logo
إقليم كوردستان.. وصناعة السلام!

إقليم كوردستان.. وصناعة السلام!

شفق نيوز٠٧-٠٥-٢٠٢٥

مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف.
ونتذكر جميعا منذ أن فشلت عملية السلام التركية – الكوردية في 2015، عاد النزاع بين أنقرة وحزب العمال إلى مربع العنف، مع عمليات عسكرية تركية متكررة في الحدود الشمالية لإقليم كوردستان، لكن هذا التصعيد رافقته مؤخرًا اتصالات غير مباشرة بوساطة الإقليم، فقد أشارت تقارير إلى زيارات لمسؤولين أتراك إلى أربيل، هذه الزيارات تعكس رغبة تركية في اختبار خيارات بديلة عن التصعيد الميداني، ضمن حدود تسمح بها الحسابات الأمنية والسياسية.
الزعيم الكوردي مسعود بارزاني، الذي احتفظ بعلاقات طيبة مع أنقرة منذ توليه رئاسة الإقليم، يمثل طرفًا مقبولًا لدى صناع القرار الأتراك، وهو في الوقت ذاته يُنظر إليه داخل أوساط حزب العمال بوصفه شخصية كوردية تاريخية لا تُعاديهم بشكل مباشر، مما يمنحه موقعًا تفاوضيًا فريدًا، خاصة وانه سبق أن لعب دورًا مشابهًا في وساطة غير معلنة عام 2013 خلال عملية السلام التركية – الكوردية آنذاك.
أما في الملف السوري، فقد برز اسم مظلوم عبدي كطرف يحاول الجمع بين الواقع العسكري والسياسي، ومع تعقّد علاقته بالنظام السوري والضغوط التركية، وجد عبدي في إقليم كوردستان شريكًا موثوقًا، حيث كشفت تقارير عديدة عن لقاءات مهمة لعبدي في أربيل، فقد أظهرت دراسات تحليلية – منها دراسة صادرة عن مركز كارنيجي للشرق الأوسط – أن الإقليم قام بدور في تقريب وجهات النظر بين دمشق والإدارة الذاتية، باعتبار أربيل بيئة محايدة نسبيًا للحوار غير الرسمي.
قراءة بارزاني الاستراتيجية: الاستقرار أولًا
رؤية بارزاني لا تقوم على تحييد الخلافات فحسب، بل على إعادة صياغة منطق التعامل مع "القضية الكوردية" خارج الأدوات العسكرية، وهو يرى أن الاستقرار الإقليمي يصبّ في صالح القضية الكوردية، التي خَسِرت كثيرًا بسبب التصادم مع العواصم، وقد عبّر عن ذلك مرارًا، مثل خطابه في الذكرى الثالثة لاستفتاء الاستقلال عام 2020، حين شدّد على أن "الحوار مع دول الجوار كشركاء في المصير، لا خصوم دائمين.
بهذه الرؤية، يعمل بارزاني على تهيئة توازن دقيق: الحفاظ على مكاسب إقليم كوردستان، وعدم القطيعة مع أنقرة ودمشق، وفي الوقت نفسه عدم التنكّر لمطالب الكورد في تركيا وسوريا، هذه الصيغة المعقدة قد تكون أحد مفاتيح خفض التصعيد في ملفات الكورد الإقليمية.
وخلاصة القول إقليم كوردستان، بقيادة بارزاني، يتحول تدريجيًا من ساحة صراع إلى منصة سياسية وسطى، وإذا ما نجحت جهود الوساطة الجارية، فقد يُعاد رسم المشهد الإقليمي بما يمنح الكورد دورًا فاعلًا ضمن الدول القائمة، بدلًا من البقاء على هامش الصراع أو في قلبه.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد اتفاق السلام.. العمال الكوردستاني يدعو أنقرة لتخفيف "قيود حبس" زعيمه أوجلان
بعد اتفاق السلام.. العمال الكوردستاني يدعو أنقرة لتخفيف "قيود حبس" زعيمه أوجلان

شفق نيوز

timeمنذ 6 ساعات

  • شفق نيوز

بعد اتفاق السلام.. العمال الكوردستاني يدعو أنقرة لتخفيف "قيود حبس" زعيمه أوجلان

شفق نيوز/ ذكرت قناة "فرانس 24" الفرنسية، يوم الثلاثاء، أن حزب العمال الكوردستاني "PKK" ناشد السلطات التركية تخفيف إجراءات الاعتقال المفروضة على زعيمه عبد الله أوجلان، باعتبار أنه من سيتولى مهمة تنفيذ قرار حلّ الحزب وإلقاء السلاح، والتفاوض حول ذلك مع المسؤولين الأتراك. ونقل التقرير الفرنسي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، عن المتحدث باسم الجناح السياسي للحزب زاغروس هيوا، وصفه لأوجلان بأنه "المفاوض الرئيسي"، مشيراً إلى أن "تركيا لم تقدم حتى الآن أي ضمانات لعملية سلام". وذكرّ التقرير باتخاذ الحزب "قرارات تاريخية" من وقف إطلاق النار إلى حلّ نفسه رسمياً في 12 أيار/ مايو الجاري، وإنهاء التمرد المسلح المستمر منذ عقود، موضحاً أن "هذه الخطوات جاءت استجابة لنداء من أوجلان، أطلقه عبر رسالة من سجنه في جزيرة آمرالي قرب إسطنبول، حيث يحتجز في عزلة منذ العام 1999". ونقل التقرير عن هيوا قوله إنه "باعتبارنا منظمة خاضت كفاحاً مسلحاً لمدة 41 عاماً، قررنا أن نحلّ أنفسنا وننهي الكفاح المسلح"، مضيفاً أن الحزب "يمنح بذلك السلام فرصة حقيقية". وأعرب عن أمله بأن "تجري الدولة التركية الآن تعديلات تتعلق بظروف العزلة المفروضة على القائد أوجلان، وأن تؤمن له ظروف عمل حرة وآمنة لكي يتمكن من قيادة العملية"، مضيفاً أن "القائد آبو هو مفاوضنا الرئيسي في أي محادثات مع تركيا، وأنه هو وحده بإمكانه قيادة التنفيذ العملي للقرار الذي اتخذه مؤتمر الحزب بحلّ نفسه، بما يمهد لتسوية سياسية". ولفت التقرير إلى أنه "ليس واضحاً حتى الآن الآلية المتعلقة بالحلّ، إلا أن الحكومة التركية سبق لها وأن صرحت بأنها ستراقب العملية عن كثب لضمان التنفيذ الكامل". إلا أن التقرير نقل عن هيوا قوله إن "تنفيذ القرار سيتم التفاوض عليه بين أوجلان والمسؤولين الأتراك". وبحسب التقرير، فإن "المراقبين يتوقعون أن تظهر الحكومة انفتاحاً جديداً تجاه الكورد، الذين يشكلون نحو 20% من سكان تركيا". وبرغم أن هيوا أكد أن "الحزب أظهر حسن نية وجدية وصدق فيما يتعلق بالسلام"، إلا أنه اتهم الدولة التركية بأنها "لم تقدم حتى الآن أي ضمانات ولم تتخذ أي خطوات لتسهيل العملية، وأنما واصلت القصف المدفعي والجوي ضد مواقع الحزب". ولفتت القناة الفرنسية إلى أن "تقارير إعلامية تركية تتحدث عن أن المسلحين الذين لم يرتكبوا جرائم على الأراضي التركية قد يعودون دون ملاحقة قانونية ضدهم، بينما قد يُجبر قادة الحزب على البقاء في المنفى أو في العراق". وأشار هيوا إلى أن "السلام الحقيقي يتطلب الاندماج، لا النفي، وفي حال كانت الدولة التركية صادقة وجادة فيما يتعلق بالسلام، فعليها إجراء التعديلات القانونية اللازمة حتى يتم دمج أعضاء الحزب في مجتمع ديمقراطي". ونوه إلى أن "الكورد يعتبرون أقلية عرقية لها ثقافتها ولغتها الخاصة، ويعيشون في منطقة جبلية ممتدة عبر تركيا وسوريا والعراق وإيران، وقد كافحوا لفتررة طويلة من أجل الحصول على وطن خاص بهم وأنهم تعرضوا لهزائم متكررة". ولفت إلى أن "ملايين الكورد يعيشيون حالياً بأمان نسبي في إقليم كوردستان وأيضاً تحت الإدارة الكوردية شبه المستقلة في شمال شرق سوريا حيث أن أنقرة تعتبر قوات سوريا الديمقراطية فرعاً من حزب العمال الكوردستاني". وأوضح هيوا بالقول: "نحن لا نتدخل في شؤون قوات سوريا الديمقراطية، والعملية الحالية هي بين حزب العمال الكوردستاني وتركيا فقط، ولا طرف آخر معني بها"، معتبراً أن "هذه العملية ستكون لها آثار إيجابية بالتأكيد على تسوية القضية الكوردية في بقية أجزاء كوردستان".

وزير داخلية اقليم كوردستان: تركيا وPKK يجريان محادثات نزع سلاح الحزب
وزير داخلية اقليم كوردستان: تركيا وPKK يجريان محادثات نزع سلاح الحزب

شفق نيوز

timeمنذ 16 ساعات

  • شفق نيوز

وزير داخلية اقليم كوردستان: تركيا وPKK يجريان محادثات نزع سلاح الحزب

شفق نيوز/ افاد وزير داخلية اقليم كوردستان ريبر أحمد، يوم الثلاثاء، أن تركيا شرعت بإجراء محادثات مع العمال الكوردستاني بشأن نزع سلاح الحزب. جاء ذلك في تصريح ادلى به للصحفيين على هامش مشاركته في معرض اربيل الدولي للبناء والطاقة بنسخته الـ15. وقال احمد في تصريحاته، إن "الجانبين، تركيا وحزب العمال الكوردستاني، يجريان محادثات بشأن عملية نزع السلاح، ولكن لم يتم اتخاذ أي خطوات عملية لغاية الآن". وأضاف أن "إقليم كوردستان، حكومةً وقيادةً سياسيةً، ادى دوره في التقريب بين الطرفين، وأدى دوراً في العديد من مراحل السلام الأخرى، وسيستمر على هذا المنوال في المستقبل". وتابع الوزير بالقول، إنه "لا تزال هناك بعض الأمور غير واضحة للمفاوضين، خاصة حول كيفية إجراء عملية نزع السلاح؛ متى وأين ستتم؟ أعتقد أنه يتعين أن تكون هناك مزيد من النقاشات".

في قلب واشنطن.. مسرور بارزاني يقود دفعة جديدة للاستثمار في طاقة كوردستان
في قلب واشنطن.. مسرور بارزاني يقود دفعة جديدة للاستثمار في طاقة كوردستان

موقع كتابات

timeمنذ يوم واحد

  • موقع كتابات

في قلب واشنطن.. مسرور بارزاني يقود دفعة جديدة للاستثمار في طاقة كوردستان

في أجواء رسمية ولكنها مشبعة بالتفاؤل، شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن اليوم الاثنين، حدثاً اقتصادياً لافتاً حمل بين طياته رسالة واضحة مفادها أن كوردستان عازمة على المضي قدماً نحو الاستقرار والنمو. رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، أشرف بنفسه على توقيع اتفاقيتين كبيرتين في مجال الطاقة مع شركتي 'HKN Energy' و'Western Zagros' الأمريكيتين، داخل مقر غرفة التجارة الأمريكية. وبحسب ما توفر من معلومات، فإن الاتفاقيتين تُقدّر قيمتهما الإجمالية بعشرات المليارات من الدولارات، ما يُعد مؤشراً قوياً على عودة الثقة الدولية في بيئة الاستثمار في الإقليم، خصوصاً في واحدة من أكثر القطاعات حيوية: الطاقة. لكن ما وراء هذه التوقيعات هو الأهم، إذ تعكس الاتفاقيات رؤية اقتصادية بدأ بارزاني في رسم معالمها منذ تسلمه رئاسة الحكومة في 2019، تقوم على مبدأ: 'تنمية مستقلة واستثمار مستدام'. بناء اقتصاد متنوع وسط التحديات في الوقت الذي تمر فيه العديد من المناطق بأزمات مالية واقتصادية، حرصت حكومة كوردستان، بقيادة مسرور بارزاني، على العمل بصمت في ملفات البنية التحتية والماء والطاقة، بهدف الخروج من دائرة الاعتماد على واردات النفط فقط. الأرقام تتحدث بوضوح: خلال السنوات الخمس الأخيرة، أنجزت حكومة كوردستان أكثر من 1800 مشروع تنموي، أي بمعدل مشروع كل يوم، شملت قطاعات الطرق والمياه والكهرباء والتعليم. في ملف المياه، أنشأت الحكومة تسعة سدود جديدة، وتخطط لبناء أكثر من 40 سداً آخر، في وقت أصبح فيه ملف المياه هاجساً إقليمياً. وفي خطوة تُعد الأضخم منذ سنوات، وضعت حجر الأساس لمشروع مياه أربيل الطارئ بكلفة 480 مليون دولار، وهو ما سيوفر مياه الشرب لنصف سكان العاصمة لمدة ثلاثة عقود. كل ذلك لم يكن ليتحقق لولا ما وصفه مقربون من الحكومة بـ'الرؤية الصارمة للإصلاح' التي أطلقها بارزاني مبكراً، وشملت ترشيق الوزارات، تعزيز الرقابة المالية، والتحول الرقمي لتقليل الهدر ومحاربة الفساد. مشاركة شركات أمريكية كبرى في هذه الاتفاقيات لم تكن محض صدفة، بل هي رسالة سياسية واقتصادية في آن واحد، مفادها أن كوردستان ما تزال لاعباً مهماً في مستقبل الطاقة بالمنطقة، وأن العلاقات مع الولايات المتحدة تتجه لمزيد من العمق. ولا يخفي مسؤولون في الإقليم أن هذه الاتفاقيات جاءت بعد شهور من المفاوضات المعقدة، ما يجعلها أكثر من مجرد صفقة تجارية، بل نقطة تحول في مسار الاستثمار والتمويل الدولي في الإقليم ما حدث اليوم في واشنطن قد يكون من اللحظات المفصلية في تاريخ كوردستان الاقتصادي، لحظة تُعلن فيها حكومة الإقليم، بثقة، أن لديها ما تقدمه وأنها تستحق أن تكون شريكاً موثوقاً في المنطقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store