
بعد حصد تريليونات.. ترامب يعود إلى واشنطن لرؤية حفيده الـ 11 – DW – 2025/5/16
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن جولته الخليجية مكّنت من حصد "تريليونات الدولارات" جاءت نتيجة صفقات قياسية مع السعودية وقطر والإمارات. وفي واشنطن ينتظر ترامب خبر سعيد آخر وهو ميلاد حفيده الحادي عشر.
رويترز، أ ف ب، د ب أ
هشام الدريوش رويترز، أ ف ب، د ب أ
هشام الدريوش رويترز، أ ف ب، د ب أ
غادر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العاصمة الإماراتية أبوظبي الجمعة (16 مايو/أيار 2025)، مختتما جولة خليجية استمرت أياما عدة وشملت أيضا السعودية وقطر، وفقا لمراسل وكالة فرانس برس. ووقع الرئيس الأمريكي خلال جولته مجموعة من الصفقات بمليارات الدولارات، وتعهد رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عقود، كما ألمح إلى قرب التوصل إلى اتفاق نووي محتمل مع إيران.
وقال ترامب من الإمارات "نحقق تقدما كبيرا فيما يتعلق بمبلغ 1.4 تريليون دولار الذي أعلنت الإمارات أنها تنوي إنفاقه في الولايات المتحدة". وأضاف متحدثا من أبوظبي "اتفق البلدان أمس أيضا على إنشاء مسار لدولة الإمارات لشراء بعض أشباه الموصلات الأكثر تقدما في مجال الذكاء الاصطناعي في العالم من الشركات الأمريكية، إنه عقد كبير جدا".
وذكر أن هذا العقد سيدر المليارات والمليارات من الدولارات من الأعمال، وسيعمل على تسريع خطط الإمارات لتصبح لاعبا رئيسيا حقا في مجال الذكاء الاصطناعي.
من جهته أعلن الرئيس الإماراتي أن أبوظبي ستستثمر 1,4 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات العشر المقبلة.
زيارة ترامب للسعودية.. هل تخلط أوراق الشرق الأوسط؟
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video
وتسعى الإمارات إلى الريادة في مجال التكنولوجيا، لا سيما الذكاء الاصطناعي، لتنويع مداخيل اقتصادها المعتمد أساسا على النفط.
و خلال محطّته في الدوحة، أشاد ترامب بما وصفه "صفقة قياسية" للخطوط الجوية القطرية بقيمة 200 مليار دولار لشراء طائرات بوينغ.
وتخلّلت المحطة السعودية وعود قدّمتها الرياض باستثمارات بقيمة 600 مليار دولار، ضمنها صفقة أسلحة قال البيت الأبيض إنها "الأكبر في التاريخ".
كما أعلن البيت الأبيض أن شركة "داتا فولت" السعودية ستستثمر 20 مليار دولار في مواقع مرتبطة بالذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، وأن شركات تكنولوجيا، بما فيها غوغل، ستستثمر في كلا البلدين.
وقال الرئيس الأمريكي إن جولته الخليجية مكّنت من حصد "تريليونات الدولارات"، لكن سخاء قادة الخليج أثار جدلا أيضا، بعد عرض قطر طائرة فاخرة على ترامب قبل زيارته، في ما وصفه معارضو ترامب الديمقراطيون بالفساد الصارخ.
ترامب متشوق لرؤية حفيده الحادي عشر
وأكد ترامب أنه لن يحضر محادثات اليوم الجمعة بشأن حرب أوكرانيا في تركيا واختار بدلا من ذلك العودة إلى واشنطن لرؤية حفيده الجديد. مشيرا بأنه يريد لقاء نظيره الروسي، فلاديمير بوتين "بأسرع ما يمكن"
وفي حديثه في فعالية في الإمارات العربية المتحدة، قال ترامب إن ابنته تيفاني أنجبت للتو طفلا وأنه يريد رؤية حفيده في أقرب وقت ممكن.
وأضاف أنه كان يتطلع إلى العودة بشكل مباشر إلى واشنطن وربما كان ينبغي أن يعود الليلة الماضية لكنه لم يرغب في أن يتسبب في خيبة أمل لمضيفيه في أبو ظبي.
وكان ترامب قد ترك سابقا الباب مفتوحا أمام احتمال القيام بزيارة في اللحظة الأخيرة من منطقة الخليج لحضور المحادثات في تركيا، التي تركز على إنهاء الحرب الروسية ضد أوكرانيا. وقال إنه لن يكون هناك أي تقدم حقيقي في جهود السلام حتى يلتقي بشكل شخصي مع بوتين. وأضاف "سننجز ذلك. علينا أن ننجزه" وتابع أن " 5000 شاب في المتوسط يقتلون أسبوعيا ".
ومن المقرر أن ينطلق في إسطنبول، اجتماع ثلاثي آخر بين تركيا وروسيا وأوكرانيااليوم الجمعة. وستكون هذه أول محادثات مباشرة بين أوكرانيا وروسيا منذ ربيع عام 2022، بعد وقت قصير من بدء الغزو الروسي واسع النطاق. كانت تركيا قد استضافت محادثات بين الدولتين عقب الغزو في فبراير /شباط عام 2022 ولكنها لم تكلل بالنجاح.
تحرير: عبده جميل المخلافي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 15 ساعات
- DW
بلدة أوروبية تدفع المال للأجداد لرعاية أحفادهم.. فما السبب؟ – DW – 2025/5/20
وسط أزمة سكانية خطرة فضلا عن انتشار الفقر بين المسنين، توصّلت بلدة صغيرة أوروبية إلى حلّ يتمثل في دفع المال للأجداد مقابل رعاية الأحفاد. كغيرها من جل دول أوروبا، لا يذهب الأطفال في كرواتيا إلى المدرسة حتى سن السادسة، فيما تُعد الأماكن الشاغرة في الحضانات محدودة. ونتيجة لذلك، يُحرَم آلاف الأطفال من الرعاية كل عام. من جهة ثانية، وجد أكثر من 37% من الكروات الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما أنفسهم عام 2024 تحت خطر الفقر، وهي نسبة تشكل ضعف المتوسط الأوروبي. وفي مسعاها لمعالجة المشكلتين، أصبحت ساموبور التي تبعد نحو 20 كيلومترا عن العاصمة زغرب، أول منطقة في البلاد تقدّم راتبا للأجداد الذين يعتنون بأحفادهم الذين لم يجدوا مكانا لهم في الحضانات الرسمية. تقول رئيسة بلدية المدينة بيترا سكروبوت لوكالة فرانس برس إن "الإيجابيات كثيرة"، مستلهمة قرارها من تجربة سويدية. وفي كرواتيا حيث يبلغ سن التقاعد 65 عاما، "المعاشات التقاعدية منخفضة جدا، ويصعب على الأهل في بعض الأحيان العثور على طريقة لتوفير رعاية لأطفالهم"، بحسب سكروبوت المنتمية إلى حزب فوكوس الليبرالي. تدعم ساموبور مختلف خيارات رعاية الأطفال سواء كانت روضة خاصة أو جليسة أطفال، بما يصل إلى 360 يورو شهريا لكل طفل. وبات هذا الإجراء يوفر أيضا مساعدة مالية للأجداد. وتعتبر أن "هذا الأمر يبقي كبار السن نشطين"، مضيفة "في وقت تزداد عزلة الأشخاص، تحمل هذه الخطوة تأثيرا إيجابيا على الأسر". وسبق أن تقدّم 30 من الأجداد بطلبات ليستفيدوا من هذا الإجراء، الذي تم تقديمه في نهاية آذار/مارس. ومن بين هؤلاء الأشخاص دوبرافكا كوليتيك التي ترحّب بالفكرة وتصفها بأنها جيدة "للأطفال والأجداد". تقول وهي تنظر إلى حفيدها فيكتور البالغ 18 شهرا والمنشغل باللعب بالحجارة "نكسب بضعة يوروهات، وهو أمر جيد لأن معاشاتنا التقاعدية منخفضة، وفي الوقت نفسه نقضي وقتا طويلا مع أحفادنا"، مضيفة "نقترب منهم، وهم يقتربون منّا". العقيدة والحياة - تحدي الشعور بالوحدة To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video تعرب ابنتها دانييلا كوليتيتش عن سعادتها أيضا، خصوصا وأنها لم تجد مكانا في حضانة ابنها. وتقول هذه الخبيرة الاقتصادية البالغة 41 عاما، والتي لها ولدان أكبر سنّا، "إنه أمر جيد جدا: من الأسهل ترك طفل صغير مع شخص تثق به، وفي الوقت نفسه يصبح فيكتور وجدّته أقرب إلى بعضهما البعض". في ظل وجود روضتين للأطفال وعدد جيد من الحضانات، تستقبل ساموبور أعدادا متزايدة من العائلات، التي يجذبها قرب المنطقة من العاصمة وفي الوقت نفسه البيئة الأكثر هدوءا. في العام الفائت، تعيّن فتح صف مدرسي جديد في المدينة. لكن رغم جهود السلطات، لم يحصل أكثر من مئة طفل على مكان في دور الحضانة، وخصوصا الأصغر سنا منهم. وتعتبر مديرة روضة أطفال "غريغور فيتيز" يوسيبا ميلاكوفيتش، أن مبادرة رئيسة البلدية تشكل "مساعدة للأهل". ومنذ إطلاق البرنامج في نهاية آذار/مارس، تلقت سكروبوت اتصالات من مسؤولين منتخبين من مدن عدة لفتهم الإجراء الذي اتخذته. أما بالنسبة إلى السلطات، فالتحدي هائل، إذ مع معدل 1,5 طفل لكل امرأة ونسبة هجرة مرتفعة، قد تنخفض أعداد السكان بشكل الكبير بحلول نهاية القرن - من 3,8 ملايين اليوم إلى 2,5 مليون في العام 2100، بحسب توقعات الأمم المتحدة.

DW
منذ يوم واحد
- DW
خمس سنوات على "بريكست".. لندن تعيد بناء علاقاتها مع بروكسل – DW – 2025/5/19
بعد خمس سنوات على هزة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يبدو أن الطرفين قد شرعا في إعادة تنظيم علاقاتهما عبر اتفاق جديد. ما أهم بنوده؟ وهل من قضايا ما تزال عالقة بين الجانبين؟ أ ف ب خالد سلامة أ ف ب خالد سلامة أ ف ب أبرمت بريطانيا والاتحاد الأوروبي الإثنين (19 أيار/مايو 2025) اتفاقاً غير مسبوق يحدد ملامح علاقات أوثق بينهما في مجالي الدفاع والتجارة ويفتح فصلاً جديداً بعد خروج المملكة المتحدة المثير للجدل من التكتل قبل خمس سنوات. وقال رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر إن الاتفاق الذي وصفه بأنه منصف، "يمثل بداية عصر جديد في علاقتنا... نحن نتفق على شراكة استراتيجية جديدة تناسب متطلبات زمننا". وقال ستارمر خلال مؤتمر صحافي مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين إنه "اتفاق جيد للطرفين". ومن المفترض أن تؤدي شراكة الدفاع إلى إجراء محادثات أمنية بشكل أكثر انتظاماً، واحتمال مشاركة بريطانيا في بعثات عسكرية تابعة للاتحاد الأوروبي، فضلاً عن إمكانية استفادة لندن الكاملة من صندوق دفاع بقيمة 150 مليار يورو (167 مليار دولار) اتفقت دول التكتل على إنشائه. واتفق الجانبان على رفع القيود المفروضة على الصادرات البريطانية إلى دول الاتحاد الأوروبي الـ27، مقابل تمديد بريطانيا حقوق الصيد للاتحاد الأوروبي في مياهها الإقليمية لمدة 12 عاماً إضافياً. وأضاف ستارمر أن المملكة المتحدة ستجني "فوائد حقيقية وملموسة" في مجالات مثل "الأمن والهجرة غير النظامية وأسعار الطاقة والمنتجات الزراعية والغذائية والتجارة"، بالإضافة إلى "خفض الفواتير وتوفير فرص العمل وحماية حدودنا". فون دير لاين: صفحة جديدة من جهتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية "هذا يوم مهم لأننا نطوي الصفحة ونفتح فصلاً جديداً. هذا أمر بالغ الأهمية في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، لأننا نتشارك في الرؤية والقيم نفسها". وأشار دبلوماسيون أوروبيون إلى أن الاتفاق جاء بعد مفاوضات جرت خلال الليل وتم خلالها تجاوز الخلافات في قضايا رئيسية. وقالت المملكة المتحدة إن الاتفاق الاقتصادي الجديد مع الاتحاد الأوروبي يخفف من إجراءات التفتيش الجمركي على المنتجات الغذائية والنباتية، بما يسمح "من جديد بحرية تدفق السلع". وأضافت رئاسة الحكومة البريطانية (داونينغ ستريت) في بيان أن هذا الاتفاق سيضيف "ما يقرب من 9 مليارات جنيه إسترليني" (12 مليار دولار) إلى الاقتصاد البريطاني بحلول عام 2040. رأت حكومة العمال بزعامة ستارمر أن الاتفاق الذي أبرمته حكومة المحافظين السابقة "لا يخدم مصالح أي طرف". لكن ستارمر، الذي تولى رئاسة الوزراء عقب انتخابات تموز/يوليو الماضي رسم عدة خطوط حمراء قال إنه لن يتجاوزها. وبقيت نقاط شائكة حول بعض مطالب الاتحاد الأوروبي، فيما ينتقد المحافظون خطوة "إعادة تنظيم" العلاقات باعتبارها "استسلاماً". ووقع الجانبان اتفاق "الشراكة الأمنية والدفاعية" في ختام الاجتماع الذي ضم الاثنين إلى ستارمر وفون دير لاين، رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد كايا كالاس. وتم التوقيع كذلك على بيان مشترك بشأن التضامن الأوروبي ووثيقة تفاهم بشأن قضايا تتراوح من التجارة إلى الصيد وتنقل الشباب. ماذا عن الهجرة؟ بموجب الاتفاق النهائي، تُبقي بريطانيا مياهها مفتوحة أمام الصيادين الأوروبيين لمدة 12 عاماً بعد انتهاء صلاحية الاتفاق الحالي في عام 2026، مقابل تخفيف دول الاتحاد السبع والعشرين القيود البيروقراطية على واردات السلع الغذائية من المملكة المتحدة إلى أجل غير مسمى. ومن شأن الاتفاق "أن يؤدي إلى تنفيذ الغالبية العظمى من عمليات نقل الحيوانات ومنتجاتها والنباتات ومنتجاتها بين بريطانيا العظمى والاتحاد الأوروبي من دون الحاجة إلى الشهادات أو إجراءات الرقابة المعمول بها حالياً". وفيما يتعلق بمسألة تنقل الشباب، اتفق المفاوضون على صياغة عامة تُؤجل المساومة إلى وقت لاحق. وتخشى لندن أن يُؤدي أي برنامج لتنقل الشباب إلى عودة حرية التنقل بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. ورفض ستارمر العودة إلى حرية الحركة الكاملة، لكنه منفتح على برنامج تنقل يتيح لبعض الشباب البريطانيين والأوروبيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا الدراسة والعمل في المملكة المتحدة وبالعكس. وستارمر، الذي تعهّد بمواجهة تصاعد الهجرة غير النظامية، يتعامل مع هذا الملف بحذر في ظل صعود حزب "إصلاح المملكة المتحدة" (ريفورم يو كي) اليميني المتشدد، المناهض للهجرة والاتحاد الأوروبي، بقيادة نايجل فاراج. وتأتي المحادثات في وقت يسعى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لزيادة التسلح في مواجهة التهديد من روسيا والمخاوف من تراجع الولايات المتحدة عن المساهمة في حماية أوروبا في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب. لكن العديد من التفاصيل المتعلقة بالشراكة الدفاعية ستترك لتنجز لاحقاً. وستتطلب إزالة القيود أمام المملكة المتحدة وصناعتها الدفاعية للاستفادة من برامج الاتحاد الأوروبي اتفاقاً إضافياً. وترتبط بريطانيا أصلاً بعلاقات دفاعية متشابكة مع 23 من دول الاتحاد الأوروبي من خلال حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لذلك تعد شراكة الدفاع الجزء الأسهل من الاتفاقات المطروحة. وقالت أوليفيا أوسوليفان، مديرة برنامج المملكة المتحدة في العالم بمركز تشاتام هاوس للأبحاث لوكالة فرانس برس إن الاتفاق هو "الخطوة التالية نحو تعاون أوثق... لكنه لا يمثل حلاً للعديد من القضايا العالقة". تحرير: عبده جميل المخلافي

DW
منذ 3 أيام
- DW
رفع العقوبات عن سوريا ـ لبنان بين الربح والخسارة – DW – 2025/5/18
لطالما كان لبنان وجهة سياحة ونقطة جذب لرؤوس الأموال وواحة للحريات السياسية في الشرق الأوسط. هذه الميزات تفرد بها لبنان لعقود. لكن في ظل التغيرات الجيوسياسية والانفتاح المرتقب في سوريا هل يحافظ لبنان على دوره في المنطقة؟ "سويسرا الشرق الأوسط"... هذا الوصف لازم بيروت لعقود وحتى الأمس القريب. ولهذا الوصف أبعاد تعكس جغرافيا لبنان وطبيعته كوجهة سياحية، ونظامه الاقتصادي الحر الجذاب لرؤوس الأموال في ظل السرية المصرفية، والنظام السياسي الذي يضمن حرية التعبير والكتابة والفن إلى حد بعيد. لطالما كان هذا دور لبنان في المنطقة في ظل محيط تحكمه أنظمة بالحديد والنار. فهل تهدد سوريا ديمقراطية، ذات اقتصاد حر، الوظيفة التي كان يتفرّد بها لبنان في المنطقة؟ رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا سيطلق مرحلة جديدة في البلاد بعدما طوت صفحة نظام البعث . ومن المتوقع أن يسهم هذا بتدفق الأموال والمساعدات لإعادة إعمار البلاد التي دمرت الحرب الأهلية معظم بنيتها التحتية ومدنها وقراها. وسيسمح لسوريا بالعودة إلى النظام المصرفي العالمي وبالتالي إعادة إطلاق عجلة الاقتصاد في بلد لديه مساحات شاسعة للنهوض بالزراعة، ويد عاملة للنهوض بالصناعة، وطبيعة ومناخ قد يسمح الاستقرار السياسي والأمني فيها لتطوير السياحة. رفع العقوبات عن سوريا وفرص للبنان في الرياض حضر الرئيس السوري أحمد الشرع وغاب الرئيس اللبناني جوزيف عون، لكن لبنان لم يغب عن كلمة ترامب صورة من: Bandar Al-Jaloud/Saudi Royal Palace/IMAGO قد يبدو نظام ديمقراطي واقتصاد ليبيرالي حر في سوريا في الوقت الراهن أمرا بعيد المنال ودونه الكثير من المطبات والتحديات، خاصة بعد جولات التقاتل الطائفي التي شهدتها البلاد مؤخرا. لكن إعلان ترامب عن رفع العقوبات عن سوريا من الرياض جاء كأنه سفر بالزمن إلى المستقبل. وأعطى لقاء ترامب-الشرع بحضور ولي العهد السعودي شرعية لرئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع وحكومته. ويبدي الرجل براغماتية استثنائية مع الدول الغربية من خلال تطمينات عن حقوق المرأة ودمج وتمثيل وانفتاحه على معالجة ملفات حساسة في البلاد كالتعامل مع آلاف المقاتلين الأجانب في سوريا وإبعادهم عن دائرة القرار، وانخراطه في محادثات غير مباشرة مع إسرائيل وانفتاحه على تسوية طويلة الأمد بهذا الخصوص وصولا ربما إلى تطبيع العلاقات . يقف لبنان عند مفترق طرق من كل هذا، فيما لا تزال البلاد تتعاطى مع تبعات الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، ومنها تأمين إعادة الإعمار وحل سلاح حزب الله والمنظمات الفلسطينية، إضافة إلى تبعات الأزمة الاقتصادية والمالية الأسوأ في تاريخ البلاد. قد يشكل رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتخلص من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية لأكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري في لبنان يشكلون ضغطا على سوق العمل والبنى التحتية، حيث قد يسمح الواقع الجديد بتدفق المساعدات الدولية إلى سوريا ويدفع بملايين النازحين السوريين للعودة إلى بلادهم مع إمكانية الاستفادة من التقديمات والمساعدات في الداخل السوري. وسيسمح وصول سوريا إلى الأسواق العالمية بحرية الاستيراد والتجارة وبالتالي انخفاض أو حتى وقف حركة تهريب البضائع والمحروقات من لبنان عبر المعابر غير الشرعية على طول الحدود البرية. ويرى لبنان في رفع العقوبات الاقتصادية فرصة لاستجرار الكهرباء والغاز الطبيعي عبر سوريا، للتخلص من أزمة الطاقة التي استنفذت لعقود حوالي نصف الميزانية العامة وشكلت عبئا هائلا على اقتصاد البلاد المتهالك. وهذا مشروع بنيته التحتية شبه جاهزة لكن العقوبات الدولية والحصار الاقتصادي على سوريا حال دون تنفيذه لسنوات. التكامل الاقتصادي والمنافسة يرى الدكتور سامي نادر، الخبير الاقتصادي ومدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية، أن التكامل الاقتصادي بين لبنان وسوريا أكبر بكثير من المنافسة لأن طبيعة البلدين مختلفة كما تراكم المعرفة والميزة التنافسية لكل منهما، ويقول "سوريا تمتلك مساحات زراعية ويد عاملة مثلا فيما يمتلك لبنان عقول وخدمات مختلفة مثل التكنولوجيا والخدمات المصرفية." ويضيف نادر في اتصال مع DW عربية أن سوريا تعتبر جزءً من عمق لبنان الاقتصاديخصوصا أن المسافة بين بيروت ودمشق قريبة جدا وبالتالي سوريا ممر برّي إلزامي لحركة البضائع اللبنانية والعكس صحيح. رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتخلص من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية لأكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري في لبنان يشكلون ضغطا على سوق العمل والبنى التحتية (أرشيف) صورة من: picture-alliance/dpa/M. Naaamani ويرى نادر أن انفتاح سوريا يشكل فرصة لإنشاء أسواق مشتركة، " السوق اللبناني الذي يخدم حوالي 5 ملايين لبناني والسوق السوري الذي يخدم حوالي 20 مليون سوري، قد يصبح سوقا يخدم 25 مليون نسمة، وبالتالي المنافسة لن تكون بين البلدين بقدر ما ستكون منافسة بين الوحدات الإنتاجية في كلا البلدين." الغلبة للدولة التي تتقدم بوتيرة أسرع وفيما يرى نادر الكثير من الإيجابية في الانفتاح الاقتصادي لسوريا لا يخفي تخوفه على دور لبنان الإقليمي إذا لم تواكب الدولة اللبنانية سرعة التحولات في المنطقة؛ "إذا سبقت دمشق بيروت بالمصالحة مع دول الخليج والعلاقات الجيوسياسية في المحيط سيكون لها الأفضلية لالتقاط الفرص السياسية والاقتصادية." ويعتبر نادر أن التقدم في الإصلاح السياسي والتموضع الجيوسياسي في المكان والزمان المناسبين سيعطي الغلبة للدولة التي تتقدم بها بوتيرة أسرع. في الرياض حضر الرئيس السوري أحمد الشرع وغاب الرئيس اللبناني جوزيف عون، لكن لبنان لم يغب عن كلمة ترامب في القمة التي عقدها مع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث قال "في لبنان هناك فرصة جديدة للمستقبل بعيدا عن قبضة حزب الله، إذا استطاع الرئيس ورئيس مجلس الوزراء بناء دولة جديدة". فهل يقتنص لبنان هذه الفرصة؟ تحرير: عبده جميل المخلافي