
رفع العقوبات عن سوريا ـ لبنان بين الربح والخسارة – DW – 2025/5/18
لطالما كان لبنان وجهة سياحة ونقطة جذب لرؤوس الأموال وواحة للحريات السياسية في الشرق الأوسط. هذه الميزات تفرد بها لبنان لعقود. لكن في ظل التغيرات الجيوسياسية والانفتاح المرتقب في سوريا هل يحافظ لبنان على دوره في المنطقة؟
"سويسرا الشرق الأوسط"... هذا الوصف لازم بيروت لعقود وحتى الأمس القريب. ولهذا الوصف أبعاد تعكس جغرافيا لبنان وطبيعته كوجهة سياحية، ونظامه الاقتصادي الحر الجذاب لرؤوس الأموال في ظل السرية المصرفية، والنظام السياسي الذي يضمن حرية التعبير والكتابة والفن إلى حد بعيد.
لطالما كان هذا دور لبنان في المنطقة في ظل محيط تحكمه أنظمة بالحديد والنار. فهل تهدد سوريا ديمقراطية، ذات اقتصاد حر، الوظيفة التي كان يتفرّد بها لبنان في المنطقة؟
رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا سيطلق مرحلة جديدة في البلاد بعدما طوت صفحة نظام البعث . ومن المتوقع أن يسهم هذا بتدفق الأموال والمساعدات لإعادة إعمار البلاد التي دمرت الحرب الأهلية معظم بنيتها التحتية ومدنها وقراها.
وسيسمح لسوريا بالعودة إلى النظام المصرفي العالمي وبالتالي إعادة إطلاق عجلة الاقتصاد في بلد لديه مساحات شاسعة للنهوض بالزراعة، ويد عاملة للنهوض بالصناعة، وطبيعة ومناخ قد يسمح الاستقرار السياسي والأمني فيها لتطوير السياحة.
رفع العقوبات عن سوريا وفرص للبنان
في الرياض حضر الرئيس السوري أحمد الشرع وغاب الرئيس اللبناني جوزيف عون، لكن لبنان لم يغب عن كلمة ترامب صورة من: Bandar Al-Jaloud/Saudi Royal Palace/IMAGO
قد يبدو نظام ديمقراطي واقتصاد ليبيرالي حر في سوريا في الوقت الراهن أمرا بعيد المنال ودونه الكثير من المطبات والتحديات، خاصة بعد جولات التقاتل الطائفي التي شهدتها البلاد مؤخرا.
لكن إعلان ترامب عن رفع العقوبات عن سوريا من الرياض جاء كأنه سفر بالزمن إلى المستقبل.
وأعطى لقاء ترامب-الشرع بحضور ولي العهد السعودي شرعية لرئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع وحكومته. ويبدي الرجل براغماتية استثنائية مع الدول الغربية من خلال تطمينات عن حقوق المرأة ودمج وتمثيل وانفتاحه على معالجة ملفات حساسة في البلاد كالتعامل مع آلاف المقاتلين الأجانب في سوريا وإبعادهم عن دائرة القرار، وانخراطه في محادثات غير مباشرة مع إسرائيل وانفتاحه على تسوية طويلة الأمد بهذا الخصوص وصولا ربما إلى تطبيع العلاقات .
يقف لبنان عند مفترق طرق من كل هذا، فيما لا تزال البلاد تتعاطى مع تبعات الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، ومنها تأمين إعادة الإعمار وحل سلاح حزب الله والمنظمات الفلسطينية، إضافة إلى تبعات الأزمة الاقتصادية والمالية الأسوأ في تاريخ البلاد.
قد يشكل رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتخلص من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية لأكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري في لبنان يشكلون ضغطا على سوق العمل والبنى التحتية، حيث قد يسمح الواقع الجديد بتدفق المساعدات الدولية إلى سوريا ويدفع بملايين النازحين السوريين للعودة إلى بلادهم مع إمكانية الاستفادة من التقديمات والمساعدات في الداخل السوري.
وسيسمح وصول سوريا إلى الأسواق العالمية بحرية الاستيراد والتجارة وبالتالي انخفاض أو حتى وقف حركة تهريب البضائع والمحروقات من لبنان عبر المعابر غير الشرعية على طول الحدود البرية.
ويرى لبنان في رفع العقوبات الاقتصادية فرصة لاستجرار الكهرباء والغاز الطبيعي عبر سوريا، للتخلص من أزمة الطاقة التي استنفذت لعقود حوالي نصف الميزانية العامة وشكلت عبئا هائلا على اقتصاد البلاد المتهالك. وهذا مشروع بنيته التحتية شبه جاهزة لكن العقوبات الدولية والحصار الاقتصادي على سوريا حال دون تنفيذه لسنوات.
التكامل الاقتصادي والمنافسة
يرى الدكتور سامي نادر، الخبير الاقتصادي ومدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية، أن التكامل الاقتصادي بين لبنان وسوريا أكبر بكثير من المنافسة لأن طبيعة البلدين مختلفة كما تراكم المعرفة والميزة التنافسية لكل منهما، ويقول "سوريا تمتلك مساحات زراعية ويد عاملة مثلا فيما يمتلك لبنان عقول وخدمات مختلفة مثل التكنولوجيا والخدمات المصرفية."
ويضيف نادر في اتصال مع DW عربية أن سوريا تعتبر جزءً من عمق لبنان الاقتصاديخصوصا أن المسافة بين بيروت ودمشق قريبة جدا وبالتالي سوريا ممر برّي إلزامي لحركة البضائع اللبنانية والعكس صحيح.
رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتخلص من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية لأكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري في لبنان يشكلون ضغطا على سوق العمل والبنى التحتية (أرشيف) صورة من: picture-alliance/dpa/M. Naaamani
ويرى نادر أن انفتاح سوريا يشكل فرصة لإنشاء أسواق مشتركة، " السوق اللبناني الذي يخدم حوالي 5 ملايين لبناني والسوق السوري الذي يخدم حوالي 20 مليون سوري، قد يصبح سوقا يخدم 25 مليون نسمة، وبالتالي المنافسة لن تكون بين البلدين بقدر ما ستكون منافسة بين الوحدات الإنتاجية في كلا البلدين."
الغلبة للدولة التي تتقدم بوتيرة أسرع
وفيما يرى نادر الكثير من الإيجابية في الانفتاح الاقتصادي لسوريا لا يخفي تخوفه على دور لبنان الإقليمي
إذا لم تواكب الدولة اللبنانية سرعة التحولات في المنطقة؛ "إذا سبقت دمشق بيروت بالمصالحة مع دول الخليج والعلاقات الجيوسياسية في المحيط سيكون لها الأفضلية لالتقاط الفرص السياسية والاقتصادية." ويعتبر نادر أن التقدم في الإصلاح السياسي والتموضع الجيوسياسي في المكان والزمان المناسبين سيعطي الغلبة للدولة التي تتقدم بها بوتيرة أسرع.
في الرياض حضر الرئيس السوري أحمد الشرع وغاب الرئيس اللبناني جوزيف عون، لكن لبنان لم يغب عن كلمة ترامب في القمة التي عقدها مع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث قال "في لبنان هناك فرصة جديدة للمستقبل بعيدا عن قبضة حزب الله، إذا استطاع الرئيس ورئيس مجلس الوزراء بناء دولة جديدة".
فهل يقتنص لبنان هذه الفرصة؟
تحرير: عبده جميل المخلافي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

DW
منذ 2 أيام
- DW
سوريا - هيئتان للعدالة الانتقالية والمفقودين ودمج كل الفصائل – DW – 2025/5/18
أعلن أحمد الشرع تشكيل هيئتين للعدالة الانتقالية والمفقودين في سوريا بالتزامن مع إنجاز دمج جميع الفصائل العسكرية ضمن وزارة الدفاع وإمهال "المجموعات الصغيرة" 10 أيام، فما فعالية القرارات الجديدة؟ أ ف ب، رويترز أعلنت السلطات السورية تشكيل هيئتين للعدالة الانتقالية والمفقودين، سعيا لمعالجة ملفين من الأكثر تعقيدا في المرحلة الانتقالية عقب الإطاحة بحكم بشار الأسد. وجاء في مرسوم وقعه الرئيس أحمد الشرع السبت (17 أيار/مايو 2025)، أن الهيئة الجديدة "تعنى بكشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي تسبب فيها النظام البائد، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها بالتنسيق مع الجهات المعنية، وجبر الضرر الواقع على الضحايا، وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية". وعيّن عبد الباسط عبد اللطيف رئيسا لهيئة العدالة الانتقالية، بموجب المرسوم الذي كلّفه "بتشكيل فريق العمل ووضع النظام الداخلي خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما من تاريخ هذا الاعلان". وتعهدت السلطة الجديدة المضي نحو عدالة انتقالية شاملة وإنشاء هيئة خاصة، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة خلال سنوات النزاع الذي اندلع عام 2011، وضمان عدم تكرار الانتهاكات، وسط دعوات من المجتمع الدولي لتطبيق العدالة الانتقالية بعد 14 عاما من الصراع. ومنذ الإطاحة بالأسد، أعلنت السلطات إلقاء القبض على عشرات العسكريين والأمنيين السابقين، متهمة إياهم بالتورط في "جرائم حرب". وأعلنت السلطات تشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية بعد أكثر من خمسة أشهر على فرار بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024. تشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين بسوريا ويبقى المصير المجهول لعشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين من الموروثات المروعة خلال الثورة السورية. وأتى تشكيل "الهيئة الوطنية للمفقودين" بهدف كشف مصير "آلاف" من المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا . وكلفت الهيئة "بالبحث والكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسرا، وتوثيق الحالات، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية، وتقديم الدعم القانوني والإنساني لعائلاتهم". وسيرئس الهيئة محمد رضى خلجي الذي عيّن في آذار/مارس عضوا في اللجنة المكلفة صياغة مسودة إعلان دستوري. وأقر المرسومان تمتع هيئتي المفقودين والعدالة الانتقالية "بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والاداري". وكان الشرع وقّع في آذار/مارس إعلانا دستوريا للمرحلة الانتقالية، يُحدد مدتها بخمس سنوات، على أن يتم "إحداث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية" بهدف "تحديد سبل المساءلة والحق في معرفة الحقيقة وإنصاف الضحايا والناجين". وسبق للعديد من المنظمات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني والأطراف الدوليين، التشديد على أهمية العدالة الانتقالية وكشف مصير المفقودين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات خلال حكم الأسد الذي امتد زهاء ربع قرن، في التأسيس للمرحلة الجديدة في البلاد. أعلنت وزارة الدفاع السورية عملية إنجاز دمج جميع الفصائل العسكرية تحت لوائها. صورة من: Yamam Al Shaar/REUTERS دمج كافة الفصائل وسبق تشكيل الهيئتين، إعلان وزارة الدفاع السورية عملية ترمي إلى إنجاز دمج "جميع الفصائل العسكرية ضمن الوزارة". وقال وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة في تغريدة على منصة (اكس): "لقد بدأنا بعد تحرير سورية فوراً العمل على دمج الوحدات العسكرية ضمن إطار مؤسساتي موحد، واليوم ننقل لشعبنا الكريم نبأ دمج كل الوحدات ضمن وزارة الدفاع السورية". وبحسب الوزير، فقد جرى إمهال "المجموعات الصغيرة" عشرة أيام للالتحاق بوزارة الدفاع، في سياق سعى السلطات الجديدة لتوحيد الجماعات المسلحة تحت إمرتها. ولم يحدد أبو قصرة المجموعات التي لم تلتحق بعد بالوزارة، أو الاجراءات المحتملة في حال لم تلتزم المهلة. يشار إلى أنه بعد نحو شهرين من إسقاط حكم بشار الأسد، أعلنت السلطة الجديدة حلّ الجيش والأجهزة الأمنية التي كانت قائمة في العهد السابق. وتم حلّ كافة الفصائل المسلحة، بما فيها هيئة تحرير الشام، الفصيل الذي تزعمه الشرع في إدلب (شمال غرب)، وقاد الهجوم الذي أطاح الأسد. ولاحقا، ضمّت السلطات الفصائل التي وافقت على حلّ نفسها إلى وزارة الدفاع، كما فتحت باب التطوّع لصالح جهاز الأمن العام، وذلك في إطار مساعيها لتشكيل جيش وقوى أمن جديدة. وانضوت ضمن وزارة الدفاع فصائل من درعا (جنوبا) وأخرى ترعاها أنقرة في الشمال، إضافة إلى فصائل مثل "جيش الإسلام". ورغم ذلك، فقد احتفظت تلك الفصائل بسلاحها وأبقت على انتشارها في مقراتها الخاصة، وتتولى وحدات منها حراسة مقرات كانت تتبع للجيش السابق. وتواجه السلطة الانتقالية تحديات أمنية كبيرة تحول دون بسط نفوذها على كامل التراب السوري، بالنظر إلى وجود مجموعات مسلحة متعددة الولاء ومناطق لا تحظى فيها بحاضنة شعبية. تحرير صلاح شرارة

DW
منذ 3 أيام
- DW
رفع العقوبات عن سوريا ـ لبنان بين الربح والخسارة – DW – 2025/5/18
لطالما كان لبنان وجهة سياحة ونقطة جذب لرؤوس الأموال وواحة للحريات السياسية في الشرق الأوسط. هذه الميزات تفرد بها لبنان لعقود. لكن في ظل التغيرات الجيوسياسية والانفتاح المرتقب في سوريا هل يحافظ لبنان على دوره في المنطقة؟ "سويسرا الشرق الأوسط"... هذا الوصف لازم بيروت لعقود وحتى الأمس القريب. ولهذا الوصف أبعاد تعكس جغرافيا لبنان وطبيعته كوجهة سياحية، ونظامه الاقتصادي الحر الجذاب لرؤوس الأموال في ظل السرية المصرفية، والنظام السياسي الذي يضمن حرية التعبير والكتابة والفن إلى حد بعيد. لطالما كان هذا دور لبنان في المنطقة في ظل محيط تحكمه أنظمة بالحديد والنار. فهل تهدد سوريا ديمقراطية، ذات اقتصاد حر، الوظيفة التي كان يتفرّد بها لبنان في المنطقة؟ رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا سيطلق مرحلة جديدة في البلاد بعدما طوت صفحة نظام البعث . ومن المتوقع أن يسهم هذا بتدفق الأموال والمساعدات لإعادة إعمار البلاد التي دمرت الحرب الأهلية معظم بنيتها التحتية ومدنها وقراها. وسيسمح لسوريا بالعودة إلى النظام المصرفي العالمي وبالتالي إعادة إطلاق عجلة الاقتصاد في بلد لديه مساحات شاسعة للنهوض بالزراعة، ويد عاملة للنهوض بالصناعة، وطبيعة ومناخ قد يسمح الاستقرار السياسي والأمني فيها لتطوير السياحة. رفع العقوبات عن سوريا وفرص للبنان في الرياض حضر الرئيس السوري أحمد الشرع وغاب الرئيس اللبناني جوزيف عون، لكن لبنان لم يغب عن كلمة ترامب صورة من: Bandar Al-Jaloud/Saudi Royal Palace/IMAGO قد يبدو نظام ديمقراطي واقتصاد ليبيرالي حر في سوريا في الوقت الراهن أمرا بعيد المنال ودونه الكثير من المطبات والتحديات، خاصة بعد جولات التقاتل الطائفي التي شهدتها البلاد مؤخرا. لكن إعلان ترامب عن رفع العقوبات عن سوريا من الرياض جاء كأنه سفر بالزمن إلى المستقبل. وأعطى لقاء ترامب-الشرع بحضور ولي العهد السعودي شرعية لرئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع وحكومته. ويبدي الرجل براغماتية استثنائية مع الدول الغربية من خلال تطمينات عن حقوق المرأة ودمج وتمثيل وانفتاحه على معالجة ملفات حساسة في البلاد كالتعامل مع آلاف المقاتلين الأجانب في سوريا وإبعادهم عن دائرة القرار، وانخراطه في محادثات غير مباشرة مع إسرائيل وانفتاحه على تسوية طويلة الأمد بهذا الخصوص وصولا ربما إلى تطبيع العلاقات . يقف لبنان عند مفترق طرق من كل هذا، فيما لا تزال البلاد تتعاطى مع تبعات الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، ومنها تأمين إعادة الإعمار وحل سلاح حزب الله والمنظمات الفلسطينية، إضافة إلى تبعات الأزمة الاقتصادية والمالية الأسوأ في تاريخ البلاد. قد يشكل رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتخلص من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية لأكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري في لبنان يشكلون ضغطا على سوق العمل والبنى التحتية، حيث قد يسمح الواقع الجديد بتدفق المساعدات الدولية إلى سوريا ويدفع بملايين النازحين السوريين للعودة إلى بلادهم مع إمكانية الاستفادة من التقديمات والمساعدات في الداخل السوري. وسيسمح وصول سوريا إلى الأسواق العالمية بحرية الاستيراد والتجارة وبالتالي انخفاض أو حتى وقف حركة تهريب البضائع والمحروقات من لبنان عبر المعابر غير الشرعية على طول الحدود البرية. ويرى لبنان في رفع العقوبات الاقتصادية فرصة لاستجرار الكهرباء والغاز الطبيعي عبر سوريا، للتخلص من أزمة الطاقة التي استنفذت لعقود حوالي نصف الميزانية العامة وشكلت عبئا هائلا على اقتصاد البلاد المتهالك. وهذا مشروع بنيته التحتية شبه جاهزة لكن العقوبات الدولية والحصار الاقتصادي على سوريا حال دون تنفيذه لسنوات. التكامل الاقتصادي والمنافسة يرى الدكتور سامي نادر، الخبير الاقتصادي ومدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية، أن التكامل الاقتصادي بين لبنان وسوريا أكبر بكثير من المنافسة لأن طبيعة البلدين مختلفة كما تراكم المعرفة والميزة التنافسية لكل منهما، ويقول "سوريا تمتلك مساحات زراعية ويد عاملة مثلا فيما يمتلك لبنان عقول وخدمات مختلفة مثل التكنولوجيا والخدمات المصرفية." ويضيف نادر في اتصال مع DW عربية أن سوريا تعتبر جزءً من عمق لبنان الاقتصاديخصوصا أن المسافة بين بيروت ودمشق قريبة جدا وبالتالي سوريا ممر برّي إلزامي لحركة البضائع اللبنانية والعكس صحيح. رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتخلص من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية لأكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري في لبنان يشكلون ضغطا على سوق العمل والبنى التحتية (أرشيف) صورة من: picture-alliance/dpa/M. Naaamani ويرى نادر أن انفتاح سوريا يشكل فرصة لإنشاء أسواق مشتركة، " السوق اللبناني الذي يخدم حوالي 5 ملايين لبناني والسوق السوري الذي يخدم حوالي 20 مليون سوري، قد يصبح سوقا يخدم 25 مليون نسمة، وبالتالي المنافسة لن تكون بين البلدين بقدر ما ستكون منافسة بين الوحدات الإنتاجية في كلا البلدين." الغلبة للدولة التي تتقدم بوتيرة أسرع وفيما يرى نادر الكثير من الإيجابية في الانفتاح الاقتصادي لسوريا لا يخفي تخوفه على دور لبنان الإقليمي إذا لم تواكب الدولة اللبنانية سرعة التحولات في المنطقة؛ "إذا سبقت دمشق بيروت بالمصالحة مع دول الخليج والعلاقات الجيوسياسية في المحيط سيكون لها الأفضلية لالتقاط الفرص السياسية والاقتصادية." ويعتبر نادر أن التقدم في الإصلاح السياسي والتموضع الجيوسياسي في المكان والزمان المناسبين سيعطي الغلبة للدولة التي تتقدم بها بوتيرة أسرع. في الرياض حضر الرئيس السوري أحمد الشرع وغاب الرئيس اللبناني جوزيف عون، لكن لبنان لم يغب عن كلمة ترامب في القمة التي عقدها مع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث قال "في لبنان هناك فرصة جديدة للمستقبل بعيدا عن قبضة حزب الله، إذا استطاع الرئيس ورئيس مجلس الوزراء بناء دولة جديدة". فهل يقتنص لبنان هذه الفرصة؟ تحرير: عبده جميل المخلافي

DW
منذ 3 أيام
- DW
ملفات ساخنة على طاولة قمة بغداد وسط غياب معظم القادة – DW – 2025/5/17
وسط غياب معظم القادة، انطلقت القمة العربية في بغداد في ظل أحدث إقليمية كبيرة في الشرق الأوسط. ورئيس الحكومة العراقية أعلن "تأسيس الصندوق العربي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار" في لبنان بـ 40 مليون دولار. أ ف ب انطلقت في العاصمة العراقية بغدادالسبت (17 مايو/أيار 2025) القمةالرابعة والثلاثين لجامعة الدول العربية حيث يناقش القادة ملفات عديدة لا سيما الحرب في غزة في ظلّ تواصل الغارات الإسرائيلية على غزة حيث تتفاقم الأزمة الإنسانية. وعشية انطلاق القمة، أكد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني أن الغياب الدولي أسهم في تفاقم ما يحدث في غزة و الضفة الغربية. وتعهّد العراق في بداية انعقاد القمة بتقديم 40 مليون دولار في إطار الجهود لإعادة إعمار قطاع غزة ولبنان. وأعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للقمة "تأسيس الصندوق العربي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار بعد الأزمات (...) وإسهام العراق بمبلغ 20 مليون دولار لإعمار غزة و20 مليون دولار لإعمار لبنان الشقيق". وتتزامن هذه القمّة مع تغيرات إقليمية تشمل عمل السلطات السورية الانتقالية برئاسة أحمد الشرع على فتح صفحة جديدة مع العرب والغرب، وإضعاف حرب غزة إيران وحلفائها فيما تواصل واشنطن و طهران مفاوضاتهما النووية. وإلى جانب المسؤولين العرب، سيحضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، لكن يغيب معظم القادة العرب عن القمة. ونقلت فرانس برس عن أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد إحسان الشمّري إن القمة ستبحث "مبادرة شاملة باتجاه (وقف) الحرب في غزة وإعادة الإعمار وتوفير المساعدات الإنسانية"، بالإضافة إلى "دعم المرحلة الانتقالية في سوريا ودعم الحكومة الجديدة في لبنان". وتأتي هذه القمة بعد اجتماع طارئ عُقد في القاهرة في آذار/مارس تبنى خلاله القادة العرب خطة لإعادة إعمار غزة تلحظ عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع وتمثل طرحا بديلا لمقترح قدّمه ترامب يقضي بتهجير السكان ووضع القطاع تحت سيطرة واشنطن. وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إن قمة بغداد "ستدعم" قرارات قمة القاهرة، في وقت تتصدّر القضية الفلسطينية أولويات الاجتماع. واستضافت بغداد قمة عربية عام 2012 في أوج توترات أمنية في العراق، وحرب أهلية دامية في سوريا في عهد بشار الأسد الذي أطيح بهجوم لفصائل معارضة بقيادة الشرع. وتحلّ القمة كذلك في ظلّ تحديات تواجهها السلطات السورية الجديدة في سعيها لتثبيت حكمها ورسم أطر العلاقة مع مختلف المكونات الوطنية، وكذلك مع الخارج. ومنذ إطاحة حكم الأسد الذي كان حليفا وثيقا لها، تتعامل بغداد بحذر مع دمشق التي تأمل بدورها بنسج علاقة وثيقة مع جارتها. ولن يكون أحمد الشرع الذي سُجن في العراق لسنوات بسبب مشاركته في القتال في صفوف تنظيم القاعدة ضد القوات الأمريكية وحلفائها، حاضرا في الاجتماع، بعدما قوبلت دعوته إلى القمة بانتقادات شديدة من سياسيين عراقيين بارزين موالين لإيران على مدى أسابيع. وسيرأس وزير خارجيته أسعد الشيباني وفد البلاد. والتقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال جولته الخليجية في الرياض الشرع وذلك بعدما أعلن رفع العقوبات التي فُرضت على سوريا خلال حكم الأسد. ويستضيف العراق القمة في وقت تسعى حليفته إيران إلى تخفيف وطأة العقوبات الأمريكية المفروضة عليها منذ سنوات طويلة والتي تخنق اقتصادها. وتحدث ترامب خلال جولته الخليجية عن الاقتراب من إبرام اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. وبوساطة عُمانية، أجرت إدارة ترامب أربع جولات من المفاوضات مع طهران سعيا لابرام اتفاق جديد بشأن برنامجها النووي، بعدما حضّ الرئيس الأمريكي طهران على التفاوض، ملوّحا بقصفها إذا لم يتم التوصل إلى تسوية في هذا المجال. ويعتبر الشمّري أن القادة العرب "سيناقشون في جلساتهم المغلقة ما يمكن أن تفرزه هذه المفاوضات وتأثيرها سواء على مستوى التسوية أو حتى على مستوى الصِدام". تحرير عبده جميل المخلافي