
هل سيطر نتنياهو على سماء طهران حقاً؟
في واحدة من أكثر لحظات التصعيد حساسية في تاريخ الصراع الإيراني الإسرائيلي، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الاثنين بتصريح غير مسبوق، أعلن فيه أن إسرائيل "تسيطر على أجواء طهران"، وأن "الطريق أصبحت ممهدة" أمام الكيان نحو العمق الإيراني.
وترافق ذلك مع حديثه عن "تغيرات كبرى قادمة" في الشرق الأوسط، وعن هدف واضح يتمثل في القضاء على البرنامج النووي الإيراني، ومنع إيران من امتلاك صواريخ باليستية ، بل والذهاب أبعد من ذلك بالإيحاء إلى احتمال سقوط النظام في طهران.
وبعيدًا عن النشوة العسكرية في كلام نتنياهو، فإن هذا التصريح يُظهر تحوّلًا نوعيًا في منطق الردع الإسرائيلي، بل في هيكل الإستراتيجية نفسه. فلم يعد الخطاب الإسرائيلي محصورًا في إطار "الردع والدفاع المسبق"، وهي القاعدة التي حكمت سلوك تل أبيب لعقود في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني. بل إن تصريح نتنياهو يؤشر إلى تحوّل من العقيدة الوقائية إلى عقيدة التشكيل الإستراتيجي، أي ليس فقط منع إيران من امتلاك قدرات نووية، بل إعادة تشكيل توازن القوى الإقليمي من الأساس، وبالشروط الإسرائيلية.
البعد العسكري
من الناحية العسكرية البحتة، لا يمكن فهم تصريح نتنياهو على أنه احتلال فعلي للمجال الجوي لطهران، وهو أمر يكاد يكون مستحيلاً في ظل القدرات الدفاعية الإيرانية. ومع ذلك، يمكن أن يشير هذا الادعاء إلى عدة احتمالات أكثر دقة. قد يكون المقصود به هو النجاح في عمليات استطلاع متقدمة أو اختراقات إلكترونية تمكّن إسرائيل من جمع معلومات استخباراتية حيوية من العمق الإيراني.
كما قد يكون إشارة إلى وصول ضربات إسرائيلية سابقة إلى أهداف داخل الأراضي الإيرانية، مما يرسل رسالة مفادها أن الأجواء الإيرانية "لم تعد محرمة" على العمليات الإسرائيلية. وهذه التفسيرات تعزز فكرة أن التصريح يهدف إلى إظهار قدرة إسرائيل على الوصول إلى عمق الأراضي الإيرانية، حتى لو لم يكن ذلك يعني سيطرة جوية شاملة.
الحرب النفسية
ويتجلى البعد الأهم لتصريح نتنياهو في كونه جزءاً من حرب نفسية مكثفة، حيث يهدف التصريح بالدرجة الأولى إلى محاولة إذلال العدو من خلال إظهار اختراق رمزي لسيادة إيران وقدرتها على حماية مجالها الجوي، كما يسعى إلى طمأنة الجمهور الإسرائيلي بأن الرد الإيراني -إن وجد- لم يؤثر على التفوق الأمني الإسرائيلي، وأن إسرائيل لا تزال هي الطرف الذي يمتلك زمام المبادرة. علاوة على ذلك، يهدف هذا التصريح إلى تخويف دول الجوار من قدرة إسرائيل على الوصول إلى أي عاصمة في المنطقة، مما يعزز من قوة الردع الإسرائيلية في المنطقة.
الهجوم الأخير -كما أوضح نتنياهو- استهدف ليس فقط الرادارات ومنشآت عسكرية، بل أيضًا مبنى الإذاعة والتلفزيون الإيراني الرسمي. وهذه الضربة تتعدى الأهمية التكتيكية، فهي تمسّ البنية النفسية والسيادية للنظام. فإسرائيل هنا لا توجه فقط رسالة تفوّق، بل تقول لإيران "بإمكاننا أن نخترق صورتكم أمام جمهوركم، ونصيبكم في عمقكم المعنوي".
ويؤكد الهجوم المنهجي على "الأهداف النووية" -كما ورد في التصريح- أن إسرائيل لا تنتظر اتفاقًا أو ضوءًا أخضر من واشنطن، بل تتحرك وفق ما تعتبره نقطة اللاعودة، فالبرنامج النووي الإيراني بنظر تل أبيب، لم يعد يمكن احتواؤه عبر التفاوض، بل يجب تفكيكه ميدانيًا.
رسائل متعددة.. لواشنطن والعالم وطهران
يحمل تصريح نتنياهو رسائل متعددة الأوجه موجهة إلى أطراف مختلفة. فهو يبعث برسالة واضحة إلى واشنطن وحلفائها الغربيين مفادها أن إسرائيل لا تزال تمتلك المبادرة وتفرض قواعد اللعبة في المنطقة، وأنها قادرة على التحرك بفاعلية دون الحاجة إلى موافقة مسبقة. وفي الوقت نفسه، يسعى إلى إحراج طهران أمام حلفائها وجمهورها الداخلي عبر القول "ها نحن فوق طهران، ولم تُسقطنا لا منظوماتكم الدفاعية ولا ردودكم الصاروخية". وهذه الرسائل تعزز من صورة إسرائيل كقوة إقليمية قادرة على تحدي خصومها والوصول إلى أعمق نقاطهم الحساسة.
وعلى الرغم من قوة هذا التصريح من الناحية الرمزية والحرب النفسية، فإنه لا توجد مؤشرات حقيقية على سيطرة جوية فعلية لإسرائيل فوق طهران. فإيران لا تزال تمتلك منظومات دفاع جوي فاعلة، ولم تظهر دلائل على انهيار أمني شامل في أجوائها. ومع ذلك، لا يمكن إغفال حقيقة أن الاختراقات الأمنية المتكررة التي تعرضت لها إيران، سواء أكانت عبر طائرات بدون طيار أو هجمات سيبرانية أو اغتيالات لشخصيات بارزة، تشير إلى وجود هشاشة معينة في الطبقات الأمنية الإيرانية. وهذه الثغرات وإن لم ترقَ إلى "السيطرة الجوية"، فإنها تعطي نتنياهو مساحة لتوظيفها في خطابه الاستفزازي.
خطاب الهيبة والردع
في الختام، يمكن فهم تصريح نتنياهو بأنه "يسيطر على أجواء العاصمة الإيرانية طهران" بشكل أساسي كجزء من حرب معنوية ونفسية، ورسالة ردعية أكثر منه إعلاناً عن "سيطرة جوية" بالمعنى العسكري المباشر. إنه جزء لا يتجزأ من خطاب الهيبة الذي تسعى إسرائيل لترسيخه، والمصمَّم لرفع المعنويات الداخلية، وتأكيد الردع الإسرائيلي، واستفزاز إيران لدفعها نحو ارتكاب أخطاء محتملة في التصعيد. هذا التصريح -بغض النظر عن مدى صحته العسكرية- يعكس ديناميكية الصراع المستمر بين الطرفين في فضاءات متعددة، من أرض الواقع إلى الفضاء السيبراني والنفسي.
ومن أكثر ما يلفت الانتباه في تصريح نتنياهو، حديثه المباشر عن احتمال سقوط النظام الإيراني "نتيجة للحرب". ولعل هذا التحوّل في الخطاب السياسي الإسرائيلي يُنهي سنوات من التفريق بين النظام الإيراني وسلوك إيران الإقليمي، ويضعهما في سلة واحدة: العدو.
إن القول بأن النظام في طهران "ضعيف"، وأن إسرائيل "في طريقها إلى النصر"، لا يُقرأ فقط كتحدٍ، بل كمقدمة لتوسيع بنك الأهداف إلى ما يتجاوز المنشآت النووية، وربما نحو مفاصل الدولة المركزية ومراكز القيادة والسيطرة.
خطاب نصر مبكر.. أين ترامب؟
بتصريح أمس، فإن نتنياهو يصل إلى قمة جديدة في نشوته الحربية، فقد اعتاد مؤخرا من العدوان على غزة قبل نحو عامين أن يتحدث عن تغيير الشرق الأوسط، لكن هذا التصريح أخذ منحى دراماتيكيا خصوصا أنه يطلقه تحت وابل من الرصاص ضد طهران، وكأنه خطاب نصر مبكر. وهذا يطرح سؤالا مهما في البعد الإستراتيجي: إذا كان نتنياهو يسعى إلى تغيير شرق أوسط بُني بهذه التحالفات عقب الحرب العالمية الثانية على الأقل، فأين الإدارة الأميركية من كل ما يجري وهي التي توصف بأنها زعيمة العالم؟ هل يفعل رئيس الوزراء الإسرائيلي كل ما في خاطره دون علم وموافقة البيت الأبيض؟
كل المؤشرات توضح أن تصريح نتنياهو عن "السيطرة على أجواء طهران" لم يأت من فراغ، بل يندرج ضمن سياق أوسع من التنسيق الإستراتيجي -وإن كان غير معلن- بين إسرائيل والولايات المتحدة خلال فترة إدارة الرئيس دونالد ترامب. هذا التفاهم العميق بين ترامب ونتنياهو -والذي يمكن وصفه بـ"حرب الشريكين"- شكّل محوراً رئيسياً في سياسة البلدين تجاه إيران، متجاوزاً في كثير من الأحيان الخطابات الدبلوماسية الرسمية.
تفاهم إستراتيجي وغطاء أميركي
وقبل الحديث عن مجريات الشريكين اليوم، لعله من المفيد تذكر سياق علاقة ترامب بالنظام الإيراني في فترته الرئاسية الأولى، فالرئيس الأميركي كان قد رسم خطًا عدائيًا واضحًا تجاه إيران، حيث انسحب من الاتفاق النووي ، وفرض أقسى العقوبات، ثم اغتال قاسم سليماني قائد فيلق القدس. لكن ترامب حينها لم يخُض حربًا شاملة، بل أبقى الضغط في المستوى الاقتصادي والسياسي والسيبراني.
وفي العودة إلى اللحظة الراهنة، أشارت العديد من التحليلات، ومنها ما صدر عن معهد هدسون (Hudson Institute)، إلى وجود موجة تنسيق غير معلنة بين ترامب ونتنياهو. فبحسب هذه التحليلات، كان ترامب مصمماً على عدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، وهو ما أدركه نتنياهو تماماً، مما منحه الثقة للمضي قدماً في خطوات جريئة. وهذا التفاهم الإستراتيجي يعني أن ترامب رأى في إسرائيل أداة تنفيذية فعالة لإحباط الطموحات النووية الإيرانية، بينما تحرك نتنياهو بثقة تامة مدعوماً بغطاء ضمني من واشنطن. لم يكن هذا الغطاء مجرد دعم سياسي، بل امتد ليشمل البعد الاستخباراتي والتكتيكي.
ومن جهة أخرى أكدت تقارير إعلامية مرموقة، مثل تلك التي نشرتها مجلة تايم، أن الولايات المتحدة كانت على دراية مسبقة بالعديد من العمليات الإسرائيلية. ورغم نفي المسؤولين الأميركيين لأي تورط مباشر، فإنهم أقروا بإبلاغهم المسبق، مما يعزز فرضية أن هذه الضربات كانت تتم وفق تنسيق أو إشعار مسبق. وفي المقابل، لم يكن هذا التنسيق خالياً من التباينات الداخلية داخل الإدارة الأميركية نفسها. فتقرير واشنطن بوست سلّط الضوء على الانقسام الداخلي، حيث كانت هناك أصوات تدعو إلى الدبلوماسية، بينما دعم ترامب -رغم هذه التحفظات- النهج الأكثر عدوانية الذي تبناه نتنياهو، وهو ما يشير إلى وعي عملياتي أميركي ضمني يترجم إلى تنسيق مستتر.
ضوء أخضر تكتيكي ومساحة للمناورة
تشير الدلائل إلى أن ترامب منح نتنياهو "ضوءاً أخضر" تكتيكياً للتحرك ضد إيران. فقد نقل موقع أكسيوس الأميركي أن ترامب أبلغ نتنياهو بأن الإيرانيين "عنيدون"، لكنه لم يمنع العمليات الإسرائيلية. وهذا يعني أن الأسلحة الأميركية لم تشترط الضربات، لكن واشنطن لم تعترض عليها، مما منح إسرائيل هامشاً محدوداً للتحرك والتنفيذ، وعند هذه المرحلة لم يكن المطلوب تدخلا أميركيا مباشرا، بل غطاء سياسي واستخباراتي يسمح لإسرائيل بتنفيذ هجماتها بنفسها.
ولم تكد تمضِ ساعات قليلة على خطاب نتنياهو حتى خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتحذير صادم، قال فيه بوضوح "على سكان طهران إخلاء العاصمة فورًا".
هذا التصريح الطارئ، الذي بدا وكأنه إنذار، يعكس من جهة حالة التنسيق القصوى بين تل أبيب وواشنطن في لحظة حرجة، ويشير من جهة أخرى إلى أن البيت الأبيض ليس بعيدًا عن مسرح العمليات رغم تأكيداته السابقة بعدم المشاركة المباشرة في الحرب ما لم يُستهدف الأميركيون. وقد تعزز ذلك بتصريح الرئيس ترامب حين صرح لاحقا أنه غادر قمة مجموعة السبع وعاد إلى واشنطن كي يتابع الأمور عن كثب وليس عبر الهاتف.
وفي تطور لافت اليوم الثلاثاء، خرج الرئيس الأميركي بتصريح ناري جديد، قال فيه بوضوح إن "البرنامج النووي الإيراني سيتم القضاء عليه بالكامل".
ويُعدّ هذا التصريح انعطافة صريحة من خطاب الردع إلى خطاب الحسم، ويُشير إلى أن إدارة ترامب لم تعد ترى في البرنامج النووي خطرًا محتملاً فحسب، بل مشروعًا ينبغي استئصاله جذريًا. وهو ما يعكس تماهياً كاملاً مع العقيدة الأمنية التي تتبناها إسرائيل تجاه إيران. فقد تحوّل ترامب في خطابه من اللهجة التحذيرية إلى ما يشبه الإقرار المسبق بعملية تدمير مبرمجة. ولا يبدو أن هذا التصريح معزول عن الهجمات الأخيرة، بل يتكامل معها كرؤية أميركية إسرائيلية موحّدة، ترى أن التفاوض لم يعد خيارًا مجديًا، وأن ما تبقّى هو فرض الوقائع بالقوة.
"حرب الشريكين" واقع إستراتيجي
في المحصلة، يتجاوز التفاهم الأميركي الإسرائيلي الخطابات الرسمية ليشكل نمطاً من الرقابة والتوجيه غير الرسمي. فقد قدمت إدارة ترامب غطاءً استخباراتياً وسياسياً، بينما نفذت إسرائيل الهجمات بشكل مباشر لتجنب أي تدخل أميركي علني ومباشر. هذا النمط يعزز بقوة فرضية أن مصطلح "حرب الشريكين" ليس مجرد توصيف بلاغي، بل هو واقع إستراتيجي مبني على تنسيق ضمني محكم وتوقيت محسوب بدقة. وهذه الديناميكية سمحت لنتنياهو بالتصريح بعبارات جريئة مثل "السيطرة على أجواء طهران"، مدعوماً بحقيقة أنه كان يتحرك ضمن إطار تفاهم واسع مع أقوى حلفائه.
خلاصة القول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يطلق تصريحاته النارية بشأن تغيير الأنظمة وتغيير وجه الشرق الأوسط، لأنه يضمن تأمين الدعم الدولي، ومنع أي تحرك في مجلس الأمن ضد إسرائيل.
إن نتنياهو يبدو وكأنه المقاول العسكري للّحظة التاريخية، فهو يعمل مدفوعًا بهوسه الطويل بضرب المنشآت النووية الإيرانية قبل أن تكتمل. وهو لا يطلب تفويضًا علنيًا من أميركا، بل يتحرك تحت سقفها، ضامنًا أن ترامب سيحميه سياسيًا ويمنع ردود الفعل الدولية الحادة.
وفي ختام هذا المشهد الملتبس، يظهر نتنياهو كما لو أنه يطلّ على طهران من شرفة النصر، مدفوعًا بنشوة القوة وتواطؤ اللحظة. لكنّ التصريحات التي يطلقها عن "تغيير الشرق الأوسط" و"إسقاط النظام الإيراني" ليست مجرد بلاغة حرب، بل تعبير عن لحظة يشعر فيها أن الكفة تميل لصالحه، وأن العالم -أو على الأقل البيت الأبيض- لن يوقفه. غير أن التاريخ في هذه المنطقة لا يميل طويلاً لأحد، وما يبدو طريقًا ممهدًا اليوم، قد يكون مجرد فخّ إستراتيجي مفتوح على كل الاحتمالات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 33 دقائق
- الجزيرة
20 دولة عربية ومسلمة تدعو لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية
دعت 20 دولة عربية وإسلامية أمس الاثنين إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، معتبرة أن التصعيد الراهن بين إسرائيل وإيران "ينذر بعواقب جسيمة على أمن واستقرار المنطقة". وجاءت هذه الدعوة في بيان مشترك صدر بمبادرة من مصر عقب مشاورات مكثفة أجراها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظرائه من الدول الموقعة التالية: وأكد البيان على "ضرورة احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، ورفض أي خرق للقانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة"، مشيرا إلى أن الهجمات الإسرائيلية على إيران منذ فجر 13 يونيو/حزيران الجاري تمثل تصعيدا خطيرا وغير مسبوق. كذلك، شدد البيان العربي الإسلامي المشترك على ضرورة عدم استهداف المنشآت النووية الخاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، محذرا من أن ذلك "يمثل خرقا سافرا للقانون الدولي والإنساني" وفق اتفاقية جنيف لعام 1949. ودعا الموقعون إلى عودة عاجلة لمسار المفاوضات كسبيل وحيد للتوصل إلى اتفاق مستدام حول برنامج إيران النووي، كما أكدوا على ضرورة التزام كافة دول المنطقة بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وحذر البيان من تقويض أمن الملاحة الدولية، مؤكدا أهمية احترام حرية الملاحة في الممرات الدولية في ظل تزايد التوتر في الخليج ومضيق هرمز. كما دعت الدول إلى اعتماد الحوار والدبلوماسية سبيلا لحل الأزمات، مشددة على أن الحلول العسكرية لا يمكن أن تُنهي الأزمة الراهنة. دعوات دولية للعودة للمفاوضات وفي السياق ذاته، حض وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا طهران على العودة "بأسرع ما يمكن ومن دون شروط مسبقة" إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي، محذرين من أي "هروب إلى الأمام" أو تصعيد يتعارض مع مصالح الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن الوزراء الثلاثة أبلغوا إسرائيل بضرورة "عدم استهداف المدنيين أو البنى التحتية الحيوية" بغاراتها. وكان من المقرر عقد جولة مفاوضات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة في عمان الأسبوع الماضي لكنها أُلغيت بسبب الهجوم الإسرائيلي. واعتبر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن "العدوان الإسرائيلي هو ضربة للدبلوماسية". وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن تنفيذ اغتيالات استهدفت 9 علماء وخبراء بارزين في البرنامج النووي الإيراني، مؤكدا أن الضربة "ألحقت ضررا كبيرا بقدرة إيران على امتلاك أسلحة دمار شامل". وأسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل ما لا يقل عن 224 شخصا وإصابة أكثر من ألف آخرين، بحسب وزارة الصحة الإيرانية، في حين أدت الردود الصاروخية الإيرانية على إسرائيل إلى مقتل 24 شخصا، وفق مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.


الجزيرة
منذ 33 دقائق
- الجزيرة
ماذا قال هاكابي لترامب لتشجيعه على ضرب إيران؟
نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، اليوم الثلاثاء، رسالة وصلته من سفيره بإسرائيل مايك هاكابي ، بدا فيها أنه يحثه على الاشتراك مع إسرائيل في حربها على إيران. وقال ترامب -عبر منصته تروث سوشيال- إن هذه الرسالة "من مايك هاكابي، قسيس، وسياسي، وسفير، وشخص رائع"، مرفقا صورة من الرسالة التي يبدو أنه تلقاها عبر الهاتف. ويقول هاكابي في رسالته "السيد الرئيس، لقد نجاك الله (من محاولة الاغتيال) في بتلر، بنسلفانيا، لتكون أكثر رئيس تأثيرا خلال قرن، وربما في التاريخ كله. القرارات التي تقع على عاتقك لا أود أن يتخذها أي شخص آخر". وأضاف "هناك أصوات عديدة تتحدث إليك يا سيدي، لكن هناك صوت واحد فقط يهم: صوته هو (الله)". وتابع السفير الأميركي قائلا "لم يكن هناك رئيس في حياتي في وضع مماثل لوضعك. ليس منذ (هاري) ترومان عام 1945. أنا لا أتواصل لأقنعك، بل لأشجعك فقط". أؤمن أنك ستسمع صوتا من السماء، وذلك الصوت أهم بكثير من صوتي أو صوت أي أحد آخر". وختم رسالته بالقول "أنت لم تسعَ إلى هذه اللحظة.. هذه اللحظة هي التي سعت إليك!". وتشن إسرائيل حربا على إيران منذ يوم الجمعة الماضي، حيث استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية، واغتالت قادة عسكريين كبارا -بينهم قائد الحرس الثوري ورئيس هيئة الأركان- وعلماء نوويين بارزين، وردّت إيران بسلسلة من الهجمات الصاروخية التي خلفت دمارا غير مسبوق في عدة مدن إسرائيلية. وقد شدد ترامب مرارا على أن الولايات المتحدة لا تشارك حاليا في مهاجمة إيران، لكنه كتب أمس عبر تروث سوشيال أن "على الجميع إخلاء طهران فورا!". وأكد لاحقا أنه يتوقع "رضوخا كاملا" من جانب إيران، و"نهاية حقيقية" للنزاع، وليس مجرد وقف إطلاق النار.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
كاتبة بريطانية: إسرائيل دمرت سمعتها بغزة وتحاول ترميمها عبر حرب إيران
فقدت إسرائيل مصداقيتها الدولية بسبب جرائمها في غزة ، وتسعى الآن إلى استعادة تعاطف الغرب وتسويق نفسها كضحية مرة أخرى عبر التصعيد ضد إيران، وفق مقال نشرته صحيفة غارديان. وقالت كاتبة العمود بالصحيفة نسرين مالك إن الدعم الغربي لإسرائيل كان قائما على افتراض أن قادتها لا يشنّون الحروب إلا بدافع حماية المواطنين الإسرائيليين، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو"خرق هذه الثقة" باستخدامه الحرب لـ"تعزيز شعبيته السياسية". وأوضحت نسرين مالك أن الضغط الشعبي المتصاعد في الغرب ضد حرب غزة كان قد بدأ يؤتي ثماره، مما دفع إسرائيل إلى فتح جبهة جديدة في محاولة لاستعادة دعم حلفائها وثقة شعوبهم بها. وذكرت الكاتبة أن الحرب الجديدة صرفت انتباه الإعلام الغربي عن المجاعة في غزة، وعن قتل إسرائيل الفلسطينيين عند مراكز المساعدات، مما أدى لتراجع الضغط الدولي على إسرائيل، ليحل محله الخطاب الفارغ المألوف منذ بدايات الحرب حول "ضبط النفس" دون أي إجراءات حقيقية. ولفت المقال إلى أن إسرائيل استندت في هجمتها الاستباقية إلى "دروس من حرب أميركا على العراق"، مؤكدة أن الهجوم على إيران كان ضروريا للتعامل مع تهديد حقيقي ومباشر. وتساءلت الكاتبة عن مدى صحة حجم التهديد النووي الإيراني الذي قدمته إسرائيل للعالم، مشيرة إلى ازدواجية معايير الغرب الذي يدين برنامج إيران النووي وانسحابها من معاهدة حظر الانتشار النووي ، ويتجاهل حقيقة أن إسرائيل لم توقع حتى على المعاهدة. زعزعة استقرار المنطقة وترى الكاتبة أن الحرب على غزة فضحت وهم حيادية إسرائيل وأخلاقياتها، ولكن مع دخول إيران وحلفائها -مثل حزب الله اللبناني وجماعة الحوثيين – إلى الحرب، شعرت إسرائيل بأن لديها الحرية المطلقة لفعل ما تريد دون محاسبة. وأكدت نسرين مالك أن إسرائيل تخوص حربين، إحداهما على الأرض والأخرى دعائية، بهدف تقويض شرعية إيران وتفكيك قوتها. وأضافت أن حكومة نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية – زعزعت الاستقرار الإقليمي الهش في المنطقة، وفرضت واقعا جديدا لا يمكن تبريره ولا السيطرة عليه. وأشار المقال إلى أن الحرب وضعت دول الخليج في موقف حرج، إذ تربط بعض الدول علاقات براغماتية مع إيران بهدف تحقيق نوع من الاستقرار الإقليمي، بينما يوالي بعضها الآخر إسرائيل، وأصبحت هذه الدول الآن عالقة بين طرفين، ثالثهما الولايات المتحدة، مما يزيد من تعقيد السلام الإقليمي المصطنع. وخلص المقال إلى أن إسرائيل "تعامل الشرق الأوسط كملعب لتطبيق أجندتها السياسية وتجاربها الأمنية"، متجاهلة أن هذه المنطقة "ليست حديقتها الخلفية"، بل هي وطن لشعوب أخرى لها سياساتها وتاريخها وسكانها واحتياجاتها الأمنية، التي باتت -بشكل متزايد- خاضعة لدولة قررت أن مصالحها هي الوحيدة التي تهم.