
تجار يشتكون.. والمواطن يتضرر.. أين دور وزارة الاقتصاد؟
الخليل- معا- تقرير محمد العويوي - قبل عامين، تناولنا في"معا" أزمة ارتفاع أسعار لحم العجل المجمد ، الذي كان يُباع حينها بـ 35 شيكل للكيلو، وطالبت جهات اقتصادية وزارة الاقتصاد الوطني بالعمل على زيادة الكوتا السنوية من هذا المنتج من 12.5 ألف طن إلى 30 ألف طن لتغطية الطلب المتزايد.
وقبل 4 سنوات كان سعر كيلو اللحمة المجمد يباع بحد اقصى 23 شيكل اما اليوم، ومع بقاء كمية الكوتا كما هي، ارتفعت الأسعار إلى نحو 40 شيكل فأعلى، مقتربة من سعر اللحم الطازج الذي يتراوح بين 45 -65 شيكل، مما يطرح تساؤلات جادة حول آليات التسعير وفعالية الكوتا في ضبط السوق.
نظام الكوتا واتفاقية باريس
يعتمد نظام الكوتا في فلسطين على الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، وعلى رأسها اتفاقية باريس الاقتصادية، التي تمثل الإطار الناظم للعلاقات التجارية بين الجانبين منذ عام 1994. وتُلزم هذه الاتفاقية السلطة الفلسطينية بالحصول على موافقة إسرائيلية لاستيراد بعض السلع من خارج القائمة المسموح بها، خاصة المواد الغذائية والزراعية. وتشمل البضائع التي تخضع لنظام الكوتا كلاً من اللحوم المجمدة، والألبان، والزيوت، والأرز، وبعض أنواع البقوليات، حيث يتم تحديد كميات محددة سنويًا للاستيراد دون رسوم جمركية، بينما تخضع الكميات الزائدة لضرائب أعلى.
ورغم أن الهدف المعلن من نظام الكوتا هو حماية السوق المحلي وضمان توفر السلع الأساسية بأسعار مناسبة، إلا أن التطبيق الحالي يثير تساؤلات حول العدالة والشفافية، خاصة في ظل اتهامات التلاعب بالمخصصات وغياب الرقابة الفعلية على التوزيع.
من يحق له الاستيراد؟
نظريًا، يجب أن يُمنح إذن الاستيراد فقط لمن يملك بنية تحتية مناسبة تشمل مخازن مبردة، وسائل نقل مبردة، قدرة مالية موثقة، وسجل استيرادي مثبت. لكن الواقع يشير إلى أن الكثير من الأذونات تُمنح لتجار غير مؤهلين لا يملكون الحد الأدنى من هذه المتطلبات.
قبل سنوات، كان عدد مستوردي اللحوم المجمدة في فلسطين لا يتجاوز 8 شركات، بينما ارتفع اليوم إلى أكثر من 100 شركة، بعضها حصل على أذونات استيراد ولم يجلب أي بضاعة، واكتفى ببيع حقه في الكوتا لتجار آخرين داخل السوق المحلي. والأخطر من ذلك أن جزءًا من البضائع المستوردة بموجب الكوتا الفلسطينية تسرّب إلى السوق الإسرائيلي، في ظل غياب الرقابة من الجهة المانحة للترخيص، التي لا تتابع فعليًا ما إذا كانت البضائع تصل إلى المستهلك الفلسطيني.
فساد في نظام الكوتا؟
تشير دراسة صادرة عن هيئة مكافحة الفساد بعنوان "واقع الحوكمة في الكوتا والقوائم السلعية"، إلى وجود اختلالات إدارية في إدارة نظام الكوتا، مما يضر بمبدأ العدالة بين المستوردين ويؤثر سلباً على الأسعار النهائية للمستهلك.
وخلال لقاء جمعه بفعاليات اقتصادية في غرفة تجارة الخليل مؤخرًا، قال وزير الاقتصاد الوطني محمد العامور إن الكوتا "جاءت لحماية طبقة معينة في المجتمع".
وواقع الأمر يقول إن هذه "الطبقة" لم تعد قادرة على شراء اللحوم – لا الطازجة ولا المجمدة – وباتت تعتمد على الدواجن أو الأسماك المجمدة منخفضة السعر.
من المسؤول؟
رغم تدفق كامل لكوتا اللحوم إلى أسواق الضفة الغربية خلال عام 2024، بعد تحويل الحصة المقررة لقطاع غزة بسبب الحصار، لم ينعكس ذلك على الأسعار كما كان متوقعًا. بل واصلت الأسعار ارتفاعها، وسط أزمة اقتصادية خانقة نتيجة الحرب المستمرة، وتوقف دخول آلاف العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل، وتأخر دفع رواتب الموظفين العموميين، وارتفاع معدلات البطالة.
وفي ظل هذا الواقع، تغيب الإدارة العامة لحماية المستهلك في وزارى الاقتصاد الوطني، عن الساحة، ولا يظهر لها أي دور فاعل في ضبط الأسعار أو مراقبة السوق. ويقتصر نشاطها، كما يقول عدد من التجار والمراقبين، على حملات موسمية محدودة خلال شهر رمضان، بينما تتخذ موقفًا محايدًا في باقي شهور السنة، تاركة السوق في حالة من الفوضى والتلاعب.
رأي التجار: "الوزارة تمتلك الأدوات لكنها لا تستخدمها"
رائد البايض، تاجر ومستورد كبير للحوم المجمدة، يؤكد أن الواقع يسير نحو الأسوء.
وقال:"قبل 4 سنوات، كان سعر كيلو اللحم المجمد ما بين 20-23 شيكل. اليوم تجاوز 35 - 40 شيكل، رغم أن عدد المستوردين زاد من 8 إلى أكثر من 100. المنافسة لم تنعكس على السعر بل زادت العبء على المستهلك".
وأضاف البايض أن شركته بالكاد تستورد اليوم 600 طن سنويًا بنظام الكوتا مقارنة بـ 3-4 آلاف طن سابقًا، ما دفعه للجوء إلى السوق الإسرائيلي لتغطية العجز، وهذا يسبب ارتفاع في الاسعار.
وقال:"فاتورة الكهرباء وحدها 50 ألف شيكل شهريًا، ولدينا موظفون وشاحنات وبنية تحتية متميزة، لكننا نعمل بنظام الدوام الجزئي، ونفكر بالإغلاق إذا استمر الوضع على حاله".
تاجر آخر فضّل عدم ذكر اسمه، أكد أن إدارة حماية المستهلك لا تقوم بدورها، مشيرًا إلى نشاطها الموسمي في رمضان فقط.
حلول مطروحة
يقترح التجار وضع آليات رقابية أكثر شفافية، منها:
• الأولوية الأولى هو بالضغط من قبل وزارة الاقتصاد لرفع قيمة الكوتا الى 30 ألف طن وربطها بالتزايد في عدد السكان وحاجة السوق.
• إلزام كل مستورد بالكشف عن الكميات التي استوردها وأسماء المحال التجارية التي ورد إليها لضمان عدم تسربها للسوق الاسرائيلي.
• نشر أسماء الشركات وكميات الكوتا الممنوحة لها على موقع إلكتروني حكومي مخصص.
• إعطاء الاذونات للاستيراد في مواعيد ممنهجة تعطي فرصة زمنية كافة لاستمرار التوريد في الوقت المحدد.
• ربط منح الكوتا بآلية واضحة وعادلة قائمة على الكفاءة والطلب الفعلي في السوق.
• وأخيرا ان تقوم وزارة الاقتصاد بتحديد السعر النهائي للكيلو ومراقبة التنفيذ من قبل التجار والمستوردين.
وهو ما يتوافق مع توصيات هيئة مكافحة الفساد ، التي دعت إلى إنشاء زاوية خاصة على موقع وزارة الاقتصاد، تتضمن تفاصيل السلع المستوردة، وأسماء المستوردين، وحصصهم المقررة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 3 ساعات
- معا الاخبارية
13 مدينة جديدة و5 مناطق صناعية.. تسريع الإجراءات في إطار الرد على هجوم بروقين
تل أبيب- معا- أعلن وزير البناء والإسكان الإسرائيلي اسحاق جولدكنوبف ورئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة يوسي دغان عن ميزانية قدرها 30 مليون شيكل من أجل البدء في مخططات إقامة 13 مدينة جديدة و5 مناطق صناعية في شمال الضفة الغربية في إطار خطة "مليون يهودي في السامرة" التي أعدها مجلس مستوطنات شمال الضفة قبل نحو عام. الإعلام العبري أشار إلى أنه سيتم إعداد ميزانية التخطيط من قبل وزارة البناء والإسكان وبمساعدة وزير المالية سموتريتش. يذكر أن خطة "مليون يهودي في السامرة" هي خطة بقيادة رئيس مستوطنات شمال الضفة دقان وتم صياغتها من قبل متخصصين في المجلس وخبراء خارجيين، بما في ذلك مهندسين ومعماريين وجغرافيين ومستشارين حيث قاموا بإعداد خطة مهنية عملية من أجل الوصول إلى مليون ساكن إسرائيلي في شمال الضفة بحلول عام 2025.


معا الاخبارية
منذ 2 أيام
- معا الاخبارية
ابو الرب: الديون المتراكمة على الكهرباء والبلديات يجب حسمها وحلها
الخليل-معا- قال الناطق باسم الحكومة محمد ابو الرب، التواجد في الخليل، اليوم الأربعاء، هو جزء من عملية التواصل التي يقوم بها رئيس الوزراء محمد مصطفى، في المحافظات، الهدف الأساس ليس الاطلاع على اوضاع المواطنين وشؤون المحافظات، لأن المتابعة اليومية تتم من قبل وزراء الاختصاص، وهناك جلسات متخصصة تمت بالامس في بيت لحم واليوم سيتم عمل جلسات متخصصة مع ممثلي مختلف القطاعات في الخليل، والهدف منها الخروج بتوصيات عملية، في مختلف القطاعات. وأردف في تصريحات صحفية:" منذ وصول رئيس الوزراء لمحافظة الخليل، بدأ بمناقشة حزمة المساهمات والدعم التي من الممكن ان تساهم في تعزيز صمود المواطنين في مسافر يطا، وتمت مناقشتها مع المحافظ، وبالتالي سيكون هناك عملية باتجاه تعزيز صمود المواطنين". وتابع:" بالاضافة الى ذلك هناك العديد من الملفات والازمات المتراكمة ومنها أزمة شركات الكهرباء في محافظة الخليل، والديون المتراكمة والعالقة والتي تسبب أيضا نزيف في المال العام، وهذه الاموال يقوم الاحتلال باقتطاعها من اموال المقاصة". وحول دعم الحكومة لقطاعي الصناعة والتجارة في الخليل، قال ابو الرب:" الدعم الحكومي سيتم من خلال أشكال مختلفة، منها تجنيد أموال لدعم القطاعات الصناعية المتضررة بالتنسيق مع الحكومة والهيئات المختلفة". وتابع:" تكمن الأهمية اليوم، في التشارك بعملية اتخاذ القرار وتحديد التدخلات الواجبة والممكنة في محافظة الخليل، أسوة بما تم الاعلان عنه أمس في محافظة بيت لحم". وحول منع رؤساء بلديات في محافظة الخليل من السفر، من قبل هيئة مكافحة الفساد على خلفية الأزمة المالية للكهرباء، أوضح ابو الرب، ان ما تم الاعلان عنه، جاء بقرار قانوني متعلق بالقضاء الفلسطيني والنيابة العامة وهيئة مكافحة الفساد، وهي جهات عاملة على انفاذ القانون، مستقلة في عملها عن الحكومة، وهي تتابع المال العام. مشددا على استقلالية القضاء الفلسطيني وهيئة مكافحة الفساد. وحول الديون المتراكمة قال:" هناك حوالي مليار شيكل تقريبا من الاموال التي لا تتم جبايتها، في الوقت الذي تقوم فيه الشركات بجباية الاموال من المواطنين، منذ شهور والحكومة تفاوض البلديات وشركات الكهرباء، والخطوات كانت سهلة وبسيطة من البداية، وكان مطلوبا اضافة مراقب مالي على هذه الشركات لضمان سلامة الاجرءات، وكان هناك خلل إداري وفني يتعلق بما تقوم هذه الشركات من تحويل أموال ومخصصات للبلديات بشكل مخالف للقانون، ولا يحق لشركة الكهرباء، ان تحول اموال للبلديات وهي اصلا اموال فواتير كهرباء جبتها من المواطنين، والاجراءات التي تمت لا تستهدف المواطنين، بل تتعلق بجهات انفاذ القانون". وزاد في حديثه: الحديث هنا عن المال العام، ولا بد من حمايته، لأنه يؤثر على المستشفيات والتعليم وعلى عديد الجهات، وهناك جهات مختلفة قامت بعمل تسويات مالية مثل شركة كهرباء القدس وكهرباء الشمال، وكذلك شركة كهباء طوباس اتمت عملية التسويات المالية". وأوضح ان التسوية المالية لا تعني الدفع الآني، بل تعني ان تعرف ما لك على الحكومة وما للحكومة عليك، وتثبيت المبالغ، ثم تأتي مرحلة جدولة الديون. وألمح الى وجود تفاهمات سابقة لجدولة ديون الكهرباء موزعة على 7 سنوات، وليس الدفع الآني. وتحدث حول ارتفاع الديون المتراكمة على المواطنين، مشيرا الى وجود رجال اعمال وشركات في الخليل عليها ديون تقدر بنحو 30 مليون شيكل، ديون كهرباء. وهذا لا يعقل في الوقت الذي يقوم فيه المواطن العادي والموظف الذي يتقاضى ما نسبته 70% من راتبه ملتزم بالدفع المسبق، ورجال اعمال لا تدفع.. هذه خطوات لا بد من حسمها وحلها. وتحدث حول الأثر الايجابي للتسويات المالية وانعكاسها الجيد على الهيئات المحلية، موضحاً :"التسويات المالية ترفع تصنيف الهيئات المحلية و تاخذ مشاريع اكثر من صندوق تطوير واقراض البلديات، والحكومة تمنحها ايضا جباية ضريبة الاملاك، وهذه المبالغ مهمة ممكن ان تساهم في تعزيز وضعها، لكن بالمحصلة هذه ملفات الحكومة عازمة على حلها.


فلسطين أون لاين
منذ 3 أيام
- فلسطين أون لاين
مقاولو (إسرائيل) يقاضون الحكومة.. خسائر الحرب وصلت إلى 131 مليار شيكل
تقدّمت جمعية مقاولي البناء في (إسرائيل)، اليوم الثلاثاء، بالتماس رسمي إلى محكمة العدل العليا، طالبت فيه الحكومة بإيجاد حل شامل للأضرار الفادحة التي لحقت بقطاع البناء والبنية التحتية نتيجة الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023. وحسب ما نشر موقع "يديعوت أحرنوت" العبري، فإن الجمعية ذكرت، استنادًا إلى معطيات دائرة الإحصاء المركزية، أن الخسائر التي تكبدها القطاع بلغت نحو 131 مليار شيكل، أي ما يعادل 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وقرابة 45% من إنتاج قطاع البناء. كما أشارت إلى أن متوسط التأخير في تسليم الشقق وصل إلى ستة أشهر، ما أدى إلى موجة من الدعاوى القضائية ضد شركات البناء، بموجب التعديلات الأخيرة في قانون بيع الشقق، التي تُحمّل المقاولين مسؤولية التأخير وتعويض المشترين. وجاء في الالتماس أن الحكومة أغلقت بشكل كامل الضفة الغربية وقطاع غزة ومنعت دخول العمال الفلسطينيين، مما تسبب في نقص حاد في القوى العاملة. كما أدى استدعاء الآلاف من العاملين للخدمة الاحتياطية وإغلاق مواقع البناء إلى تفاقم الأزمة. وأكدت الجمعية أن المسؤولية تقع على الدولة، كونها الجهة المنظمة لعمل العمال الأجانب، لكنها "تفرض العبء كاملًا على المقاولين، دون أي دعم أو تعويض". وحذر رئيس الجمعية، روني بريك، من تفاقم الأزمة قائلًا: "طرقنا جميع الأبواب، واجتمعنا مع الجهات الرسمية، لكننا لم نتلقَ أي استجابة. لم يُسن أي تشريع ولم يُعرض أي حل، رغم مرور أكثر من عام ونصف على بداية الحرب". وأضاف أن الاعتراف بالحرب كـ"قوة قاهرة" هو أمر ضروري لإنقاذ القطاع ومنع الانهيار القانوني والمالي الذي بات وشيكًا. وطالبت الجمعية في التماسها بسنّ تشريع يعترف بالحرب كظرف استثنائي يُعفي المقاولين من التزامات التأخير، ويمنح السوق وضوحًا قانونيًا يحول دون تفاقم النزاعات القضائية. المصدر / ترجمة فلسطين اون لاين