون، بأن السبيل الوحيد لبقاء الجمهورية الإسلامية هو امتلاك قنبلة نووية تردع الهجمات المستقبلية. وفي هذا الصدد، قالت كيلسي دافنبورت، من جمعية الحد من الأسلحة، لـ"سي إن إن": "من منظور منع الانتشار النووي، كان قرار ترامب بضرب إيران تصعيداً متهوراً وغير مسؤول، ومن المرجح أن يدفع إيران نحو امتلاك أسلحة نووية على المدى الطويل". وأضافت: "لقد ألحقت الضربات أضراراً بمنشآت نووية إيرانية رئيسية، مثل موقع فوردو. لكن طهران كان لديها متسع من الوقت قبل الضربات لنقل مخزونها من اليورانيوم شبه الصالح للاستخدام في الأسلحة إلى موقع سري، ومن المرجح أنها فعلت ذلك". وفي السياق، قال خبير منع الانتشار النووي جوزيف سيرينسيوني، لـ"سي إن إن"، إنه بإمكان إيران إعادة بناء منشآتها. وحذّر من أن إيران قد تُدخل اليورانيوم المفقود في أي أجهزة طرد مركزي جديدة لديها لإنتاج نواة قنبلة نووية خلال خمسة أيام، وعشر قنابل خلال ثلاثة أسابيع. اقتصاد دولي التحديثات الحية فاتورة الحرب: 500 مليار دولار خسارة إيران وترامب تكلّف "أغلى هجوم"