logo
#

أحدث الأخبار مع #بعلبكي

"ست الدنيا" تجمع ماجدة الرومي بجمهورها في مهرجان أعياد بيروت 2025
"ست الدنيا" تجمع ماجدة الرومي بجمهورها في مهرجان أعياد بيروت 2025

اغاني اغاني

time٠١-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • اغاني اغاني

"ست الدنيا" تجمع ماجدة الرومي بجمهورها في مهرجان أعياد بيروت 2025

تستعد السيدة ماجدة الرومي للقاء جمهورها بعد غياب دام أكثر من 15 سنة في ليلة استثنائية تحمل الكثير من الشوق والفن الأصيل، وذلك ضمن فعاليات مهرجان "أعياد بيروت"، في 8 تموز/يوليو 2025. في هذا الصدد، ستقدّم ماجدة الرومي باقة من أجمل أغانيها التي طبعت الذاكرة الفنية العربية، إلى جانب الأوركسترا بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي في ليلة مميزة تحت عنوان:" بيروت ست الدنيا" وتفاعل الجمهور بحماسٍ كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، معبّرًا عن رغبته بالاستمتاع بصوتها الأصيل في هذه الأمسية المنتظرة وكتب:" والله انتِ الي ست الدُنيا"، " يارب تضّلي تغنّي دايمًا بلبنان يا أرزة لبنان"، " أراكِ قريبًا يا ملكة"، " ربنا يوفقك ان شاء الله"، "ان شاء الله هالصيفية نجي لبنان" مع الإشارة إلى أنّ هذا المهرجان من تنظيم 2U2C ، Star system و Gat the agency، وبرعاية إعلامية ل Nostalgie ، جبل لبنان وأغاني أغاني. يذكر أن آخر أعمال ماجدة الرومي هي أغنية "قول يا قلبي" التي طرحتها عبر قناتها على يوتيوب ، وهي من كلماتها، ألحان يحيى الحسن، وتوزيع داني الحلو، أما الفيديو كليب فهو من اخراج وسام سميرة. وجاء في مطلع الأغنية:"قول يا قلبي قول..طاير يا قلبي فيي وين.. قول يا قلبي قول..صاير بأيّا دنيي وين.. أنا انهزمت، أنا استسلمت.. ورفعت الراية البيضاء وعلّيتها،أنا انغرمت".

"ريكويم" موزارت في السرايا الحكومية: "قداس" يُنبئ بقيامة وطن
"ريكويم" موزارت في السرايا الحكومية: "قداس" يُنبئ بقيامة وطن

النهار

time١٧-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • النهار

"ريكويم" موزارت في السرايا الحكومية: "قداس" يُنبئ بقيامة وطن

ش. ب. ليلة الثلاثاء، تخلّت السرايا الحكومية في بيروت عن كونها مبنى سياسياً تقليدياً، وتحوّلت إلى صرح موسيقي، ارتفعت فيه أرواحنا مع نغمات "ريكويم" موزارت، أو سمفونية "القداس الجنائزي"؛ تلك الرائعة الخالدة التي لا تُؤدّى فحسب، بل تُستحضر كما تُستحضر القيامة، التي نقف على مشارفها. حفل تخطّى العرض الكلاسيكي إلى لحظة نادرة تشعر فيها أنّ الوطن، بوجعه وفي رماده، يمكن أن يُولَد من جديد على إيقاع الموسيقى. حين يصدح صوت الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي، تشعر بأن شيئاً ما يتبدّل في فضاء القاعة؛ شيء يتجاوز الصنعة الموسيقية إلى جوهر الإنسان؛ شيء يعصف بنا فندخل في رحلة تطهير النفس. كانت البداية بنغمات بطيئة وخافتة، كأنها تنهيدة شعب بأكمله، ثم راحت الأصوات تعلو، تتشابك، تتناوب بين سؤال الحياة واستحقاق الموت. صوت كورال جامعة سيدة اللويزة، بقيادة الأب خليل رحمة، كان كصلوات متدفّقة من الأعماق، تذيب الزمن، فننساه، ويُصبح الوقت لحظة رجاء وانخطاف سعيد. "موحدون في الجمال" "ريكويم" موزارت، الذي كتبه وهو يحدّق في موته، بدّل معناه ذلك المساء، وأعتقه بعلبكي والكورال من كونه مجرّد مرثاة، فتحوّل إلى وعد بالقيامة. لم تكن الألحان الثقيلة القاتمة نذير فناء، بل جرس بداية، وكذلك لم يكن صوت السوبرانو الحالم بكاءً، بل نوراً يتسرّب من كوّة ضيّقة عند سقف داكن. يذكّر بعلبكي بأنّها "ليست هذه المرة الأولى التي تقدّم فيها الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية حفلاً موسيقياً في السرايا الحكومية، إذ سبق لها أن حلّت في الصرح ضمن سلسلة من الفعاليات السابقة"، مشيراً في حديث لـ"النهار" إلى أنّ "ما يميّز هذا الحفل تحديداً هو رمزيته، إذ عبّر رئيس الحكومة نواف سلام من خلاله عن اعتبار السرايا بيتاً لجميع اللبنانيين، ومساحة مفتوحة يمكن أن تحتضن الثقافة والفن". مع ذلك، يرى بعلبكي أنّه "لا نزال بحاجة ماسّة إلى قاعة عروض نموذجية دائمة مخصّصة للحفلات الموسيقية، بعيداً عن الأمكنة الموقّتة كالسرايا أو حتى الكنائس"، وذلك من أجل إرساء تقليد ثقافيّ مستدام يتيح للأوركسترا تقديم عروضها بشكل دوري ومنتظم. بدا "قداس" موزارت في السرايا كأنه تذكير بأنّ "لبنان أكثر من بلد. إنه رسالة". وليس أبلغ ممّا قالته رئيسة الكونسرفتوار، المؤلِّفة الموسيقية هبة القواس، لوصف رمزية الحفل: "من هنا، حيث تُصنع القرارات وترسم ملامح الدولة، نلتقي اليوم لا في حدث سياسيّ أو احتفال بروتوكولي، بل في لقاء ثقافي - روحي - إنساني، يعبر بالوطن من مفهوم الدولة إلى معنى الرسالة". ورأت القواس أنّ في الحفل "دعوة نادرة مميزة تعلن لبنان الرسالة، لبنان الذي يتّسع ويحتضن مختلف الطوائف والمذاهب ويعالج الانقسامات، ليعلن بصوت الموسيقى أننا موحدون في الجمال، في الإبداع، في الإيمان بقوة الإنسان". حضور الدولة في الفن يلفت بعلبكي أنّ "ريكويم" موزارت هو من بين أكثر الأعمال الكلاسيكية أداءً حول العالم، ويُعدّ من روائع الريبرتوار العالمي. "كنّا قد قدّمناه قبل نحو شهر ونصف شهر في كنيسة القديس يوسف - بيروت، وسط حضور جماهيري كبير"، يقول، "وجاء العرض الأخير في السرايا امتداداً لذلك النجاح، وأداءً يتقاطع مع رمزية أسبوع الآلام لدى الطوائف المسيحية"، في توقيت بالغ الدلالة والإيحاء. وزير الثقافة يتوسط هبة القواس ولبنان بعلبكي. (نبيل إسماعيل) في هذه المساحة، لم نكن ننتظر خطاباً سياسياً، بل كنا نصغي إلى ما هو أعمق: إلى شهادة جمال ومقاومة موسيقية أمام التفكّك. الأصوات الفردية للصوليستات ماري- جوزيه مطر، ميلاني أشقر، بشارة مفرج وبرونو خوري، حملت كلّ منها حكاية، فكانت مشاهد من حياة وطنية طويلة ترفض أن تموت. وفي كلّ حركة من يد بعلبكي، شعرنا أنّ ثمة من يقودنا من العتمة نحو الضوء. إنها تجربة روحية - ثقافية، أعادت المعنى إلى حضور الدولة في الفن. أن تُفتَح السرايا الكبيرة للموسيقى هو اعتراف بأنّ الفن قادر على بناء ما تهدّمه السياسة، وأنّ في قلب هذا الوطن مكاناً لما يسمو عن اليومي، لما هو خالد وأبدي.

التنافر المعرفي بين العقلانية والعقلنة 2-2
التنافر المعرفي بين العقلانية والعقلنة 2-2

الوطن

time٠٥-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الوطن

التنافر المعرفي بين العقلانية والعقلنة 2-2

سنكمل المقاربة باستخدام مصطلحين، وهما (العقلانية/Rationality) باعتبارها القدرة على التفكير بطريقة منطقية، و(العقلنة/ Rationalization)، باعتبارها عملية تفسير وتبرير سلوكيات أو قرارات لتبدو منطقية، حتى لو كانت قد نفذت بدوافع غير عقلانية، ثم تتضح الصورة أكثر في معنى «العقلنة» من خلال ما ذكره الأخوان بعلبكي في قاموسهما عن كلمة: (rationalize: يعزو «المرء» تصرفاته إلى عوامل عقلانية مشرفة من غير تحليل للدوافع الحقيقية، وبخاصة للدوافع اللاواعية) المورد: عربي إنجليزي، ط4، 1999، ص760-761. وهنا تبدأ «مذبحة التنوير العربي» ما بين «العقلانية والعقلنة بسبب التنافر المعرفي» منذ عودة «الطهطاوي إلى مصر، فعمل لمدة كمترجم في مدارس التخصص الجديدة وفي 1863 عين رئيساً لمدرسة اللغات الجديدة/راجع: ألبرت حوراني، الفكر العربي في عصر النهضة 1798ــــ1939، ص81»، فالأغلبية من أكاديميي العالم العربي انحازت إلى «العقلنة» لنغرق في بحر من «الثرثرة الأكاديمية!!»، بينما الأقلية وهم النخبة الفكرية من الأكاديميين تعيش أول حياتها «الكفاح العلمي» في «عقلانية» راقية، يحطمها -في كل يوم تذهب فيه إلى الجامعة- الأغلبية التي تخلت عن «العقلانية» وعاشت «العقلنة» ليصبح نشازًا بينهم، ولأن «العقلنة» أقرب للإطار الاجتماعي ومتطلباته وأعرافه فسيقود التأثير الاجتماعي من يستطيع مثلاً تأليف كتاب عن «الإعجاز العلمي» في قصيدة «امرؤ القيس» الذي سبق «نيوتن» ببضعة قرون في اكتشاف قانون الجاذبية عندما قال: «كجلمود صخر حطه السيل من عل»؟!، ثم تجد هؤلاء يثيرون الرأي العام ضد رموز العقلانية وصولاً للمحاكم أو الموت أحيانًا- هذا مثال افتراضي تجنبًا لذكر أمثلة وأسماء أكاديمية حقيقية- وعليها قس ما شئت من كوميديا سوداء في «ألعاب العقلنة» التي لا علاقة لها بالعقلانية لا من قريب ولا من بعيد، المهم أن يردم الأكاديمي الحاصل على «الدكتوراه» هذا «التنافر المعرفي» الضاغط على وجدانه وعقله، وهنا يظهر لنا النموذج الأخير في معالجة التنافر المعرفي، والذي سبق وأن وقع فيه علماء غربيون عندما كتبوا عن الشرق، فجاء أنور عبدالملك محذراً ثم إدوارد سعيد كاشفاً اللامنهجية عند كثير منهم في كتابه «الاستشراق»، وسبب هناتهم في نظري هي في «التنافر المعرفي» الضاغط على منهجيتهم العلمية إلى حد الوقوع فيما ذكره إدوارد سعيد، ولأن الجمل لا يرى اعوجاج رقبته. فقد أقام حسن حنفي منذ أكثر من عقدين مقدمته في «علم الاستغراب» لتنهمر علينا حتى الآن دراسات ومؤلفات كأنها الوجه المقابل لنفس أخطاء «الاستشراق»، يقول الدكتور أنور مغيث، أستاذ الفلسفة والمدير السابق للمركز القومي للترجمة: «كل الاعتراضات على الاستشراق تبدو منعكسة على الاستغراب، ويؤخذ عليه نفس المأخذ، إنه يتكلم عن الغرب على أنه وحدة واحدة، وجوهر واحد، وله تصور نمطي عن الغرب، أنه قاهر ومستبد فقط.. عبارة عن تصورات مع الغرب وليس الغرب كله، ومن ثم هو علم من الناحية المعرفية مطعون في تأسيسه.. كل هذا كفيل أن ينتج أحكامًا ولا يدرس معارف، لن نحصل منه على معرفة جديدة، وإنما على أحكام، بأن هذا غرور، وأن هذا كبرياء، وأن هذه غطرسة، وأن هذا استبداد، وأن هذا توحش، أحكام كثيرة، ليست خاطئة، ولكن ليس هذا ما ننتظره، العلم مفروض أن ينتج معرفة وليس أحكاماً أخلاقية وقيمية على الآخرين». علمًا بأن التغيير بالقوة وفق «نظرية التنافر المعرفي» لا تثق به مهما كانت الشعارات وصلابة القمع، قرأناه في الاتحاد السوفيتي وفي ناصرية مصر ثم رأيناه في بعث العراق وسورية، وعقدة نرسيس المزمنة في «الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى».. التغيير بالقوة يجعل الزعيم على سجادة فاخرة وتحتها عفن يفوح لصديد وقيح «الرأي العام»، مهما أسرف في بخور الاستعراض العسكري وعطور البروباغندا. أخيرًا: لا أبرئ نفسي من «العقلنة» إذ تغلبني المسغبة فأجامل السراب بألقاب «الماء»، لكن يقينًا أني بذلت مجهودي في الطهارة الفكرية، متيممًا صعيد الواقع، ضربت بيدي على التراب ومسحت وجهي وكفي.. أضرب أكباد إبلي/كتبي منذ ثلاثين عامًا ولمَّا أصل بعد.

التشكيلي الراحل عبد الحميد بعلبكي مُكرماً في متحف سرسق
التشكيلي الراحل عبد الحميد بعلبكي مُكرماً في متحف سرسق

النهار

time١١-٠٣-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • النهار

التشكيلي الراحل عبد الحميد بعلبكي مُكرماً في متحف سرسق

الفنان التشكيلي الراحل عبد الحميد بعلبكي يشكل ظاهرة فنية تشكيلية تتعدى ظاهرها وأدواتها ومقتنياتها، ذلك أنها، فور حضورها، ترسّخت في المشهد الثقافي اللبناني كذاكرة حية وتستمر. وبسرعة قياسية تجاوزت مساحة حضورها وأدخلت للمعنى تفاصيل زمن غابر، كاد يغيب ويحذف من حيويته، لكن روح الفنان الشاعر كانت الأقدر على ترجمة تلك الذاكرة وتثبيتها في مكانها الأصل في الوعي الجماعي، وعي الثقافة الراقية التي كانت وستبقى المقياس الأساسي في تحديد الهوية الثقافية الحضارية للمجتمع والبلاد. تكريماً للراحل بعلبكي، افتتح متحف سرسق - الأشرفية معرضاً جاء بعدما دمّر العدو الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على لبنان منزل بعلبكي في بلدة العديسة حيث كان مرتعاً فنياً وثقافياً عريقاً لما يحتويه من كُتب نادرة ولوحات فنية. أمام ما حصل، كان متحف سرسق سباقاً لتكريم بعلبكي وإبراز فنه ولوحاته في إطار تحية له ولجنوب لبنان وللعديسة أيضاً. المعرض يستمرّ حتى 28 أيلول/سبتمبر المُقبل، وسيكون أيضاً مقصداً لعرض جدارية "الحرب" التي أنجزها بعلبكي قبل أكثر من 40 عاماً وتحديداً عام 1977. وبعد عامين وتحديداً عام 1979، جرى عرض تلك اللوحة خلال معرض "جرح دافئ" نظمته وزارة الثقافة آنذاك. المعرض لتكريم الفنان الذي قدم الكثير للبنان والإضاءة على مسيرته الفنية وتوجيه تحية للجنوب بعدما عانى الكثير خلال الحرب. والوحات التي تظهر في المعرض جرى جمعها عن طريق أكثر من جهة، كما تم التواصل مع أشخاص لديهم لوحات لبعلبكي، وقدّم كل شخص من أفراد العائلة لوحتين ليتم عرضهما ضمن المعرض. وتخلل المعرض فيلم وثائقي يعرض اللوحات، ويتحدث عن الفنان الراحل. أجواء المعرض كانت "بيتية" داخل القاعة الكبيرة، وذلك كي يشعر الزائر أنه في بيته وليس في معرض كلاسيكي، الأمر الذي يُمثل مبادرة لطيفة من المتحف. الفنان الراحل عبد الحميد بعلبكي، كان حضوره طاغياً في الحياة الفنية التشكيلية اللبنانية، في مرحلة السبعينيات، واستمر هذا الصخب حتى وفاته عام 2013. فهو الفنان الذي عاش ورسم ولوّن مراحل زمنية وفكرية واجتماعية، في لبنان وفي فرنسا. كما عُرف الراحل بمواهب فنية أخرى، إذ كتب الشعر والرواية، وأصدر العديد من الكتب الأدبية في هذا السياق. وإلى جانب حضوره كأستاذ مادة الفنون في الجامعة اللبنانية، تتلمذ على "يد" الطبيعة، فأخذ منها مادته اللونية الباذخة، وتشهد أعماله ولوحاته الضخمة وألوانها النقية على أهمية العلاقة التي أرساها مع التراب والشجر والعصافير والبشر. ودفعته علاقته مع المكان إلى حصر سنوات عمره الأخيرة في قريته العديسة في جنوب لبنان، والمتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة، حيث للطبيعة مشاهدها الصافية الخلابة... وكأنه قرر الموت في هذا المكان الأحبّ على قلبه وبصره. جولة سريعة بين لوحاته المعروضة فنكتشف كلّ واحدة كأنها الصورة الآنية في زمن المرحلة المعاشة. لوحة ذاكرة، تستحضر الزمن الأصيل وما يحتويه من مفاجآت الشكل والمعنى والدلالة، والتي في العادة تكون قائمة بيننا ولا يمكننا رؤيتها، فيرسمها الفنان، يستخرجها من أعماقها السحيقة ويضعها في متناول الوعي والبصر والذهن. وكان الراحل على دراية بما يجول في الأعماق الدفينة لإنسان تلك المرحلة والمراحل التالية، واستطاع من خلال لوحته وإشاراتها الواسعة تحقيق هدف القول والفعل والمعنى، إذ لم تكن لوحته مجرد صورة معبّرة، ناقلة للواقع فحسب، بل تخطت الأمر وذهب بها الفنان وبألوانها إلى العمق في المعنى والرأي والموقف. ولا شك في أن الراحل كان من الفنانين الذين عاشوا المعاناة بكل شجونها وقسوتها، بعد أن اصطدم بالمدينة، وأقام في التجمعات السكنية التي زنّرت بيروت، أو التي شكّلت "حزام البؤس"، كما كان يردد دائماً. وبالطبع، كان في مواجهة مستمرة مع هذا الواقع الصعب والمرّ. وتتجلّى تلك المواجهة مع الواقع في تلك الصعوبة القائمة في لوحاته وفي أعماله التي جمعت كثافة العبث في إطار واسع، وحوّلتها الى مربّعات ودوائر وإشارات وألوان وخطوط مفتوحة على كل شاردة وواردة في المساحة المعاشة، وفي الرقعة المحسوسة. لذلك اعتمد الراحل، وفي أغلب أعماله، على الشكل الكبير والمفتوح للوحة الواحدة. فقد كانت لوحته من الحجم الكبير، حيث يمكن الشكل أن يستوعب كل تفاصيل الحالة والشعور، كأنه كان يعتمد على المساحة اللامحدودة والمحددة وفق هدف الشرح والتفسير والدلالة التي أرادها، لتكون خير معبّر، وخير جواب على سؤال: كيف نحيا في عالم يضجّ بالتعب والعذاب؟

عبد الحميد بعلبكي بين واقعية الحرب وما بعد الحداثة
عبد الحميد بعلبكي بين واقعية الحرب وما بعد الحداثة

Independent عربية

time١٠-٠٣-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • Independent عربية

عبد الحميد بعلبكي بين واقعية الحرب وما بعد الحداثة

لم يعرف الرسام عبد الحميد بعلبكي المهادنة، بل عاش حياته منسجماً مع أفكاره وقناعاته الفنية، التي لم تكن تتفق دوماً مع الاتجاهات الفنية التي عرفتها بيروت طوال مراحل الحرب. فقد جسّد عبد الحميد بعلبكي ذروة الانقسام الحاصل بين العودة إلى الواقعية كنتيجة من نتائج الحرب وتداعياتها، وتوجهات فنون ما بعد الحداثة الغربية، التي اعتبرت أن العودة إلى الواقع يعني رجوع الفن إلى الوراء. وقد تجلى ذلك حين تقدم بعلبكي بلوحة من أعماله ليشارك بها في صالون الخريف في متحف سرسق (عام 1992) لِيُفاجأ برفضها من قِبل لجنة التحكيم، مما أثار زوبعة في الوسط الثقافي والإعلامي، على أثرها أعلن الفنان استنكاره ودعا في بيانٍ له إلى إقامة "صالون للمرفوضين" بديلٍ عن صالون سرسق، أسوة بمثيله في باريس وبعض الصالونات الأخرى كصالون المستقلين. رسم ذاتي للفنان عبد الحميد بعلبكي (خدمة المتحف) كأن الزمن كفيلٌ بالمصالحة بين الماضي والحاضر، لذا جاءت مبادرة متحف سرسق (بعد 33 عاماً) لكي تردّ الاعتبار إلى الفنان عبد الحميد بعلبكي، في موقف تضامنيّ مع أهل الجنوب المنهكين من الحرب الأخيرة، وكتحية تقدير لمنجز الفنان بشكل خاص، لا سيما بعد دمار بيته ومحترفه الفني بالكامل من جراء القصف الإسرائيلي المتكرر على مسقط رأسه في بلدة العديسة الجنوبية، الذي حوّل المكان إلى أنقاض. وهي خسارة كبيرة بلغت ما يفوق العشرين لوحة من أعماله، وما لا يحصى من الرسوم فضلاً عن مكتبته التي تضم مئات المؤلفات من الكتب النفيسة الفنية والأدبية والمخطوطات النادرة. لعل ما خفف من وطأة الخسارة أن قسماً كبيراً من اللوحات الناجية والتي سبق وعُرضت في قصر بيت الدين (يوليو/ تموز 2024)، هي من مقتنيات عائلة الفنان وبعض أصحاب المجموعات الخاصة. المعرض الذي يستمر لغاية 28 أيلول/ سبتمبر المقبل، تمكّن من استعادة جزءٍ مهم من إرثه الفني، ولكن ما لا يمكن استرجاعه هو ذكريات العمر، التي لا تُنسى في أحضان البيت الذي شيده الفنان بحبّ على رغم الأخطار على المنطقة الحدودية على تراب أجداده حيث تتعانق حكايات الأرض والطبيعة وصور الطفولة الضائعة في خزائن الماضي. الواقعية الساخرة بائع البطيخ- زيتية 1981 (خدمة المتحف)​​​​​​​ بعد الغفلة تنبّه جيلٌ جديد من المسؤولين عن إدارة متحف سرسق إلى أن عبد الحميد بعلبكي هو فنانٌ مبدع ويستحق التكريم، وأن واقعيته الساخرة لا تعبّر عن الزمن الذي جاءت منه فحسب، بل تتخطى الأزمنة والذوقية الماضية، كي تطلّ علينا في أعمال أقل ما يقال عنها إنها معاصرة وقريبة من القلب ومن العين معاً. فهو يعيدنا إلى أمجاد زمن اللوحة وسيادة الموضوع ووحدة الأسلوب وصدق التوجّه الفني في ما يتعلق بالقضايا الإنسانية والمواقف السياسية والاجتماعية. ظلّ عبد الحميد بعلبكي متمسكاً بالواقعية في الفن مثلما كان متمسكاً بأوزان الخليلي في نظم الشعر، غير أن لوحاته تعتبر شهادات على زمن الحرب الأهلية اللبنانية، والتجذّر العميق السياسي والثقافي في طروحات الهوية العربية، للتّميز عن اتجاهات الحداثة الغربية التي فرضت ذائقتها الخاصة على روح القرن العشرين. فقد ابتكر لنفسه نهجاً غير تقليدي في محاكاة التراث من مكان قريب أي من بيئته الشعبية، من خلال التماهي مع التراث الشفوي والطقوس العاشورائية والاحتفالات الدينية والحياة الداخلية المنزلية والموضوعات اليومية المستلهمة من الأحياء الفقيرة في ضواحي بيروت، بلغة واقعية ساخرة وعبثيّة وفكاهية في آن واحد لم تكن موجودة من قبل، مرتبطة بمستجدات الواقع الديموغرافي الجديد الذي أفرزته الحرب الأهلية اللبنانية. تلك اللغة الشعبية الأليفة كادت أن تؤسس لمدرسة خاصة بها لولا أن الفنان كان مُقلاً في إطلالاته ومعارضه، مع توزُّع اهتماماته بين قضايا الفن والسياسة والشعر والتفعيلة فضلاً عن انشغاله لفترة من حياته بإدارة جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت والتعليم في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية. لوحة زيتية "بلا عنوان" (خدمة المتحف) تمثّل أعمال عبد الحميد بعلبكي حقبة من الصراع بين طبقات الثقافة في بيروت قبيل الحرب وبعدها. طبقة النخبة من الفنانين بالنسبة لنقاد الصحف والغاليريات، والطبقة الأخرى المنسية التي تنتج وتقيم معارضها على إيقاع التوتر والمواجهة المبنية على ظروف الحرب وملابساتها وكمائنها. فحركة الترويج الفني والإعلامي وحركة البيع والشراء كانت تقودها غالباً البرجوازية اللبنانية، التي ظل عبد الحميد بعلبكي بعيداً منها بالفطرة والانتماء، منصرفاً إلى هموم العيش والإقامة والارتحال والنزوح وصعوبة التأقلم. أسس عبد الحميد بعلبكي عائلة فنية بامتياز: أخوه الرسام فوزي وابنه أسامة وأبناء أخيه أيمن وسعيد جميعهم رسامون، وهو من مواليد العديسة، حيث نشأ في بيئة متواضعة ومعزولة وشغوفة بنظم الشعر العربي. درس الفن في باريس (1971- 1974) وتأثر بأعمال مارك شاغال وغوغان وحصل على دبلوم دراسات عليا في الفن الجداري من المدرسة الوطنية العليا للفنون الزخرفية. من أبرز لوحاته التي أنجزها في محترفه الباريسي جدارية "شجرة الحياة". أما لوحة "الحاج" التي يعود تاريخها لعام 1974 فهي تجسد طقساً شعبياً عن الاحتفال المرافق لعودة حجاج بيت الله الحرام من مكة المكرمة، تعكس تأثيرات فن الواسطي، على أسلوب بعلبكي في طريقة التسطيح والتنميق المنتمي إلى التراث الحداثي العربي. لوحة "الحطاب" (خدمة المتحف) أقام عبد الحميد بعلبكي في منطقة الشياح في مراهقته، وكانت الهجرة من الريف إلى المدينة سمة من سمات أهل الجنوب، قبل أن تكون سمة المثقفين منهم قبيل اندلاع الحرب الأهلية، وزادت عمليات القصف الإسرائيلي المتتالية على قرى الجنوب من حدّة هذه الهجرة باتجاه بيروت. "أرسم عالم المدينة الذي هو قدرنا من الآن فصاعداً. لكن كان التصوّر السائد أن المدينة هي عالم الأغنياء فقط، فالمناطق الشعبية داخل المدينة وفي ضواحيها هي عالمي الذي أتناول منه هذه المواضيع وأنا مرتاح، لأن تناولها والإصرار عليها لم يكونا مألوفين في الفن اللبناني من قبل". هكذا راح عبد الحميد يراقب وجوه الناس ويلتصق بعالمهم الحميم في الحيّ الذي يقطن فيه في الشيّاح حيث كان يحظى بموضوعات مُلهمة لا حصر لها. ومن هناك ظهرت مجموعة من اللوحات منها: "في غياب سيدة البيت" و"الإسكافي العجوز" و"حارة أبو سعيد"، لعل أهمها لوحة "المرحوم" التي تعود لعام 1974 وهي عبارة عن بورتريه جنائزية ذات مناخ شعبي تستحضر إلى أذهاننا السلطة الأخلاقية للعائلة والسلوكيات الاجتماعية التي كانت تعتمد طريقة تعليق صور الراحلين على جدران الماضي. ولكنها منفّذة بأسلوب فكاهي ظريف بعيد من الجديّة. كان الأسلوب الشعبي والملحمي في سرد معاناة الناس والتعبير عن أحزمة البؤس لدى عبد الحميد بعلبكي، يكمل المسار الذي بدأه كلٌ من رفيق شرف وبول غيراغوسيان في استيحاء مناخات الحياة البائسة لدى العائلات الأرمنية في منطقة برج حمّود. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في مطلع الثمانينيات تميزت لوحة "القبضاي" الخارج عن القانون -التي دعيت أيضاً "أبو الجماجم" الذي يمثّل من وجهة نظر بعلبكي "نموذجاً لشخص استفاد من الحرب من دون أن تكون له قضية". أما لوحة "غيفارا 2" فهي عن رجل ثوري محبط وحزين. وضمن إطار الحرب والاضطراب السياسي، تعكس لوحة "الحيّ" في مشهديتها الآسرة طراز الأبنية السكنية العشوائية في بيروت. وتتميز من بين أعمال تلك المرحلة لوحة "المقهى" وهي مثقلة بالتلميحات السياسية، لا سيما وأنها تضم العديد من الشخصيات السياسية المعروفة في ذلك الحين الجالسة في المقهى وهي تدخن النارجيلة وتتحدث وتقرأ الصحف، في تنوع انفعالي مشرقي يعكس الاحتفالية المشهدية والمناخ اللذين تعج بهما المقاهي الشعبية في لبنان ومختلف العواصم العربية. مع الناس وضد اللوحة الصالونية لطالما كان مفتوناً بالفن الجداري، منذ لوحة "عاشوراء" بطقسها الديني الملحمي انتقالاً إلى "جدارية الحرب" التي أعقبت حرب السنتين، واعتبرت وثيقة إدانة صارخة لهمجية الحرب والقتل والتدمير حتى دعيت في ما بعد بـ"الغرنيكا". سعى عبد الحميد إلى مخاطبة الجماهير عبر جداريات تصوّر مواضيع تاريخية ملحمية، آتية من إغراءات فكرة الرسم الجداري في الفن المكسيكي الحديث (ريفيرا وأوزوكو وسيكيروس) الذين غطت جدارياتهم الملحمية قاعات المعارض، بما يخدم أغراض التوجه الشعبيّ. وفي هذا المعنى اللوحة هي نقيض اللوحة الصالونية البرجوازية. وكان يستشهد بقول للشاعر نيرودا: "أعلن الآن، اختار هذا المكان، كلماتي فؤوس ولصوتي شكل اليدين، أعلن الآن أني حطّاب هذا الزمان"، ثم لتأتي جدارية "الحطّاب" التي رسمها بعلبكي عام 1990 التي تشغل فضاءها غابة من الأشجار الميتة ذات الأغصان المتشابكة والمسننة على نحو غرائبي، على أرضية من العشب الأخضر، حيث يجلس الحطّاب متأملاً تاركاً منجله مغروساً في لحم الشجرة. وقد سبقت هذه اللوحة دراسات عديدة بالطبشور الأحمر تعود لعام 1989، تومئ بالبعد الإنساني للأشجار التي تنوء كالبشر وتتألم وتصرخ وتفزع وتنحني وتيبس وتموت. وعلى رغم أن عبد الحميد بعلبكي عاش 23 سنة بعد هذه الجدارية ولكنها بقيت تحفته الأخيرة، وظلت النظرة العدمية تظهر بين حين وآخر في نتاجه ما بعد عام 1990 ضمن إطار مناظره الطبيعية للصخور والقرى والأرياف، تدل على اليباس الروحي والشجن العاطفي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store