
ترامب يمعن في ابتزاز الاتحاد الأوروبي برسوم جمركية مباشرة... ماذا عن الخسائر والحاجة لاستراتيجية جديدة للمواجهة؟
عاشت دول الاتحاد الأوروبي قبل أيام حالاً من الترقب مع تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية مباشرة بنسبة 50% اعتباراً من الأول من حزيران/يونيو المقبل، قبل أن يعود ويقرر بعد مكالمة هاتفية ودية خلال الساعات الماضية مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين تأجيل الموعد حتى 9 تمّوز/يوليو المقبل لتسهيل وتسريع المفاوضات. يأتي ذلك في وقت كان الجانبان تبادلا المطالب وزادت الآمال أمام إجراء مفاوضات حقيقية. فماذا عن الخسائر المتوقعة والاستراتيجية الناجعة للحد من ابتزازات ترامب الدائمة والتوجس من تدميره وحدة أوروبا الليبرالية؟
الصادرات في مأزق
على وقع مخاطر انفلات الأمور من عقالها بين الجانبين والترجيحات بأن تشهد أسواق التجارة العالمية فوضى وتوترات عارمة إلى عدم يقين مستقبلي كبير في عمل الشركات وفوضى في أسواق المال والأسهم إذا ما تصاعد النزاع التجاري، بينت دراسة حديثة أجراها غابريال فلبرماير مدير معهد الابحاث الاقتصادية في النمسا مع فريق من معهد كيل للاقتصاد العالمي ومنظمة الأعمال والشركات العائلية ومعهد كيل للاقتصاد العالمي، أنه وبحسب السيناريوات المختلفة للتصعيد وتحديد الخسائر المحتملة فإن تصعيد الصراع بشأن التعريفات الجمركية مع الولايات المتحدة سيكون له عواقب سلبية وخسائر كبيرة على ألمانيا قاطرة الاقتصاد الأوروبي وبخاصة على قطاعات معينة، وأهمها قطاع الأدوية الذي سيتراجع الإنتاج فيه على المدى الطويل بنسبة 8.7% والسيارات بنسبة 4.1% والهندسة الميكانيكية والآلات بنسبة 3.8%. إلى ذلك، أبرزمعدو الدراسة أنه وبنتيجة الحرب الجمركية ستنهار الصادرات الألمانية إلى بلاد العم سام بنحو 43%، وسينخفض إجمالي الصادرات بنسبة 3.2%، والناتج المحلي الاجمالي 0.2%.
وفي وقت اعتبر ترامب في كلام لاذع أن الاتحاد الأوروبي يهدف في المقام الأول لاستغلال الولايات المتحدة ويصعب التعامل معه للغاية، والمحادثات معهم لن تؤدي إلى شيء، حذر رئيس معهد إيفو للأبحاث الاقتصادية كليمنس فويست من انخفاض كبير في الصادرات الألمانية، ومبرزاً مع صحيفة "بيلد"، بأنها قد تتراجع بنسبة تصل إلى 4% سنوياً إذا ما فشلت المفاوضات ونفذ ترامب توصياته، وهو ما يعادل نحو 60 مليار يورو، مع الخشية من أن يصبح جزءاً كبيراً من أعمال التصدير الألمانية إلى الولايات المتحدة غير مربحة.
علاوة على ذلك، بينت شبكة إيه اردي" الإخبارية، أن التغيرات قد تطال قطاعات الإنتاج في مدن أساسية وستتأثر بسبب حرب الرسوم الجمركية وتقدر خسائر مدن مثل كولونيا بنحو 4.9 مليارات يورو، وبافاريا 2.2 ملياري يورو، وبرلين 3.2، وهامبورغ 4 مليارات يورو. وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، ووفق خبراء اقتصاد، فإن 98 % من مناطق الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 237 منطقة سوف تشهد خسائر في الدخل، مع متوسط انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.12 %.
في المقابل، ستستفيد قطاعات أخرى بينها قطاعات التأمينات والتمويل بنسبة 2.3 %، إلى قطاعات الاتصالات والنقل على المديين المتوسط والبعيد. فيما دول مثل لوكسمبورغ ومالطا سيكون لها مكاسب بحدود 0.6%. صدرت الولايات المتحدة العام الماضي سلع وبضائع إلى دول الاتحاد الأوروبي بقيمة 367 مليار دولار، فيما استوردت بما قيمته 575 مليار دولار منها.
غياب العقلانية والتكتيك
اعتبر الباحث الاقتصادي يان مولر مع "النهارالعربي"، أن استفزازات ترامب الدائمة وآخرها التهديد بفرض رسوم بنسبة 50% على جميع الواردات من الاتحاد الأوروبي لم تعد عقلانية وليست تكتيكاً، وعلى أوروبا الاستعداد لحرب تجارية محتملة مع تراجع الثقة في الولايات المتحدة كشريك مستقر، ويتعين على التكتل الذي يضم 450 مليون نسمة وأهم شركاء واشنطن، التمسك بمبادئ الولاء التعاقدي واليقين القانوني وحماية الثقة وعدم التخلي عنها. وأضاف، أن احتمال فرض رسوم جمركية مرتفعة مستبعد نظراً للأضرار الناجمة عنها على الاقتصاد الأميركي وتأثيرات الإجراءات على المنتجات الأميركية ستبلغ قيمتها نحو 100 مليار دولار، ومشدداً على أن هم ترامب حشر الأوروبيين من أجل التوصل إلى اتفاق، وهو المدرك بأن فرض رسوم بهذا الحجم ستمنع الواردات فعلياً من الاتحاد الأوروبي وهذا لن يكون مستداماً، وسيزادد الضغط على الرئيس الأميركي.
وبخصوص مطالب ترامب بالغاء نظام الضريبة على القيمة المضافة كما وتعديلات بمعايير الاستيراد الأوروبية، فمن وجهة نظر مولر يتعين على بروكسل الدفاع عن مصالحها والتفاوض لإيجاد حل مرضٍ في المفاوضات التجارية لأن التصعيد يخرب على كلا الطرفين ولا يوجد فيه منتصرون، ولافتاً إلى أن الدراسات تفيد بأن التوصل إلى اتفاق تجاري شامل من شأنه زيادة الناتج المحلي الإجمالي الألماني بنسبة 0.6% على المدى الطويل.
وفي ظل الحديث عن أنه ينبغي على الاتحاد تحمل الصراعات التجارية، أشار متابعون أن ما لا يزال يجهله ترامب هو استحالة توسع الإنتاج في الولايات المتحدة دون الأسواق الألمانية والأوروبية لاعتمادها بشكل خاص على المنتجات الأوروبية من الآلات المتخصصة والهندسة والصناعة وغيرها. وعلى المقلب الآخر، رأى أستاذ الاقتصاد الألماني الأميركي رودي باخمان في منشور على "اكس"، أن تهديدات ترامب بفرض الرسوم هي محاولة لزعزعة استقرار أوروبا، والأمر لم يعد يتعلق بنسبتها المرتفعة أو الممارسات التجارية غيرالعادلة وما إلى ذلك، بل يتعلق فقط بمحاولة أخرى (بعد أوكرانيا) لإضعاف أوروبا.
وكان رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي بيرند لانغه رأى في تصريحات صحفية أن ترامب يحاول الضغط على الاتحاد الاوروبي، ولن نقبل بهذا ولن نسمح له بأن نتعرض للابتزاز، وسنفاوض بوضوح وصراحة حتى لو فرضت رسوم جمركية الآن، وإذا فشلت المفاوضات فسنفرض رسوماً جمركية مضادة، ونحن كاتحاد أوروبي أقوياء بما يكفي لتحقيق ذلك.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 38 دقائق
- صدى البلد
ترامب: لن نفرض عقوبات جديدة على روسيا حفاظاً على فرص التوصل لاتفاق
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يحجم عن فرض عقوبات جديدة على روسيا حفاظاً على فرص التوصل إلى اتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا. ترامب أوضح، في تصريحات من البيت الأبيض أمس، الأربعاء: "إذا شعرت بأنني قريب من إبرام اتفاق، فلا أريد أن أفسد الأمر بفرض العقوبات". وأضاف: "صدقوني، أنا أكثر صرامة من الأشخاص الذين تتحدثون عنهم". وعندما سُئل عمّا إذا كان بوتين مهتماً فعلاً باتفاق سلام، قال ترامب: "لا يمكنني تأكيد ذلك الآن، لكن سأخبركم خلال أسبوعين تقريباً". تأتي تصريحات ترامب بعد أيام من تزايد استيائه من نظيره الروسي، وتهديده بفرض عقوبات جديدة إثر شنّ موسكو أكبر هجوم بالطائرات المسيّرة منذ اندلاع الحرب. تزايد الضغوط لفرض عقوبات على روسيا وفي ظل الضغوط المتزايدة من الحلفاء الأوروبيين والجمهوريين في الكونجرس، دعا عدد من الساسة ترامب للمضي قدماً في فرض عقوبات مالية على موسكو. وكتب السيناتور الجمهوري المخضرم تشاك غراسلي على منصة "إكس" يوم الاثنين: "سئمت من ممارسات بوتين لقتل الأبرياء. على الرئيس ترامب اتخاذ إجراء، على الأقل فرض العقوبات". وفي منشور آخر، قال غراسلي: "يجب على الرئيس ترامب أن يتخذ إجراءً حاسماً ضد بوتين، كما فعل ضد هارفارد. عليه فرض عقوبات على بوتين، كما منع التمويل الفيدرالي لهارفارد". ترامب: أشعر بخيبة أمل كبيرة وجدد ترامب استنكاره للهجمات الروسية المتواصلة ضد المدنيين في أوكرانيا، قائلاً: "أشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء ما حدث خلال الليلتين الماضيتين، حين قُتل أشخاص في خضمّ ما يمكن اعتباره مفاوضات. أنا مستاء للغاية، للغاية". وفي الأثناء، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الشركاء الدوليين إلى تقديم 30 مليار دولار بحلول نهاية العام لتعزيز إنتاج الأسلحة محلياً. كما اقترح عقد اجتماع ثلاثي يجمعه مع ترامب وبوتين لكسر الجمود في مفاوضات السلام. وقال ترامب إنه سيشارك في قمة كهذه "إذا لزم الأمر".


النهار
منذ 44 دقائق
- النهار
قاضية فدرالية أميركية تأمر بالإفراج عن باحثة روسية في "هارفارد"
أمرت قاضية فدرالية أميركية بالإفراج المشروط عن باحثة روسية في جامعة هارفارد كانت قد فرّت من بلادها إلى الولايات المتحدة خشية الاضطهاد السياسي وتريد إدارة دونالد ترامب ترحيلها. وأوقفت كسينيا بيتروفا، وهي باحثة في كلّية الطب في جامعة هارفرد، من قبل سلطات الهجرة والجمارك في شباط/فبراير في مطار بوسطن لدى عودتها من رحلة إلى باريس لأنّها لم تبلغ عن العينات البيولوجية التي كانت تحملها في أمتعتها. وإثر ذلك، قال المسؤولون لبيتروفا إن تأشيرتها ألغيت وستُرحَّل إلى روسيا، قبل نقلها إلى مركز توقيف تابع لإدارة الهجرة والجمارك في لويزيانا (جنوب). وفي 14 أيار/مايو، وجّهت إليها تهمة التهريب، وقد تصل عقوبتها القصوى إلى السجن 20 عاماً وغرامة قدرها 250 ألف دولار. لكن القاضية في المحكمة الجزئية الأميركية في فيرمونت كريستينا ريس، أمرت الأربعاء إدارة الهجرة والجمارك بالإفراج عن بيتروفا قبل صدور حكم بشأن تأشيرتها. لافتة مكتوب عليها وقال محامي بيتروفا غريغ رومانوفسكي في بيان "لقد أثبتنا أن كسينيا لا تشكّل خطراً على المجتمع (...) ولا ينبغي توقيفها في مراكز احتجاز المهاجرين". وأضاف أنه قدّم "أدلة على أن كسينيا بيتروفا لم تكن تحمل أي شيء خطير أو غير قانوني، وأن عناصر الجمارك في مطار لوغان الدولي لم يكونوا مخولين قانونا إلغاء تأشيرتها أو توقيفها". وبالتالي، وبعد خروجها من التوقيف لدى إدارة الهجرة والجمارك، ستعود بيتروفا إلى بوسطن لحضور جلسة استماع بشأن ما إذا كان سيُستأنف توقيفها لكن هذه المرة بتهمة التهريب. ومنذ توقيفها، تقول بيتروفا إنّها تخشى الاعتقال إذا عادت إلى روسيا بسبب مشاركتها في احتجاجات سياسية، خصوصاً ضد غزو أوكرانيا.


الميادين
منذ ساعة واحدة
- الميادين
الذهب يتراجع وأسهم أوروبا تنتعش بعد قرار قضائي بوقف رسوم ترامب
تراجع الذهب إلى أدنى مستوى له في أكثر من أسبوع، اليوم الخميس، بعدما أوقفت محكمة تجارية أميركية أمس الأربعاء تطبيق الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقضت بأنه تجاوز سلطته بفرض رسوم شاملة على الواردات من الدول التي لديها فائض تجاري مع الولايات المتحدة. وبحلول الساعة 06:18 بتوقيت غرينتش، انخفض الذهب في المعاملات الفورية 0.6% إلى 3271.17 دولاراً للأوقية (الأونصة) بعدما لامس أدنى مستوياته منذ 20 مايو/أيار. وانخفضت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.8% إلى 3268.20 دولاراً. وفي هذا السياق، قال نيكولاس فرابيل المدير العالمي للأسواق المؤسسية لدى "إيه. بي. سي ريفايناري": "من الواضح أن هذا كان أهم محرك للأخبار. وبالنظر إلى المؤشرات، ارتفع الدولار بعض الشيء على هذا الأساس، وساعد بوضوح على دفع الذهب إلى الانخفاض". وارتفع الدولار بعد صدور حكم المحكمة التجارية، ما جعل الذهب المقوم به أكثر تكلفة، وارتفعت العقود الآجلة في وول ستريت والأسهم الآسيوية أيضاً. اليوم 11:03 اليوم 09:35 وفي الوقت نفسه، قدمت إدارة ترامب إخطاراً بالطعن في تحدٍ لقرار المحكمة، وأشارت إلى تصعيد محتمل إلى المحكمة العليا إذا لزم الأمر. وأظهر محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي يومي السادس والسابع من مايو/أيار أن المسؤولين يشعرون بالقلق إزاء احتمال حدوث ارتفاعات متزامنة في التضخم والبطالة، وهو التصور الذي من شأنه أن يستلزم الاختيار بين تشديد السياسة النقدية لمكافحة التضخم وخفض أسعار الفائدة لدعم النمو الاقتصادي والتوظيف. وتترقب الأسواق بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأميركي التي من المقرر صدورها في وقت لاحق من اليوم، إضافة إلى بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية في الولايات المتحدة، للحصول على المزيد من الإشارات بشأن توقعات أسعار الفائدة. وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.7% إلى 33.21 دولاراً للأوقية، وتراجع البلاتين 0.2% إلى 1073.15 دولاراً، وزاد البلاديوم 0.9% إلى 971.57 دولاراً. وعلى خلفية قرار المحكمة الأميركية، ارتفعت الأسهم الأوروبية اليوم الخميس. وبحلول الساعة 07:15 بتوقيت غرينتش، ارتفع المؤشر "ستوكس 600" الأوروبي 0.4%، وصعدت كذلك مؤشرات بورصات دول المنطقة. وزاد المؤشر "داكس 40" الألماني 0.5% ليقترب من أعلى مستوى قياسي. وفي وول ستريت، ارتفعت العقود الآجلة بأكثر من 1.5% بعدما قدم قرار المحكمة بعض الارتياح من حالة الضبابية التجارية المستمرة. وتحسنت المعنويات بشكل عام بعدما أعلنت شركة "إنفيديا" الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي في معاملات ما بعد ساعات التداول أمس الأربعاء أن مبيعاتها الفصلية تجاوزت التوقعات. وارتفعت الأسهم الأوروبية المنكشفة على الذكاء الاصطناعي، مثل "إيه.إس.إم.إل" و"شنايدر إلكتريك"، وارتفع كل منهما بنحو 3%، في حين ارتفع مؤشر قطاع التكنولوجيا الفرعي 1.7%. وارتفعت أسهم شركات صناعة السيارات الأوروبية، سريعة التأثر بضغوط الرسوم الجمركية، في المعاملات المبكرة. وزاد سهم ستيلانتيس 2.5%، وارتفع سهم بورشه 1%، في حين صعد سهم فولكسفاغن 1.2%. وأقبل المستثمرون أيضاً على أسهم السلع الفاخرة، وارتفعت أسهم كيرينغ وكريستيان ديور وبيربري بنسب تراوحت بين 3 و3.6%.