
التجربة التي لا ينساها المريض
في رأيي هذه التجربة ليست استثناءً، بل واحدة من تجارب كثيرة يعاني منها كثير من المرضى وعائلاتهم. تجربة المريض لا تقتصر على تلقي العلاج فقط، بل تشمل كل ما يمر به المريض من لحظة تخطيطه للذهاب إلى المركز الطبي وحتى مغادرته، بدءًا من سهولة وطريقة الوصول للمركز وحجز الموعد والاستقبال، مرورًا بأسلوب التواصل وانتهاءً بمدى شعوره بالاحترام والتقدير كإنسان.
لم يكن مفهوم تجربة المريض حاضرًا دائمًا في أنظمة الرعاية الصحية كما نعرفه اليوم. ظهر الاهتمام المنهجي به في التسعينيات الميلادية مع تزايد التركيز العالمي على جودة الرعاية الصحية، خاصة بعد تقارير مهمة مثل تقرير To Err is Human الصادر عن معهد الطب الأمريكي. «تجربة المريض» علم وممارسة تتكامل فيها عدة محاور أساسية تضمن السهولة في الحصول والوصول للخدمة والتواصل الفعال والشراكة في القرار والدعم المستمر والمتابعة بعد تلقي الخدمة. اليوم هناك أقسام متخصصة في المنشآت الطبية تحمل اسم «إدارة تجربة المريض»، تعمل على تصميم رحلته بأدق تفاصيلها، وتستخدم أدوات لقياس جودة التجربة كاستطلاعات رضا المرضى، وتحليل الشكاوى وحتى مراقبة تعبيرات الوجه والانفعالات لتحسين كل نقطة تفاعل في رحلة المريض. في كثير من الدول بما فيها السعودية أصبحت تجربة المريض مرتبطة بشكل مباشر بتقييم أداء المنشآت الصحية وتصنيفها، وكذلك حصولها على الاعتمادات المرموقة.
الاهتمام بتجربة المريض ليس ترفًا أو خيارًا ثانويًا، بل عنصر أساسي في تقديم رعاية صحية متكاملة. الدراسات أثبتت أن المرضى الذين يشعرون بأن آراءهم مسموعة والذين يتم إشراكهم في وضع خطة علاجهم، يكون التزامهم بخطط العلاج أفضل ونسب تعافيهم أعلى، بل إن تحسين تجربة المريض تسهم في تقليل الأخطاء الطبية المرتبطة غالبًا بسوء التواصل، والتي تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن 70 % منها يعود أصلها إلى ضعف التواصل مع المرضى.
ومن زاوية أخرى يحمل تحسين تجربة المريض أثرًا اقتصاديًا واضحًا، فقد أظهرت الدراسات أن المستشفيات التي تحقق معدلات رضا مرتفعة بين مرضاها، تنخفض لديها نسب إعادة التنويم خلال 30 يومًا بنسبة تصل إلى 40 %، ما يعني توفيرًا كبيرًا في التكاليف الصحية وتحسينًا في كفاءة النظام الصحي ككل. وحتى من منظور الربح والخسارة، تجربة سيئة كفيلة بأن تدفع المريض للبحث عن بدائل وعدم العودة.
لا يتعلق الأمر بمجرد أرقام أو مؤشرات، بل بجوهر إنساني عميق، المريض لا يبحث فقط عن دواء، بل عمن يسمعه، من يطمئنه، من يشعره أنه إنسان له كرامة، وليس مجرد حالة تدرج في ملف طبي. أكثر من 90% من المرضى وفق استطلاعات حديثة يفضلون البقاء في مستشفى يشعرون فيه بالتقدير والوضوح، حتى لو كانت جودة الخدمة الطبية متشابهة مع مكان آخر.
من أجل ذلك أعتقد أن علينا وكما ندفع اليوم للاستثمار في الرقمنة والذكاء الاصطناعي، يجب ألا نغفل عن الاستثمار في تدريب وتطوير الأطباء والممرضين ومن يتعامل مباشرة مع المرضى وعائلاتهم، على مهارات التواصل الإنساني، وتبسيط المعلومات الطبية للمرضى، وتهيئة بيئة المرافق الطبية لتكون أكثر راحة واحترامًا لكرامة الإنسان، ويجب أن نستخدم التقنية لتحسين التجربة الإنسانية لا لتحويلها إلى تجربة آلية خالية من المشاعر.
في النهاية علينا إدراك أن تجربة المريض ليست مجرد إضافة تجميلية للرعاية الصحية، بل هي قلبها الحقيقي. إنها ما يجعل من رحلة العلاج فرصة للشفاء الجسدي والنفسي معًا، وما يحول المؤسسات الصحية إلى أماكن للأمل والثقة، يشعر فيها المريض مهما كانت حالته بأنه «إنسان قبل كل شيء».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة رواد الأعمال
منذ 7 ساعات
- مجلة رواد الأعمال
دور الصحة النفسية في زيادة إنتاجية الموظفين
تعد العلاقة بين الصحة النفسية وإنتاجية مكان العمل أمرًا بالغ الأهمية ولكن غالبًا ما يتم التغاضي عنه. يؤثر شعور الموظفين بشكل مباشر على أدائهم ومشاركتهم في العمل. إن فهم هذا الرابط ضروري لخلق أماكن عمل مزدهرة وناجحة. تأثير الصحة النفسية على الإنتاجية الارتباط بين الصحة النفسية وإنتاجية مكان العمل لا يمكن إنكاره. فكر في هذا: وجدت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية أن اضطرابات الاكتئاب والقلق تكلف الاقتصاد العالمي ما يقدر بـ 1 تريليون دولار من الإنتاجية المفقودة كل عام. عندما يعاني الموظفون من مشاكل الصحة النفسية، فإن قدرتهم على التركيز واتخاذ القرارات والأداء بأفضل ما لديهم تتعرض للخطر. وفقا لما ذكره'fitonhealth'. يمكن أن تسهم عدة عوامل في تدهور الصحة النفسية في مكان العمل، بما في ذلك: عبء العمل والضغط: يمكن أن تؤدي أعباء العمل المفرطة والمواعيد النهائية الضيقة وبيئات الضغط العالي إلى التوتر والقلق والإرهاق. يمكن أن تؤدي أعباء العمل المفرطة والمواعيد النهائية الضيقة وبيئات الضغط العالي إلى التوتر والقلق والإرهاق. نقص الدعم: عدم كفاية الدعم من المديرين أو الزملاء، وكذلك الشعور بالعزلة أو عدم التقدير، يمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة النفسية. عدم كفاية الدعم من المديرين أو الزملاء، وكذلك الشعور بالعزلة أو عدم التقدير، يمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة النفسية. التوقعات غير الواضحة: يمكن أن تؤدي الأدوار الوظيفية غير الواضحة، والأهداف الغامضة، أو التغييرات المتكررة في المسؤوليات إلى الارتباك وزيادة مستويات التوتر. يمكن أن تؤدي الأدوار الوظيفية غير الواضحة، والأهداف الغامضة، أو التغييرات المتكررة في المسؤوليات إلى الارتباك وزيادة مستويات التوتر. عدم التوازن بين العمل والحياة: يمكن أن يؤدي صعوبة الموازنة بين مسؤوليات العمل والالتزامات الشخصية إلى الشعور بالإرهاق والإجهاد. يمكن أن يؤدي صعوبة الموازنة بين مسؤوليات العمل والالتزامات الشخصية إلى الشعور بالإرهاق والإجهاد. الأمن الوظيفي: يمكن أن تسبب المخاوف بشأن الاستقرار الوظيفي أو التسريح أو إعادة الهيكلة القلق وتؤثر على الصحة النفسية. يمكن أن تسبب المخاوف بشأن الاستقرار الوظيفي أو التسريح أو إعادة الهيكلة القلق وتؤثر على الصحة النفسية. التنمر أو التحرش: يمكن أن يؤثر التنمر في مكان العمل أو التحرش أو التمييز أو بيئات العمل السامة سلبًا على الصحة النفسية. يمكن أن يؤثر التنمر في مكان العمل أو التحرش أو التمييز أو بيئات العمل السامة سلبًا على الصحة النفسية. ضعف التواصل: يمكن أن يساهم نقص التواصل أو النزاعات مع الزملاء أو ممارسات الإدارة غير الفعالة في الشعور بالإحباط وعدم الرضا. يمكن أن يساهم نقص التواصل أو النزاعات مع الزملاء أو ممارسات الإدارة غير الفعالة في الشعور بالإحباط وعدم الرضا. نقص الاستقلالية: يمكن أن يؤدي الإدارة الدقيقة أو نقص الاستقلالية في اتخاذ القرارات إلى الشعور بالعجز وانخفاض الدافع. يمكن أن يؤدي الإدارة الدقيقة أو نقص الاستقلالية في اتخاذ القرارات إلى الشعور بالعجز وانخفاض الدافع. بيئة العمل المادية: يمكن أن تؤثر ظروف العمل غير المريحة أو غير الآمنة، مثل الضوضاء أو الإضاءة السيئة أو المرافق غير الكافية، سلبًا على الصحة النفسية. يمكن أن تؤثر ظروف العمل غير المريحة أو غير الآمنة، مثل الضوضاء أو الإضاءة السيئة أو المرافق غير الكافية، سلبًا على الصحة النفسية. الدور الوظيفي: يمكن أن تزيد بعض الأدوار الوظيفية، مثل تلك التي تتطلب مستويات عالية من الجهد العاطفي أو التعرض لأحداث صادمة، من خطر تدهور الصحة النفسية. إن معالجة هذه العوامل وخلق بيئة عمل داعمة تعطي الأولوية للصحة النفسية أمر بالغ الأهمية لتعزيز ثقافة عمل إيجابية ومنتجة. تأثير الصحة النفسية على ديناميكيات الفريق بالإضافة إلى الأداء الفردي، يمكن أن تؤثر الصحة النفسية أيضًا على ديناميكيات الفريق. يمكن أن تؤدي مستويات التوتر العالية واحتياجات الصحة النفسية المهملة في بيئة العمل إلى معاناة في العلاقات الشخصية. يمكن أن تصبح انهيارات الاتصال والنزاعات وتناقص التعاون من الأمور الشائعة. مما يعيق قدرة الفريق على العمل بتماسك لتحقيق الأهداف المشتركة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي العبء العاطفي لمشاكل الصحة النفسية غير المعالجة إلى زيادة معدلات دوران الموظفين حيث يبحث الموظفون عن بيئة عمل تعطي الأولوية لرفاهيتهم. لا يؤدي هذا الدوران إلى تعطيل سير العمل فحسب، بل يتكبد أيضًا تكاليف كبيرة للتوظيف والتأهيل والتدريب. 5 نصائح لأصحاب العمل لدعم الرفاهية النفسية تعزيز التواصل المفتوح: قم بإنشاء ثقافة يشعر فيها الموظفون بالأمان والتشجيع لمناقشة مخاوفهم المتعلقة بالصحة النفسية دون خوف من وصمة العار أو العواقب. يمكن أن يسهل تنفيذ فحوصات منتظمة وتوفير الوصول إلى الموارد السرية، مثل برامج مساعدة الموظفين (EAPs)، التواصل المفتوح. قم بإنشاء ثقافة يشعر فيها الموظفون بالأمان والتشجيع لمناقشة مخاوفهم المتعلقة بالصحة النفسية دون خوف من وصمة العار أو العواقب. يمكن أن يسهل تنفيذ فحوصات منتظمة وتوفير الوصول إلى الموارد السرية، مثل برامج مساعدة الموظفين (EAPs)، التواصل المفتوح. تقديم موارد الصحة النفسية: توفير الوصول إلى موارد الصحة النفسية وخدمات الدعم، بما في ذلك الاستشارة والعلاج وبرامج اليقظة الذهنية. إن الاستثمار في مبادرات رفاهية الموظفين. مثل حلول الصحة والعافية الشاملة، لا يظهر الالتزام بصحتهم فحسب، بل يعزز أيضًا ثقافة مكان العمل الداعمة. توفير الوصول إلى موارد الصحة النفسية وخدمات الدعم، بما في ذلك الاستشارة والعلاج وبرامج اليقظة الذهنية. إن الاستثمار في مبادرات رفاهية الموظفين. مثل حلول الصحة والعافية الشاملة، لا يظهر الالتزام بصحتهم فحسب، بل يعزز أيضًا ثقافة مكان العمل الداعمة. تشجيع التوازن بين العمل والحياة: شجع الموظفين على الحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة من خلال وضع حدود واضحة حول ساعات العمل والتوقعات. شجع فترات الراحة المنتظمة والإجازات والوقت الحر لإعادة الشحن ومنع الإرهاق. شجع الموظفين على الحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة من خلال وضع حدود واضحة حول ساعات العمل والتوقعات. شجع فترات الراحة المنتظمة والإجازات والوقت الحر لإعادة الشحن ومنع الإرهاق. توفير التدريب والتثقيف: تزويد المديرين والموظفين بالتدريب على التعرف على علامات مشاكل الصحة النفسية وكيفية دعم الزملاء المحتاجين. من خلال زيادة الوعي وتقليل وصمة العار، من المرجح أن يطلب الموظفون المساعدة عند الحاجة. تزويد المديرين والموظفين بالتدريب على التعرف على علامات مشاكل الصحة النفسية وكيفية دعم الزملاء المحتاجين. من خلال زيادة الوعي وتقليل وصمة العار، من المرجح أن يطلب الموظفون المساعدة عند الحاجة. القيادة بالقدوة: تلعب القيادة دورًا حاسمًا في تشكيل الثقافة التنظيمية. يجب على القادة إعطاء الأولوية لرفاهيتهم النفسية ومناقشة أهمية الصحة النفسية علانية مع فرقهم. من خلال القيادة بالقدوة، يضعون سابقة لإعطاء الأولوية للصحة النفسية في مكان العمل. قوة عاملة تتمتع بصحة نفسية هي قوة عاملة منتجة تستثمر FitOn Health في الصحة النفسية من خلال دورات التأمل الشخصية وخيارات التمارين التي يسهل الوصول إليها وتقنيات اليقظة الذهنية. من خلال إعطاء الأولوية للرفاهية النفسية. يمكن لأصحاب العمل التخفيف من المشكلات مثل انخفاض الإنتاجية والتغيب عن العمل وتكاليف الرعاية الصحية الباهظة المرتبطة بمشاكل الصحة النفسية غير المعالجة. يتحمل أصحاب العمل مسؤولية إنشاء بيئات تعطي الأولوية للرفاهية النفسية لموظفيهم. يمكن للمنظمات تحسين رفاهية الموظفين وتحقيق نجاح أكبر على المدى الطويل من خلال فهم كيفية تأثير الصحة النفسية على الإنتاجية. ففي النهاية، القوة العاملة التي تتمتع بصحة نفسية هي قوة عاملة منتجة.


الحدث
منذ يوم واحد
- الحدث
الأمن البشري ركيزة أساسية لتعزيز الأمن الوطني ..
الأمن البشري في قلب الأمن الوطني .. ففي عالم يواجه تحديات معقدة، من التغيرات المناخية إلى التهديدات السيبرانية والإرهاب، أصبح الأمن البشري عنصرًا لا يتجزأ من استراتيجيات الأمن الوطني. الأمن البشري الذي يركز على حماية الأفراد من التهديدات مثل الفقر، الأمراض، العنف، وانعدام الأمن الغذائي، ليس مجرد هدف إنساني بل ركيزة أساسية لضمان استقرار الدول وتماسكها الاجتماعي. هذا التقرير يسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين الأمن البشري والأمن الوطني، مع أمثلة واقعية وآراء حديثة من مناقشات عالمية .. ما هو الأمن البشري؟ ظهر مفهوم الأمن البشري لأول مرة في تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 1994، ويعرف بأنه حماية الأفراد من التهديدات التي تعيق حياتهم وكرامتهم ، يشمل الأمن البشري سبعة أبعاد رئيسية : الأمن الصحي، الغذائي، الاقتصادي، البيئي، الشخصي، المجتمعي، والسياسي، على عكس الأمن الوطني التقليدي الذي يركز على حماية الدولة من التهديدات العسكرية، يضع الأمن البشري الفرد في مركز الاهتمام .. ومع ذلك، فإن الأمن البشري لا ينفصل عن الأمن الوطني .. فالدول التي تعاني من الفقر المدقع، أو الأوبئة، أو الاضطرابات الاجتماعية، تصبح أكثر عرضة للتهديدات الداخلية والخارجية ، على سبيل المثال، تفاقم انعدام الأمن الغذائي في بعض الدول العربية أدى إلى اضطرابات اجتماعية، مما أثر على الاستقرار السياسي والأمن القومي .. الأمن البشري والأمن الوطني مترابطان بشكل وثيق، حيث يعزز كل منهما الآخر. إذا كانت الدولة قادرة على توفير بيئة آمنة ومستقرة لمواطنيها، فإن ذلك يقلل من مخاطر الاضطرابات الداخلية ويعزز قدرتها على مواجهة التهديدات الخارجية. فيما يلي أبرز النقاط التي توضح هذه العلاقة : 1. الاستقرار الاجتماعي والتماسك الوطني : - انعدام الأمن البشري، مثل الفقر أو البطالة، قد يؤدي إلى احتجاجات أو تمرد، مما يهدد الأمن الوطني، على سبيل المثال، شهدت بعض الدول العربية خلال "الربيع العربي" (2010-2011) اضطرابات ناتجة عن انعدام الأمن الاقتصادي والبشري، مما أثر على استقرارها .. - مناقشات حديثة على منصة X (حتى 17 يوليو 2025) أشارت إلى أن ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في مناطق معينة يزيد من مخاطر التطرف، مما يؤثر على الأمن القومي .. 2. الأمن الصحي والاستجابة للأوبئة : - جائحة كوفيد-19 أظهرت كيف يمكن أن يؤدي انعدام الأمن الصحي إلى تعطيل الاقتصادات والأمن الوطني. الدول التي استثمرت في أنظمة صحية قوية كانت أكثر قدرة على الحفاظ على استقرارها خلال الأزمة .. - تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية (2024) أكد أن تحسين الأمن الصحي يقلل من الضغط على الموارد الأمنية، مما يعزز قدرة الدول على مواجهة التهديدات الأخرى .. 3. الأمن البيئي وتغير المناخ : - التغيرات المناخية، مثل الجفاف وارتفاع مستوى سطح البحر، تهدد الأمن الغذائي والمائي، مما يؤدي إلى هجرة جماعية وصراعات داخلية. على سبيل المثال، أدى نقص المياه في بعض مناطق الشرق الأوسط إلى توترات اجتماعية وسياسية. - منشورات على منصة X أبرزت مخاوف من أن التغيرات المناخية قد تؤدي إلى "هجرة مناخية" تهدد استقرار الدول المجاورة .. 4. مكافحة التطرف والإرهاب : - انعدام الأمن البشري، مثل الفقر والتهميش، يوفر أرضية خصبة للتطرف. الدول التي تعزز التعليم والفرص الاقتصادية تقلل من مخاطر الإرهاب، مما يدعم الأمن الوطني .. - دراسة من مركز RAND (2024) أشارت إلى أن برامج التوعية المجتمعية قللت من التطرف في دول مثل الأردن وإندونيسيا .. تحديات ربط الأمن البشري بالأمن الوطني على الرغم من أهمية الأمن البشري، تواجه الدول تحديات في دمجه ضمن استراتيجيات الأمن الوطني: - التضليل الإعلامي: مناقشات على منصة X أشارت إلى أن حملات التضليل عبر الإنترنت قد تزيد من التوترات الاجتماعيةمما يعيق جهود تعزيز الأمن البشري .. تجارب ناجحة: كيف دعم الأمن البشري الأمن الوطني؟ - تجربة سنغافورة: استثمرت سنغافورة في التعليم، الرعاية الصحية، والإسكان، مما عزز التماسك الاجتماعي وقلل من الاضطرابات الداخلية، مما ساهم في استقرارها الأمني. - برامج الأمم المتحدة: دعمت الأمم المتحدة برامج الأمن الغذائي في دول مثل إثيوبيا، مما قلل من الصراعات المحلية وساهم في استقرار المنطقة. - المبادرات المحلية: في دول الخليج، أدت برامج تمكين الشباب وتوفير فرص العمل إلى تقليل مخاطر التطرف مما عزز الأمن الوطني. توصيات لتعزيز الأمن البشري 1. الاستثمار في التعليم والصحة: تخصيص ميزانيات لتحسين التعليم والرعاية الصحية. 2. مواجهة التغيرات المناخية: تطوير استراتيجيات للأمن البيئي، مثل إدارة الموارد المائية وتقليل الانبعاثات. 3. مكافحة التضليل: إطلاق حملات توعية عبر منصات مثل X لتثقيف المواطنين حول المخاطر الأمنية. 4. التعاون الدولي: العمل مع منظمات مثل الأمم المتحدة لدعم برامج الأمن البشري في الدول النامية. 5. تعزيز التماسك الاجتماعي: تشجيع الحوار بين الثقافات ودعم برامج الاجتماعية .. نحو أمن وطني شامل الأمن البشري ليس مجرد تكملة للأمن الوطني، بل جوهره. فالدول التي تستثمر في رفاهية مواطنيها، من خلال توفير الأمن الصحي، الغذائي، والبيئي، تبني أسسًا متينة للاستقرار الوطني. في ظل التحديات العالمية المتزايدة، يجب على صانعي السياسات دمج الأمن البشري في استراتيجياتهم الأمنية، مع الاستفادة من التكنولوجيا والتعاون الدولي لضمان مستقبل آمن ومستدام .


الوطن
منذ 2 أيام
- الوطن
ادعاءات الأغذية خالية من الحقيقة ومعززة بالخداع
في أحد الأيام بعد انتهاء ابنتي من أداء أحد امتحاناتها النهائية قررنا التوجه لأحد متاجر المواد الغذائية الكبرى لشراء بعض الاحتياجات المنزلية، وبينما كنت أتجول بين الأرفف، كانت ابنتي تبحث عن وجبة خفيفة تساعدها على الالتزام بنظام غذائي صحي كما وعدت والدتها. وبينما كانت تدير نظرها على الأرفف والعبوات الكثيرة لمحت منتجًا مكتوبًا على واجهته بخط عريض: «خالٍ من الدهون» و«معزز بالفيتامينات» بدت لها تلك العبارات واعدة للغاية بأنها وجدت ما تبحث عنه خاصة أن الكثير من حولها صديقاتها وقريباتها باتوا أكثر حرصًا على الصحة وخصوصًا فيما يتعلق بالتغذية. وضعت المنتج في عربة التسوق مقتنعةً أنها اختارت الأفضل. لم أعلق في البداية لكن عند وصولنا للمحاسب التفت للمكونات فوجدتها بعيدة كل البعد عن الغذاء الصحي، مع ذلك أتممت الشراء دون أن أظهر اعتراضًا وقلت في نفسي لعلها فرصة لمحادثة هادئة ومفيدة لتنبيهها على ضرورة الانتباه لبعض الخدع التسويقية التي تعطي انطباعًا خاطئًا بأن المنتج صحي وهو ربما يكون عكس ذلك تمامًا. ما لم تدركه ابنتي حينها هو أن المنتج يحتوي على أكثر من 20 جرامًا من السكر لكل حصة، أي ما يعادل خمس ملاعق صغيرة من السكر، والحقيقة أن خلوه من الدهون لم يجعله بالضرورة صحيًا، بل على العكس أضاف المصنعون كميات كبيرة من السكريات لتحسين الطعم وجذب المستهلكين. بحسب توصيات منظمة الصحة العالمية فإن الحد الأقصى من السكريات المضافة للبالغين هو حوالي 25 جرامًا فقط في اليوم، وهذا يعني أن وجبة واحدة من ذلك المنتج تكاد تغطي الكمية المسموح بها بأكملها. هذه الخدعة التسويقية ليست الوحيدة من نوعها إذا أمعنا النظر نجد مئات المنتجات على رفوف المتاجر تستغل وعي المستهلك بصحته لكنها تتلاعب بالعبارات القانونية المسموح بها. فمثلًا عندما نقرأ على عبوة عصير عبارة «لا يحتوي على سكر مضاف» نعتقد أننا أمام خيار صحي تمامًا، بينما تكون الحقيقة أن العصير بحد ذاته يحتوي على سكر طبيعي من الفاكهة يصل إلى 12 جرامًا للكوب الواحد أي ما يزيد من مستويات سكر الدم بالطريقة ذاتها التي يقوم بها المشروب الغازي التقليدي. وكذلك مصطلح «نكهة طبيعية» لا يعني بالضرورة أن المكون جاء من ثمرة طبيعية إذ يمكن أن يكون مركبًا داخل المختبر من عناصر طبيعية لكن بعد معالجة صناعية طويلة. في دراسة نشرت بدورية (Appetite) وجد أن أكثر من 60% من المستهلكين ينخدعون بادعاءات صحية مكتوبة على أغلفة المنتجات، ويميلون لشراء المنتجات ذات الشعارات الصحية حتى وإن كان محتواها من السعرات والسكريات مماثلًا للمنتجات التقليدية. أضف إلى ذلك أن هناك أطعمة مكتوبًا عليها «خالية من الكوليسترول» رغم أن مكوناتها نباتية من الأساس ما يجعل الادعاء تسويقيًا بحتًا وليس ميزة فعلية. الخطورة الحقيقية تكمن في تراكم مثل هذه الاختيارات على المدى الطويل فالإفراط في استهلاك السكريات من المصادر «المقنعة» بالعبارات المضللة يزيد من فرص الإصابة بالسمنة، وارتفاع الدهون الثلاثية، ومقاومة الأنسولين. بل وحتى أمراض القلب والأوعية الدموية. والأخطر من ذلك هو أن المستهلك يخدع من حيث لا يدري معتقدًا أن ما يتناوله يدعم أهدافه الصحية، بينما في الحقيقة يزيد من تعقيد صحته ويبعده أكثر فأكثر عن أهدافه الصحية. إننا بحاجة إلى العودة إلى أبسط القواعد وهي قراءة مكونات المنتج بدقة، وألا يتم التركيز فقط على الجمل الدعائية على الواجهة الأمامية للمنتج. فيجب التحقق من حجم الحصة ومراجعة كمية السكر والدهون والبروتينات بدلًا من التركيز على كلمات مبهمة مثل «عضوي»، «نكهة طبيعية»، أو «معزز بالفيتامينات». الأكثر أمانًا من ذلك هو أن نقلل قدر الإمكان من الأغذية المعالجة والمعلبة ونختار الأغذية الكاملة والطازجة. فكلما كان الغذاء أقرب لطبيعته قلت حاجته إلى الشعارات المضللة لتسويقه. في النهاية ليست المسؤولية على عاتق المستهلك وحده، بل تحتاج الجهات الرقابية إلى أن تضع معايير أكثر وضوحًا وصرامة تجاه الإعلانات الصحية. أما الوعي من جانبنا كمستهلكين هو أول خط دفاع أمام سيل التسويق. وإذا تعلمنا أن نقرأ ما بين السطور وندقق في المكونات بدلًا من الاستجابة للشعارات البراقة فسوف نصبح أكثر قدرة على حماية صحتنا من الخداع الغذائي المنتشر على أرفف المتاجر.