
الخليج بين واشنطن وبكين: هل تعيد جولة ترامب رسم موازين النفوذ؟
وسط تحولات عميقة تشهدها علاقات القوى الكبرى في منطقة الخليج، جاءت جولة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لتدشّن محاولة جديدة لاستعادة الهيمنة الأميركية في إقليم لم يعد، كما في السابق، ساحة مغلقة على النفوذ الأميركي.
فبينما كانت واشنطن تُخفف من انخراطها العسكري والدبلوماسي، كانت بكين تملأ الفراغ بهدوء، مستثمرة في الموانئ، والطاقة، والبنية التحتية الرقمية، وتبني لنفسها حضوراً يصعب التراجع عنه.
وبحسب تقرير صادر عن معهد هيدسون الأميركي، فإن زيارة ترامب إلى الرياض ليست مجرد خطوة رمزية، بل تمثل إعلاناً ضمنياً بأن الخليج بات ساحة تنافس رئيسية في المواجهة العالمية بين أميركا والصين، وأن واشنطن تسعى للعودة كلاعب مهيمن في منطقة غيرت بكين كثيراً من معالمها الاقتصادية والاستراتيجية.
بكين تملأ الفراغ الأميركي
طوال العقد الماضي، بنت الصين نفوذها في الخليج على خمسة أعمدة رئيسية:
الطاقة: الخليج يزوّد الصين بنحو نصف وارداتها من النفط الخام، وهو ما يضع المنطقة في صلب استراتيجيات بكين لضمان أمن الطاقة. وتُعد هذه العلاقة أساسية لاستقرار الاقتصاد الصناعي الصيني.
الممرات الجيوسياسية: الخليج يُعد عقدة رئيسية في مبادرة 'الحزام والطريق'، وتستثمر بكين في الموانئ والممرات البرية لتأمين مسارات التجارة من شرق آسيا إلى أوروبا وأفريقيا.
رأس المال والتكنولوجيا: صناديق الثروة الخليجية تمثل مصدر تمويل طويل الأجل للشركات الصينية، فيما تسعى هذه الشركات لتصدير تقنياتها الرقمية والذكاء الاصطناعي إلى الأسواق الخليجية.
تجاوز العقوبات: استخدمت بكين المنطقة كوسيط لتفادي العقوبات الأميركية، خاصة في ما يتعلق بالنفط الإيراني، معتمدة على عملات بديلة ونظام موازٍ للشبكات المالية الغربية.
إضعاف التحالفات الأميركية: من خلال بناء علاقات مع كل من حلفاء واشنطن وخصومها، تقدم الصين نفسها كبديل استراتيجي 'محايد'، ينتقد التدخلات الغربية ويعد بالاستثمار من دون شروط سياسية.
انعكاسات أمنية واستراتيجية
بدأت آثار هذا التمدد الصيني تظهر في تراجع النفوذ الدفاعي الأميركي. أبرز مثال كان إلغاء صفقة مقاتلات F-35 للإمارات بسبب رفضها إزالة تكنولوجيا 'هواوي' من شبكتها الوطنية، ما اعتبرته واشنطن تهديداً أمنياً. هذا التوتر يكشف حدود القدرة الأميركية على فرض شروطها، في ظل اختراق صيني 'ناعم' يصعب فصله عن البنية التحتية للدول.
واختيار ترامب للرياض كبوابة لجولته رسالة بحد ذاتها: الخليج لم يعد ملحقاً جيوسياسياً، بل ساحة مركزية في التنافس الدولي. وقد رافقت الزيارة إعلانات عن استثمارات أميركية بقيمة 600 مليار دولار، تشمل 100 مليار في مجال الأسلحة المتقدمة، إضافة إلى تقنيات أشباه الموصلات التي تسعى واشنطن لاستخدامها لعزل الصين رقمياً عن الخليج.
كما تشير بعض التقارير إلى أن ترامب يدرس تخفيف العقوبات على دمشق، ليس كمكافأة للنظام السوري، بل كمحاولة لاستعادة موطئ قدم استراتيجي تركه سلفه باراك أوباما لصالح الصين وروسيا وإيران.
بين بكين وواشنطن: الحلفاء يعيدون الحسابات
تثير جولة ترامب أسئلة حول مدى استعداد دول الخليج لإعادة تموضعها ضمن المحور الأميركي، بعد سنوات من تنويع الشراكات. فالصين تعرض علاقات اقتصادية قوية بلا شروط سياسية، بينما تحاول واشنطن استعادة موقعها من بوابة الأمن والتكنولوجيا والدفاع.
تقول خلاصة تقرير معهد هيدسون إن الخليج لم يعد 'حديقة خلفية' لأحد، بل ساحة تنافس شرسة تتطلب من واشنطن أدوات جديدة، ومن حلفائها القدامى قرارات حاسمة بشأن وجهة المستقبل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأنباء
منذ 28 دقائق
- الأنباء
«النواب» الأميركي يوافق على مشروع قانون ترامب الضخم لخفض الضرائب
أقرّ مجلس النواب الأميركي مشروع القانون الضخم لخفض الضرائب الذي طرحه الرئيس دونالد ترامب، ليتم رفعه الى مجلس الشيوخ، حيث يتوقع أن يخضع لتعديلات. وكان ترامب حث النواب الجمهوريين في المجلس على دعم مشروع قانون الضرائب والإنفاق «الكبير والجميل». وقام بزيارة نادرة إلى مبنى الكابيتول الثلاثاء لتشجيعهم بشكل شخصي بعدما كان بعضهم مترددا بشأن بعض جوانب مشروع القانون المقترح، مثل التخفيضات الضريبية والتعديلات في برنامج الرعاية الصحية. وينص مشروع القانون على تمديد التخفيضات الضريبية التي أقرها ترامب عام 2017، وإعفاء الإكراميات والعمل الإضافي من الضرائب بالإضافة إلى تقليص تغطية برنامج «ميديك إيد» وبرامج المساعدات الغذائية. كما يتضمن المشروع تخصيص 50 مليار دولار لاستئناف بناء جدار ترامب الحدودي ونحو 150 مليار دولار للإنفاق الدفاعي.


كويت نيوز
منذ 31 دقائق
- كويت نيوز
سعر برميل النفط الكويتي يرتفع 1,04 دولار ليبلغ 66,40 دولار
ارتفع سعر برميل النفط الكويتي 04ر1 دولار ليبلغ 40ر66 دولار للبرميل في تداولات يوم أمس الأربعاء مقابل 36ر65 دولار للبرميل في تداولات يوم الأول من أمس وفق السعر المعلن من مؤسسة البترول الكويتية. وفي الأسواق العالمية انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 47 سنتا دولار لتبلغ 91ر64 دولار للبرميل كما انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 46 سنتا لتبلغ 57ر61 دولار.


كويت نيوز
منذ 31 دقائق
- كويت نيوز
النفط يتراجع على خلفية ارتفاع مفاجئ في المخزونات الأمريكية
تراجعت أسعار النفط اليوم الخميس بعدما أثارت زيادات غير متوقعة في مخزونات الخام والوقود الأميركية مخاوف في شأن الطلب، في وقت يواصل فيه المستثمرون الحذر مع التركيز على إشارات متضاربة مرتبطة بإيران. وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 33 سنتا أو 0.5 في المئة إلى 64.58 دولار للبرميل بحلول الساعة 00.38 بتوقيت غرينتش، فيما نزل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 32 سنتا أو 0.5 في المئة إلى 61.25 دولار. وخسر الخامان 0.7 في المئة أمس الأربعاء. وقالت إدارة معلومات الطاقة أمس الأربعاء إن مخزونات النفط الخام والوقود الأميركية شهدت زيادة مفاجئة الأسبوع الماضي، إذ بلغت واردات النفط الخام أعلى مستوى لها في ستة أسابيع وتراجع الطلب على البنزين ونواتج التقطير. وذكرت إدارة معلومات الطاقة أن مخزونات النفط الخام ارتفعت 1.3 مليون برميل إلى 443.2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 16 مايو. وكان محللون قد توقعوا في استطلاع أجرته رويترز تراجعا بمقدار 1.3 مليون برميل. وقال هيرويوكي كيكوكاوا كبير المحللين الاستراتيجيين لدى «نيسان سيكيوريتيز إنفستمنت»، وهي وحدة تابعة لنيسان سيكيوريتيز «رغم أن ارتفاع المخزونات الأميركية أثار المخاوف، فإن بعض المستثمرين يتوقعون أن يؤدي موسم القيادة الصيفي الذي يبدأ بعد عطلة (يوم الذكرى) إلى انخفاض المخزونات». وأضاف «لا يزال المتعاملون يتوخون الحذر ويتجنبون بناء مراكز كبيرة مع تقييمهم للإشارات المتضاربة في شأن المحادثات النووية الأميركية الإيرانية وتقرير إعلامي عن ضربات إسرائيلية محتملة على منشآت نووية إيرانية»، متوقعا أن يجري تداول خام غرب تكساس الوسيط بين 55 و65 دولارا في الوقت الحالي. وقال وزير الخارجية العماني أمس الأربعاء إن الجولة الخامسة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة ستعقد في 23 مايو في روما.