
الإمارات تتلقى صفعة من منظمة الشفافية الدولية وسط اتهامات بغسل الأموال
وقالت إيكا روستوماشفيلي، الناشطة البارزة في المنظمة، في بيان شديد اللهجة: «صحيح أن الإمارات قدّمت سلسلة إصلاحات مرحّب بها، لكنها لا تزال بعيدة جداً عن تحقيق أي اختراق حقيقي أو دائم في مكافحة تدفقات الأموال غير المشروعة. من السابق لأوانه الحكم على أن هذه الإصلاحات عزّزت بشكل كبير دفاعات البلاد ضد الأموال القذرة».
قطاع العقارات… بوابة الأموال القذرة
كشفت روستوماشفيلي عن استمرار فجوات خطيرة في تطبيق القانون الإماراتي، ولا سيما في قطاع العقارات الذي وصفته بأنه «أرض خصبة لغسل الأموال»، حيث لا تزال المعاملات المشبوهة التي يفضحها الصحفيون تمر دون تحقيق أو محاسبة، في تكرار صارخ للنمط المعروف عن الإمارات كملاذ آمن للأموال المشبوهة.
ويعزز هذه الصورة المظلمة ما كشفه تحقيق «دبي أونلوكد»، الذي نُشر في مايو 2024 بواسطة مشروع مكافحة الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP)، والذي هزّ صورة دبي عالمياً.
فقد أماط التحقيق اللثام عن أكثر من 1000 عقار في دبي مملوك لأكثر من 200 شخص، من بينهم مجرمون مزعومون، وهاربون من العدالة، ومسؤولون سياسيون، وشخصيات خاضعة للعقوبات الدولية.
ولم يكن ما ورد في التحقيق مجرد أرقام أو أسماء، بل كشف أيضاً عن نمط خطير تُدار به دبي، يجعلها ساحة مفتوحة للأموال القذرة، ويكشف عن تورطها المستمر كمركز عالمي لتبييض الأموال وتمويل الأنشطة غير المشروعة.
البرلمان الأوروبي تحت ضغوط إماراتية؟
انتقادات الشفافية الدولية لم تقتصر على الإمارات وحدها، بل طالت آلية عمل الاتحاد الأوروبي نفسه، إذ حمّلت المنظمة بروكسل جزءاً من المسؤولية عن التساهل مع الإمارات، عبر الطريقة التي يصوّت بها البرلمان الأوروبي على قوائم الدول عالية المخاطر.
وقالت روستوماشفيلي: «إن إدراج الدول أو إزالتها من قائمة المخاطر يجب أن يتم بناء على تقييم مستقل لكل دولة على حدة، لا أن يجري البرلمان تصويته على القائمة بأكملها كحزمة واحدة، وهو ما يفرغ العملية من مضمونها ويمنح غطاءً سياسياً لدول لا تزال متورطة في ممارسات غسل أموال وتمويل إرهاب».
وتزايدت الاتهامات بأن القرار الأخير للبرلمان الأوروبي بإزالة الإمارات من القائمة جاء نتيجة ضغوط جيوسياسية هائلة، في ظل محاولات أبوظبي تجميل صورتها دولياً عبر المال والاستثمارات واللوبيات المؤثرة في العواصم الغربية.
وقال راسموس أندرسن، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر، إن قرار البرلمان يُرسل «رسالة قاتلة»، مضيفاً: «إنها إشارة خطيرة بأن البرلمان بات، بعد المفوضية، خاضعاً لضغوط جيوسياسية تُمكّن من إزالة دول لا تزال تشكل خطراً حقيقياً على النظام المالي للاتحاد الأوروبي».
إصلاحات شكلية بلا مضمون
رغم محاولات الإمارات الترويج لإصلاحات تشريعية في مجال مكافحة غسل الأموال، تؤكد منظمات المجتمع المدني، وعلى رأسها الشفافية الدولية، أن هذه الإصلاحات «سطحية» إلى حد بعيد، ولا تمسّ جوهر المشكلة المتمثلة في غياب المساءلة الحقيقية والتطبيق الصارم للقانون، فضلاً عن التعاون المحدود مع أجهزة إنفاذ القانون الدولية.
وفي مؤشر بالغ الدلالة، لا تزال الإمارات تحتل المرتبة الأخيرة في مؤشر الشفافية الدولي الخاص بملكية العقارات، ما يعني أنها تظل واحدة من أكثر الأماكن غموضاً في العالم فيما يتعلق بالكشف عن الملاك الحقيقيين للعقارات، وهي ثغرة استغلها مهربو الأموال والمجرمون عبر العالم لتحويل مليارات الدولارات إلى دبي بعيداً عن أعين السلطات.
وقالت روستوماشفيلي في بيانها: «لا يمكن أن نقول إن الإمارات أصبحت آمنة مالياً، ما لم نشهد تحقيقات جدية ومحاسبة حقيقية، خصوصاً في القطاع العقاري الذي يظل أكثر القطاعات عرضة للتدفقات المالية المشبوهة. حتى اللحظة، لا تزال هناك شواهد عديدة على أن الإمارات لا تتعامل بجدية مع التمويل غير المشروع».
الفضائح تلاحق الإمارات رغم حملات التلميع
تتعرّض الإمارات منذ سنوات لاتهامات متزايدة بأنها أصبحت منصة لتبييض الأموال من مختلف أنحاء العالم، مستفيدة من غياب الشفافية، والسرية المصرفية العالية، وسياسات الإقامة الذهبية، وكلها أدوات جعلت من دبي وغيرها من الإمارات الأخرى «جنة آمنة» للمتهربين من الضرائب، والفاسدين، والمهربين، وأمراء الحرب.
ويقول مراقبون إن قرار إزالة الإمارات من القائمة الأوروبية للدول عالية المخاطر لا يعكس تراجع المخاطر بقدر ما يعكس نفوذاً سياسياً ومالياً ضخماً تمارسه أبوظبي في دوائر صنع القرار الأوروبية، في محاولة لطمس سجلها الأسود في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ورغم إنفاقها المليارات على حملات العلاقات العامة وغسل السمعة في العواصم الغربية، فإن الفضيحة التي فجّرها تحقيق «دبي أونلوكد» أعادت تسليط الأضواء على حقيقة الإمارات كمركز عالمي لتدفقات الأموال غير المشروعة، وكشفت مجدداً أن وراء واجهات الأبراج اللامعة في دبي أسراراً مظلمة من الأموال القذرة والتجارة المشبوهة.
وبينما يحاول المسؤولون الإماراتيون ترويج بلادهم كمركز مالي عالمي «موثوق وآمن»، تبقى الحقائق التي تكشفها التحقيقات الصحفية والمنظمات الدولية أبلغ من كل بيانات التجميل.
وبحسب منظمة الشفافية الدولية، فإن إزالة الإمارات من القائمة الأوروبية ليس سوى «شيك على بياض» لدولة لا تزال حتى اليوم مأوى للأموال القذرة، وملاذاً للفاسدين والهاربين من العدالة حول العالم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 5 ساعات
- الرأي
مع بدء فرض الرسوم الجديدة.. ترامب: مليارات الدولارات تتدفق الآن إلى الولايات المتحدة
بدأت الولايات المتحدة، اليوم الخميس، فرض التعريفات الجديدة على السلع الواردة من عشرات الدول، وقال الرئيس دونالد ترامب إن «مليارات الدولارات» تتدفق إلى بلاده. وكتب ترامب على منصته «تروث سوشيال»، مع انقضاء مهلة السابع من أغسطس التي حددها لبدء فرض هذه الرسوم: «إنه منتصف الليل (بالتوقيت المحلي)!! مليارات الدولارات جراء التعريفات تتدفق الآن إلى الولايات المتحدة الأميركية». وباتت العديد من المنتجات من اقتصادات مثل الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، تواجه تعرفات بنسبة 15%، حتى مع الصفقات المبرمة مع واشنطن لتجنب زيادات أكبر يلوّح بها ترامب. لكن دولا أخرى مثل الهند تواجه رسوما بنسبة 25 في المئة، على أن تتضاعف خلال ثلاثة أسابيع، في حين تفرض على دول مثل سورية وميانمار ولاوس مستويات تصل الى 41 في المئة.


المدى
منذ 7 ساعات
- المدى
رسوم ترامب تدخل حيز التنفيذ وحرب التجارة العالمية تشتعل
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم، دخول الرسوم الجمركية المتبادلة حيّز التنفيذ، فيما يتزامن ذلك مع تكثيف عدة دول جهودها الدبلوماسية للحصول على إعفاءات من هذه التعريفات في محاولة لحماية قطاعاتها الاقتصادية الحيوية من تداعيات السياسة التجارية المتشددة التي تنتهجها واشنطن، بحسب ما أوردته صحيفة 'وول ستريت جورنال' الأميركية. وقال ترامب، في منشور عبر منصته 'تروث سوشيال'، إن الرسوم الجمركية المتبادلة ستدخل حيّز التنفيذ منتصف الليلة، معتبراً أن 'مليارات الدولارات ستبدأ في التدفق إلى داخل الولايات المتحدة من دول معظمها استفادت لسنوات طويلة وكانت تضحك طوال الطريق'. وأضاف: 'الشيء الوحيد القادر على إيقاف عظمة أميركا هو محكمة يسارية متطرفة ترغب في رؤية بلادنا تنهار'، في إشارة إلى ما يعتبره تهديداً من بعض المؤسسات القضائية لسياساته الاقتصادية. ودخلت رسوم ترامب الجمركية حيز التنفيذ، منتصف الليل بتوقيت شرق الولايات المتحدة، الرابعة من صباح الخميس بتوقيت جرينتش. وتزامن ذلك مع تكثيف عدة دول جهودها الدبلوماسية للحصول على إعفاءات من الرسوم الجمركية، في محاولة لحماية قطاعاتها الاقتصادية الحيوية من تداعيات السياسة التجارية المتشددة التي تنتهجها واشنطن، بحسب ما أوردته صحيفة 'وول ستريت جورنال' الأميركية. وذكرت الصحيفة، الخميس، أن الشركاء التجاريين للولايات المتحدة يضغطون على البيت الأبيض للحصول على إعفاءات من الرسوم الجمركية الشاملة، وذلك في إطار سعي هذه الدول للحد من الأضرار المحتملة على اقتصاداتها جرّاء جهود الرئيس الأميركي لإعادة هيكلة النظام التجاري العالمي. وأوضحت الصحيفة أن هذا الحراك الدبلوماسي يُظهر أن المحادثات التجارية التي استمرت لأشهر لا تزال قائمة، على الرغم من الاتفاقات التي أعلن عنها البيت الأبيض خلال الأسابيع الأخيرة. وبحسب التقرير، فإن الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية من بين الدول التي توصلت إلى اتفاقات مع إدارة ترامب، إلا أن مفاوضيها يواصلون العمل خلف الكواليس لإقناع المسؤولين الأميركيين بضرورة منح إعفاءات إضافية لقطاعات تصديرية حيوية، وقد جرى بالفعل منح عشرات الإعفاءات، شملت منتجات مثل عصير البرتقال البرازيلي والنحاس التشيلي. وفي الوقت نفسه، يسعى المفاوضون إلى الحصول على مزيد من التوضيحات بشأن خطط الرسوم الجمركية الأميركية، التي لا تزال في حالة من التغير وعدم الاستقرار، إذ إن العديد من تفاصيل الاتفاقات المبرمة حتى الآن لم يُحسم بشكل نهائي، وفي بعض الحالات، تختلف تفسيراتها بين الطرفين.


المدى
منذ يوم واحد
- المدى
تصاعد الغضب في أوكرانيا من سياسات زيلينسكي والتجنيد القسري
ذكر موقع The European Conservative أن الأوكرانيين بدأوا يغيرون موقفهم بشكل متسارع تجاه الحرب والإدارة السياسية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ويأتي هذا التحول في ظل تصاعد الغضب الشعبي من سياسات التجنيد الإجباري والانتهاكات المرافقة لها. وأوضح الموقع أن الرأي العام في أوكرانيا يشهد تحولات ملحوظة، وأن الغضب الشعبي بات يتركز على مكاتب التجنيد، التي تتهم بسوء معاملة المجندين، وقد تم توثيق حالات وفاة نتيجة هذه التجاوزات، وهو ما دفع مجلس أوروبا إلى إدانة تلك الممارسات بشكل رسمي. وفي سياق متصل، شهدت مدينة فينيتسا ليلة السبت احتجاجات حاشدة بعد أن جرى نقل نحو مئة رجل إلى ملعب 'لوكوموتيف' بغرض تجنيدهم. وذكرت تقارير أن نساء من أقارب المحتجزين اقتحمن أبواب الملعب، فيما سارعت الشرطة وممثلو مكتب التجنيد إلى إخلاء الموقع عبر مخرج آخر، وقد استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، واعتقلت عددا من النساء والمراهقين. وردد المتظاهرون شعارات مناهضة للسلطات وأدوا النشيد الوطني الأوكراني، وفتحت الشرطة تحقيقا جنائيا ضد المشاركين في التظاهرة. وأشار The European Conservative إلى أن الاتحاد الأوروبي يلتزم الصمت حيال التجنيد القسري والانتهاكات الحقوقية في أوكرانيا، ما يثير تساؤلات حول موقفه من الأحداث المتصاعدة.