
الحرب على صوت أميركا لم تبدأ مع ترامب فقد سبقه إليها مكارثي
ففي التقرير التالي الذي نشر بمجلة جامعة كولومبيا للصحافة، يورد غولدن التفاصيل التي جرت قبل أكثر من 70 عاما، وما تركته من آثار ونتائج كارثية على كثير من الذين كانوا يعملون في إذاعة صوت أميركا آنذاك.
في جلسات استماع بثت على محطات التلفزيون الأميركية، شن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون هجوما لاذعا على إذاعة صوت أميركا. واتهموا ذراع البث الدولي للإدارة الأميركية بإيواء المخربين، وإهدار أموال دافعي الضرائب، والتغاضي عن معاداة السامية، وتعريض الأمن للخطر بالاعتماد على عاملين أجانب، وتشويه صورة البلد الذي من المفترض أن يخدموه.
واستجوب رئيس اللجنة المديرين التنفيذيين في صوت أميركا، والمديرين المتوسطين، وحتى محرري النصوص، وركز على صلاتهم المزعومة باليسار وعلى النصوص والكلمات التي يعتبرها غير أميركية. واعلن: "نعتزم.. الكشف عن حالات التكرار والهدر وعدم الكفاءة والتخريب، وبعبارة أخرى، وضع الصورة الكاملة على الطاولة".
انتحار أحد المهندسين
تلك الجلسات التي شغلت الرأي العام في أميركا لم تكن جزءا من الحملة الأخيرة التي شنتها إدارة الرئيس دونالد ترامب ضد إذاعة صوت أميركا، فقد عقدت في عام 1953، وكان رئيس اللجنة الذي أدارها هو السيناتور جوزيف مكارثي من ولاية ويسكونسن، الذي كان آنذاك في ذروة سلطته. وعلى الرغم من أن مزاعمه كانت في الغالب غير مدعومة بأدلة، فإن الخوف من غضبه كان شديدا لدرجة أن قادة الوكالة التي تتبع لها صوت أميركا استقالوا، وطُرد العديد من الموظفين، وانتحر أحد المهندسين.
وتعد جلسات الاستماع، التي عقدها مكارثي بشأن إذاعة صوت أميركا والتي استمرت 5 أسابيع وشملت إفادات 60 شاهدا، والتي كادت أن تُنسى اليوم، فصلا مبكرا ومزعزعا في تاريخ هذه الإذاعة الذي يمتد لـ83 عاما.
ورغم نجاح صوت أميركا، الذي يتجلى في حجم جمهورها -361 مليون شخص أسبوعيا في جميع أنحاء العالم حتى فبراير/شباط الماضي- والجهود التي بذلها خصومها السابقون والحاليون مثل الاتحاد السوفياتي والصين وإيران وكوريا الشمالية لتشويش إشارتها، فقد كانت دائما هدفا للانتقادات الداخلية التي تفضل رسالة وطنية أكثر صراحة.
فقد قام الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان بما سماه حملة تطهير استهدفت كبار مديري صوت أميركا، وحاول ترامب السيطرة على تغطيتها في ولايته الأولى قبل أن يقرر هذا العام إسكات ما سماه "صوت أميركا المتطرفة" وتخفيض عدد موظفيها بنسبة 85%.
وبحسب الصحفي غولدن، تبدو النصوص التي تزيد على 1200 صفحة من جلسات الاستماع التي أجراها ماكارثي، معاصرة بشكل لافت، وتظهر مدى ضآلة التغيير في الخطاب المحيط بصوت أميركا.
جواسيس وأكاذيب وسوء إدارة
في جلسة استماع بالكونغرس في 25 يونيو/حزيران الماضي بعنوان "جواسيس وأكاذيب وسوء إدارة"، اشتكت كاري ليك، المسؤولة في إدارة ترامب المكلفة بتفكيك صوت أميركا، من أن المحطة ابتعدت عن "أيام مجدها" خلال الحرب الباردة ، قبل أن تصبح "معادية لأميركا".
في الواقع، منذ عام 1947، كان أحد أعضاء الكونغرس الجمهوريين يشوه سمعة الشبكة بوصفها "صوت اليسار المتطرف "، وبالنسبة لمكارثي، كانت "صوت موسكو". إذ قال لاري تاي، كاتب سيرة ماكارثي، "كان من الواضح في عهد ماكارثي أنه كان يصفق لأي شيء معاد للشيوعية، سواء كان صحيحا أم لا. ولم يكن ما ذكر صحيحا عن واحدة من أكثر وسائل الإعلام فعالية في مكافحة الشيوعية ونقل الحقيقة، وهي صوت أميركا".
ويعتقد غولدن أن ما أزعج منتقدي صوت أميركا حقا -في ذلك الوقت والآن- هو الحياد الصحفي لوسيلة الإعلام الممولة من الحكومة، والذي يعود إلى تأسيسها في عام 1942 لمواجهة الدعاية النازية. إذ بدأ بثها الأول إلى ألمانيا بوعد: "قد تكون الأخبار جيدة لنا. قد تكون الأخبار سيئة. لكننا سنقول لكم الحقيقة". وعلى مر السنين، تعزز استقلالها بفضل جدران الحماية، فقد تعهد ميثاقها، الذي صيغ في عام 1960 وأُدرج كقانون في عام 1976، بتغطية إخبارية "دقيقة وموضوعية وشاملة"، وحماها قانون البث الدولي لعام 1994 من التدخل السياسي.
وقال دونالد ريتشي المؤرخ الفخري في مجلس الشيوخ "شعر بعض المحافظين أن صوت أميركا يجب ألا يقول أي شيء سلبي عن الولايات المتحدة. بينما رأى الطرف الآخر أنه يجب تقديم الأخبار بموضوعية.. واستمر هذا الجدل حتى يومنا هذا".
مصدر موثوق
كانت صوت أميركا أحد أوائل أهداف ماكارثي بعد فوز الجمهوريين بالسيطرة على مجلس الشيوخ في انتخابات عام 1952، مما جعله رئيسا للجنة مجلس الشيوخ المعنية بالعمليات الحكومية ولجنتها الفرعية الدائمة للتحقيقات.
وروي كوهن، كبير مستشاري اللجنة الفرعية، الذي بلغ السادسة والعشرين من عمره أثناء جلسات الاستماع، والذي أصبح بعد عقود مرشدا لمطور عقاري صاعد يدعى دونالد ترامب، اختبأ في فندق والدورف أستوريا في مانهاتن وأجرى مقابلات مع موظفين ساخطين من مكتب صوت أميركا في نيويورك ، أطلقوا على أنفسهم اسم "الموالون السريون"، واتهموا زملاءهم الذين اشتبهوا في تعاطفهم مع الشيوعية.
وتلاعب مكارثي بالجلسات، التي بدأت في منتصف فبراير/شباط 1953، لصالحه. إذ قام بفحص الشهود المحتملين في جلسات تنفيذية، واستبعد المبلغين والمعارضين الأقل إقناعا. ثم سرب أبرز ما جاء في هذه "البروفات" إلى الصحفيين الموالين له، وفقا لكتاب تاي، "الديماغوجي: حياة وظلال طويلة للسيناتور جو مكارثي". واستجوب مكارثي وكوهن الشهود حول عرائض وقعوا عليها قبل عقود، أو خلال حفلات عشاء حضروها وكان من المفترض أنها برعاية جبهات شيوعية. وشهد أحد الشهود أن أحد موظفي اللجنة سلمه مذكرة استدعاء في منتصف الليل.
وقال هوارد فاست، وهو كاتب يساري كان يحرر أخبارا لصوت أميركا قبل عقد من الزمن خلال الحرب العالمية الثانية: "كان هناك طرق على الباب ورنين بالجرس، مما أيقظ أطفالي وأرعبهم". وقد بثت محطة إن بي سي جلسات الاستماع العامة على الهواء مباشرة من الساعة الثانية بعد الظهر حتى الرابعة مساء.
لا جواسيس في صوت أميركا
ورغم كل التهديدات، لم يعثر مكارثي على أي جواسيس في صوت أميركا. ووفقا لنيكولاس كول، المؤرخ في جامعة جنوب كاليفورنيا المتخصص في دور وسائل الإعلام الجماهيرية في السياسة الخارجية الأميركية، فمع تحول البلاد لمواجهة التهديد الشيوعي بعد الحرب العالمية الثانية، كان العديد من موظفي صوت أميركا يميلون بالفعل إلى التساهل مع الاتحاد السوفياتي. ولكن بحلول عام 1953، أدت سنوات من التطهير السياسي في صوت أميركا إلى إقصاء معظم اليساريين.
وأوضح كول: "لم يكشف مكارثي عن أي شيوعي يحمل بطاقة عضوية داخل صوت أميركا، بدلا من ذلك، الأشخاص الذين كانوا يشعرون بالحرج هم مجرد أشخاص مختلفين اجتماعيا". ومن بين هؤلاء، على سبيل المثال، مدير البرامج الدينية في صوت أميركا الذي اتهمه مكارثي بأنه ملحد، واقترح أنه "قد يؤدي عمله بشكل أفضل إذا كان من رواد الكنيسة بانتظام". وقد أدلى المدير، الذي كان يحمل درجة الدكتوراه في الدين من جامعة كولومبيا ، ودرس مع الطبيب النفسي كارل يونغ واللاهوتي بول تيليش، بشهادته أنه يؤمن بالله، وأنه ما كان ليقبل الوظيفة لولا ذلك.
ولقد فحص مكارثي نصوص صوت أميركا وطريقة اختيار الكلمات بدقة شديدة مثل أي مصحح لغوي. فعلى سبيل المثال، أراد أن يعرف ما إذا كان أحد المحررين في مكتب أخبار صوت أميركا، الذي استبدل كلمة "ديمقراطي" بكلمة "مناهض للشيوعية" لوصف الحشود في غواتيمالا التي كانت تهتف لتنصيب الرئيس أيزنهاور، كان "يخفف" من حدة الخبر لأنه متعاطف مع الشيوعية. ونفى المحرر هذه المزاعم، قائلا إنه يستخدم كلمة "مناهض للشيوعية" كثيرا، لكنه غيرها في هذه الحالة ليعبر عن "رد الفعل العفوي للشعب الغواتيمالي".
إهدار ملايين الدولارات
كانت العديد من الشكاوى حول صوت أميركا عادية وتقنية، لكن مكارثي عززها بغموض شرير. وخصص جزءا كبيرا من الجلسات الافتتاحية لجلسات الاستماع، في فبراير/شباط 1953، لادعاءات مهندس سابق في صوت أميركا، لويس ج. ماكيسون، بأن الشبكة تهدر ملايين الدولارات من خلال وضع محطة إرسال في منطقة سياتل، حيث الظروف الجوية تعطل موجات الراديو، بدلا من وضعها في شمال كاليفورنيا ( ). وبعد أيام، أوقفت الحكومة المشروع، مما يؤكد نفوذ مكارثي.
وفي عام 2003، بعد نصف قرن من جلسات الاستماع التي عقدها مكارثي، نشرت اللجنة الفرعية التي كان يرأسها محاضر جلسات الاستماع المغلقة. وكتب السيناتوران كارل ليفين وسوزان كولينز، في ما بدا في ذلك الوقت أنه الحساب النهائي لتلك اللحظة التاريخية: "أدى حماس السيناتور مكارثي لكشف التخريب والتجسس إلى تجاوزات مقلقة". "تكتيكاته التخويفية دمرت حياة أشخاص لم يكونوا متورطين في التسلل إلى حكومتنا.. هذه الجلسات جزء من ماضينا الوطني لا يمكننا أن ننساه ولا أن نسمح بتكراره".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
هل يعود الجيش الأميركي لاحتلال بنما؟ إجابات من داخل قواعده القديمة
بنما سيتي- وسط غابات استوائية كثيفة وشواطئ ساحرة مطلة على المحيط الأطلسي والبحر الكاريبي، تقف قاعدة شيرمان العسكرية السابقة بقعةً جغرافية إستراتيجية جمعت يوما بين مظاهر الهيمنة الأميركية، وأسراب الطائرات المقاتلة، وتشكيلات المدرعات الثقيلة، ضمن مهمة تأمين قناة بنما ثاني أهم الممرات المائية في العالم. المكان الذي احتضن آلاف الجنود الأميركيين عقودا، تحول لاحقا إلى منطقة مهجورة تحرسها فقط الأشجار الاستوائية، وهو يشهد اليوم تحولات حساسة في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتصريحات أميركية عالية السقف بشأن مستقبل القناة وموقعها الحاسم في صراعات النفوذ الدولية، وعلى رأسها التنافس مع الصين. رغم الجاهزية العسكرية والبنية التحتية المتقدمة التي تركتها الولايات المتحدة في قاعدة شيرمان، فإن بنما والتزاما بمعاهدة الحياد الخاصة بالقناة، لم تستثمر هذا الموقع عسكريا، بل اكتفت بوضع شرطي واحد فقط عند مدخل القاعدة، كجزء من سياستها الثابتة بعدم وجود جيش نظامي تقليدي. إلى جانب شيرمان، تبدو قواعد أمادور وكلايتون أيضا شواهد صامتة على الحضور العسكري الأميركي الهائل الذي استمر حتى عام 1999، بهدف تأمين القناة وحماية المصالح الأميركية المرتبطة بها. لكن الملف عاد إلى الواجهة من جديد بعد أن أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصريحات مثيرة في خطاب تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، دعا فيها صراحة إلى استعادة السيطرة على القناة "بكل الوسائل"، بما فيها العسكرية، في ما وصفه كثيرون بعودة اللهجة الاستعمارية. زيارات ورسائل لم تتأخر الاستجابة الأميركية، حيث كانت بنما أولى وجهات وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث بعد تنصيب ترامب، وهدفت الزيارة إلى فتح صفحة جديدة من التعاون العسكري، وسط مخاوف أميركية متزايدة مما تصفه واشنطن بـ"النفوذ الصيني المتصاعد" في هذا البلد الصغير ذي الأهمية الجيوسياسية الكبرى. وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح مسؤول عسكري أميركي سابق -طلب عدم الكشف عن هويته- أن "القلق الحقيقي داخل البنتاغون هو أن تمتلك الصين، بنفوذها الاقتصادي في بنما، القدرة على تعطيل حركة الملاحة في القناة إذا اندلعت مواجهة واسعة مع واشنطن". من جهته، أعرب الخبير القانوني البنمي ألونسو إيلوسيا عن صدمة الرأي العام المحلي من تصريحات ترامب، قائلا للجزيرة نت، "شعرنا بالقلق الشديد، فلم يسبق أن تلقينا أي تحذير أو مؤشر على هذا الموقف الأميركي الجديد. الولايات المتحدة هي حليفنا الأهم، وإذا كان هناك تهديد حقيقي من الصين، فنحن بحاجة لمعلومات موثقة وليس تصريحات فضفاضة". عودة أميركية من بوابة "الحياد" زيارة هيغسيث، وتعد الأولى من نوعها منذ زيارة دونالد رامسفيلد عام 2004، ركزت على قضايا الأمن والدفاع البحري، وأسفرت عن توقيع وثيقتين مهمتين مع الجانب البنمي: الأولى مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الأمني، والثانية إعلان مشترك بشأن حماية القناة وتشغيلها. وبموجب التفاهمات الجديدة، سمح للقوات الأميركية بالوصول المؤقت إلى ثلاث قواعد سابقة: "بنما باسيفيكو" (قاعدة هوارد الجوية)، و"رودمان" البحرية في بالبوا، و"شيرمان" الجوية في كريستوبال، دون تمركز دائم، احتراما لوضع الحياد المنصوص عليه في معاهدات 1977. لكن هذه الخطوة أثارت نقاشا داخليا واسعا في بنما. وفي حديث للجزيرة نت، قال سائق الأجرة البنمي ألبرتو لوكاس، والذي كان ينقل زائرين إلى قاعدة شيرمان "صحيح أننا لا نمتلك جيشا، لكن لدينا أكثر من أربعة ملايين مواطن مستعدون للدفاع عن سيادة القناة، إذا ما فكر ترامب في العودة بقوة السلاح". ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة، رغم انسحابها العسكري الرسمي عام 1999، لم تتخل فعليا عن مهمة تأمين القناة، وواصلت مراقبتها من كثب بأدوات مختلفة، منها المناورات المشتركة. مسؤولية الحماية وفي مقابلة للجزيرة نت، قال خايمي ترويانو، المتحدث الرسمي باسم هيئة إدارة قناة بنما، إن "أمن القناة مضمون بموجب القانون الدولي ، ولدينا قوات أمن وشرطة تتولى مسؤولية الحماية، بما يشمل المرافق والسفن العابرة". لكن ترويانو رفض الإفصاح عن أي دور أميركي غير معلن في تأمين القناة، رغم أن 40% من حاويات التجارة الأميركية تمر سنويا من هذا الممر الحيوي. ورغم تأكيد هيغسيث على حياد القناة والتعاون الثنائي، فقد أشار في تصريح لافت إلى أن "تأمين القناة يجب أن يتم بالتعاون بين بنما والولايات المتحدة، وليس بين بنما والصين"، مشددا على أن "الصين لم تبن هذه القناة، ولا تديرها، ولن تستخدمها كسلاح في صراع النفوذ". عبء التاريخ منذ أواخر القرن التاسع عشر، ظلت العلاقات البنمية الأميركية مرتبطة مباشرة بقناة بنما. ففي عام 1903، وبعد أيام من استقلال بنما، وقعت معاهدة "هاي-بوناو-فاريلا" إذ منحت واشنطن حق السيطرة على منطقة القناة إلى الأبد. وظلت الولايات المتحدة تمارس سلطات واسعة على القناة والمنطقة المحيطة بها حتى عام 1999، تاريخ تسليم القناة رسميا إلى بنما، بموجب معاهدتي 1977، اللتين نصتا على تولي بنما إدارة القناة مع ضمان حيادها الدائم. ومنذ ذلك الحين، نجحت بنما في تشغيل القناة بفعالية، وأكملت مشروع التوسعة التاريخي عام 2016، مما سمح بمرور سفن عملاقة من طراز "نيو بناماكس"، في خطوة عززت مكانة القناة عالميا وأفادت الولايات المتحدة خاصة. بنما والقيادة الجنوبية الأميركية تندرج بنما وقناتها ضمن نطاق القيادة الجنوبية الأميركية (USSOUTHCOM)، التي تنظم مناورات "بانامكس" الضخمة منذ عام 2003، بمشاركة دول متعددة لضمان أمن القناة وحرية الملاحة، بما يوضح أن التعاون العسكري بين واشنطن وبنما لم ينقطع يوما. في هذا السياق، تبدو تصريحات ترامب عن "استعادة القناة" خارجة على المنطق بالنسبة للعديد من البنميين والمراقبين، الذين يرون أن بلادهم تحولت بعد عام 1989 إلى حليف إستراتيجي للولايات المتحدة، لا إلى "خصم مستهدف". وتزداد المخاوف البنمية مع تصاعد لهجة التهديد في خطابات ترامب، والتي شملت في ديسمبر/كانون الأول الماضي تلميحات ضمنية بالغزو، حين نشر تغريدة قال فيها "عيد ميلاد سعيد للجميع، بمن فيهم جنود الصين الرائعون، الذين يديرون قناة بنما بمحبة، ولكن بشكل غير قانوني". رغم أن الواقع ينفي نفيا قاطعا أي وجود عسكري صيني في بنما، فإن مثل هذه التصريحات أثارت قلقا شعبيا واسعا، وأعادت إلى الأذهان ذاكرة الاحتلال، لتفتح من جديد ملف السيادة على القناة، وتطرح أسئلة ملحة عن حدود النفوذ الأميركي ومآلاته في أميركا الوسطى.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
ترامب يسلم بوتين رسالة من زوجته ميلانيا خلال قمة ألاسكا
سلّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين ، خلال لقائهما في ألاسكا يوم الجمعة، رسالة شخصية من السيدة الأولى ميلانيا ترامب ، وصفتها وسائل إعلام أميركية بـ"رسالة سلام" موجهة باسم الأطفال حول العالم. وبحسب ما نقلته شبكة فوكس نيوز الأميركية، قرأ بوتين الرسالة مباشرة أمام الوفدين الأميركي والروسي بعد أن سلّمها له ترامب. وجاء في الرسالة: "في عالم اليوم، يضطر بعض الأطفال إلى الضحك بهدوء غير متأثرين بالظلام المحيط بهم وبإمكانك بمفردك استعادة ضحكاتهم العذبة". وأضافت ميلانيا: "بحماية براءة هؤلاء الأطفال، ستفعل أكثر من مجرد خدمة روسيا وحدها، بل ستخدم الإنسانية جمعاء"، قبل أن تختتم بالقول: "حان الوقت". ورغم أن الرسالة لم تذكر أوكرانيا بالاسم، فإنها نُشرت بعد القمة التي لم يستطع من خلالها ترامب إقناع بوتين بوقف إطلاق النار في أوكرانيا. وأعادت ميلانيا نشر نص الرسالة عبر حسابها الرسمي على منصة إكس، وسط تفاعل واسع من أنصار ترامب. صياغة الرسالة وفي تقرير موازٍ، أشارت وكالة "أسوشيتد برس" إلى أن صياغة الرسالة تجنبت الإشارة المباشرة إلى الحرب، لكنها دعت بوتين إلى التفكير في "براءة الأطفال" بما يتجاوز "الجغرافيا والأيديولوجيا". وربطت الوكالة بين هذه الرسالة وبين سجل موسكو في نقل آلاف الأطفال الأوكرانيين إلى روسيا منذ بدء الغزو عام 2022، وهي الممارسات التي دفعت المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وصرح ترامب سابقا أن زوجته السلوفينية المولد كانت تعلق في كثير من الأحيان على تصريحاته الساخرة حول محادثاته مع بوتين، لافتا إلى أنها "غيرت نظرته" تجاه الرئيس الروسي. ومع ذلك، ظل ترامب يسعى للتقارب مع بوتين منذ بدء ولايته الثانية، متعهدا بإنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة، رغم فشله حتى الآن في إقناعه بوقف الهجمات. وتزامنت الرسالة مع تحذيرات أطلقها ترامب قبل القمة من "عواقب وخيمة" إذا لم توافق روسيا على وقف إطلاق النار، لكنه تراجع لاحقا ليتبنّى خيار السعي مباشرة إلى "اتفاق سلام نهائي"، وهو ما يعتبره حلفاء كييف محاولة روسية لكسب الوقت على الأرض.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
3 ولايات يقودها جمهوريون تستعد لنشر قوات حرس وطني بالعاصمة واشنطن
أعلن الحكام الجمهوريون لـ3 ولايات نشر المئات من قوات الحرس الوطني في العاصمة الأميركية واشنطن ، بناء على طلب إدارة الرئيس دونالد ترامب ، الذي وصف المدينة بأنها غارقة في الجريمة. وقال مكتب حاكم ولاية وست فرجينيا باتريك موريسي -في بيان أمس السبت- إنه سينشر ما بين 300 إلى 400 جندي من الحرس الوطني في العاصمة في "إظهار للالتزام بالسلامة العامة والتعاون المحلي"، وذكر البيان أنه سيتم أيضا توفير المعدات والتدريب المتخصص. كما استجاب حاكم ولاية ساوث كارولينا هنري ماكماستر لطلب وزارة الدفاع (البنتاغون) بإعلانه عن إرسال 200 من قوات الحرس الوطني في ولايته. وقال حاكم ولاية أوهايو مايك ديواين إنه سيرسل 150 من أفراد الشرطة العسكرية في الأيام المقبلة. وأمر ترامب بانتشار قوات الحرس الوطني في إطار ما قال إنها حملة لمكافحة الجريمة في العاصمة، ويشير سياسيون جمهوريون إلى أن العاصمة الأميركية التي يهيمن عليها الديمقراطيون تعاني ارتفاع معدلات الجريمة والتشرد وسوء الإدارة المالية. لكن بيانات صادرة عن وزارة العدل أظهرت أن جرائم العنف في عام 2024 بلغت أدنى مستوى لها منذ 30 عاما في واشنطن، وهي منطقة اتحادية تتمتع بالحكم الذاتي وتخضع لسلطة الكونغرس. يأتي انتشار القوات في واشنطن بعدما أرسل ترامب في يونيو/حزيران الماضي قوات الحرس الوطني ومشاة البحرية للسيطرة على الاضطرابات التي شهدتها لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا بعد عمليات دهم لضبط الهجرة غير النظامية. وكانت تلك المرة الأولى التي ينشر فيها الرئيس الأميركي الحرس الوطني ضد رغبة حاكم ولاية منذ العام 1965. وتتبع معظم قوات الحرس الوطني لحكام الولايات ويتعيّن أن تصبح "فدرالية" لتخضع للرئيس. ولكن في واشنطن تلتزم هذه القوات في الأساس أوامر الرئيس الأميركي.