logo
موريشيوس "عشيقة" الكل وجزيرة أغاليغا من حصة الهند

موريشيوس "عشيقة" الكل وجزيرة أغاليغا من حصة الهند

النهار٢٢-٠٤-٢٠٢٥

في الأسابيع الماضية عاد اسم جزيرة دييغو غارسيا للتداول من باب التحشيدات العسكرية الأميركية في البحار والمحيط الهندي في إطار الصراع الدائر مع إيران.
هذه القاعدة العسكرية الأميركية يوازيها أهمية جيوسياسية، مثيلتها وفي المحيط نفسه جزيرة أغاليغا، وهي بالواقع مؤلفة من جزيرتين صغيرتين تتبعان جمهورية موريشيوس، التي تسعى لاستعادة جزر شاغوس التي تضم دييغو غارسيا.
موقع أغاليغا شمال شرقي مدغشقر وجنوبي جزر سيشل يجعلها قريبة من الطرق البحرية الحيوية، ما يعزز أهميتها الاستراتيجية، لكن البعد الجيوسياسي جاء بعد قيام الهند ببناء بنى تحتية ضخمة متمثلة بمطار بطول 3 آلاف متر وقاعدة بحرية. ويُنظر إلى هذه التطورات على أنها تعزيز من جانب نيودلهي لوجودها العسكري الاستراتيجي في المحيط الذي يحمل اسمها، تحت اعتبارات مختلفة منها مكافحة القرصنة والصيد غير الشرعي إضافة إلى تهريب المخدرات. لكن التدقيق أكثر في المسألة يظهر أنها جزء من السياسة الاستراتيجية الأوسع لمواجهة النفوذ الصيني لاسيما "عقد اللؤلؤ" الذي هو عبارة عن قواعد بحرية لحماية طريق الحرير أو ما يعرف بـ"الطريق والحزام". خصوصاً وأن للهند انتشاراً مهماً في جزر أندامان ونيكوبار وسيشل وهي تمتلك واحداً من أكبر الأساطيل في العالم، وهذه مسألة تتقدم بها نيودلهي على جارتها بكين.
كل ما سبق لا يشكل أي ازعاج للولايات المتحدة، بل على العكس فإن العلاقات الثنائية مع الهند في أحسن أحوالها بينما هي على النقيض تماماً من ذلك مع الصين، والطرفان يسعيان لاحتواء النفوذ الصيني المتزايد في المحيط الهندي.
أمّا موريشيوس فهي تحاول الموازنة بين علاقتها الوطيدة مع الصين وبين علاقاتها مع الهند والولايات المتحدة، وتقول إن الأعمال الجارية في أغاليغا ليست عسكرية، على الرغم من أن ضخامة المنشآت في المطار الذي أنشئ أو الميناء البحري لا تشي بذلك. ويشير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إلى المنشأة باعتبارها "محطة مراقبة" ويقول إنه من المرجح أنها تحتوي على "نظام مراقبة بالرادار الساحلي مماثل للمعدات التي بنتها الهند في أماكن أخرى في موريشيوس".
وفي هذا السياق يقول عضو البرلمان في موريشيوس إيشان غومان "إنها لا تشبه بأي حال من الأحوال قاعدة عسكرية إنها محطة تحميل"، وهذا الرأي يعارضه بعض الوزراء على اعتبار أن جزيرة عدد سكانها لا يتجاوز المئات ليست بحاجة إلى مثل هذا المدرج. لكن في الوقت نفسه لا ينكر أحد ضرورة الاستعانة بالخارج لضمان الأمن وتحديداً الهند، إذ تربط البلدين علاقات دفاعية وثيقة منذ سبعينيات القرن الماضي فمستشار الأمن القومي وقائد خفر السواحل وقائد سرب مروحيات الشرطة جميعهم مواطنون هنود بحسب تحقيق خاص نشرته "بي بي سي" قبل ستة أشهر تقريباً.
لا بل أبعد من ذلك فقد ذكرت مجلة "الإيكونوميست" أن رئيس الوزراء المؤسس لموريشيوس وصف السياسة الخارجية للجزيرة بأنها "عشيقة الكثيرين ولا زوجة لأحد، ويبدو أنها ارتبطت بالهند هذه الأيام".
وفي نهاية العام المنصرم شدّد وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكار على "ضرورة الاستعداد لتواجد صيني أكبر من قبل". ويُعد الموقع الاستراتيجي لقاعدة أغاليغا مهماً لمواجهة الصين من جهة وتأمين أمن البحار من جهة ثانية، إذ تقع قاعدة أغاليغا بالقرب من الممر البحري الرئيسي للسفن التي تستخدم طريق قناة السويس للعبور نحو الشرق الأقصى. ويقول موقع "ديفنس ويب" إن الهند بدأت دوريات جوية "ليس فقط فوق المنطقة، ولكن أيضاً فوق قناة موزامبيق بمرافقة دوريات بحرية من عناصر من البحرية الهندية". ويشير الموقع نفسه أنه إلى جانب فرنسا، يبدو أن الهند هي الدولة الوحيدة الأخرى المهتمة بدوريات في منطقة القناة بين أفريقيا ومدغشقر.
وفي هذا الإطار لابد من الإشارة إلى أنه في العقدين الماضيين بدأت تزداد الأهمية الجيواستراتيجية للمحيط الهندي، وبشكل خاص مع بدء توسع النفوذ الصيني وإطلاق مبادرة "الحزام والطريق"، ما دفع بالولايات المتحدة إلى اعتبار المحيطين الهندي والهادئ مسرحاً جيوسياسياً واحداً. ومن المحيط الهندي وحده يمرّ أكثر من 60 في المئة من تجارة النفط العالمية، ويربط مضيق ملقا وقناة السويس المحيط الهندي بالمحيط الهادئ والبحر الأبيض المتوسط. ومنه أيضاً تمرّ أهم طرق الشحن البحري في العالم، من أفريقيا غرباً إلى الشرق الأوسط والهند وباكستان وبنغلاديش وصولاً إلى أوستراليا شرقاً. وهذه الأرقام وحدها تكفي لفهم ما يعنيه كل ذلك للصين التي بات يطلق عليها اسم "مصنع العالم".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

طلبة يقولون لبي بي سي: 'نادمون' على التقديم لجامعات أمريكية بعد خطط إدارة ترامب بتعليق طلبات تأشيراتهم
طلبة يقولون لبي بي سي: 'نادمون' على التقديم لجامعات أمريكية بعد خطط إدارة ترامب بتعليق طلبات تأشيراتهم

سيدر نيوز

timeمنذ 3 ساعات

  • سيدر نيوز

طلبة يقولون لبي بي سي: 'نادمون' على التقديم لجامعات أمريكية بعد خطط إدارة ترامب بتعليق طلبات تأشيراتهم

عبر طلبة من مختلف أنحاء العالم عن قلقهم وحيرتهم، في ظل خطط إدارة الرئيس دونالد ترامب، بالتوقف عن جدولة مقابلات لمنح تأشيرات للطلاب مؤقتاً. واطلعت شبكة سي بي إس، شريكة بي بي سي في الولايات المتحدة على مذكرة رسمية بهذا الشأن، بينما تستعد وزارة الخارجية لتعزيز التدقيق في حسابات الطلبة على مواقع التواصل الاجتماعي لمقدمي طلبات تأشيرات الطلاب والتبادل الثقافي. يأتي ذلك، ضمن حملة واسعة يقودها، ترامب، تستهدف بعضاً من أكثر الجامعات الأمريكية نخبوية، والتي يرى أنها ليبرالية بشكل مفرط. وبالنسبة للطلبة، جلبت هذه التغييرات حالة من عدم اليقين على نطاق واسع، إذ أصبحت مواعيد الحصول على التأشيرات في السفارات الأمريكية غير متاحة الآن، وما يترتب من تأخير قد يترك منحاً دراسية معلقة. واشنطن توقف تأشيرات الطلاب الأجانب لتشديد فحص حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وقال طلبة لبي بي سي، إن حالة الارتباك هذه دفعتهم لتمني لو أنهم تقدموا بطلبات التحاق إلى جامعات خارج الولايات المتحدة. وقال طالب في مرحلة الماجستير يبلغ 22 عاماً من شنغهاي، لم يرغب بالكشف عن اسمه خوفاً من تعريض تأشيرته للدراسة في جامعة بنسلفانيا للخطر، 'أنا نادم بالفعل'. وعبر الطالب عن شعوره أنه محظوظ لأن طلبه للدارسة حظي بالموافقة، لكن هذا لم يخفف من حالة الغموض التي يعيشها. 'حتى لو درست في الولايات المتحدة، قد أجبر على العودة إلى الصين قبل أن أحصل على شهادتي. هذا أمر مخيف للغاية'، على حد تعبيره. وعندما سُئلت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، عن قرار إيقاف جميع مواعيد تأشيرات الطلبة، قالت للصحفيين يوم الثلاثاء، 'نحن نأخذ عملية فحص كل من يدخل البلاد على محمل الجدّ، وسنستمر في القيام بذلك'. وكجزء من حملته الأوسع على التعليم العالي، قرر ترامب حظر قبول الطلبة الأجانب في جامعة هارفارد، متهماً إياها بعدم بذل جهود كافية لمكافحة معاداة السامية في الحرم الجامعي. ورداً على ذلك، رفعت جامعة هارفارد، دعوى قضائية، وأوقف قاضٍ قرار حظر ترامب في الوقت الحالي، ومن المقرر عقد جلسة استماع بشأن هذه المسألة في 29 مايو/أيار. طلاب جامعة هارفارد الأجانب يواجهون حالة من عدم اليقين بعد توقف خطة ترامب لمنع التسجيل في الوقت الحالي وقال طالب من مدينة قوانغتشو، يدير مجموعة استشارية للطلاب الصينيين الراغبين في الدراسة في الولايات المتحدة، إنه ليس متأكداً من كيفية إسداء النصيحة للمتقدمين لأن الأنظمة تتغير باستمرار. وأضاف هذا الطالب، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن عدد الطلبة الذين يرون في الولايات المتحدة خياراً ممكناً للتعليم سينخفض. والتحق أكثر من 1.1 مليون طالب من أكثر من 210 دول بالجامعات الأمريكية في العام الدراسي 2023-2024، وفق 'أوبن دورز'، المنظمة التي تجمع بيانات عن الطلبة الأجانب. وغالباً ما تفرض الجامعات على هؤلاء الطلبة رسوماً دراسية أعلى، وهو جزء أساسي من ميزانياتها التشغيلية. بالنسبة لعينول حسين، 24 عاماً، من الهند، فإن الآثار المترتبة على التأشيرة مالية وشخصية. قال حسين إنه كان متحمساً لبدء فصل جديد من حياته في نيوجيرسي، حيث التحق ببرنامج ماجستير العلوم في الإدارة. وتلقى وثيقة I-20 من الجامعة – وهي ورقة أساسية تسمح له بالتقدم للحصول على تأشيرة طالب أمريكية. لكن التأخير الأخير في إصدار التأشيرة جعله 'قلقاً للغاية' على حد وصفه، مع تأجيل المواعيد في القنصليات أو أصبحت غير متاحة. ويتعين على الطلبة الأجانب الذين يرغبون في الدراسة في الولايات المتحدة، عادة، تحديد موعد لإجراء مقابلات في السفارة الأمريكية في بلادهم، قبل الحصول على الموافقة. قال حسين إنه قد يضطر لحجز تذاكر سفر إلى الولايات المتحدة، رغم عدم وضوح الوضع. كما أنه يواجه خطر فقدان منحته الدراسية إذا اضطر لتأجيل دراسته. كما يتأثر الطلبة البريطانيين كذلك. وقال أوليفر كروبلي، البالغ 27 عاماً من نورويتش، إنه كان من المقرر أن يدرس في الخارج لمدة عام في ولاية كانساس الأمريكية، لكن هذه الخطة أصبحت في خطر الآن. وقال كروبلي: 'لا أملك حالياً تأشيرة طالب، على الرغم من أنني أنفقت 300 جنيه إسترليني على عملية التقديم'. والأخبار عن وقف طلبات التأشيرات في الولايات المتحدة 'خيبة أمل كبيرة'، على حد تعبيره. ويواجه، كروبلي، خطر فقدان منحته الدراسية إذا لم يتمكن من إكمال دراسته في الولايات المتحدة، وقد يضطر إلى البحث عن سكن في اللحظات الأخيرة والتنسيق مع الجامعة لضمان عدم تأخُّره أكاديمياً. قال ألفريد ويليامسون، من ويلز، لوكالة رويترز، إنه كان متحمساً للسفر بعد عامه الأول في جامعة هارفارد، وكان يتطلع للعودة إليها، لكن الآن، لم تصله أي أخبار بشأن تأشيرته، مشيراً إلى أن الأمر 'غير إنساني'. وأوضح 'يتم استخدامنا مثل البيادق في لعبة لا نملك السيطرة عليها، وعلقنا وسط تبادل النار بين البيت الأبيض وجامعة هارفارد'.

سوريا على طاولة الكبار... و«يالطا جديدة» تُرسم بغياب «القيصر الروسي»
سوريا على طاولة الكبار... و«يالطا جديدة» تُرسم بغياب «القيصر الروسي»

الديار

timeمنذ 9 ساعات

  • الديار

سوريا على طاولة الكبار... و«يالطا جديدة» تُرسم بغياب «القيصر الروسي»

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب وجدت روسيا نفسها يوم 8 كانون الأول المنصرم أمام تحد استراتيجي كبير في سورية، ومن المؤكد هو أن تدخلها العسكري في أيلول من العام 2015، الذي برره سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، في حينها بقوله أمام وفد من المعارضة السورية : «نحن ندافع عن موسكو على أبواب دمشق»، كان يهدف أولا إلى حرف المسارات التي كانت ستقود لتلك الحالة حتما، وعليه فقد انصب المجهود الروسي بعيد العبور إلى هذه الأخيرة على احتواء الموقف أملا بالخروج بأقل الأضرار، لكن الخيارات الروسية، بعد مرور ستة أشهر على الفعل، تبدو محدودة، أو هي في أضيق حالاتها قياسا للعديد من المعطيات والمؤشرات. ظهر فلاديمير بوتين «جريحا» إبان تصريحاته التي أدلى بها على أعتاب شهرين من سقوط نظام بشار الأسد حين قال إن «موسكو حققت هدفها الذي كان يقوم على عدم نشوء جيب إرهابي هناك»، وأضاف «لقد حققنا هدفنا»، قبيل أن يشرح فيقول إن» الجماعات التي كانت تقاتل القوات الحكومية خضعت لتغييرات داخلية»، والكلام الذي يحمل بين طياته «مغازلة» للإدارة الجديدة كانت قد تزامنت مع قيام الحكومة الروسية بإجراء تعديلات تشريعية لها علاقة برفع تلك التنظيمات، الشريكة بعملية «ردع العدوان»، عن قوائم الإرهاب الروسية، كان يرمي، بالدرجة الأولى، إلى تعويم «توافق المصالح» ليصبح الفعل محددا، وناظما، للعلاقة الروسية مع الإدارة الجديدة، بعيدا عن إرث السنوات العشر المنصرمة التي شابها الكثير ما بين الطرفين، لكن «الألم» سيظهر جليا في تصريحات الكسندر دوغين، الفيلسوف الروسي الذي يوصف في الغرب بـ«عقل» بوتين، عندما قال «لقد أخطأ أردوغان في سورية خطأ استراتيجيا كبيرا، وعليه انتظار الرد الروسي الذي لن يطول». دخلت موسكو منذ الأسابيع الأولى في مفاوضات مع حكومة دمشق المؤقتة بغرض المحافظة على الوضع القائم في قاعدتي «حميميم» و«طرطوس»، لكن الأخيرة بدت متعثرة على وقع ضغوط أوروبية كانت تهدف إلى إخراج الروس من سورية، والمنطقة، بشكل نهائي، مع لحظ أن الموقف الأميركي لم يكن بالحدة ذاتها مما يمكن لمسه عبر خلو «الشروط الأميركية»، الثمانية المعلنة، من بند يطالب علنا بذلك، ولعل الفعل سوف تتحدد حدته، أو وتيرته، تبعا للتلاقيات، أو الإفتراقات، الأميركية الروسية في الملف الأوكراني، لكن «السخونة» التي شهدتها مناطق الساحل أيام 7 و 8 و 9 آذار المنصرم كانت قد أحيت الآمال الروسية الرامية للحفاظ على نفوذها انطلاقا من الإنفلات الأمني الحاصل منذ سقوط الأسد، والمتنامي ما بعد آذار بوتيرة متصاعدة لا يبدو أنها وصلت إلى سقوفها بعد، حيث ستشهد القاعدة الروسية لجوء ما بين 9 - 11 ألف ممن عانت قراهم من أحداث العنف التي تشير العديد من المؤشرات على أنها كانت ممنهجة إبان تلك الأحداث التي قالت السلطات أنها «جاءت ردا على هجوم تعرضت له مقرات وحواجز الأمن العام». طرح هجوم 20 أيار الجاري الذي شنه فصيل «بركان الفرات»، وهو فصيل تأسس شهر تشرين ثاني الماضي وهدفه الأساس كان ينصب على محاربة «الإحتلالين» الروسي والإيراني وفقا لما جاء في بيانه التأسيسي، تحديا من نوع مختلف، من حيث أنه حمل بين طياته علامة أكيدة على عدم استقرار الوجود الروسي، لكنه في مقلب آخر يشير إلى أن الإدارة السورية، التي سبق لرئيسها أحمد الشرع أن قال في مقابلة مع «بي بي سي» بثت 25 شباط المنصرم، أنه «منح الضوء الأخضر للروس من أجل البقاء في سوريا»، قد قررت المناكفة بـ«بالوكالة»، فالفصيل المهاجم الذي قالت مصادر سوريه مقربة من السلطة أنه قام بفعلته من دون «علم القيادة»، لكن انتشار عناصره، الذي لا يزال قائما حتى الآن، في محيط القاعدة خصوصا قرية الشراشير التي لا تبعد عنها سوى بضع مئات من الأمتار يشير إلى عكس ذلك، إذ لطالما كانت دمشق تدرك أن الإبقاء على الوجود الروسي راهنا في سورية يمكن له أن يخلق نوعا من التوازن فيها، وقدرا أكبر من المناورة في مواجهة الضغوط الأميركية والإسرائيلية المطبقة عليها، لكن شريطة أن يبقى في حدود غير قابلة للتوسع. تشير التصريحات التي أدلى بها السفير الأميركي بأنقرة، والمبعوث الخاص لسورية، توماس باراك، بعد يوم واحد من لقائه الشرع ، إلى أن الأخير قدم، إبان لقاء الـ 33 دقيقة الذي جمعه إلى نظيره الأميركي بالرياض يوم 13 أيار الجاري، شيئا هو أقرب للـ«الشيك على بياض» لقاء مطلب واحد هو «المحافظة على وحدة الجغرافيا السورية»، ولربما حصل على «وعد شفوي» بذلك، لكن الصفقة لم تبرم بعد، ولعل من السهل تلمس ذلك في تصريحات توماس باراك التي جاء فيها «منذ قرن من الزمان فرض الغرب خرائط وحدود مرسومة، ووصايات وحكما أجنبيا، فقد قسمت اتفاقية سايكس بيكو سوريا، والمنطقة، لتحقيق مصالح إمبريالية لا من أجل السلام، وقد كلف هذا الخطأ أجيالا كاملة ولن نسمح بتكراره مرة أخرى»، والمؤكد هو أن التصريح الأخير كان رسالة تستهدف «صناديق بريد» عدة بدءا من تل أبيب وصولا إلى موسكو. كتكثيف لما سبق، يمكن القول أن «مشرط» جديد شبيه بـ«سايكس بيكو» ليس حاضرا في حسابات الأميركان الآن، لكن الصفقة النهائية لم تبرم بعد، وما تشي به الصورة الراهنة يقول بأن اللحظة هي لرسم خطوط التماس، والنفوذ، في ما يشبه «يالطا» سورية، على غرار نظيرتها العالمية التي مضى فيها المنتصرون بالحرب العالمية الثانية لتقاسم مناطق النفوذ في العالم ، لكن التحدي الأكبر أمام الروس الآن هو أنهم لا يجدون أنفسهم بين المنتصرين كما كان حالهم شتاء،وربيع، العام 1945.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store